الخميس، 23 أبريل 2015

رائدة الفن التشكيلي خزافة العراق الاولى (عبلة العزاوي)-د. وريا عمر أمين


تشكيل

رائدة الفن التشكيلي خزافة العراق الاولى (عبلة العزاوي)

د. وريا عمر أمين
تعود معرفتي بالفنانة التشكيلية عبلة العزاوى الى ربع قرن حيث كنت اتردد على قاعتها الفنية و الثقافية (قاعة عبلة ) الكائنة في الغزالية في الشارع المسمى باسمها ( شارع عبلة العزاوي).التقي فيها بالفنانين و الادباء و المثقفين و استمع الى احاديثهم و المحاضرات الثقافية التى كانت تلقى من قبلهم و اتلقى منها دروسا في علم و فن السراميك و اشارك في نشاطاتها الفنية و الثقافية .
ــ  ولدت عبلة العزاوي في بغداد 17 – 11 – 1935
ــ اول من تخرجت كفتاة من معهد الفنون الجميلة في بغداد – فرع الخزف
ــ اكملت دراستها الفنية في المعهد الوطني للفنون التطبيقية في فرنسا
ــ ساهمت في العديد من المعارض الفنية داخل و خارج العراق
ــ اشتركت في المعارض المتخصصة بالخزف في (لندن و دمشق و كاراكاس و فينا ...)
ــ شاركت بتمثيل الخزافيين العراقيين في معرض دمشق والفنانات العراقيات في فينا
ــ انجزت اعمالا نصبية جدارية ابرزها : جدارية المصرف العقاري (بغداد المدورة بقطر 40م)
ــ تمتلك قاعة خاصة بها للفنون التشكيلية منذ 1968
قال عنها الفنان و الاديب و الناقد عادل كامل
"هي خزافة وريثة عدة الاف سنة من تاريخ العراق حافظت على روح المدينة العراقية و و اخذت تاريخ العراق و تراثه ولم تتاثر بالتجارب العالمية ..فن عبلة العزاوي كالفن السومري و فنون العالم القديم ، وهي تمتلك الامل و تمتلك الفلسفة وتفتح الابواب للعالم لتقول: هذا الجمال , هذا الفن"
لم تعتمد عبلة العزاوي، خلال نصف القرن الأخير ( 1950 – 2000 ) التيارات الأوربية ، بالرغم من دراستها في باريس ، وإنما اعتمدت ، بالدرجة الأولى صياغة توقيعها ، بالأسلوب المتوازن للموروث والتراث الشعبي ولعناصر شخصيتها ، المتقشفة ، والجمالية ، والتأملية . فالفنانة ، حاولت منح الطين أحد أهم مميزاته الحيوية ، المرونة ، والاكتفاء ببعض الأفكار التصميمية ، مع عناية باختيار الوحدات والموضوعات البيئية .. ولم تتطرف بالمعالجات الراديكالية للخزف في تياراته الحديثة ، كما فعل سعد شاكر ، رائد الخزف العراقي المعاصر ، بل حافظت على النمو الطبيعي لفن الخزف في بعده الفني – والجمالي .. ومن هنا كان إخلاصها لهذا الفن بالدرجة الأولى ، مع استثمار عناصر من النحت الفخاري والرسم ألجداري .. حتى بالإمكان القول إنها فنانة كلاسيكية ، في الحفاظ على تقاليد فن الخزف ، بعيدا عن وظائفه والاستهلاكية، أو المتطرفة في التجديد .. إنها وازنت ، في مسارها الطويل نسبيا، ، بين مختلف الروافد ، ببلورة رؤيتها الجمالية لفن الخزف العراقي المعاصر .
و قال عنها الفنان الدكتور برهان جبر حسون الذي جمع بين التشكيل و الطب:
