الأحد، 6 فبراير 2011

ماجد الحيدر -ثم ماذا ؟


ماجد الحيدر
الحوار المتمدن - العدد: 3268 - 2011 / 2 / 5

ثم ماذا ؟

"من بات أمناٌ فی عياله
ضامنا قوت يومه…"

آهٍ ولكن..
ماذا عن الغد
هل سيبقى القوت
والأمن
والعيال؟
"من باتَ.آمنا."
آهٍ .. وهل ثمة –يا سيدي- من آمنٍ
والأرض تدور.. تدور
وتميد بالجياعِ
والمفاتيح.. أبداً في يد الخليفة
وتحت كرسيهِ
ثمةً ، أبداً، أبو نؤاسٍ مقرفصٌ:
"يذرف الدمع ضاحكاً ... والليالي تعربدُ"
وثمةَ ، أبداً، موتٌ
يكمنُ في منعطفٍ مفاجئٍ
في الشارعِ المظلمِ الملتوي؟
...
أيها الزمان القُلَّب
لماذا كل هذا الجد
لماذا كل هذي الصرامة العابثة
لماذا ليس ثمةَ ثمالةٌ أبدية
ولماذا لا يظهر فجأةٍ
في المشهدِ الأخير
ثمة عجوز طيب
بيدين كالقطن
يسخر من جزعي الساذج
ويخبرني
بين العطفِ والرثاء:
هيا
فلتمسح عينيك
وتغسل وجهك
قد كنت أمزح معك
فلنبدأ اللعبةَ من جديد!!
14-1-2011

الجمعة، 4 فبراير 2011

الرشاوى للشعوب العربية نازلة تزخ بعد ثورة تونس -سامي البحيري




الرشاوى للشعوب العربية نازلة تزخ بعد ثورة تونس
سامي البحيري

GMT 13:00:00 2011 الأحد 23 يناير
بداية لا بد من تهنئة شعب تونس على نزوله إلى الشارع لأخذ مصيره بيده، وكذلك أوجه تحية خاصة والتعازى لأهالى الضحايا الذين سقطوا أثناء الثورة، والتى لولا تضحياتهم لما إنهار النظام، وتحية لا بد أن تذكر (سواء أرضيتم أم لا) وهى تحية لزعيم الإستقلال التونسى الحبيب بورقيبة والذى أرسى قواعد التعليم المحترم فى تونس، وأصر على أن تكون ميزانية التعليم %30 من ميزانية الدولة وهى أعلى نسبة فى العالم العربى، وأعلى من بلدان كثيرة متقدمة فى العالم، والشعب المتعلم يعرف حقوقه ويعرف كيف يأخذها بنفسه، وهو من أرسى أيضا دعائم حقوق المرأة التونسية والتى تحسدها عليها قريناتهن العربيات، لذلك رأينا المرأة التونسية جنبا إلى جنب مع الرجل أثناء الثورة.
ومن تداعيات الثورة التونسية أن الكثير من الأنظمة العربية جالها حالة إسهال، صاحب حالة الإسهال هذه حالة كرم مفاجئ، ففى أسبوع واحد قرأنا الآتى:
رفع المرتبات فى الأردن
صورة تنشر للبوليس فى عمان وهو يوزع عصير ومياه مثلجة على المتظاهرين
إيقاف خطة رفع الأسعار فى مصر
إكتشاف حقول غاز طبيعى فى مصر ستجعلها من كبار المنتجين فى العالم
توزيع 11 ألف شقة للشباب فى مصر
توزيع 2400 محل تجارى بالمجان للشباب فى مصر
إعدام مرتكب جريمة قتل الأقباط فى نجع حمادى فى العام الماضى
توزيع ألف دينار كويتى لكل مواطن (مايعادل أربعة آلاف دولار)
تخفيض أسعار الكهرباء فى سوريا
رفع المرتبات فى سوريا
….
وهذا ماحدث حتى الآن، وأتوقع أن يحدث الآتى فى الفترة القادمة:
توزيع سندويتش فول وآخر طعمية على كل راكب مترو فى القاهرة مع زجاجة سفن آب، وتوزيع طبق كشرى على كل راكب ميكروباس
توزيع عدد واحد كيس شيبسى بالجمبرى لكل طفل من أطفال العشوائيات فى مصر
توزيع عدد واحد عروسة لكل شاب أعزب جاوز الثلاثين من عمره، مع شقة ستوديو هدية فى القاهرة
إعلان فوز النادى الأهلى بالدورى هذا العام قبل أوانه
فى ليبيا صرف خيمة وممرضة أوكرانية لكل مواطن
فى غزة صرف سبحة وزبيبة صلاة ونقاب لكل أسرة
فى جنوب لبنان صرف سجادة صلاة قم إيرانى وإتهام ظنى لكل مواطن شيعى، وشيك بدون رصيد لكل مواطن سنى، وتاشيرة خروج نهائى لكل مواطن مسيحى
فى السعودية صرف عدد واحد زوجة مسيار لكل رجل متزوج جاوز الخمسين
فى السعودية صرف برميل بترول شهريا من النوع الخفيف لكل مواطن
فى العراق صرف حزام ناسف لكل مواطن
فى سوريا صرف كل المواطنين غير العلويين خارج سوريا
فى قطر تعيين كل المواطنيين القطريين موظفين فى قنوات الجزيرة الرياضية
فى اليمن صرف نصف كيلو قات لكل عائلة يمنية على بطاقة التموين شهريا
فى السودان يعلن البشير عن تقسيم آخر للسودان بواقع وطن جديد لكل قبيلة
فى الجزائر صرف معاش المليون شهيد لكل أسرة جزائرية
فى دبى صرف برج سكنى لكل مواطن
فى أبو ظبى صرف فريق كرة إنجليزى لكل قبيلة
فى الأردن صرف كل الفلسطينيين إلى الضفة الغربية
فى المغرب لحل مشكلة البطالة، إرسال %50 من الشبان والفتيات إلى القاهرة للغناء باللهجة المصرية
وبصفة عامة فى كل البلاد العربية صدرت أوامر سرية لكل محطات البنزين لغش البنزين بالمياه، وذلك لإيقاف موضة حرق المواطنين لأنفسهم
وبصفة عامة تم شراء أعداد مهولة من الطائرات الخاصة تحسبا للهروب الكبير المنتظر، وكذلك توظيف طيارين أجانب لقيادة الطائرات تحسبا لرفض بعض الطيارين الوطنيين للهروب كما حدث مع بعض أفراد أسرة بن على
أما بالنسبة لمقهى القادة العرب المسمى (الجامعة العربية) فقد قام عمرو موسى بشراء جزيرة خالية من جزر البحر الكاريبى لنقل مقر جامعة الدول العربية إليها مع بناء فندق على وجه السرعة لإستقبال الزعماء الهاربين، تمهيدا لعقد أول قمة عربية للهاربين برئاسة زين الهاربين بن على، وسوف يطلق على تلك القمة:"الصعود للهاوية".
فى إسرائيل صرف جهاز تليفزيون بلازما لكل مواطن إسرائيلى يهودى لمشاهدة خيبة العرب، مع تشفير القناة التونسية

