د . صباح نوري المرزوك ...
قلم لا ينفد مداده !!!
حامد كعيد الجبوري
عام 67_ 1968 أنهيت دراستي الإعدادية وأصبحت أسير
حلم وواقع ، الحلم أكمال دراستي الجامعية وتحديدا اللغة العربية لحبي للشعر
ونوادره ، والواقع الحالة الاقتصادية
لعائلتي التي أنا أكبر أبنائها ، وبدأت الشيخوخة تسري لأوصال والدي - رحمه الله -
لتجعله رهينٌ للبيت ، تغاضيت عن حلمي ودخلت الكلية العسكرية لأتخرج منها ضابطا
برتبة ملازم عام 1969 م واستلم مهام والديَّ وأخوتي ، وحبي للثقافة يدفعني لمتابعة
النشاطات الثقافية العراقية التي تحمل لواءها مدينتي الفيحاء الحلة بإكبار وأحقية
، وأحببت الثقافة لأسباب كثيرة منها أن أخوالي شعراء للفصحى والعامية ، وأبناء
خالتي يملكون مكتبات منزلية متواضعة سمحوا لي بقراءة ما أريد ، فقرأت القصة
والرواية والمسرحية ، ولا أنسى الصحف اليومية ، والمجلات الدورية ، بداية
السبعينات وأعتذر عن عدم حفظي للسنة تحديدا أسست ( ندوة عشتار ) من نخبة من مثقفي
بابل ، الدكتور عدنان العوادي ، الدكتور حازم سليمان الحلي ، الأديب جعفر هجول ،
الأديب وحودي سلمان وغيرهم ، وبدأ نشاط هذه الندوة متخذة من مبنى دور الثقافة
الجماهيرية مقرا للأمسيات التي أصبحت شبه أسبوعية ، دعاني قريبي الراحل ( جعفر
هجول ) رحمه الله لأحد الأمسيات ، وهناك وجدت من هم بسني ، ومن هم أكبر مني عمرا ،
اختلطت بهم ومعهم وتهيأت فرصة التعرف أليهم
بسبب أن وحدتي العسكرية كانت في معسكر ( المحاويل ) ، ولذا لم أضيع حلمي وانتظمت
بكلية الآداب فرع اللغة العربية بالجامعة المستنصرية القسم المسائي مع زملاء كثر
أبرزهم ( د عبد الآله الصائغ ) الذي كنت
أجده أيضا بندوة عشتار الحلية ، ومن ضمن
من تعرفت أليهم شاب أنيق طالب بكالوريوس لغة عربية دائم الحضور ودائم المشاركة والتعقيب والإيضاح
والاستيضاح من المحاضرين ، وهذا الرجل هو ( صباح المرزوك ) ، لم أجرأ بسؤاله عن
سبب عاهةٍ برجله اليسرى ، ويعاني صعوبة في السير بسببها ، ومع ذلك لم تكن تلك
العاهة معيقة له بالحركة والتنقل حيث ما يشاء ، لاحظت هذا الرجل وهو يحمل قصاصات
ورقية تملأ أكمامه ، يكتب ملاحظاته عليها ، ولم أسأله عن سر ذلك أيضا ، وافترقنا
كثيرا هو ( لأنقره ) ، وأنا حيث المعسكرات في المدن العراقية والحروب التي زجّ بها
البلد وناسه المساكين ، مبكرا أحلت على التقاعد لأسباب يعرفها النظام السابق وكان
ذلك عام 1988 م ، عدت أدراجي للحواضر الثقافية التي أبعدت نفسي عنها مجبراً
ومخيراً فوجدت ( المرزوك ) يحمل شهادة الدكتوراه ومن الأسماء المهمة في ساحة الثقافة والتأليف
العراقي ، وعدنا كما بدأنا أصدقاء وأخوة ، وبدأت أنشر في الصحف المحلية وكنت أحتاج
الصديق ( المرزوك ) بسؤال توثيقي أو ثقافي ما فأتوجه له فيفتش بتلك القصاصات
