الاثنين، 12 مارس 2012

ثمن معجزة الكهرباء-كاظم فنجان الحمامي

ثمن معجزة الكهرباء

جريدة المستقبل العراقي 11/3/2012

كاظم فنجان الحمامي

قبل بضعة أيام وصلتني رسالة الكترونية من أخي الكبير الأستاذ سهيل المطوري, تروي قصه طفلة صغيرة كانت في يوم من الأيام بطلة لمعجزة إنسانية وقعت في مكان ما من هذا الكون الفسيح, سأعيد عليكم قراءتها هنا بعدما أخبركم بما تركته في نفسي من انطباعات وهواجس ماانفكت تقفز أمام عيني كلما تعمقت في تفاصيل المعجزة التي تحققت للطفلة, وقارنتها بما يحصل في بلد الأحاجي والألغاز والمعجزات من غياب تام للكهرباء التي أضحت عودتها من المعجزات. .
لقد كانت تلك الطفلة سببا في استنفار ملائكة الرحمة, فتحقق الحلم الذي كاد أن يكون مستحيلا بمبادرة طيبة من رجل واحد تعاطف معها, وهب لنجدة شقيقها, فمتى تتحرك عواطف أصحاب الحل والربط حتى يوفروا لنا الطاقة الكهربائية التي نصبت أبراجها فوق أكتاف المستحيل, ولوت أسلاكها حول أعناق الأمل فخنقته في عز الصيف, وشحنت مولدات التعقيد بأمبيرات التعطيل, فتبدد الحلم القديم في سراب الوعود المؤجلة. .

رجل واحد فقط عصفت به الغيرة والحمية, فتفجرت على يده القدرات الإنسانية الخارقة, ورجال وضعنا ثقتنا بهم, وذرفنا الدموع خارج مكاتبهم المحصنة, فأشاحوا بوجوههم عنا, وتركونا نلوذ بالظل خوفا من أشعة الشمس الحارقة. .
لا أريد أن أطيل عليكم, اقرءوا القصة ثم احكموا على الذين تباطئوا في تأمين الطاقة الكهربائية لشعب عريق يعيش منذ ربع قرن في أفران خط الاستواء. .
توجهت الطفلة سارة, ذات السادسة إلى غرفة نومها, تناولت حصالة نقودها من مخبئها السري في خزانتها, ثم أفرغت محتوياتها على الأرض, أخذت تعد بعناية ما جمعته من نقود في الأسابيع الفائتة, ثم همست في سرها: ((إنها بالتأكيد كافية, ولا مجال لأي خطأ)), أعادت النقود إلى حصالتها, ولبست رداءها, وتسللت من الباب الخلفي متجهة إلى الصيدلية, التي لا تبعد كثيرا عن دارها. .
كان الصيدلي منشغلا, فانتظرته صابرة, بيد إنه لم ينتبه إليها, فحاولت لفت نظره دون جدوى, فما كان منها إلا أن أخرجت قطعة نقود معدنية من حصالتها, فألقتها فوق زجاج الطاولة, التي يقف وراءها الصيدلي, عندئذ انتبه إليها, وسألها بصوت عبّر فيه عن استيائه: ((ماذا تريدين أيتها الطفلة, ألا ترين كم أنا مشغول في مناقشة شقيقي القادم من شيكاغو, والذي لم أره منذ زمن بعيد ؟)), فأجابته بنبرة طفولية حادة: ((إن شقيقي الصغير مريض جداً, وبحاجة لدواء اسمه (معجزة), وأريد أن اشتري له هذا الدواء)). .
أجابها الصيدلي وعلامات الدهشة ترتسم على وجهه: ((عفوا صغيرتي, ماذا قلتي ؟؟؟)), فاستأنفت كلامها قائلة بكل جد: ((شقيقي الصغير اندرو يشكو من مشكلة في غاية السوء, يقول والدي أن هناك ورماً في رأسه لا تنقذه منه سوى (معجزة), أرجوك أفدني حالا ؟؟)). .
أجابها الصيدلي بلهجة متعاطفة معها: ((أنا متأسف يا صغيرتي, فأنا لا أبيع (معجزة) في صيدليتي)).
ردت عليه الطفلة بثبات, وقالت له: (اسمع, أنا معي ما يكفي من النقود لشراء الدواء, فقل لي كم الثمن حتى أدفع لك الآن ؟؟)).
كان شقيق الصيدلي يصغي لكلامها, فتقدم منها, وقال لها: ((ما نوع المعجزة التي يحتاجها شقيقك أندرو ؟؟)). .
إجابته الطفلة بعينين مغرورقتين بالدموع: ((لا أدري, ولكن كل ما أعرفه, إن شقيقي مريض جدا, قالت أمي إنه بحاجة إلى (معجزة), وقال لها أبي إنه لا يملك نقودا تغطي تكاليف العملية الجراحية, لذا قررت أن استخدم نقودي)), فسألها شقيق الصيدلي مبديا اهتمامه: ((كم لديك من النقود يا صغيرة ؟؟)), فأجابته مزهوة: ((معي دولار واحد, وعشرة سنتات, ويمكنني أن اجمع المزيد إذا أحببت)). فأجابها مبتسما: (يا سلام. . دولار واحد وعشرة سنتات, يا لها من مصادفة, إنها تساوي بالضبط ثمن المعجزة التي يحتاجها شقيقك)), ثم تناول منها المبلغ, وامسك بيدها, طالبا منها أن تقوده إلى دارها ليقابل والديها, وقال لها: أريد رؤية شقيقك أيضا.

