الثلاثاء، 30 نوفمبر 2010
مقطورة على باب الخمسين-علي السوداني
مقطورة على باب الخمسين
علي السوداني
حقاّ ان العالم ينام على خطر مبين . مبين أخو مبينة . مبينة هاجرت الى كندا . كندا هي حديقة أمريكا الخلفية . الخلفية مفردة محببة تطلق على الثقافة وعلى العجيزة . العجيزة هي مؤخرة المرأة والرجل والدابة . الدابة في مخيال الطفولة هي الجاموسة . الجاموسة هي باب رزق المعيدي . المعيدي جمعه المعدان . المعدان سومريون طيبون يبيعون القيمر والحليب . الحليب يقوي العظام . العظام يكسوها اللحم . اللحم غال هذه الأيام . ألأيام دول بين الناس . ألناس تأكل بعضها البعض . ألبعض قافية صعبة . صعبة خالة صعب . صعب مات في حرب الكويت . ألكويت كسرت ظهر العراق . ألعراق دولة في آسيا . آسيا هو دكان لبيع النظارات الطبية في حافظ القاضي . ألقاضي اسمه عباس راضي . راضي هو ابن عم أبي . أبي مات ليلة زار أنور السادات القدس . ألقدس ، عيوننا اليها ترحل كل يوم . يوم الأربعاء سأغزو مجلس اسماعيل الجاسم . ألجاسم مجلسه مجلس أدب وفن وكأس . كأس علي فارغة الليلة . ألليلة عيد . عيد سعيد . سعيد ابن سعدية . سعدية لها اخت اسمها صبرية . صبرية من متممات الصبر . ألصبر مفتاح الفرج . ألفرج الذي راؤه ليست ساكنة ، لهو بعيد . بعيد عنك حياتي عذاب . عذاب الركابي في ليبيا العظمى . العظمى توصيف لدرجة حرارة . حرارة قلبي نار . نار الحبيب بطعم الزبيب . ألزبيب يذكّرني بشربت حجي زبالة . زبالة اسم ضد الحسد . ألحسد مذكور في القرآن . ألقرآن كتاب الله . ألله رب السماوات والأرض . ألأرض فلم أخرجه يوسف شاهين . شاهين يكتب في طريق الشعب . ألشعب نائم على تنويمة الرصافي . ألرصافي هو معروف عبد الغني . عبد الغني علّمني فأحسن تعليمي . تعليمي لم يتجاوز معهد النفط . ألنفط نقمة ونعمة . نعمة يبيع الشاي المهيّل بباب سينما بابل . بابل قائمة بشارع السعدون . ألسعدون قتلته طلقة اليأس . أليأس سن رجال ونساء . نساء شارع النهر شهيات . شهيّات مفردها شهية . شهية علي السوداني مسدودة . مسدودة أخيرها تاء مربوطة . مربوطة ثيران الدار . ألدار ليست مأمونة . مأمونة انكسر ت ساقها فصارت ميمونة . ميمونة معلمة الولد نؤاس . نؤاس وليدي الجميل . ألجميل تكفيه الأشارة . الأشارة حمراء . حمراء بطنك يا بلادي . بلادي وان جارت عليّ عزيزة . عزيزة بنت الجيران . ألجيران سبعة . سبعة في سبعة تسعة وأربعون . أربعون تشاركوا في زبيبة . زبيبة والملك رواية كتبها صدام حسين . حسين سعيد لاعب كرة مشهور . مشهور عنده دكان عقار . عقار الفياغرا معمول من نبتة الجرجير . الجرجير تزرعه النساء المشتاقات تحت السرير . ألسرير تفوح منه رائحة ورد . ورد هو أبن أخت وردة . وردة أغنية بديعة لعبد محمد . محمد عامل في حقل دجاج . دجاج البيت أطيب من دجاج الحقل . ألحقل مزروع بالتين والتفاح والزيتون والعنب . ألعنب تدوسه الحسان ويخمره الرجال ويقطّره الثقاة ويبيعه الجباة . الجباة مستلة من جيب الجابي . الجابي جيوبه مكتظة بالخردة . ألخردة سكراب . سكراب على وزن سهراب . سهراب كان صديقي في الصف الثالث باء . باء البحر شراع . شراع السفينة بوصلة . بوصلة البلاد معطوبة . معطوبة ولدت عطّابة . عطّابة فوق جرح . جرح على جبين السنة . ألسنة بهيجة . بهيجة الحكيم رسامة . رسامة مذكرها رسام . رسام من عمانوئيل رسام ومن راسم الجميلي ومن رسمية محيبس زاير وأيضا من رسمي القجقجي . القجقجي هو بائع بضاعة تطارده الشرطة . ألشرطة أودعتني السجن بشبهة الحلم . الحلم في الليل أحسن من الحلم في النهار . ألنهار من دون شمس . شمس ركن الدين يونس حمادة . حمادة سوق بكرخ بغداد . بغداد شيّبت روحي وقلبي ورأسي وصدري وكبدي . كبدي ، شلونك زين ؟
صورة مسروقة من الزمن-قصة قصيرة-بقلم ايمان البياتي-لوحات غالب المسعودي
صورة مسروقة من الزمن
قصة قصيرة
إيمان أكرم البياتي
iman.akraam@gmail.com
كم هو ساحرٌ إتقان السعادة وهي تطرز حروف نقوشها الفاضحة على أقمشة الوجنتين والشفاه فتستخدم الخيط الوردي المغري وخيط آخر من بريق النشوة في ضفيرة يتعانق فيها اللونان ببراعة فرشاة احترفت الرقص على الورق الأبيض لتترك مشهداً يخلب اللب ويُعلّق على جدران الذاكرة لما بقي من العمر!
كنتِ هنالكِ فنالكِ بعضاً من سحر تلكَ السعادة ومعها رشة من عطر الحظ الزكي فبدوتِ مبتهجة بشفتين مبتسمتين خجولتين حين ومض فلاش الكاميرا معلناً التقاط صورة تجمعكما أنت وهو، لحظاتٌ ثم صورةً أخرى، لم يمنعكِ الوميض من متابعة الابتسام في وجهه بدلالٍ أخاذ، تتمايلُ فيه شفتيكِ بغنجٍ شهي و تصوبينَ نحو قلاعِ قلبه سهامِ حواء، ثم نظرة فنظرة من عينيكِ الحالمتين، تراهنين بقوةٍ عليهما في استمالةِ قلبه كما لو كنتِ عرفتِ الرهان من قبل وجنيتِ منه الكثير ولم يخسر لك فيه حصان!
بادلتِ المصوّر بعد ذلكَ بابتسامةٍ صغيرة وكأنكِ تقولين له شكراً على طريقتكِ، قلتيها بهمسِ الشفاه دون أن يخرج بها صوتكِ، كنتِ هكذا تشكرين باستعلاء حين تودينَ أن تردي جميلاً لأحدٍ دون أن تتركي له فرصة الفخر تكرماً بجميله عليكِ، مع نفسكِ كنتِ ممتنة لعينيه ولأنامله العشر حين غفل لحظةً عن العروسين وراحَ عوضاً عن ذلكَ يصوركما معاً في لقطةٍ مسروقةٍ من الزمن دون أن تعلمي لماذا، فربما قد أدركَ بفطرتهِ الفنية كمصوّر محترف بأن لقاؤكما تلكَ اللحظة هو أروعُ من أن يفوّتَ للقاءٍ آخر أياً كان وان جلستكما السرية أجمل من أن تستغني عنها الكاميرة تحتَ أي إغراء آخر تدعوها إليه إنارة ملونة أو بهرجة ضوئية تركزت على كرسي العروسين و لربما علم مسبقاً بحدسه الشقي أن على هذين الكرسيين الخشبيين المتواضعين تُرسم تفاصيلٌ وأحلامٌ بأقلامِ حبرها الأنفاس والشهقات والتي لم يقرأ لها مثيلاً حتى في بلاط العروسين نفسيهما! وربما علم أيضاً أنكما كنتما العروسين وليس من يجلسا بعيداً على المنصة المزينة بالورود وينالا الحظ العظيم من الاهتمام ومن يدري قد يكون أتهم مع نفسهِ الجمهور الكبير بالغباءِ الجماعي لأنه نقلَ الأبصارَ كلها للعروسين وترككما أنتما منزويين وحدكما في ذلكَ الركن البعيد تغطيكما الإضاءة الخافتة تتهامسان بصوتٍ لا يسمعه غيركما.
أنتِ بفستانكِ الفيروزي الذي يُظهر ركبتيكِ الخجولتين المتقاطعتين بحياء وهو بسترتهِ الرمادية الفخمة التي تحتضنُ بين شفتيها ربطة عنق بنفسجية اللون كلون تلكَ الأحاسيس التي كانت تتضاربُ بجموحٍ في صدريكما تلكَ اللحظات، ما أروع أن يأتي اللقاء أذن دون استعداد! لم تتجملي له لأنكِ لم تكوني واثقةً من انه سيأتي، لم تكوني متأكدةً من أنه سيكون قادراً على استقطاعِ ساعة من جدولِ أعماله المزدحم ليكون برفقتكِ، شعرتِ انه كرم كبير من رجل لا يوصف إلا بالنبل.
كم رأيتهِ جميلاً تلكَ الساعة بخصلاتِ الشيب التي تثلجُ بعضاً من رأسهِ الموفور بالشعر الأسود، لم يكن من الرجال الذين تجملهم الثياب كان من النوع الآخر ممن هم يجملونها بغموضهم فأصبحَ الآن معه الرمادي لوناً آسراً للعقل فقط لأنه وضعه على جسده الممتلئ رجولة، وأصبحت ربطة عنقهِ أجمل ما وقعت عليه عينيكِ رغم أنكِ عرفتِ اللون البنفسجي فيما مضى على كثيرٍ من الأشياء والثياب لكن أياً منها لم يكن اليوم لتستردهُ الذاكرة فلا شي يعدُ الآن ذا قيمة أمام سحر حضوره!
تغزلَ بجمالِ ثيابكِ وعطركِ وزينتكِ وذوقك في اختيار العقد الذهبي الذي تضعينه على صدرك فأصابتكِ همساته ونظراته النارية إلى جسدكِ بالخجل والارتباك، تساءلتِ مع نفسكِ من أين يجيء بتلكَ الحروف؟ هل يستخدمُ حروفاً غير الثمانية والعشرين التي يعرفها الجميع والتي تضمها العربية في معاجمها؟!
يناولكما المصوّر صورةً فورية لما التقطه، تمدانِ كفيكما فتمسكانها معاً، تتلامسُ كفيكما دون تخطيطٍ مسبق فتسري داخل كل منكما قشعريرة لذيذة، تتابعان التعليق على تفاصيل الصورة كأن أمراً لم يحدث معكما.
يعطيكِ الصورة لتظلَ عندكِ ويطلبُ نسخةً أخرى لتكونَ عنده، تتمنينَ مع نفسكِ أن لا يطلب نسخةً وان يطلبكَ أنتِ لتسكني بيته بدلاً عنها لكنه لا يقولها ويكتفي بابتسامةٍ وهو يفاجئكِ بقوله انه سيحملُ نسخته معه حين يسافرُ غداً، فتسألين بفزعٍ: أي سفر هذا؟!!
يجيبكِ انه سفرٌ إلى خارج البلاد، قد يطولُ ستة أشهر أو عاماً فانه يوسّعُ أعماله هذه الأيام وسيفتح فرعاً جديداً في بلدٍ مجاور، ينغصُ عليكِ الخبر فرحتكِ للحظاتٍ، يقرأ القلق في عينيكِ اللامعتين فيسارعُ بتخديرِ إحساسكِ وتقييد أفكارك كي لا تسافرُ ابعد من هذه اللحظة فيقول: لا تقلقي ....أعدكِ أن اتصل بكِ واكتب لكِ حال ما استقر، لا تنزعجي دعينا نستمتع في سهرتنا الأخيرة.
وتأخذي بنصيحته وتستمتعي بما بقي من السهرة معه، تترقبينَ العروسين وتتخيلينَ نفسكِ و إياه بدلاً عنهما، تراقبين خطواتهما، ينهضان ....يقفان على المسرح... يرقصان على أنغام إحدى الأغاني الانجيليزية الكلاسيكية، يبتسمُ وهو يسألكِ: هل تعرفين لمن الأغنية؟ تجيبين بثقة: أنها لإنجلبرت همبردنك.
يبتسمُ مرة أخرى ويهزُ رأسه وهو يعبرُ عن إعجابه بمعرفتكِ بأغنية أذيعت واشتهرت قبل ولادتك!
تتابعانِ تأمل كلمات الأغنية وموسيقاها الدافئة الفائضة بحبٍ أشبه بما في الأساطير، تخفتُ الأنوار..... يقطعُ العروسان الحلوى، تفاجئينَ به يضعُ كفهُ على كفك عمداً ويخبركِ انه يحبُ الأغنية التي يسمعها الآن وأصبحَ يعشقها لأنكما تسمعاها معاً هذه المرة، ويطلبُ أن تشاركيه قطع الحلوى، فتفعلي و عيناكِ تعانقُ عينيه.
ثم بعد زمن..
