الحزب الشيوعي العراقي
مركز الاتصالات الإعلامية ( ماتع )
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في الذكرى الـ 5 لرحيل مؤيد نعمة
ريشتك تشتاق اليك... فالواقع مـُرّ
بغداد – ماتع:
تمر هذه الأيام الذكرى الخامسة لرحيل مدرسة كاريكاتيرية ناصعة، أشعلت لوحاتها الوهج والتمرد والحب، هذه المدرسة الوطنية بامتياز كانت غوارة في سلال الخبز الناضب والبيوت المحرومة والمدن العارية، تأخذ من كل هذا العراق حبرا لريشتها الحاذقة وتصفّ الخطوط والوجوه على بعضها لكي نسخر من الدكتاتور، ومن الإرهاب لاحقا، هذه المدرسة التي جابت الشوارع الفقيرة على قدميها تبحث عن عراق جديد بين أكوام الوجع المغذية للوحاته.
انه مؤيد نعمة، نعم مدرسة كاريكاتيرية بامتياز خالص، يفرك الاحزان بريشته ليخرج مارده الناطق القائل:
"ظليت ارتشي واختلس، ارشي واختلس، ارشي واختلس، إلى أن مليت وصار عندي جالي"
أو:
"حلمان.. فزكان.. نفديك يا وجعان..
أفغان.. عربان.. نفديك بيتنجان..
وطبان.. مزبان.. نفديك يا زرقان..
جكمان.. صخمان.. نفديك ياهو الجان..
فلسان.. تومان.. نفديك يا عطوان"
من قليله هذا نعرف قوة جرأته واستعداده الكبير للبوح بواقع الحياة المرّة، حتى يوم جيء بخبر وفاته اندهش الجميع وقالوا: "استشهد مؤيد!" تاركين الحالة المتوقعة لمصير هذا الفنان الكبير بين أيدي الظلاميين ليس سواهم، لان لا احد يستطيع اخذ مؤيد منا سوى السواد وحتى الموت ليس بمستطاعه أخذه.
خمسة أعوام وهو يطوق أيامنا بريشته، فلا تمر مناسبة أو يلتئم محفل دون حضوره، فقد أصبحت الأيام أكثر كاريكاتيرية وتنذر بالغريب والعجيب من الأحداث، ونحن بحاجة إلى زهرتك الحمراء التي اقتلعت الجدار، لتقتلع الجدران النائمة على جسد العراق.
مؤيد نعمة في سطور:
• ولد في بغداد 1951
• دبلوم معهد الفنون الجميلة – بغداد قسم السيراميك 1971
• بكالوريوس أكاديمية الفنون الجميلة قسم السيراميك – بغداد 1976
* عمل رساما للكاريكاتير في جريدة "طريق الشعب" أعوام السبعينات
* حصل على الجائزة الدولية الثالثة للكاريكاتير – كابروفو – بلغاريا 1979.
*حصل على الجائزة الأولى للكاريكاتير نقابة الصحفيين العراقيين 1989.
* شارك بمعارض الكاريكاتير في:
• بلجيكا 1975، 1987، يوغوسلافيا 1986 – اليابان 1987 – كوبا 1987.
• معرض الكاريكاتير العربي، باريس 1988، تركيا 1988 – 1989 – 2001.
• عضو لجنة تحكيم معرض بلدان العالم الثالث في القاهرة 1990.
• رئيس لجنة الكاريكاتير العراقية 1992 – 1997.
• رئيس قسم السيراميك في دار التراث الشعبي – بغداد – العراق – 1993
• عضو اتحاد الصحفيين العرب 1975.
• عضو اتحاد الصحفيين العراقيين 1972.
• عضو نقابة الفنانين العراقيين 1978.
• حصل على جائزة الإبداع – 2001 (العراق)
• رحل آخر تشرين الثاني 2005 اثر سكتة دماغية.
الخميس، 2 ديسمبر 2010
الثلاثاء، 30 نوفمبر 2010
مقطورة على باب الخمسين-علي السوداني
مقطورة على باب الخمسين
علي السوداني
حقاّ ان العالم ينام على خطر مبين . مبين أخو مبينة . مبينة هاجرت الى كندا . كندا هي حديقة أمريكا الخلفية . الخلفية مفردة محببة تطلق على الثقافة وعلى العجيزة . العجيزة هي مؤخرة المرأة والرجل والدابة . الدابة في مخيال الطفولة هي الجاموسة . الجاموسة هي باب رزق المعيدي . المعيدي جمعه المعدان . المعدان سومريون طيبون يبيعون القيمر والحليب . الحليب يقوي العظام . العظام يكسوها اللحم . اللحم غال هذه الأيام . ألأيام دول بين الناس . ألناس تأكل بعضها البعض . ألبعض قافية صعبة . صعبة خالة صعب . صعب مات في حرب الكويت . ألكويت كسرت ظهر العراق . ألعراق دولة في آسيا . آسيا هو دكان لبيع النظارات الطبية في حافظ القاضي . ألقاضي اسمه عباس راضي . راضي هو ابن عم أبي . أبي مات ليلة زار أنور السادات القدس . ألقدس ، عيوننا اليها ترحل كل يوم . يوم الأربعاء سأغزو مجلس اسماعيل الجاسم . ألجاسم مجلسه مجلس أدب وفن وكأس . كأس علي فارغة الليلة . ألليلة عيد . عيد سعيد . سعيد ابن سعدية . سعدية لها اخت اسمها صبرية . صبرية من متممات الصبر . ألصبر مفتاح الفرج . ألفرج الذي راؤه ليست ساكنة ، لهو بعيد . بعيد عنك حياتي عذاب . عذاب الركابي في ليبيا العظمى . العظمى توصيف لدرجة حرارة . حرارة قلبي نار . نار الحبيب بطعم الزبيب . ألزبيب يذكّرني بشربت حجي زبالة . زبالة اسم ضد الحسد . ألحسد مذكور في القرآن . ألقرآن كتاب الله . ألله رب السماوات والأرض . ألأرض فلم أخرجه يوسف شاهين . شاهين يكتب في طريق الشعب . ألشعب نائم على تنويمة الرصافي . ألرصافي هو معروف عبد الغني . عبد الغني علّمني فأحسن تعليمي . تعليمي لم يتجاوز معهد النفط . ألنفط نقمة ونعمة . نعمة يبيع الشاي المهيّل بباب سينما بابل . بابل قائمة بشارع السعدون . ألسعدون قتلته طلقة اليأس . أليأس سن رجال ونساء . نساء شارع النهر شهيات . شهيّات مفردها شهية . شهية علي السوداني مسدودة . مسدودة أخيرها تاء مربوطة . مربوطة ثيران الدار . ألدار ليست مأمونة . مأمونة انكسر ت ساقها فصارت ميمونة . ميمونة معلمة الولد نؤاس . نؤاس وليدي الجميل . ألجميل تكفيه الأشارة . الأشارة حمراء . حمراء بطنك يا بلادي . بلادي وان جارت عليّ عزيزة . عزيزة بنت الجيران . ألجيران سبعة . سبعة في سبعة تسعة وأربعون . أربعون تشاركوا في زبيبة . زبيبة والملك رواية كتبها صدام حسين . حسين سعيد لاعب كرة مشهور . مشهور عنده دكان عقار . عقار الفياغرا معمول من نبتة الجرجير . الجرجير تزرعه النساء المشتاقات تحت السرير . ألسرير تفوح منه رائحة ورد . ورد هو أبن أخت وردة . وردة أغنية بديعة لعبد محمد . محمد عامل في حقل دجاج . دجاج البيت أطيب من دجاج الحقل . ألحقل مزروع بالتين والتفاح والزيتون والعنب . ألعنب تدوسه الحسان ويخمره الرجال ويقطّره الثقاة ويبيعه الجباة . الجباة مستلة من جيب الجابي . الجابي جيوبه مكتظة بالخردة . ألخردة سكراب . سكراب على وزن سهراب . سهراب كان صديقي في الصف الثالث باء . باء البحر شراع . شراع السفينة بوصلة . بوصلة البلاد معطوبة . معطوبة ولدت عطّابة . عطّابة فوق جرح . جرح على جبين السنة . ألسنة بهيجة . بهيجة الحكيم رسامة . رسامة مذكرها رسام . رسام من عمانوئيل رسام ومن راسم الجميلي ومن رسمية محيبس زاير وأيضا من رسمي القجقجي . القجقجي هو بائع بضاعة تطارده الشرطة . ألشرطة أودعتني السجن بشبهة الحلم . الحلم في الليل أحسن من الحلم في النهار . ألنهار من دون شمس . شمس ركن الدين يونس حمادة . حمادة سوق بكرخ بغداد . بغداد شيّبت روحي وقلبي ورأسي وصدري وكبدي . كبدي ، شلونك زين ؟
صورة مسروقة من الزمن-قصة قصيرة-بقلم ايمان البياتي-لوحات غالب المسعودي
صورة مسروقة من الزمن
قصة قصيرة
إيمان أكرم البياتي
iman.akraam@gmail.com
كم هو ساحرٌ إتقان السعادة وهي تطرز حروف نقوشها الفاضحة على أقمشة الوجنتين والشفاه فتستخدم الخيط الوردي المغري وخيط آخر من بريق النشوة في ضفيرة يتعانق فيها اللونان ببراعة فرشاة احترفت الرقص على الورق الأبيض لتترك مشهداً يخلب اللب ويُعلّق على جدران الذاكرة لما بقي من العمر!
