الجمعة، 28 فبراير 2014

ليلة القبض على (حسين علي حسين)- كاظم فنجان الحمامي

ليلة القبض على (حسين علي حسين)

كاظم فنجان الحمامي
لو بحثنا في العراق عن الأسماء المتشابهة في قيود وسجلات دوائر الأحوال المدنية لظهرت لنا قوائم طويلة جداً تحمل القواسم الثلاثية المشتركة, وربما يصل التشابه إلى الجد الخامس والسادس, ولسنا مبالغين إذا قلنا أن اسم (علي حسين علي), أو (علي حسين علون) هو الأكثر شيوعاً من شمال العراق إلى جنوبه, تليه قوائم أخرى تضم أسماء (جودة كاظم جواد), و(فاضل عباس خضير), و(شهاب أحمد مصطفى), و(جاسم محمد قاسم), و(صادق جعفر محمد), و(علي هادي حسن), فما بالك إذا ظهر في قائمة المطلوبين للعدالة رجل يحمل اسم: (علي حسين علي), أغلب الظن أن الجهات المعنية ستلقي القبض في ليلة واحدة على أعداد كبيرة من الذين يحملون الاسم نفسه, فالبطاقات الالكترونية وقواعد البيانات غير متوفرة لدى معظم دوائرنا الأمنية, أو غير موجودة بحوزة عناصر نقاط التفتيش في الطرق الخارجية, وربما تأخذ عمليات الفرز والتدقيق وقتاً طويلاً قبل البت بموضوع المقبوض عليهم.
أذكر أن زميلي الكابتن (علي حسين علون) تعرض للمنع من السفر مرات عدة بسبب تشابه اسمه مع أسماء الفارين الذين يحملون الاسم نفسه. وكان الدكتور (علي حسين علي) آخر المقبوض عليهم في البصرة للأسباب التي أشرنا إليها هنا.
وما أكثر المواقف الحرجة التي واجهها المتشابهة أسمائهم في المطارات والمنافذ الحدودية, وربما أمضى بعضهم فترات طويلة جدا خلف القضبان أو في مراكز توقيف الشرطة بانتظار الفرج, وكل القصة وما فيها أننا لا نحمل هويات الكترونية رقمية, ولا بطاقات بلاستكية ممغنطة على غرار بطاقات الائتمان والبطاقات المصرفية الحديثة المتداولة هذه الأيام في شرق الأرض وغربها, والتي لا مجال فيها للخطأ والاشتباه.  
من المفارقات العجيبة في العراق. أن المفوضية العليا المستقلة للانتخابات انتهت قبل بضعة أسابيع من توزيع بطاقات الناخبين الالكترونية من أجل تعزيز الشفافية وتوطيد الثقة وضمان الدقة, في الوقت الذي ظلت فيه مديرية الجنسية العامة متمسكة بإصداراتها الورقية التقليدية, وذلك في ضوء أحكام قانون الأحوال المدنية رقم (65) لسنة 1972 المعدل. بينما قفزت أقطار الخليج كلها نحو المساحات المفتوحة للتجديد والتحديث, فاستعانت بالتقنيات المعاصرة, وكانت دولة الإمارات أول من رفع راية التغيير بالقانون رقم (2) لسنة 2004, عندما تبنت مشروع تحديث السجلات السكانية, وإصدار الهوايات الرقمية. ثم أصدرت الهويات الرقمية للوافدين, فحصلت على شهادة المقياس الدولي في هذا المضمار.
واشتركت معظم البلدان العربية في تنفيذ مشروع (نجمة التميّز), الذي يمثل أحدث الأساليب الجديدة المبتكرة لتقييم أداء مراكز التسجيل الرقمي, وقطعت شوطا كبيراً في هذا الاتجاه نحو تطبيق أنشطة التصويت الالكتروني, والتصديق الالكتروني, والإحصاء الذكي, وإدارة الموارد المؤسسية.
أما نحن فمازلنا نبحث ونفتش عن نظراء (علي حسين علي), حتى غرقنا في بحار التشابه الثلاثي والرباعي والخماسي, من دون أن نفكر بإتباع الخطوات الرائدة التي تبنتها ونجحت فيها المفوضية العليا للانتخابات.



ليست هناك تعليقات: