الخميس، 3 أبريل 2014

نص ولوحة(النص للشاعر الشهيد ملا علي واللوحة لغالب المسعودي)



لا تقولو ..
انه نادم من رهبە الموت
.. ایا رفاقي .. حتی لو ما زلتم قدائیین
... فساکون في طلیعتکم..انا اشعر بالحریه
.. امام الموت الذی یسبق اقدامنا...
و وجهي یبتسم من ضحکە الوقوف
 علی عود المشنقه
... هذا الموت الذی یخاف منی ساناچیه ..
اتحداە
 .
. دعوە یاتی الي و یاخذ شکلي....
الشاعر الشهيد ملا علي

الاثنين، 31 مارس 2014

عباس علي العلي - العراق المستقبل وحدة أم خيار التفكيك ج1

بوخة المدراء وفوحة اللبلبي-كاظم فنجان الحمامي

Mar 30 at 10:20 PM
بوخة المدراء وفوحة اللبلبي


كاظم فنجان الحمامي

بداية لابد من تعريف بعض المفردات العراقية الدارجة حتى لا تختلط معانيها المتداخلة مع اللهجات العربية الشائعة, فالبوخة: وأصلها عربي فصيح. قالوا: باخت النار: سكنت وفترت, وقالوا: باخ الرجل وسقم: أعيا ومرض, وباخ النار: أخمدها وأطفئها. بيد أنها في لهجتنا العراقية تعني البخار الخفيف المتسرب من القدور الموضوعة على مواقد الطهي, وغالبا ما نستعيرها للتعبير عن الكذب الصريح, أو للتعبير عن المبالغة المكشوفة, يقولون: فلان يبوّخ, وتعني يكذب, ويبالغ في كلامه.
من المفارقات العجيبة أن كلمة (بوخة) لها معنى آخر في اللهجة الليبية, فهي عندهم نوع من أنواع الخمور المحلية الرخيصة, وتصنع من نقيع الفواكه, ثم يضاف إليها الميثانول, وجاء في لهجتهم: فلان يبوّخ أو مبوّخ, بمعنى: مخمور ويفتري ويثرثر من شدة السكر, ولا علاقة لهذه الكلمة بالسياسي الليبي المتذبذب (سليمان بوخة), وهذا هو اسمه الحقيقي.
أما (الفوحة) فهي في الفصحى مشتقة من (فوح), وتعني انتشار الرائحة. قولهم: فاح يفوح فهو فائح. فاحت القدور: غلت وتطايرت منها الفقاعات من شدة الغليان, وفاح الجرح: نزف, وفاحت رائحة فلان: انتشرت أخباره السيئة.
والفوح في العراق: يعني عصارة الرز المغلي, أو الحساء الناتج من الرز المسلوق, ويعد من أفضل الأغذية التي يتناولها الأطفال في القرى والأرياف والبوادي.
أما اللبلبي: فهو الحمص المسلوق, ويسمونه في الخليج (نِخِّي), ويعد من الأطباق الشهية في موسم الشتاء. تتصاعد أبخرة اللبلبي الفواحة في الصباح الباكر, فتتعالى أصوات الباعة في أزقة الأحياء الشعبية, وهم يرددون نداءاتهم الموروثة: (لبلبي يا لبلوب, يداوي كل القلوب), (اللبلبي يدبي دبي, حار وكواني اللبلبي). وهو من البقوليات, لكنه يختلف عنها عند بلوغه درجة الغليان, إذ تفوح منه الفقاعات المتبخرة لبضعة دقائق فقط, ثم تختفي وتتلاشي على الرغم من استمرار بقاء القدور فوق النار.
من هنا جاء المثل العراقي (فوحة لبلبي) للتعبير عن المشاريع السطحية الكاذبة, ولتشخيص الفعاليات الاجتماعية الزائفة, أو لتصوير خيبة الأمل المتمخضة عن المواقف السياسية الزئبقية. يقولون: أن تصريحات فلان مثل فوحة اللبلبي, وكلامه فوحة لبلبي, أي أن وعوده مجرد سحابة صيفية عابرة سرعان ما تختفي في كبد السماء.
تصاعدت هذه الأيام بوخات المسؤولين وفوحاتهم باقتراب العد التنازلي لموعد الانتخابات البرلمانية, وتغير سلوك مدراء بعض الدوائر الخدمية بزاوية منفرجة, غادروا فيها مكاتبهم الوثيرة, وخلعوا بدلاتهم الأنيقة, وأزالوا من وجوههم ملامح التجهم والتبختر والتعالي, وتجلببوا بجلباب الورع والتقوى, ثم تصنعوا التواضع, وراحوا يتنقلون بين المراجعين بحثاً عن الطلبات المتأخرة, من دون أن يبخلوا عليهم بإظهار الابتسامات الودودة, وترديد العبارات المنمقة, وإطلاق الكلمات الدافئة, متظاهرين فجأة بخدمة الناس.
ربما يقول قائل منكم: أنها صحوة موت, أو أنها حالة طارئة من حالة عودة الوعي إلى ضمائر بعض المدراء, الذين أرهقونا بتعاملهم السيئ, وتسببوا في تأخيرنا وتعطيل مصالحنا. ترى ما الذي يمنعهم من التعامل معنا بلطف في السنوات الماضية ؟, ولماذا تحسنت طباعهم فجأة هذه الأيام ؟.
هل هي مجرد بوخة طارئة من بوخات مدراء الصدفة سرعان ما تنكشف بعد زوال مفعول عقاقير البحث عن الأصوات الانتخابية ؟, أم أنها عبارة عن فوحة متطايرة من فوحات اللبلبي سرعان ما تنقشع وتزول بعد زوال حمى الانتخابات ؟.
والله يستر من الجايات

الأحد، 30 مارس 2014

حامد كعيد الجبوري - إضاءة / المرشحون وشراء الأصوات والذمم !!!

التقييم الدولي لبؤسنا وتعاستنا- كاظم فنجان الحمامي

التقييم الدولي لبؤسنا وتعاستنا


كاظم فنجان الحمامي

نشرت الأمم المتحدة جدولها السنوي المتضمن تصنيف الأقطار السعيدة وتشخيص الأقطار التعيسة, فجاء الشعب النرويجي في مركز الصدارة, باعتباره الشعب الأكثر سعادة ورفاهية على سطح كوكب الأرض, لتنعمه بالعيش الرغيد في فردوس الأمن والأمان, والمساواة والعدالة الاجتماعية وراحة البال, وحل الشعب السويسري بالمركز الثاني, ثم الكندي, فالسويدي, فالنيوزلندي, فالدانمركي, فالاسترالي, فالفنلندي, فالهولندي, فاللكسمبورغي. بينما جاءت تسعة بلدان عربية في المراكز المتدنية دولياً, فكان ترتيب الشعب العراقي بعد الشعب التونسي, لتبوئه المركز (105), بفارق ثلاث درجات عن سكان القرى البائسة في بنغلادش, وعلى مسافة ست درجات من الشعوب الهندية الفقيرة, وجاء الشعب الفلسطيني في المركز (113), يليه الشعب الصومالي (114), ثم السوداني بالمركز (124), ومن بعده المصري بالمركز (130), ثم الشعب اليمني بالمركز (142), يليه الشعب السوري بالمركز (148), في حين جاء أشقاؤنا في جزر القمر في ذيل الترتيب العربي (149), أما الدولة الأتعس والأكثر بؤساً في العالم, فهي جمهورية (توغو) التي جاءت في المرتبة (156).
http://www.businessinsider.com/the-saddest-countries-in-the-world-2013-9
اختارت الأمم المتحدة المعايير المعيشية في تقييمها لتعاستنا, فاعتمدت على مؤشرات الصحة العقلية والجسدية, ومؤشرات الاستقرار الأمني والوظيفي والعائلي, والعوامل الأساسية الأخرى المرتبطة بسعادة الإنسان.
أظهرت نتائج التقييم أن الثروات الوطنية لا علاقة لها بسعادة الناس, فالعدل والإنصاف, وتمتع الناس بالحريات العامة, وغياب الفساد, واختفاء مظاهر العنف الطائفي والتعصب القومي والنزاع القبلي, تُعد في تشخيص التباين الترفيهي بين الشعوب والأمم أكثر أهمية من عامل الدخل القومي, وأقوى فاعلية من موارد الثروات المعدنية والزراعية والاقتصادية, وربما تركت تلك الثروات والموارد آثارها السلبية على حياة الناس, فقد تحولت ثرواتنا النفطية من نعمة إلى نقمة, وكانت السبب المباشر في تورطنا بحروب طاحنة, جلبت لنا الكوارث, وربما تسببت أيضاً في أقطار أخرى في الترهل الوظيفي, والإسراف والبطر الاجتماعي, والإدمان على لعب القمار, وتفشي أمراض البدانة واضطرابات التغذية والأمراض المرتبطة بالخمور والتبغ والمخدرات وشيوع الرذيلة.    
ما الذي يميز الشعب النرويجي عنا شعوبنا العربية ؟. ما يميزه عنا هو نصيب المواطن الترويجي من الناتج الإجمالي, والذي وصل إلى (57000) دولار سنوياً, وتمتعهم بأعلى مستويات القناعة المعيشية, ناهيك عن سعادتهم الغامرة بالحرية التي ينعمون بها, وحالة الوئام والانسجام الفريدة التي يشعرون بها, والثقة المتبدلة بينهم, بخلاف الشعب العربي الذي مزقته معاول الطائفية, وهشمته بلدوزرات المنظمات الظلامية, المدعومة من الأقطار العربية المدرجة على قوائم السعادة البترولية المزيفة, ثم تفشت في مؤسساتنا فيروسات الفساد الإداري بالطول والعرض, لتطيح بآخر ما تبقى لدينا من آمال, وتنسف مستقبلنا كله في خضم الفوضى السياسية العارمة.   

