الرأسمالية ببساطة – الحلقات الخمسة
الأولى
صائب خليل
1- السلعة هي وحدة بناء السوق الرأسمالية،
فما الذي يحدد قيمتها فيه؟
قلنا ان السلعة هي وحدة بناء السوق الرأسمالية والتي تؤمن حياته من خلال حركتها وتبادلها. ويتم هذا التبادل من خلال مقارنات بين قيم السلع، والتي سنسميها "القيمة التبادلية" للسلعة. يمكننا أن نبرهن أن "القيمة التبادلية" للسلعة في السوق، اي ما تساويه السلعة من نقود (سعرها) أو سلع اخرى، لا تتبع دائما "القيمة الاستعمالية" للسلعة، اي فائدتها لنا.
فقيمة لتر من الماء (التبادلية) أقل من قيمة لتر من البنزين، رغم ان الماء اهم بكثير للإنسان (أي "القيمة الاستعمالية" له أكبر) من البنزين. ولا يوجد في السوق من يقبل متر مكعب من الهواء مقابل كيلو من الذهب مثلا، رغم ان الأول لا غنى عنه للحياة، على عكس الثاني، أي أن قيمته الاستعمالية أكبر بكثير من الثاني!
قلنا ان السلعة هي وحدة بناء السوق الرأسمالية والتي تؤمن حياته من خلال حركتها وتبادلها. ويتم هذا التبادل من خلال مقارنات بين قيم السلع، والتي سنسميها "القيمة التبادلية" للسلعة. يمكننا أن نبرهن أن "القيمة التبادلية" للسلعة في السوق، اي ما تساويه السلعة من نقود (سعرها) أو سلع اخرى، لا تتبع دائما "القيمة الاستعمالية" للسلعة، اي فائدتها لنا.
فقيمة لتر من الماء (التبادلية) أقل من قيمة لتر من البنزين، رغم ان الماء اهم بكثير للإنسان (أي "القيمة الاستعمالية" له أكبر) من البنزين. ولا يوجد في السوق من يقبل متر مكعب من الهواء مقابل كيلو من الذهب مثلا، رغم ان الأول لا غنى عنه للحياة، على عكس الثاني، أي أن قيمته الاستعمالية أكبر بكثير من الثاني!
فإذا كانت "القيمة الاستعمالية"
للسلعة ليست هي من يحدد "القيمة التبادلية" لها، فما الذي يحدد
"القيمة التبادلية" للسلعة في السوق إذن؟
2- ما يحدد القيمة التبادلية للسلعة في السوق هو "العمل" اللازم لإنتاجها.
بينا أن "القيمة الاستعمالية" للسلعة لا تحدد "القيمة التبادلية" لها، وتساءلنا: "ما الذي يحدد "القيمة التبادلية" للسلعة في السوق إذن؟"
لنأخذ مثالا بسيطا، لصياد يصيد الأرانب احياناً والغزلان أحيانا أخرى. وكان يحتاج، كمعدل، إلى يومين من الجهد ليصطاد غزالا، بينما يستطيع ان يصطاد (كمعدل ايضاً) ارنبين في اليوم. ولنفترض أن معدل شدة الجهد المطلوب للمطاردة في الساعة الواحدة، متساو في الحالتين. فلو أخذ هذا الرجل غزالا إلى السوق، وأراد "مبادلته" بأرانب، فلن يقبل بأقل من أربعة ارانب مقابله. ببساطة لأنه يستطيع أن يصطاد أربعة ارانب مقابل نفس العمل الذي احتاجه لاصطياد الغزال. فإذا كان الصيادون الآخرين يبذلون (كمعدل) نفس نسبة الجهود لصيد الغزلان والأرانب، فأن قيمة الغزال "التبادلية" في السوق سوف تتراوح وتستقر عند أربعة أرانب. وهكذا الأمر بالنسبة لمقارنة اية سلعتين، مثل الكرسي والمنضدة أو طن من الخشب وكمية من الحنطة الخ. أي أن ما يحدد "القيمة التبادلية" للسلعة في السوق هو (معدل) وقت وشدة العمل المبذول للحصول عليها، اي كمية العمل المبذولة لإنتاجها.
إن هذا يفسر لنا الظاهرة التي قد تبدو
غريبة في أن "الهواء"، رغم أهميته القصوى لنا، لا يمتلك من "القيمة
التبادلية" في السوق، إلا صفراً! والسبب لأننا ببساطة نستطيع الحصول عليه
بدون ان نبذل أي جهد، فلماذا نبادله بأية سلعة او ندفع له ثمناً؟
وهكذا يبتين أن "القيمة التبادلية" لأية سلعة، تعتمد على "كمية العمل" المبذولة للحصول عليها. وتقاس كمية العمل بشكل عام بطول زمن بذل العمل اللازم لإنتاجها، من ساعات وايام واسابيع.
وهكذا يبتين أن "القيمة التبادلية" لأية سلعة، تعتمد على "كمية العمل" المبذولة للحصول عليها. وتقاس كمية العمل بشكل عام بطول زمن بذل العمل اللازم لإنتاجها، من ساعات وايام واسابيع.
