الخميس، 24 أكتوبر 2013
الأربعاء، 23 أكتوبر 2013
الأحد، 20 أكتوبر 2013
الآكلون من السُفرة الممدودة-كاظم فنجان الحمامي
الآكلون من السُفرة الممدودة
كاظم فنجان الحمامي
موظفون حكوميون من مختلف الدرجات والمراتب والمناصب والعناوين, وفي مختلف
المواقع والمراكز والواجهات الحكومية, يمارسون الابتزاز المالي على كيف كيفهم,
يسرقون الناس عيني عينك من دون رادع ولا وازع, بذرائع غريبة وتبريرات عجيبة, وحجج
ومسوغات ما أنزل الله بها من سلطان.
فاسدون في كامل صورهم الخَدّاعة, ومظاهرهم المتجلببة بجلباب الورع والتقوى,
استمرءوا مصادرة أموال الناس بعناوين هلامية مائعة, تارة تحت عنوان (الإكراميات),
وتارة تحت عنوان (الهدايا), و(العطايا), و(المُنَح), حتى جاء اليوم الذي دخل علينا
اصطلاح (السُفرة الممدودة), وهو اصطلاح مطاطي يوحي للسامع أنه أمام وليمة عامرة
بما لذ وطاب, لكنها وليمة مجهولة المالك, مفتوحة للجميع, متاحة لمن يريد أن يعبئ
معدته وجيوبه وحقائبه.
نسألهم لماذا تفرضون الإتاوات المالية المرهقة على الناس, فيقولون لنا:
(أنها سُفرة وممدودة). نقول للصائم منهم والمتدين: كيف استحوذت على أموال غيرك
بهذه الطرق غير المشروعة ؟, فيجيبنا ويده على جيبه: كلا أنها طريقة مشروعة ولا
غبار عليها, لأنها سُفرة وممدودة.
نسمع عن الجهة الفلانية أنها استوفت عمولات كبيرة جداً من المقاول الفلاني,
فيدفعنا الفضول للاستفسار عن المسوغات والمبررات التي سمحت لها باستيفاء تلك
المبالغ الطائلة من المقاولين والمستثمرين, فيأتيك الجواب: أنها سُفرة وممدودة.
ممارسات مرفوضة بحجم لوعة الفقراء والمعدمين, صار فيها الفاسدون والمفسدون
يأكلون بشراهة ما بعدها شراهة من السُفرة الممدودة أمامهم, أحيانا يأكلون منها
بمقادير مقننة, وتسعيرة معلنة, ومواعيد محددة, وأساليب مبوبة, وسياقات مفصلة بحكم
الممارسات الفوضوية اليومية المنتعشة هذه الأيام في ظل الأجواء الفاسدة.
السُفرة: هي مائدة الطعام باللهجة العراقية والمصرية الدارجة, والسُفرة
تعني طعام المسافر, والسَفر طاس: أو (طاسات السفر), وتسمى أيضاً (المطبقية) وهي من
أطباق وأوعية نقل الطعام باللهجة التركية المأخوذة عن العربية, والسُفرَجي: هو
خادم المائدة, أما إذا كانت السُفرة ممدودة فهي في العرف العراقي من الموائد
السخية, الغنية بالمأكولات والمشروبات والمرطبات والفواكه والأطعمة اللذيذة, ولا
تحتاج إلى دعوة رسمية, فهي مباحة للجميع, ومتاحة للصغير والكبير, ولا تستدعي الحرج
ولا التكلف, وتُعد من المكاسب المجانية الشائعة, أما صاحب الوليمة الغائب الحاضر,
فهو هذا المواطن المغلوب على أمره, الذي صار ماله ولحمه ودمه (حلال بلال مثل لحم
الغزال).
لقد كثرت الأحاديث هذه الأيام عن الأموال المسلوبة من مائدة (السُفرة
الممدودة), وكأنها من غنائم الفتوحات ومكاسبها, أو كأنها من اللُقط المتروكة على
قارعة الطريق, أو كأنها من الهبات المتساقطة من جيب المواطن, حتى صارت عبارة (السُفرة
الممدودة) هي المرادف اللغوي لمفردات الفساد الإداري والاجتماعي, وصارت الرشاوى
والعمولات والإكراميات والهدايا والهبات من انضج ثمارها وأشهى مأكولاتها, وربما
يطول بنا الحديث عن مسوغات (السُفرة الممدودة) وتبريراتها المخجلة, التي لا تمت
للمنطق ولا للمصلحة العامة ولا للشرع بأي صلة. ختاماً نقول: نخشى أن يتحول العراق
كله في يوم من الأيام إلى سُفرةٍ ممدودة.
ربنا مسنا الضر وأنت أرحم الراحمين
السبت، 19 أكتوبر 2013
كتاب قوانين الاصول
لدي نسخة طباعة حجرية لكتاب قوانين الاصول لمؤلفه ميرزا ابو القاسم القمي كتابة عبد الرحيم بن محمد تقي تاريخ الاصدار 1290 ه ولدى مراجعتي الكتاب وجدت هناك اختلافات كثيرة لدى المحققين واقدم نسخة محققة تعود الى طبعة هندية بتاريخ 1301ه وهي مختلفة جذريا عن النسخة التي لدي لذا ارجو من الاخوة المحققين ممن لديهم الاهتمام متابعتي على الايميل لما تحمله النسخة التي بحوزتي من قيم تشكيلية وفكرية والصور المرفقة تحكي لكم القصة لوجود هوامش كثيرة لم يتطرق لها المحققون وطريقة كتابة الكتاب تشي بشيء معجز
الاثنين، 14 أكتوبر 2013
أعياد وذبح وطائفية !!!-حامد كعيد الجبوري
إضاءة
أعياد وذبح وطائفية !!!
حامد كعيد الجبوري
لم يعد لأقلامنا أن تندب أكثر
مما ذرفت الدموع حزنا على بلد شُتت بين أحقاد وإضغان وثارات مؤجلة ، الكل جاء
لينتقم من أبناء هذا البلد الجريح ، أحزاب أدلجت
على تأسيس وتكريس طائفية لم تمت في نفوسهم المريضة ، برلماني منتخب يعتلي
منبر خطابته ليتوعد أناسا لا يحملون عقيدته ومذهبه ، سياسي وبرلماني آخر لا خطاب
له إلا استغلال وتجهيل طائفته ليتربع على خزائن البلد مدافعا ومناصرا لمذهبه
ومعتقده زورا وتلذذا بمال حرام ، قبل أيام و من هذا العام 2013 م ، مر الركب المعزي بشهادة الإمام محمد الجواد (
ع ) بمدينة الأعظمية ، وحين وصولها لجسر الأئمة تعالت أصوات منكرة تسب الصحابة
الكرام علانية – لا أريد ذكر الأهزوجة التي كانوا يرددونها لأنها تسئ لرمز إسلامي
كبير - ، وهنا تذكرت ما حدث عام 1966 م ، وربما عام 67 م أبان رئاسة
المرحوم ( عبد الرحمن محمد عارف ) جيء بشباك مزين بالذهب من دولة إيران هدية لضريح الإمام (( العباس ( ع )) ، استقبلت
ذلك الشباك مجاميع كثيرة من المسلمين فرحا بذلك الشباك ، وضع الشباك بسيارة مكشوفة
ولم يكن وجهة السيارة صوب كربلاء المقدسة وكما يفترض ، ولكنها اتجهت الى مدينة الكاظمية متذرعين بتطويف
الشباك على ضريح الإمامين الكاظمين ( ع ) ، ولابد من عبور جسر الأئمة مرورا بمدينة
الأعظمية ، وهناك بدأت تتعالى أصوات مسموعة ( يتلفت عباله نزوره ) ، وهم يقصدون
الإمام الأعظم أبو حنيفة النعمان ( رض )،
ومجاميع أخرى تهزج قائلة ( ماكو ولي إلا علي ، ونريد قائد جعفري ) ، أنهال رجال
الأعظمية وشبابها بالهراوات والطابوق على ( الهازجين ) وسقط الكثير جرحى ، الجارح
والمجروح من المسلمين ، القاتل والمقتول
من المسلمين ، الذباح يقول قبل ذبح أخيه المسلم ( الله أكبر ) ، والمذبوح يردد (
الله أكبر ) ، أي معادلة نشاز هذه ، لو أردنا تسطيح المسألة ونتساءل ، من المستفيد
من الذبح ؟ ، ومن المستفيد من التهجير ؟ ، ومن المستفيد من إشعال الفتنة الطائفية
؟ ، الجواب لا يحتاج لكبير عناء ، المستفيد الأول من خطط لهذه المآسي الإنسانية ،
والمستفيد الثاني من ينفذ لمصلحة المخطط – بكسر الطاء _ ، والخاسر هو هذا الشعب
المبتلى سنة وشيعة وطوائف أخرى ، ربما من خطط لهذه خطط لتلك ، أذكر حديث للمرحوم الوائلي يقول فيها مخاطبا
الكثير (( أتعلمون أن أبا بكر وعمر وعثمان
وعلي ) رض الله عنهم أجمعين )) هم أولاد
عم ، ولنفترض أنهم اختلفوا قبل ( 1450 )
سنة فلماذا لا نتفق نحن بعد هذه السنين ؟ ، سؤال نحيله لأبناء شعبنا ، ولنحكم
ضمائرنا ، ولنبني وطننا المنهوب ، ولنخلصه من يسرق قوت شعبه ، ولنجعل من أيام
طفولة أبناء العراق عيدا يرفلون بأيامه ، وكفانا دما ، ولندحض مخططات اللؤم
والدسيسة بأحذية عقلاء هذا الشعب المذبوح ، للإضاءة .... فقط .