أين المشكلة ؟. ما علينا إلا أن نأخذ العبرة من قوله تعالي: (لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم), فالعيب فينا, لأننا نحن الذين صفقنا وهتفنا للحرامية والحنقبازية, ومنحنا أصواتنا إلى الذين تسببوا في بؤسنا وتعاستنا, وليس العيب في الحكومات التي استغلت جهلنا وضعفنا, واستثمرت عواطفنا الطائفية لتغذية مخططاتها السلطوية, فجلبت لنا المصائب والويلات والنكبات.

الخميس، 27 مارس 2014

تشكيل -فالنتينوس كارالامبوس ثلاث حضارات لخزف ينبثق من المهارة والجمال-عادل كامل

تشكيل
فالنتينوس كارالامبوس
ثلاث حضارات لخزف ينبثق من المهارة والجمال



عادل كامل







     كلما دار الحديث عن نشأة الخزف الفني الحديث في العراق، يرد اسمي الخزاف الانكليزي (أيان أولد) والخزاف فالنتينوس كارالامبوس، القبرصي المولد، والذي حصل على الجنسية العراقية منذ العام 1980.. فكلاهما وضعا الأسس المبكرة لمشروع فن السيراميك، في أبعاده التقنية الحديثة.  إن هذه الحقيقة لا تتقاطع مع دور الموروث الخزفي العراقي وجذوره التراثية: الموروث الخزفي الذي سبق عصر الكتابة بقرون، بل ليبرهن ـ الموروث ـ على شيء يجدد قانون انبعاثه وتجدده مرة أخرى وفي عصر مختلف. إن الأشكال تستكمل دورة اكبر في وجودها، لا بصفتها محض أجزاء، وإنما لأنها حلقات في سلسلة تحولات مترابطة في اتساعها. على أن هذه المفارقة تنطبق على أسلوب فالنتينوس أصلا ً، فهناك ثلاثة مصادر متداخلة لتبلور هويته الفنية أو توقيعه الفني الخزفي.. [1] الأصل القبرصي بمرجعياته اليونانية وبتراث البحر الأبيض المتوسط  [2] دراسته في انكلترا وتعرفه على تيارات الحداثة الأوروبية والانكليزية المتشددة بتطرفها من ناحية والمتزمتة في تقاليدها من ناحية ثانية.. [3] تعرفه على خزف وادي الرافدين والشرق بشكل عام، والإسلامي منه تحديدا ً.



     إنها فرصة استثنائية يندر تكررها، إلى حد ما، في التشكيل العراقي، إلا عند جواد سليم، حيث توفرت له روافد (جذوره العراقية ودراسته في فرنسا وروما ولندن) غذت ريادته الإبداعية ووسعت من رويته الخلاقة وصقلتها. فالنتينوس، الصامت، حد الكتمان، هو ثمرة طبائع البحر المتوسط، والخلق الانكليزي الرصين، والقلق العراقي المشحون بالأسى، والغضب، والتجدد، وقد وحدها سحر الابتكار ونزعة البناء. انه ثراء معالجة الطين في تركيب كامل الأناقة والدقة والرسوخ. فالخزاف اختار هذه المعالجة للوحدة الخفية بين المهارة وذروتها في الرهافة، بين القاعدة كشرط للتباهي بالمنجز الفني وعمله بما يكتم في سياق التكوين وباثاته. إن فن الخزف، هنا، مثل حوار الروافد، عبر أداة المبدع؛ بالأصابع وما تمتلكه من جذور دفينة، الأمر الذي أبعده عن التطرف والغلو.  لقد أدار مساره لثورة الفن الحديث، وللحداثة، لا استعلاء ً، أو تكبرا ً، بل ـ وهذه حسنة نادرة ـ علم ذاته الأشياء المناسبة لطبيعته وخلقه وما يطمئن إليه، مثل فائق حسن، في