كنتِ هنالكِ فنالكِ بعضاً من سحر تلكَ السعادة ومعها رشة من عطر الحظ الزكي فبدوتِ مبتهجة بشفتين مبتسمتين خجولتين حين ومض فلاش الكاميرا معلناً التقاط صورة تجمعكما أنت وهو، لحظاتٌ ثم صورةً أخرى، لم يمنعكِ الوميض من متابعة الابتسام في وجهه بدلالٍ أخاذ، تتمايلُ فيه شفتيكِ بغنجٍ شهي و تصوبينَ نحو قلاعِ قلبه سهامِ حواء، ثم نظرة فنظرة من عينيكِ الحالمتين، تراهنين بقوةٍ عليهما في استمالةِ قلبه كما لو كنتِ عرفتِ الرهان من قبل وجنيتِ منه الكثير ولم يخسر لك فيه حصان!
بادلتِ المصوّر بعد ذلكَ بابتسامةٍ صغيرة وكأنكِ تقولين له شكراً على طريقتكِ، قلتيها بهمسِ الشفاه دون أن يخرج بها صوتكِ، كنتِ هكذا تشكرين باستعلاء حين تودينَ أن تردي جميلاً لأحدٍ دون أن تتركي له فرصة الفخر تكرماً بجميله عليكِ، مع نفسكِ كنتِ ممتنة لعينيه ولأنامله العشر حين غفل لحظةً عن العروسين وراحَ عوضاً عن ذلكَ يصوركما معاً في لقطةٍ مسروقةٍ من الزمن دون أن تعلمي لماذا، فربما قد أدركَ بفطرتهِ الفنية كمصوّر محترف بأن لقاؤكما تلكَ اللحظة هو أروعُ من أن يفوّتَ للقاءٍ آخر أياً كان وان جلستكما السرية أجمل من أن تستغني عنها الكاميرة تحتَ أي إغراء آخر تدعوها إليه إنارة ملونة أو بهرجة ضوئية تركزت على كرسي العروسين و لربما علم مسبقاً بحدسه الشقي أن على هذين الكرسيين الخشبيين المتواضعين تُرسم تفاصيلٌ وأحلامٌ بأقلامِ حبرها الأنفاس والشهقات والتي لم يقرأ لها مثيلاً حتى في بلاط العروسين نفسيهما! وربما علم أيضاً أنكما كنتما العروسين وليس من يجلسا بعيداً على المنصة المزينة بالورود وينالا الحظ العظيم من الاهتمام ومن يدري قد يكون أتهم مع نفسهِ الجمهور الكبير بالغباءِ الجماعي لأنه نقلَ الأبصارَ كلها للعروسين وترككما أنتما منزويين وحدكما في ذلكَ الركن البعيد تغطيكما الإضاءة الخافتة تتهامسان بصوتٍ لا يسمعه غيركما.
أنتِ بفستانكِ الفيروزي الذي يُظهر ركبتيكِ الخجولتين المتقاطعتين بحياء وهو بسترتهِ الرمادية الفخمة التي تحتضنُ بين شفتيها ربطة عنق بنفسجية اللون كلون تلكَ الأحاسيس التي كانت تتضاربُ بجموحٍ في صدريكما تلكَ اللحظات، ما أروع أن يأتي اللقاء أذن دون استعداد! لم تتجملي له لأنكِ لم تكوني واثقةً من انه سيأتي، لم تكوني متأكدةً من أنه سيكون قادراً على استقطاعِ ساعة من جدولِ أعماله المزدحم ليكون برفقتكِ، شعرتِ انه كرم كبير من رجل لا يوصف إلا بالنبل.
كم رأيتهِ جميلاً تلكَ الساعة بخصلاتِ الشيب التي تثلجُ بعضاً من رأسهِ الموفور بالشعر الأسود، لم يكن من الرجال الذين تجملهم الثياب كان من النوع الآخر ممن هم يجملونها بغموضهم فأصبحَ الآن معه الرمادي لوناً آسراً للعقل فقط لأنه وضعه على جسده الممتلئ رجولة، وأصبحت ربطة عنقهِ أجمل ما وقعت عليه عينيكِ رغم أنكِ عرفتِ اللون البنفسجي فيما مضى على كثيرٍ من الأشياء والثياب لكن أياً منها لم يكن اليوم لتستردهُ الذاكرة فلا شي يعدُ الآن ذا قيمة أمام سحر حضوره!
تغزلَ بجمالِ ثيابكِ وعطركِ وزينتكِ وذوقك في اختيار العقد الذهبي الذي تضعينه على صدرك فأصابتكِ همساته ونظراته النارية إلى جسدكِ بالخجل والارتباك، تساءلتِ مع نفسكِ من أين يجيء بتلكَ الحروف؟ هل يستخدمُ حروفاً غير الثمانية والعشرين التي يعرفها الجميع والتي تضمها العربية في معاجمها؟!
يناولكما المصوّر صورةً فورية لما التقطه، تمدانِ كفيكما فتمسكانها معاً، تتلامسُ كفيكما دون تخطيطٍ مسبق فتسري داخل كل منكما قشعريرة لذيذة، تتابعان التعليق على تفاصيل الصورة كأن أمراً لم يحدث معكما.
يعطيكِ الصورة لتظلَ عندكِ ويطلبُ نسخةً أخرى لتكونَ عنده، تتمنينَ مع نفسكِ أن لا يطلب نسخةً وان يطلبكَ أنتِ لتسكني بيته بدلاً عنها لكنه لا يقولها ويكتفي بابتسامةٍ وهو يفاجئكِ بقوله انه سيحملُ نسخته معه حين يسافرُ غداً، فتسألين بفزعٍ: أي سفر هذا؟!!
يجيبكِ انه سفرٌ إلى خارج البلاد، قد يطولُ ستة أشهر أو عاماً فانه يوسّعُ أعماله هذه الأيام وسيفتح فرعاً جديداً في بلدٍ مجاور، ينغصُ عليكِ الخبر فرحتكِ للحظاتٍ، يقرأ القلق في عينيكِ اللامعتين فيسارعُ بتخديرِ إحساسكِ وتقييد أفكارك كي لا تسافرُ ابعد من هذه اللحظة فيقول: لا تقلقي ....أعدكِ أن اتصل بكِ واكتب لكِ حال ما استقر، لا تنزعجي دعينا نستمتع في سهرتنا الأخيرة.
وتأخذي بنصيحته وتستمتعي بما بقي من السهرة معه، تترقبينَ العروسين وتتخيلينَ نفسكِ و إياه بدلاً عنهما، تراقبين خطواتهما، ينهضان ....يقفان على المسرح... يرقصان على أنغام إحدى الأغاني الانجيليزية الكلاسيكية، يبتسمُ وهو يسألكِ: هل تعرفين لمن الأغنية؟ تجيبين بثقة: أنها لإنجلبرت همبردنك.