كان ذلك الرجل هو الدكتور (كارلتون ارمسترونغ) جراح معروف, وهو الذي تبرع بإجراء العملية الجراحية للطفل اندرو على نفقته الخاصة, وكانت عملية ناجحة, تعافى بعدها اندرو تماماً.
بعد بضعة أيام, جلس الوالدان يتحدثان عن تسلسل الأحداث منذ اليوم الذي تعرفوا فيه على الدكتور (كارلتون) وحتى نجاح العملية, وعودة اندرو إلى حالته الطبيعية, كانا يتحدثان وقد غمرتهما السعادة. قالت الوالدة في سياق الحديث: ((حقا إنها معجزة)), ثم تساءلت: ((ترى كم كلفت هذه العملية ؟؟)). .
رسمت الطفلة على شفتيها ابتسامة عريضة, فهي وحدها تعلم إن (معجزة) كلفت بالضبط دولار واحد وعشرة سنتات. .
تصوروا معها دولار واحد وتحققت معجزتها, ونحن معنا مليارات الدولارات ولم تتحقق معجزة الكهرباء. .
وقفت وحدها تبتهل إلى الله حتى تتحقق المعجزة, ونحن نقف بالآلف, لكننا نبتهل بقلوب مشتتة ونفوس متنافرة فلم تتحقق معجزة الكهرباء في ديارنا. .
وقف معها رجل واحد, ونحن وقفت معنا طوابير من فرق التكنوقراط, والوزراء والأمراء, ولم تتحقق معجزة الكهرباء. .
ترى ما هو الثمن الحقيقي لمعجزة ثبات التيار الكهربائي واستقراره في عموم المدن العراقية ؟. ومتى تتوقف آخر مولدة منزلية عن الضجيج ؟. .
--

الجمعة، 9 مارس 2012

غالب المسعودي - فانتازيا النص وثقافة الجسد

( اليوم عيد )-حامد كعيد الجبوري


( اليوم عيد )
الى ( ل ) تفحصي قلبك ستجدينني فيه
حامد كعيد الجبوري
اليوم عيد
اليوم البس كل عمر
عمري الجديد
اليوم اصعد للسمه
وأشتم الكمر
اليوم أجيب النجمه
ترجيه الحبيبي
اليوم ما ألبس حزن
ألبس حرير
أمطرز أبماي النده
ويمطر عشك
بيدي أمشط ليل صبري
وأغزل خيوط الفرح
وأغسل همومي
وعطش كل السنين
وأهمس بأذنك هلاهل
يا كمر يا عالي ردلي
شوف كذلة تلبس عيون السنابل
ويركص البيدر غرام
اليوم أطش الروح
بيد الله عتب
إني رايد
كل حلاتك
كل حلاتك
واشرب شفافك عنب
اليوم طعم الفرح هيل
أركض أركض
ما تصل روحك تعب
اليوم طول السهر ليل
ليل ما يخلص سوالف
تلعب أنهودك رطب
طاير أجناحين شوكي
وانثر النجمات بدروب الهوه
اليوم أشوفك تلعب بروحي
تراتيل ونشيد
اليوم كلبي بيك
يكبر
يكبر وينزل بنفسج
ويزرع بحضنك بريد
اليوم عيد
وغير عيدك ما أريد
غير كلبك ما أريد
وما أريد