الأربعاء، 2 فبراير 2011

النرجسية مرض-حامد كعيد الجبوري


مرض النرجسية
حامد كعيد الجبوري
الكثير من المثقفين كتابا وشعراء يصابون بمرض لا علاج له يسمى النرجسية ، وهؤلاء المرضى يعتقدون أن لا غيرهم يمكنه الكتابة مثلما يكتب هو ، ولأني أهتم بالشعر الشعبي كهواية محببة لي ، لذا ستكون هذه الإضاءة لهم وبلا ذكر أسماءهم ، وعدم ذكري للأسماء ليس تخوفا منهم ، بقدر تجاهل مثل هؤلاء المرضى ، هناك أكثر من رأي نقدي يقول ليس هناك شاعرا كبيرا ، ولكن هناك نصا كبيرا ، بمعنى أن الشاعر الفلاني صاحب العمر الكبير ، والتجربة الأكبر أيضا ، ليس من المحتم أنه شاعرا كبيرا ، قد يكون كبيرا في العمر نعم ، ولكن ليس شاعرا كبيرا ، بمعنى أكثر توضيحا ، ربما شاعر لا يملك الخبرة الكافية ولا العمر الكبير ، ولكنه أنتج نصا شعريا كبيرا يشار له من قبل الشعراء الآخرون ، ومما حدا بي لهذه الإضاءة ما سمعته من لقاءات مع شعراء بقسم من الفضائيات المهتمة بالشعر الشعبي وما أكثرها ، قال ذلك الشاعر أن لا شاعر في العراق يستطيع أن يكتب كما يكتب القصيدة هو ، وحينما قرأ نصوصه التي لم تثر فضولي لسماعها ، وجدتها أنها قصائد لا تعدو كونها قصائد لها مسحة فنية ليس إلا ، وأذكر أني حضرت لقاءا للشاعر عريان السيد خلف سأله مقدمه ما هو تقييمك للشعراء الذين سأذكرهم لك ؟ ، وذكر له أسماء أولئك الشعراء ، والجميل أن الشاعر عريان السيد خلف لم يكتفِ بالإشادة بهم ، بل قرأ قصائد من نتاجهم ، وأكثر من ذلك أنه قال كنت أتمنى أن القصيدة التي كتبها الشاعر الفلاني أني كتبتها ، تواضع كبير لشاعر معروف وصاحب تجربة شعرية غزيرة ، وأذكر أن أحد شعراء الحلة الفيحاء سأله صحفي لجريدة ما ، أين تضع نفسك على خارطة الشعر الشعبي العراقي ؟ ، أجاب بكل تجرؤ ومكابرة فارغة ، أضع نفسي في المقدمة ، وهذا هو المرض الذي أتحدث عنه ، وأسميه المرض القاتل للموهبة الشعرية الصادقة ، ولو أني أوعدتكم بعدم تحدثي إلا بخصوص الشعر الشعبي ولكن هناك ضرورة لذكر شاعر ما ، سأله مقدم البرنامج عن مشاريعه الشعرية ومستوى قصائده ، أجاب بكل وقاحة أنه قد فاق الحلييّن ، ويعني بالحلييّن السيد حيدر الحلي ، والسيد جعفر الحلي ، وهذا ما لم يقله عنهما الجواهري الكبير ، للإضاءة ... فقط

الأربعاء، 26 يناير 2011

سهير عبد العزيز-قصة نثرية-هذا ما كان يبتغيه


خرج مع صاحبه ترك وحدته في البيت
تضاجع ...يأسه
و خرج في...
مظاهرة

جرفته حشود تهتف
و ضجيج
صم أذنيه
و لكنه لم يسمع هناك...
صوت الصدق

مشى كالنائم في منام
يحلم
يحدق في فراغ
وصل لصفوف الأمن
وقف يحدق في شرطي نحيل
هزيل البدن يمسك
بعصاه

رفع يده....للشرطي....
يحييه
هناك في عيني الشرطي
و جد ما كان يبحث عنه

أطلق الشرطي رصاصة
أصابته في رأسه

وقع على الأرض يبتسم:
هذا ما كان يبتغيه !!