الجمعة، 11 أكتوبر 2013
الثلاثاء، 8 أكتوبر 2013
زينب الشمري / العراق _ بابل-زوجات يدفعن ضريبة اتكالية ازواج مدللين
زينب الشمري /
العراق _ بابل
كي يوفرن الحماية
والقوت لاسرهن
زوجات يدفعن ضريبة
اتكالية ازواج مدللين
تحقيق/زينب الشمري
ان ادارة اي مؤسسة
يتطلب توزيعا عادلا للادوار ( مهام ومسؤوليات).. هذا الامر ينطبق على مؤسسة الاسرة
التي تحمل بداخلها كيانا يشرف على تنظيم امورها ويخطط ويتخذ القرارت لمصلحة افرادها،
فهذه المؤسسة كي تنمو وتكون نواة حقيقية في بناء المجتمع السامي.. يتحتم عليها توزيع
الادوار بين اطرافها واركانها الاساسية مع مراعاة المرونة لهذا التوزيع، الا انه بدا
يطفوا على السطح نوع من التفرد في الادارة المالية والاقتصادية.. وبدأت تشرخ اذاننا
صيحات الكثير من النسوة اللاتي فرض عليهن ازوجهن ضريبة العيش داخل هذه المؤسسة بان
حملوهن اضافة الى مسؤلياتهن المنزلية المعروفة مسؤولية توفير القوت للعائلة لا لسبب
معقول انما فقط لان الازواج مدللون ولا يرغبون في تحمل اعباء الحياة والاسرة.
حملت حقيبتي وعرجت
بها إلى العديد من النسوة والمختصين لاستطلع اراءهم حول هذه الظاهرة الآخذة بالانتشار
في مجتمعنا العراقي بشكل عام والبابلي بشكل خاص.
فرض عين
يقول السيد ذو
الفقار( مهندس) : اعتقد بما اننا اناس شرقيون عشنا وترعرعنا في بيئة اجتماعية محكومة
بالعادات والتقاليد التي تعطي الرجل سلطة وقيمومية على الحياة الاسرية فاعتقد انه مقابل
تلك الحقوق والسلطة التي يمارسها الرجل فان عليه واجبات تمويل المنزل فليس من المعقول
ان يمارس هو الادارة ويترك للزوجة التمويل، واحب أن أؤكد على مسألة، هي إنني لا ارفض
أن تشارك الزوجة زوجها في تقديم الدعم المالي للاسرة خصوصا اذا كانت ميسورة الحال وباستطاعتها
أن تقدم المساعدة، ولكن باعتقادي ان هذه المشاركة يجب ان تكون طوعية وبالمقدار الذي
تحدده هي، لا ان يكون (فرض عين) عليها بل ان الحياة الاسرية مشاركة اختيارية.
القيمومية للرجل
من جهة اخرى، يقول
الشيخ محمد كاظم الشمري / مركز الامام الصادق"عليه السلام" الثقافي: لا خلاف
في الاسلام حول هذا الموضوع فالشرع المقدس اوكل القيمومية للرجل بان يكون المسؤول عن
الامور المعيشية للاسرة باكملها وحتى لو كانت الزوجة تعمل ولديها راتب فليس من واجبها
ان تصرف على أمور المنزل إلا بإرادتها، فالحياة الزوجية مشاركة وتعاون بين الزوجين
والدليل على ذلك يقول جل جلاله في كتابه العزيز: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى
وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ [سورة المائدة الآية 2]، وكذلك
الروايات الدينية تؤكد على قضية التعاون والشراكة، فالإمام علي "ع" كان يعمل
ويساعد الزهراء "ع" في أمور البيت، فقضية الاتكالية برمتها تعني اخلاق وتربية
وثقافة، فالرجل الاتكالي يعلم جيدا ما هي الحقوق التي من واجبه توفيرها لزوجته، واعتقد
بان الاتكالية هي سوء تربية من قبل الأهل.
ويؤكد على أن المجتمع
الذي يعيش فيه الرجل له دور كبير في هذه القضية، ومع شديد الاسف فان بعض الرجال يعتبرون
ان المرأة كائن مملوك ومستعبد، ومن المعلوم ان المرأة العراقية كائن مستضعف في المجتمع
واغلب النساء لا يتجرأن على الدفاع عن انفسهن، فلذلك نجد ان اغلبهن يتحملن هذا العبيء
الكبير لاجل ان تستمر حياتها الاسرية.
محبة وألفة
تقول الباحثة الاجتماعية
وسن عباس: الحياة لا تستمر بنجاح إلا باشتراك الزوجين معا ويكون هذا الاشتراك بتعاون
كليهما بشكل ذاتي دون إجبار احدهما للأخر وتقديم المساعدة من قبل الزوجة إلى زوجها
لإعانته على أمور الأسرة والبيت، وخصوصا إذا أكانت المرأة موظفة وباستطاعتها مساعدة
زوجها أو كانت لديها مهنة أخرى كان تكون خياطة أو لديها محل للحلاقة وغيرها من الأمور
الأخرى امر جيد ومحمود ما دام ذلك برضاها، فالحياة الزوجية هي علاقة تعاون ومحبة وألفة
بين الزوجين، وإذا تقاعس احد الأركان الأساسية للأسرة ( الرجل أو المرأة) عن أداء دوره
وواجباته تجاه الأسرة فان النتجة تكون مؤثرة في تكافؤ مؤسسة الأسرة وبناءها.
إجبار لا اختيار
تقول السيدة ام
احلام (43) عاما وهي ام لخمسة اطفال: دام زواجي 20 عاما وزوجي يعمل كاسبا( سائق كيا)
وفي كثير من الاحيان رزقه لا يسد نصف الشهر ، فاضطر ان اعمل في المنازل كي اسد رمق
صغاري.
وتضيف: ان زوجي
لا يحاول ان يغير مهنته او ان يبحث عن فرص اخرى للرزق وكلما كلمته عن ذلك يتهجم علي
بكلمات نابية، متذرعا بان العمل شحيح و الاجور قليلة وهو بذلك يرغمني على ان اتحمل
مسؤولية اطعام واكساء ابنائي، وكم من مرات عديدة نام اطفالي دون عشاء، والغريب في الامر ان زوجي يوبخني ويتجاوز علي بالضرب
اذا لم يجد في المنزل طعاما..
اضطرار
يقول القانوني
محمد العبيدي: ان موضوعة اتكالية الزوج على زوجته من الامور المهمة التي ظهرت في المجتمع،
التي ادت الى زيادة المشاكل العائلية مما تضطر بعض الزوجات الى اللجوء الى التفكير
في كيفية الحصول على المال من اجل استمرار حياتها الزوجية ومتطلباتها، بالاضافة الى
مدى خطورة هذا الامر على العائلة ومصير الاولاد كون ان البعض من هذه الحالات تضطر الزوجة
الى العمل في امور غير اخلاقية من اجل الحصول
على المال لارضاء متطلبات العائلة والزوج غير الانساني.
الامان والطمأنينة
يقول السيد (عمار
محمد) متقاعد: يعتبر الزوج هو الركيزة الأساسية في المنزل والذي تستند عليه أركان الأسرة،
فدوره لا يتوقف على توفير المقومات الحياتية فحسب وإنما يتعدى ذلك بكثير، فهو الضابط
الحقيقي لإيقاع الحياة داخل الأسرة وخارجها، وان خروجه إلى العمل كل صباح يبث الأمان
والطمأنينة في نفوس زوجته وأطفاله ويشعرهم بان هناك شخص يعمل لأجلهم ولمصلحتهم ويبذل
الغالي والنفيس لأجل أن يوفر لهم الحياة الكريمة، فإذا تقاعس الزوج عن العمل وإدارة
أمور حياة أسرته فانه بذلك يكون زوج اتكالي وخصوصا إذا كان يعتمد على زوجته في توفير
الدخل للأسرة.
عدم تحمل المسؤولية
تقول الباحثة الاجتماعية
داليا صباح: اعتقد بان الزوج ألاتكالي نموذج منتشر في كثير من البيوت ولم يعد يحسب
على الحالات الشاذة، ومن الأسباب التي تجعله
بهذه الصورة هو تربيته، فالبعض قد تربى على الدلال وعدم تحمل المسؤولية ولم يتم إعداده
جيدا لأدواره المستقبلية ومنها دوره باعتباره زوجا، وعليه واجبات وله حقوق فيعيش حياته
وهو غير مبالٍ وغير قادر على تحمل المسؤولية وحينما يتزوج يرمي المهام على زوجته التي
تضطر مرغمة على القيام بها في النهاية لأنها تعلم أن لا فائدة من الحديث أو الصراخ
فتتحول من دور الزوجة إلى دور الأب والخادم وهذا يشكل عبئًا إضافيًا عليها، وكثير من
النساء يعشن هذه المعاناة مرغمات فهن لا يردن
الطلاق وحرمان أطفالهن من والدهم وليس أصعب على المرأة من حمل لقب مطلقة في مجتمعات
عربية لا ترحم ولذا تلجأ تلك السيدة الى الصمت والبقاء في ظل رجل تناسى دوره ورمى مهامه
ومسؤولياته على زوجته المسكينة.