الرسم العراقي، لم يغامر إلا في حدود وعيه لشخصيته. فالنتينوس لم تبهره فنتازيا المتغيرات، وموجات الصخب. كان يعمل في محترفه، منسيا ً تقريبا ً، تلك التي أصبحت أثارا ً تحمل ثلاثة محيطات مختلفة: تاريخه الشخصي، وأسلوبه الذي هو توقيعه في الأخير من خلال ثلاث حضارات( يونانية وأوربية وشرقية). فمنذ تم تكليفه بإدارة فرع السيراميك، بمعهد الفنون الجميلة ببغداد عام 1957 وإدارته لفرع الخزف في أكاديمية الفنون الجميلة، جعل رسالته ـ لطلابه ـ مماثلة لرسالته: إن الخزف  لا يبلغ ذروته إلا بالحرفة، لكن بالحفاظ على جماليات الفن وسحره.  لأن الخزف، في عمله، فن مهارة، وهو ـ لأسباب لا تحصى ـ أرقى أشكال العمل اليدوي ببلوغ  هذه الذروة. إن إرشاداته لطلابه تشبه عمل (البنّاء) البغدادي: فن الحرفة، حيث ترتقي الحرفة بالمهارة درجة تتقدم على الإتقان، نحو جماليات اللعب، وكلاسيكيته الساحرة. إن الكلمات ذاتها ـ عند المبدع ـ تعدل هفواته، بهذه الصرامة، مع مزيد من التأني، علم طلابه، الذين لهم امتياز الريادة في الخزف المعاصر في العراق خلال نصف القرن الأخير. هكذا سيشارك سعد شاكر أفق تحولات الطين، وفي حدود ميتافيزيقته السحرية، المقننة، البصرية، والمرئية كفاية، تاريخ مرحلة التأسيس. فقد كف أن يكون مغامرا ً، مع تقدير عميق لا يشبه إلا ولاء الحرفي لأزمنة كامنة في وجودها المتجدد، في سياق التوحد بالمنجز الخزفي كمشروع يتوازن مع ما اكتنزه من الموروثات، والمستحدثات. وهنا يحق للمتابع اكتشاف عظمة المنجز بصفته منجزا ً لسلسلة من التحولات الذهنية ـ والتاريخية، عبر الطين. فلماذا (الحداثة) إذا لم تكن خاصة ومشغولة ببهاء الامتلاء؟ بهذا المنطق صنع حدود الرؤية الجمالية ولدقته منطلقات الإتقان والمهارة، حيث توحدا لصياغة أسلوبيته في التركيب، لكن بدمج لم يلغ حرارة متوازنة بين مرجعياته وشخصيته التأملية. موجها ـ في هذا السياق ـ طلابه ، دون إبعاد الفن عن الحرفة وعن التشدد فيها، ولا فصل الفن عن موقعه في باثات النص الخزفي.. هذه (الحداثة) كانت متقدمة في مرحلة سيادة الخزف التقليدي، والشعبي، لكن في زمن كان جواد سليم وفائق حسن علامتان لحداثة مبكرة في التشكيل العراقي، دون إهمال العقل النقدي لمحمود صبري، وبعد ذلك، كانت أسماء تبحث عن حل: كاظم حيدر، إسماعيل فتاح، ومحمد مهر الدين مثلا ً، فوسط حداثات أوروبية متنوعة المصادر (فرنسية/ ايطالية/ انكليزية/ واقعية اشتراكية) كان فالنتينوس يتمسك بالنوع الموحد لثمرات الجذور، في سياق جلال النمو الشرعي للمبتكرات، وبحوار عميق ورصين منح الأشكال منطقها البيئي، والداخلي، مع تقدير دقيق وجليل لحركة الزمن أو ما يسمى باختلاف المؤثرات والاتجاهات والأساليب. كان فالنتينوس على وعي مضاف بغريزته وشخصيته في منح الابتكار شرعيته، ومصداقيته، لا كطرف مغاير، وإنما ليوضح ريادته المتمردة، بوضع القواعد، والأسس، وأصول العمل الخزفي، وليس هدمها أو قلب مفاهيم الجمال بحسب آليات الحداثة وتشعباتها الراديكالية. هذا هو امتياز كل كلاسيكية لا تبالي بالضجات والمتغيرات العابرة أو البراقة. فالفنان لم ينشغل بـ [لماذا] ـ كما تبنت الحداثات نزعة الشك ـ وإنما كان قد منح [المنجز/ النوع] أسئلة تبنيه لقضايا الوجود، فنيا ً، بزخرفات يونانية، وأشكال انكليزية لهيئة السيراميك، وحرارة غير معلنة لعناصر الموروث الرافديني، لتأتي خزفياته، وجدارياته، وفخارياته، وحدة متماسكة لروافد غير متجانسة نسبيا ً. فقد اشتغل على بلورة منظور جمالي أخفى بنية المتضادات، والاختلافات، والتقاطعات، لصالح كلاسيكية الحداثة، ووضعها في سياقها المزدهر. وحدة متجانسة وكأنها، في سياق تاريخ تداخل الحضارات، لا تصادماتها المهلك، جعل المسرة والنبل والصفاء قيمة لكل بناء مأخوذ بالدهشة الجمالية ولغزها الفني، مع الاحتفاظ بأسئلة الفن الخزفي، بعيدا ً عن الاستعمال، والعابر، والتعليمي، والاستهلاكي، لصالح: أسرار تحولات الطين، وأشكاله كعلامات لعصور تتوحد في زمن النص الجمالي ورمزيته غير المعلنة.  