الاثنين، 24 يناير 2011

نزار قباني -*** ثــقـافـتـنـا ***


نزار قباني

*** ثــقـافـتـنـا ***

ثقافتنا فقاقيع من الصابون والوحل

فما زالت بداخلنا..."رواسب من " أبي جهل

ومازلنا نعيش بمنطق المفتاح والقفل

نلفّ نساءنا بالقطن...ندفنهن في الرمل

ونملكهن كالسجاد...كالأبقار في الحقل

ونهذاً من قوارير...بلا دين ولا عقل

ونرجع آخر الليل...نمارس حقنا الزوجي كالثيران والخيل

نمارسه خلال دقائق خمسه...بلا شوق...ولا ذوق...ولا ميل

نمارسه...كآلات...تؤدي الفعل للفعل

ونرقد بعدها موتى...ونتركهن وسط النار...وسط الطين والوحل

قتيلات بلا قتل...بنصف الدرب نتركهن

يا لفظاظة الخيل...قضينا العمر في المخدع

وجيش حريمنا معنا...وصك زواجنا معنا...وقلنا: الله قد شرّع

ليالينا موزعه...على زوجاتنا الأربع

هنا شفه...هنا ساق...هنا ظفر...هنا إصبع

كأن الدين حانوت...فتحناه لكي نشبع

تمتعنا " بما أيماننا ملكت "...وعشنا من غرائزنا بمستنقع

وزوّرنا كلام الله...بالشكل الذي ينفع...ولم نخجل بما نصنع

عبثنا في قداسته...نسينا نبل غايته...ولم نذكر سوى المضجع

ولم نأخذ سوى ... زوجاتنا الأربع

الأحد، 23 يناير 2011

علامات الجحيم العراقي-حمزةالحسن




علامات الجحيم العراقي


من نحن؟ سؤال يلح بقوة هذه الأيام بعد ان صارت كل الطرق مغلقة. من نحن حقا وماذا نريد؟ اذا كنا لا نريد الحرب ولا نريد السلام، لا نريد المسالم، ولا نريد المقاوم، ولا الارهابي، ولا الخائن، ولا المنبطح، ولا الصامت ولا المتكلم، لا نريد الفاشية، ولا نريد التعددية، لا نريد الهدنة، ولا نريد الصمت، لا نريد الحوار، ولا نريد الموت، لا نريد الطائفية، ولا الحداثة، ولا نريد العودة للسلف الصالح، ولا ما بعد الحداثة.


من نحن حقا؟

اذا كان الذين في الطابق الثاني في الباص يضربون بأقدامهم على الذين في الطابق الأول، وهؤلاء يلعنون السائق، وهذا يلعن الجابي، ونقابة المحامين في المنصور لا تعترف بنقابة المحامين بكربلاء، وهذه ترفض الاعتراف بنقابة المحامين العرب التي بدورها ترفض محكمة العدل الدولية والقانون الدولي، والذين يسكنون في خطوط التماس الحربية في المنطقة الخضراء يرجمون الذين يسكنون في الصحراء الغربية، وهؤلاء يشكون بدورهم من سكان الضواحي الشرقية، ونقابة اطباء بغداد لا تعترف بنقابة اطباء البصرة، وكتاب الحداثة الجدد يرفضون الاعتراف بكتاب الكلاسيك، والجيل الشعري الثمانيني يكره الجيل الشعري الستيني، والذين يعيشون في القطب الشمالي يشاغبون على الذين يعيشون في القطب الجنوبي، وسواق علاوي الحلة يشكون من ظلم سواق كراج النهضة، والحرس الوطني لا يثق برجال الشرطة، وهؤلاء لا يحبون صالونات الحلاقة، واصحاب اللحى يكرهون أصحاب البنطال العصري، وأصحاب مطاعم الباب الشرقي يخافون من أصحاب المعاطف الثقيلة، وهؤلاء يخافون من الأباجي، والأقمار الصناعية، وأصحاب الهاتف الخلوي يخشون جماعة الرصد والاستخبارات، وهؤلاء يتهمون الميلشيات بالارهاب؟

ماذا نريد حقا؟

اذا كنا لا نريد الليبرالي ، ولا نريد العميل، ولا نريد الثوري، ولا نريد الشيوعي، ولا الاسلامي، ولا المنبطح، ولا نريد المتخاذل، ولا نريد المقاوم، ولا نريد المساوم، ولا نريد النائم، والغافل، والصامت، ولا المتكلم، ولا من يرتدي العقال، ولا من يرتدي الشروال، ولا من يلبس المايو، ولا من يلبس "صايه" تكفي لاخفاء الصحراء العربية؟


ماذا نريد حقا؟

لا نريد السيستاني، ولا بابا شنودة، ولا الفاتيكان، ولا أية مرجعية دينية أو ثقافية أو سياسية أو قانونية، ونرفض وصاية الحوزة، ونرفض وصاية المحكمة العليا، ونرفض وصاية الطقس والمطر والضباب، ولا نقبل بالعمامة، ولا نريد السروال، ونكره من يحف حاجبه، ونرفض من يحلق شاربه، ونكره الماشي والجالس والنائم والساكت، ولا نريد النقد، ولا نريد الاحتلال، ونرفض بيانات الحكومة، وبيانات غرف التشريح، ونكره كل الفضائيات، ولا نريد من يظهر عليها حليقا أو معمما أو أصلعا، ولا يسلم من يظهر خلف ستار ونصرخ به طوال الوقت" طلع وجهك"، ولا نريد الملثم، ونكره الصريح، ونسخر من الهادئ، ونشمت بمن يموت أو يذبح، وكل هذه المذابح وطوفان الدم ونخاف من كلمة تقال على أطراف الكرة الأرضية؟

