حكايات ولدي
الشاطر
عادل كامل
[21]
أحلام
وسألني ذات مرة: لماذا لا
تموت؟
لم اجب .. وكدت أغادر البيت
.. إلا أني سألته، بعد أن هدأ غضبي الداخلي:
ـ لماذا ؟
قال : أود أن تروي لي ماذا
يحدث هناك ؟
صحت حالا ٍ: يا ولد .. لقد كبرت !
قال حالا ً: لا .. يا بابا ..
هذه هي أحلامي..وأنا أود أن اعرف أحلامك ؟
[22]
أزهار الحديقة
سألني وأنا أحدق في أزهار
الحديقة:
ـ لماذا تنظر إليها هكذا ؟
قلت: لأن الأزهار تحب الصمت.
قال حالا ً: لا .. بابا..
لأنها تتكلم بصوت هاديء..!
[23]
حلم
رسم ولدي ذئبا وحملا ً وأسدا
ً وشاة ونمرا ً وأرنب إلى جانبها دب ابيض وغزال وطيور مختلفة ..
فسألته :
ـ ماذا ترسم ؟
ـ أرسم حلما ً رايته ليلة
أمس.
صمت قليلا ً ثم سألني :
ـ لكنني عندما ذهبت إلى حديقة
الحيوانات رأيت الجميع داخل الأقفاص .. لماذا ؟
ـ حتى لا يفترس احدها الآخر .
فأجاب مدهوشا ً:
ـ لكنها حيوانات لطيفة..أنظر
إليها، إنها تغني أغنية جميلة!
[24]
الصديق
زارني أصدقاء قدماء،
ومعارف..مساء احد الأيام . وكانوا يتحدثون عن أشياء كثيرة فيما كنت اعتكف منزويا
مع نفسي.. في تلك اللحظات قفز ولدي نحوي هامسا ً:
ـ لقد مر من أمام البيت ..
ولم يدخل.
ـ من ؟
قال وهو يحدق في ّ:
ـ الم ْ تره ؟ قلت لك من ؟
قال:
ـ انظر .. انهض .. إلا تراه
.. انه ..
نهضت ..ونظرت: كان احد أصدقائي
الشهداء..آنذاك غادرت البيت تاركا الأصدقاء والمعارف يشاهدون فلما ً حربيا ً.
[25]
نوافذ
رغم أني كنت مرهقاً، فلم أرقد
حتى الصباح. كان ولدي يعيد قراءة دروسه.. ويعيد كتابة واجباته .. وفي الفجر سألني:
ـ مع من كنت تتحدث ؟
ـ معهم.
وساد الصمت بيننا فترة أخرى من الزمن، لكني
سألته:
ـ لماذا كنت تفتح النوافذ ..
والدنيا برد ؟
ـ كي يدخل أصدقاؤك الشهداء،
الذين كنت تتحدث معهم، طوال الليل.
[26]
عناق
بعد أن عدت من الحرب..مؤخرا ً
.. استقبلني ولدي مبتهجا ً.. وعانقني .. وبعد الاستراحة سألني، وهو ينظر إلى قرص الشمس الذهبي:
ـ بابا .. هل تضيء أشعة الشمس
ارض الأعداء..؟
قلت له :
ـ نعم .
فقال بصوت حزين :
ـ لماذا إذن تتقاتلون..؟!
[27]
استمتاع
قال ذات مرة :
ـ تعال نذهب إلى الشمس ..
ـ إنها بعيدة ..
وقلت له:
ـ هيا ادخل إلى البيت
..الهواء شديد البرودة ..
فقال:
ـ بابا .. دعني استقبل أشعة
الشمس ..فإن كنا لا نستطيع الذهاب إليها فلماذا لا نستقبلها في بيتنا ؟!
[28]
خجل
في طريقي، مع ولدي إلى
المدرسة، طلبت منه أن يغني .. فقال:
ـ الشارع يخجل مني.. !
[29]
حزن
قال : يقولون انك رجل حزين !
قلت : نعم .
فقال ضاحكاً: لكنك تعلمني
الفرح يوميا ً..
قلت : ذاك هو سر حزني !!
[30]
أشجار
في ليلة باردة جداً، كنت
أتأمل النار، وذلك اللهب المتصاعد منها عندما دخل ولدي وجلس بالقرب مني. كنت احسب ان ولدي الشاطر
سيتأمل ، مثلي، جمرات النار، والصوت المنبعث من احتراق الخشب.. وما يوحي به الشتاء
من أسرار لذيذة.. إلا انه سألني فجأة :
ـ بابا .. لماذا نحرق الأشجار
المسكينة.. ؟
ـ لأن الدنيا باردة جدا ً .
فقال بصوت عال ٍ:
ـ لا ..بل لأن الأشجار لا
تستطيع الهرب !