بعض أوجه إشكاليات الصفحات الثقافية والسياسية-وليد خالد أحمد حسن


 
بعض أوجه إشكاليات الصفحات الثقافية والسياسية

وليد خالد أحمد حسن









أود بداية لفت الانتباه إلى أن ما سنذكره ليس عاماً بالطبع وليس مطلقاً ، فقد نصيب في طرح بعض النقاط الأساسية الخاصة بإشكالية الصفحات الثقافية والسياسية في صحفنا اليومية والأسبوعية ، وقد نخطئ في بعض منها مما يتوجب علينا أن نتفق مع ما أصاب هذه الصفحات من تعثر ومن ثم نرفدها برؤيتنا الخاصة وقد نختلف مع ما نعتقد أنها أخطأت فيه ، ونصبوا بها في الرؤية التي تنطلق من مواقفنا الفكرية.
ما الذي تريده صفحة أو صفحات محدودة تعنى بالشأن الثقافي والفكري والسياسي بين صفحات جريدة يومية أو أسبوعية ؟ ثم ماذا تستطيع أن تقدمه هذه الصفحات المعدودة في مطبوع غير ذات اختصاص ثقافي / سياسي مباشر بل تسعى لأن يكون جامع شامل بما يعطي للإسهام الفكري خطاً مناسباً فيه ؟
سؤالان نحس بضرورة الإجابة عنهما بتوضيح عناصرهما مع بسط ما يمكن أن يشكل الرؤيا الثقافية والسياسية للعمل الخصوصي والإضافي الذي تزعم أن هذا المطبوع أو ذاك يريد أن يسهم به الإسهام المتواضع والخلاق في آن .
إن المقصود بالصفحتين الثقافية والسياسية في رأينا :- تلك الصفحات التي توجه اهتمامها للقراء عامة من دون تخصيص فئة محددة منهم ، إذ تعمد إلى عرض موضوعاتها بأسلوب يبتعد عن لغة التخصص البحت وحرفيتها وأن كانت مطلوبة بعض الأحيان ، وتهدف إلى توسيع مدارك القراء عامة بتقديم موضوعات شاملة أو تقريب حقائق معرفية لهم يصعب عليهم تتبعها في الأعمال التخصصية ولايعني هذا الاهتمام السعي نحو كسب جمهور كبير من القراء تنازلها الموضوعي لما ينشر فيها بل يجب أن تحرص على ذلك متوخية تبسيط الموضوعات لتكون قريبة من ذهن القارئ غير المتخصص .
وعلى ذلك فإن من أبرز ما يميز تقديم أية صفحة ثقافية أو سياسية متميزة في جريدة يومية أو أسبوعية لقرائها هو مساهمتها في أثراء معرفتهم بحوار عقلاني خصب وخلاق من خلال تقديمها لهم موضوعات ذات مستوى معرفي معقول لايقل عن مستوى أي واحد منهم مهما كانت مستويات خلفياتهم المعرفية لتكون بذلك مجالاً رحباً لمناقشة قضاياهم ومشكلاتهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية والأدبية على هدي من الموضوعية العقلانية والنقدية وفي ضوء الجديد من معطيات البحث السياسي والفكري والأدبي وانعكاسات الواقع الحي وما يفرضه عليه من تحديات توجب مراجعة متجددة لرصيد وأدوات وثقافة عمل هؤلاء القراء .
وبذلك ، سيصبح لهذه الصفحات في واقع الأمر دور مهم وخطير إذ إنها ستسعى نحو نشر الوعي الفكري والسياسي بين قطاع كبير من القراء الذين يجذبهم لقراءتها تنوع موضوعاتها وسهولة التناول للقضايا المصيرية المطروحة على أرض الواقع أولاً وثانياً حتى تكون لسان صدق يعبر عن العقل والحرية باعتبارها أداتين لبناء المستقبل ووسيلتها إلى ذلك أن تكشف عن مواضع الداء وسلبياته المحبطة في حياة مواطننا بجوانبها المتعددة وما تنطوي عليه من ايجابيات محفزة أو تحديات تستفز الهمم لمواجهتها وتجاوزها على نحو يدفع هذا القارئ إلى التزام نهج قويم في معالجة شؤون العامة .
إن الإسهام الثقافي / السياسي لأكثر المطبوعات العراقية الآن يريد أن يكون عراقياً أولاً ، أي منطلقاً من صميم الإحساس بشواغل الثقافة والسياسة العراقية الراهنة وبحثها لإعادة صياغة وتجديد قدراتها وهياكلها الفكرية . وهذا المسعى لاينفصل في العمق عن التجربة العربية الشاملة متعددة الفروع في المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية ، في منظورنا جزء من هذه التجربة الكلية وباعث من بواعث نهوضها وتحررها .
إن هذا الإسهام الثقافي / السياسي ثانياً يريد أن يعالج قضايا الثقافة والأدب والسياسة والفكر ... معالجة متفحصة نقدية بما يجنبه الإسفاف والمحاباة أو يوقعه في كثير من المزالق المعهودة ، ولكي يصدر عن هذه الروح لابد له من خط فكري جاد ومن التزام مبدئي غير هين يجنبه الترواح الانتهازي والتلفيقي بين كل المواقف والتيارات


