الجمعة، 7 ديسمبر 2012

قصص قصيرة جدا ً-عادل كامل



قصص قصيرة جدا ً



عادل كامل


  دعاء
   عندما ذهبت إلى المحاسب، لاستلام راتبي، وجدت المحاسب يدعوني ان أشاركه الدعاء، وراح يدعو بصوت مرتفع:
ـ اللهم ارزق اللصوص...، اللهم وفق الحرامية...، اللهم ...انصر الظالمين!
   لم اصدم، ولم اصب بالذهول، ولكنني سألته:
ـ  لماذا هذا الدعاء ..؟  فقال ولم تفارقه الابتسامة:
ـ كي تحصل على راتبك، وكي تبقى على قيد الحياة!


  رصاصة

     بعد انتظار دام فترة غير قصيرة من الزمن، عند بوابة الجحيم، ومراقبة الداخلين إليه أو المغادرين، لمحنا، في مساء احد أيام الشتاء، إطلاق سراح السيد (س). فهمس آمري في آذني: آن لك ان تتبع خطاه. بدوري أجبته هامسا ً: ألا تراه تحول إلى شبح، وهو لا يكاد ان يقاوم الريح، فهو يتعثر، مثل أعمى، ولا احد بانتظاره أيضا ً..؟
     نفذت الأمر، من غير اعتراض، ورحت أتتبع خطاه، بدءا ً من مغادرته بوابة الجحيم، وهو القصر المطل على النهر، مرورا ً بالشوارع، والدروب، والأزقة التي سلكها، وانتهاء ً بدخوله إلى الحانة ذاتها التي طالما أمضينا الليالي فيها. فجأة همس آمري في أذني: آن لك ان تطلق النار..! كان أمرا ً إن لم أنفذه فسألقى مصير (س)، إنما دار بخاطري، أن شبح السيد (س) كان يحدق فينا، بعد مراقبته لنا، حتى أنني لمحت ابتسامة رسمها على فمه تعلن عن توقه لملاقاتنا. فقلت للآخر: ألا ترى انه تحمل ما لا يحتمل، وإلا لماذا أخلو سبيله..؟ جاء الرد بصوت قاطع: ليست مهمتك ان تفكر. فحدقت في عيني من أمرني، وسألته: وأنا من سيطلق النار علي ّ..؟
   منذ قرون مازالت كلماته ترن في راسي، بعد ان أصبحت، أنا والشبح، لا نبحث إلا عن ملاذ لنا لا نرى فيه رصاصة تبحث عنا، بعد ان قلت له: اذا كان الجحيم ذاته لم يهزمه، ويروضه، ويمحو حياته من الوجود، فلماذا أصدرت أمرا ً لي بالقضاء عليه، وبالقضاء على حياتي..؟!

  إضافات
   بعد ان دوّن وصيته، وأكملها، أعاد قراءتها. فأسرع، بشغف، يدوّن ما ظن  انه أغفله أو لم يخطر بباله. تنفس الصعداء، في هذه المرة، وهو يعيد قراءتها مرة ثانية، فوجد انه اغفل العديد من الملاحظات، فراح يكتب، مستعيدا ً ومستعينا ً بالتفاصيل التي غابت عنه. ودار بخلده، انه قرر ان يمضي جادا ً، صبورا ً، في إكمال العمل الذي بدأ به؛ أليست هذه هي وصية والدي التي نطق بها: لا تترك عملا ً إلا وتكمله. فقال يخاطب نفسه: وها أنا أدوّن. 
   وأضاف صفحات أخرى، كي لا يترك شاردة، أو واردة لم يذكرها. لكنه، عندما أعاد مراجعة الوصية كاملة، انفجر ضاحكا ً، وهو يردد، بصوت رقيق: ألم ْ أكن شيعتهم جميعا ً....، فلمن أوصي ...؟
   آنذاك رأى الأصوات تتبعثر شاغلة المساحة ذاتها التي طالما وجد نفسه محاطا ً بها: الصمت. ولكنه، في هذه المرة، تركها تعمل عمل المحو.
  شجرة الأنساب
    استعاد أسماء أسلافه، في شجرة الأنساب، من الجد العاشر انتهاء ً بآدم، ومن الجد الثالث، وصولا ً إلى حفيده الأخير، بمرح، وهو يتأمل صورهم معلقة أمامه في واجهة صالة الاستقبال.
   وعندما أطفأ المصباح، ووضع رأسه فوق الوسادة، لم يعد يفكر بما شغله، في لحظات ما قبل النوم، لأنه عندما بحث عن رأسه لم ْ يجده، فلم ينشغل بتذكر احد، لأنه لم يعد يرى أثرا ً بعد ان لمح الأسماء تتوارى، وتغيب، وهو غير مكترث لولادة حفيد آخر، كانوا يدوّن اسمه في شجرة الأنساب.