ينتهى حفل الزفاف....يغادرُ العروسان..والمدعون...وأنتِ وهو...ولا يظلُ في القاعة غير ذكرياتِ حفلٍ أقيم هنا.
تعودينَ سعيدةً منتشيةً تحتضنينَ صورتكما، لم تكوني تعلمي بعد بأنكِ بفعلتكِ تلكَ فتحتِ أبوابَ ذاكرتكِ على مصراعيها ليُدَونَ فيها ويُسَجل كل ما له علاقة به هو، تاريخٌ كامل، سجل عظيم لحياته، فهرسة لكلِ ما مررَ به هو في أيام عمره، سنواتٍ ما كنتِ قد ولدتِ فيها أنتِ بعد!
مع الصورة كنتِ كمن حاولَ أن يخرجَ من حلم ليلته الجميل يحملُ في يده ذكرى إلى فراشه حين يصحو في النهار، دون أن يعلم أن حلمه اللذيذ وشدة تشبثه به قد يتحول إلى لعنة تنغصُ عليه وقته التالي، تذكره بلقاءٍ انتهى ولن يتكرر وحلم ما عاد الشريكُ فيه موجوداً ليكمل أحداثاً يتمناها، كنتِ وحدكِ مع الصورةِ المسروقة من الزمن ومجموعة من الأمنيات المغرية.....تفاحات، كتلكَ التي كانت السبب في خروج أول الخليقة من الجنة! امنيات وامنيات... تترجي أن يعودَ لينسجَ خيوطها معكِ وتخيّطانِ بها عباءة زواجٍ يجمعكما أو قصة حب أسطورية كتلك التي سمعتماها في أغنيات الحفل ذلكَ اليوم.
لم تكوني تعلمي أن الصورة باتت نقمة، وان الذكرياتَ الجميلة التي حرصتِ على حشو ذاكرتكِ بها تتحول مع الوقت إلى حلقاتٍ من زفير الحسرات وهو بعيد عنك، هنالك خارج الوطن في بلد ما على الخارطة، تنتظرين أن يتصل، أن يكتب شيئاً كما قال، لكن لا جدوى، لم يفعل وقد لا يفعل! ففي الوقت الذي تركَ فيه بصمة انفاسه وبعثر حروفه على فرش ذاكرتكِ لم تتركي في ذاكرتهِ غير أمنية وقتية في أن تشاركيه فراشه كأنثى!
قصة قصيرة
إيمان أكرم البياتي
iman.akraam@gmail.com
كم هو ساحرٌ إتقان السعادة وهي تطرز حروف نقوشها الفاضحة على أقمشة الوجنتين والشفاه فتستخدم الخيط الوردي المغري وخيط آخر من بريق النشوة في ضفيرة يتعانق فيها اللونان ببراعة فرشاة احترفت الرقص على الورق الأبيض لتترك مشهداً يخلب اللب ويُعلّق على جدران الذاكرة لما بقي من العمر!
كنتِ هنالكِ فنالكِ بعضاً من سحر تلكَ السعادة ومعها رشة من عطر الحظ الزكي فبدوتِ مبتهجة بشفتين مبتسمتين خجولتين حين ومض فلاش الكاميرا معلناً التقاط صورة تجمعكما أنت وهو، لحظاتٌ ثم صورةً أخرى، لم يمنعكِ الوميض من متابعة الابتسام في وجهه بدلالٍ أخاذ، تتمايلُ فيه شفتيكِ بغنجٍ شهي و تصوبينَ نحو قلاعِ قلبه سهامِ حواء، ثم نظرة فنظرة من عينيكِ الحالمتين، تراهنين بقوةٍ عليهما في استمالةِ قلبه كما لو كنتِ عرفتِ الرهان من قبل وجنيتِ منه الكثير ولم يخسر لك فيه حصان!
بادلتِ المصوّر بعد ذلكَ بابتسامةٍ صغيرة وكأنكِ تقولين له شكراً على طريقتكِ، قلتيها بهمسِ الشفاه دون أن يخرج بها صوتكِ، كنتِ هكذا تشكرين باستعلاء حين تودينَ أن تردي جميلاً لأحدٍ دون أن تتركي له فرصة الفخر تكرماً بجميله عليكِ، مع نفسكِ كنتِ ممتنة لعينيه ولأنامله العشر حين غفل لحظةً عن العروسين وراحَ عوضاً عن ذلكَ يصوركما معاً في لقطةٍ مسروقةٍ من الزمن دون أن تعلمي لماذا، فربما قد أدركَ بفطرتهِ الفنية كمصوّر محترف بأن لقاؤكما تلكَ اللحظة هو أروعُ من أن يفوّتَ للقاءٍ آخر أياً كان وان جلستكما السرية أجمل من أن تستغني عنها الكاميرة تحتَ أي إغراء آخر تدعوها إليه إنارة ملونة أو بهرجة ضوئية تركزت على كرسي العروسين و لربما علم مسبقاً بحدسه الشقي أن على هذين الكرسيين الخشبيين المتواضعين تُرسم تفاصيلٌ وأحلامٌ بأقلامِ حبرها الأنفاس والشهقات والتي لم يقرأ لها مثيلاً حتى في بلاط العروسين نفسيهما! وربما علم أيضاً أنكما كنتما العروسين وليس من يجلسا بعيداً على المنصة المزينة بالورود وينالا الحظ العظيم من الاهتمام ومن يدري قد يكون أتهم مع نفسهِ الجمهور الكبير بالغباءِ الجماعي لأنه نقلَ الأبصارَ كلها للعروسين وترككما أنتما منزويين وحدكما في ذلكَ الركن البعيد تغطيكما الإضاءة الخافتة تتهامسان بصوتٍ لا يسمعه غيركما.
أنتِ بفستانكِ الفيروزي الذي يُظهر ركبتيكِ الخجولتين المتقاطعتين بحياء وهو بسترتهِ الرمادية الفخمة التي تحتضنُ بين شفتيها ربطة عنق بنفسجية اللون كلون تلكَ الأحاسيس التي كانت تتضاربُ بجموحٍ في صدريكما تلكَ اللحظات، ما أروع أن يأتي اللقاء أذن دون استعداد! لم تتجملي له لأنكِ لم تكوني واثقةً من انه سيأتي، لم تكوني متأكدةً من أنه سيكون قادراً على استقطاعِ ساعة من جدولِ أعماله المزدحم ليكون برفقتكِ، شعرتِ انه كرم كبير من رجل لا يوصف إلا بالنبل.
كم رأيتهِ جميلاً تلكَ الساعة بخصلاتِ الشيب التي تثلجُ بعضاً من رأسهِ الموفور بالشعر الأسود، لم يكن من الرجال الذين تجملهم الثياب كان من النوع الآخر ممن هم يجملونها بغموضهم فأصبحَ الآن معه الرمادي لوناً آسراً للعقل فقط لأنه وضعه على جسده الممتلئ رجولة، وأصبحت ربطة عنقهِ أجمل ما وقعت عليه عينيكِ رغم أنكِ عرفتِ اللون البنفسجي فيما مضى على كثيرٍ من الأشياء والثياب لكن أياً منها لم يكن اليوم لتستردهُ الذاكرة فلا شي يعدُ الآن ذا قيمة أمام سحر حضوره!
تغزلَ بجمالِ ثيابكِ وعطركِ وزينتكِ وذوقك في اختيار العقد الذهبي الذي تضعينه على صدرك فأصابتكِ همساته ونظراته النارية إلى جسدكِ بالخجل والارتباك، تساءلتِ مع نفسكِ من أين يجيء بتلكَ الحروف؟ هل يستخدمُ حروفاً غير الثمانية والعشرين التي يعرفها الجميع والتي تضمها العربية في معاجمها؟!
يناولكما المصوّر صورةً فورية لما التقطه، تمدانِ كفيكما فتمسكانها معاً، تتلامسُ كفيكما دون تخطيطٍ مسبق فتسري داخل كل منكما قشعريرة لذيذة، تتابعان التعليق على تفاصيل الصورة كأن أمراً لم يحدث معكما.
يعطيكِ الصورة لتظلَ عندكِ ويطلبُ نسخةً أخرى لتكونَ عنده، تتمنينَ مع نفسكِ أن لا يطلب نسخةً وان يطلبكَ أنتِ لتسكني بيته بدلاً عنها لكنه لا يقولها ويكتفي بابتسامةٍ وهو يفاجئكِ بقوله انه سيحملُ نسخته معه حين يسافرُ غداً، فتسألين بفزعٍ: أي سفر هذا؟!!
يجيبكِ انه سفرٌ إلى خارج البلاد، قد يطولُ ستة أشهر أو عاماً فانه يوسّعُ أعماله هذه الأيام وسيفتح فرعاً جديداً في بلدٍ مجاور، ينغصُ عليكِ الخبر فرحتكِ للحظاتٍ، يقرأ القلق في عينيكِ اللامعتين فيسارعُ بتخديرِ إحساسكِ وتقييد أفكارك كي لا تسافرُ ابعد من هذه اللحظة فيقول: لا تقلقي ....أعدكِ أن اتصل بكِ واكتب لكِ حال ما استقر، لا تنزعجي دعينا نستمتع في سهرتنا الأخيرة.
وتأخذي بنصيحته وتستمتعي بما بقي من السهرة معه، تترقبينَ العروسين وتتخيلينَ نفسكِ و إياه بدلاً عنهما، تراقبين خطواتهما، ينهضان ....يقفان على المسرح... يرقصان على أنغام إحدى الأغاني الانجيليزية الكلاسيكية، يبتسمُ وهو يسألكِ: هل تعرفين لمن الأغنية؟ تجيبين بثقة: أنها لإنجلبرت همبردنك.
يبتسمُ مرة أخرى ويهزُ رأسه وهو يعبرُ عن إعجابه بمعرفتكِ بأغنية أذيعت واشتهرت قبل ولادتك!
تتابعانِ تأمل كلمات الأغنية وموسيقاها الدافئة الفائضة بحبٍ أشبه بما في الأساطير، تخفتُ الأنوار..... يقطعُ العروسان الحلوى، تفاجئينَ به يضعُ كفهُ على كفك عمداً ويخبركِ انه يحبُ الأغنية التي يسمعها الآن وأصبحَ يعشقها لأنكما تسمعاها معاً هذه المرة، ويطلبُ أن تشاركيه قطع الحلوى، فتفعلي و عيناكِ تعانقُ عينيه.
ثم بعد زمن..
ينتهى حفل الزفاف....يغادرُ العروسان..والمدعون...وأنتِ وهو...ولا يظلُ في القاعة غير ذكرياتِ حفلٍ أقيم هنا.
تعودينَ سعيدةً منتشيةً تحتضنينَ صورتكما، لم تكوني تعلمي بعد بأنكِ بفعلتكِ تلكَ فتحتِ أبوابَ ذاكرتكِ على مصراعيها ليُدَونَ فيها ويُسَجل كل ما له علاقة به هو، تاريخٌ كامل، سجل عظيم لحياته، فهرسة لكلِ ما مررَ به هو في أيام عمره، سنواتٍ ما كنتِ قد ولدتِ فيها أنتِ بعد!
مع الصورة كنتِ كمن حاولَ أن يخرجَ من حلم ليلته الجميل يحملُ في يده ذكرى إلى فراشه حين يصحو في النهار، دون أن يعلم أن حلمه اللذيذ وشدة تشبثه به قد يتحول إلى لعنة تنغصُ عليه وقته التالي، تذكره بلقاءٍ انتهى ولن يتكرر وحلم ما عاد الشريكُ فيه موجوداً ليكمل أحداثاً يتمناها، كنتِ وحدكِ مع الصورةِ المسروقة من الزمن ومجموعة من الأمنيات المغرية.....تفاحات، كتلكَ التي كانت السبب في خروج أول الخليقة من الجنة! امنيات وامنيات... تترجي أن يعودَ لينسجَ خيوطها معكِ وتخيّطانِ بها عباءة زواجٍ يجمعكما أو قصة حب أسطورية كتلك التي سمعتماها في أغنيات الحفل ذلكَ اليوم.
لم تكوني تعلمي أن الصورة باتت نقمة، وان الذكرياتَ الجميلة التي حرصتِ على حشو ذاكرتكِ بها تتحول مع الوقت إلى حلقاتٍ من زفير الحسرات وهو بعيد عنك، هنالك خارج الوطن في بلد ما على الخارطة، تنتظرين أن يتصل، أن يكتب شيئاً كما قال، لكن لا جدوى، لم يفعل وقد لا يفعل! ففي الوقت الذي تركَ فيه بصمة انفاسه وبعثر حروفه على فرش ذاكرتكِ لم تتركي في ذاكرتهِ غير أمنية وقتية في أن تشاركيه فراشه كأنثى!
الاثنين، 29 نوفمبر 2010
الفية الولد الخجول-العشر الاخير-عادل كامل-تقديم مدني صالح
العشر الأخير
[1]
أنت مسرتك اصطياد الضوء
أنا أفراحي متاهات
أصابعي سُرقت وكلماتي جنائز.
[2]
لا تشيّد الفضائل بالكلمات ..
ولا الميلاد بالموت
كل هذا يوجد .. كأنه إلى الأبد .. الفناء
كأنه الذي لا يزول.
[3]
ضع نفسك في الكلام وغادر.
[4]
عندما تطالع في عيونهم كتاب غيابك
لا تفرح .. لا تحزن
إذ ْ صدى صوتك لا يدع أضرحتهم قائمة.
[5]
حدق .. حدق .. حدق في العتمة
لعلها تمنحك بعض الرجاء.
[6]
أعظم الكلام .. دائماً أو في الغالب لا جدوى منه.
[7]
أذهبْ إلى المعادن .. مثلما ولدت من التراب.
[8]
قلبي طير يخجل من الحقول .. تارة ..
ومن نفسه في الغالب.
[9]
لِمَ تقطف نرجسة أنت تخجل منها ؟
[10]
لا تدع السلام يدخل بيتك .. انه مثل السيف
حالما تراه .. تتأجج فيك النيران.
[11]
إذا جاءك الشعر لا تزهو
إذا غادرك الصمت لا تفرح
إذا وهبوك الكنوز لا تبتهل
إذا خارت قواك لا تجزع
إنما لا تكن مثل احد
ولا تكن إلا مثل نفسك
ومثل روح لن تولد أبدا ً.
[12]
لا تحدث البصير عن البصر
فهذا سر بعض الغابات
إنها لا ترى إلا العتمة.
[13]
لا تخشى أن ترجع إلى المكان الذي جئت منه
كن حذراً أن تولد بهذه الصفات .
[14]
عندما تكف الأسلحة عن العويل
هو ذا سر انتهاء .. وسر ابتداء الحروب .
[15]
الليل لا يخاف إلا من الليل
إنما أنا لا أخاف إلا على فجري الجريح .
[16]
احتفظ بهذا السيف للذكرى
إنما بلا ألقاب .
[17]
لا تطرد اللص الذي يدخل بيتك
إنما قاسمه ما في الدار .
[18]
قبيل أن أغادر .. روحي لم تجف
إنما لم تغش الأسرار .
[19]
هبطت حمامة فوق يديّ . قلت : ماذا اكتب ؟
قالت : تعلم الغناء .
[20]
عند الحاجة لدى براءة أمنحها .. مثلما تنحني الآثام .
[21]
بين أصابعي طيور .. وكلمات
وبعض معادن خرساء .
[22]
لا تتجول القصائد .. مثلما يتجول حرس آخر الليل القصائد لا تبحث عن لصوص .
[23]
هذه الريح .. مثلي .. لا تنحني إلا للضرورات .
[24]
بهدؤ ولدت .. وبهدؤ أجمل ..
سأتذكر مواكب الرماد .
[25]
قليل من حزني ثمرة يافعة .. وقليل من ثماري
آثام أتقاسمها مع النهارات .
[26]
لا ابحث عن يد .. لا ابحث عن حبيب
نفسي تاهت .. وأنا صمت غريب .
[27]
من سرق صوتي كيّ يهديني معادن صماء ؟
[28]
بعض كلمات البرية لا تكذب .. مثل جراحي
لا تحاور الصمت .
[29]
مثل قلائد تحاور التراب ..
أصالح وأشاكس نفسي .
[30]
لا تدع الأسى يسرق أعراسك .. إنما
لا تثقل نفسك بالأفراح .
[31]
هن قديسات أم بغايا .. مثلما هو السؤال :
هل هم أمراء أم لصوص ؟
[32]
لا تثقل نفسك بالنياشين .. دعها .. مثلي ..
مثقلة بالهواء .
[33]
بعض المعادن .. أمام أصابعي خجولة .
[34]
أين كلماتي .. سؤال الأمس .. أين فضائي :
سؤال الغد .
[35]
هذه ليست قصائد .. هذه ليست كلمات
هذا الذي تراه .. محض رماد غيوم قادمة .
[36]
إذ ْ لا لصوص في الأرض .. لا ذئاب في
الأسواق .. لا بغايا في الأزقة ..
فلِمَ كل هذه الضجة .. لِمَ كل هذه السيوف .
[37]
بعض الأنبياء يتبادلون الأسرار
فيما البعض الآخر يحرس بوابات الأمراء.
[38]
هذا الفتى اليافع كان غيمة
هذا الفتى اليافع سيكون تراب .
[39]
استراحة في غرفة .. أكل هذا هو الذي تريد
أم تبحث عن أقمار مستحيلة ؟
[40]
اكتب .. اكتب .. اكتب كلامك بالصمت
مثلي .. دع نياشينك للريح .
[41]
الذي لا تراه .. الذي لا تعرفه .. وحده هنا
وفي كل زمان .
[42]
هكذا ولدت: سؤال بين أسئلة
هكذا اغدر قفل في باب.
[43]
من شدة خوفي لم أبح إلا بالمسرات
ومن شدة فرحي .. صنعت ولائماً للذئاب .
[44]
ليس من مرمر أو من بلور .. إنها غانية
إنما جسدها مسروق من الفجر .
(45)
لا تأت .. لا تغادر .. أنا معك في الكلام ..
أنا معك في الصمت .
[46]
بعض جسدي صنعه الاضطراب
وبعض زوالي صاغته الآمال .
[47]
لا اعرف هل هم أحياء أم سيولدون
هؤلاء الذين يسرقون الكلام.
[48]
إن جاءك المجد دعه يذهب
إن جاءك الموت دعه ينتظر
إن جاءك الحبيب غادر معه.
[49]
لا تدع الفرح يتغلب على الأسى
فبعض الأحزان
مثل المسرات مشاكسة.
[50]
إن جاءك الموت لا تجزع
إنما كن حذراً
من أفراح عابرة.
[51]
الذي تراه في الفجر .. ليس النور
انه السيف القاطع.
[52]
لا ترم سلاحك عند انتهاء الحرب
أنا أقول .. دعك من الأسلحة
لكي تحتفظ بك المودات.
[53]
أهؤلاء سعداء أم أكثر سعادة
لا أحد يعرف ..
هم سعداء وهم أكثر سعادة ولا أحد يريد أن يعرف .
[54]
لا تكن قاتلا .. لا تكن قتيلا .. لا تكن بين بين
مثلي
إن خيرت إن تولد ثانية .. اختر إن تولد للمرة الألف.
[55]
إن كتبت أو لم تكتب
الأوثان لا تغادر منصات الخطابة.
[56]
عتمة .. عتمة .. عتمة أهذا كل ما ترسله الشمس.
[57]
لا أتكلم .. هذه لغتي
لا اصمت .. هذا بعض كلامي.
[58]
بعض أساي عرس .. وبعض أفراحي رماد.
[59]
بعض العشق استئناف أسئلة.
[60]
أأنت آت من الليل .. أم من النهار
سيان .. أنت غريب بين غرباء
وأنت وحيد بين المنفيين.
[61]
الذهب الذي لديك هو خبزي
إنما دع لي بعض الأعشاب.
[62]
من ذا سرق الكلمات.. من ذا تركك تتكلم
هو ذا الأتي بين يديك يزول.
[63]
هذا الليل يأتيني ببعض الكلمات
إنما لا اعرف .. من في النهار سرق صمت الليل.
[64]
سأحدق فيه حتى يرحل
سأحدق فيه كي يأتي.
[65]
إن شئت الصمت
قل كلمتك وارحل.
[66]
مولعة هكذا ..
جميع الصخور بالانحناءات
إنما لا إلى أحد.
[67]
في هذا النهار .. لا أوقد إلا عتمتي
ففي الليل يكفيني الرماد.
[68]
لديّ لون أبيض
لِمَ لا تتركوني اهرب منه ؟
[69]
أتبتكر محنة وهي قائمة
أم تبحث عن قديس .. مثلك
لا يبحث إلا عن منصتين.
[70]
تموت أو لا تموت .. ليس هذا هو السؤال
تولد أم ستولد .. هذا هو السؤال .. هذه
هي المحنة.
[71]
جميل كأنك ستولد حقاً ..
مثلي يا عراق.
[72]
انك هنا مثلما في كل الأزمنة
تنتظر استئناف الرحيل.
[73]
إنها ليست محنة .. انه الضوء فوق العشب
والأصابع فوق الدفاتر
والوعود في الكلمات.
[74]
اهو حمل أم ذئب
هذا الذي يجرجرني إلى السماوات.
[75]
دع الأسئلة
ولا ترقد إلا في البرية
الرمل كثير .. والأسرار دفينة.
[76]
أنا مثل حمامة نائمة بين الأصابع
أنا مثل فجر سرقوا ينابيعه.
[77]
إذا سرقوا كنوزك لا تجزع
إذا أعادوها لك لا تفرح
ليس الأمر سوى احتفال قديم
يحدث بدافع الملل.
[78]
أنا لا أفكر .. أنا اكتشف التفكير.
[79]
يذهبون إلى الاحتفالات .. مثلما يأتون منها
إنما
ليس هناك إلا انحناءات متبادلة.
[80]
ماذا يفعل الناس تحت القمر
فيما البحر تآخى مع الغرقى.
[81]
النهار يترنح .. أذن من ذا الذي يربح الليل ؟
[82]
اختف .. اختف .. اختف
كيّ يراك العميان
[83]
قالت الريح : دع الشعر
قلت لها : أنا أكثر من هذا خجلا
آنذاك جاءت الريح معي.
[84]
بعض الهزائم .. أنقى .. أنقى
من نياشين الخلود.
[85]
أجميل أنت .. مثلي .. حسنا .. غادرني.
[86]
متى تشاء .. احتفل .. لكي لا توقفْ
شاحنات نقل الذبائح.
[87]
هذا الفجر ..
ليس إلا من ثمار غابات الموتى.
[88]
أينما ترغب اذهب .. لكن لا تدع نفسك وحيدة
وإذا شئت العزلة
فخذ نفسك وارحل.
[89]
عندكم مواكب من ذهب
ليس لديّ .. إلا كلمات أتنـزه معها.
[90]
الكلمة لا تموت .. أذن .. لا تدعوني أصير كلمة.
[91]
لست سوى بضعة آثام
إنما اجهل لِمَ يغار الجمال مني .
[92]
وحدي قارة إسرار .. إنما مجهولة .
[93]
بأي المفاتيح أغلقت خاتمي .. كله سواء إذ ْ
أصابعي دارت دورتها . والبرية
ضاعت في الخيال.
[94]
تعال اسكن .. لدىّ كلمة باتساع قارة
ثم إن شئت غادر معها .
[95]
خاتم العشق فوق الرماد
لكم مسرات لا تحصى أذا ً.
[96]
مفاتيح الحكمة في البحر .. لذا اطل سماعك
ماذا يقول الغرقى.
[97]
بعضي يخاصم بعضي .. أهذا أنا
بعضي يصالح بعضي .. أهذا أنا أيضا.
[98]
لي .. من الخمر ارتوائي .. إن أمطرت أو جفت
هواء الأرض عناقيد وقلائد
وأنا في ظلام كوخي استنير.
[99]
غادر: الكلمة لا تجرجر حروفها
انتظر: الظل استدار
يا له من كوكب: أتطلبون مني مزايا التاج
أم خجل البراعم
غادر: المسرات عيدك والنياشين تراب.
[100]
بين الخواتم ضاع حبيبي .. من ذا يدل الخاتم على السر ؟ أني ارقب انحناءات المرآة: طالعون من معبد الرمل. ذاهبون اليّ .. هو ذا الخاتم يدور بالأصابع .. يقفل خطاه .. تاركاً انتشاءات البيادر .. هناك .. ليس للمحيط استدارة: الخاتم ضاع بين الخواتم وحبيبي يأتي مع كل غياب.
1988/ بغــــــداد
الجمعة، 26 نوفمبر 2010
التاريخ الشعري وصنعته المعقدة-الشاعر محمد علي النجار- أنموذجا -بقلم حامد كعيد الجبوري
التأريخ الشعري وصنعته المعقدة
الشاعر محمد علي النجار أنموذجا
حامد كعيد الجبوري
عجيبة لغتنا العربية ، عصية على غير ناطقيها ، لذا سميت بلغة الضاد ، بمعنى أن غير العربي يجد صعوبة واضحة بالنطق حين تلفظه حرف الضاد ، ومقابل ذلك فإن لغتنا العربية الجميلة لها أسرارا لا يعرفها إلا المختصون باللغة العربية ، ومن هذه الأسرار القوة الحسابية لكل حرف من حروفنا العربية الثمانية والعشرون ، وقد صنفت حسب أبجديتها لهذه القوة الحسابية ، فمجموعة ( أبجد ) ذات الأربعة حروف تختلف قوتها الحسابية عن مجموعة ( هوز ) بقوتها الحسابية أيضا ، فحرف ( أ) له قوة حسابية تعادل الرقم ( 1 ) ، وحرف ( ب ) يعادل الرقم ( 2 ) ، وحرف ( ج ) يعادل الرقم ( 3 ) ، والحرف ( د ) يعادل الرقم ( 4 ) ، وصولا للرقم عشرة لحرف الياء في مجموعة ( حطي ) ، ومن ثم تتصاعد الحروف الى الرقم ( 10 ) و ( 20 ) ، وصولا للرقم (100) ، لتصبح ( 200) ، و( 300) ، وهكذا الى الرقم ( 1000) لتصبح بعدها ، ( 2000) ، و (3000) ، لنهاية الحروف الثمانية والعشرون ، وقد وجد الشعراء المؤرخون صنعة أتقنوها بتأريخهم الشعري ، وأقول صنعة حيث أنها تعتمد مسألة الحساب ، يضاف لها شاعرية كبيرة مجربة ، لتأتي صياغة أبياتها مسبوكة بشكل ملفت ، فإن جاءت القصيدة كما قلنا مضافا لها تأريخ شعري رائع عدت القصيدة وتاريخها فتحا لذلك الشاعر ، وبالمقابل هناك ناظم يتقن العروض ، ويتقن التأريخ الشعري ، لذا تأتي قصيدته وتأريخه لا تعدو كونها قصيدة وتاريخ ناظم بصياغتها ، وفي بعض الأحيان يأتي ذلك الناظم بتأريخ جميل يشار له ، دون التعرض لقصيدته وقوة سبكها بشئ من النقد ، والسؤال الذي يطرح نفسه ، هل تتقبل الذائقة الجميلة المرهفة شعرا لناظم ما يسمي نفسه شاعرا ؟ .