يبتسمُ مرة أخرى ويهزُ رأسه وهو يعبرُ عن إعجابه بمعرفتكِ بأغنية أذيعت واشتهرت قبل ولادتك!
تتابعانِ تأمل كلمات الأغنية وموسيقاها الدافئة الفائضة بحبٍ أشبه بما في الأساطير، تخفتُ الأنوار..... يقطعُ العروسان الحلوى، تفاجئينَ به يضعُ كفهُ على كفك عمداً ويخبركِ انه يحبُ الأغنية التي يسمعها الآن وأصبحَ يعشقها لأنكما تسمعاها معاً هذه المرة، ويطلبُ أن تشاركيه قطع الحلوى، فتفعلي و عيناكِ تعانقُ عينيه.
ثم بعد زمن..
ينتهى حفل الزفاف....يغادرُ العروسان..والمدعون...وأنتِ وهو...ولا يظلُ في القاعة غير ذكرياتِ حفلٍ أقيم هنا.
تعودينَ سعيدةً منتشيةً تحتضنينَ صورتكما، لم تكوني تعلمي بعد بأنكِ بفعلتكِ تلكَ فتحتِ أبوابَ ذاكرتكِ على مصراعيها ليُدَونَ فيها ويُسَجل كل ما له علاقة به هو، تاريخٌ كامل، سجل عظيم لحياته، فهرسة لكلِ ما مررَ به هو في أيام عمره، سنواتٍ ما كنتِ قد ولدتِ فيها أنتِ بعد!
مع الصورة كنتِ كمن حاولَ أن يخرجَ من حلم ليلته الجميل يحملُ في يده ذكرى إلى فراشه حين يصحو في النهار، دون أن يعلم أن حلمه اللذيذ وشدة تشبثه به قد يتحول إلى لعنة تنغصُ عليه وقته التالي، تذكره بلقاءٍ انتهى ولن يتكرر وحلم ما عاد الشريكُ فيه موجوداً ليكمل أحداثاً يتمناها، كنتِ وحدكِ مع الصورةِ المسروقة من الزمن ومجموعة من الأمنيات المغرية.....تفاحات، كتلكَ التي كانت السبب في خروج أول الخليقة من الجنة! امنيات وامنيات... تترجي أن يعودَ لينسجَ خيوطها معكِ وتخيّطانِ بها عباءة زواجٍ يجمعكما أو قصة حب أسطورية كتلك التي سمعتماها في أغنيات الحفل ذلكَ اليوم.
لم تكوني تعلمي أن الصورة باتت نقمة، وان الذكرياتَ الجميلة التي حرصتِ على حشو ذاكرتكِ بها تتحول مع الوقت إلى حلقاتٍ من زفير الحسرات وهو بعيد عنك، هنالك خارج الوطن في بلد ما على الخارطة، تنتظرين أن يتصل، أن يكتب شيئاً كما قال، لكن لا جدوى، لم يفعل وقد لا يفعل! ففي الوقت الذي تركَ فيه بصمة انفاسه وبعثر حروفه على فرش ذاكرتكِ لم تتركي في ذاكرتهِ غير أمنية وقتية في أن تشاركيه فراشه كأنثى!
قصة قصيرة
إيمان أكرم البياتي
iman.akraam@gmail.com
كم هو ساحرٌ إتقان السعادة وهي تطرز حروف نقوشها الفاضحة على أقمشة الوجنتين والشفاه فتستخدم الخيط الوردي المغري وخيط آخر من بريق النشوة في ضفيرة يتعانق فيها اللونان ببراعة فرشاة احترفت الرقص على الورق الأبيض لتترك مشهداً يخلب اللب ويُعلّق على جدران الذاكرة لما بقي من العمر!
كنتِ هنالكِ فنالكِ بعضاً من سحر تلكَ السعادة ومعها رشة من عطر الحظ الزكي فبدوتِ مبتهجة بشفتين مبتسمتين خجولتين حين ومض فلاش الكاميرا معلناً التقاط صورة تجمعكما أنت وهو، لحظاتٌ ثم صورةً أخرى، لم يمنعكِ الوميض من متابعة الابتسام في وجهه بدلالٍ أخاذ، تتمايلُ فيه شفتيكِ بغنجٍ شهي و تصوبينَ نحو قلاعِ قلبه سهامِ حواء، ثم نظرة فنظرة من عينيكِ الحالمتين، تراهنين بقوةٍ عليهما في استمالةِ قلبه كما لو كنتِ عرفتِ الرهان من قبل وجنيتِ منه الكثير ولم يخسر لك فيه حصان!
بادلتِ المصوّر بعد ذلكَ بابتسامةٍ صغيرة وكأنكِ تقولين له شكراً على طريقتكِ، قلتيها بهمسِ الشفاه دون أن يخرج بها صوتكِ، كنتِ هكذا تشكرين باستعلاء حين تودينَ أن تردي جميلاً لأحدٍ دون أن تتركي له فرصة الفخر تكرماً بجميله عليكِ، مع نفسكِ كنتِ ممتنة لعينيه ولأنامله العشر حين غفل لحظةً عن العروسين وراحَ عوضاً عن ذلكَ يصوركما معاً في لقطةٍ مسروقةٍ من الزمن دون أن تعلمي لماذا، فربما قد أدركَ بفطرتهِ الفنية كمصوّر محترف بأن لقاؤكما تلكَ اللحظة هو أروعُ من أن يفوّتَ للقاءٍ آخر أياً كان وان جلستكما السرية أجمل من أن تستغني عنها الكاميرة تحتَ أي إغراء آخر تدعوها إليه إنارة ملونة أو بهرجة ضوئية تركزت على كرسي العروسين و لربما علم مسبقاً بحدسه الشقي أن على هذين الكرسيين الخشبيين المتواضعين تُرسم تفاصيلٌ وأحلامٌ بأقلامِ حبرها الأنفاس والشهقات والتي لم يقرأ لها مثيلاً حتى في بلاط العروسين نفسيهما! وربما علم أيضاً أنكما كنتما العروسين وليس من يجلسا بعيداً على المنصة المزينة بالورود وينالا الحظ العظيم من الاهتمام ومن يدري قد يكون أتهم مع نفسهِ الجمهور الكبير بالغباءِ الجماعي لأنه نقلَ الأبصارَ كلها للعروسين وترككما أنتما منزويين وحدكما في ذلكَ الركن البعيد تغطيكما الإضاءة الخافتة تتهامسان بصوتٍ لا يسمعه غيركما.
أنتِ بفستانكِ الفيروزي الذي يُظهر ركبتيكِ الخجولتين المتقاطعتين بحياء وهو بسترتهِ الرمادية الفخمة التي تحتضنُ بين شفتيها ربطة عنق بنفسجية اللون كلون تلكَ الأحاسيس التي كانت تتضاربُ بجموحٍ في صدريكما تلكَ اللحظات، ما أروع أن يأتي اللقاء أذن دون استعداد! لم تتجملي له لأنكِ لم تكوني واثقةً من انه سيأتي، لم تكوني متأكدةً من أنه سيكون قادراً على استقطاعِ ساعة من جدولِ أعماله المزدحم ليكون برفقتكِ، شعرتِ انه كرم كبير من رجل لا يوصف إلا بالنبل.
كم رأيتهِ جميلاً تلكَ الساعة بخصلاتِ الشيب التي تثلجُ بعضاً من رأسهِ الموفور بالشعر الأسود، لم يكن من الرجال الذين تجملهم الثياب كان من النوع الآخر ممن هم يجملونها بغموضهم فأصبحَ الآن معه الرمادي لوناً آسراً للعقل فقط لأنه وضعه على جسده الممتلئ رجولة، وأصبحت ربطة عنقهِ أجمل ما وقعت عليه عينيكِ رغم أنكِ عرفتِ اللون البنفسجي فيما مضى على كثيرٍ من الأشياء والثياب لكن أياً منها لم يكن اليوم لتستردهُ الذاكرة فلا شي يعدُ الآن ذا قيمة أمام سحر حضوره!