مشاركة بين الزوجين
يقول السيد علي
صبحي / موظف: أن الحياة المعاصرة تفرض على الزوجين النظر إلى القضية كمسؤولية مشتركة،
وبالتالي من حق الزوجة المطالبة بحقوقها وتذكير زوجها بواجباته تجاه الأسرة.بالإضافة
إلى أن بعض الأزواج الإتكاليين يرون أن من الضروري أن تكون المسؤولية على عاتق المرأة
كون الرجل لا يرغب في الإنفاق على البيت لأسباب يضعها وأعذار يستند عليها ليتخلص من
المسؤوليات والواجبات التي اوصى بها الدين والشرع ، فالتعاون بين الزوجين أمر ضروري
وذلك حسب الظروف التي تطرأ على الأسرة فإذا كان الزوج مقتدر ويرغب في الإنفاق دون مشاركة
الزوجة فلا اعتراض أما إذا كان الزوج غير مقتدر وزوجته موظفة أو مقتدرة فتكون هنا المشاركة
بين الزوجين اختيارية وليس فرض على الزوجة .
دكتاتورية الفرد ودكتاتوريات الجماعة !!!-حامد كعيد الجبوري
إضاءة
دكتاتورية الفرد ودكتاتوريات الجماعة !!!
حامد كعيد الجبوري
ليس في العمر متسع ، جف القلم ونضبت الفكر ، وتوارت خلف حجب الظلام أحلام شعب بددها العروبيون والإسلاميون والديمقراطيون على حد سواء ، أحلام لوطن يحتضن الأسمر والأبيض ، الصغير والكبير ، الرجال والنساء ، الأديان والأعراق ، لا اعرف ماذا تنبت أرض الرافدين ؟ ، هل أصبح باسق النخيل مشانق لأهلها ؟ ، الورود العراقية تحولت الى جيف تملأ الشوارع ؟ ، الرافدان يجريان دما عبقا من سيول نحور القتلى ؟ ، أليس هناك ( جتف يدخن ) كمقولة حجاج العراق ( صدام ) ، لماذا لم ( يهتز شاربا ) كما كان يقول الصدام الأعوج ؟ ، حديث الساسة الجدد هل هو محض كذب وافتراء وتسويف وضحك على الذقون ؟ ، متى يخرج الساسة من خضرائهم الأمريكية المحمية الى شوارع العراق ليروا بأعينهم حصاد ما زرعوه من خيبة بمناجل إرهابهم القذر ؟ ، هل لا زالوا يعانون سنة وشيعة وطوائف أخرى من أمراض مؤخراتهم التي أرهقت خزينة الدولة بقذارتها ؟ ، ألم يكفهم حجهم كل سنة لبيت الله الحرام ومسهم الحجر الذي أسوّد من سوء صنيعهم ؟ ، أليس هناك رجل حصيف ينقذ الناس والعراق من ( بلاوي ) هؤلاء ؟ ، ألا يوجد ضابط ( سيسي ) واحد يتأبط ثوب وطنيته ليعلن خلاص العراق من قتلته وذابحيه ، أليس من صحوة عراقية وطنية لا كربيع العرب الممول من ( الغتر ) البيضاء ، ألم يرف جفن لأمريكا ولتنظر بعين رأفتها الكاذبة والمزعومة ، وماذا سلطت على العراق وناسه ؟ ، أم هي ما تريده ليبقى العراق يدور بفلكها المأساوي ، حتى يبعث الله حجاجا جديدا ينظر للناس مظالمهم ويردها زورا وبهتانا ، ويرفع لثامه ويضع عمامته ، ليرتجف هولاً من قبحه المجتمعون ، ( بيت بيت زار الشعب ، وما بين بوجهه التعب ) ، ألم نكن نردد لحجاجنا هذه المقولة ونتبعها ( صدامنا صدام كل العرب ) ، ونردف هزجا ( بالروح بالدم نفديك يا صدام ) ، ثم خرجنا بعده نهزج ( بالروح بالدم نفديك .... ) ، هل دماء أبنائنا ودمائنا رخيصة لنقدمها هدية طوعية لكل قاتل ومأجور وعميل نكرة كصدام ومن أعقبه ، عجيب هذا البلد ، وعجيب ناسه ، وعجيب ساسته ، ( 325 ) فردا برلمانيا يضاف له كذا وزير يقف ضد إرادة ( 35 ) مليون عراقي ، سياسي يجلس مع ( الزرقاوي ) وينفذ له ما يطلب ، وسياسي يأتمر بعزته الدورية ، وسياسي يجلس مع عقال عربي ليبيع له وطنه وشعبه ، وسياسي يجلس مع عمة أجنبية يملي عليه شروطه ، وسياسي يجلس مع حاخام لينفذ له إرادته ، وسياسي يجوب الدول دعما عمن يمده بمال ليذبح أبناء جلدته ، وسياسي يسرق مال شعبه ويقدمه هدية لوطن منحه جنسية عوراء ، وزراء الأمن الوطني لا علاقة لهم بمهنية الصنعة والحرفة ، لذلك ينزف أبناء البلد دمائهم نتيجة عدم خبرة من يقف وراء هذه الوزارات ، ضباط جيش وشرطة حصلوا على رتب عالية تسمى ( الدمج ) دون تحصيل علمي وعسكري ، وحتى دراسي ليتبوأ درجة وظيفية أمنية تتحكم بمصير امة عراقية مستباحة ، مؤتمرات وصفقات شرف تستنزف أموال العراق ليصبح صباحه على تفجير ومفخخ وقنابل وسيارات ملغمة ، لقد بلغ السيل الزبى ، وضاقت الصدور بما ملأت من تقيح سياسيٍ مستورد ، وملت الحياة ، ولا مخلص من الموت إلا الموت ، انتظروا أيها العراقيون فالقادم أكثر سوادا من أيامنا هذه ، ومؤامرات الساسة ستزداد أيامنا القادمة ، وانتظروا وشاهدوا كيف سيشرعون القوانين لصالحهم وعلى مقاسهم الخاص ، الموت يحيطكم من كل مكان ، غدا موعدنا ، أليس غد بقريب ، للإضاءة ......... فقط .
دكتاتورية الفرد ودكتاتوريات الجماعة !!!
حامد كعيد الجبوري
ليس في العمر متسع ، جف القلم ونضبت الفكر ، وتوارت خلف حجب الظلام أحلام شعب بددها العروبيون والإسلاميون والديمقراطيون على حد سواء ، أحلام لوطن يحتضن الأسمر والأبيض ، الصغير والكبير ، الرجال والنساء ، الأديان والأعراق ، لا اعرف ماذا تنبت أرض الرافدين ؟ ، هل أصبح باسق النخيل مشانق لأهلها ؟ ، الورود العراقية تحولت الى جيف تملأ الشوارع ؟ ، الرافدان يجريان دما عبقا من سيول نحور القتلى ؟ ، أليس هناك ( جتف يدخن ) كمقولة حجاج العراق ( صدام ) ، لماذا لم ( يهتز شاربا ) كما كان يقول الصدام الأعوج ؟ ، حديث الساسة الجدد هل هو محض كذب وافتراء وتسويف وضحك على الذقون ؟ ، متى يخرج الساسة من خضرائهم الأمريكية المحمية الى شوارع العراق ليروا بأعينهم حصاد ما زرعوه من خيبة بمناجل إرهابهم القذر ؟ ، هل لا زالوا يعانون سنة وشيعة وطوائف أخرى من أمراض مؤخراتهم التي أرهقت خزينة الدولة بقذارتها ؟ ، ألم يكفهم حجهم كل سنة لبيت الله الحرام ومسهم الحجر الذي أسوّد من سوء صنيعهم ؟ ، أليس هناك رجل حصيف ينقذ الناس والعراق من ( بلاوي ) هؤلاء ؟ ، ألا يوجد ضابط ( سيسي ) واحد يتأبط ثوب وطنيته ليعلن خلاص العراق من قتلته وذابحيه ، أليس من صحوة عراقية وطنية لا كربيع العرب الممول من ( الغتر ) البيضاء ، ألم يرف جفن لأمريكا ولتنظر بعين رأفتها الكاذبة والمزعومة ، وماذا سلطت على العراق وناسه ؟ ، أم هي ما تريده ليبقى العراق يدور بفلكها المأساوي ، حتى يبعث الله حجاجا جديدا ينظر للناس مظالمهم ويردها زورا وبهتانا ، ويرفع لثامه ويضع عمامته ، ليرتجف هولاً من قبحه المجتمعون ، ( بيت بيت زار الشعب ، وما بين بوجهه التعب ) ، ألم نكن نردد لحجاجنا هذه المقولة ونتبعها ( صدامنا صدام كل العرب ) ، ونردف هزجا ( بالروح بالدم نفديك يا صدام ) ، ثم خرجنا بعده نهزج ( بالروح بالدم نفديك .... ) ، هل دماء أبنائنا ودمائنا رخيصة لنقدمها هدية طوعية لكل قاتل ومأجور وعميل نكرة كصدام ومن أعقبه ، عجيب هذا البلد ، وعجيب ناسه ، وعجيب ساسته ، ( 325 ) فردا برلمانيا يضاف له كذا وزير يقف ضد إرادة ( 35 ) مليون عراقي ، سياسي يجلس مع ( الزرقاوي ) وينفذ له ما يطلب ، وسياسي يأتمر بعزته الدورية ، وسياسي يجلس مع عقال عربي ليبيع له وطنه وشعبه ، وسياسي يجلس مع عمة أجنبية يملي عليه شروطه ، وسياسي يجلس مع حاخام لينفذ له إرادته ، وسياسي يجوب الدول دعما عمن يمده بمال ليذبح أبناء جلدته ، وسياسي يسرق مال شعبه ويقدمه هدية لوطن منحه جنسية عوراء ، وزراء الأمن الوطني لا علاقة لهم بمهنية الصنعة والحرفة ، لذلك ينزف أبناء البلد دمائهم نتيجة عدم خبرة من يقف وراء هذه الوزارات ، ضباط جيش وشرطة حصلوا على رتب عالية تسمى ( الدمج ) دون تحصيل علمي وعسكري ، وحتى دراسي ليتبوأ درجة وظيفية أمنية تتحكم بمصير امة عراقية مستباحة ، مؤتمرات وصفقات شرف تستنزف أموال العراق ليصبح صباحه على تفجير ومفخخ وقنابل وسيارات ملغمة ، لقد بلغ السيل الزبى ، وضاقت الصدور بما ملأت من تقيح سياسيٍ مستورد ، وملت الحياة ، ولا مخلص من الموت إلا الموت ، انتظروا أيها العراقيون فالقادم أكثر سوادا من أيامنا هذه ، ومؤامرات الساسة ستزداد أيامنا القادمة ، وانتظروا وشاهدوا كيف سيشرعون القوانين لصالحهم وعلى مقاسهم الخاص ، الموت يحيطكم من كل مكان ، غدا موعدنا ، أليس غد بقريب ، للإضاءة ......... فقط .