ماذا نريد؟

العاشق متهم، والحاقد متهم، والثوري متهم، واللاثوري متهم، والميت متهم،والحمار متهم، والمثقف متهم، والمفخخ متهم، والهارب بجلده متهم، والباقي تحت القصف، وتحت الأحذية، وتحت الحر، وتحت اللصوص، وتحت المفخخات، وتحت الهاونات متهم ايضا؟

ماذا نريد حقا؟
لا نريد الليبرالية، ونكره الشيوعية، ونخاف من الاسلام، ونرفض الشرقية، ولا نريد الغربية، ونرفض الجامعة العربية، ومجلس الأمن الدولي، و هيئة الأمم المتحدة الشيطانية، و هيئة علماء المسلمين، ولا الحوزة الصامتة، ولا المتكلمة، ونهاجم من يدخل في العملية السياسية، ومن يخرج منها، ومن يبقى على الحافتين، ولا يسلم من الجلد اليومي من لم يسمع لا بهذه ولا بتلك؟


من نحن حقا؟

هل نحن كنيسة؟ عصابة؟ صيدلية؟ شربت زبيب؟ فرقة خشابة؟ مجموعة سطو مسلح؟ مجانين مصح عقلي؟ حكماء قبل زمانهم؟ عباقرة؟ قطاع طرق؟ مدلكين؟ فلاسفة؟ فرقة ردح؟ قساوسة؟ مطيرجية؟ حزب وطني؟ قومي؟ عملاء؟ شهداء؟


من نحن حقا؟


لا نريد القومي، ولا نريد الطائفي، ولا نريد الثوري، ولا نريد اللاثوري، ولا نريد المنعزل، ولا نريد العاقل، ولا نريد المجنون، ولا نريد المروَّض، ولا نريد المنقذ، ولا نريد الملثم، ولا نريد العابر، ولا نريد السكران، ولا نريد الاثول، ولا نريد المفكر، ولا الناصح، ولا الصديق ولا الرفيق ولا العدو ولا الجار ولا المجرور.

من نحن حقا؟

الذين يقبضون من الخليج يشهرون بالذين يقبضون من المحيط، وهؤلاء يشاغبون على الذين يقبضون من الحليف، لا نريد العمل مع الاحتلال، ولا مع المقاومة، ولا مع الارهاب، ولا مع الشيخ ضاري، ولا مع كوفي عنان، ونرفض عمر موسى، ونكره المصالحة الوطنية، ولا نريد تدخل الجامعة العربية، ولا نقبل بغير تدخل عزرائيل بديلا.

من نحن حقا؟

الذي يتكلم بالأنا متهم، والذي يتكلم بنحن متهم، والمغرد خارج السرب متهم، والمندمج في القطيع متهم، والأخرس يثير الريبة، والمعقد في المقهى أو المجلس او الندوة مشبوه، والذي يحب نفسه متورط، والذي يكرهها متورط، والذي يجهلها متوحل، والأبله متهم، والأطرش بالزفة متوحل، والخارج من صالون حلاقة هدف، والخارج من مسجد أو حسينية هدف، والخارج من ماخور هدف، والخارج من مقبرة هدف، والخارج من طوره هدف، والخارج من دينه هدف، والخارج من جلده هدف، والخارج من مقهى، من حدود، من كنيسة هدف.


من نحن حقا؟

الداخل الى العراق متورط، والخارج منه متورط، والناسي متورط، والمنسي متورط، والصاحي متورط، والمريض متورط، والعائد بعد منتصف الليل يغني" واثق الخطوة يمشي ملكا" يبحث عنه أهله في الصباح إما في مزبلة عامة أو مشرحة أو في قبو تعذيب.

المراة الجميلة مشروع قتل واغتصاب، وامام الجامع الذي لا نحبه مشروع قتل واغتصاب ايضا كما قال احدهم كان سجينا في سجن بعقوبة، ومقدم نشرة أخبار منتصف الليل مشروع غذاء لجرذان مزبلة كبرى اذا خطا خارج المحطة، والعروس الخارجة من صالون حلاقة مشروع خطف، والتكنوقراطي والاعلامي والطيار والراعي مشاريع موت مؤجل، ومن يتأخر في الحمام عليه ان يظل على اتصال دائم بالعائلة عن طريق الخلوي كل الوقت.

الذي ينام على السطح من الحر مشروع لهاون، والذي ينام في سرداب مشروع مداهمة، والذي لا ينام مشروع شك، والذي يحلم لحسابه الخاص مشروع مؤامرة، والذي يعيش في الضباب متهم، ومن يخرج منتصف الليل يبحث عن عقب سيجارة في الشارع مشروع ميت أو فرصة لقناص ضجر.

من نحن حقا؟

لا نقبل بصاحب المشروع الثقافي، ولا نقبل بصاحب مشروع الدواجن، ولا نريد صاحب المشروع السياحي، ولا الادبي، والفكري، ومن يعلن ان عنده مشروع انتحار ، من هذا الضيم، مهزوم.

الذي يبتسم لجندي محتل خائن، والذي يحتقره ارهابي، والذي يقاومه قاتل عند فريق، وبطل عند آخر، ومن يزرع عبوة ناسفة يعرقل العملية السياسية، ومن يطالب بالكهرباء يعطل مشروع الديمقراطية المتدرجة، ومن يزرع وردة في هذا الخراب مريض نفسيا، ومن يزرع فكرة مثمرة نرجسي، ومن يبول على جدار السفارة الامريكية بسب السكري مشروع جثة!