آخر الديناصورات الغادرة-كاظم فنجان الحمامي



آخر الديناصورات الغادرة
من كان في قلبه شك على غدر هذا الديناصور فلينظر ويشاهد بنفسه هذا الفلم الذي أذاعته قناة العربية, ثم يحكم بنفسه على مدى تدني الفكر التعسفي إلى المستوى الذي تمخض عن طرد آلاف القطريين المسالمين, وتجريدهم من حقوقهم, ومصادرة أملاكهم المنقولة وغير المنقولة, في حين لاذت قناة الجزيرة بالصمت المطبق وتكتمت على الخبر الفاجعة,
ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم, وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون والعاقبة للمتقين الصابرين.
http://s1130.vuclip.com/4e/bd/4ebd506ebd47f29ae58231048c928eb1/ba123207/4ebd_w_2.3gp?c=315804242&u=1615777887&s=BNeGJepin22F9FDB0
كاظم فنجان الحمامي
اختار عمر المختار الشهادة بمخالب الديناصور السفاح (غراسياني), فقاتل الغزاة بكبرياء الأبطال, ودافع عن دينه وعرضه ووطنه ببسالة وشهامة, حتى جاء اليوم الذي وقف فيه في قاعة المحكمة مرفوع الرأس, ثابت الجنان, وعبثا حاول القاضي أن يثني عزيمته, ويغريه بالعفو العام, مقابل أن يكتب بخط يده بضعة كلمات يلتمس فيها العطف والرحمة من الجلاد الايطالي, ويبدي فيها فروض الولاء والطاعة, ويتأسف له ويذعن لإرادته, فرد عليه الأسد الشيخ بهذه العبارة الخالدة:
((أن السبابة التي تشهد في كل صلاة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله, لا يمكن أن تكتب كلمة باطل))
كان عمر المختار رحمه الله أنموذجا رائعا من نماذج العز والشرف والإباء والتضحية والإيمان بالله الواحد الأحد الفرد الصمد, في حين انقلبت الصورة هذه الأيام, وظهر علينا مراهق تسلق سدة الحكم في غلطة من غلطات التاريخ. غدر بأبيه الأمير العجوز, سلب منه الحكم والصولجان, طرده خارج البلاد شر طردة, استولى على عرشه, صادر حقوقه كلها في انقلاب تلفزيوني على قناة الأكشن السياسي, ثم طمس ذكره في الدنيا قبل الآخرة, واختار الوقوف مع الغزاة في حروبهم التوسعية المفتعلة ضد العواصم العربية كلها من دون استثناء. .