إن الالتزام الفكري المبدئي من شروطه الأساس وضوح في الرؤيا وإحساس بضرورة تنوير فكرنا / ثقافتنا ، وتعميق كثير من مفاهيمها ومجانبة السطحية وأساليب المعالجة المخملية . غير أن هذه المبدئية لاتعني الجمود أو المفهوم الثقافي ذا البعد الواحد بل تحب أن تتحرك في بحبوبة التصورات والاجتهادات الثقافية والإبداعية حين تصب هذه في مجرى أنماء رؤيتنا الفكرية / الثقافية نحن وتمكننا من توليد وتقديم إنتاج ناضج عميق ومتفتح
وفي خط الالتزام الفكري المذكور لانعدم أن نتحرك ضمن فضاء سياسي وإيديولوجي ، على أن العمل الفكري / الثقافي هنا يأخذ بعين الاعتبار ظروف ومكونات هذا الفضاء ، ويعمل على استيعابها محققاً التفاعل والريادة في صيغة مشتركة . وإذا كنا نفهم سلفاً بأنه لاثقافة بدون سياسة أو موقف سياسي فأننا في الوقت ذاته نطلب من السياسة أن تشترك معنا في أهداف التقدم والتجديد وعندئذ فلن ينظر إلى الإسهام الثقافي كتابع أو بوق ولكن كمشروع خلاق يمتلك زاده الخاص وأدواته المستقلة في إخصاب الحياة السياسية والفعل الاجتماعي في وطننا العزيز العراق .
ونحن نتحدث عن الخط الفكري السديد عن الجدية لانريد أن يكون هذا مبعث استثقال أو يسري الضجر إلى احد . إن صفحات معدودة أياً كانت نوايا واستعداد من يشرف عليها غير قادرة على أن تقدم الكثير أو أن تكون بديلاً لمشروع ثقافي سياسي دراسي حقيقي نحلم به جميعاً .
منذ فورة إصدار الصحف التي أعقبت يوم التاسع من نيسان وأنا أتابع ما ينشر في صفحاتها الثقافية والسياسية بحرص وبدقة ، ولأنني كذلك سأقول رأيي بصدق وبموضوعية فيما ينشر في هذه الصفحات . ويقيني أن مسؤولي هذه الصفحات لن يغضبوا وهم يقرأون رأيي وتعليقاتي لأنه يعتمد على متابعة جادة وتجربة مهنية مازالت قائمة وقريبة من عمل هذه الصفحات ، وماذنبي إذا التزمت الصدق والموضوعية في تقييم واقع هذه الصفحات التي سأعرض هنا بعض وجوه اشكالياتها أو أزمتها بلا غمز ولا لمز والمتمثلة في:-
1- غياب المسؤول أو المشرف ، الحر الواعي ، المثقف ثقافة واسعة . فأن أكثر الأضرار التي ابتليت بها هذه الصفحات هي بسبب غياب هذا المسؤول.
2- الشللية التي تتحكم في بعض هذه الصفحات من أدعياء المعرفة تجمعهم غرائزية نفعية شخصية وعقد نفسية ومركبات نقص ، تدفعهم في إحاطة هذه الصفحات بأسلاك أدمت أقلام ارفع منهم منزلة ، أبقوها متعمدين خارج حدود مطبوعهم لغايات باتت معروفة للجميع .
3- إطلاق أحكام وتأويلات بائسة فقيرة بخلفيتها المعرفية من قبل المشرفين على هذه الصفحات عند فحصهم أية مادة مقدمة لهم لاتعتمد أساس أو مقياس أو منهج ثابت في تقييم كتابات عدد لا يستهان به من ذوي الخبرة الفكرية والسياسية والأدبية .
4- النمطية الشكلية التي تتمتع بها هذه الصفحات من خلال التشابه التقليدي للموضوعات فيما تحتويه وبخاصة المناسباتية .
5- فقدان الحوار الحقيقي على هذه الصفحات الذي يتناول موضوعات ذات موقف فكري مستقل وشجاع وواع ومدرك لخطورة المواقف وحساسيتها ، حوار من ذلك الذي لاينتهي بالضرورة إلى اتفاق كامل في وجهات النظر ولكنه الحوار الذي يوضح الأفكار ويعمق الرؤى ويدفع بالاجتهادات المتعددة إلى أقصى نتائجها المنطقية أو يرشد المواقف حتى تمضي على طريقها الصائب الذي يحاول ان يقترب من الحقيقة دائماً.
6- نشر المقالات الإنشائية البائسة جداً التي تعكس مستوى أخلاقيات المسؤول / المشرف ومستوى نضجه المعرفي والتي دفعت قارئنا اللبيب إلى النفور منها وبالنتيجة فقدانه – تم فقدانه فعلاً – ومن ثم انعدام إمكانية صحفنا من أنجاز مهمتها أو رسالتها المكلفة بها في صناعة مفاهيم عقل القارئ وتكييف اتجاهاته السياسية والفكرية ، وهذا الحاصل الآن للأسف الشديد على ارض الواقع، والأمثلة عديدة وملموسة ومعروفة للجميع إحداها أكوام الصحف المرتجعة في مخازن مراكز التوزيع .
7- عدم نشر مقالات طويلة خشية لاداعي لها من كونها قد تأتي على نصف المساحة المخصصة أو مايزيد ، بينما هي في تقديري مسألة طبيعية يجب أن تتبناها هذه الصفحات كحالة استثنائية في ظل غياب وجود مطبوعة أسبوعية متخصصة .