السبت، 22 يناير 2011

الشاعر العراقي-مظفر عبد المجيد النواب-حسين الركابي



الشاعر العراقي
مظفر عبد المجيد النواب
انه الشاعر المعاصر العراقي مظفر عبد المجيد النواب ولد في مدينة السلام بغداد في عام 1934 من اسرة عراقية ثرية مهتمة بالفن والادب ولكن والده تعرض الى هزة مالية أفقتدته ثروته ، تابع دراسته في كلية الاداب ببغداد وبعد عام 1958 تم تعينه مفتشا فنيا بوزارة التربية في بغداد ، وفي عام 1963 اضطر لمغادرة العراق بعد اشتداد التنافس بين القوميين والشيوعيين الذين تعرضوا الى الملاحقة من قبل النظام الحاكم ، فكان هروبه الى الاهوار عن طريق مدينة البصرة ، الا أن السافاك الايراني القت القبض عليه داخل الحدود الايرانية وقامت بتسليمه الى الامن العراقي واحيل الى المحاكم المختصة حيث حكمت علية المحكمة بالاعدام الا ان المساعي الحميدة التي بذلت أدت الى التخفيف العقوبة المفروضة عليه الى عقوبة السجن المؤبد، وفي سجنه الصحراوي أمضى وراء القضبان مدة من الزمن وفي السجن الذي يقضي به عقوبته وهي الفترة المتبقية من عمره قامت مجموعة من السجناء وشاعرنا من بينهم ان يقوموا بحفر نفق من الزنزانة يؤدي الى الخارج أسوار السجن ، وبعد هروبه من السجن بقي متخفيا في مناطق عديدة من العراق الى أن توجه الى الاهوار وعاش مع الفلاحين ، وفي عام 1969 صدر عفو عن المعارضين فرجع الى سلك التعليم مرة ثانية ، وبعدها غادرالى بيروت ومن ثم الى دمشق وراح يتنقل بين العواصم العربية والاوربية واستقر به المقام في دمشق ومن اهم اشعاره وتريات ليلية ، الرحلات القصية ، المسلخ الدولي وباب الابجدية ، بيان سياسي ، رسالة حربية عاشقة ، اللون الرمادي ، في الحانة القديمة.


حسين الركابي

الجمعة، 21 يناير 2011

التغيير التونسي والعراقي -حامد كعيد الجبوري


التغيير التونسي والعراقي
والفرق بينهما
حامد كعيد الجبوري
لا أعتقد تاريخيا أن الدنيا أنجبت مثل طاغية العراق المقبور صدام حسين ، فصدام يملك من الوحشية ما لا يملكه كل طواغيت الدنيا ، وهذا غير متأتي من كوننا عراقيون نتحدث عن طاغيتنا المقبور هكذا ، وربما يعترض أخوتنا العرب وغيرهم بأن طواغيتهم أكثر بطشا ووحشية من صدام حسين ، ولدي قناعة تامة أن صدام حسين بيّضَ وجوه أقرانه من الطواغيت بسلوكه الوحشي العدواني غير المسبوق ، وقد وزّع صدام ظلمه على كل العراقيين بالتساوي ، وحشيته طالت الكورد والعرب والتركمان على حد سواء ، ولم يدخر جهدا لذبح السنة والشيعة والمسيح وغيرهم ، وتجاوزت وحشية صدام صوب دول الجوار من العرب وغيرهم بحروب وتدخلات يعرفها الجميع ، لم يسلم من صدام حتى قياديّ حزبه المجتث ، وكنت أتمنى حينها أن تبدأ محاكمته بهذا الباب أي قتل ما يسمون رفاقه ، ولو كانت المحاكمة كما أرغب لكشفت أسرار وخبايا أراد المحتل عدم أبرازها وكشفها للعالم أجمع ، وقد أخطأ من قال سابقا لو اجتمعت طواغيت الدنيا وظلامها من كل الشعوب وأتينا بالحجاج بن يوسف الثقفي وحده لعدلهم أجمعين ، ابتدأ التاريخ الحديث بدكتاتور ألمانيا النازي هتلر الذي انتحر وجنب العالم شروره وشرور وقوفه بقفص الاتهام ، وصولا لشاوشيسكو ، وصدام حسين ، وأخيرا زين العابدين بن علي رئيس الجمهورية التونسية .
آذار عام 1991 م حدثت انتفاضة شعبية عراقية عارمة ، بدأها جندي عراقي منسحب ، بل مهزوم من دولة الكويت ، وهو يصل لأحدى الساحات البصرية ويشاهد صورة جدارية لصدام حسين ، فما كان من ذلك الجندي البطل إلا أن يصوب مدفع دبابته صوب تلك الجدارية ويزيلها ليعلن بدأ الانتفاضة الشعبانية كما يسميها العراقيون ، وتعتبر هذه الانتفاضة من أشرف نهضة عرفها التاريخ العراقي الحديث ، ولأنها شعبية خالصة لم يتدخل بتفجيرها حزب علماني أو أسلامي ، لذا وقفت أمريكا وغيرها ، وبخاصة دول الجوار لإجهاضها ، ورأت أمريكا حينها الإبقاء على صدام حسين بضعفه أفضل من قادم وطني يقود البلاد ، ولو قدر لتلك النهضة الانتصار لكان حال العراق على عكس ما نراه الآن ، وأسفرت تلك الانتفاضة عن سقوط كل المحافظات جنوب بغداد ووقوعها بيد الثوار ، وأسفرت أيضا عن نهضة كردية ليتدخل المجتمع الدولي لاحقا لاعتبار إقليم كردستان محمية شبه أممية ، وأطلقت يد صدام ليعيث ظلما بهذه المحافظات المنتفضة ليخلف آلاف المقابر الجماعية ، بعد أن أعاد السيطرة على تلك المحافظات ، وهنا بدأ التحرك الحزبي للمعارضة العراقية لإقناع أمريكا لغزو العراق وإسقاط حكومة صدام حسين ، وكان لهم ما أرادوا ، وللتاريخ أيضا يجب أن نقول أن الحزب الشيوعي العراقي وحزب الدعوة الإسلامية أصدرا بيانا مشتركا وصل ألينا عبر تسريب مع القادمين للعراق ، ونتيجة لهذا أصبحت أمريكا هي من تتحكم بمصائر البلاد والعباد والى يومنا هذا ، الأصابع الأمريكية موجودة بمجمل مفاصل الحياة العراقية السياسية .
معلوم للجميع أن النفوذ العالمي يشمل الدنيا بما فيها ولها ، ومعلوم أيضا أن دول المغرب العربي يعتبر عرفا من النفوذ الفرنسي ، ولأن فرنسا درست التجربة العراقية الشاقة جدا ، لذا ارتأت التغيير بتونس الخضراء على غير الطريقة الأمريكية السيئة ، شاب تونسي خريج جامعي لا يجد عملا حكوميا يعتاش به أشعل بجسده الطاهر النار ليعلن موته وبدأ الثورة الشعبية العارمة التي أطاحت بحكومة بن علي ، الذي قرر الفرار كما هي عادة الجبناء ، وكما فعل شقيقه صدام حسين ، والفارق أن صدام ليس له وجها مقبولا عربيا أو عالميا ، لذا فر داخل العراق ليشي به أحد أقاربه لقاء مبلغ مالي كبير ، وبن علي حاول أولا الوصول لباريس التي رفضت استقباله وهي المفارقة الغريبة ، لأن بن علي هو صنيعتها المدلل ، ولكي لا تخسر فرنسا جمهورها التونسي لذا رفضت ضيافته عندها ، واستقبلته مع جزء من عائلته المملكة العربية السعودية .
أن التجربة العراقية الديمقراطية على هشاشتها ، قديرة أن تصل للدول التي تحكم بالنار والحديد ، أمس رميّ صدام حسين لمزبلة التاريخ ، واليوم تبعه بن علي ، وغدا سنرى ونسمع بكراسي كارتونية آيلة للسقوط واحدة تلو الأخرى .