الاثنين، 7 أكتوبر 2013
التدخل الاقليمي والدولي : الوطن العربي في ذمة المجهول بقلم : د. لبيب قمحاوي -
التدخل الاقليمي والدولي : الوطن العربي في ذمة المجهول
بقلم : د. لبيب قمحاوي
التاريخ:06/10/2013
يُشكّل الوطن العربي المكان المؤهل حالياً لإعادة إطلاق جولات الكر والفر في السياسات الإقليمية والدولية في منطقة الشرق الأوسط المشتتة والواهنة. فعلى المستوى الدولي تعتبر عودة الدور الروسي النشط إلى المنطقة من خلال الأزمة السورية وتداعياتها التطور الأهم والأبعد تأثيراً بعد أن انفردت أمريكا بهذا الدور منذ سقوط الاتحاد السوفيتي. والدور النشط على المستوى الإقليمي لكل من تركيا وايران هو انعكاس طبيعي للضعف العربي العام وغياب قوة عربية مركزية تعبء الفراغ الذي تركته مصر بعد عبد الناصر أو العراق بعد صدام حسين. في هذا الخصوص قامت كل من تركيا وايران باستغلال الرابطة الأهم مع دول المنطقة ألا وهو الإسلام بتفرعاته المختلفة سواء السنية أم الشيعية. وإذا كان اختلاط الحابل بالنابل يعني شيئاً فإنه يعني في هذه الحالة الفوضى وفقدان القدرة على الاستشراف.
إن خلط الأوراق يختلف اختلافاً جذرياً عن اختلاطها . وخلط الأوراق عادة ما يكون نتيجة جهد مرسوم أو مخطط له، في حين أن اختلاط الأوراق يعبر عن حالة من الفوضى ناتجة عن تداخل الأمور بشكل عشوائي. والوطن العربي يمر الآن بمرحلة من اختلاط الأمور بشكل يقترب من حالة فوضى متفاقمة قد تطيح بالمسلمات وتُدخلها في عالم التيه والمجهول بل واللا معقول إلى الحد الذي لا يجرؤ فيه أحد على التنبوء بالنتائج بشكل علمي ودقيق ضمن تطورات تفتقر إلى المنطق .
الصراع الدائر في المنطقة بين قوى الإصلاح والتغيير من جهة وقوى الحفاظ على الوضع القائم (status quo) من جهة أخرى قد حسم مبدئياً وإن كان بشكل عجيب. قوى الإصلاح والتغيير لم تنتصر ولكن قوى الأمر الواقع لم تنتصر أيضاً وكلاهما لم ينهزم في الوقت نفسه . وهكذا نشاهد تبلور حالة من الفوضى التي انطلقت من أهداف نبيلة وانتهت إلى ما انتهت إليه من كوارث وأزمات تعصف بالمواطنين والأوطان .
في البداية يجب التأكيد على أن أي محاولة لفهم ما جرى ويجري في دول "الربيع العربي" يجب أن تنطلق من عنوان المرحلة وهو "الربيع العربي" . فهذا العنوان البعيد عن الواقع رفع سقف التوقعات لدى الجماهير بشكل زائف وجعل المعظم يتوقع الورود والزهور والمعجزات في مرحلة ما بعد الإطاحة بالنظام القائم في هذا البلد أو ذاك. ولكن الأمور لم تجر بهذه الطريقة . ولا يستطيع أحد أن ينكر أن الأزمات التي رافقت عمليات التغيير وتبعتها ليس لها أي علاقة بفصل الربيع الجميل. فباستئناء تونس ، فإن الإطاحة بالأنظمة كانت عملية دموية بدرجات متفاوتة وكانت مُغلّفَة بالفوضى وفقدان البوصلة والقدرة على الاستشراف .
سقوط الحكم في مصر بيد الإسلاميين كان هو الحدث الأكبر والذي شمل في آثاره وأبعاده الدائرتين العربية والإقليمية . وانطلاق الثورة في سوريا كان هو الحدث المرادف في أهميته والذي شمل في آثاره وأبعاده الدوائر الثلاث العربية والإقليمية والدولية. كلا الحدثين نقلا عملية التغيير في الدول المعنية من طبيعتها المحلية إلى أبعاد تخرج عن نطاق السيطرة المحلية مما جعلها خاضعة لتأثير تيارات قد تكون متضاربة وتشمل دولاً غير عربية مثل تركيا وايران، ناهيك عن تعقيدات التدخل الدولي في وضع مثل الوضع السوري الذي ارتهن عملياً للبعد الدولي أولاً والإقليمي ثانياً مما جعل من تأثير القوى المحلية على نتائج الصراع تأثيراً هامشياً. وهكذا ابتدأت تفاعلات المشهد الإقليمي والدولي تأخذ الصدارة بشكل علني في تطور الأحداث في المنطقة العربية .
كان لتولي حركة الإخوان المسلمين الحكم في مصر ، ذات الثقل التاريخي والسياسي وهي الدولة المحورية الأهم في العالم العربي، وقع الصاعقة على مجريات الأحداث في المنطقة. وقد فتح هذا التطور الباب على مصراعيه أمام أحلام حركة الإخوان المسلمين خصوصاً والإسلاميين بشكل عام بإعادة تشكيل الدولة المصرية لتصبح جزءاً من دولة الخلافة ومرتكزاً لانطلاقة إسلامية إخوانية تشمل العالم العربي. وفي الوقت نفسه فتح هذا التطور الباب أمام الأحلام التركية بإعادة إحياء نوع ما وشكل ما من الخلافة الإسلامية العثمانية بقيادة تركيا الإسلامية. وابتدأت التفاعلات الإقليمية تفرض سيطرتها على تطور الأحداث وأصبحت اسطنبول الكعبة السياسية للعديد من القوى الإسلامية ، وابتدأ إخوان مصر وإخوان الأردن وإخوان حماس وإخوان سوريا وإخوان تونس بالحجيج السياسي إلى تركيا. وتمددت العضلات السياسية التركية الإقليمية لتتمكن من احتضان هذا الدور الجديد والمسؤوليات الجديدة . وتسارع الصراع بين أخونة الدولة المصرية ومدنيتها. وتجاوز الاستقطاب الناتج عن ذلك كل حدود. ووصلت الدولة المصرية إلى مفترق طرق إما انقلاب إخواني على مدنية الدولة أو انقلاب عسكري للمحافظة على مدنية الدولة. وكان ما كان وانهار العمود الرئيسي في مخطط أسلمة المنطقة بقيادة تركيا وضمن مفهوم عثماني أممي إسلامي. وجاء الرد التركي حاداً ومنسجماً مع موقف الإخوان المسلمين وهاجموا جميعاً ما جرى في مصر بأقصى ما لديهم . في حين ابتدأ العهد الجديد في مصر في محاولة إعادة تركيز دعائم الدولة المصرية المدنية مع اعتبار أن كل ما جرى كان نتيجة حتمية لغياب بديلٍ شعبي للإخوان المسلمين في مصر .
وتقديراً من العهد الجديد في مصر لخطورة وجود فراغ سياسي وتنظيمي على المستوى الشعبي ومنعاً لتكرار تجربة نجاح الإخوان المسلمين في الانتخابات ، واعترافاً بالحاجة إلى قطب جاذب للشعب تم العمل بسرعة وإن كان بشكل ساذج على محاولة إعادة خلق الخيار القومي الناصري والتركيز على أمجاده الوطنية . وبالطبع فإن هذا المسار يتضمن تكريس القيادة الخفية أو المعلنة للقوات المسلحة المصرية كضامن للدولة المدنية مع التركيز في الوقت نفسه على الطبيعة الباطنية والدموية لحركة الاخوان المسلمين وتاريخها في الاغتيال السياسي. ويتم العمل الآن على تجريدها من غطائها الديني ووصايتها المفترضة على الدين من خلال إعادة تكريس القيادة الدينية للأزهر كمرجعية وحيدة في القضايا والفتاوى الدينية .