إن الصفحات الثقافية / السياسية تعتبر اليوم أداة فكرية حضارية راقية من دون شك تسعى إلى أن تكون وسيلة تساعد على كسر الحاجز المعرفي بين قرائها وبين الآخر المتقدم أولاً وثانياً لتصبح منبراً مستنيراً للحوار الفكري الجاد والمثمر حول القضايا المهمة التي تشغل بال أي مثقف أو متابع وتمثل همومه ، وان الثقة التي يمنحها القارئ المتابع لهذه الصفحات ، لا يجوز أن تكون يوماً مادة تفريط وتبديد بل يجب أن تكون سنداً للمواجهة ولتأكيد فعل وعمق مادتها في العقول والقناعات ، تلك قواعد التعامل السليم الذي يجب أن يقوم بين هذه الصفحات ومن يقبلون عليها ويعطونها ثقتهم وهو ما يلزمها تحديداً .
إننا نريد من هذه الصفحات وفي هذا الظرف القاسي أن تكون واضحة القسمات تسعى لخدمة جوانب حياتنا السياسية والفكرية والاجتماعية بل وحتى الاقتصادية حيث تحمل هموم وقضايا لا نريدها أن تتحول – وهذا الواقع بالفعل – إلى أشبه بالدوائر الرسمية يقتلها الغباء الإداري .
نريد منها أن تكون رائدة ثورة فكرية حقيقية ترفع القارئ وتنشر الوعي الفكري والسياسي بلا تحجر، لكن الذي يبدو للمتأمل في حياتنا الفكرية الراهنة أننا نعود من حيث ندري أو لاندري ، بقصد قد يكون مبطناً أو من دون قصد إلى نقطة الصفر . وليست هذه العودة كما يظهر لأول وهلة نتيجة لمراجعات فاحصة للتجربة أو التجارب التي مرت بنا وتقييمات دقيقة لأسسها ومعطياتها ونتاجها ، ولكنها إعادة لنفس التجربة أو التجارب انطلاقاً من نفس الأسس والمقدمات وكأنه محتوم علينا كمثقفين أن نظل ندور داخل محيط الدائرة المغلق .
إن التزام الصفحات المعنية بخط فكري مبدئي تنويري سيغذي حتماً شرايين الفكر المعرفي والسياسي العراقي بدم جديد . فلماذا غلق الأبواب في وجه البعض بحجج واهية ؟ ولماذا عدم إفساح المجال للحوار الفكري والسياسي الملتزم والواعي من خلالها ؟ ولماذا النظر إلى الأشياء من منظار شخصي خاص قد يكون مصاباً بخلل نفسي ؟ ولماذا لاتكون قيمة النص جواز مروره إلى النشر في الصفحة ؟
هذه أبجدية مبدئية أساسية نعترف بأنه صار مطلوباً منا تجديدها في دماء صفحاتنا الثقافية والسياسية وتوجهاتها الفكرية وألا سنسقط – ونحن فعلاً سقطنا من زمن بعيد في الواحدية الشكلية - وسنفقد قارئنا - ونحن فعلاً فقدناه - وبذلك سعينا بأنفسنا نحو تضييق حيز النخبة الفكرية من حيث نعلم بقصد أو لانعلم ...
أننا نأمل من صفحاتنا الثقافية والسياسية في قادم الأيام أن تتجاوز كل هذه الأمور نحو الصدق والصفاء والوضوح والبحث عن الحقيقة المجردة وبأسلوب واقعي وبروح علمية لا تهويل فيها ولا تجريح ، تحترم الطرح الموضوعي والعلمي، واضحة الأفكار والمبادئ البناءة ، تسعى بكل ذلك إلى إثراء فكر القارئ ووجدانه ، وان كل محاولات التدجين والنفاق والمساومة ستفشل إمام علمية المسؤول المبدئي الحر وعدم رغبته في تقديم أي تنازلات على صعيد قناعاته المبدئية التي تقف في وجه كل تزييف للحقيقة وتشويه الواقع الفكري .