كَفْكِف دموعَكَ وانسحِبْ يا عنترة-لشاعر مصري شاب اسمه مصطفى الجزار


كَفْكِف دموعَكَ وانسحِبْ يا عنترة

القصيدة



لشاعر مصري شاب اسمه مصطفى الجزار

شارك في مسابقة أمير الشعر





كَفْكِف دموعَكَ وانسحِبْ يا عنترة
فعـيـونُ عبلــةَ أصبحَتْ مُستعمَــرَة

لا تـرجُ بسمـةَ ثغرِها يومـاً، فقــدْ
سقطَت مـن العِقدِ الثمينِ الجوهرة
قبِّلْ سيوفَ الغاصبينَ.. ليصفَـحوا
واخفِضْ جَنَاحَ الخِزْيِ وارجُ المعـذرة

ولْتبتلـــع أبيـــاتَ فخـــرِكَ صامتــاً
فالشعـرُ فـي عـصرِ القنـابلِ.. ثـرثرة
والسيفُ في وجهِ البنـادقِ عاجـزٌ
فقـدَ الهُـــويّـةَ والقُــوى والسـيـطرة
فاجمـعْ مَفاخِــرَكَ القديمــةَ كلَّهـا
واجعـلْ لهـا مِن قـــاعِ صدرِكَ مقبـرة
وابعثْ لعبلـةَ فـي العـراقِ تأسُّفاً
وابعثْ لها في القدسِ قبلَ الغـرغرة
اكتبْ لهــا مـا كنــتَ تكتبُـــه لهــا
تحتَ الظـلالِ، وفي الليالي المقمرة
يـا دارَ عبلــةَ بـالعـــراقِ تكلّمــي
هـل أصبحَـتْ جنّــاتُ بابــلَ مقفـــرة؟
هـل نَهْـــرُ عبلةَ تُستبـاحُ مِياهُـــهُ
وكـــلابُ أمــريكـــا تُدنِّــس كـــوثـرَه؟
يـا فـارسَ البيداءِ.. صِــرتَ فريسةً
عــبــداً ذلـيــلاً أســــوداً مــا أحقـــرَه
متــطـرِّفــاً.. متخـلِّـفـاً.. ومخــالِفـاً
نَسَبوا لـكَ الإرهـابَ.. صِرتَ مُعسكَـرَه
عَبْسٌ تخلّـت عنـكَ... هـذا دأبُهـم
حُمُــرٌ ـ لَعمــرُكَ ـ كلُّــهـــا مستنفِـــرَة
فـي الجـاهليةِ..كنتَ وحدكَ قادراً
أن تهــزِمَ الجيــشَ العظيــمَ وتأسِــرَه
لـن تستطيـعَ الآنَ وحــدكَ قهــرَهُ
فالزحـفُ مـوجٌ.. والقنــابــلُ ممطــــرة
وحصانُكَ العَرَبـيُّ ضـاعَ صـهيلُـــهُ
بيـنَ الــدويِّ.. وبيـنَ صرخــةِ مُجـبـــَرَة
هـلاّ سألـتِ الخيـلَ يا ابنةَ مـالـِـكٍ
كيـفَ الصـمــودُ؟ وأيـنَ أيـنَ المـقـدرة!
هـذا الحصانُ يرى المَدافعَ حــولَهُ
مـتــأهِّــبـــاتٍ.. والقـــذائفَ مُشـهَــــرَة
لو كانَ يدري ما المحـاورةُ اشتكى
ولَـصــاحَ فــي وجـــهِ القـطـيــعِ وحذَّرَه
يا ويحَ عبسٍ.. أســلَمُوا أعــداءَهم
مفـتــاحَ خيـمـتِهــم، ومَــدُّوا القنطــــرة
فأتــى العــدوُّ مُسلَّحــاً، بشقاقِهم
ونـفــاقِــهــــم، وأقــام فيهــم مـنـبــــرَه
ذاقـوا وَبَالَ ركوعِهـم وخُنوعِهـم
فالعيــشُ مُـــرٌّ.. والهـــزائـــمُ مُنــكَــــرَة
هــذِي يـدُ الأوطــانِ تجزي أهلَها
مَــن يقتــرفْ فــي حقّهــا شـــرّا..يَــــرَه