تغزلَ بجمالِ ثيابكِ وعطركِ وزينتكِ وذوقك في اختيار العقد الذهبي الذي تضعينه على صدرك فأصابتكِ همساته ونظراته النارية إلى جسدكِ بالخجل والارتباك، تساءلتِ مع نفسكِ من أين يجيء بتلكَ الحروف؟ هل يستخدمُ حروفاً غير الثمانية والعشرين التي يعرفها الجميع والتي تضمها العربية في معاجمها؟!
يناولكما المصوّر صورةً فورية لما التقطه، تمدانِ كفيكما فتمسكانها معاً، تتلامسُ كفيكما دون تخطيطٍ مسبق فتسري داخل كل منكما قشعريرة لذيذة، تتابعان التعليق على تفاصيل الصورة كأن أمراً لم يحدث معكما.
يعطيكِ الصورة لتظلَ عندكِ ويطلبُ نسخةً أخرى لتكونَ عنده، تتمنينَ مع نفسكِ أن لا يطلب نسخةً وان يطلبكَ أنتِ لتسكني بيته بدلاً عنها لكنه لا يقولها ويكتفي بابتسامةٍ وهو يفاجئكِ بقوله انه سيحملُ نسخته معه حين يسافرُ غداً، فتسألين بفزعٍ: أي سفر هذا؟!!
يجيبكِ انه سفرٌ إلى خارج البلاد، قد يطولُ ستة أشهر أو عاماً فانه يوسّعُ أعماله هذه الأيام وسيفتح فرعاً جديداً في بلدٍ مجاور، ينغصُ عليكِ الخبر فرحتكِ للحظاتٍ، يقرأ القلق في عينيكِ اللامعتين فيسارعُ بتخديرِ إحساسكِ وتقييد أفكارك كي لا تسافرُ ابعد من هذه اللحظة فيقول: لا تقلقي ....أعدكِ أن اتصل بكِ واكتب لكِ حال ما استقر، لا تنزعجي دعينا نستمتع في سهرتنا الأخيرة.
وتأخذي بنصيحته وتستمتعي بما بقي من السهرة معه، تترقبينَ العروسين وتتخيلينَ نفسكِ و إياه بدلاً عنهما، تراقبين خطواتهما، ينهضان ....يقفان على المسرح... يرقصان على أنغام إحدى الأغاني الانجيليزية الكلاسيكية، يبتسمُ وهو يسألكِ: هل تعرفين لمن الأغنية؟ تجيبين بثقة: أنها لإنجلبرت همبردنك.
يبتسمُ مرة أخرى ويهزُ رأسه وهو يعبرُ عن إعجابه بمعرفتكِ بأغنية أذيعت واشتهرت قبل ولادتك!
تتابعانِ تأمل كلمات الأغنية وموسيقاها الدافئة الفائضة بحبٍ أشبه بما في الأساطير، تخفتُ الأنوار..... يقطعُ العروسان الحلوى، تفاجئينَ به يضعُ كفهُ على كفك عمداً ويخبركِ انه يحبُ الأغنية التي يسمعها الآن وأصبحَ يعشقها لأنكما تسمعاها معاً هذه المرة، ويطلبُ أن تشاركيه قطع الحلوى، فتفعلي و عيناكِ تعانقُ عينيه.
ثم بعد زمن..
ينتهى حفل الزفاف....يغادرُ العروسان..والمدعون...وأنتِ وهو...ولا يظلُ في القاعة غير ذكرياتِ حفلٍ أقيم هنا.
تعودينَ سعيدةً منتشيةً تحتضنينَ صورتكما، لم تكوني تعلمي بعد بأنكِ بفعلتكِ تلكَ فتحتِ أبوابَ ذاكرتكِ على مصراعيها ليُدَونَ فيها ويُسَجل كل ما له علاقة به هو، تاريخٌ كامل، سجل عظيم لحياته، فهرسة لكلِ ما مررَ به هو في أيام عمره، سنواتٍ ما كنتِ قد ولدتِ فيها أنتِ بعد!
مع الصورة كنتِ كمن حاولَ أن يخرجَ من حلم ليلته الجميل يحملُ في يده ذكرى إلى فراشه حين يصحو في النهار، دون أن يعلم أن حلمه اللذيذ وشدة تشبثه به قد يتحول إلى لعنة تنغصُ عليه وقته التالي، تذكره بلقاءٍ انتهى ولن يتكرر وحلم ما عاد الشريكُ فيه موجوداً ليكمل أحداثاً يتمناها، كنتِ وحدكِ مع الصورةِ المسروقة من الزمن ومجموعة من الأمنيات المغرية.....تفاحات، كتلكَ التي كانت السبب في خروج أول الخليقة من الجنة! امنيات وامنيات... تترجي أن يعودَ لينسجَ خيوطها معكِ وتخيّطانِ بها عباءة زواجٍ يجمعكما أو قصة حب أسطورية كتلك التي سمعتماها في أغنيات الحفل ذلكَ اليوم.
لم تكوني تعلمي أن الصورة باتت نقمة، وان الذكرياتَ الجميلة التي حرصتِ على حشو ذاكرتكِ بها تتحول مع الوقت إلى حلقاتٍ من زفير الحسرات وهو بعيد عنك، هنالك خارج الوطن في بلد ما على الخارطة، تنتظرين أن يتصل، أن يكتب شيئاً كما قال، لكن لا جدوى، لم يفعل وقد لا يفعل! ففي الوقت الذي تركَ فيه بصمة انفاسه وبعثر حروفه على فرش ذاكرتكِ لم تتركي في ذاكرتهِ غير أمنية وقتية في أن تشاركيه فراشه كأنثى!
الاثنين، 29 نوفمبر 2010
الفية الولد الخجول-العشر الاخير-عادل كامل-تقديم مدني صالح
العشر الأخير
[1]
أنت مسرتك اصطياد الضوء
أنا أفراحي متاهات
أصابعي سُرقت وكلماتي جنائز.
[2]
لا تشيّد الفضائل بالكلمات ..
ولا الميلاد بالموت
كل هذا يوجد .. كأنه إلى الأبد .. الفناء
كأنه الذي لا يزول.
[3]
ضع نفسك في الكلام وغادر.
[4]
عندما تطالع في عيونهم كتاب غيابك
لا تفرح .. لا تحزن
إذ ْ صدى صوتك لا يدع أضرحتهم قائمة.
[5]
حدق .. حدق .. حدق في العتمة
لعلها تمنحك بعض الرجاء.
[6]
أعظم الكلام .. دائماً أو في الغالب لا جدوى منه.
[7]
أذهبْ إلى المعادن .. مثلما ولدت من التراب.
[8]
قلبي طير يخجل من الحقول .. تارة ..
ومن نفسه في الغالب.
[9]
لِمَ تقطف نرجسة أنت تخجل منها ؟
[10]
لا تدع السلام يدخل بيتك .. انه مثل السيف
حالما تراه .. تتأجج فيك النيران.
[11]
إذا جاءك الشعر لا تزهو
إذا غادرك الصمت لا تفرح
إذا وهبوك الكنوز لا تبتهل
إذا خارت قواك لا تجزع
إنما لا تكن مثل احد
ولا تكن إلا مثل نفسك
ومثل روح لن تولد أبدا ً.
[12]
لا تحدث البصير عن البصر
فهذا سر بعض الغابات
إنها لا ترى إلا العتمة.
[13]
لا تخشى أن ترجع إلى المكان الذي جئت منه
كن حذراً أن تولد بهذه الصفات .
[14]
عندما تكف الأسلحة عن العويل
هو ذا سر انتهاء .. وسر ابتداء الحروب .
[15]
الليل لا يخاف إلا من الليل
إنما أنا لا أخاف إلا على فجري الجريح .
[16]
احتفظ بهذا السيف للذكرى
إنما بلا ألقاب .
[17]
لا تطرد اللص الذي يدخل بيتك
إنما قاسمه ما في الدار .