  إنها الرحمة
   لم ينجده بصره في رؤية المشهد، فقد كانت الأصوات ترسم له صور ما يحدث. فمكث يتلصص، من وراء شقوق الجدار، مصغيا ً إلى الأصوات.
   تساءل جاره الذي اختطف وجرجر من بيته إلى مكان يقع في نهاية الزقاق، حيث ترك في العراء إلى جانب أكوام الزبل:
ـ " ماذا فعلت ...؟" أجابه الآخر:
ـ " انك تعرضت للذات الإلهية ..."!
ـ" أنا ..؟" فسمع الآخر يصرخ فيه:
ـ " نعم، أنت، وتقول إننا ... نهدم عرش الله، ونخرب الدنيا ..."!
ـ " والله، لم اقل ذلك، لا خوفا ..." لم يدعه الآخر ان يكمل، ليسأله:
ـ " ماذا قلت اذا ً ...، أيها الكافر ...، الزنديق...؟"
ـ " قلت: اذا كانت الذات الإلهية...، تستنجد ... بنا، نحن الـ ...." سمع صوت رصاصة في الهواء، ورأى دوائر تتبعثر متداخلة قبل عودة الصمت. فسمع الآخر يقول للعجوز:
ـ أكمل ..."
ـ " قلت اذا كانت هذه الذات، بانتظار ان نفتديها بأرواحنا، فانا أظن ان هذه الذات لا علاقة لها ..." وسمع صوت رصاصة، ثانية، لكن من غير أصداء.
   لم يقو على الانسحاب، وهو يستمع إلى الأصوات تبتعد عن المزبلة، حتى توارت، عدا كلمات تصور ان العجوز مازال يتلعثم بها.  فأصغى إليه:
ـ " الآن أدركت، يا جاري العزيز، ان الموت ليس هو القسوة في ذروتها، وإنما ...."
ـ " أكمل ..."  ولم ينطق بكلمة، فقد فارق الحياة، ورأسه بين يديه. فقال الآخر، مع نفسه، بصمت: إنها الرحمة!
   غضب
   لم يخبرها انه اجتاز عتبة المراوغة، وانه لم يعد وحيدا ً فحسب، بل غدا لا يرى  حتى ظلا ً أو أثرا ً يمكن ان يراه: فأنا لم اطلب منها سوى ان لا تكون هناك، أو بجواري، بل ان تكون ، هنا، معي. سمعها تقول:
ـ " وأنا معك .."
ـ " أنا لم اطلب منك ِ .." وسكت، لأنه لم يعتد ان يستنجد، أو يستدرج، أو حتى يستغيث:
ـ " أنا لم اطلب منك سوى ان لا تكوني، هناك، نائية، بل ان تكوني، هنا، معي ... " وأعترف لنفسه: الكلمات حجارة، والعبارات منافي. فاختزل طلبه لها في كلمة:
ـ " قبلة ..." ولم يشرح لها أنها وحدها تختزل المعاني.
ـ " لكن هذا يفقدني ..."   فلم يجد وسيلة لإخفاء غضبه، وألمه الدفين:
ـ " قبلة، قبلة تسمح لي ان أذهب ابعد من الموت!"   ولم يعد يراها، أو يستمع إلى صوتها، بعد ان قال لها: أنا منحتك حياتي كلها، ولم اترك لنفسي إلا ان تذهب بعيدا ً.
    وكأنه أدرك ان الحكمة، في الغالب، كما خطر بباله، لن تأتي إلا فائضة، وبعد ان يكون الآسف قد فقد مغزاه، آنذاك يكون الإمساك بالرماد، وحده، لن يقارن باستعادة زمان الجمر، ولا بتذكر لهب النار، عدا ذلك الذي شغله، منذ عقود، ليس الزمن، بل الذي غادره. وود لو قال لها ذلك، وساعدها كي تنال لقبا ً آخر، تتزين به، بين زميلاتها وزملائها، لكنه أيقن أنها، منذ البدء، لم تكن تأخذ منه إلا الذي لم يعد يأسف عليه: الحياة!.
  الريح
     بعد ان كف فمه عن النطق، وكف خياله عن العمل، وبصره عن الرؤية، ذهب إلى النقاش، وناوله ورقة كتب فيها إشارة تحمل بعض الأسماء. هز الآخر رأسه، مستفسرا ً، فناوله ورقة ثانية، دوّن فيها التالي:
ـ " من يعيد إليك طفولتك التي سرقت منك/ من يعيد إليك أحلامك التي ضاعت/ من يعيد إليك حياتك التي بعثرت/ من يعيد إليك كتبك التي نهبت، من يعيد إليك كرامتك التي فقدت، من يعيد إليك بيتك الذي هدم، من يعيد الكلمات إلى فمك، والنبض إلى قلبك، والومضات إلى جنونك... من يعيدها...؟" ابتسم النقاش، ومازال يجهل ماذا يفعل بالأسماء، هل يحفرها فوق شاخص القبر، أم يحتفظ بها لغاية ما، لكن الآخر قال له، وكانت تلك آخر كلمة نطق بها:
ـ " شكرا ً لك، أعطني الورقة. لا تكتب شيئا ً، فانا تذكرت أنني كنت مت منذ زمان بعيد، فلا تربك مرور الريح بذكر أسماء من سرقوا أحلامي، ورأسي، وكتبي، وطفولتي، لأن الريح وحدها  ستبقى بيضاء"! ودفن من غير شاخص.