3- ماذا يعني أن يكون خلق القيمة
التبادلية للعمل وحده؟
هذه الحقيقة – حقيقة أن "القيمة التبادلية" للسلعة تأتي من كمية العمل المبذول فيها، تشكل الأساس للاقتصاد الماركسي، حيث انها تبين ان قيمة السلعة (في السوق الرأسمالية) تأتي بكليتها من جهد العامل. ويستنتج ماركس من ذلك بالتالي أن ما يأتي من "أرباحها" هو من حق من عمل على انتاجها وحده!
هذه الحقيقة – حقيقة أن "القيمة التبادلية" للسلعة تأتي من كمية العمل المبذول فيها، تشكل الأساس للاقتصاد الماركسي، حيث انها تبين ان قيمة السلعة (في السوق الرأسمالية) تأتي بكليتها من جهد العامل. ويستنتج ماركس من ذلك بالتالي أن ما يأتي من "أرباحها" هو من حق من عمل على انتاجها وحده!
المدهش في الأمر أن الاقتصاديين الذين
سبقوا ماركس مثل ريكاردو وآدم سميث كانوا قد تمكنوا من الوصول إلى هذا الاكتشاف
وصاغوه صياغة قريبة جدا أو مطابقة
لصياغة ماركس لها، لكن هؤلاء توقفوا عند تلك الحقيقة ولم يكملوا الطريق (الخطر)
إلى الاستنتاج المنطقي بأن كل ما يعود من أرباح يجب أن يعود للعمال الذين أنتجوا السلعة. وهذا الكشف هو المساهمة الأساسية التي قدمها
ماركس للاقتصاد وما ينتج منها من تداعيات سياسية وفلسفية.
************
بعد ان طرحنا الخط العام للفكرة في هذا المنشور وفي المنشورات السابقة ادناه، سنعود لاحقا لطرح بعض التساؤلات المهمة في حقيقة كون القيمة التبادلية تعود للعامل وحده، وما دور رأس المال والمكائن والمواد الاولية فيها وغيرها من الاسئلة.
************
بعد ان طرحنا الخط العام للفكرة في هذا المنشور وفي المنشورات السابقة ادناه، سنعود لاحقا لطرح بعض التساؤلات المهمة في حقيقة كون القيمة التبادلية تعود للعامل وحده، وما دور رأس المال والمكائن والمواد الاولية فيها وغيرها من الاسئلة.
4-
تساؤلات واعتراضات على
اعتبار العمل مصدر قيمة السلعة
يطرح المعارضون للماركسية اسئلة وتحديات عديدة لتلك النظرية. ومن واجب النظرية ان تتمكن من الإجابة على التحديات التي تطرح عليها إن ارادت ان يصدقها الناس. ومن أشهر التحديات لنظرية أن قيمة السلعة تقاس بكمية العمل، التساؤلات التالية:
إذا كانت "كمية العمل" هي التي تحدد قيمة السلعة في السوق، فهل يعني هذا ان قيمة السلعة التي ينتجها الشخص قليل الخبرة، تكون أكبر من قيمة السلعة التي ينتجها العامل الماهر، باعتبار ان الأول سيبذل فيها كمية أكبر من العمل؟ أو ان السلعة التي ينتجها من يستعمل تكنولوجيا متخلفة أكبر من تلك التي ينتجها من يستعمل تكنولوجيا متقدمة، باعتبار ان الأول سوف يعمل اجبارياً أكثر من الثاني؟
ثم لنفرض ان صياداً للسمك اصطاد عشرة سمكات في عشرة ساعات، أي أنه وضع عمل ساعة في كل سمكة. بينما لم يحالف الحظ الصياد الآخر فلم يصطد سوى سمكة واحدة في عشرة ساعات. أي انه وضع في سمكته عمل عشر ساعات. فهل يعقل ان يتمكن الأخير ان يبيع سمكته في السوق بعشرة اضعاف سمكة الصياد الأول باعتباره تعب بها عشرة مرات أكثر من سمكة الصياد الأول؟
هذا طبعا غير معقول، فكيف تجيب النظرية عن تلك التساؤلات؟ سنحاول الاجابة عن ذلك في الحلقة القادمة..
يطرح المعارضون للماركسية اسئلة وتحديات عديدة لتلك النظرية. ومن واجب النظرية ان تتمكن من الإجابة على التحديات التي تطرح عليها إن ارادت ان يصدقها الناس. ومن أشهر التحديات لنظرية أن قيمة السلعة تقاس بكمية العمل، التساؤلات التالية:
إذا كانت "كمية العمل" هي التي تحدد قيمة السلعة في السوق، فهل يعني هذا ان قيمة السلعة التي ينتجها الشخص قليل الخبرة، تكون أكبر من قيمة السلعة التي ينتجها العامل الماهر، باعتبار ان الأول سيبذل فيها كمية أكبر من العمل؟ أو ان السلعة التي ينتجها من يستعمل تكنولوجيا متخلفة أكبر من تلك التي ينتجها من يستعمل تكنولوجيا متقدمة، باعتبار ان الأول سوف يعمل اجبارياً أكثر من الثاني؟
ثم لنفرض ان صياداً للسمك اصطاد عشرة سمكات في عشرة ساعات، أي أنه وضع عمل ساعة في كل سمكة. بينما لم يحالف الحظ الصياد الآخر فلم يصطد سوى سمكة واحدة في عشرة ساعات. أي انه وضع في سمكته عمل عشر ساعات. فهل يعقل ان يتمكن الأخير ان يبيع سمكته في السوق بعشرة اضعاف سمكة الصياد الأول باعتباره تعب بها عشرة مرات أكثر من سمكة الصياد الأول؟
هذا طبعا غير معقول، فكيف تجيب النظرية عن تلك التساؤلات؟ سنحاول الاجابة عن ذلك في الحلقة القادمة..