يعد الشاعر والباحث والمؤرخ الحلي ( محمد علي اليعقوبي ) ، صاحب الموسوعة الكبيرة ( البابليات ) من الشعراء المجيدين للتأريخ الشعري ، وكذلك الشاعر ( مجيد العطار ) ، والشاعر الشيخ ( صالح الكواز ) ، والشاعر السيد ( جعفر الحلي ) وغيرهم الكثير من الشعراء الذين تركوا أثرا واضحا بهذه الصنعة الشعرية ، ويمكن أن نعد الشاعر السيد ( محمد علي النجار ) آخر هؤلاء الشعراء الكبار لصنعة التأريخ الشعري .
وللإجابة عن التساؤل الذي طرحته أقول ، لنأخذ مثلا صغيرا بين أيدينا وهو الشاعر المجيد والمؤرخ الشعري الأروع ( السيد محمد علي النجار ) ، فهذا الرجل صياد ماهر للجواهر الثمينة كاللؤلؤ والمرجان والياقوت ، فالشاعر السيد محمد علي النجار حين ما يؤرخ لكبار الشعراء ، يأخذ بيتا أو شطرا أو جزءا من شطر كتبه الشاعر الذي سيؤرخ له ، ويبدأ التاريخ الشعري بعد هذه المفردات التي يقولها الشاعر ، ( تأريخه ، أرخ ، أرخت ، ) ، وهناك أمثال لحذف أو إضافة مفردة أو حرف سنوردها من خلال الموضوع ، ومثال لذلك ما قاله محمد علي النجار بحق الشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري ، مؤرخا تاريخ وفاته ، مستفيدا من قصيدته العصماء فداء لمثواك من مضجع فيقول مؤرخا لتاريخ وفاة الجواهري الكبير فيقول ،
يقولون حل صرف الردى ...بساحة شاعرنا الألمعي
ومن كان في قمة المبدعين ... يحلق في الأفق الأوسع
فقلت جواهره لن تموت ... وتخلد في العالم الأرفع
وجدت لتاريخه ( شاهدا ... فداء لمثواك من مضجع )
311 +86 +597+90+913=1997 م
ومن جميل تواريخه هذه التورية مؤرخا لولادة حفيده علي أبن الدكتور أسعد النجار فيقول مؤرخا ،
حفيد سرنا الرحمن فيه ... وكم أسدى لنا الرحمن لطفا
وقال أبوه سموه ( عليا) ... فهذا الاسم بالتعظيم حفّا
ومن ذكراه في التاريخ ( دين ... علي الدر والذهب المصفى )
1404 هجري
وكما قلنا بحذف حرف أو مفردة – إسم أم فعل - ، فهنا يؤرخ لسقوط طاغية العراق قائلا ، ومنها ،
مضى ظلم صدام الى غير رجعة ... فإن مات لا تؤويه حتى المقابر
ولا يستطيع المرء إحصاء ظلمه ... وإن كثرت أقلامه والدفاتر
ففي كل بيت بالعراق ظلامة ... وآثار ظلم كلهن كبائر
فدع ( دال ) صدام وقد ( دال ) حكمه .. وأرخ ( على الباغي تدور الدوائر )
4 - 2007 = 2003 م
ومثال آخر للإضافة مؤرخا لوفاة الدكتور أحمد الوائلي قائلا ،
أنا إن بكيت خطيب آل محمد ... ومدامعي سالت من الأحداق
كررت ( أحمد ) حين قلت مؤرخا ...( يفنى الزمان وذكر أحمد باقي )
53 + 150+129+260+1483+= 1424 هجري
وأرخ السيد محمد علي النجار شعريا لأغلب مساجد وحسينيات الحلة الفيحاء ، ناهيك عن تواريخه الشعرية التي انتشرت بعموم العراق ، و الحواضر العربية ودولة إيران الإسلامية ، وآخر ما رأيت له من تاريخ شعري ، أرخ وفاة صديقه السيد حسن آل يحيى الموسوي ، ولا أريد أن أقول أي شئ بخصوص عمق العلاقة التي تربط السيد محمد علي النجار بصديقه الراحل السيد حسن الموسوي ، وقد أرخ لوفاته بالتاريخين الهجري والميلادي ، وسأترك للقارئ اللبيب استكشاف مواطن الجمال ، والحبكة الشعرية ، وصدق العاطفة ، والابتعاد عن الصنعة الشعرية ، ليقترب لمكامن القوة الشعرية :
فقدت أخا ساءني فقده ... وكنا رفيقين طول الزمن
تسامت لدينا نقاط اللقاء ... ولم يختلف سرنا والعلن
تقول تواريخنا ( أنها ... بدار الخلود مقر الحسن )
فلو جمعنا ، إنها = 57 ، + بدار = 207 ، + الخلود = 671 ، + مقر = 340 ، + الحسن = 149 ، لأصبح ناتج الأرقام 1424 سنة وفاة صديقه بالتاريخ الهجري ،
ويقول أيضا لصديقه الراحل مؤرخا رحيله بالتقويم الميلادي ،
أرى أيام عمري في صدود .. فهل ملت وجودي في الوجود
شبابي كل يوم في نزول ... وشيبي كل يوم في صعود
فقدت أحبة رحلوا تباعا ... وقد ضمّهم حفر اللحود
وأني لاحق فيهم قريبا ... وأسقامي على قولي شهودي
أضف ( حسنا ) على شعري وأرخ ... ( قضى حسن الى دار الخلود )
وهنا تبرز براعة الشاعر المؤرخ فإنه لم يجد لإكمال تاريخه الشعري إلا إضافة ( حسنا ) وقوتها الحسابية 119 ، وقضى 850 ، وحسن 118 ، الى 41 ، دار 205 ، الخلود 171 ليصبح تاريخ الوفاة عام 2004 م ، ما أجمل هذه اللغة العربية ، وما أبرع من صاغها شعرا ، أو نثرا ، أو تاريخا شعريا .
عام 1922 م ولد السيد محمد علي بن السيد محمد بن حسن ، ينتهي نسبه الى الإمام موسى بن جعفر ( ع ) ، في زقاق ( ليلَه ) من محلة ( المهدية ) من الحلة الفيحاء ، وسمي زقاقهم ب ( عكد ليله ) لأنهم يسرجون كل ليلة جمعة سراجا كبيرا لينير طريق المارة ، وتبركا بليلة الجمعة ، له طيلة العمر ليتحف المكتبة الشعرية التاريخية بجميل ما يكتب
الخميس، 25 نوفمبر 2010
ارحل الى عينيك-نص ولوحة غالب المسعودي
ارحل الى عينيك معتمرا سعي حجيج مسه هبل
وادو رعلى الشفتين سبعا اقبلها
واصرخ من نياط القلب
لبيك يا قبل
واني وتاء اللات لا انكر محبتها
حتى وان ضاقت بي السبل
لكن
دمع العين جمرا يهدهني
ويهوى...... من جاورت زحل
حبيبتي تتنسم عطري॥
عبر المسافات
تعرف أني
ادير النبض كسويداء القلب
وعشاقي كثر و ماناموا
و اني هدف هش
عصفور داهمته ريح عاصف تمطر رعد
يستظل باوراق الورد
يعرف أن، الورد
سيزهر
ويحكي القصة
في الغد........................
دغالب المسعودي
الأربعاء، 24 نوفمبر 2010
صدور كتاب جديد(حانة الشرق السعيدة)للكاتب علي السوداني
اعلان جاد عن صدور كتابي " حانة الشرق السعيدة "
علي السوداني
صدر عند خاصرة هذا الأسبوع المسبّع ، كتاب جديد لي أسمه " حانة الشرق السعيدة ... مختارات قصصية " وهو عبارة عن مصطفيات ومنتخبات من قصار قصصي وطوالها والحكايات ، كنت استللتها من بطون كتبي الخمسة البائدات ، مع تزييد وتمحيص وتصحيح وتهميش وشيل مفردة فائضة من هذه ، وتعديل جملة عرجاء من تلك . الكتاب صدر ونزل وتنزل من فيض بركات دار الأديب العراقية بعمّان وبغداد ، وراعيها وساقيها الفنان والفوتوغرافي هيثم فتح الله عزيزة وبمعونة نبيلة كريمة لا يراد منها جزاء ولا شكورا أتت من خراج مال صاحبي الورّاق الطبّاع ماجد حميد أبو سارة الذي كنت رننت كأسي بكأسه أول مرة ، في مجلس الطباع البغدادي المشهور مريوش أبو رمزي الذي من سكنته وجلاسه وسماره ، كان الطباع والتقاني حامد الجواري وهو من يطرّي ويجمّل ويحلّي خواتيم القعدة بلطائف وطرائف تضحك وتستأنس لها القوم السكرانة بالمحبة وبالمودة وبالراح حتى يكاد واحدهم من قوتها ، يسقط على قفاه ، وتبلغ ذروة المشهد الحميم في اللحظة التي يتفنن بها حامد البديع في تكوير فمه ليموسق ويدوزن وينوّط صوتاَ ظريفاَ تسميه الناس في بلاد الرافدين " العفاط " وواحده عفطة ، وهذه وأخيتها قد جيء بها في غير موضع وموضع من جميل وطريف وحكيم بطون التراث اللذيذ . كانت العفطة التي ينتجها فم حامد ، قوية ومؤثرة وصالحة لتفزيز وانهاض كتيبة جنود كسالى يسورون قصر السلطان النابت في كرخ بغداد العباسية . هذه المختارات المصطفيات ، طاب لنا أن نفتتحها ونرفع فوق بابها ، جملة عذبة رحيمة تدير الرأس وتطرب الروح ، كان أنتجها المبدع الخلاق العظيم صاحب " لعبة الكريات الزجاجية " المغفور له الراحل هيرمان هيسه اذ كتب " سوف أضطجع على أريكة عريضة وأدخّن ، وأكون كسولاَ حسب . أكسل من أن أخلع ملابسي في الليل ، وأكسل من أن أنهض من فراشي في النهار " طباعة الكتاب فخمة . جلده أملس ان سقطت فوقه قطيرة ماء ، سيكون بمقدورك صبّها ثانية في بطن كأس ، أما ورقه فهو من مخففات الأسمر المائل الى صفرة محببة مشتقة من تلك التي جاءت عليها المغنية الكونية فيروز في مرثية ورق أيلول الأصفر . قصص وأقصوصات ومقصوصات وحكايات هذا الكتاب - جلّها - اتخذت من الحانات أمكنة ومن روادها وجلاسها وسمارها ، صوراَ وحكايات وازاحات . الحانات هي ، حانات بغداد وعمّان خاصة ، وان كنا نزلنا وكرعنا مرات ومرات بحانات بباب البحرين وبباب توما الدمشقي المعتق . هذه الأمكنة والكائنات الطيبة التي ترتع وتلعب وتسكر وتغني في بواطنها ، انما هي كنز لا يفنى من صور ولغة وتحفيز وتنشيط وخلق . سأكتفي الآن بهذا القدر من الكلام عني وعن كتابي المنتظر ، اذ أنني - والليل في تمام خاصرته وبدره - أكاد أنصت ، معذباَ حزيناَ منطفئاَ بائداَ خاشعاَ يائساَ مخذولاَ ، الى سكاكين السؤال الحار : بلاد ما بين القهرين - بلادي وبلادكم والأنبياء - ما زالت تحرق وتنهب وتفكك وتهان وتذل وتمرض وينادى عليها من فوق دكة المزاد كما لو أنها جارية مسبية ، وحفلات شواء اللحم الآدمي البلدي الصافي متصلة ، فهل ثمة مجنون مخبول بطران سليل بطر ، يجلد ظهور الناس المعذبين في الأرض ، بسياط الحانة ولغتها الملتبسة ؟ والله العظيم انتم على حق . أنا آسف ونادم . سألقم أذنيّ بقطن ثقيل وأكبس جمجمتي تحت المخدة وأقمط جثتي بلحاف متين وأطفىء ضوء الغرفة ، وأنطر نوماَ أقلّ قسوة.
alialsoudani61@hotmail.com
كاتب عراقي مقيم في عمان حتى الان
انتباه : يمكنك الحصول على نسخة من الكتاب بوساطة مطبعة دار الأديب للنشر ببغداد وعمان التي عنوانها الألكتروني هو :
info@label-world.com
أو من علي السوداني ممهورة بتوقيعه الراسخ ، وهذه تقع مشروطة دفع تكلفة البريد والكتاب ومقدارها الأولي عشرة دولارات أمريكيات خضراوات أقحاح .