  قرار

   بعد ان سقطت قريته في الحرب، لم يعد يصوب بندقيته إلى الأعلى. منشغلا ً بمشاهدة الطائرات العملاقة وهي في طريقها إلى المدينة، لكنه كتم عويلا ً في أعماقه وهو يرى جاره يرحب بمرورها في السماء، فوق ارض قريته التي سقطت من غير مقاومة تذكر، فصوب فوهة بندقيته باتجاه رأسه، وطلب من جاره ان يضغط على الزناد، لكن الآخر لم يفعل، لأنه مازال يلوّح مرحبا ً بالطائرات العملاقة المتجهة صوب المدينة، فوجد إصبعه يضغط على الزناد، قبل ان يتخذ رأسه قرارا بذلك.

  عمل
      خاطب المدير الموظف:
ـ عليك ان تعمل.  فقال الموظف للمدير:
ـ وأنت عليك ان تفتخر بعملي. فقال المدير:
ـ اقلب المعادلة: لا تعمل، فهل هناك من يلتفت إليك. فكر الموظف برهة، وقال:
ـ ليس الذنب ذنبك، يا سيدي، ولكنني، للآسف، لا اعرف ماذا اعمل، إن توقفت عن العمل.

  حوار
سأل الفقير جاره الثري:
ـ متى يأتي يوم القيامة.؟ فرد الثري بغضب:
ـ ولماذا تتعجل قدوم ذلك اليوم ..؟
ـ كي لا أبقى فقيرا ً إلى الأبد. فقال الآخر:
ـ ومن قال انك ستصبح ثريا ً..؟  لم يجب الفقير، بل اكتفى برفع رأسه ونظر إلى السماء، من غير إجابة.

  هدايا
ـ قل لي، سأل المهاجر الأسيوي زميله الأفريقي في المهجر: إلى أين تتجه حاملات الطائرات النفاثة، وهذه الصواريخ عابرة القارات ...؟ قال له ساخرا ً:
ـ أنهم يرسلون الهدايا إلى شعوبنا التي مكثت تردد: اذا الشعب يوما ً أرادة الحياة، فعليه أما ان يهاجر، أو ان يتذوق هذه الهدايا!

  انتظار
    سألت العانس جارتها الأرملة:
ـ وألان، بعد هذا العمر، ماذا ننتظر..؟ فقالت الأرملة:
ـ أنا انتظر ان أراه في العالم الآخر!
   صدمت العانس بالرد، لتسأل نفسها، بصوت مسموع: وأنا ماذا انتظر ...؟ فقالت الأرملة تخاطبها بصوت خفيض:
ـ صحيح أنا لدي من انتظره، ولكنك، يا جارتي العزيزة، ستجدين من ينتظرك!

 جنرال

     لأنه، بعد ان خاض الحروب التي لم يكسب منها سوى خسارات لم تسمح له، حتى بمغادرة سريره، شرد ذهنه، وهو يتابع ـ عبر شاشة التلفاز ـ قصف الطائرات المقاتلة للأحياء السكنية، في مدينته التي غادرها، منشغلا ً بتأمل أعمدة الدخان، إلى السؤال الذي بلغ ذروته: اذا كان المنتصر لا يقدر انه لم يهزم إلا مخلوقات لا وجود لها، بحسابات المعارك، وفن الحروب، فأي نصر هذا سيدوم وقد سبقه زواله إلى الاندثار، والمحو..؟
    أعاد الجنرال رأسه إلى الوسادة، وهو يردد، مع نفسه: إنهم يسرقون هزائمي أخيرا ً. ولم ينطق بكلمة.

  ضيوف
   بأصابع مرتجفة أدار المفتاح في القفل، وفتح الباب، ليدخل عبر ممر ضيق إلى داره، فوجد بضعة رجال يجلسون في صالة الاستقبال، لم يكترث، فقد تابع السير باتجاه غرفته، فوجد احدهم يجلس خلف منضدته، وهو يحدق في عينيه. فسأله الآخر:
ـ من أنت، وماذا تريد ...؟
لم يجب، بل تراجع خطوة إلى الخلف، ثم استدار، وتراجع، متقدما ً نحوه خطوات، وقال:
ـ تفضل..،آسف، هذه ـ هي ـ مفاتيح البيت!
   بعد ذلك اليوم، لم يره احد، أو ينشغل بأخباره.