ضاعت عُبَيلةُ... والنياقُ.. ودارُها
لـم يبــقَ شــيءٌ بَعدَهـا كـي نـخـســرَه
فدَعــوا ضميرَ العُــربِ يرقدُ ساكناً
فــي قبــرِهِ.. وادْعـــوا لهُ.. بالمغفــــــــرة

عَجَزَ الكلامُ عن الكلامِ.. وريشتي
لـم تُبــقِ دمعـــاً أو دمـــاً فــي المـحبـرة
وعيونُ عبلـةَ لا تــزالُ دموعُهـــا
تتــرقَّــبُ الجِسْـــرَ البعيـــدَ.. لِتَــعـــبُــرَه

الخميس، 20 يناير 2011

ماأشبه اليوم بالأمس يا رصافي-اختيار باسمة الاحمدي



ما
أشبه اليوم بالأمس يا رصافي
--------------------------------------------------------------------------------

حينما ننظر إلى التأريخ ندرك بأن التأريخ يعيد نفسه وان المواقف والأحداث تتكرر لكن الأبطال والوسائل مختلفة على اختلاف الزمان والمكان.
عندما نلقي نظرة بسيطة على ما قد وثقه شعراء الأمس من مآسي وآلام مرت بها امتنا حركت مشاعرهم وكانت تجربة شعورية معبرة عما يعصف بالأمة من مصاعب، نحس إن هؤلاء الشعراء كأنما كانوا يصفون أيامنا هذه , هؤلاء الشعراء لم يعاصروا الاحتلال الأمريكي للعراق ولم يضعوا أيديهم على جرائمه ولكنهم عاصروا عدوا شرسا كما الاحتلال الأمريكي عاث فسادا ودمر وقتل ونهب خيرات البلاد ولم يخرج إلا بصنائع الأبطال .
على ماذا يدل هذا ؟؟ هل انه من صنع الصدفة ؟
من قراءة التاريخ وقراءة الواقع الحالي نستدل على إن منهجية الاحتلال- وان كان اسمه استعمارا في الماضي- في أي زمان ومكان هي واحدة,, منهجية القتل والتدمير ونهب الثروات وزرع الفتن وان أساليب الخلاص أيضا واحدة من هذا الاحتلال البشع ولن تنفع الأساليب المبتكرة "حديثا" في الخلاص منه .

ربما لم أكن انوي أن أتعمق في هذا الموضوع وودت أن اجعل من يقرأ القليل مما كتب معروف الرصافي يكتشف هذه الحقيقة
معروف عبد الغني الرصافي شاعر عراقي ولد سنة 1875 ببغداد حيث أكمل دراسته فيها ، ثم انتقل إلى القسطنطينية والقدس ، وبعد إتمام دراسته عاد إلى وطنه .
يمتاز أسلوب الرصافي بمتانة لغته ورصانة أسلوبه ، وله آثار كثيرة في النثر والشعر واللغة والآداب أشهرها ديوانه [ ديوان الرصافي] حيث رتب إلى احد عشر بابا في الكون والدين والاجتماع والفلسفة والوصف والحرب والرثاء والتاريخ والسياسة وعالم المرأة والمقطعات الشعرية الجميلة ، يقول في مشاهدته لأرملة وبنتها الصغيرة ، توفي زوجها وتركهما بين الفقر والبؤس الذي يذيب القلوب الجامدة حيث ‏بلغ القمة بوصفه إذ قال:

لقيتها ليتنـي ما كنـت ألقاها

تمشي وقد أثقل الإملاق ممشاها
أثوابـها رثة والرجـل حـافية
والدمع تذرفه في الخد عيـناها
بكت من الفقر فاحمرت مدامعها
واصفر كالورس من جوع محياها
مات الذي كان يحميـها ويسعدها
فالدهر من بـعده بالفقر أنساها
الموت افجعهـا والفقر أوجعها
والـهم انحلهـا والغم أضـناها
فمنظر الحـزن مشهود بمنظرها
والبؤس مــرآة مقرون بمرآها
تمشي وتحمل باليسرى وليدتها
حملا على الصدر مدعوما بيمناها
تقول: يا رب لا تـترك بلا لبن
هذه الرضيعة وارحمني وإياها
كانت مصـيبتها بالـفقر واحدة
ومـوت والدهـا باليتـم ثناها
هذي حكاية حال جئـت اذكرها
وليس يخفى على الأحرار مغزاها

لقد شارك الرصافي في قضايا أمته السياسية والاجتماعية ، ودعا إلى بناء المدارس ونشر العلم ، والتي ينبغي لطالب العلم إن لا يكون طلبه للعلم لذاته بل لغايات اجتماعية وذلك من خلال ربطه بالعمل فهل وفى اللفظ بهذا المعنى ؟ لذلك نجده يقول: ابنوا المدارس واستقصوا بها الأملا