5- هل قيمة سلعة العامل الماهر أدنى، لأنه
يبذل فيها "عملا" أقل؟
قلنا إن كمية العمل في صناعة سلعة ما، هي التي تحدد قيمتها في السوق (أي القيمة التبادلية). وفي الحلقة السابقة طرحنا السؤال: هل يعني هذا أن نفس السلعة عندما يصنعها العامل الماهر تكون أدنى من غيرها باعتباره يبذل فيها عملاً أقل؟ وهل أن قيمة السمكة تزداد إن كان الصياد سيء الحظ قياساً بغيره فاصطاد سمكة واحدة في 10 ساعات، بينما اصطاد غيره 10 سمكات؟
وطبيعي أن الأمر ليس كذلك، وقيمة السلعة لا تحددها مهارة العامل أو حظ الصياد. حيث ان من يشتريها لا يعلم اصلا بهذه المعلومات ولا يهمه أن يعلم بها. فكيف نفسر إذن بذل عمل أكبر في حالة العامل غير الماهر والصياد سيء الحظ، دون أن يزيد ذلك من قيمة سلعتهما؟
قلنا إن كمية العمل في صناعة سلعة ما، هي التي تحدد قيمتها في السوق (أي القيمة التبادلية). وفي الحلقة السابقة طرحنا السؤال: هل يعني هذا أن نفس السلعة عندما يصنعها العامل الماهر تكون أدنى من غيرها باعتباره يبذل فيها عملاً أقل؟ وهل أن قيمة السمكة تزداد إن كان الصياد سيء الحظ قياساً بغيره فاصطاد سمكة واحدة في 10 ساعات، بينما اصطاد غيره 10 سمكات؟
وطبيعي أن الأمر ليس كذلك، وقيمة السلعة لا تحددها مهارة العامل أو حظ الصياد. حيث ان من يشتريها لا يعلم اصلا بهذه المعلومات ولا يهمه أن يعلم بها. فكيف نفسر إذن بذل عمل أكبر في حالة العامل غير الماهر والصياد سيء الحظ، دون أن يزيد ذلك من قيمة سلعتهما؟
إن تفسير ذلك هو أن كمية العمل المحسوبة
هي "معدل العمل الاجتماعي" اللازم لصناعة تلك السلعة، وليس العمل الذي
قام العامل ببذله فعلا. أي أنه كمية العمل المتوقع أن يحتاج إليها عامل متوسط
المهارة والنشاط والذكاء، مستعملا معدل التكنولوجيا المتوفرة لتلك الصناعة في ذلك
المجتمع - مجتمع السوق الذي تباع السلعة فيه، وفي ظروف متوسطة. يعني ببساطة هو ما
نتوقعه من كمية العمل اللازمة لإنتاج تلك السلعة، بشكل عام.
لذلك، فالعامل الماهر فوق المتوسط، يعطي
"كمية عمل" في نصف ساعة ربما تساوي ما يعطيه العامل المتوسط في تلك
الصناعة، في ساعة، وما يعطيه العامل غير الماهر في ساعتين. وكذلك إن كان
"معدل" صيد الأسماك هو سمكة كل ساعتين، فأن من يصيد سمكة في كل ساعة قد
انجز (بفضل الحظ هنا) عمل ساعتين في ساعة واحدة، والعكس صحيح بالنسبة للصياد سيء
الحظ.
1- السلعة هي وحدة بناء السوق الرأسمالية، فما الذي يحدد قيمتها فيه؟
https://www.facebook.com/Capitalism.Simply/posts/431340850568879
2- ما يحدد القيمة التبادلية للسلعة في السوق هو... - الرأسمالية ببساطة
https://www.facebook.com/Capitalism.Simply/posts/431342897235341
3- ماذا يعني أن يكون خلق
القيمة التبادلية للعمل وحده؟
https://www.facebook.com/Capitalism.Simply/posts/431346810568283
https://www.facebook.com/Capitalism.Simply/posts/431346810568283
4-
تساؤلات واعتراضات على اعتبار العمل مصدر قيمة السلعة
https://www.facebook.com/Capitalism.Simply/posts/433687943667503
https://www.facebook.com/Capitalism.Simply/posts/433687943667503
5- هل
قيمة سلعة العامل الماهر أدنى، لأنه يبذل فيها "عملا" أقل؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق