الأحد، 6 يناير 2013

مهاتير محمد
 
بقلم احمد حسن الزعبي
 
تورم خدّي لكثرة ما «لطمت ع الجالين» وارتفع ضغطي، وانمغص بطني، و" انحم بالي " وأنا أقرأ تفاصيل دقيقة في حياة رئيس الوزراء الماليزي الأسطورة مهاتير محمد...
 
فقط استطاع في عشرين عاما من السلطة ان يخفض نسبة من يقبعون تحت خط الفقر من 52% الى 5% فقط من سكان ماليزيا..ونجح في رفع دخل المواطن الماليزي من 1200دولار إلى 8900 دولار سنويا عام 2002..تاركاً احتياطاً ضخماً من العملة الصعبة يقدر بمئات المليارات..
 
ولد مهاتير محمد لعائلة فقيرة، حيث كان أصغر تسعة أبناء لأب -ينحدر من اصول هندية- يعمل مدرساً في المدارس العامة لولاية «قدح»..فرضع لباء الكفاح منذ الطفولة، واستطاع أن ينحت بأظافره الصغيرة لقمة عيشه وعيش أسرته في مجتمع يقبع كله تحت سطح الفقر بعشرات الأميال..
 
في الصفوف الأولى وبسبب بعد مدرسته عن مكان سكنهم، طلب مهاتير من والده الفقير ان يشتري له دراجة صغيرة تساعده في الذهاب والإياب الى المدرسة فلم يتمكن والده من تلبية طلبه بسبب أوضاعه الاقتصادية السيئة ..
 
فقام مهاتير ببيع فطائر الموز لمدة عام كامل، كان يقتطع جزءا من دخله لأسرته وجزءاً آخر يقوم بتوفيره ليستطيع اقتناء دراجة في العام الدراسي المقبل والتي صار يستخدمها فيما بعد بتجارته الصغيرة وتوزيع الطلبات في أحياء المدينة..
 
تخرج مهاتير محمد من كلية الطب وفتح عيادة خاصة به كان يعمل فيها يوميا حتى منتصف النهار،ثم يغادرها ليقوم بزيارات ميدانية لمساكن الفقراء ليعالجهم مجانا في مواقعهم ..فهو من يعرف معنى الفقر ويعرف تماما طعم الوجع..
 
نجح د.مهاتير في البرلمان عام 1964 وخسرها عام 69 ثم خاص الانتخابات العامة وأصبح وزيراً للتعليم عام 1975 ثم نائباً لرئيس الوزراء عام 1978 ثم رئيساً لوزراء ماليزيا عام 1981 ( فوضع خطة تدعى عشرين عشرين.. نهضوية تنموية سياسية اقتصادية اجتماعية تمثل رؤيته لماليزيا في عام 2020)
 
و بقي هذا الرجل الاسطورة يخوض الانتخابات العامة وينجح – بفعل ذراعه- حتى عام 2003 حيث تخلى عن هذا المنصب طواعية وتفرّغ لأبحاثه ومؤلفاته ..
 
وقبل ان يغادر قصر الرئاسة أصر على انشاء متحف عام يضم جميع الهدايا التي وصلت اليه اثناء توليه ادارة ماليزيا منذ 1981 الى 2003 من دروع وتحف وهدايا تذكارية وأوسمة وذهب ومجوهرات وسيارات فاخرة ..لتكون تحت انظار وافتخار و مُلك الشعب الماليزي ..الذي حكمه 22 عاماً ولم يأخذ «عود كبريت» واحد لجيبه الخاص..
 