  اختيار

   ذات مرة سألت جاري، قبل ان يتوارى:
ـ هل تود ان تكون عظيما ً، أم واحدا ً من عامة الناس...؟
 ابتسم وسألني:
ـ وهل تستطيع ان تختار الذي تجد انك لا تستطيع رفضه ...؟ تابعت اسأله:
ـ أي انك لم تقدر ان تختار لا جحيمك ولا نعيمك أيضا ً ...؟
ـ طبعا ً، أيها العزيز، عندما تقدر ان لا تختار الجحيم فأنت وضعت خطوتك في الطريق الآخر، لكنك عندما تجد انك ولدت في الجحيم، فهل باستطاعتك ان تعثر على طريق للفرار...؟

  مفارقة
     غريب! تساءل المقاتل مع نفسه، بذعر، ان القذائف السبع جميعها سقطت على المواضع المجاورة لموضوعي، ولم تترك أحدا ً حيا ً فيها، فلماذا قدر لي ان أرى هذا المشهد...؟ في المستشفى، عندما آفاق، سمع قصصا ً مماثلة، وكل من اخبره بحكايته وجدها لا تختلف عما حدث له. فخاطب نفسه: انك، يا مجنون، ستبقى ترى كيف نجوت بانتظار تلك التي لا مناص ستسقط فوق رأسك!
    بعد عقود، عندما قررت إحدى المؤسسات ان تمنحه شهادة فخرية، لم يُعثر عليه في منزله، وإنما وجدوه في العراء، بجوار المزبلة، جثة بلا رأس.

30/11/ 2012
 

الثلاثاء، 4 ديسمبر 2012

دراسة حديثة تظهر جينة قادرة على تحديد موعد وفاة الانسان

توصلت دراسة حديثة الى اكتشاف أشكال خاصة لاحد الجينات المعينة قادرة على تحديد موعد وفاة الإنسان بدقة متناهية وليس تحديد تاريخ وفاته فقط. وقد تمكن باحثون أمريكيون من التوصل إلى هذا الاستنتاج بعد اجراء دراسة دقيقة للجينوم، وهو أحد التخصصات الفرعية من علم الوراثة، والذي يعنى بدراسة كامل المعلومات الوراثية فى الكائن الحى المشفرة، المرتبط بالحركة المنظمة للساعة البيولوجية وبعادات النوم لدى 1200 شخص فوق سن الـ 65 ممن يتمتعون بصحة جيدة، حسبما نقلته “بوابة الاهرام”. وقال اندرو ليم المشرف على الدراسة ان الساعة البيولوجية داخل جسم الانسان تنظم الكثير من الظواهر البيولوجية والسلوك البشري، بما في ذلك مواعيد الاستيقاظ والخلود الى النوم وتوقيت الكثير من العمليات الفيزيولوجية. كما أن للساعة البيولوجية تاثيرا على توقيت الأحداث الصحية الخطيرة مثل السكتة الدماغية والنوبات القلبية. ويأمل الباحثون أن تساعد هذه الدراسات على تحسين علاج بعض الأمراض الخطيرة. وكانت هذه الدراسة قد اجريت من أجل برنامج الأبحاث فى مجال تطورات مرض الشلل الرعاش والزهايمر، ولكن تم توسيعها بصفة خاصة بعد اكتشاف الجين الخاص بتحديد موعد وفاة الانسان. هذا ومن المعروف أن العوامل الوراثية لها دور في تحديد خصائص معينة لجسم الإنسان مثل لون الشعر وفصيلة الدم أو إمكانية تزايد نسبة الإصابة بأمراض معينة.