[18]
قبيل أن أغادر .. روحي لم تجف
إنما لم تغش الأسرار .
[19]
هبطت حمامة فوق يديّ . قلت : ماذا اكتب ؟
قالت : تعلم الغناء .
[20]
عند الحاجة لدى براءة أمنحها .. مثلما تنحني الآثام .
[21]
بين أصابعي طيور .. وكلمات
وبعض معادن خرساء .
[22]
لا تتجول القصائد .. مثلما يتجول حرس آخر الليل القصائد لا تبحث عن لصوص .
[23]
هذه الريح .. مثلي .. لا تنحني إلا للضرورات .
[24]
بهدؤ ولدت .. وبهدؤ أجمل ..
سأتذكر مواكب الرماد .
[25]
قليل من حزني ثمرة يافعة .. وقليل من ثماري
آثام أتقاسمها مع النهارات .
[26]
لا ابحث عن يد .. لا ابحث عن حبيب
نفسي تاهت .. وأنا صمت غريب .
[27]
من سرق صوتي كيّ يهديني معادن صماء ؟
[28]
بعض كلمات البرية لا تكذب .. مثل جراحي
لا تحاور الصمت .
[29]
مثل قلائد تحاور التراب ..
أصالح وأشاكس نفسي .
[30]
لا تدع الأسى يسرق أعراسك .. إنما
لا تثقل نفسك بالأفراح .
[31]
هن قديسات أم بغايا .. مثلما هو السؤال :
هل هم أمراء أم لصوص ؟
[32]
لا تثقل نفسك بالنياشين .. دعها .. مثلي ..
مثقلة بالهواء .
[33]
بعض المعادن .. أمام أصابعي خجولة .
[34]
أين كلماتي .. سؤال الأمس .. أين فضائي :
سؤال الغد .
[35]
هذه ليست قصائد .. هذه ليست كلمات
هذا الذي تراه .. محض رماد غيوم قادمة .
[36]
إذ ْ لا لصوص في الأرض .. لا ذئاب في
الأسواق .. لا بغايا في الأزقة ..
فلِمَ كل هذه الضجة .. لِمَ كل هذه السيوف .
[37]
بعض الأنبياء يتبادلون الأسرار
فيما البعض الآخر يحرس بوابات الأمراء.
[38]
هذا الفتى اليافع كان غيمة
هذا الفتى اليافع سيكون تراب .
[39]
استراحة في غرفة .. أكل هذا هو الذي تريد
أم تبحث عن أقمار مستحيلة ؟
[40]
اكتب .. اكتب .. اكتب كلامك بالصمت
مثلي .. دع نياشينك للريح .
[41]
الذي لا تراه .. الذي لا تعرفه .. وحده هنا
وفي كل زمان .
[42]
هكذا ولدت: سؤال بين أسئلة
هكذا اغدر قفل في باب.
[43]
من شدة خوفي لم أبح إلا بالمسرات
ومن شدة فرحي .. صنعت ولائماً للذئاب .
[44]
ليس من مرمر أو من بلور .. إنها غانية
إنما جسدها مسروق من الفجر .
(45)
لا تأت .. لا تغادر .. أنا معك في الكلام ..
أنا معك في الصمت .
[46]
بعض جسدي صنعه الاضطراب
وبعض زوالي صاغته الآمال .
[47]
لا اعرف هل هم أحياء أم سيولدون
هؤلاء الذين يسرقون الكلام.
[48]
إن جاءك المجد دعه يذهب
إن جاءك الموت دعه ينتظر
إن جاءك الحبيب غادر معه.
[49]
لا تدع الفرح يتغلب على الأسى
فبعض الأحزان
مثل المسرات مشاكسة.
[50]
إن جاءك الموت لا تجزع
إنما كن حذراً
من أفراح عابرة.
[51]
الذي تراه في الفجر .. ليس النور
انه السيف القاطع.
[52]
لا ترم سلاحك عند انتهاء الحرب
أنا أقول .. دعك من الأسلحة
لكي تحتفظ بك المودات.
[53]
أهؤلاء سعداء أم أكثر سعادة
لا أحد يعرف ..
هم سعداء وهم أكثر سعادة ولا أحد يريد أن يعرف .
[54]
لا تكن قاتلا .. لا تكن قتيلا .. لا تكن بين بين
مثلي
إن خيرت إن تولد ثانية .. اختر إن تولد للمرة الألف.
[55]
إن كتبت أو لم تكتب
الأوثان لا تغادر منصات الخطابة.
[56]
عتمة .. عتمة .. عتمة أهذا كل ما ترسله الشمس.
[57]
لا أتكلم .. هذه لغتي
لا اصمت .. هذا بعض كلامي.
[58]
بعض أساي عرس .. وبعض أفراحي رماد.
[59]
بعض العشق استئناف أسئلة.
[60]
أأنت آت من الليل .. أم من النهار
سيان .. أنت غريب بين غرباء
وأنت وحيد بين المنفيين.
[61]
الذهب الذي لديك هو خبزي
إنما دع لي بعض الأعشاب.
[62]
من ذا سرق الكلمات.. من ذا تركك تتكلم
هو ذا الأتي بين يديك يزول.
[63]
هذا الليل يأتيني ببعض الكلمات
إنما لا اعرف .. من في النهار سرق صمت الليل.
[64]
سأحدق فيه حتى يرحل
سأحدق فيه كي يأتي.
[65]
إن شئت الصمت
قل كلمتك وارحل.
[66]
مولعة هكذا ..
جميع الصخور بالانحناءات
إنما لا إلى أحد.
[67]
في هذا النهار .. لا أوقد إلا عتمتي
ففي الليل يكفيني الرماد.
[68]
لديّ لون أبيض
لِمَ لا تتركوني اهرب منه ؟
[69]
أتبتكر محنة وهي قائمة
أم تبحث عن قديس .. مثلك
لا يبحث إلا عن منصتين.
[70]
تموت أو لا تموت .. ليس هذا هو السؤال
تولد أم ستولد .. هذا هو السؤال .. هذه
هي المحنة.
[71]
جميل كأنك ستولد حقاً ..
مثلي يا عراق.
[72]
انك هنا مثلما في كل الأزمنة
تنتظر استئناف الرحيل.
[73]
إنها ليست محنة .. انه الضوء فوق العشب
والأصابع فوق الدفاتر
والوعود في الكلمات.
[74]
اهو حمل أم ذئب
هذا الذي يجرجرني إلى السماوات.
[75]
دع الأسئلة
ولا ترقد إلا في البرية
الرمل كثير .. والأسرار دفينة.
[76]
أنا مثل حمامة نائمة بين الأصابع
أنا مثل فجر سرقوا ينابيعه.
[77]
إذا سرقوا كنوزك لا تجزع
إذا أعادوها لك لا تفرح
ليس الأمر سوى احتفال قديم
يحدث بدافع الملل.
[78]
أنا لا أفكر .. أنا اكتشف التفكير.
[79]
يذهبون إلى الاحتفالات .. مثلما يأتون منها
إنما
ليس هناك إلا انحناءات متبادلة.
[80]
ماذا يفعل الناس تحت القمر
فيما البحر تآخى مع الغرقى.
[81]
النهار يترنح .. أذن من ذا الذي يربح الليل ؟
[82]
اختف .. اختف .. اختف
كيّ يراك العميان
[83]
قالت الريح : دع الشعر
قلت لها : أنا أكثر من هذا خجلا
آنذاك جاءت الريح معي.
[84]
بعض الهزائم .. أنقى .. أنقى
من نياشين الخلود.
[85]
أجميل أنت .. مثلي .. حسنا .. غادرني.
[86]
متى تشاء .. احتفل .. لكي لا توقفْ
شاحنات نقل الذبائح.
[87]
هذا الفجر ..
ليس إلا من ثمار غابات الموتى.
[88]
أينما ترغب اذهب .. لكن لا تدع نفسك وحيدة
وإذا شئت العزلة
فخذ نفسك وارحل.
[89]
عندكم مواكب من ذهب
ليس لديّ .. إلا كلمات أتنـزه معها.