أرأيتم هذا الفرق بين من يضع الوطن بقلبه..ومن يضع الوطن بجيبه 
 

قصة قصيرة-رماد-عادل كامل



قصة قصيرة

رماد
عادل كامل
     ما الذي كان سيفعله في تلك اللحظات، في تلك اللحظات على وجه التحديد، عندما لم يجب صديقه على سؤاله؟ أيكرر السؤال أم يعود إلى صمته الخاص..؟ لا يعرف لماذا لوى رقبته وحدق في وجه صديقه، ليتجمد الدم فيه.
-         ماذا ؟ ..
    في جزء وجيز من الثانية، بوعي لا إرادي، التقط صورة لصديقه. لقد تذكر كلمات قديمة حول عمله الصحفي: " لا تدعك لصا ً يسرقك إلا وقد ضمنت ربحك.." هنا. أبتسم..فأكمل إلتقاط الصورة، لكنه، وفي الذهول الذي تلبسه، رفع صوته:
-         لقد صورتك..يا صديقي العزيز..!
   هناك عدد من القرويين ينظرون إلى المارة. طلبة. محامون يبحثون في قضاياهم اليومية..فقد كان المقهى يقع لصق المحكمة الكبرى، وبالقرب من أكبر أسواق المدينة.
    هز المصور رأسه أستجابة لفكرة قالها له صديقه، قبل ربع قرن، فكرة أن يصور كل ما يحدث ويدور ويتجمد ويتعفن في المقهى..فكرة راقت له.. وعملياً لم يترك المصور زاوية من زواياها، أو ركناً لم يصوّره..فقد صور الشيوخ الطاعنين في السن، الواحد بعد الآخر، حتى قيل أنه صور جميع مواليد (1910) الذين ماتوا، في هدوء..ذلك لأن الأبناء وأحفاد هؤلاء الموتى كانوا يتطلعون إلى صوره النادرة التي إلتقطها في مختلف الأزمنة، كما صوّر مختلف الألعاب التي مارسها الرواد: الطاولي..الدومينو.. الورق..الشطرنج وغيرها من الألعاب السرية أو التي لا أسم لها.. وقد حاول صديقه أن يقيم له معرضا ً وثائقيا ًيصوّر فيه عالم المقهى الغريب، وتاريخه.  لكن الأخير لم يكن، في أي يوم من الأيام، مولعاً بالشهرة. فقد كان يؤدي واجبه مصوراً هاوياً، ثم موظفاً صغيراً في مجلة أسبوعية شبه مغمورة وكان يعيش بعيدا ً عن الأضواء. وبلا ضجات..وهي الحياة التي تماثل حياة صديقه الذي أدرك، منذ عقد في الأقل، أن الحياة غير جديرة بالصخب.
    وعندما عاد ونظر في محيا صديقه الشاحب، لا يعرف لماذا تذكر هؤلاء الشيوخ، الذين لم يبق لهم، في الحياة أو العمر، إلا النوم حتى ساعة أقفال المقهى، حيث يأتي النادل ويخبرهم بذلك. فينهضون كسالى، كل منهم يسير نحو مستقره الأخير، في غرفة من غرف البيوت الجماعية، أو في أحد الفنادق القديمة. ولا يعرف لماذا دار بخلده، أن زميله صار واحداً من هؤلاء الذين يعيشون في الوقت الضائع..أو..وه..
-         ألا..تنهض؟
    لكن المصور أنشغل بفكرة غامضة مفادها أنه صور المقهى على أمتداد العقدين الآخرين دون أن يصوره أي مصور فوتوغرافي آخر..بيد أنه راح يتأمل الظلام الكثيف في نهاية المقهى، وبعض الوجوه التي تتحرك بآلية، ورتابة..والنادل يتحرك، والأصوات ترتفع، والدخان يتصاعد، فيما كانت رائحة الخريف تمتزج بأسرار حياة لا تريد أن تنتهي..كذلك دار بخاطره، وهو يضغط على الكاميرا، أنه لا فائدة من أضاعة الوقت..ذلك لأنهما، كما في كل يوم، يغادران المقهى في تمام الساعة السابعة مساء ً، ويتمشيان نحو ركن صغير يقع في فندق قديم يطل على النهر، حيث يجلسان هناك..وعند الساعة الحادية عشرة أو قبيل أنتصاف الليل، يعودان إلى منزليهما.
-         آه ..يا له..من..شريط..لم..يصوّر.
لكن الحياة ليست فلماً سينمائياً..وليست مجموعة من اللقطات..تلك كلمات صديقه التي رنّت داخل رأسه، فجأة، وصار لها صدى آخر، فالأيام تمضي تاركة رمادها الذي نراه في براعم أجمل الأزهار..
وضغط على الكاميرا..ليشعر أنه حطم شيئاً فيها..وأن دماً ينز من أصبعه..سحب نفساً من دخان سيكارته، ورفع صوته ينادي صديقه:
-         لقد تمزق الفلم..