الثلاثاء، 20 نوفمبر 2012

إضاءة- ( ذكّر أن نفعت الذكرى )-حامد كعيد الجبوري




إضاءة
 ( ذكّر أن نفعت الذكرى )
حامد كعيد الجبوري
      قبل شهرين من اليوم ضمني ومجموعة من الأصدقاء مجلس ثقافي حلي ، قال أحدهم أن حالة الفقر في العراق تجذرت بشكل لا يصدق ، وأن المتسولين كثروا بشكل مرعب ، وأصبح البلد مقسما بين فقر مدقع و غني مشبع ، ولا يوجد طبقة وسطى ،  ومن جملة ما قاله أن هناك الكثير من الناس تفتش عن ما تأكل بحاويات القمامة ، ناقشته طويلا حينها وقلت ذلك غير حقيقي وأن الدولة تمنح ما يسمى براتب الرعاية 50 ألف دينار للمحوجين ، والفقر ربما سينعدم في السنين القادمة منطلقا من قناعتي بالتغيير الحتمي ، ولم أجد إلا القلة من المتسولين الذين امتهنوا مهنة التسول لسهولة العمل ، ولعدم حاجته الى رأس مال كبير ، وأيدته فقط بأن الرواتب التي تمنح للموظفين عموما لا يراعى فيها العدالة ، لوجود بون كبير بين راتب موظف وآخر ، وبين وزارة وأخرى ،  هز صاحبي يده مستهزأً بحديثي وإجابتي  ، اليوم 20 / 11 / 2012 م الساعة العاشرة صباحا غيرت قناعتي تماما بعد أن شاهدت بأم عيني رجلا ملتحيا وقورا يجمع من حاوية القمامة ما يمكن الاستفادة منه ليأكل ، طماطم ، باذنجان ، بطاطا  ، أخرجت هاتفي وصورت ذلك المسكين ،  ولا أعرف لم خطر ببالي قول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ( رض ) الذي يقول ( لو كبت ناقة في السواد لكنت مسئولا عنها أمام الله ) ، وقول أمير المتقين علي بن ابي طالب ( ع )  لعامله ( عثمان بن حنيف ) (( أأفرح أن يقال عني أمير المؤمنين وفي اليمامة إنسان لا عهد له بالشبع ولا طمع له بالقرص )) ،  لذلك كتبت هذه المعاناة ،
خيرات الوطن تتقسم النوعين
حاوية الزبالة وبير للبترول
أكوام الزبالة أتعيش الفقره
وآبار النفط من حصة المسئول
و...
مابين الزبالة والنفط أسرار
ذكّر بالحقايق تنفع الذكره
آبار النفط لجيوب مسئولين
وحاوية الزبالة حصة الفقره
و ...
هاي الصور تحجي وللعراقي أتكول
باطل بل حراماً تنتخب مسئول
---------------
لا أملك إلا أن أقول ذكّر أن نفعت الذكرى  ، للإضاءة ........ فقط  .
المرفقات  صور

بايسكل روتتي ومصفحات جماعتنا-كاظم فنجان الحمامي


بايسكل روتتي ومصفحات جماعتنا


جريدة المستقبل العراقي

 كاظم فنجان الحمامي

لا مجال للمقارن بين خصال الزعيم الهولندي (مارك روتتي) وبين خصال أصحاب المناصب العليا من المترفين المتظاهرين بالتعفف, المتجلببين بجلباب الورع والتقوى, فالرجل هولندي الأصل والتربية, لا يصوم شهر رمضان, ولا يزكي أمواله, ولا يصلي الصلوات الخمس في أوقاتها, لكنه رجل بسيط متواضع لا تفارقه الابتسامة, يتنقل بدراجته الهوائية من والى مقر عمله, يطوف بها في شوارع المدينة, ملتزما بقوانين المرور, مراعيا لشروط السلامة البيئية, لا يخشى أحد, ولا يعترضه متطفل, يغادر منزله صباحا, فيتفحص إطارات دراجته الهوائية بنفسه, ثم يركبها بثقة ونشاط, لينطلق بها نحو مقر عمله من دون أن يصدر أي ضجيج, ومن دون أن ترافقه العربات المدرعة, والسيارات المصفحة, ومن دون أن يختبئ خلف زجاجها المظلل, ومن دون أن يحيط نفسه بفوج من ذوي الرؤوس الحليقة والعضلات المفتولة, ومن دون أن ترافقه كوكبة من المركبات الحديثة ذات الدفع الرباعي, وناقل الحركة الخماسي, والأنوار السداسية, و(أم سبع عيون), ومن دون أن يتعمد السير عكس الاتجاهات النظامية, يحترم الناس ويحترمونه, يتبادل معهم التحيات الصباحية ملوحا بيده, يتفقد أحوالهم, ويستطلع مشاكلهم من دون وسيط وبلا تكلف. .
من الظواهر الغريبة عندنا في العراق إن أصحاب المراتب الفوقية استحوذوا على الأرصفة المحيطة بمنازلهم, واقفلوا الشوارع والأزقة المؤدية إليها, أحاطوها بالمصدات الكونكريتية, طوقوها بالحواجز الخراسانية, ثم نصبوا العارضات الأنبوبية والمطبات البلاستيكية, ووزعوا الكاميرات والأسلاك الشائكة وكابينات الحراسات الخارجية, فتحصنوا في قصورهم المنيفة, ومنعوا الناس من المرور وحرموهم من الحركة, لا نكاد نراهم إلا في الفضائيات يتحدثون في القنوات كلها عن العفة والنزاهة والبساطة والتواضع, ويتكلمون بلباقة ما بعدها لباقة عن علاقاتهم الحميمة بالجماهير. .
في بريطانيا اكتشف رئيس وزراؤها (ديفيد كاميرون) إن دراجته الهوائية أسهل له وانفع وأسرع في التنقل, ولا تكلفه شيئاً, وهكذا حذا حذو نظيره الهولندي, فركب دراجته وتجول بها لوحده في ضواحي المدينة. .


أحيانا يصطحب زوجته وأطفاله إلى الأسواق الشعبية, يتمتع بحريته الشخصية بين عامة الناس, يمارس حياته الطبيعية بلا حراس, ولا رجال أمن, ولا بودي غارد, ولا يتبعه الانتهازيون والوصوليون, ولا تسمع أهازيجهم الولائية المستنسخة (بالروح بالدم نفديك يا كاميرون), فالرجل جاء بسيارته, وتجول بمفرده, وتعامل معه الناس مثلما يتعاملون مع بعضهم البعض, من دون حواجز ولا موانع ولا فوارق وظيفية أو طبقية. .
في الولائم والعزائم والدعوات الخاصة يتوافد المسؤولون في العراق على المكان بمواكبهم الملكية الإمبراطورية المعززة بالحمايات, فتتكدس السيارات المصفحة والعربات المسلحة في الطريق العام, حينئذ يتعين على صاحب الدعوة أن يوفر الطعام بكميات هائلة لفوج كامل من عناصر الحماية, حتى لا يتسبب في زعل المسؤول. .
بينما يتناول الرئيس الأمريكي أوباما الوجبات السريعة مع ضيفه الرئيس الروسي (ميدفيديف) في مطعم ريفي صغير لبيع البرجر, يجلسون مع شباب القرية في مكان عام بالقميص والبنطرون, من دون أن يتقرب منهم أحد, ومن دون أن يتسببوا بإزعاج الناس, فالتواضع والبساطة وخفة الدم هي العوامل التي تحقق الوئام والانسجام بين الرئيس والمرؤوس. .
أحيانا يشاهد الناس الملكة البريطانية تحمل أكياس القمامة لتضعها في المكان المخصص لها خارج قصر توتنغهام, تركب الباص (الأتوبيس), تدفع سعر التذكرة من حقيبتها الصغيرة, تحتسي الشاي في المقاهي الشعبية, وأحيانا تمارس هواية القراءة في المكتبات العامة. تذهب وتعود لوحدها من دون حمايات ولا صفارات ولا دراجات نارية, حتى لا تنغص حياة الناس بأصواتها الصاخبة. .
هؤلاء كلهم من خارج مجتمعاتنا, لا يدينون بديننا الذي أوصانا بالتواضع ومكارم الأخلاق, ولا ينتمون إلى قوميتنا العربية الشرقية, التي زرعت في قلوبنا حسن التعامل مع الناس, لكنهم تمسكوا بالثوابت الإنسانية النبيلة, واختاروا البساطة سلما مهذباً للوصول إلى قلوب الجماهير, فاكتسبوا حب الناس بالرفق والتعامل المرن, ونالوا حب الله وحب العباد بالابتسامة الرقيقة والكلمة الطيبة, اما السيارات المدرعة والعربات المصفحة والمركبات المظللة التي تصنعها معاملهم العملاقة, فقد قرروا تصديرها إلينا بالعملة الصعبة وبأغلى الأسعار حتى يركبها أبطال السيرك السياسي فيتبختروا بها في أحيائنا السكانية البائسة المهملة القلقة الكئيبة, وعرب وين طنبورة وين ؟؟. . .

--

الأحد، 18 نوفمبر 2012

ايمان البياتي تفوز بجائزة نازك الملائكة للابداع النسوي


بغداد / الطيف: اعلنت اللجنة التحكيمية المشكلة لفحص وتقييم النتاجات الادبية المقدمة في مجالات القصة القصيرة والشعر والنقد الادبي ، عن اسماء الفائزات بالمراكز الثلاثة الاولى بمسابقة جائزة نازك الملائكة للإبداع النسوي بدورتها الخامسة لعام 2012 التي تنظمها وزارة الثقافة سنويا . وقال مدير عام دائرة العلاقات الثقافية في وزارة الثقافة وعضو اللجنة التحضيرية عقيل المندلاوي في بيان تلقت (الطيف)نسخة منه ، ان ” المركز الاول في مجال القصة القصيرة كان من نصيب القاصة العراقية ايمان البياتي عن قصتها التي كانت بعنوان (مدينة الجدار) مناصفة مع القاصة الاردنية ايناس محمد عن قصتها (القمر) ، في حين كان المركز الثاني مناصفة بين القاصتين آية عبد الله من الاردن عن قصتها التي كانت بعنوان (غربة) وسعداء الدعاس من الكويت عن قصتها (ايقونة العباس) ، اما المركز الثالث فكان مناصفة بين القاصة العراقية خديجة ادري عن قصتها (القشة) وحنان بيروتي من الاردن عن قصتها (نقطة الصفر) “. واضاف المندلاوي ،” في مجال الشعر كان المركز الاول من نصيب الشاعرة العراقية نجاة جبار عن قصيدتها التي كانت بعنوان (انعتاق ) والمركز الثاني من نصيب الشاعرة المصرية هبة السيد عن قصيدتها (مفتتح) مناصفة مع الشاعرة السورية شروق حمود عن قصيدتها (من وجهة قلبي) اما المركز الثالث فكان من نصيب الشاعرة العراقية لمياء حسين عن قصيدتها (حنف) مناصفة مع الشاعرة الجزائرية سميرة سفرور عن قصيدتها (شيء كالحلم) “. واشار الى ان ” جائزة المركز الاول في مجال النقد الادبي قد حجبت وذلك لعدم توفر الدراسات المقدمة لنيل تلك الجائزة في الوقت الذي كان المركز الثاني من نصيب الناقدة المصرية فاتن شوقي عن دراستها النقدية (نازك الملائكة والصعود الى سماء الشعر) في حين كان المركز الثالث من نصيب الناقدة المغربية زهور كرام عن دراستها (نازك الملائكة ونظم الاختلاف ) “. وتابع المندلاوي ، أن ” الجوائز ستوزع على الفائزات باحتفالية كبرى تقام في بغداد منتصف شهر كانون الاول المقبل على هامش مهرجان بغداد السنوي الدولي الاول بحضور المسؤولين في وزارة الثقافة وشخصيات ومؤسسات ثقافية واجتماعية بارزة في البلد الى جانب الفائزات “. وكانت اللجنة التحكيمية المشكلة من قبل وزارة الثقافة قد تلقت مشاركات في الجوانب الادبية اعلاه لـ(116) مشاركة من فلسطين والسودان ومصر والكويت والمغرب والاردن والجزائر واليمن والبحرين وتونس

الاثنين، 12 نوفمبر 2012

غطيني يا صفية مفيش فايدة-كاظم فنجان الحمامي

غطيني يا صفية مفيش فايدة جريدة المستقبل العراقي 11/11/2012

قبل أن ترجموني بحجارتكم التي قتلتم بها الأبرياء, وقبل أن تأخذكم العزة بالإثم فتشتموني بلعناتكم التي لا ترحم, أقول لكم وبصريح العبارة, إننا من الأقوام المشلولة المتخلفة المقهورة المدحورة المتخاذلة, وهذا ما أثبته واقعنا المر المعاش بالأرقام والدلائل والشواهد. . . نحن قوم نصدق الكاذب, ونكذِّب الصادق, نأتمن الخائن ونخوِّن الأمين, نشجع الجبان حتى يتمرد, ونخذل الشجاع حتى ينهار, ونحارب الناجح حتى يفشل, ونستفز الحليم حتى يفقد عقله, نكره التنظيم ونبغض النظام, نرى المنكر فنصفق له, ونؤازر الباطل فنسانده, ونقف مع الطغاة ضد الحق, وضد الخير, وضد الصلاح. . الاختلاف عندنا خلاف, فانقسمنا إلى مجاميع متناحرة متشاجرة متنازعة متقاتلة تميل إلى التفريق والتفرقة, والتمزيق والبهدلة, التطرف عندنا هواية, والتعصب غواية, والتنافر موهبة, والثرثرة منطق, والدين فتنة, هذا سني, وهذا شيعي, وذاك سلفي, وهذا صفوي, وهذا وهابي, وهذا صوفي, وهذا زيدي, وهذا حوثي, وهذا أحمدي, وهذا علماني, وذاك شيوعي, وهذا قومي, وذلك إخواني, وعدناني وقحطاني, وشمالي وجنوبي, وأهلاوي وزملكاوي. . تخندق بعضنا الآن في خنادق معركة (صفين) ضد خليفة المسلمين, وتجحفل بعضنا مع الحجاج, واختار بعضنا الوقوف مع أبي العباس السفاح, بينما خرج المتمردون مع الخوارج, وسار البتروليون خلف سراب الناتو, وركع المتآمرون تحت أقدام البنتاغون في معابد الذل والعبودية والخيانة, هذا يسعى للأمركة, وذاك يسعى للتفريس, وغيره يحلمون بالتتريك, وجماعة تواسي السفارديم عند حائط المبكى. . نقلب الدنيا رأساً على عقب, إذا لعب الجزائريون كرة القدم في ملاعب مصر, أو إذا لعب المصريون في ملاعب الجزائر, فنتباهى باستهتارنا وتهورنا على بعضنا البعض, فنحرق المدرجات, ونخرج إلى الشوارع والساحات لنواصل غاراتنا الهمجية على المحال التجارية, بينما نكون كالقطط الفلبينية البليدة أمام قوافل القوات الغازية أو الفيالق الاستعمارية, نمر مرور الكرام على القواعد الحربية الأجنبية المتمركزة على أرضنا وفي مياهنا لنلوح لها بالتحية والسلام, وشر البلية ما يضحك إن كبارنا تحالفوا مع القوات المتحالفة ضدنا. . صار الشيخ برميل أفضل قادتنا في المرحلة الراهنة, فهو عبقري الأمة, ومفكرها ونابغتها وملهمها وقائد مسيرتها الظافرة نحو حقول الغاز والألغاز, وهو الذي بيده الحل والعقد, وهو النمرود الجديد, وشمشوم الجبار, وسوبرمان ربيعها في كل المواسم والمناسبات, وهو رامبو المثابر, وجيفارا الثائر. . زعمائنا متخصصون بالتآمر على أشقائهم وأبناء جلدتهم, متطوعون للتعاون والتنسيق والتفاهم مع أعداء الأمة, بارعون في البطش والإجرام والتعسف, متفانون في حب الدنيا, لا فرق عندهم بين المليون والمليار على موائد الروليت, خبراء في البذخ والإسراف والتبذير. . ما الذي نرتجيه من أقطار فقدت نزاهتها وتنازلت عن عفتها فتبوأت المراكز الأولى في الفساد العالمي في عموم كوكب الأرض ؟, وما الذي نتأمله من أقطار جاهلة سارت نحو الأمية بمحض إرادتها, فأحرزت المراكز المتدنية في التعليم الجامعي ؟, وما الذي نتوقعه من أقطار خاملة انشغلت بتفسير الأحلام وقراءة الطالع, فلم تفلح في الصناعة ولا في التجارة ولا في الزراعة ولا في التعليم ولا في الرياضة ؟, دول تبيع النفط وتصدره ثم تستورده على شكل زيوت ومشتقات بأضعاف أضعاف سعر البيع, دول على الرغم من ترسانتها الحربية الهائلة وجيوشها المليونية الجرارة لم تستعرض قطعاتها إلا في المناسبات الوطنية, ولم تسجل انتصارا واحداً تسترد به ماء وجهها, ولم تنتصر في يوم من الأيام على دولة فتية صغيرة مذعورة مارقة مستهترة. . تاريخنا مزيف من الجلد للجلد, وصفحاته ملطخة بدماء الأبرياء والضحايا, راجعوه جيدا, واقرءوا ما جرى للخلفاء الراشدين من الأول إلى الرابع, وما جرى للصحابة, وأبناء الصحابة, اقرءوا كيف احرقوا جثمان محمد بن أبي بكر ونثروا رماده في النيل, وكيف ذبحوا الحسين بن علي على شاطئ الفرات وطافوا برأسه في البلدان, وكيف قتلوا مسلم بن عوسجة, وكيف رجموا الكعبة المشرفة بالمنجنيق, وكيف شنقوا عبد الله بن الزبير في مكة, وكيف اضطهدوا أمه أسماء بنت أبي بكر, وكيف صلبوا الصحابي الجليل سعيد بن جبير, واقرءوا كيف استعمرونا باسم الدين, وصادروا حقوقنا باسم الدين, واستباحوا بلادنا بالطول والعرض باسم الدين, ثم باعونا في سوق النخاسة السياسية للإنجليز والفرنسيين, واقرءوا كيف كفّروا علماء الفيزياء والكيمياء والرياضيات والطب والفلك والفلسفة, واقرءوا كيف أنجب التاريخ أكثر من عشرين نسخة لأبن العلقمي, اشتركوا كلهم بتسليم مفاتيح بغداد للمغول والتتار والفرس والأتراك حتى حكمتنا دولة الخروف الأسود, ثم جاءت من بعدها دولة الخروف الأبيض, واقرءوا كيف قتل الشقيق شقيقه من اجل العرش, وكيف تآمر أبناء الأمراء على آبائهم, واقرءوا كيف ذبحوا فيصل الثاني ونساء أسرته الهاشميات اللواتي كن يرفعن المصاحف فوق رؤوسهن, وأقرءوا كيف سحلوا فيصل في الشوارع, وهم يرددون هذه الأهزوجة: قبلك بحسين اشسوينه جدنا أقرع كر جدك بيده وأقرءوا كيف قتلوا العلماء والفلاسفة ابتداءً من ابن المقفع وانتهاءً بالسهروردي, وكيف خذلوا سعد زعلول. . لقد مات (زغلول) من القهر, بعد أن أرهقته المحاولات الحثيثة لإصلاح شأن هذه الأمة, حتى أصابه اليأس والانهيار, فهمس في إذن زوجته قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة على فراش الموت: ((غطيني يا صفية. . مفيش فايدة)). . --