وكان لكل ما جرى في مصر انعكاساته السلبية بل والمدمرة على الحركات الإسلامية وعلى احتمالية استلامها للسلطة أو بقائها في السلطة في دول عربية أخرى ، وعلى برنامج إعادة إحياء مفهوم الأمة الإسلامية ودولة الخلافة.
وقد ساهم هذا التطور على الساحة المصرية في خلط مزيد من الاوراق وتعقيد الامور على الساحة السورية .
لقد ثار غضب الإسلاميين الذين ابتدأوا يشاهدون عِقْد الأسلمة الذي كاد أن يكتمل قد ابتدأ ينفرط بفعل ضغط ما جرى في مصر. وجرت محاولات حثيثة للتعويض عن تلك الخسارة في مصر بدفع الأمور في سوريا باتجاه إسقاط الأسد لصالح قيام حكم إسلامي سني يُعوض عن الخسارة في مصر . وقد دفع هذا التطور التحالفات الإقليمية باتجاهات متناقضة إلى حد الجنون. ففي الوقت الذي تقف فيه السعودية ودول الخليج على نقيض الموقف التركي تجاه مصر، نشاهد ولأسباب مختلفة تبلور حلف تركي- سعودي- خليجي باتجاه إسقاط الأسد لصالح قوى إسلامية تم تصنيفها بالقوى السنية، مما استدعى رد فعل النظام السوري وايران بإرسال قوات حزب الله اللبناني الشيعي لإسناد النظام السوري والقتال إلى جانبه وتحول الأمر بذلك إلى استقطاب إقليمي ديني سني- شيعي . وخرجت تركيا عن اللباقة الدبلوماسية واتخذت موقفاً حاداً ومعلناً باتجاه العمل على عودة نظام حكم الإخوان في مصر وعلى إسقاط نظام الأسد في سوريا واستعداد تركيا للمساهمة في أي جهد حربي في هذا الاتجاه . وقد أدت هذه الاستقطابات الإقليمية إلى استقطاب دولي مماثل قامت أمريكا والغرب من خلاله بدعم المعسكر السني المضاد للأسد ، في حين قامت روسيا والصين بدعم المعسكر الشيعي الداعم لنظام الأسد. ولكن ترجمة كل هذه الصراعات والسياسات والتناقضات ضمن أطر دينية وتقسيم الشعب الواحد إلى أطيافه الدينية الجزئية قد وضع أرضية جديدة وخطرة لما ستؤول إليه الأمور في الحقبة المقبلة، مما قد يؤشر على بداية إعادة تقسيم دول المنطقة ونقلها من الهوية الوطنية إلى الهوية الدينية كأساس للإنتماء والدولة.
وابتدأت الأمور تسير في اتجاه خطير جداً على مستقبل المنطقة العربية ومصالحها. فتحول أسس الصراعات في المنطقة من أسس سياسية وطنية إلى أسس طائفية دينية من شأنه أن يصب في مصلحة إسرائيل مباشرة ودون أي لُبس. فالنجاح في إعادة تعريف أسس الصراع في المنطقة من سياسي إلى ديني سوف يحول صراع العرب والفسطينيين مع إسرائيل من صراع سياسي وطني إلى صراع ديني ويصبح الصراع بالتالي بين اليهود واليهودية من جهة والمسلمين والإسلام من جهة أخرى ! وهذا بالضبط ما تريده إسرائيل .
مرة أخرى يطرح السؤال نفسه ، هل نحن بصدد تقييم تجربة "الربيع العربي" بما لها وعليها لاستخلاص الدروس والعبر تمهيداً لربيع عربي ثانٍ، أم أن هذه هي نهاية المطاف وأن ما جرى هو طفرة لا جذور لها ولا مستقبل لها بل هي عبارة عن ترجمة بائسة لأطروحة أكثر بؤساً وهي "الفوضى الخلاقة" ، أم مزيج من الإثنين؟
الأحد، 6 أكتوبر 2013
الجمعة، 4 أكتوبر 2013
قصص قصيرة جدا ً-عادل كامل
قصص قصيرة جدا ً
عادل
كامل
[1] نباتات
عندما فتح الباب، ودخل إلى
البيت، وجد شجرة صغيرة تنحني له. إنها زوجته. فأسرع يبحث عن أفراد أسرته، فرأى
الجميع قد تحولوا إلى نباتات، ملأت الدار، متشابكة الأغصان، والجذور. وعندما حاول
التراجع، تجّمد، وأحس بألم في نهايات أصابعه، وبأزيز يحدث في داخل رأسه، فتريث،
لبرهة، وهو يرى أن ثمة براعما ً كانت
تتحول إلى وريقات، والى أوراق ذات أشكال متنوعة، تمتد من أعلى جسده، وان
أصابع قدميه سرعان ما أصبحت جذورا ً، هي الأخرى، كانت تمتد، وتتداخل، مع الأغصان
والأوراق والجذور، آنذاك لم يجد ضرورة للبحث عن الكلمات، أو التفكير ما اذا كان
أغلق باب البيت، أم لا.
[2] طيور
وهو يبحث عن مكان يتوارى فيه،
صدم عندما رأى المشهد ذاته: الطيور تهبط بأقصى سرعتها من الأعلى مصطدمة بالأرض.
كان يراها تتلوى، وتتوجع، لبرهة من الزمن، ثم تكف عن الحركة. لم يمتلك قدرة رفع
رأسه والنظر إلى السماء، فقد كان يصغي إلى أصوات ارتطام أجساد الطيور، يأتيه، من
جهات متفرقة، منكمشا ً، حتى وجد نفسه قد تحول إلى كرة صغيرة، رخوة، لينة، وعندما
حاول ان يوقف تدحرجها، نحو مكان ما يجهله، عجز عن ذلك، فقط كان لا يتذكر إلا كلمة
دارت بخلده، راح يكررها: حتى انك لم ترتفع قليلا ًعن ... الوحل.
[3] ولادة
ماذا كنا فعلنا لو لم نعالج الأمر
بكتمان، وحكمة، قال الأب لنفسه وهو يراقب شرود نظرات القابلة وهي تقلب مكعبا ً
صغيرا ً له ثقوب عديدة، رآها، فابتعد بلا إرادة منه نحو زاوية مظلمة توارى فيها داخل
الغرفة. لم تصدم القابلة بالوليد المكعب، فقد سبق لها ان رأت أجنة شبيهة بالسحالي،
والضفادع، والخنازير، ولكنها لم تر مكعبا ًلم يفقد حرارته، بل ومازالت تتحسس دقات
منتظمة تلامس أصابعها، فيما ترى الثقوب تتوسطها عيون شاردة النظرات.
ولم تكن خبرتها محدودة أو مبتسرة
للتأويل، أو إبداء أراء مجافية للأسباب التي أدت إلى التباسات، وخلط، وتشويهات
للمواليد الجديدة، بعد الحرب، ولكنها ان ترى مكعبا ً بعيون زرق تحدق فيها، فقد
صدمها حتى إنها لم تجد قدرة للإجابة على تساؤلات الأم، التي بدورها مدت أصابع يدها
اليمنى وسحبت ولديها المكعب نحوها: آ ....! ولم تستطع النطق. مدت القابلة يدها
وحملت الوليد الذي مازال شارد النظرات، وسمعته يتفوه بصوت خفيض واهن: أين أبي..؟
عندما بحثت عن الوالد، لم تجده،
آنذاك لم تجد ضرورة لإخبار الوليد بالأمر، ـ لا لأن والده اختفى، بل لأنها رأته
يتحول إلى أثير، وهو يتناثر إلى ذرات ملأت فضاء الغرفة.
[4] اندماج
عندما غادر بيته متجها ً إلى
دائرته، لم يصدم برؤية أجساد تمشي، من اليسار إلى اليمين، وأخرى تهرول، من الشمال إلى
الجنوب، وثالثة توقفت حتى بدت له كأعمدة تلغراف، إلا أنها جميعا ً كانت خالية من
الرؤوس، لم يصدم، بل شرد ذهنه لبرهة من الوقت، وحرك أصابعه باحثا ً عن رأسه. وجده،
فشعر انه يتلمس مربعا ً استطال فتحول إلى اسطوانة، والأخيرة استحالت إلى كرة صغيرة.
غاب عن الوعي، وآفاق ليجد احدهم يشير له بأصابعه ألا يتوقف، فمشى، فلاحظ آخر يدله
على مسار عليه ان يتجه إليه، فاتجه، من غير اعتراض، مصغيا ً إلى آخر يأمره
بالإسراع في الحركة، فأسرع، وعندما بلغ نهاية الشارع، رأى حشدا ً كبيرا ً منتشرا ً
يملأ الساحة حتى نهايتها. وسمع من يقول له: التحق. إلا ان احدهم اعترض عليه بسؤال:
عجبا ً ان رأسك مازال في موقعه! فقال من غير تفكير: أهذا هو رأس، أم فراغات
ممتدة...؟ ضحك الآخر، هامسا ً: حسنا ً، آن لك ان تندمج.
[5] سعادة
لم يرغب بالكلام، لو لم يسأله
الطبيب، وهو يلفظ آخر ما تبقى له من الأنفاس:
ـ أراك سعيدا ً ..؟
فقال المريض ـ 80 عاما ًـ
بسلاسة:
ـ كيف لا ...، فبعد ان أمضيت حياتي ابحث عن إجابة تفسر لي: ما الوعي،
ولماذا أصبحت لا أفكر إلا في ماهية التفكير...، ولم أجد إجابة شافية، تمنحني
الرضا، أو الآمان، فانا سعيد الآن بعودتي إلى المكان الوحيد الذي لا يُسمح لي فيه
بارتكاب الآثام!