    ماذا قلت؟ ردد مع نفسه..آه أنني أدور. لقد شعر بتعب في رقبته، وأنه غير قادر على حمل رأسه. كلا، قال لنفسه، أنه ليس هناك ما يجعل الرأس ثقيلاً. تلك كلمات صديقه التي أعلنها، منذ زمان، بعد ان تدرب بعدم زج نفسه في معمعات كتّاب الأعمدة أو الحكايات الغامضة. قالها عندما تسلم عملاً هو الوحيد الذي أدرك جدواه: فقد كان يشعر بلذة صياغة التحقيقات، بل وحتى الموضوعات العلمية، والمواد الأخرى ليجعل منها مادة سلسة، واضحة وطريفة.
    وبدأ المصور يقطع الفلم..وبعصبية رماه في سلة النفايات، إلى جانب نفايات أعقاب السكائر، وأوساخ مختلفة، وعلب السكائر، وأوراق ممزقة..ثم، بالعصبية نفسها، أخفى الكاميرا في حقيبته الجلدية السوداء التي لا يعرف كيف حصل عليها، وإنما يعرف تماماً لماذا يصر على الأحتفاظ بها، ذلك لأنها، على حد قول صديقه، تمتلك الأسرار كلها. ثم رفع رأسه ونظر في الساعة المدورة، الخشبية التي أعتقد دائماً أنها لم تكن تعمل في الماضي وأنها لن تشتغل أبداً في المستقبل. ما هذا؟ أرتج جسده لآنه وجدها متوقفة تماماً. وعقربها الصغير توقف عند الرقم السابع، فيما لم ير قط أي أثر للعقرب الآخر. الساعة السابعة..كررها عدة مرات، وهو يلاحظ أن العقرب الصغير هو الأخر يذوب..يذوب..ببطء شديد..وأحس بهواء يداعب محياه. وشم رائحة عفن غريبة، وسمع عطاساً متتالياً، وسعالاً متقطعاً، وشاهد عدة ألوان رمادية مخضرة تميل إلى السواد ممتزجة بزرقة ذات نكهة مشبعة بتبغ قديم منقع مدة طويلة، ولما تأكد من أنه يعاني من دوار تنفس بعمق الأمر الذي جعله يرى أن الساعة تختفي كلها دفعة واحدة.
-         يا صديقي .. يا ..
    لكنه صمت تماماً..وبهدوء، وبهدوء تام، مد يده ولامس يد صديقه ..حدق فيه..كأنه يراه أول مرة في مثل هذا الهدوء العميق، كأنه غفا في ظهيرة صيف. وجس نبضه..
-         ماذا ؟
    لم يفكر قط أن صديقه قد غفا..أو نام..بل كان يبحث عن فلم..فلم يعثر على شيء..لا..متذكراً كلمة قالها له صديقه: " إذا كنت تريد أن تفعل شيئاً فعليك أن تسرق..عليك أن تسرق من يسرقك.." بيد أنه – وهو ينهض- راح يضحك بصوت عالٍ.
   متمتماً بغموض:
-         والآن .. ما جدوى..؟
    تلعثم، لم يتكلم، تمتم في غموض..تجمد..لم يعد يرى إلا ضجة عدد من رواد المقهى، يقتربون منه، يبتعدون..أصوات مختلفة لسعال وعطاس وأصوات أعلى آتية من لاعب دومينو فقد رشده، دخان كثيف يحيط به، رائحة زبل، عفن، غناء مشوش آت من قاع المقهى..نداءات..سعال..صخب، ووسط ذلك كله لاحظ، بهدوء، أنهم يرفعون صديقه، ويخرجون به من المقهى..
-         أهذا ..كل ..ما تبقى ..لي ..؟
    لم يجب. كان يرى الأشياء كأنه لم يرها من قبل..أو كأنه رآها آلاف المرات..كان يصور بعينيه، ويتخيل ما يحدث، ويعيد تركيب الأشرطة، يجمعها، يملؤها ظلاماً كثيفاً، يلونها بعنف الالوان، ثم تتلاشى الصور في خلفية بلا حدود..كان يصور برأسه، وهو لا يحدق..لا ينظر..لا يبصر..لكنه كان مازال يشم ألوان رائحة العفن الأتية من الزقاق المجاور للمقهى، يرى رائحة عقارب الساعة التي ذابت والساعة الخشبية التي صارت تحوم في فضاء المقهى مع عدة أشكال لها ألوان لم يرها قط من قبل ولم تسجلها عدسته طوال السنوات الماضية، في البحث عن لقطة تؤرخ له مجده..
-         أهذا ..كل..ما تبقى ..لي؟
    ولم يأسف قط أنه أكتشف في تلك الإفاقة التي لا زمن فيها أنه أضاع عمره كله، كي يبدأ، مرة أخرى، في اللحظة المشبعة برائحة رماد رطب، وأصوات تلاشت في قاع رأسه، وثمة رنين غامض شّع بذرات رمادية، في تلك اللحظة التي لم يستطع الأمساك بها أبداً، وفي مسارات حياته اليومية ذاتها، التي ألفها، غادر المقهى، ولكن إلى مكان مجهول.
مجلة أسفار \ 1977