فكان الله في عون الأمة التي يتآمر عليها هذا الديناصور الغادر الذي ماانفك يتحين الفرص لتدمير أشقائه العرب من حكام الأقطار المجاورة له, فالذي يغدر بابيه يسهل عليه الغدر بأخيه ؟؟, والانكى من ذلك انه كتب اسمه بالحروف العبرانية التوراتية على بوابة أحدث المستوطنات الصهيونية, وتبرع وحده بدفع تكاليف المستوطنة, التي تعد من أجمل المستوطنات وأكبرها في عموم الأرض العربية المحتلة, ومن لا يصدق هذا الكلام يراجع الروابط التالية ليرى بنفسه مشاهد الافتتاح والحفل المقام لهذه الغاية ؟؟. .
http://www.youtube.com/watch?v=H2X-7W7XII8
http://www.youtube.com/watch?v=C2-5swyk7V8
http://www.youtube.com/watch?v=2rurwlWRSYY
من كان يصدق أن يأتي علينا زمان يتخاذل فيه حاكم عربي إلى هذا الحد, فيبني في بلاده أكبر القواعد الجوية الحربية للبنتاغون, ويمنحهم من الامتيازات والمزايا والعطايا ما لم يمنحه لأي بلد عربي, حتى صارت مدرجات تلك القواعد الجوية هي الأطول في جميع مطارات الشرق الأوسط, فزاد طولها على 4500 مترا, وارتفعت حظائرها فوق الأرض كقمم الجبال, وباتت تضم آلاف المقاتلات والقاصفات, التي انطلقت من هذا المكان بالذات لتدك حصون بغداد والمدن العراقية الأخرى؟, فلا خير في الزمان الذي يتآمر فيه علينا متذبذب, اختار التمسح بأذيال حكام تل أبيب, وصار رفيقهم النجيب, وصديقهم الحبيب القريب, أحاط نفسه بفريق منتخب من وعّاظ السلاطين, ومعهم جوقة من المضللين ؟, يتباهى دائما بمؤسساته الإعلامية التحريضية, التي لعبت دورا كارثيا في إذكاء نيران الفتنة الطائفية بين المسلمين, وتمادت في الإساءة إلى شعوب المنطقة وحكامها ومنظماتها, فتبا لمن يتآمر علينا. ألا تبا له ولأسياده وحاشيته. .
تميز بكراهيته للعرب, انفرد بصلافته, حرص كل الحرص على صداقته المتينة مع تل أبيب, تعاطف مع شباب اليهود, شملهم برعايته, سمح لهم بالالتحاق في جامعات عاصمته, كان سخيا معهم إلى الحد الذي تبرع فيه بتسديد نفقات دراستهم وإقامتهم وتنقلاتهم من جيبه. .

لا شك إنكم تعرفونه جيدا, وربما تعرفون عنه الكثير من الأسرار والألغاز, لكن المثير للقلق والباعث على الخيبة انه صار هو الذي يقود حملات تمزيق الشعوب العربية, وهو الذي يتحين الفرص لضرب سوريا, وتقسيم ليبيا, وتهميش السعودية, و(تفليش) اليمن, وهو المحرض الرئيس في هذه الفوضى العارمة, التي تفجرت في البلدان العربية وحدها من دون غيرها من أقطار السماوات والأرض, وهو الذي يعد العدة لتفجير أكبر الحروب الكارثية في حوض الخليج العربي بين إيران والكيانات العربية الآمنة المطمئنة, وسيقحم العرب في حروب بركانية تحرق الأخضر واليابس. .

نحن يا جماعة الخير نعيش أبشع فصول المأساة, فالذي يحدث أمامنا اليوم لا يصدقه العقل, خصوصا بعد أن صار هذا الحاكم, هو الذي يضع النظريات الثورية, وهو الذي يطلق المواعظ السياسية, وهو الذي يشرح للقادة العرب أصول الحكم الديمقراطي, وهو الذي يرعى الانتفاضات العربية من مراكش إلى سد مأرب. .
والله يستر من الجايات. . .

الجمعة، 2 مارس 2012

حينما تفيض صدورنا غيضا نلجأ بأحزاننا في العراق الى المقابر -حامد كعيد الجبوري


حينما تفيض صدورنا غيضا نلجأ بأحزاننا في العراق الى المقابر
حامد كعيد الجبوري
( هموم وكبر )
وحشه دياركم سكان الكبور
بقت بس الأسامي وكومة حجار
نمتوا بالأمان وماكو ناطور
ولا تعرف حزن وهموم تحتار
ولا بالك تشغله اتحيطك أنمور
ولا تسمع البينه أشصار ما صار
تناخه الدود بيكم ياكل أبدور
بعيون الورد وخدود جمار
يوميه طبك كل ساع عاشور
وزفينه الشباب شموس واقمار
من يهيج حزني أتضيك الصدور
نحجي للكبر ما يكشف أسرار
هم عدكم قوائم تعرف الزور
متروك الأصيل وتصعد أشرار
متحزمه المنيه جفوف ناعور
عميه وما تعرف زغار وكبار
عفتو للأهل مليتوا القصور
جيرانك كبر ويزورك الجار
هم عدكم مصيبه وكلكم حضور
وتسمعون النواعي أحزان وأشعار



الخدمتك ما أجوا ولدان والحور
بصوانيهم يفوح الهيل وأزهار
دنيتكم هظيمه وحلك تنور
ونكلتوها جحيم النار للنار
تحاسبتوا ولكيتوا هناك دستور
ميزان العدل وحساب جبار
هم كبرك أمصفح بيه مستور
عن عين الشعب وسيوف الأشرار
السياسي وبرلماني كبره محفور
الفقير الحافي يمه تنام تجار
شما تجمع ذهب وتظنه مذخور
تصبُّح والمنيه أتمسي خطار
------------

الأربعاء، 29 فبراير 2012

دراسة جديدة للأستاذ فؤاد الأمير تؤشر علامات خطيرة حول مستقبل النفط من خلال الإتفاقات السرية بين كردستان واكسون


المقدمة
يتضمن هذا الكتاب ثلاث دراسات صدرت لي مؤخراً، ومقدمة مطولة يمكن اعتبارها دراسة رابعة حول موضوع الاتفاق الحاصل ما بين حكومة إقليم كردستان والشركة الأميركية العملاقة "أكسن موبيل ExxonMobil"، بحصول الأخيرة على ستة عقود مشاركة في الإنتاج لرقع استكشاف وتطوير، ثلاث منها - جزءاً أو كلاً- تقع في مناطق "متنازع عليها"، أو ضمن محافظة نينوى نفسها، وتم توقيع هذه العقود بعد صدور الدراسات الثلاث المذكورة في هذا الكتاب.
إن الدراستين الأولى والثانية هي حول المسائل والأمور التي تحدثت عنها في كتبي السابقة الصادرة في ما بين الأعوام 2007 – 2009، واضطررت إلى الرجوع إليها مجدداً لأمور كانت قد استجدت منذ الربع الثالث من العام الماضي. أما الدراسة الثالثة فهي عن موضوع العقود التي وقعتها الحكومة الاتحادية والتي تسمى "دورات التراخيص"، وهو أمر لم أتطرق له من قبل. وهي بالنتيجة دراسة لالستراتيجية النفطية والغازية للعراق، والسياسة الواجب اتخاذها الآن وفق الأسباب المبينة فيها.
في البداية، وقبل الدخول في الموضوع الرئيسي للمقدمة (وهي عقود أكسن موبيل في كردستان)، سنتحدث وبإيجاز حول ما آلت إليه الأمور المثارة في الدراسات الثلاث، مع ملاحظة أن الدراسات في هذا الكتاب تتضمن تعديلات شكلية بسيطة عن التي نشرت في حينه.
* الدراسة الأولى بعنوان: "كما في آب 2011: جديد قانون النفط والغاز"، والتي صدرت في 23/8/2011. وهي حول ضرر مسودة قانون النفط والغاز التي قدمت في 17/8/2011 إلى مجلس النواب من قبل "لجنة النفط والطاقة والثروات الطبيعية" في المجلس. وضرر هذه المسودة بمصالح الشعب العراقي يفوق بمراحل عدة مسودة (2007) المرفوضة أصلاً، والتي عجز من تبنوها عن تمريرها في حينه عام 2007، رغم وجود الاحتلال بكل ثقله وضغوطه الهائلة على السلطتين التنفيذية والتشريعية لإقرارها. وقد فشلت مسودة لجنة النفط والطاقة فشلاً ذريعاً عند محاولة تمريرها في مجلس النواب الحالي. و فشلت الحكومة الاتحادية، كذلك، في حمل مجلس النواب على اقرار مسودة القانون التي طرحتها لاحقاً، وهي أفضل من مسودة 23/8 (رغم وجود تحفظات عليها). وجرت في شهري أيلول وتشرين الأول الماضيين محاولة إيجاد "تسوية سياسية توافقية "!!، و للوصول إلى ما يسمى "حل وسط"! بين مسودة (2007) مع ملاحقها، و مسودة الحكومة الاتحادية. ولكن ، و(لحسن حظ الشعب العراقي!!)، توقفت هذه المحاولة بعد نشر الاتفاق بين حكومة الإقليم والشركة الأميركية أكسن موبيل.
وبات واضحاً أنه لا يمكن تمرير أية مسودة قانون تناقض الدستور العراقي الحالي - على علاته وضبابيته- أن مسودة أي قانون لا تتضمن مركزية القرار في السياسة النفطية وتسمح بالتصرف العشوائي للأقاليم والمحافظات بشؤون القرارات الستراتيجية النفطية وتوقيع العقود الاستخراجية مع الشركات النفطية و تسمح بتوقيع عقود تتضمن المشاركة في الإنتاج، ستكون مسودة مرفوضة، ولا يمكن تمريرها حتى ضمن "التوافقات السياسية" مهما كان الوضع مضطرباً في العراق. لقد فشل من كان يعول على إمكانية استغلال "المساومات السياسية" لتمرير مثل هذا القانون "في الخفاء أو في استغفال الآخرين"، وفشل في إدراك مدى رفض الناس لمثل هذا القانون، ولم يعرف مدى عمق العوامل المؤثرة في توازن القوى السياسية في العراق، والتي لا يمكن تجاوزها حتى في هذا الظرف الصعب والمضطرب والفاسد. وسيكون من الصعوبة بمكان تمرير مثل هذا القانون في المستقبل، من خلال مجلس نواب تال ، إذ أن الجماهير تدرك أكثر فأكثر صالحها من طالحها.
ولكن الاحتلال والقوى المتحالفة معه والقوى المنتفعة من مأساوية الوضع العراقي، تحن وتعمل على رجوع قوى الاحتلال العسكرية إلى العراق بالكامل، فهي قد ترى من الظروف المضطربة جداً في المنطقة العربية ومنطقة الشرق الأوسط مدخلاً لتمرير مثل هذا القانون. فالمنطقة حبلى بالثورات ضد الأنظمة الفاسدة والتي هي بالأساس مرتبطة بالولايات المتحدة وإسرائيل. وأن الولايات المتحدة وإسرائيل وحلف الأطلسي يحاولون احتواء هذه الثورات، أو تحويلها إلى فوضى في حال فشل الاحتوائ، وذلك باسم "الديمقراطية". إن من المضحك/المبكي أن من تكون وسيلتهم ومطيتهم في دعاوى التغيير بأسم الديمقراطية دول عربية هي من أكثر الدول في المنطقة شمولية واستبداداً واستغلالاً ورجعية في العالم. والآن تريد إسرائيل (وأميركا) ضرب إيران، وبنفس الحجة الكاذبة التي استخدمت لضرب العراق واحتلاله، وهي وجود أسلحة الدمار الشامل والتسلح النووي. وسيكون الخاسر الأكبر هو العراق مجدداً. إذ أن على الطائرات الإسرائيلية أن تمر إما من خلال الأراضي التركية أو العراقية أو السعودية، وسيتم اختيار العراق كونه الطريق الأقصر مع الأجواء المفتوحة والكم الهائل من المعلومات المتوفرة لديهم، مؤكدة ذلك الصحيفة الأشهر نيويورك تايمز في 19/2/2012، حيث تضيف للأسباب آنفة الذكر عدم وجود دفاعات جوية في العراق مطلقاً، وأن القوات الأميركية غير ملزمة بحماية الأجواء العراقية، بعد أن انسحبت قواتها من العراق في كانون الماضي!!. وستكون ردة الفعل الإيرانية الأكبر في العراق، وهو أمر لا يهم المحتل أو أعوانه من الخليجيين، أو العراقيين، فمصلحة العراق هي آخر ما ينظر إليه. يعتقد هؤلاء أن في هذه الأجواء، يمكن إدخال العراق في "قادسية" ثالثة ضد الجارة إيران، وعند ذاك يمكن تمرير مثل هذا القانون وتمشية المخطط الأميركي بالكامل بخصخصة النفط العراقي من خلال عقود المشاركة بالإنتاج، ولكنهم يحلمون، إذ سيفشلون كما فشل ويفشل غيرهم ممن يريد أن يفرط بثروة الشعب العراقي.
