ما أحلى هذيج الأيام خواطر :
صابر بن حيران زمان كانت أسماؤنا أحلى كانت النساء أكثر جمالاً وأنوثة ورائحة الفاصوليا اليابسة أو البامية تتسرب من شبابيك البيوت وكانت ساعة "الجوفيال" في يد شايب البيت أغلى أجهزة البيت سعراً !!وأكثرها حداثة!! وحبات المطر كانت أكثر اكتنازاً بالماء زمان .. حين كانت أخبار الثامنة أخف دماً ومذاق الشمس في وجوهنا أطيب. والطرقات كانت أقل ازدحاماً وبنات المدارس يخبئن أنوثتهن في صفحات دفتر العلوم زمان كانت غمزة "سميرة توفيق" أكثر مشاهد التلفاز جرأة، وكان مجلس النواب حلماً يداعب اليسار المتشدد وكانت أجرة الباص 14 فلساً، وكان الحليب والصمون يأتيك للبيت من الصباح والصحف تنشر جميع أسماء الناجحين بالبكالوريا ودايجست المختار مستعملة تشتريها بـ10 فلوس ودعوات العُرس كان يوزع فيها "منديل" جفيّة ومعه "جكليت" مغلف بسيلفون والجارة تمدّ يدها فجراً من خلف الباب بقوري جاي حار للزبّال فيمسح عرقه ويستظلّ بالجدار زمان.. عندما كانت "الدورة والمأمون" هما آخر الدنيا، و"صندوق السعادة" كان أهم برامج مسابقات التلفاز ولم نكن نعرف بعد ملمع أحذية سوى ابو التمساح كان"الكمون" يوصف علاجاً للمغص، والأولاد يقبلون أيادي الجيران صباح العيد، والجكليت وال "ويهلية" وصينية "الزلابية" في مقدمة أحلام الطلبة المتفوقين وكانت أم القيمر تأتي بالكيمر لبيوتنا كانت جريدة البلاد والأخبار وغيرها مصدر معلوماتنا... ثم جاءت "الراصد" لصاحبها الفكيكي لتكون أشهر الصحف وأجرأها على الإطلاق وكانت صورة المطربة صباح على ظهر المرآة اليدوية المعلقة على الحائط زمان كنا نصحو على صوت فيروز الشادي صباحا!! ونستمع لبرنامج "ابو رزوقي" يعطي نصائح المرور للسائقين ومخالفاتهم الصباحية ويقول له "عيني انت ابو الموسكوفج الزركة لو شوية على كيفك بالسرعه مو أحسن احنا نخاف عليك وعلى سلامة الناس الماشين بالشارع"؟ ومساء كنا نترقب "خيرية حبيب" او "كامل الدباغ" او "عمو مؤيد البدري والتلفزيون يفتح ويغلق شاشته في موعد محدد مثل أي محل أو مطعم كانت لدينا "مدينة للألعاب"هي وجهة أبناء الأثرياء والفقراء على حد سواء العوائل كانت تتهيأ قبل يومين للسفر إلى الشمال وجامعتا بغداد والمستنصرية كانتا كعبة الطلاب في العالم العربي كانت رسائل الغرام تكتب على أوراق تبيعها المكتبات مطرزة ومزينة بالفراشات والورود الملونة!! قبل أن يولد الموبايل زمان كانت جوازات السفر تكتب بخط اليد، ولا تحتاج لرشوة ولا لواسطة للحصول عليه، وكان السفر إلى سوريا وتركيا بالقطار وفيزة أوربا تاخذها وأنت تشرب الشاي امام مبنى السفارة كانت البيوت لا تخلو من صوبة "علاء الدين" ذات البرج الفستقي المتكسر الألوان ومبردات الهلال كانت حلم كل منزل لان "الواتر بمب" أحسن من غيرها من الأنواع كان التلفزيون يعرفنا يوميا بخيرة نماذج المجتمع مصطفى جواد في برنامجه التاريخي وعلي الوردي في برنامجه الاجتماعي ومؤيد البدري ببرنامجه الرياضي ومسلسلات عراقية مشوقة خلدت في الأذهان والقلوب: سليم البصري وحمودي الحارثي في تحت موس الحلاق، وخليل الرفاعي أبو فارس، ومن ثم "الذئب وعيون المدينة" لخليل شوقي وكانت مباريات "آليات الشرطة والجوية والسكك قبل أن يتحول أسمه إلى الزوراء، كانت تجمعنا في ملعب الشعب بين 60 الف متفرج لا يستطيع اي قمر صناعي أن يحدد من هو السني ومن هو الشيعي بينهم وكان "رعد حمودي" أفضل حارس مرمى في كرة القدم! ولم نتخيل انه سيرشح نفسه يوما في الانتخابات كانت الناس تهنئ أو تعزّي بكيس سكّر "أبو خط أحمر" ذو الـ 50 كيلو غرام، والأمهات يحممّن الأولاد في الطشت، و"الصوغة" يحملها الناس لزيارة المرضى حين كان مذاق الأيام أشهى، والبرد يجعل أكفّ التلاميذ حمراء ترتجف فيفرّكونها ببعضها كانت لهجات الناس أحلى، وقلوبهم أكبر، وطموحاتهم أبسط، ومسكينة وساذجة! الموظفون ينامون قبل العاشرة ليصحوا باكرين والزوجة في يوم الجمعة تخبئ كبدة الدجاجة وقوانصها لتقليها للزوج دلالة على تدليله كانت الحياة أكثر فقراً وبرداً وجوعاً لكنها كانت دائماً خضراء! كانت حياتنا أحلى من حياتنا اليوم حيث لا طعم ولا لون ولا رائحة لها، غير طعم البارود، ولون الدم، ورائحة الكراهية والغل والتنافس والتنابز، والتحزب والطائفية المقيتة حياتنا كانت أحلى وأيامنا كانت أجمل والله يستر من الجايات