“ تتواصل الفنانة مع مسيرتها الطويلة فتعرض تنوعا و كما من الاعمال الزاخرة بالمفردات و التكوينات الموروثة من الجداريات و المعلقات و المسلات و المنمنمات و القلائد و و التمائم و التعاويذ و الانية , التي تسجل الحياة البغدادية في ادق تفاصيلها و مناسباتها , حيث تأخذك بعيدا لتلج بك تلك البوابات العصية حيث يستفيق التراث و يغدو حاضرا متناغما مع العصر لا طارئا مقحما عليه..ان العزاوى لا تنفذ منجزاتها – او لنقل اثارها الخزفية – بطريقة بنائية انشائية, ولكنها تطلق عنان مخيلتها في ازقة الذاكرة و ثناياها لتقتنص منها الرموز و الدلالاتو ربما الحكايات لتعيد صياغتها برؤية تشكيلية عالية و حس لوني رشيق، كمن يعيد ترتيب شظايا مراة مهشمة ..)
وقال عنها الدكتور عماد عبد السلام رؤوف في كتابه ص21 (رحلة بين الطين و الروح – سيرة شخصية و فنية)
“ …لم تكن عبلة فنانة و كفى ، و انما كانت – رغم زهدها الشديد و قناعتها التامة – شخصية مؤثرة ايجابا في كل من كان حولها تشيع جوا من التفاؤل ، في وقت لم يكن ثمة ما يبعث اله . و تعزز اواصر المحبة و تنشرها حولها , على رغم كل مشاعر الضيق و الالم التي اخذت تنعكس على وجوه الناس و تصرفاتهم احيانا.
... اصبحت قاعة عبلة ابرز معالم حي الغزالية , واصبحت موئلا لسلسلة من المحاضرات الاسبوعية يتناول فيها المحاضرون ، في جو اليف , موضوعات تراثية و فنية و حضارية , و صار الناس يتقاطرون الى القاعة يسمعون و يتحاورون و يألفون و يؤلفون . فلا يخرجون الا وقد نسو همومهم و معاناتهم التي جاءؤا بها.فمن محاضرات هذه القاعة مثلا محاضرة (النحت في الفضاء ) للفنان رافع الناصري, ومحاضرة عن الفنان المسرحي حقي الشبلي بمناسبة مرور ثلاث سنوات على رحيله سنة 1987, القاها الاستاذ خالص عزمي , و اخرى عن (النخيل) للدكتور عبد الامير ثجيل , و(الرسم في الاسلام ) للصحفي زهير أحمد القيسي , و (التأريخ في الشعر)للاستاذ محمد البازى,و (الشاعرات في العصر العباسي) للدكتور حميد الهيتي و( الشاعرات في الخمسينيات) للاستاذ خالص عزمي و (هاشم الخطاط) للدكتور نوري القيسي , و ( الحروف و الارقام العربية ) للمحامي موفق مصطفى العمري , و الارقام العربية و الهندية) للاستاذ صبيح الاوسي . و ( معجزات العلاج) و (عجائب التداوى) و كلتاهما للاستاذ مثنى ابراهيم حمدي,
و (الانسان و الكون ) و ( المذنبات) و ( مجاهل الذرة ) و ( من مجاهل الارض) و ( الارض بالأرقام) و كلها للدكتور وريا عمر أمين و (فلسفة كانت و علم الجمال) للناقد حميد ياسين و ( الاستنساخ البشري) للدكتورة ندى الانصاري و (علم النفس و دوره في حل مشاكل الحياة اليومية) للدكتور عبد الحافظ سيف ,وهو من اليمن , و تاريخ المسرح العراقي) للفنان يوسف العاني..‌..و (اكتشاف ثبر المعتصم بالله) و الوان الاحجار الكريمة) و ( جولة سياحية في بغداد العباسية) للدكتور عماد عبد السلام رؤوف....وغيرها
       ومن طريف مايذكر ان مجلة (صوت الاخر) العدد 167 الصادرة يوم 24/10/2007 نشرت خبر انتقالها الى جوار ربها..سارعت انا في تكذيب الخبر في نفس المجلة و اقمنا نحن اصدقاء القاعة بهذه المناسبة حفلة بعنوان ( عودة عبلة الى الحياة).

والان تعيش هذه الفنانة العظيمة التي وهبت حياتها للفن وحيدة  في قاعتها المهجورة..نحن زملاءها المقربون (الفنان الروائي عادل كامل و الفنان حميد ياسين و اناو اخرين ) نزورها ونتفقد احوالها ... أطال الله من عمرها ووهبها الصحة و الامان.


معرض شخصي جديد للتشكيلي عبد الكريم سعدون- احمد بجاي – السويد

معرض شخصي جديد للتشكيلي عبد الكريم سعدون


احمد بجاي – السويد

يدع التشكيلي عبد الكريم سعدون ألوان الاكريلك تنساب على قماشة اللوحة بدقة غير مقصودة لاستنطاق اللون  وتبويبه, وتحتل اشكاله, كالعجلة والتعويذات واشياء حميمية اخرى, مساحات صغيرة  او معتدلة الحجم, لتطل علينا من بين الكتل اللونية الحالمة محركة هواجس رؤية حجارة  الشوارع المرصوفة بعناية في بابل او آشور او بحكايات عراقية نسترجعها يوميا.
 ومن خلال عناوين اعماله المقصودة ربما يستشف المرء حضوره ووجوده ليقف طويلا امام كل لوحة او عمل نحتي يتأمل ويفكر بأشياء وذكريات قريبة وبعيدة تحت تأثير الحضور اللوني المهيمن على اعمال الفنان.
يلاحظ المتلقي في اعمال الفنان اقتراب واضح من التعبيرية المتأرجحة بين التشخيص اللاتشخيص وايظا تقنية عالية في التنفيذ حتى يخيل اليك ان الالوان تنهض من تحت بعضها, طبقات اللون الشفافة التحتية تتحرك وتتموج محاولة التحرر والظهور على سطح اللوحة.
افتتح الفنان العراقي سعدون معرضا لمجموعة من اعماله التي تمثل في جانب منها تجاربه الجديدة التي حاول فيها استعارة بعض ملامح النحت وتوظيفها كملمس في فضاء اللوحة. اشرف على تنظيم المعرض الفنان السويدي انجمار تينيرت ضمن نشاطات القاعة التي يديرها مع الفنانة مارينا تينيرت ( جاليري تينيرت) في مدينة فالشوبنك السويدية, وبالتعاون مع جماعة فن في مدينة سكارا وينتقل المعرض في ثلاث قاعات, يستمر لمدة ثلاث اسابيع في كل قاعة اعتبارا من 25-09-2007.







الأربعاء، 22 أبريل 2015

مجلة الادب العربي المعاصر \ العدد الثالث

غالب المسعودي - ألناجية(قصة سُريالية) إلى روح جيفارا في ألابدية...

العدد الثالث من مجلة الادب العربي المعاصر-الادب التجريبي




مجلة الأدب العربي المعاصر : الى رَجائي...... \ د.غالب المسعودي

مجلة الأدب العربي المعاصر : الى رَجائي...... \ د.غالب المسعودي: لك اليوم وكل يوم.... كوني حبيبتي لحظات....لحظات يمرّ العمرُ يتناهى زمنٌ يتيه وجعٌ تململ شجرُ الصبر لحظات...لحظات يمر...

الاثنين، 20 أبريل 2015

غالب المسعودي - خبايا روح..............!

مجسمات-عادل كامل











ها كم يا أصدقائي، أنا العراقي الحائر،اسمعوا صلاة اعترافي في حضرة محبتي لكم..- سليم مطر


ها كم يا أصدقائي، أنا العراقي الحائر،اسمعوا صلاة اعترافي في حضرة محبتي لكم..

  سليم مطر

   اعرفوا يا أخوتي وأحبائي، يا أبناء بلادي، انا في طريقي لكي أنجو من حيرتي بين أناي وأناي.. اتحرر من عبودتي لمجاهيلي وانير ظلمتي بمشاعل اتحادي مع خالقي..
 انا اسير الآن في درب التصالح مع كينونتي.. درب السلام الابدي مع ذاتي وذواتكم.. أن أصبح انا أنتم.. نحن معا، واحد كلي منسجم مع الكون، مثل موجة وبحرها.. نبضة وقلبها.. ترنيمة واغنيتها...
    حتى وقت قريب، كل الذي كنت اعرفه عن نفسي اني كائن مطعون حائر امضي عمري مثل ابطال الخرافات، مطارد متعب مرتعب يلاحقني عمالقة غامضون لا يرحمون منتشرون في أنحاء روحي.
كنت انا العذراء متكأة على نخلة الحياة محتارة بمصير وليدها يسوع نفحة الله..
كنت انا الوليد يسوع احمل امي وشعبي في احضان قلبي بحثا عن دروب الخلاص..
كنت انا تموزي وعشتاري..
شهيدي وصحراء ضياعي..
رسولي وناسي..
 اووه .. كم كنت في صراع همجي مع ذاتي كي انسجم مع ذاتي. كنت خالق ممزق بين مخلوقاتي:
 بين واقعي التعس واحلامي الزاهية، بين عفتي المتعالية وشهوتي الجامحة، بين حريتي العابثة ومسؤوليتي القامعة، بين بدني المستعر التعب المحدود الفاني وروحي المرهفة المبدعة الكونية الخالدة..
أوتعرفوا متاهات سيدتنا عشتار في ظلمات العوالم السفلى بحثا عن حبيبها تموز؟
 اوتعرفوا حيرة الف ليلة وليلة امام الابواب السبعة التي كل واحد منها يفتح على سر يقود لسر آخر؟
 روحي كانت متاهات تموز وتلك الابواب السبعة المغلقة..
 هكذا كنت انا منذ ان صرت انا..
*      *      *
   لكني يا احبائي وأبناء عالمي، الآن، بعد هذا التجوال الطويل الذي استغرق مني كل سنوات عمري، يمكنني ان اخبركم بكل اخوة وتواضع وصدق، بأني قد اصبحت قادرا أن اقول لمن يقول:
(( اعرف نفسك ايها الانسان..))
نعم، ها انا في طريقي لمعرفة نفسي، تاريخ ذاتي، جوهري المخبأ في اعماقي الذي شكل محور حياتي منذ لحظة تكوني في رحم امي وحتى الآن. اني ابدا لم اكن اتجرأ ان اكشف خبايا روحي سوى الآن، لأني انا نفسي حتى وقت قريب كنت اجهلها، وحائر في فك وشيعتها وفهم الغازها والولوج في متاهاتها المخيفة المعتمة.
   ايه.. هكذا انا مثل جميع التائقين الى الحقيقة والخلاص، بعد ضياع وتجوال وكفاح في اصقاع الارض والتاريخ بحثا عن كنوزي، اخيرا اراها هنا قربي مخبأة في ذاتي!
   اسير في الدرب المؤدي الى نفسي.. الى اناي الطيبة الحائرة المعذبة. ذاتي حقيقتي جوهري خباياي روحي نفسيتي شخصيتي، التي من قربها لي لم اكن اعرفها!
                             *      *      *
    نعم يا اصدقائي وأبناء كوني، ها أنا الآن ادرك بأني كائن مثلكم، غاية وجودي انسجام اجزائي مع اجزائي..
أنا شرارة في بركان.. مصباح في شمعدان الاكوان.. انا نفحة من الله:
صفاء الخليقة الكلي وانسجامها مع كينونتها، وتناغم أصوات السمفونية العليا والخافتة..
انا مساوات مثلى.. روح ينيرها حب.. غابة تخصبها غيمة.. إتحاد ذكر بانثى..
 انا ارض وسماء، فناء وخلود، راحل وقادم، وليد وميت.. وجود وعدم..
 انا كل هذا، لأني خلية في بدن الله!
ادرك جيدا انكم تفهموني، لأنكم مثلي تحملون ذات عذابي وتمردي وابهامي. تولدنا الحيرة وتجمعنا الأحلام وترفرف علينا طيور المحبة والاحزان. تاريخنا مجهول مجهول مثل شمس للعيون، وقلب للأغاني، وسماء للمصلين.
 ها أنا اليكم ومعكم ومثلكم، لأن ذاتي لن يكتمل انسجامها مع ذاتي الا بعد ان تساهم معكم بأنسجام ذواتكم مع ذواتكم. حبي الخالص لله جوهر المحبة والصفاء، سوف لن يسمو الى سماوات عرش الخالق الحبيب، الا بعد أن يغدو مشعلا ينير كهوف حيرتكم وشكوكم بسيد الكون النابعة من شكوكم بذواتكم.
أنا معكم كما أنتم معي. أتفهمكم من كل عقلي وقلبي، ليس حبا مني وتضامنا، بل لأني مثلكم، أحمل ذات عذابكم وامضي ليلى ونهاري لأطفاء ذات نيراكم المستعرة في متاهات أكوانكم.
هاهي يا أخوتي أخيرا الحقيقة التي كنا نحسها ابدا، ولكننا نأبي الاعتراف بها:
 مهما اختلفنا وتنافسنا وتخاصمنا، نظل أشقاء مثل أغصان متفرعة في الانحاء، جذع واحد يغذينا بمياه المحبة وأملاح الأصل المشترك. أرواحنا نجوم السماء، وابداننا نباتات الأرض..
نعم يا أحبائي يا أبناء بلادي وعالمي وكوني، انا على الدرب.. هلموا تعالوا معي.. انظروها تلك أنوار المحبة  والسلام، تبدو متوهجة امامنا..