حتى نطـاول في بنيانها زحلا

جودوا عليها بما درت مكاسبكم
وقابلـوا باحتقار كل مـن بخلا
لا تجعلوا العلم فيها كـل غايتكم
بل علموا النش‏ء علما ينتج العملا
ربـوا البنيـن مع التعليم تربية
يمسي بهـا ناطق الدنيا به المثلا
فجيشوا جيش علم من شبيبتنـا
عرمرما تضـرب الدنيا به المثلا
أنا لمن امة في عهد نـهضتنا
بالعلم والسيف قبلا انشات دولا

وعندما احتل الانكليز العراق سنة 1920م ، سرعان ما نصبوا فيصل ملكا على البلاد وأصدروا دستورا وانشئوا برلمانا مزيفين وأصبحت أمور البلاد بأيديهم ثار الشعب العراقي وثار الرصافي معهم حيث انشد قصيدته التي جاء فيها:


عـلم ودستور ومـجلس امـة

كل عن المعنى الصحيح محرف
أسماء ليـس لنا سـوى ألفاظها
أمـا معانيها فليـست تعـرف
من يقرا الدسـتـور يعلـم انه
وفقا لصـك الانتـداب مصنف


فكان الدستور الذي سن في نظره ليس إلا وثيقة جديدة للانتداب الذي فرضه الانجليز على العراق ، دستور مزيف وعلم الدولة مزيف هو الآخر ، وحتى المجلس الذي يسمى بمجلس الأمة أيضا كان مزيفا ، ثم نلاحظ الشاعر الرصافي يصرخ ساخرا ويقول:


يا قوم لا تتكلموا

إن الكلام محرم
ناموا ولا تستيقظوا
ما فاز إلا النوؤم
وتأخروا عن كل ما
يقضي بان تتقدموا
ودعوا التفهم جانبا
فالخير أن لا تفهموا
أما السياسة فاتركوا
أبـدا ولا تنـدموا

وبعد فترة من الزمن شكلت الوزارة من قبل حكومة الانتداب فقام مخاطبا تلك الوزارة المنقادة لتنفيذ أوامر أسيادهم حيث‏ يقول:


بالله يا وزراءنا ما بالكم

إن نحن جادلناكم لم تنصفوا
هذي كراسي الوزارة تحتكم
كادت لفرط حيائها تتقصف
انتم عليها والأجانب فوقكم
كل بسلطته عليكم مشرف
أيعد فخرا للوزير جلوسه
فرحا على الكرسي وهو مكتف


ومن قصائده الرائعة قصيدة يوم الفلوجة قالها في مدح مدينة الفلوجة البطلة ومقاومتها ضد الاستعمار عام 1941يقول :



أيها الإنكليز لن نتناسى

بغيكـم فـي مساكـن 'الفلوجـة'
ذاك بغي لن يشفي الله إلا
بالمواضـي جريحه وشجيجـه
هو كرب تأبى الحمية أنا
بسوى السيـف نبتغـي تفريجـه
هو خطب أبكى العراقييـن
والشـام وركـن البنيـة المحجوجـه
حلها جيشكم يريد انتقاماً
وهو مُغـرٍ بالساكنيـن علوجـه
يوم عاثت ذئاب [ آثور [ فيها
عَيْثةً تحمل الشَنـارسميجـه
فاستهانت بالمسلمين سَفاهاً
واتخذتم من اليهـود وليجـه
وأدرتم فيها على العُزْل كأساً
من دماء بالغدر كانت مزيجـه
واستبحتم أموالها وقطعتم
بين أهل الديـار كـل وشيجـه
أفهـذا تمـدن، وعـلاء
شعبكـم يدّعـي إليـه عروجـه
أم سكرتم لما غلبتم بحرب
لم تكن في انبعاثهـابنضيجـه
قد نتجنا لقوحها عن خِداج
فلذاك انتهـت بسـوء النتيجـه
هل نسيتم جيشاً لكم مُبْذعرَّاً
شهدت جُبنه سواحـل إيجـه
وهوى بانهزامه حصن 'أقريط'
وأمسى قذىً علـى 'عيـن فيجـه'
سوف ينأى بخزي وبعار
عن بـلاد تريـد منهـا خروجـه
لا تغرنكم شِبـاكْ كبـارٌ
أصبحـت لاصطيادنـا منسوجـه
لستم اليوم في المسالك إلا
جملاً تحـت صـدره دُحروجـه
وطن عشت فيه غير سعيد
عيش حر يأبى على الدهر عوجه
أتمنى فيه السعادة لكن
ليـس لـي فيـه ناقـة منتوجـه
أخصب الله أرضه ولو انّي
لست أرعى رياضـه ومروجـه
كـل يـوم بعـزّه أتغنـىّ
جاعـلاً ذكـر عـزّه أمزوجـه
ما حياة الإنسان بالذل إلا
مـرة عنـد حَسْوِهـا ممجوجـه

فثناءً [ للرافديـن ] وشكـرا
وسلامـاً عليـك يـا فلوجة



فلشاعرنا الرصافي مشاهد كثيرة في الحكم والأوصاف والأقاصيص الحزينة التي تظهر بؤس وفقر الأمة في أثناء الاستعمار الأجنبي ومقاومتها للاستبداد والظلم ، بالإضافة إلى آرائه الحدية في السياسة وانتقاد السلطة ، فقد دعا إلى الثورة الاجتماعية والسياسية إلى جانب الثورة المسلحة التي لم يكن للشعب خيارا غيرها لتحقيق الاستقلال و ليعم الرخاء ولتنعم البلاد بالحرية والمساواة .
هذه النظرة الموجزة ألقيناها على حياة هذا الشاعر إذ كان اصدق مترجم لآلام شعبه وأحزانه في الماضي ولربما هو اصدق مترجم لآلامنا وأحزاننا الآن فما أشبه اليوم بالأمس
توفي الرصافي سنة 1945م
رحمه الله