[6] لا توجد مشكلة
بعد ان شخص الطبيب حالة مريضه،
أخبره باستحالة الإنجاب. فطلب المريض ـ رغم ذلك ـ ان يجري فحصا ً للسيدة زوجته.
أجرى الطبيب اللازم، واخبره بأنها تعاني من العقم أصلا ً.
نظر الزوج في عيني زوجته، وقال
لها:
ـ لا أنا هو السبب، ولا أنت هي السبب أيضا ً، مع إننا أنجبنا هذا العدد
الكبير من الأولاد ومن البنات!
فقال الطبيب بصوت مرتبك:
ـ أرجو ألا أكون أنا هو السبب، وأرجو ان لا تتهماني بالتقصير!
فقال الزوج لنفسه، بصوت مسموع:
حقا ً، المشكلة التي لا حل لها، ليست مشكلة!
[7] عطر
رائحة الكاردينيا سمحت له بتحسس
وريقات نباتات حمراء لا مست محياه، وأخرى لنباتات طالما اعتنى بها، لم يصدم انه
وجد جسده غدا محاصرا ً بالسيقان، بل بجذورها أيضا ً. فترك بصره يغادر متأملا ً
جسده النحيل في الغرفة ذاتها التي طالما اشتغل بمكافحة الآفات الزراعية، وتحسين أنواع
الأجناس المركبة، دامجا ً الجينات، من صنوف متنوعة، لمقاومة الحر والغبار والدخان
والضوضاء. كانت قدرته مرهفة بعزل نسمات الفجر وإرجاع كل عطر إلى مصدره، تلك
الشجيرات الناعسة الظلية وهي تحتمي بنبات الدفلى، والياسمين، والجوري، وذات الفم المتذبذبة
الحركة، وذات الاستدارة، والشتلات المربعة بألوانها الداكنة تجاور الزهور البرية،
راحت تنث حبيبات ناعمات سمحت لبصره ان يعود، محتفظا بألوان الأوراق البيض،
والذهبية، مع ما جاورها من الأوراق الابرية، والمدببة، والمقعرة، حتى استطاع ان
يميز عطر شتلات استجابت لنواياه، وهي تقاوم غيابها.
مرة أخرى، والى الأبد ـ دار
بخلده ـ انه لم يعد وحيدا ً، كما حلم، تاركا ً جسده يقاوم أية محاولة للحركة. إنها
المرة الأخيرة التي استنشق بلذّة ما العطر
وقد رآه يتلاشى في الفضاء.
[8] ولادة
وأخيرا ً أعلنت القابلة أنها
أفلحت، بعد ساعات شاقة من معالجة العسر الذي تعرضت له السيدة، والذي كاد يودي
بحياتها، عن الولادة. لم يستفسر الأب، ولا الأم، ولا باقي أفراد العائلة،
والجيران، والأصدقاء، عنها، بل ساد شعور بالرضا، والطمأنينة مهد لهم، جميعا ً،
إغفال نوع المولود، والامتنان لسلامة الأم.
فقد أعلنت القابلة ـ همسا ً ـ إنها لا تريد لأحد ان يرى الكائن ـ وقد ولد حيا ً، كسمكة، لكن حياته لم
تدم طويلا ً. فهمست الأم في أذن زوجها، كاتمة لوعة دفينة، إنها أخبرته ـ منذ زمان
ـ ان السيد دارون ترك الحلقة المفقودة جديرة بالبحث، فليس من الصعب تصور إننا
ننحدر، نحن التعساء، عن نوع ما من الأسماك، وليس ـ بالضرورة ـ عن القردة. فلم
يعترض الزوج، السعيد بسلامة زوجته، بعد فشل الأخيرة في إنجاب كائنا ً شبيها ً
بالآباء، أو الأجداد، عليها، بل اخبرها ـ وبصوت لا يخلو من الدعابة ـ ان الأمر قد
يخص سلطة الأسلاف، فهي ـ قال بصوت مسموع ـ: تنحدر من المياه الضحلة، وقد مزجت
بالوحل. إلا ان السمكة التي نفقت، قبل قليل، سرعان ما راحت تحدق في الوجوه، ففزعت،
مذعورة، مرتجفة، لبرهة، ثم توارت، تاركة خلفها رذاذ ماء بلوري، راح الجميع ـ
ولسنوات ـ يتحدثون عن تجانس ألوانها، وشفافيتها.
[9] قبلات!
بماذا يخبرها، وهو يراها تقترب
منه، هل يبوح لها بأنه لا يمتلك إلا أسئلة؛ أسئلة تتكّوم، لا ترتد، ولا تتراجع، بل
تتناسل مثل ديدان ما ان ترى النور حتى تفقد رشدها وتتلهف للبحث عن زيادة، أم
يخبرها إنه، مثلها، لا يمتلك إلا إجابات غامضة..؟
مدت أصابعها النحيلة، نحوه، وما
ان لامست محياه، حتى لم يعد يجد كلمات للتفكير، وليس لديه قدرة حتى على النطق. وجد
إنها تأخذه معها، داخ، فكف عن النظر إليها. لم يستسلم تماما ً لشفتيها، بل وجد انه
لا يمتلك موضوعا ً يفكر فيه. كان، دار بخلده، لا يود ان يبحث عن رغبة في الحوار،
معها، مكتفيا ً، متابعا ً مع نفسه، ان الصمت ما هو إلا خاتمة مناسبة للاستغاثات،
والعويل. لم يخبرها انه شاهد عشرات القتلى، وعشرات الجرحى، وانه نجا من الإصابة، بسبب
المسافة، المسافة ذاتها التي أصبحت صفرا ً بينها، وبينه.
[10] زيارة
ـ أراك لا تريد ان تقول كلمه، عند ضريح الإمبراطور..؟
ـ ماذا أقول عند فخامته..؟
ـ وتقول فخامته ..؟
ـ لأنني لا اعرف سواها، فعندما أمر بسجني، لم اصدق أنني سأرى النور مرة
أخرى..
ـ هذا صحيح، لأن فخامته أمر بإطلاق سراحك ما أن يذهب إلى العالم الآخر.
هزّ رأسه، متمتما ً:
ـ اعرف، اعرف، اعرف ...، كي التحق به!
[11] براءة
عندما طلبوا منه ان يدخل إلى مملكة
الموتى، بعد ان فارق الحياة، وجد الموتى بانتظاره، سأل الدفان:
ـ غريب، لماذا لم يعقدوا صلحا ً في حياتهم الأولى..؟
فقال الدفان:
ـ ليس هذا هو الغريب، بل لأن جرثومة الموت ستعمل مع أحفاد أحفادهم، حتى يوم
تقوم الساعة.
ـ لماذا ..؟
ارتبك الدفان، لبرهة، وسأله:
ـ أراك مازلت ترغب بالعودة إلى ..
فصرخ:
ـ لا ...، فانا كنت ضحيتهم.
ـ لكنك قط لم تكن بريئا ً..!
[12] دليل
شاهد الجنود الغرباء يقتربون من
بيته، فدار بخلده، إنهم لم يتركوا شيئا ً على حاله، لا حجرا ً فوق حجر، ولا بابا ً
مغلقة، ويقولون لنا: جئنا نحرركم، ونعلمكم الديمقراطية!
نظر إلى جاره الذي كان يعمل مع الغرباء، وهمس في أذنه:
ـ لماذا أصبحت دليلا ً لهم..؟
اقترب الضابط الأمريكي منه وسأله:
ـ هل لديك سلاح..؟
ابتسم العجوز، ولم يجب. فقال جاره لهم:
ـ ألا تراه شيخا ً هرما بانتظار الموت!
فقال الضابط يخاطبه:
ـ غريب، الميت يوشى بالموتى!
[13] عطر
كان، في فجر كل يوم، يذهب يزور
قبر حبيبته، في المقبرة، يضع وردة ـ لدقائق ـ فوق ضريحها، ويعود إلى بيته حاملا ً
الوردة ذاتها معه. فسأله جاره:
ـ غريب، لماذا لم تدع الوردة لها، وتصطحبها معك ..؟
فقال العجوز:
ـ بالوردة استنشق ما تبعثه لي من عطر، من ثم، لا ادعه معها تحت الأرض، فانا
مازلت حيا ً لهذا السبب..!
ابتسم الآخر، وسأله:
ـ أراك تبتسم، هل حكيت طرفة!
ـ لا، إنما تذكرت هؤلاء الذين يحرقون موتاهم ..
فقال بصوت خفيض:
ـ كي تبقى ذكراهم أبدية في الريح!
[14] خيانة
سأل زميله في العمل:
ـ لماذا خنت شعبك..؟
ـ أنا، بالعكس، شعبي هو من علمني الخيانة..!
فقيل، انه منذ ذلك اليوم، لم يذهب
إلى العمل، ويقال، انه لم ينطق بكلمة.
6 أيلول 2013
آخر قصص بلقيس الدوسكي*-
آخر قصص بلقيس
الدوسكي*
الحاسة العاشرة
ـ بين حين وآخر، أرى هذا الرجل يمشي على رأسه، ولا احد يعرف سر هذه الوسيلة
المدهشة في المشي!