جنيف

الشهرة.....!-عادل كامل


الشهرة.....!


عادل كامل

ذات مرة سألت والدة الفنان ابنها فائق حسن عندما كان صبيا ً، وهو يقضي زمنه في الرسم: من سيقوم بأعباء البيت..؟ بعد أن كان والده قد رحل وفائق لما يزل صغيرا ً..قال فائق حسن لي: لم أكن أفكر في الشهرة.. بل كنت أفكر في إتقان عملي، كي أقوم بأعباء الأسرة.. فلم أكن أفكر في الشهرة ولا حتى في الفن!
وبعد أن غدا الأستاذ فائق حسن فنانا ً كبيرا ً ومشهورا ً ، وبعد أن أصبح الكسب قضية ثانوية، قال لي: ظهرت معضلات ـ أو مشكلات ـ لم أكن أفكر فيها.. فكنت اسأل نفسي: ما الفن.. وكيف استطيع حل المعضلات  الفنية؟ فسألته: هل كنت  تفكر في الشهرة؟ ابتسم الفنان الكبير وقال: إنها ليست أساسية.. بل قد تكون سلبية!
وأيا ً كانت الشهرة: ايجابية أم سلبية.. فإنها، لدي المبدعين الكبار، تأتي بعد أن يكون الفنان أو الكاتب أو العالم ...الخ قد أدى رسالته، بحدود صدقه وصبره وكفاحه، وليس بحدود الدعاية التي تصاحب منجزاته.. مع أنها، في عالمنا، لا تنفصل عن عمليات الإنتاج، والتسويق، والدعاية التي لفت [ فورد] النظر إليها وجعلها سابقة على أهمية المنجز ـ البضاعة !! بدرجات!!
لكن لنتذكر أن شكسبير اختفى من الوسط الثقافي أكثر من قرن، كحال الفنان الاسباني  الجريكو.. ولم يبع الفنان الهولندي فان كوخ، في حياته الصاخبة، إلا لوحة واحدة! ولم يكن جواد سليم يأبه لتدهور صحته فقط كي ينجز عمله الكبير: نصب الحرية أو نصب العراق..واعتكف الروائي الفرنسي مارسيل بروست بعيدا ً عن الأضواء كي ينجز رائعته " البحث عن الزمن الضائع" .. وقد بدأت رابعة العدوية حياتها الحقيقية بالعشق ، لتنتهي بالعشق أيضا ً: لكن الإلهي! وهناك أمثلة تملأ مجلدات لشخصيات فكرية وأدبية وفنية كانت تعمل بصمت، وبلا صخب أو دعاية زائفة،ومن غير طبول، وبعيدا ً عن الشهرة، من اجل إبداعاها قبل كل شيء.
ذلك لان الشهرة ليست غاية في حد ذاتها.. كما أن المنجز الفكري ليس [ سلعة] محض، وإن كان الفيلسوف الألماني كارل ماركس قال: لا احد يعرف كم من الميتافيزيقا فيها! واعتقد انه ذهب ابعد من [الديالكتيك] التقليدي، إذ ْ هناك، في المنجزات الفكرية، أهداف تتجاوز [ السلعة ـ البضاعة ] وما يواكبها من عمليات الاستهلاك وفن الربح!
ففي المنجز الإبداعي / الحضاري ـ الذي يتجاوز الحقب الزمنية والحدود المكانية والغايات النفعية المباشرة ـ تجعل مكانة المبدع جديرة بالتقدير والثناء؛ لأنها تعمل عمل ما هو ابعد من الإعلان وكل دعاية، أو شهرة تحت الأضواء!
لان المنجز الإبداعي لا يخاطب العقل أو القلب فحسب،بل يسهم ببناء ما هو أكثر ديمومة: في المحبة، والحوار، وقهر الرداءة ! وليس من اجل ما هو أسرع من الزوال!