الثلاثاء، 23 نوفمبر 2010
قصيدة لو انبأني العراف للشاعرة لميعة عباس عمارة-مرسلة من احمد الحلي
قصيدة( لو أنبأني العرّاف) للشاعرة لميعة عباس عمارة
لو أنبأني العرّاف
أنك يوماً ستكونُ
حبيبي
لم أكتُبْ غزلاً في رجلٍ
خرساء أًصلّي
لتظلَّ حبيبي
لو أنبأني العراف
أني سألامس وجه القمرٍ العالي
لم ألعب بحصى الغدران
ولم أنظم من خرز آمالي
لو أنبأني العراف
أن حبيبي
سيكونُ أميراً فوق حصانٍ من ياقوت
شدَّتني الدنيا بجدائلها الشقرِ
لم أحلُمْ أني سأموت
لو أنبأني العرّاف
أن حبيبي في الليلِ الثلجيِّ
سيأتيني بيديهِ الشمسْ
لم تجمد رئتايَ
ولم تكبُرْ في عينيَّ هموم الأمس
لو أنبأني العراف
إني سألاقيك بهذا التيه
لم أبكِ لشيءٍ في الدينا
وجمعتُ دموعي
كلُّ الدمعٍ
ليوم قد تهجرني فيه
نبذة عنها
لميعة عباس عمارة شاعرة عراقية محدثة. تعد محطة مهمة من محطات الشعر في العراق ولدت الشاعرة لعائلة صابئية مندائية عراقية في منطقةالكريمات وهي منطقة تقع في لب المنطقة القديمة من بغداد.والمحصورة بين جسر الاحرار والسفارة البريطانية على ضفة نهر دجلة في جانب الكرخ سنة 1929م. وجاء لقبها عمارة من مدينة [[العمارة] حيث ولد والدها. أخذت الثانوية العامة في بغداد، وحصلت على إجازة دار المعلمين العالية سنة 1950م، وعينت مدرسة في دار المعلمات. تخرجت في دار المعلمين العالية سنة 1955.وهي ابنة خالة الشاعر العراقي عبد الرزاق عبد الواحد والتي كتب عنها في مذكراته الكثير حيث كانت ذات شخصية قوية ونفس أبية . من قصائدها المعروفة قصيدة أنا عراقية بمطلعها لا حيث كتبت هذه القصيدة عندما حاول احد الشعراء مغازلتها في مهرجان المربد الشعري في العراق حيث قال لها أتدخنين .. لا ... أتشربين ... لا ...أترقصين .... لا ..ما انتِ جمع من الـ لا فقالت انا عراقية عاشت اغلب ايام غربتها في الولايات المتحدة بعد هجرتها من العراق في زمن صدام حسين
كانت عضوة الهيئة الإدارية لاتحاد الأدباء العراقيين في بغداد [ 1975 – 1963]. كذلك عضوة الهيئة الإدارية للمجمع السرياني في بغداد. وهي أيضا نائب الممثل الدائم للعراق في منظمة اليونسكو في باريس (1973-1975). مدير الثقافة والفنون / الجامعة التكنولوجية / بغداد وفي عام 1974 منحت درجة فارس من دولة لبنان.
بدأت الشاعرة كتابة الشعر في وقت مبكر من حياتها منذ أن كانت في الثانية عشرة، وكانت ترسل قصائدها إلى الشاعر المهجري ايليا أبو ماضي الذي كان صديقاً لوالدها، ونشرت لها مجلة السمير أول قصيدة وهي في الرابعة عشر من عمرها وقد عززها ايليا أبو ماضي بنقد وتعليق مع احتلالها الصفحة الأولى من المجلة إذ قال: (ان في العراق مثل هؤلاء الاطفال فعلى اية نهضة شعرية مقبل العراق..)
درست في دار المعلمين العالية – كلية الآداب – وقد صادف أن اجتمع عدد من الشعراء في تلك السنوات في ذلك المعهد، السياب والبياتي والعيسى وعبد الرزاق عبد الواحد وغيرهم، وكان التنافس الفني بينهم شديداً، وتمخض عنه ولادة الشعر الحر. حين كرمتها الحكومة اللبنانية بوسام الإرز تقديراً لمكانتها الادبية لم تتسلم الوسام (لان الحرب الاهلية قائمة) وكتبت تقول
على أي صدر أحط الوسام ولبنان جرح ٌ بقلبي ينام
كتبت الشعر الفصيح فأجادت فيه كما كتبت الشعر العامي وأجادته كذلك، أحبت الشاعرة لغتها العربية وتخصصت بها ومارست تدريسها فتعصبت لها أكثر دون أن تتنكر للهجتها الدارجة فوجدت نفسها في الأثنين معاً. إن لميعة ترى في اللغة العربية الفصيحة وسيلتها للتواصل مع الآخرين الأوسع، لكنها تجد في لهجتها العراقية العامية ما يقربها من جمهورها المحلي الذي استعذب قصائدها فتحول بعضها إلى أغنيات يرددها الناس.
لماذا نكتب.....؟د.غالب المسعودي
لماذا نكتب.................؟
الخلود ليس هو الصعود الى مقر الالهة كما ورد في الاساطير السومرية,بل هو مقاومة الانسان للموت بوصفه النهاية الطبيعية للانا,كما ان الواقع الحي اقوى من اي نظرية لا تستجيب له.ومع تعاظم الدلالة للمتخيل المقدس في ذاكرة اللغة وامتداده الى الحاضر,تنكشف امامنابشكل واضح زفرة الروح الاخذة باليباس لانها تشير الى علاقة غير متكافئة بين الواقع والوهم,وبالتالي تؤثر في منهجيتنا وتبعيتنا,فالموتى عندما يحكمون فان الحضارة يدمرها الايكيكيكي,وبذا يصبح مسارها خط نازل يستمد جذوته من العالم السفلي ومن عذابات القبور ومعاناة عشتار في رحلتها لتنقذ حبيبها تموز.ان الاشارة الى المستقبل توقد العقل وتضعه في مواجهة جدلية مع الحاضر المتردي,والحياة في نظري لحظة بين عدمين ,لذا علينا ان نعيشها بجذوتها وعذوبتها,الا اننا نجد يوميا من يذكرنا بالمستقبل ونعيمه وهو لا زال يعيش عصر الاسطورة وذهنيتها المتآكلة,وهذا يصح للعقل الساكن الذي لا يعي التجربة الانسانية بكل تفاصيلها وحيويتها وبدوغماتية اورثودوكسية لا غبار عليها,فالخلود عندهم يعني مجاورة اوتونبشتم بعد عبور بحر النار الارضي بزورق مطرز باحلام كابوسية ودفات مصنوعة من قير اسود وخشب اخضر ودماء زرقاء. اما العقل الذي يعي تجربة الحضارة والتقدم يحاول اقتحام المجهول من اجل سعادة البشر جميعا بدون تمييز لا في الجنس ولا اللون.ان الكتابة حب والحب مغامرة كبرى وابحار ضد التيار على قولة نزار قباني..................!
د.غالب المسعودي
الأحد، 21 نوفمبر 2010
قراءة في كتاب فاطمة المرنيسي-هل انتم محصنون ضد الحريم؟-احمد الحلي
قراءة في كتاب فاطمة المرنيسي :
هل أنتم محصنون ضد الحريم ؟
أحمد الحلي
لم يتطرق الباحثون المحدثون إلى موضوعة هذا الكتاب ؛ " الحريم " بشيء من الإحاطة أو الإفاضة مثلما فعلوا مع مواضيع أخرى أقل أهمية في التراث ، مع أن عالم الحريم كان على الدوام زاخراً بكل مقومات الإغراء والإثارة ، ولا ندري هل هو الحياء الشرقي المعهود ؟ أم أن هناك اعتبارات أخرى تقف وراء هذا الإعراض أو التردد من لدن هؤلاء الباحثين .
وعلى أية حال فقد طرقت الكاتبة المغربية ( فاطمة المرنيسي ) هذا الباب بكل قوة من خلال كتابها الذين بين أيدينا والذي عنونته بصورة استفهامية : هل أنتم محصنون ضد الحريم ؟ والصادر في طبعته الأولى للعام 2000 عن المركز الثقافي العربي في بيروت مترجماً عن اللغة الفرنسية من قبل ( نهلة بيضون ) .
تبتدئ المؤلفة مقدمتها بطريقة تهكمية لاذعة : " لا أريد أن أسبب الهلع لوزير الصحة المنهمك بجلد الكثير من القطط ذكوراً وإناثاً ، ولكن يبدو لي ، استناداً إلى شائعات لجوجة تتناقلها " إذاعة المدنية " ، ولن تتمكن كل الصحون اللاقطة من إسكاتها ، إنّ وباء ( الحريم ) يعيث فساداً في الدار البيضاء ، ويتعلق الأمر بفيروس خبيث للغاية ، من رواسب داء قديم كان منتشراً في القرون الوسطى ، في زمن الخليفة هارون الرشيد ( القرن الثامن ) ، وساد الاعتقاد بإمكانية القضاء عليه على غرار السل والتيفوئيد " .
وتتحدث عن أصل كلمة ؛ جارية ، جري ، أي هرولة ، حسب لسان العرب لأبن منظور ، والجارية هي التي تلبي نداء سيدها ، وتكون في خدمته ، ويخبرنا ابن منظور ، مؤلف لسان العرب ، إن ّجارية مجرد مرادف لخادم ، وثمة مرادف آخر لكلمة جارية هي ( قينة ) وهو أكثر تخصيصاً ، إذ يدل على الجواري اللواتي كن يجدن العزف والغناء ، وبهذا المعنى تكون القينة هي الترجمة الدقيقة للكلمة اليابانية Geisha ( غيشا ) التي تعني حرفياً فنانة ، فالغيشا هي التي ترفّه عن السادة، أما كلمة ( محظية ) التي ذاعت لدى جيراننا الأوربيين، وألهمت فنانيهم بدءاًً من أنغر ( 1780–1867 )، ودولاكروا ( 1798–1863 )، وصولاً إلى ماتيس ( 1869–1954 )، وبيكاسو ( الذي رسم بدوره حريمه ! ) فأصلها تركي Oda ، أي الحجرة ، وتدل تعميماً على البيت وكذلك المرأة الحبيسة فيه .
وتنقل المؤلفة في أحد هوامش المقدمة المزيد عن أصل كلمة حريم ؛ أنظر في لسان العرب لأبن منظور ، أحد أهم مراجع اللغة العربية ، ويرى ابن منظور أن أصل كلمة حريم هي حرام ، أي الأشياء الممنوعة ، ويبدأ فيقول أن أصل الكلمة حرم وحرام أو نقيض الحلال ، وتدل كلمة حريم على ما يحظر لمسه ( والحريم : ما حرم فلم يمس ) ، والحريم ما كان المحرمون يلقونه من الثياب فلا يلبسونها ، وكان العرب في الجاهلية إذا حجوا البيت يخلعون ثيابهم التي عليهم إذا دخلوا الحرم ولم يلبسوها ما داموا في الحرم ، " وكان أهل الجاهلية يطوفون بالبيت عراة ويقولون ؛ لا نطوف بالبيت في ثياب قد أذنبنا فيها ، وكانت المرأة تطوف عريانة أيضاً ، انتهى " .