ـ أنا الوحيد الذي اعرف السر!
ـ ما هو السر..؟
ـ لا استطيع البوح به.
ـ لماذا ..؟
ـ لأن هذا الرجل صديقي، وشريكي في الصفقة القادمة.
ـ أية صفقة تقصد..؟
ـ صفقة كبيرة تجعلونني من أغنى أغنياء الأرض، وكذلك بالنسبة لشريكي.
ـ ولماذا لا تجعلوني شريكا ً ثالثا ً لكما..؟
ـ لأنك ستخبر السلطان عنا، وتأخذ
جزءا ً من الصفقة منه.
ـ يبدو لي انك لا تثق بي.
ـ نعم، لأنك ظلمت الكثير من الناس بنفاقك وأباطيلك بدافع من أطماعك.
ـ لكنني أعاهدك على الوفاء وحفظ الأمانة.
ـ اقسم بالعقل والضمير.
ـ اقسم ولا مانع عندي ولن اخبر عنكما!
ـ إذا ً، سأبوح لك بالسر.
ـ يسعدني هذا ..
ـ ان جد السلطان دفن ثروته في مكان ما من هذه الأرض داخل أربعة صناديق من
الحديد!
ـ وهل لحفيد السلطان معرفة بهذا الأمر؟
ـ نعم، وقد بحث عن هذه الصناديق لمدة سنة ولم يعثر عليها، وأخيرا ً يأس
منها وترك عملية البحث.
ـ إذا ً، كيف ستعثرون عليها..؟
ـ بواسطة صديقي الذي يمشي على رأسه!
ـ لم افهم قصدك.
ـ في رأس صديقي الحاسة العاشرة التي تعرف ماذا تحت الأرض بعمق أربعة أمتار!
ـ يا للغرابة، ويا للدهشة.
خلال ساعة من الزمن وقف الرجل
على قدميه وراح يرقص فرحا ً فوق مساحة صغيرة من الأرض، فعلم صديقه بأنه قد عثر على
المكان الذي دفنت بداخله الصناديق.
ـ اعرف لماذا رقصت يا صديقي.
ـ لنحفر هنا، أنا وأنت فقط.
ـ ولكن أصبح لنا شريكً ثالث، اقسم لي بضميره ان لا يخبر السلطان عنا..!
ـ اشك به.
ـ على أية حال، ليشاركنا في الحفر وإخراج الصناديق.
وبعد الحفر وإخراج الصناديق قال
شريكهما الثالث:
ـ لي ثلاثة صناديق، ولكما صندوق واحد.
ـ بدأت الخيانة!
ـ أنا أحق منكما بهذه الثروة.
ـ لماذا ..؟
ـ لأنني سأحافظ على رأسيكما من القطع بسيف حفيد السلطان.
في الليل دفنوا الصناديق في
مكان آخر من غير علم الشريك الثالث وقالوا له في صباح اليوم التالي:
ـ لقد سرقت الصناديق، وماتت الحاسة العاشرة!
معذرة سيدي الربيع
استلمت برقية من مجهول يدعوها
لحضور حفلة سيقيمها الربيع لمناسبة أعراس الزهور. ولم يذكر لها أين ستقام هذه
الحفلة، فالربيع له حضوره في كل أرجاء الدنيا. فإلى أية مدينة تذهب..؟ قررت ان تزور المدن كلها.. كل القرى، والأرياف.
فالحفلات التي يقيمها الربيع لا نظير لها، ثم ان الحفلة تقام لمناسبة أعراس الزهور
وهي مولعة بحب الزهور.
تعبت من السفر،. أرادت ان ترى
طيرا ً لتسأله عن موقع الحفلة ولكن من غير جدوى. جلست أمام حمامة كسيرة الجناح وهي
تبكي فسألتها عن سر بكائها، قالت:
ـ أنا الوحيدة التي حرمت من حضور الحفلة، لأنني لا استطيع الطيران.
ـ وأين باقي الطيور..؟
ـ كلها ذهبت إلى الحفلة. البلابل والنوارس وغيرها من الطيور، بل وكل الناس.
ـ وأين تقام الحفلة..؟
ـ لا ادري، فلم يخبرني احد عن مكان إقامتها.
ـ أنت كسيرة الجناح وأنا كسيرة القلب، ولو اعرف مكان الحفلة لحملتك معي
إليها.
قلت مع نفسي: سيعاقبني الربيع
لعدم تلبية الدعوة، لكن عذري معي، فالبرقية خالية من العنوان، وأنا آسفة جدا ً..
فهذه أول حفلة احرم منها.
مر طائر وبرفقته طائر ابيض لم أر
مثله طيلة حياتي لجماله الرائع. هبط الاثنان إلى جانب الحمامة المكسورة الجناح،
فرحت كثيرا ً لأنني سأعرف مكان الحفلة عن طريقها، سألت احدهم:
ـ أريد ان اعرف مكان الحفلة منكما، وهذا فضل لن أنساه.
ـ لا ادري أين تقام، فأنا منشغل بأمي وقد جلبت هذا الطبيب لمعالجاتها عسى
ان يشفى كسر جناحها، ولكن لماذا أنت ِ متأخرة..؟
ـ لا اعرف مكان الاحتفال.
ـ إذا ً فنحن الأربعة الذين تخلفنا عن الحضور، أنت وأمي وأنا والطبيب، وهذا
من سوء حظنا. فاليوم تزغرد الطيور كلها وتبارك الزهور بأعراسها، وسينثر السيد
الربيع أشذى العطور على جميع المدعوين هناك، لقد ضاعت فرصة ذهبية لا تتكرر إلا مرة
واحدة في كل عام. قلت له:
ـ ألا تعيرني جناحك لهذا اليوم فقط..؟
ـ لا استطيع يا سيدتي، فربما يرسلني الطبيب لجلب دواء لامي من صيدلية
النرجس، وهي بعيدة جدا ً.
عدت إلى البيت كسيرة القلب،
حزينة النفس، وبعد منتصف الليل، وصلتني برقية ثانية وهي تحمل العنوان ....، فكدت
أطير من الفرح لكنني سرعان ما عدت إلى حزني، فالبرقية كانت جاءت متأخرة، لان
الحفلة كانت ممتعة للغاية، حيث رقص العشاق والعرسان فيها، وكان احد العشاق منزويا
ً لأنه كان ينتظر وصولك ليراقصك، ولكن للآسف قد انفض الحفل وتفرق الجمع وقد استغرب
الربيع عدم حضورك كما في المواسم السابقة.
لم انم في تلك الليلة، لكنني
احتفظت بالبرقيتين، لموسم العتاب القادم، ومعذرة لك يا سيدي الربيع!
العزف على قيثارة
المساء
هناك، خلف تلك السحابة الزرقاء
التي ترقص على جسد الأفق البعيد، هناك تحلق الفرحة بأجنحة القلق لكنها تحتمي بتلك
السحابة وتمسك بأذيالها كلما تعبت أجنحتها، وعندما يستفيق الليل ويتناول فطوره على
مائدة الصباح، فان وجبته المفضلة هي أجنحة الفرحة، لكنها كانت تختفي في ثياب
السحابة الزرقاء وتلوذ بها من قبضة الليل.
ان جدتي تقول حطت السحابة
الزرقاء فوق سطح دارنا قبل ألف عام وشربت ماءنا ثم حلقت ثانية وتقيأت الماء فوق
حديقة ابنة السلطان العثماني، فتفتحت بها أجمل ألوان الزهور الشذية، منها الزهور
الخضراء والزرقاء بل والسوداء أيضا ً.
لاشك انه فعل الماء.. لماذا لا
نصنع حديقة في بيتنا ونسقيها من مائنا أيضا ً..؟ جدتي ترفض، تقول لا يحق لنا
التدخل في شؤون السحابة الزرقاء. ولكن
لماذا لا نطلب من السحابة الزرقاء ان تعطينا الفرحة المجنحة التي تلعب بجناحيها..؟
تقول جدتي ان الفرحة ملك الجميع ولا يحق لنا احتكارها. دعك من هذه الأنانية، ان
جدتي إنسانة ناكرة لذاتها، تحب للجميع ما تحب للنفسها، لهذا فإنها لا تحب مشاكسة
السحابة الزرقاء التي مازالت ترقص على جسد الأفق.
ويغفو الليل على فراش النجوم
ويطلب من القمر ان يكف عن مغازلة الشمس.
تقول جدتي، قبل ألف عام صعدت على
سطح الدار فوجدت الشمس والقمر يتعاتبان، ثم تعانقا بشوق وحنان وافترقا. وفي اليوم
التالي تحول سطح الدار إلى حديقة جميلة فيها العديد من الأزهار الملونة، وعندما
قطفت منها زهرة خضراء، اختفت الحديقة فجأة ولم يبق منها أي اثر فوق السطح، ومازلت
اجهل السر.
ربما قد غضبا لقطفك زهرة من
حديقتهما يا جدتي، ربما ...
والآن داعبني النعاس يا جدتي: هل
أنام في مهد طفولتي أم انه لم يعد يسعني؟ لا لن أنام، سأصنع لي جناحين احلق بهما
نحو السحابة الزرقاء لأمرح هناك مع الفرحة المجنحة، وعندما اشعر بالتعب سأرتاح بين
أحضان السحابة الزرقاء، واعزف على أوتار الليل!