الورقية الصغيرة التي كان ولا يزال يكتب فيها ، وعرفت الجواب لتساؤلي عن ذلك ،
وتجرأت وسألته عن عاهته ؟ ، وقال لي سؤال
أستغربه منك ، يفترض أنك تعرف جوابه لأننا أصدقاء منذ سبعينات القرن الماضي ،
وعرفت أن سبب هذه العاهة حادث سيارة وليس عاهة ولادة ، عام 1964 م وبصف الأول متوسط وهو خارج من مدرسته مع مجموعة من أقرانه داهمتهم
سيارة رعناء وارتطمت بهم جميعا وأكثر من أصيب بذلك الحادث التلميذ ( صباح ) لأنه
سقط على رصيف الشارع الكونكريتي فكانت إصابته أبلغ من الجميع ، للدكتور المرزوك
طريقة خاصة بإلقاء محاضراته سواء في الأمسيات الثقافية أو في قاعات الدراسة
الجامعية ، أسلوب تعليمي محبب يعتمد طريقة إيصال المعلومة للمقابل دون عناء وجهد
ومتابعة من المتلقي ، يبحر ببطون الكتب من
أجل تلك المعلومة ، يعرف أغلب العائلات
الحلية وربما أعده نسابة بذلك ، له من المؤلفات ( 36 ) عنوانا
فيهن أكثر من جزء ، وأهم منجز يحبه الدكتور المرزوك ( معجم المؤلفين والكتاب
العراقيين ) عام 2002 م بثمانية أجزاء ، وهو جهد يخلّد صاحبه ما حيينا ، ويحب
المرزوك أيضا مؤلفه ( البابليات ) أو تكملة البابليات بأجزائه الثلاثة لأنه جاء
مكملا لجهد الراحل العلامة ( محمد علي اليعقوبي ) ، المرزوك صديق لا تمل صحبته
وأحاديثه ومتابعته ، رافقته بسفرات للمرابد ، والمجالس الثقافية النجفية وغيرها ،
محب للخير والعلم والناس ، له علاقات واسعة بمثقفي العراق والدول العربية ، أحب
أساتذته وأحب طلابه وبذل من أجلهم الكثير ، يعكف على الأطروحة الجامعية لطلابه
ويسدد كتاباتهم بما يمليه عليه ضميره التعليمي ، وأخيرا ولمن لا يعرف المرزوك قبل إصابته بقدمه
محبا للرياضة ورئيس فريق كرة قدم وله
ذكريات بذلك ،ولا أدري ما أقول بهذا ، هل ألعن ذلك السائق المتهور الذي أصاب
المرزوك وجعله يعاني من عاهة جسدية ترك بسببها الرياضة ؟ ، و ماذا كان سيجني من
الرياضة ؟ ، هل سيكون هدافا ؟ ، أم بطلا للساحة والميدان ؟ ، سرعان ما تنسى
البطولات وتركن الكؤوس على الرفوف ، أم
أشكره – السائق - لأن بسببه جلس المرزوك بداره قارئا ومؤلفا ومترجما لحياة الكثير
من المبدعين العراقيين والحليين ، يكتب المرزوك بكل ولكل شئ ، ولا ينسى الثقافة
الشعبية عموما فهو متابع ونهم لمعرفة كل شئ ، العمر المديد للكبير الأستاذ الدكتور
( صباح نوري المرزوك ) ولتهنأ بابل بأعلامها ومفكريها ومؤلفيها وأبناءها البررة .
صباح ببلوغرافيا
-----------
صباح نوري المرزوك
ت 1951 بابل /
الحلة
حصل على
البكالوريوس من جامعة بغداد قسم اللغة العربية عام 1972 م
الماجستير عام 1985
م أنقره
دكتوراه 1989 أنقره
حصل على الأستاذية
عام 2009 م
م يزال أستاذا
لمادة الأدب العربي بجامعة بابل