الجمعة، 4 يناير 2013

إضاءة-( بايدن ) ومشاريع التقسيم !!!!-حامد كعيد الجبوري



إضاءة
( بايدن ) ومشاريع التقسيم !!!!
حامد كعيد الجبوري
من الصعوبة ان نخلط بين الجد والهزل ، ولكن ما يحدث ويدور في ساحتنا الملتهبة لا يمكن أن أستوعبه جدا أو هزلا ، وقناعتي الشخصية أنه لا يمكن تجزئة العراق رغم وجود المخططات ( البايدنية ) التي يتم تناقلها الان ، وسمعت الكثير عن حق تقرير المصير للشعب الكوردي ، وجدلا نفترض أن الانفصال سيقع فأين هي حدود كردستان ، العراقيون جميعا يقولون من حق الشعب الكردي تقرير مصيره ولكن ليس على حساب الأرض العراقية ، فكردستان عراقية وليست حقا للكورد لأنهم يسكنون فيها ، ولنفترض أيضا أنها قسمت فأين حصة ( الطالبانيين ) من ذلك التقسيم ؟ ، وأين تقع حصة ( البرزانيين ) أيضا ؟ ، وأين حصص بقية المكونات الكوردية من مذاهب وأعراق وأديان ، وهل سيعود الصراع ( الأربيلي ) و ( السليماني ) و ( الدهوكي ) ، هذا بخصوص الكورد ولنعود للعرب الأعراب والمستعربة ، أين حصة ( السنة ) ، وأين هي حصة ( الشيعة ) ؟ ، وهل سيوافق أهل ( السنة ) من أعطاء بغداد الى ( الشيعة ) ؟ ، ولنفترض سنقسم بغداد فكيف نقسمها ، هل نجعل ( دجلة )  حدود الفصل بين الطرفين ؟  ، ومن سيأخذ الجانب الشرقي ومن سيأخذ الجانب الغربي ؟ ، ونفترض حصل التقسيم وأتفق السنة والشيعة على حصصهم ، فأين سيكون حصة ( المجلس الأعلى ) في بغداد ؟ ، وأين هي حصة حزب الدعوة ؟ ، وأين هي حصة منظمة بدر وحصة التيار الصدري ؟ ، ونفترض أنهم اتفقوا فكيف سيتفق الجانب السني على توزيع بغداد المنصفة بين الشيعة والسنة ؟ ، وأين هي حصة السلفيون ؟ ،  وأين هي حصة الأحزاب الدينية السنية ؟ ، واين هي حصة العلمانيون لدى الطرفين ، ولنفترض أنهم اتفقوا فكيف سيتفق أهل الأنبار على التقسيم  ، فأين حصة الحزب الإسلامي وطارق الهاشمي ؟  ، وأين هي حصة حزب حماس وأين تقع حصة رافع العيساوي ؟  ، وأن سمعت العشائر أن ( العيساويين ) حصلوا على مغانم لهم فهل سيقبل أبو ريشة وحاتم سليمان وغيرهم من العشائر العربية بهذا التقسيم ، وعودة للجانب الشيعي المختلف ، فأين تقع حصة أل الحكيم  وآل الصدر وآل الشيرازي ، وهل ستقبل المراجع الدينية والعشائرية  بالتهميش دون الحصول على رقعة جغرافية لتحكمها ، وأين الجبور وأين العزة وأين خفاجة وأين بني سلطان وبني مالك وغيرهم ومثلهم الكثير ، وهل سيقبل من قاتل ضد ( الأنكليز ) أيام ثورة العشرين أن يسلم الأرض لمن جاء على الدبابات الأمريكية الصديقة العريقة ، وأخيرا هناك مشكلة كبيرة جدا لا ، ولن ، ولم ، يتفق عليها جميع الأطراف ألا وهي فلسطين العراق ( كركوك ) ، لمن سيئول أمرها و( التركمان ) كما يزعم ( الكورد ) أقلية ، و( الكورد ) يتهمون العرب ونظام صدام المقبور على تعريب هوية ( كركوك ) من خلال ما هجّر لها ، وهل ستوافق تركيا الراعية للعروبة الآن على أن تمنح ( كركوك ) لقمة الى كردستان الكوردية ، لا أريد أن أطيل ، ولا أريد أن أستبق الأحداث ، فأن أرادت العزيزة أمريكا أن يغرق العراق بدماء أبناءه الأبرياء فأن التقسيم الذي تحدثنا عنه واقع لا محال ، ولا تهتم أمريكا ومن جاء معها وعلى دباباتها لهذه الدماء البريئة ، وهناك شئ لا يمكن أن نغفله وهو الصحوة العراقية التي يفترض أن يقف الجميع من أجل مستقبلهم ، ومستقبل أبنائهم ، ومستقبل عراقهم ولأجل وحدة الوطن ومصيره ، للإضاءة ....... فقط .