أنهم يذبحون الكلمة بدم بارد-كاظم فنجان الحمامي

 Mar 26 at 11:19 PM
أنهم يذبحون الكلمة بدم بارد


كاظم فنجان الحمامي

ليس شجاعاً ذلك المُسلَّح الرئاسي الذي يطلق النار على رُسل الكلمة الحرة والمواقف الوطنية الشريفة, ويذبحهم بدم بارد, وليس منضبطاً ذلك الضابط المغرور, الذي لا يحترم القوانين ولا يعبأ بالشرائع, ولا يتقيد بقواعد السلوك, وليس ديمقراطياً ذلك الذي يكمم أصواتنا, ويمنعنا من المطالبة بحقوقنا المهدورة, وليس عدلاً أن تُصادر حرياتنا, وتُزهق أرواحنا, وتُرمى جثثنا في المزابل والجداول والأنهار والطرقات.
ما الجرم الذي ارتكبه الدكتور محمد بديوي الشمري حتى يُذبح في قلب بغداد بسلاح البيشمركة ؟. وبأي حق يموت الإنسان العراقي في بلده وعلى أرضه وبين أهله من دون أن يرتكب ذنباً أو يقترف إثماً ؟, وهل وصل الطغيان والاستهتار بعناصر القوات العراقية إلى إصدار الأحكام الفورية والأوامر الارتجالية لإطلاق النار على الصحفيين والمراسلين بذرائع لا يقبلها العقل ولا المنطق, وبحجج لا تقبلها القبائل البدائية, وأساليب عدوانية لا تتعامل بها الأقوام الغارقة في التخلف ؟.

لقي (الشمري) حتفه وسط بغداد على يد صبي من صبيان البيشمركة, هو الملازم (محمد مصطفى), بسبب اعتراض الشهيد على المخالفة المرورية, التي ارتكبها الملازم متعمداً بسيارته المدنية الحمراء, فهرع جنود البيشمركة نحو سيارة (الشمري), وانهالوا عليه بالضرب المبرح أمام أنظار الناس, ثم تقدم نحوه الملازم المتعجرف شاهراً مسدسه الشخصي, ليطلق النار عليه, ويرديه قتيلاً في الحال.
الشهيد (الشمري) أستاذ جامعي في قسم الإعلام التابع إلى كلية آداب الجامعة المستنصرية, وهو مدير مكتب إذاعة العراق الحر, لكنه فقد حريته, وخسر حياته كلها على يد ضابط مستهتر من ضباط المجمع الرئاسي.
--