* الدراسة الثانية، بعنوان: "الحل: رفض اتفاقية مشروع غاز البصرة مع شركة شيل والإيعاز الفوري بالتنفيذ المباشر من خلال عقود خدمة اعتيادية"، والتي صدرت في 7/9/2011. ومن المؤسف أن نقول أن الحكومة الاتحادية كانت قد وافقت على التعاقد مع شركة شيل (مع ميتسوبيشي) في اجتماعها الوزاري في 15/11/2011. وقد يكون امتناع شركة شيل عن التعاقد مع حكومة إقليم كردستان له الدور المؤثر في موافقة الحكومة هذه. حيث رفضت الشركة عرض حكومة الإقليم عليها ثلاث رقع للاستكشاف والإنتاج من خلال عقود المشاركة بالإنتاج. علماً أن شركة شيل لها حصة 15% في عقد حقل غرب القرنة المرحلة الأولى مع 60% لإكسن موبيل في هذا العقد، كذلك فإن شيل لها حصة 45% في عقد حقل مجنون، لذا فإن هناك الكثير لتجازف به.
ولا أزال أرى أن توقيع هذا العقد مع شركة شيل مضر بالعراق، وكان من المفترض المضي بما اقترحناه في الدراسة بالتنفيذ المباشر وللأسباب المبينة فيها.
وأكدت الدوائر النفطية الحكومية المؤثرة حالياً، أنها وضعت قيود حسابية وبرامج كومبيوترية معقدة للتأكد من عدم تجاوز شركة شيل لمعدل العائد الداخلي IRR Internal rate of return ﻠ (15%) في كل الأحوال!!.
* وبما يتعلق بالدراسة الثالثة المعنونة: "نظرة في دورات التراخيص النفطية والغازية"، والتي صدرت في 25/10/2011، فقد أوضحت فيها الوضع النفطي والغازي العالمي وتطوره المستقبلي والمخاطر الكامنة في دورة التراخيص الثانية، وعدم الحاجة إلى دورة التراخيص الرابعة، وبينت الستراتيجية الواجب تنفيذها.
لقد تأجل فتح عروض دورة التراخيص الرابعة من أوائل كانون الثاني 2012 إلى أواسط آذار، والآن تم تأجيله إلى 30 - 31 أيار المقبل. والسبب المعطى هو تعديل شروط المناقصة على ضوء المحادثات مع الشركات العالمية. وسنرى أثناء الحديث عن عقود أكسن موبيل مع حكومة إقليم كردستان، أسباب تصلب الشركات والاعتراض على وثائق المناقصة التي وضعت لها في دورة التراخيص الرابعة. وما يقلقنا، رغم أننا أصلاً ضد إكمال دورة التراخيص هذه، هو أن التعديلات الجديدة التي وضعت في وثائق المناقصة سيتم رفعها نتيجة ضغط الشركات العالمية.
كذلك هناك حالة اقتناع متزايد لدى بعض المسؤولين العراقيين في الصناعة النفطية بخطورة بعض مواد العقود التي تم توقيعها، وخصوصاً المادة (12)، أو الوصول إلى إنتاج ذروة للعراق قدره (13,5) مليون برميل في اليوم خلال الأعوام الستة المقبلة. وقد ذكرت العديد من النشرات النفطية المختصة أن هنالك نية لتعديل هذه الشروط عند توفر الظرف المناسب!!؟ وللوصول إلى إنتاج ذروة بحدود (8-9) مليون برميل/اليوم بدلاً من الرقم السابق. ولا نعرف كيف سيتم ذلك ، و قد اوضحت الدراسة أن بقاء هذه الشروط سيؤدي بالعراق إلى الكارثة.
ومن المعلومات التي توفرت لدينا حديثاً، أن هناك توجه كبير لدى المسؤولين المعنيين في النفط والصناعة لرفع العوائد ليس بطريقة زيادة الإنتاج فقط، فهذا طريق محفوف بالمخاطر، وإنما بالتوسع في صناعة البتروكيمياويات والأسمدة وتطوير صناعة تصفية النفط ، وسيعلن في هذا العام عن مشاريع ضخمة في هذا الاتجاه.