وعلى ذات المنحى التهكمي لكتابها ، تتحدث المؤلفة في الفصل الرابع عن الفنان الفرنسي ( ماتيس ) بوصفه باشا طنجة ؛ في عام 1912 ، كان ( ماتيس ) يهزأ من رجال طنجة لأنهم غير نسويين ، وكان يعتبر نفسه بالطبع متحضراً جداً في هذا المجال ، ومواكباً للتقدم في مسألة المساواة بين الجنسين ، ذلك أن هذه المسألة كانت مطروحة على بساط البحث في مجتمعه ، ولكننا سوف نرى أن عزيزنا ( ماتيس ) الذي ورث " الديمقراطية " ، على غرار جميع مواطني الجمهورية الفرنسية التي كانت تثير الحيرة والبلبلة في أذهان أبنائها ، إذ تعلمهم أن الاستعمار رسالة حضارية مشرفة ، لم يكن هذا ( الفنان ) يطيق الفرنسيات المتحررات إلا حين يرسمهن على هيئة المحظيات ، جواري هذا الشرق الذي كان يندد برجعيته ، ولقد أمضى ( ماتيس ) حياته يرسم لأبناء بلده مواطنات ينتمين إلى هذه الجمهورية الفرنسية نفسها . متنكرات بزي ( زهرة ) الطنجاوية الوحيدة التي تسنى له أن يلتقيها لقاءً خاطفاً ، في ظروف استثنائية وبالغة التعقيد " . وبعد قليل ترد معلومات أخرى مفصلة عن هذه المسألة ، كان ( ماتيس ) يصور الأقمشة ذات الرسوم الكثيفة التي رآها في المغرب ، وقد واجه على الفور صعوبة في إيجاد العارضة التي تتوضع أمامه ليرسمها ، لأن مقاربة النساء كان عسيراً لا بل مستحيلاً ؛ وعلى سبيل المثال ، كان من غير الوارد دخول نساء من ( السكان الأصليين ) إلى فندق فيلادو فرانس دون إثارة الفضيحة في كل مكان ، وأخيراً ، عثرت له إحدى صديقاته ، السيدة ( رافان ) على شقة صغيرة كانت تأتي إليها فتاة ليرسمها ، ولكنها كفت عن المجيء تحت تهديد شقيقها ، وكانت هذه الفتاة تدعى ( زهرة ) ، وما أن عاد ماتيس إلى طنجة ، حاول البحث عنها بمساعدة بعض الأصدقاء ، والتقى بها أخيراً في أحد مواخير المدينة ، وكان يحرص عليها كعارضة وملهمة لدرجة أنه لم يتردد في ارتياد الماخور من أجل أن يرسمها ! وبعد مرور سنوات عديدة ، ظلت ذكرى الفتاة الطنجاوية ماثلة في المرسم الباريسي للفنان العظيم ، وإثر العودة إلى فرنسا ، رسم ماتيس صوراً لعارضاته الأثيرات أمثال ( لوريت وأنطوانيت وهنرييت ولولو ) ، ولكنه غالباً ما ألبسهنَّ ثياب " المحظية " ...
وفي الفصل الخامس المعنون " هارون الرشيد أو الحريم العربي " ، نقرأ الجملة الموحية ؛ يسحر الحريم لأنه نقطة التقاء وانصهار لثلاثة من أكثر العوامل المرغوبة في العالم ؛ السلطة والثروة والمتعة . وتبين الكاتبة أن الرجال القلائل الذين يحق لهم دخول الحريم هم الخصيان ، أي الرجال الذين تمّ تعطيل وظائفهم الجنسية بعناية ، الذين كانت مهمتهم الوحيدة هي التحقق من عدم وجود ذكر آخر في عالم الحريم غير السلطان الأوحد الذي لا شريك له ...
وتسرد المؤلفة بعض الحقائق والوقائع المستلة من التاريخ العربي ؛ لا يتوقف المؤرخون العرب عن تعداد الجواري ولاسيما الفخامة التي كانت سائدة في الحريم ، ويشددون على أن ( زبيدة ) كانت الزوجة الأولى في التاريخ العربي التي استعملت أواني من الذهب الخالص ، في حين كان غالبية رعايا الإمبراطورية يعانون الفاقة .
وبعد حديثها في الفصل السادس عن حريم السلطان العثماني محمد الثاني " الفاتح " ، ثم في الفصل السابع عن الحريم الإغريقي والروماني ، نراها تتحدث في الفصل الثامن عن الكاهن الألماني الجريء ( يوهان ليزر ) الذي أقدم في العام 1974 على تأليف رسالة يعدد فيها فضائل تعدد الزوجات ، " وبالرغم من أنه حرص على نشرها تحت اسم مستعار ، فقد افتضح أمره ، وصبّ عليه المجتمع اللوثري في مدينة هامبورغ جام غضبه ، فاضطر بسبب موجة الاستنكار العارمة التي أثارها للهروب إلى الدنمارك ، ثم إلى اسوج ، بعد أن طرده الملك كريستيان الخامس بدوره " .
وينقل لنا الكتاب أن شاعراً فرنسياً معروفاً هو جيراردي نرفال قام باقتناء أَمَة من جزيرة جافا أثناء اقامته في القاهرة عام 1843 ؛ " لقد قيل لي أن النخاس قد خدعني حول مواصفات الأَمَة ، أو أنها تشكو من عيب يستدعي إبطال البيع ، ولم اعتقد قط أن أوربياً قد يلجأ إلى هذا البند المخجل لو أنه تعرض للاحتيال ... ولقد غفت الطفلة المسكينة . وفيما كنت أتأمل شعرها باهتمام المالك الذي يشعر بالقلق من العيوب التي قد تشوب السلعة التي اشتراها " .
وتتطرق المؤلفة إلى رياء المرويات الأوربية عن الشرق ، فمسألة الخصي والإخصاء التي غالباً ما يصم بها هؤلاء التاريخ العربي والإسلامي ، نرى جذورها موجودة لدى الفكر والديانة الغربية على وجه التحديد ، حيث يرى القديس أوغسطين " أن المسيحية لا تعترف بالمتعة " ، بل وتحض على تفادي اللذة حتى في إطار الزواج ؛ ونقرأ لهذا القديس أيضاً ، يجب على الأزواج الامتناع عن المتعة طوال السنة " .
وفي حين يحدد الخيال الغربي الخصي على أنه كائن شرقي أصيل ، متناسياً أنه كان في البداية ، وقبل ظهور الإسلام ، وليد العالم المسيحي المهووس بمثال العفة ، حيث تمادت بعض الفرق الدينية في رغبتها بالامتناع عن الجنس ، فخصى أعضاؤها أنفسهم للفوز بـ " ملكوت السماوات " ، وكان ترتوليان يقول ؛ " إن ملكوت السماوات مفتوح للخصيان " .
وفيما بعد ، ندد المفكرون الأوربيون أمثال ( جان جاك روسو ) بإخصاء المطربين ، وشجب ( روسو ) هذه العادة الهمجية في " موسوعة الموسيقى " التي وضعها قائلاً ؛ " لا تعوض ميزة الصوت لدى المطربين الخصيان خسائر كثيرة أخرى ؛ فهؤلاء الرجال الذين يجيدون الغناء ، إنما دون حرارة أو شغف ، من أسوأ الممثلين على خشبة المسرح ، يفقدون صوتهم سريعاً ويتكون لديهم كرش مقرف ، ويتحدثون ويلفظون بأسوأ مما يفعل الرجال العاديون ، بل ثمة حروف كحرف الراء لا يستطيعون لفظها مطلقاً " .
فهذا الفيلسوف الذي يُعد ملهماً أساسياً من ملهمي الثورة الفرنسية ومبادئ حقوق الإنسان لم يكن بوسعه قط الانتصار لإنسانية هؤلاء بقدر تأسفه على فقدانهم بعض المزايا التي تدخل في إطار الإمتاع ، ومع ذلك ، نراه يعترف بأنه " استمتع سراً ، في البندقية، في مقصورته بمسرح القديس يوحنا بـ( الغناء الرقيق والمنسجم ) و ( الأناشيد الملائكية ) التي كانت حنجرة كاريستيني ( الخصي ) تغدقها على الحاضرين " .
وفي الفصل الحادي عشر ، وخلال حديثها عن " الخصي المسلم " ، تقول المؤلفة ؛ لقد كان الخصي معروفاً في قصور السلاطين العثمانيين ، وعندما تشتت آخر حريم إمبراطوري مسلم رسمياً ، وألغيت هذه المؤسسة نفسها عام 1909 ، إثر خلع السلطان عبد الحميد عام 1908 على يد الشباب الأتراك ، تبين أن هذا السلطان كان يملك في قصره 370 محظية و 127 خصياً لخدمته ، وقد أرغم على العيش في المنفى في سالونيك ، ولكنه حرم من حريمه ، وسمح له بأن يختار بعض المحظيات فحسب ، وأثناء ذلك ، وبعد أن تمّ إقرار وإصدار العديد من القوانين في الدول الأوربية التي تحظر العبودية ، ولاسيما القانون البريطاني الصادر في العام 1833 ، نرى العديد من الزعماء المسلمين يعترضون على ذلك الحظر ويعتبرونه " تدخلاً في الشؤون الداخلية للدول " .
السبت، 20 نوفمبر 2010
حديقة الجبل...معلم حلي يندثر-حامد كعيد الجبوري
حديقة ( الجبل ) ...معلم حلي يندثر
حامد كعيد الجبوري
منتصف ثلاثينات القرن المنصرم وبالتحديد بداية العام 1938 م ، والحلة آنذاك عبارة عن قصبة صغيرة ، بل قل بساتين غناء تتوسطها بيوت شرقية متجاورة ، والحلة يشطرها نهرها – نهر الحلة – المتفرع من الفرات العظيم لشطرين ، يسميان لدى الحليون ، الصوب الكبير ، ويضم سبعة أطراف وهي ، الجامعين ، الطاك ، جبران ، الجباويين ، المهديه ، الأكراد ، التعيس ، والصوب الصغير ويشتمل على ثلاثة أطراف ، أغلب سكانها فلاحون وهي الورديه ، الكلج ، كريطعه ، وأغلب هذه البيوت بنيت بدون وعي آثاري من أنقاض مدينة بابل التاريخية الشهيرة ، ولكل صوب مما ذكرناه من الحلة مكب للنفايات ، وموضوعتي عن مكب نفايات الصوب الكبير حصرا ، بدأ هذا المكب يكبر شيئا فشيئا حتى غدا مرتعا للكلاب السائبة للتنقيب عن قطعة عظم ، أو فضلات القصابون في هذا المكب الكبير الذي أخذ مساحة تقدر بعشرين دونما من الأرض ، وأصبح أيضا مصدرا لنمو الطفيليات كالذباب ، البعوض ، ومرتعا للقوارض والفئران ، ناهيك عما يسببه من تلوث بيئي وريح غير مستساغة للذوق العام ، ولم تكن الخدمات البلدية كما هي عليه الآن من سيارات متخصصة لطرح القمامة بأماكن خصصت لرمي الفضلات فيها ، وكانت البلديات يوم ذاك تستخدم الحمير والبغال لنقل الفضلات لهذا المكب الذي ذكرنا ، وبما أنه أصبح مصدرا خطرا على سكان مدينة الحلة الفيحاء ، كتب متصرف الحلة يوم ذاك كتابا رسميا لمراجعه في بغداد ، طالبا منحة مالية لنقل هذه النفايات لمكان آخر ، لم تحصل موافقة الحكومة المركزية ببغداد العاصمة ، على منح المبلغ القليل للتخلص من هذه القاذورات ، التي ستتسبب لمركز لواء الحلة بآثار لا يحمد عقباها ، لم يستطع متصرف لواء الحلة البقاء على هذا الحال سيما وأنه مسؤول عن حياة وصحة مواطنيه ، إذن عليه أن يجد حلا لهذه المعضلة التي أقضت مضاجع أكثر من أربعة أطراف من الصوب الكبير المتجاورون قرب مكب النفايات ، لذا حزم أمره على أن ينقذهم من هذا المكب بطريقة العمل الشعبي الجماعي ( السخرة ) ، علما أن قسما من هذا المكب – النفايات - أرتفع عن الأرض لأكثر من عشر أمتار ، إبتداءا أحضر من مادة النفط الأسود آلاف اللترات لترمى على هذه القاذورات لحرقها ، ولكن من أين له الأيدي العاملة المجانية ، بتفكير بسيط أرشده عقله لسجن الحلة المركزي ، والذي يجلب له الكثير من مساجين الأحكام الثقيلة ، من الألوية العراقية المجاورة للواء الحلة ، بعث من يدعو له مدير السجن واتفقا معا لإخراج عدد من المحكومين برفقة حراسهم للعمل بهذه المهمة ، ونفذ له مدير السجن ما أراد ، وطبعا فرح العاملون المسجونون لهذه الحرية الوقتية ، تم حرق جميع تلك النفايات وتحولت لركام أسود ، بعد ذلك ماذا سيفعل بهذه المخلفات المحروقة ، ولماذا لا يحولها لمتنزه يؤمه أبناء لواء الحلة ، وبما أن الركام هذا يحتاج لآلات هندسية ( شفلات ، سيارات ) لا يملكها لواء الحلة يوم ذاك ، إذن لتبقى على حالها وارتفاعها ولكن عليه تقسيمها لمسطحات كل حسب ارتفاعها بواسطة المجارف – المسحاة – والمعاول ، وهذا ما حصل ، لقد تحولت هذه العشرون دونما من الأرض لمساحات غير متساوية بالحجم والارتفاع ، وكل ذلك من عمل المساجين ، كان المتصرف – هكذا تسميته سابقا – يحضر بنفسه كل يوم لمراقبة مشروعه هذا ، ولا ينسى أن يحضّر لعماله المسجونين وجبات الطعام التي تعد من قبلهم ، وتوزيع السكائر مجانا للمدخنين ، بعد أن أصبحت الأرض مهيأة للزرع واجه المتصرف مشكلة إيصال ماء السقي لحديقته التي أبتكرها ، وحقا أنها معضلة إن عرفنا أن نهر الحلة يبعد بحوالي الكيلومترين عن هذ المكان المهيأ كحديقة أو متنزه عام ، إستخدم نفس طريقته المثلى وهم المسجونين ، وأوصل الماء العذب لها ، وأستخدم مكائن السقي البسيطة لرفع الماء حيث يريد ، وطبعا بكلفة قليلة من أموال نثرية المصرفية ، في هذه المرحلة المهمة لإنجازه المشروع الحدائقي ، صدرت إرادة ملكية لنقل متصرف لواء الحلة الى لواء العمارة ، وهذه الشخصية الوطنية هي ( سعد صالح جريو ) وهو من أهالي قضاء النجف آنذاك ، حزم الرجل أمتعته وذهب لمقر عمله الجديد ، إستلم متصرف الحلة اللاحق أعماله وهو بهمة ذلك المتصرف السابق ، وبدأ عمله – المتصرف الجديد - لإنجاز مشروع من سبقه ، ويذكر من أرخ للحلة الفيحاء ، أن المغفور له ( سعد صالح جريو ) يمر على الحلة لمتابعة ما وصل له العمل حينما يأتي لزيارة أهله في النجف ، ومن الخلق الرفيع لأبناء ذلك الزمان ، حين أكمل العمل ، وشجرت هذه الحديقة بالأشجار المعمرة ، والورود ، وحان أوان افتتاحها ، بعثت برقية من متصرف لواء الحلة لمتصرف لواء العمارة – الذي بدأ بالعمل - طالبون حضوره لافتتاح الحديقة المنشأة ، حضر الرجل – سعد صالح جريو – ضيفا مع صديقه المتصرف ، وأفتتح بنفسه تلك الحديقة الرائعة التي تشبه الجنائن المعلقة البابلية ، وأصبحت متنفسا للكثير من عشاق الحياة بالحلة الفيحاء ، أستغل الرياضيون تلك الحديقة للتدريب ، فهناك ( جفرة ) للاعبي ( الزورخانه ) ، وهذا مكان لعشاق لعبة المصارعة ، ورفع الأثقال وغيرها ، وهناك حلقة للشعراء الشعبيين بقيادة شاعر الحلة الكبير ، الراحل عبد الصاحب عبيد الحلي ، وهناك متنفسا ليليا لمعاقري الخمرة والغناء بقيادة الشاعر الغنائي الكبير محمد علي القصاب ، وصديقه المطرب المعروف سعدي الحلي ، أخذت أشجار المتنزه بالنمو السريع ، لأن أرضها وكما يقول الفلاحون أرضا ( دمن ) – سماد عضوي - ، نهاية هذا المتنزه – الجبل - أنشأت مستشفى حكومية ليست مقتطعة من المتنزه ، ويتراءى لناظرها وكأنها ملحقة بهذا المتنزه ، وهناك من يقول أن المستشفى أنشأت قبل المتنزه وسميت ( المجيدية ) نسبة لبانيها ( مجيد باشا ) ، ورأيت أشجار الكالبتوس الباسقة ، والنخيل الباسق أيضا يحيط تلك ( المجيدية ) – المستشفى - وكأنها ببلد أوربي .
بعد ثورة 1958 م بقيادة الشهيد عبد الكريم قاسم ، وتعيين المحافظين بعد الثورة ، تسارع الجميع لخدمة هذا المعلم الحلي الكبير ، وأذكر جيدا أن طلاب المدارس للمحافظات المجاورة للحلة الفيحاء يأتون بسفرات مدرسية منظمة ومنتظمة لقضاء يوم ممتع فيها ، وتوثيق تلك السفرات بكاميرات الطلاب الوافدون لها .
بداية نظام البعث المقبور ، أمتدت يد التخريب البعثي جزءا فجزءا لهذا المعلم السياحي الكبير ، مبتدءا من جزأها الجنوبي المجاور للمجيدية والتي أزيلت وأنشا مكانها مستشفى للأطفال ، وخرب جزءا من الحديقة لينشأ عليها مرفق للخدمات البلدية ، وآخر بجنبه ل( الماء والمجاري ) ، وخرب لاحقا جزءا آخر كمرافق صحية ، ولم يتبقى من حديقة الجبل إلا ذلك المرتفع الذي هجر من قبل البلدية لتموت أشجاره النظرة ، وأكثر من ذلك ، أنشأت حوانيت غير نظامية مقتطعة من الجانب الشرقي لحديقة الجبل ، المقابل لسوق الحلة الكبير لتؤجر بأثمان عالية للتجار ، ومعلوم أن هؤلاء التجار يرمون مخلفات حوانيتهم خلف الجدار المتبقي من الحديقة ، لتصبح مكبا كبيرا للنفايات مجددا كما وجدها المرحوم سعد صالح جريو .
بعد التغيير الجديد ، بل قل الاحتلال اليوم ، وتسنم المناصب لمن هب ودب ، ولأن المشروع به ربحية أكيدة لجيوب فلان وفلان ، لذا بدئوا يرسمون للانقضاض على المال العام ، بواسطة المشاريع ، ومنها إعادة حديقة الجبل لهيئتها الجميلة ، وحدث أن زارني صديق مغترب وقال لي لنمر على حديقة الجبل الجميلة كما كان يتصورها ، أمس 19 / 11 / 2010 ، زرتها برفقة صديقي وهالني ما وجدت ، ذلك العمل الربحي كما قلت عبارة عن رصف نوع من ( الكاشي ) غير الثابت بمكانه بواسطة مادة ( السمنت ) ، لسوء صنعته وصنعة الحرفيين ، وليس ( الشتايكر ) الجميل المزخرف ، ناهيك عن الإهمال حيث قلة من الورد والأشجار مع عدم تقديم الخدمة المتواصلة لها ككائن حي ، ووجدتها كما بدأت أيام المتصرف السابق ، أتمنى أن تعود تلك القمامة والنفايات لتكبر ، لعلنا نجد متصرفا – رجعيا - أمينا ، وطنيا ، ينقذها كما فعل سعد صالح جريو رحمه الله
الأربعاء، 17 نوفمبر 2010
ديمقراطية البرشوت-المهندس سليم الربيعي
ديمقراطية ( البرشوت )
المهندس سليم الربيعي
لاجدال في ان الديمقراطية هي حتمية تأريخية تُتوّج انتقال الانسان من مرحلة العبودية والقهر والاستبداد الى مرحلة المدنية واحترام حقوق الاخر.
انها تجربة طريقها شائك وطويل تكتنفه صعوبات ومعوقات وتبرز من فوق سطحه احباطات وتخبطات وتشابكات مخيبة للآمال، سيما انها هبطت بعد خمسين سنة عجاف جثمت على صدور الحالمين وصناع النجاح، بعد ان كادت جموع الامل والحب ان تيأس وتستسلم، وجاء الفرج بعملية قيصرية وسقط الطغاة ولاحت بشائر الديمقراطية (ويا فرحةً ما دامت) فقد كانت ديمقراطية مستوردة هبطت بالبرشوت في غير وقتها ومحلها، فأرضنا بمجملها ولقرون عديدة ظلت تنز جهلاً وتخلفاً وقسوةً فهي غير مستصلحة بما فيه الكفاية لانبات بذرة الديمقراطية الحبيبة الغالية بالطريقة التي نجحت مع الشعوب الحيّة.
سقطت الدكتاتورية سقوطاً مدوياً مثلما تمنينا ولكن هل ان عقلية وطريقة نظر ومنظومة تفكير وسلوك حياة منظومتها المتبقية على ارض الواقع قد تغيرت؟ لا انها لم ولن تتغير او تموت او تتلاشى بإندحار مؤسسها بل انها تناسلت وانتشرت وسادت وسوف تبقى ما لم تحدث قطيعة فكرية مع الماضي واستنباط الدروس والعبر وغرس رغبة التعلّم والتطوّر والتغير بأتجاه فضاءات الحداثة والعلم والثقافة واحترام شريعة الاختلاف وقبول الرأي الاخر واشاعة مُثُلْ وقيم التسامح والاخوة والتضحية والايثار وتلك هي من شروط الحرية والصلاح والتقدم والنجاح.
وعليه فأن الديمقراطية تستمد نجاحها وتألقها من شكل مواطنيها وعلينا ان نعلم بأنه ليس هناك دواء خفي من عقاقير مجهولة تستطيع ان تغيير ثقافة مشوهه بين عشية وضحاها، وان تصحح احوال غارقة في الفوضى... منقوعة بالرغبات التدميرية وحمى التهافت الاستحواذي واستشراء نمط من الحرية والديمقراطية قائم على السلب والقتل والتدمير والسرقة ونهب مؤسسات الدولة من قبل العاطلين ثقافياً، المفرغين معرفياً، الفاشلين، المتشدّقين بديمقراطية اللعب والاستهتار بقيم السماء والأرض.
وهنا فقد اختلطت رؤى ومفاهيم وتفسيرات شتى، وامتزجت الحقوق بالواجبات، والتجاوزات بالالتزامات، والنوايا الطيبة بالخبيثة، والرياح الصفراء بالبيضاء، والثقافة بالجهل، والغباء بالذكاء، والحابل بالنابل، حيث لا فرق بين هذه وتلك.
إن قيم الديمقراطية تُعرفْ على ضوء قدرة هذه الديمقراطية على انتاج حسناتها وفي ظل هكذا ظروف معقدة فأنها يقيناً تحتاج الى عقود وعقود لكي تؤتي ثمارها، وقبل ان تبدأ دجاجاتها بوضع بيضها الذهبي، ليت شعري فماذا عسانا ان نصنع اذا كانت دجاجتنا هذه اما غير موجودة بعد او انها غير قادرة على النمو الطبيعي ووضع البيض؟ ومالذي بقي لنا على ارضنا الساخنة غير ديوك متوحشة متصارعة، قادرة على ان تتهارش وتتناهش ولكنها ليست بقادرة على ان تبيض.
وفوق كل هذا وذاك فأن ما يحدث من خرق وتشويه وايذاء للتجربة الديمقراطية العراقية من قبل اعداء الحياة قد تجاوز المدى ووصل حداً خطيراً اطاح بكل المثل والقيم والشرائع السماوية والدنيوية، حيث وبدلاً من ان يكون الانسان هو الغاية المطلوب ايصالها الى اعلى درجات سلم الرقي والرفاه والحرية والاحترام، راح البعض من المشاركين اصلاً في تأسيس ووضع تجربتنا الديمقراطية موضع التنفيذ... راحو يستهدفون هذا الانسان الطيب ترويعاً وتعذيباً وقتلاً من خلال اساليب وطرق غارقة بالنذالة والحقارة والدناءة والخسة والظلال، خدمة لاجندات طائفية مقيتة او عرقية او حزبية ضيقة او شخصية بحتة.
اننا هنا واكثر من اي وقت مضى ننشد لديمقراطية التربية والتعليم والنجاح والتفوق والتطور والنأي عن اضطهاد المرأة واستغلالها والحط من قدرها ونتجه صوب اسنادها وتشجيعها واكبارها واجلالها واعتبارها، نصف المجتمع الذي يلد ويصنع الحياة وفي الوقت نفسه هو من يثري ويسند ويشجع النصف الآخر.
نريد لاصحاب المواهب والنجاحات رجالاً ونساءاً الفرصة ليعدّوا انفسهم للمهمات الحكومية المعقدة. وبخاصة من اثبتوا افضليتهم وصلابة معدنهم ونجحوا في جميع الامتحانات ببراعة، فهم من يحق لهم ان يقوموا بدور القيادة.
نحن نستدعي طبيباً لمعالجة مرضانا اما ما يخص مرض وطننا، الا يجدر بنا استقدام افضل النساء والرجال واحكمهم واعقلهم.
وعندما لا تحتل الكفاءة والمقدرة المكان الاول في الدولة لا تكون تلك الدولة بالمعنى الحقيقي ناجحة.
ما يؤلمنا اننا وفي عصرنا هذا ومنذ عشرات السنين نجد غياب الثقافة والمثقف عن جميع المشاريع السياسية التي سادت وقادت العراق، وبسبب ذلك التهميش لم نتمكن من صنع مثقفين ستراتيجيين ممن يمتلكون القدرة على اكتشاف وتحليل العوامل الخفية التي تتحكم في مسيرة الوطن ثم القدرة على الاكتشاف والتنبؤ بمتغيرات الوطن، من خلال مبدعين وكاشفين ومنذرين ومبشرين.
فالمهندس على صواب في اختيار شؤون الهندسة، والطيار على حق في امور الطيران لذلك يجب ان لا يترك امر انتخاب القادة والرؤساء او محاسبتهم للعدد الكثير من الشعب. الا اذا كان هذا الشعب مشبعاً بهدى المعرفة والعلم والدراية، فاين نحن من ذلك والامية متفشية والثقافة في حدها الادنى المخيف مما يجعل الغالبية العظمى من الجماهير عرضة للغش والخداع، لانها سهلة التضليل، متقلبة الاهواء، وعليه فأن الانتخابات وفي مثل هذه الاحوال هي ضرب من المجازفة والخداع والتدليس.
وبعكس ذلك فقد يحكم على عمل الفنانين من لا يفهم الفن وعلى الرياضيين من لم يمارس الرياضة او يعشقها... ان ساكن البيت او صاحبه اصدق حكماً على البيت ممن قام ببنائه.
والضيف اصدق في الحكم على الوليمة من الطباخ.