[90]
الكلمة لا تموت .. أذن .. لا تدعوني أصير كلمة.
[91]
لست سوى بضعة آثام
إنما اجهل لِمَ يغار الجمال مني .
[92]
وحدي قارة إسرار .. إنما مجهولة .
[93]
بأي المفاتيح أغلقت خاتمي .. كله سواء إذ ْ
أصابعي دارت دورتها . والبرية
ضاعت في الخيال.
[94]
تعال اسكن .. لدىّ كلمة باتساع قارة
ثم إن شئت غادر معها .
[95]
خاتم العشق فوق الرماد
لكم مسرات لا تحصى أذا ً.
[96]
مفاتيح الحكمة في البحر .. لذا اطل سماعك
ماذا يقول الغرقى.
[97]
بعضي يخاصم بعضي .. أهذا أنا
بعضي يصالح بعضي .. أهذا أنا أيضا.
[98]
لي .. من الخمر ارتوائي .. إن أمطرت أو جفت
هواء الأرض عناقيد وقلائد
وأنا في ظلام كوخي استنير.
[99]
غادر: الكلمة لا تجرجر حروفها
انتظر: الظل استدار
يا له من كوكب: أتطلبون مني مزايا التاج
أم خجل البراعم
غادر: المسرات عيدك والنياشين تراب.
[100]
بين الخواتم ضاع حبيبي .. من ذا يدل الخاتم على السر ؟ أني ارقب انحناءات المرآة: طالعون من معبد الرمل. ذاهبون اليّ .. هو ذا الخاتم يدور بالأصابع .. يقفل خطاه .. تاركاً انتشاءات البيادر .. هناك .. ليس للمحيط استدارة: الخاتم ضاع بين الخواتم وحبيبي يأتي مع كل غياب.
1988/ بغــــــداد
الجمعة، 26 نوفمبر 2010
التاريخ الشعري وصنعته المعقدة-الشاعر محمد علي النجار- أنموذجا -بقلم حامد كعيد الجبوري
التأريخ الشعري وصنعته المعقدة
الشاعر محمد علي النجار أنموذجا
حامد كعيد الجبوري
عجيبة لغتنا العربية ، عصية على غير ناطقيها ، لذا سميت بلغة الضاد ، بمعنى أن غير العربي يجد صعوبة واضحة بالنطق حين تلفظه حرف الضاد ، ومقابل ذلك فإن لغتنا العربية الجميلة لها أسرارا لا يعرفها إلا المختصون باللغة العربية ، ومن هذه الأسرار القوة الحسابية لكل حرف من حروفنا العربية الثمانية والعشرون ، وقد صنفت حسب أبجديتها لهذه القوة الحسابية ، فمجموعة ( أبجد ) ذات الأربعة حروف تختلف قوتها الحسابية عن مجموعة ( هوز ) بقوتها الحسابية أيضا ، فحرف ( أ) له قوة حسابية تعادل الرقم ( 1 ) ، وحرف ( ب ) يعادل الرقم ( 2 ) ، وحرف ( ج ) يعادل الرقم ( 3 ) ، والحرف ( د ) يعادل الرقم ( 4 ) ، وصولا للرقم عشرة لحرف الياء في مجموعة ( حطي ) ، ومن ثم تتصاعد الحروف الى الرقم ( 10 ) و ( 20 ) ، وصولا للرقم (100) ، لتصبح ( 200) ، و( 300) ، وهكذا الى الرقم ( 1000) لتصبح بعدها ، ( 2000) ، و (3000) ، لنهاية الحروف الثمانية والعشرون ، وقد وجد الشعراء المؤرخون صنعة أتقنوها بتأريخهم الشعري ، وأقول صنعة حيث أنها تعتمد مسألة الحساب ، يضاف لها شاعرية كبيرة مجربة ، لتأتي صياغة أبياتها مسبوكة بشكل ملفت ، فإن جاءت القصيدة كما قلنا مضافا لها تأريخ شعري رائع عدت القصيدة وتاريخها فتحا لذلك الشاعر ، وبالمقابل هناك ناظم يتقن العروض ، ويتقن التأريخ الشعري ، لذا تأتي قصيدته وتأريخه لا تعدو كونها قصيدة وتاريخ ناظم بصياغتها ، وفي بعض الأحيان يأتي ذلك الناظم بتأريخ جميل يشار له ، دون التعرض لقصيدته وقوة سبكها بشئ من النقد ، والسؤال الذي يطرح نفسه ، هل تتقبل الذائقة الجميلة المرهفة شعرا لناظم ما يسمي نفسه شاعرا ؟ .
يعد الشاعر والباحث والمؤرخ الحلي ( محمد علي اليعقوبي ) ، صاحب الموسوعة الكبيرة ( البابليات ) من الشعراء المجيدين للتأريخ الشعري ، وكذلك الشاعر ( مجيد العطار ) ، والشاعر الشيخ ( صالح الكواز ) ، والشاعر السيد ( جعفر الحلي ) وغيرهم الكثير من الشعراء الذين تركوا أثرا واضحا بهذه الصنعة الشعرية ، ويمكن أن نعد الشاعر السيد ( محمد علي النجار ) آخر هؤلاء الشعراء الكبار لصنعة التأريخ الشعري .
وللإجابة عن التساؤل الذي طرحته أقول ، لنأخذ مثلا صغيرا بين أيدينا وهو الشاعر المجيد والمؤرخ الشعري الأروع ( السيد محمد علي النجار ) ، فهذا الرجل صياد ماهر للجواهر الثمينة كاللؤلؤ والمرجان والياقوت ، فالشاعر السيد محمد علي النجار حين ما يؤرخ لكبار الشعراء ، يأخذ بيتا أو شطرا أو جزءا من شطر كتبه الشاعر الذي سيؤرخ له ، ويبدأ التاريخ الشعري بعد هذه المفردات التي يقولها الشاعر ، ( تأريخه ، أرخ ، أرخت ، ) ، وهناك أمثال لحذف أو إضافة مفردة أو حرف سنوردها من خلال الموضوع ، ومثال لذلك ما قاله محمد علي النجار بحق الشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري ، مؤرخا تاريخ وفاته ، مستفيدا من قصيدته العصماء فداء لمثواك من مضجع فيقول مؤرخا لتاريخ وفاة الجواهري الكبير فيقول ،
يقولون حل صرف الردى ...بساحة شاعرنا الألمعي
ومن كان في قمة المبدعين ... يحلق في الأفق الأوسع
فقلت جواهره لن تموت ... وتخلد في العالم الأرفع
وجدت لتاريخه ( شاهدا ... فداء لمثواك من مضجع )
311 +86 +597+90+913=1997 م
ومن جميل تواريخه هذه التورية مؤرخا لولادة حفيده علي أبن الدكتور أسعد النجار فيقول مؤرخا ،
حفيد سرنا الرحمن فيه ... وكم أسدى لنا الرحمن لطفا
وقال أبوه سموه ( عليا) ... فهذا الاسم بالتعظيم حفّا
ومن ذكراه في التاريخ ( دين ... علي الدر والذهب المصفى )
1404 هجري
وكما قلنا بحذف حرف أو مفردة – إسم أم فعل - ، فهنا يؤرخ لسقوط طاغية العراق قائلا ، ومنها ،
مضى ظلم صدام الى غير رجعة ... فإن مات لا تؤويه حتى المقابر
ولا يستطيع المرء إحصاء ظلمه ... وإن كثرت أقلامه والدفاتر
ففي كل بيت بالعراق ظلامة ... وآثار ظلم كلهن كبائر
فدع ( دال ) صدام وقد ( دال ) حكمه .. وأرخ ( على الباغي تدور الدوائر )
4 - 2007 = 2003 م
ومثال آخر للإضافة مؤرخا لوفاة الدكتور أحمد الوائلي قائلا ،
أنا إن بكيت خطيب آل محمد ... ومدامعي سالت من الأحداق
كررت ( أحمد ) حين قلت مؤرخا ...( يفنى الزمان وذكر أحمد باقي )
53 + 150+129+260+1483+= 1424 هجري
وأرخ السيد محمد علي النجار شعريا لأغلب مساجد وحسينيات الحلة الفيحاء ، ناهيك عن تواريخه الشعرية التي انتشرت بعموم العراق ، و الحواضر العربية ودولة إيران الإسلامية ، وآخر ما رأيت له من تاريخ شعري ، أرخ وفاة صديقه السيد حسن آل يحيى الموسوي ، ولا أريد أن أقول أي شئ بخصوص عمق العلاقة التي تربط السيد محمد علي النجار بصديقه الراحل السيد حسن الموسوي ، وقد أرخ لوفاته بالتاريخين الهجري والميلادي ، وسأترك للقارئ اللبيب استكشاف مواطن الجمال ، والحبكة الشعرية ، وصدق العاطفة ، والابتعاد عن الصنعة الشعرية ، ليقترب لمكامن القوة الشعرية :
فقدت أخا ساءني فقده ... وكنا رفيقين طول الزمن
تسامت لدينا نقاط اللقاء ... ولم يختلف سرنا والعلن
تقول تواريخنا ( أنها ... بدار الخلود مقر الحسن )
فلو جمعنا ، إنها = 57 ، + بدار = 207 ، + الخلود = 671 ، + مقر = 340 ، + الحسن = 149 ، لأصبح ناتج الأرقام 1424 سنة وفاة صديقه بالتاريخ الهجري ،
ويقول أيضا لصديقه الراحل مؤرخا رحيله بالتقويم الميلادي ،
أرى أيام عمري في صدود .. فهل ملت وجودي في الوجود
شبابي كل يوم في نزول ... وشيبي كل يوم في صعود
فقدت أحبة رحلوا تباعا ... وقد ضمّهم حفر اللحود
وأني لاحق فيهم قريبا ... وأسقامي على قولي شهودي
أضف ( حسنا ) على شعري وأرخ ... ( قضى حسن الى دار الخلود )
وهنا تبرز براعة الشاعر المؤرخ فإنه لم يجد لإكمال تاريخه الشعري إلا إضافة ( حسنا ) وقوتها الحسابية 119 ، وقضى 850 ، وحسن 118 ، الى 41 ، دار 205 ، الخلود 171 ليصبح تاريخ الوفاة عام 2004 م ، ما أجمل هذه اللغة العربية ، وما أبرع من صاغها شعرا ، أو نثرا ، أو تاريخا شعريا .