الأربعاء، 2 يناير 2013

السونار وفضيحة العصر !!!-حامد كعيد الجبوري



إضاءة
السونار وفضيحة العصر !!!
حامد كعيد الجبوري
ستينات وحتى سبعينات القرن الماضي لم نكن نعرف جنس الجنين الذي تحمله النساء ، ناهيك عن عدم معرفتهن بالحمل من  إلا من خلال ما يسمى القابلات ، أو عدم مشاهدة النساء لدورتها الشهرية ،  وكانت نساء أيام ذلك الزمان يذهبن الى المختبرات الطبية لتحليل الإدرار ومعرفة أنهن حوامل أم لا ، وحين دخول جهاز ( السونار ) لتأدية هذه الخدمة الطبية الجميلة أستقبلها الناس بين قادح ومادح ، والكثير من الأطفال و الجدات والرجال كبار السن خسروا ما يسمونه ( البشارة ) ، لأن الرجل الذي يُخبَر أن زوجته حامل وهو منتظر لذلك الحمل يخرج من كيسه مالا ويعطيه لمن نقل له ذلك الخبر الجميل المفرح ، وآخرون يروون أن هذا الجهاز المسمى ( سونار ) يذهب بفرحة الأب والعائلة بجنس المولود الذي تحمله الأم ، ولو افترضنا ان الرجل يرغب بولد يحمل أسمه ويبقى منتظرا لتسعة أشهر بطولها وهو يعيش فرحة حمل زوجته ، وما أكبر تلك الفرحة حينما تلد زوجته غلاما منتظرا لتسعة أشهر ، وما أتعسه أن جاء جنس الحمل على عكس ما يرغب ، وأشتهر عندنا في محافظة ( بابل ) طبيب أختص بعلم السونار حتى أن عيادته المشتركة مع صديق شريك له تعتبر من أفضل العيادات الطبية التشخيصية بهذا المجال ، ومجالات طبية أخرى ، أنه الطبيب الصديق  ( برير أبو علي ) وشريكه الصديق الدكتور ( حسام ) ، عملا سوية بهذا المضمار وتكاد أن تكون تشخيصاتهما الطبية غير قابلة للنقاش  ،    كل هذه المقدمة الطويلة العريضة بسبب مطر أستمر لليلة كاملة في العراق المبتلى ، وهذا المطر لم يكن عاما ليشمل العراق بأكمله بل شمل أغلب محافظات الفرات الأوسط  والعاصمة بغداد ، وأجمل ما سمعته من تبريرات فجة مصدرها المستفيد الأول من هكذا أنظمة لا حياء لها  ، يقول أحد البرلمانيون ( نعم هناك أمطار غزيرة ولم تستطع فتحات الصرف الصحي استيعابها بسبب أزلام البعث البائد الذي أغلقوا عمدا مثل هكذا فتحات ) ، ويقول مسئول كبير آخر ( أن المشكلة هي بعدم حساب أمكانية تصريف المياه لشبكات الصرف الصحي ) ، وسؤالي له ولغيره أين هذه الشبكات التي نفذتموها خلال مشروعكم التنموي الجديد سواء في بغداد أو المحافظات الأخرى ، وهنا تذكرت مسرحية ( كاسك يا وطن ) للفنان السوري ( دريد لحام )  حينما ذهب الى المستشفى ووجد قبله مريضا يشكو من ألم في بطنه ، وبعد الأشعة أتضح أنه قد ( بلع ) ليرة سورية حديدية ، ضحك ( غوار ) كثيرا وهو يخاطب نفسه ويقول ( عجيب ليرة تظهر بالأشعة وملايين الليرات لا تظهر ) ، ونحن نقول كما يقول ( غوار ) شكرا لجهاز السونار الإلهي الذي كشف لنا وبمصداقية عالية جدا أن من دخل البلاد بغير فلس سيخرج من البلاد ملآن بمال حلال جاء من كَد الجبين، للإضاءة .......... فقط .