ظل وممرات
خاطبت نفسها بصمت: الزمن يهذي، أم
الواقع؟ يا له من زمن مجنون؛ كل الطرقات مفروشة بالثرثرة، وكلنا مزدوجين، وأكثرنا
يشّجع الشر ببقائه في الأعماق!. أسألكم جميعا ً: من منكم لا يسكنه الشيطان؟ إنكم
تكرهون الصدق، وتكرهون الصراحة، ويحلوا لكم الرقص فوق الموت!
كفى..، لست مستعدة للمزيد من
الثرثرة، فانا ارفض النشاز، وارفض مواعظكم، وإرشاداتكم، لأنها ليست من رحم
المعاناة. حين تغير الأنهار مجاريها، تتضرعون لنزول المطر، وتلك هي حالة الاتكال،
والخمول، أما أنا فعطشي أعظم من ذلك!
انتم، يا كل الذين من حولي،
أفكاركم ليست هي أفكاري، انتم تفكرون بما يزول، وأنا أفكر بما يمتد، ويدوم. انتم ـ
يا أحبتي ـ تفكرون بالمال، والملذات، والرفاهية في البذخ، وأنا أفكر بالأبعد،
والأبعد!
انه العطش، فانا لا اطمع بسلسبيل أنهاركم. عطشي اكبر. عطشي الدنيا برمتها.
الماء لا يروي العطشى، حتى لو انهمر من الأعالي. أنا يا سادتي ابحث عن الانهمارات
النائية، لماذا...؟ لأنها ليست عابرة. فلماذا كل هذا الصمت..؟ الزمن ـ هو
الآخر ـ لاذ بالفرار، كعادته، ولفظ السؤال
آخر أنفاسه على الشفاه. هرب القلم من بين أناملي، ورفع العطش إصبع الاتهام، أشار
لي. فقلت بصراحة صماء: لا عطش! فانا البريئة في القفص، والزمن هو الشاهد. فقال
الآخر المجهول: ذبلت الزهرة عندما غيرت مجراها، وأنت المسؤول عن ذبولها، وجاء
البلبل مدافعا ً عنها، ثم غاب. ها أنا الحضور بين غائبين، والغائبة ابعد منه، بلا
ماء، ولا هواء، ولا كلمات. أنا الصمت أتعكز بجدول لا وجود له، ولا أجد ما ابحث
عنه، ولا يجدني من يبحث عني! أنا الغائبة بين غائبين، لا أجد من يصغي إلي ّ، لا
أرى من يتكلم كي أصغي إليه. فالكلمات رماد من غير نار، والنار محض كلمات من غير
رماد. لقد أصبحت امشي بمعزل عن ظلي، لا صوت لي، ومهرجانات الكلمات وحدها لا تدعني
اصمت! فأغيب، وأنا لا انتظر من يرد لي ما فقدته، فما أريد، غدا وحده يعمل بعيدا ً
عني، فانا جئت كي لا أصل، وهو غاب لأنه لم يأت ْ!
القنديل
ارتدى عباءة الليل ومضى يبحث عن
قنديل يضيء به ظلمة نفسه. اصطدم بكثير من الصخور التي اعترضت طريقه، إلا انه كان
ضعيف الذاكرة ولم يتذكر عدد الحفر التي سقط فيها خلال رحلته، بل نسي المهمة التي
خرج من اجلها.
الريح هي التي كانت تسيره،
فتارة تدفعه بقوة إلى الأمام وتارة أخرى تعود به إلى نقطة الابتداء. لا يدري عدد
السنين التي مرت منذ بدأ الرحلة. كان يتوقف أحيانا ً ويتوهم بان ظله إنسان آخر يفترش
الأرض السوداء ويحاول ان يوقظه ليرافقه الرحلة. رفع يديه، فرفع الظل يديه. رقص
فرقص الظل معه وبنفس الحركات. قال مع نفسه، لا شك انه واحد من الجن! فدب فيه
الخوف، فركض مذعورا ً وتضاعف شعوره بالخوف عندما ركض معه ظله. اختفى وراء شجرة
خريفية فراى شجرة سوداء ممتدة على الأرض، قال مع نفسه، ربما إنها أخت هذه الشجرة
وقد استعادت من الليل عباءة أخرى. حاول ان يوقظها فتحرك معه ظله. تراجع فتراجع معه
ظله. تسلق الشجرة الخريفية فتراءى له ظله وهو يجثم على صدر أخت الشجرة. شعر بشيء
من الخجل المصحوب بالخوف. نزل من الشجرة وهو يرتعش من رأسه إلى قدميه، وضع جزءا ً
من عباءة الليل على وجهه وانطلق مهرولا ً، سقط أكثر من مرة لكن الخوف شجع ساقيه
على الركض، ولو لم ينتبه في اللحظة الحاسمة لسقط في هاوية لم يصل إلى قعرها إلا
بعد أكثر من سنة ضوئية. لقد توقف فجأة عند الحافة الأخيرة من الأرض.
انه مازال يرتدي عباءة الليل. تراجع قليلا ً
إلى الوراء فراى حافة أخرى تريد ان تبتلعه. جلس بين الحافتين شارد الذهن، فكر
بالعودة، لكن ذاكرته كانت غائبة في تلك اللحظة الرهيبة!
لقد مر بألوف الطرق المتشعبة
والمليئة بالحفر والأشباح والليل مازال يجثم على صدر الشمس، والأرض مازالت تصلي
وتنام على وسادة القمر.
قال مع نفسه: لماذا لا اسرق
قبسا ً من ضوء القمر واستعين به في عودتي إلى مضجعي القديم، لكي أتجنب الحفر التي
سقطت فيها عبر رحلتي الشاقة الطويلة؟ تسلق جبلا ً كان يظنه جارا ً للقمر، وحين بلغ
القمة رأى ان القمر مازال بعيدا ً، فانحدر إلى السفح المليء بالأفاعي والذئاب،
وانطلقت من أعماقه صرخة رددت صداها كل الأودية، وهربت من هولها كل الأفاعي
والذئاب. فانطلق على أجنحة الريح إلى زمن غير زمنه، ومازال يرتدي عباءة الليل التي
تهرأت فوق جسده الذي أكل التعب أكثر من نصفه.
رأى من بعيد بصيصا ً من الضوء،
فحث خطاه المتعبة نحوه، وحين اقترب، وإذا بالضوء عيون ذئب جائع، قرر ان يلغي عقله ومشاعره ويتجه كما تشاء قدماه.
وغير رأيه بعد ان أعياه البحث عن القنديل، وعلى هامش الطريق هتف هاجس في أذنيه:
ـ انك تبذر سنوات عمرك عبثا ً، اخلع عنك عباءة الليل يا هذا الضائع في
أزمنة الظلام، واعد عقلك إلى راسك، وعندها ستجد القنديل الذي تبحث عنه منذ سنين
طوال!
استعاد عقله وطلب منه ان يسير
كما يشاء. وفي طريق عودته رأى امرأة تجسدت فيها كل محاسن الجمال والأنوثة. هام
بها. اقترب منها وسألها بشيء من الدهشة والإعجاب:
ـ من أنت ِ يا أروع ما خلق الله..؟
ـ أنا القنديل الذي تبحث عنه!
قلبك معي
كان غائبا ً حتى عن نفسه. يكره
الأشياء الجميلة، ويغضب ان رأى ابتسامة على شفاه الأطفال، أو على شفاه شابة حلوة.
يغلق نوافذه عن الشمس والنسيم، ويلعن اليوم الذي ولد فيه بلا مبرر. كان يهرول بلا
هدف، وينام تحت الأرض، ويظل يثرثر إلى درجة انه كان يبحث عن سكين لقطع لسانه. يكره
ان يرى زهرة يانعة في حديقته، لأنه يعشق المسامير! يفضل صوت البوم على تغريد
البلابل. وقد حكم بالموت على نفسه أكثر من مرة. انه ليس مجنونا ً كما ظن البعض،
وليس عاقلا ً كما اعتقد البعض الآخر، ليس فيلسوفا ً كما تصوره البعض، وليس رجلا ً
عاديا ً كما قال البعض الآخر. فقد رأيته بالأمس، وهو يضع في فمه أكثر من سيجارة،
ويضع رماد السجائر في جيبه!
قلت له لماذا..؟ قال إنها منضدتي المفصلة، فالرماد هو نهايتي. وبصراحة، ظننته
فيلسوفا ً! ثم رايته يقرأ كتابا ً بالمقلوب، وسألته لماذا ..؟ قال:
ـ المقلوب هو الأصح، فالزمن يسير إلى الوراء.
وذات يوم رأيته يبكي. فقلت له
لماذا تذرف دموعك الغالية؟ أجابني:
ـ الدموع هي التعبير عن اصدق مشاعري، فانا ابكي على طائر ضاع في ليلة
عاصفة.
قلت له: ربما تجد غيره..؟ قال:
ـ وهل تعود الروح إلى جسدها بعد ان تغادره..؟ قلت مع نفسي، ربما انه أديب فقد عقله. ثم رايته
أخيرا ً يضحك من الأعماق. فاقتربت منه وقلت له:
ـ أراك سعيدا ً..! قال:
ـ اضحك على دموعي التي تبكي على من حولي، وعلى قلبي الذي لا يعرفني، ولا
اعرفه. فقلت له:
ـ ان قلبك معي!
________________________________________________________________
* آخر كتابات القاصة والفنانة
الكوردية د. بلقيس الدوسكي، التي وفاتها المنية، مؤخرا ً، وكانت قد خصت بها
الموقع.
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)