عام 1922 م ولد السيد محمد علي بن السيد محمد بن حسن ، ينتهي نسبه الى الإمام موسى بن جعفر ( ع ) ، في زقاق ( ليلَه ) من محلة ( المهدية ) من الحلة الفيحاء ، وسمي زقاقهم ب ( عكد ليله ) لأنهم يسرجون كل ليلة جمعة سراجا كبيرا لينير طريق المارة ، وتبركا بليلة الجمعة ، له طيلة العمر ليتحف المكتبة الشعرية التاريخية بجميل ما يكتب
الخميس، 25 نوفمبر 2010
ارحل الى عينيك-نص ولوحة غالب المسعودي
ارحل الى عينيك معتمرا سعي حجيج مسه هبل
وادو رعلى الشفتين سبعا اقبلها
واصرخ من نياط القلب
لبيك يا قبل
واني وتاء اللات لا انكر محبتها
حتى وان ضاقت بي السبل
لكن
دمع العين جمرا يهدهني
ويهوى...... من جاورت زحل
حبيبتي تتنسم عطري॥
عبر المسافات
تعرف أني
ادير النبض كسويداء القلب
وعشاقي كثر و ماناموا
و اني هدف هش
عصفور داهمته ريح عاصف تمطر رعد
يستظل باوراق الورد
يعرف أن، الورد
سيزهر
ويحكي القصة
في الغد........................
دغالب المسعودي
الأربعاء، 24 نوفمبر 2010
صدور كتاب جديد(حانة الشرق السعيدة)للكاتب علي السوداني
اعلان جاد عن صدور كتابي " حانة الشرق السعيدة "
علي السوداني
صدر عند خاصرة هذا الأسبوع المسبّع ، كتاب جديد لي أسمه " حانة الشرق السعيدة ... مختارات قصصية " وهو عبارة عن مصطفيات ومنتخبات من قصار قصصي وطوالها والحكايات ، كنت استللتها من بطون كتبي الخمسة البائدات ، مع تزييد وتمحيص وتصحيح وتهميش وشيل مفردة فائضة من هذه ، وتعديل جملة عرجاء من تلك . الكتاب صدر ونزل وتنزل من فيض بركات دار الأديب العراقية بعمّان وبغداد ، وراعيها وساقيها الفنان والفوتوغرافي هيثم فتح الله عزيزة وبمعونة نبيلة كريمة لا يراد منها جزاء ولا شكورا أتت من خراج مال صاحبي الورّاق الطبّاع ماجد حميد أبو سارة الذي كنت رننت كأسي بكأسه أول مرة ، في مجلس الطباع البغدادي المشهور مريوش أبو رمزي الذي من سكنته وجلاسه وسماره ، كان الطباع والتقاني حامد الجواري وهو من يطرّي ويجمّل ويحلّي خواتيم القعدة بلطائف وطرائف تضحك وتستأنس لها القوم السكرانة بالمحبة وبالمودة وبالراح حتى يكاد واحدهم من قوتها ، يسقط على قفاه ، وتبلغ ذروة المشهد الحميم في اللحظة التي يتفنن بها حامد البديع في تكوير فمه ليموسق ويدوزن وينوّط صوتاَ ظريفاَ تسميه الناس في بلاد الرافدين " العفاط " وواحده عفطة ، وهذه وأخيتها قد جيء بها في غير موضع وموضع من جميل وطريف وحكيم بطون التراث اللذيذ . كانت العفطة التي ينتجها فم حامد ، قوية ومؤثرة وصالحة لتفزيز وانهاض كتيبة جنود كسالى يسورون قصر السلطان النابت في كرخ بغداد العباسية . هذه المختارات المصطفيات ، طاب لنا أن نفتتحها ونرفع فوق بابها ، جملة عذبة رحيمة تدير الرأس وتطرب الروح ، كان أنتجها المبدع الخلاق العظيم صاحب " لعبة الكريات الزجاجية " المغفور له الراحل هيرمان هيسه اذ كتب " سوف أضطجع على أريكة عريضة وأدخّن ، وأكون كسولاَ حسب . أكسل من أن أخلع ملابسي في الليل ، وأكسل من أن أنهض من فراشي في النهار " طباعة الكتاب فخمة . جلده أملس ان سقطت فوقه قطيرة ماء ، سيكون بمقدورك صبّها ثانية في بطن كأس ، أما ورقه فهو من مخففات الأسمر المائل الى صفرة محببة مشتقة من تلك التي جاءت عليها المغنية الكونية فيروز في مرثية ورق أيلول الأصفر . قصص وأقصوصات ومقصوصات وحكايات هذا الكتاب - جلّها - اتخذت من الحانات أمكنة ومن روادها وجلاسها وسمارها ، صوراَ وحكايات وازاحات . الحانات هي ، حانات بغداد وعمّان خاصة ، وان كنا نزلنا وكرعنا مرات ومرات بحانات بباب البحرين وبباب توما الدمشقي المعتق . هذه الأمكنة والكائنات الطيبة التي ترتع وتلعب وتسكر وتغني في بواطنها ، انما هي كنز لا يفنى من صور ولغة وتحفيز وتنشيط وخلق . سأكتفي الآن بهذا القدر من الكلام عني وعن كتابي المنتظر ، اذ أنني - والليل في تمام خاصرته وبدره - أكاد أنصت ، معذباَ حزيناَ منطفئاَ بائداَ خاشعاَ يائساَ مخذولاَ ، الى سكاكين السؤال الحار : بلاد ما بين القهرين - بلادي وبلادكم والأنبياء - ما زالت تحرق وتنهب وتفكك وتهان وتذل وتمرض وينادى عليها من فوق دكة المزاد كما لو أنها جارية مسبية ، وحفلات شواء اللحم الآدمي البلدي الصافي متصلة ، فهل ثمة مجنون مخبول بطران سليل بطر ، يجلد ظهور الناس المعذبين في الأرض ، بسياط الحانة ولغتها الملتبسة ؟ والله العظيم انتم على حق . أنا آسف ونادم . سألقم أذنيّ بقطن ثقيل وأكبس جمجمتي تحت المخدة وأقمط جثتي بلحاف متين وأطفىء ضوء الغرفة ، وأنطر نوماَ أقلّ قسوة.
alialsoudani61@hotmail.com
كاتب عراقي مقيم في عمان حتى الان
انتباه : يمكنك الحصول على نسخة من الكتاب بوساطة مطبعة دار الأديب للنشر ببغداد وعمان التي عنوانها الألكتروني هو :
info@label-world.com
أو من علي السوداني ممهورة بتوقيعه الراسخ ، وهذه تقع مشروطة دفع تكلفة البريد والكتاب ومقدارها الأولي عشرة دولارات أمريكيات خضراوات أقحاح .
الثلاثاء، 23 نوفمبر 2010
قصيدة لو انبأني العراف للشاعرة لميعة عباس عمارة-مرسلة من احمد الحلي
قصيدة( لو أنبأني العرّاف) للشاعرة لميعة عباس عمارة
لو أنبأني العرّاف
أنك يوماً ستكونُ
حبيبي
لم أكتُبْ غزلاً في رجلٍ
خرساء أًصلّي
لتظلَّ حبيبي
لو أنبأني العراف
أني سألامس وجه القمرٍ العالي
لم ألعب بحصى الغدران
ولم أنظم من خرز آمالي
لو أنبأني العراف
أن حبيبي
سيكونُ أميراً فوق حصانٍ من ياقوت
شدَّتني الدنيا بجدائلها الشقرِ
لم أحلُمْ أني سأموت
لو أنبأني العرّاف
أن حبيبي في الليلِ الثلجيِّ
سيأتيني بيديهِ الشمسْ
لم تجمد رئتايَ
ولم تكبُرْ في عينيَّ هموم الأمس
لو أنبأني العراف
إني سألاقيك بهذا التيه
لم أبكِ لشيءٍ في الدينا
وجمعتُ دموعي
كلُّ الدمعٍ
ليوم قد تهجرني فيه
نبذة عنها
لميعة عباس عمارة شاعرة عراقية محدثة. تعد محطة مهمة من محطات الشعر في العراق ولدت الشاعرة لعائلة صابئية مندائية عراقية في منطقةالكريمات وهي منطقة تقع في لب المنطقة القديمة من بغداد.والمحصورة بين جسر الاحرار والسفارة البريطانية على ضفة نهر دجلة في جانب الكرخ سنة 1929م. وجاء لقبها عمارة من مدينة [[العمارة] حيث ولد والدها. أخذت الثانوية العامة في بغداد، وحصلت على إجازة دار المعلمين العالية سنة 1950م، وعينت مدرسة في دار المعلمات. تخرجت في دار المعلمين العالية سنة 1955.وهي ابنة خالة الشاعر العراقي عبد الرزاق عبد الواحد والتي كتب عنها في مذكراته الكثير حيث كانت ذات شخصية قوية ونفس أبية . من قصائدها المعروفة قصيدة أنا عراقية بمطلعها لا حيث كتبت هذه القصيدة عندما حاول احد الشعراء مغازلتها في مهرجان المربد الشعري في العراق حيث قال لها أتدخنين .. لا ... أتشربين ... لا ...أترقصين .... لا ..ما انتِ جمع من الـ لا فقالت انا عراقية عاشت اغلب ايام غربتها في الولايات المتحدة بعد هجرتها من العراق في زمن صدام حسين
كانت عضوة الهيئة الإدارية لاتحاد الأدباء العراقيين في بغداد [ 1975 – 1963]. كذلك عضوة الهيئة الإدارية للمجمع السرياني في بغداد. وهي أيضا نائب الممثل الدائم للعراق في منظمة اليونسكو في باريس (1973-1975). مدير الثقافة والفنون / الجامعة التكنولوجية / بغداد وفي عام 1974 منحت درجة فارس من دولة لبنان.
بدأت الشاعرة كتابة الشعر في وقت مبكر من حياتها منذ أن كانت في الثانية عشرة، وكانت ترسل قصائدها إلى الشاعر المهجري ايليا أبو ماضي الذي كان صديقاً لوالدها، ونشرت لها مجلة السمير أول قصيدة وهي في الرابعة عشر من عمرها وقد عززها ايليا أبو ماضي بنقد وتعليق مع احتلالها الصفحة الأولى من المجلة إذ قال: (ان في العراق مثل هؤلاء الاطفال فعلى اية نهضة شعرية مقبل العراق..)
درست في دار المعلمين العالية – كلية الآداب – وقد صادف أن اجتمع عدد من الشعراء في تلك السنوات في ذلك المعهد، السياب والبياتي والعيسى وعبد الرزاق عبد الواحد وغيرهم، وكان التنافس الفني بينهم شديداً، وتمخض عنه ولادة الشعر الحر. حين كرمتها الحكومة اللبنانية بوسام الإرز تقديراً لمكانتها الادبية لم تتسلم الوسام (لان الحرب الاهلية قائمة) وكتبت تقول
على أي صدر أحط الوسام ولبنان جرح ٌ بقلبي ينام
كتبت الشعر الفصيح فأجادت فيه كما كتبت الشعر العامي وأجادته كذلك، أحبت الشاعرة لغتها العربية وتخصصت بها ومارست تدريسها فتعصبت لها أكثر دون أن تتنكر للهجتها الدارجة فوجدت نفسها في الأثنين معاً. إن لميعة ترى في اللغة العربية الفصيحة وسيلتها للتواصل مع الآخرين الأوسع، لكنها تجد في لهجتها العراقية العامية ما يقربها من جمهورها المحلي الذي استعذب قصائدها فتحول بعضها إلى أغنيات يرددها الناس.
لماذا نكتب.....؟د.غالب المسعودي
لماذا نكتب.................؟
الخلود ليس هو الصعود الى مقر الالهة كما ورد في الاساطير السومرية,بل هو مقاومة الانسان للموت بوصفه النهاية الطبيعية للانا,كما ان الواقع الحي اقوى من اي نظرية لا تستجيب له.ومع تعاظم الدلالة للمتخيل المقدس في ذاكرة اللغة وامتداده الى الحاضر,تنكشف امامنابشكل واضح زفرة الروح الاخذة باليباس لانها تشير الى علاقة غير متكافئة بين الواقع والوهم,وبالتالي تؤثر في منهجيتنا وتبعيتنا,فالموتى عندما يحكمون فان الحضارة يدمرها الايكيكيكي,وبذا يصبح مسارها خط نازل يستمد جذوته من العالم السفلي ومن عذابات القبور ومعاناة عشتار في رحلتها لتنقذ حبيبها تموز.ان الاشارة الى المستقبل توقد العقل وتضعه في مواجهة جدلية مع الحاضر المتردي,والحياة في نظري لحظة بين عدمين ,لذا علينا ان نعيشها بجذوتها وعذوبتها,الا اننا نجد يوميا من يذكرنا بالمستقبل ونعيمه وهو لا زال يعيش عصر الاسطورة وذهنيتها المتآكلة,وهذا يصح للعقل الساكن الذي لا يعي التجربة الانسانية بكل تفاصيلها وحيويتها وبدوغماتية اورثودوكسية لا غبار عليها,فالخلود عندهم يعني مجاورة اوتونبشتم بعد عبور بحر النار الارضي بزورق مطرز باحلام كابوسية ودفات مصنوعة من قير اسود وخشب اخضر ودماء زرقاء. اما العقل الذي يعي تجربة الحضارة والتقدم يحاول اقتحام المجهول من اجل سعادة البشر جميعا بدون تمييز لا في الجنس ولا اللون.ان الكتابة حب والحب مغامرة كبرى وابحار ضد التيار على قولة نزار قباني..................!
د.غالب المسعودي
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)