ومثلما يستحيل اجتماع الصيف والشتاء في وقت واحد فلا يمكن ان يكون ديمقراطي من هو قاصر الفكر... مُغيّب ومتمسك بقيم عشائرية او حزبية ضيقة او طائفية مقيتة او عرقية.
وبعد فأنه لا بد من ان يمر تحررنا الروحي والثقافي والاخلاقي ويجري انسيابياً مع التحول الديمقراطي بإنسجام وتلاقح وتلاقي مثالي، خلقاً للتكامل والتفاضل وتحقيقاً للعدالة والمساواة والحرية والفضائل الساندة والسائرة في مجرى التحول.
واحدة من اهم اشراقات الديمقراطية التي تنشدها هو النمو الاقتصادي المضطرد وتوفر الحريات العامة والخدمات الامنية والصحية والتعليمية والبلدية بأوسع نطاق لتشمل جميع المواطنين من دون استثناء.
هي ليست شعارات رنانة تطلق هنا او هناك، انها ثمرات غنية مكتنزه وملموسة، انها حصاد وفير.
الاثنين، 15 نوفمبر 2010
الفية الولد الخجول-عادل كامل-تقديم مدني صالح- العشر التاسع
العشر التاسع
[1]
هذه ارض لا تتوقد فيها إلا العتمة .. هذه ارضي
هذه أرض لا تشتعل فيها إلا الحجارة.
[2]
إنما بلا استئذان .. أجدد أفراحي : تراب الكف فوق الأعياد.
[3]
وبلا مبالاة : الذاهبون أصدقائي .. الغابة والجذور
وبلا مبالاة : القادمون أصدقائي : البلور والانطفاءات .
[4]
فيما أنا أتحدث مع إلهة ذهبية .. كانت أضرحتي تشّـيد .
[5]
معي بعض أشلاء صيف .. بعض أوراق محنة .. وبعض رماد جسد تكسرت عليه الأحزان.
[6]
مثلما المجرات تدور .. وتدور .. أنا .. أعراسي مثقلة بالانشطارات .
[7]
لتدخل القصيدة .. لتجلس ..
مائدتي كواكب.. وحرسي غرباء .
[8]
لست أنا الذي يتكلم .. هذا هو صوت الأرض
هذا بعض كلام السكينة .
[9]
إن شئت رافق الفجر .. إنما لا تسألني .. لِمَ .. لِمَ
اجلس عند بوابات الليل .
[10]
أنقى .. أنقى .. أنقى كلما غبت .
[11]
وحبيبي لا اعرفه .. إنما تنحني له كل الأصوات .
[12]
ليست هذه قصائد ..
هذه روح أصابها بعض الاضطراب.
[13]
بعض الموتى يتكلمون .. هنا .. هنا .. هنا .. معي ومعك .. ثم يطردون.
[14]
ترك الليل وصاياه لي
لكنه لم يغادرني.
[15]
كلانا غيمة .. احدنا يسرق السماء .. والآخر يحميها.
[16]
بعض ذاكرتي نسيان .. إنما غفلتي ذاكرة.
[17]
قال أينما تذهب .. اذهب .. إنما الريح لا تتركك.
[18]
وعروسي الليلة أهداني خاتمة .. قلدني الميلاد .. أعطاني ثمار الجنة .. ولم يتركني .. عروسي الليلة أعطاني قلائده
ولم يتركني.
[19]
مثلي .. لا تسأل الوادي .. ما سر نشيده
مثلي .. لا تسألني .. ما سر صمت الأشجار.
[20]
لدىّ عتمة لا تغار منها إلا الفضاءات.
[21]
هذه ليست قصائد .. هذا رماد يتكلم إلى رماد.
[22]
ولدىّ ذئب ثرثار .. وحمل .. خجلَ من خجلي.
[23]
ليلي مسروق من ليلي .. فماذا أفعل بقمر ضاع
في الطرقات.
[24]
لا تدع أصابعك تذهب أينما تشاء .. اختر حقلك واذهب.
[25]
كلانا هنا .. أنا والبرية .. ملاكان جريحان.
[26]
وهذا ليس بالكلام .. هذا بعض مظاهر البراءة.
[27]
إنها الشمس أيضا .. بلا مبالاة .. تبدل ألوانها.
[28]
هذه الأرواح ليست للأفران .. إنها ترقص ..
مثل البغايا المقدسات .. ممرات غواية.
[29]
أنا لا ابحث عن الحكمة .. أنا ابحث عن كوخ
وعن خبز ليس من تراب.
[30]
يتنـزهون أم يتسكعون .. هؤلاء المارة ..
إنما هم يجرحون الأرض .
[31]
ليس لدى أسئلة .. عندي صخور كفت عن العويل.
[32]
أنهن نسوة متاحف .. إنما أنا ابحث عن قلب مصنوع من الأمواج .
[33]
لا أخاف على أوثاني إلا من .. حرس المعابد ..
وجند القصور المندرسين.
[34]
بعض آثامي أنقى من آثامي .. إنما كلاهما ..
مثلي .. فجر ينام على سكاكين الليل.
[35]
لِمَ تسرق الأنوار من الذهب إلا عتمته .. مثلي ..
أنا لم أسرق إلا عتمة الأرض.
[36]
في مسعاك .. لا تبحث عن خبز مر .. لا تبحث عن حبيبة أفراحها مستعارة.
[37]
بعض الليل يتشاجر مع بعض النهار .. إنها ليست حكمة .. إنما لا تترك روحك مضطربة.
[38]
هذا هو كوخ الشعر .. ادخله كيّ لا تخرج .. هذا هو كوخ الشعر لا تتركه يغادر.
[39]
لا تسأل : لِمَ بعض الأنبياء ينامون فوق العشب
لا تسأل : لِمَ سواهم لا يخرجون من الموت ؟
[40]
هذه ليست قصائد .. هذه بعض حالات أنوار .. بعض نشوى حزينة .
[41]
لا تسرق كلماتي .. ليس لدىّ ما يَسرق منها.
[42]
بعض هذا الليل مسروق من البلابل
وبعض حياتي سرقها الفجر .. أين أنا ؟
[43]
تعلم.. لا تدع القلب يصدق انه تعلم.
[44]
لا تأت .. لا تذهب .. بعض أفراحي أسى جميل.
[45]
ليلي يتتبع نهاري .. فيما أنا لا ليل لدىّ ولا نهار.
[46]
هذا المدى يحرسني .. مثلما في المنفى
أغانينا تصنعها القلائد.
[47]
ضريح يشاكس ضريح .. فيما الرب .. غادرنا جميعاً.
[48]
غادر أيها الكلام .. غادرني .. أصابعي حزينة.
[49]
هو ذا دخان ينام معي .. وفي رأسي .. غرباء يثرثرون.
[50]
ليس هذا الذي تراه هو الفجر .. انه سكين تجرح السماء.
[51]
لا تنـزف روحي مثلما تنـزف الأمطار
روحي .. اقل جفافاً من حقول الأوهام .
[52]
أنا مثلك يا عادل .. احرس صخرة لا تنام.
[53]
من منا سرق الآخر .. أنت أم أنا .. أم كلانا فضاء ؟
[54]
لا تسأل .. لا تجب .. دع النهار مع النهار .. دع الليل يحرس الليل .. ولا تبحث عني .
[55]
اسماك ترقص .. عشاق يتنـزهون في المجهول .. فيما بعض الموتى يصنعون القصائد .
[56]
لكِ الكلمات .. لك الأناشيد .. ولي .. بعض صمت .. يقيني من الضوضاء .
[57]
بعض هذا الأسى ضرورة .. وبعض هذا الوجود جنون .
[58]
لِمَ أتيت مثلما رحلت
بينما هناك قلب لم يرقد بعد .
[59]
دع النجمة تذهب إلى مأواها .. لا تسأل : لم استيقظت ؟
[60]
لا ابحث عن حجارة اكتب اسمي فوقها .. أو كلمات .. أنا ابحث عن بحر يسكن روحي .
[61]
بعض هذا الفرح الم دفين .. وبعض ألمي بلوى أعراس .
[62]
إن ذهبت إليه جئت .. إن لم تذهب فقدت العقل .. فاختر .. أيهما صنوك .. فيما الحكيم يقول : لا تختر شيئاً اختارك .
[63]
لدىّ .. بعض الآثام .. إنما لا تساومني .
[64]
خذ ما أعطيت
إنما دع لي .. بعض ظلام أوقده في الممرات .
[65]
الزنبقة قالت : لِمَ تخجل مني الأشجار
مثلي أتساءل : لِمَ يسرقون خجلي ؟
[66]
المعادنَ تغني .. ليس هذا هو السلام .. هذا بدء اضطراب القلوب .
[67]
ما الشعر إلا موجة تخجل من موجة
ما الشعر إلا قمر لا يوشي بالعشاق .
[68]
بين الآثام .. عثرنا على حكيم .. إنما لا يبحث إلا عن حصى وقناديل .
[69]
يا رب خذ كتابك .. خذ كلماتك .. خذ مأواك
ولا تترك لي إلا صمت أتسلى به عند الحاجة .
[70]
قالت الشجرة : لا تفرح كثيراً .. لا تحزن كثيراً
ولا تكن بين .. بين .
[71]
لا تدع الروح تغادر إن جاءت
.. لا تدعها تأتى إن ذهبت .. كن نفسك بلا أسباب .
[72]
أينما اذهب معي بعض جنون لا ينام .
[73]
دع لي جنوني هذا .. وخذ ما تشاء
هذا هو فراغ ما بين الحروب ..
[74]
انه الذهب ينحني للذهب .. ليس مثلي ..
أنا الأشجار تصطحبني في النـزهات .
[75]
هذا خجل تعلمه الريح للريح .
[76]
حدق .. حدق .. فالذي تراه بضعة أصابع بلا أسرار .
[77]
دع .. متى شئت الصحو يأتي .. إنما لا تسرق سكري .
[78]
أحيانا ً .. لا اعرف لم تولد الأنوار .. منكسرة .
[79]
من قال القلب هدأ .. إذ ْ في المدى نيران رماد
إنها ليست أكثر من لعبة .. إنما .. لِمَ لا تجعلني في المقدمة .
[80]
قالت الشجرة : لا تفرح كثيراً .. لا تحزن كثيراً
ولا تكن بين .. بين .
[81]
لا تدع الروح تغادر إن جاءت
.. لا تدعها تأتى إن ذهبت .. كن نفسك بلا أسباب .
[82]
أينما اذهب معي بعض جنون لا ينام .
[83]
إنها ليست أكثر من لعبة .. إنما .. لِمَ لا تجعلني في المقدمة .
إنها ليست قسوة .. الحياة .. إنها محض مسرات .. إنما بلا مفاتيح ولا أبواب .
[84]
لا تؤذ أصابعي .. إنها نائمة .. لا تفزع روحي ..
هي بلا اسم .. مثل نور في عتمة.فانا:
أستيقظ عندما يغفو الليل .. وفي النهار لا احرس إلا عتمة.
[85]
هذه عصور الإنسان تتبادل مواقعها .. انكسار أثر انكسار .. إنما ثمة أناشيد اثر أناشيد أيضا ً.
[86]
كلمة واحدة لا غير .. تقدر أن تدمر عدوك بها .. إنما هي كلمتك أنت .
[87]
لا يغرنك حسنك إن كنت هكذا حقاً .. لان أعظم الأسلحة فتكاً محض رماد فوق رماد .
[88]
إن أمتلكك الشعر .. عليك إلا تنشده
إن جاءك البرق أعده إلى الأرض
إن أصبحت جميلا لا تدع أحدا يراك
إن أصبحت وثناً عليك أن تتغنى بالغناء
فما من أحد عرف المسرة .. إلا وكتمها
أو أهداها إلى لا أحد
البرية التي لا غزلان فيها لا تشرق عليها الشمس.
[89]
تعلم الفرح من كلمة تكتبها أصابعك .. وإذا طلبت المزيد .. فدع الفرح يعلمك الصمت.
[90]
العاشقات هنّ اللائي سيلدن العاشق .. وهذا الذي تراه .. ليس سوى فضاء بلا أسم.
[91]
لا تحدّث الأمير عن بريق سيفه .. لان أوسمتك آنذاك لا تتوج إلا بالجنائز.
[92]
الذي ينوح عليك .. ليس إلا هذا الذي فوق الورق ..
فأي عزاء ألا تكون هناك كلمات.
[93]
لا تحدث الأعمى عن عتمتك ..
لعله يهديك بعض خيوط النور.
[94]
هل جفت الصحراء لكيّ تستعير مني ما تبقى من الدماء ؟
[95]
في طريقه إلى الموت .. خطاه سبقته إلى الأعالي.
[96]
أدخان أنتمّ أم أمراء .. أزنابق انتم أم أدغال ..
سيان .. أنا كلماتي صمتت .. أنا صمتي كلمات .
[97]
هذه ليست حصاة . . هذه لؤلؤة .. وهذا الذي أمامك لم تنطفئ في مقلتيه إلا الظلمات .
[98]
أنا جريح جمال .
[99]
ماذا تفعل روحي عند كوكب لم يولد بعد
ماذا تفعل روحي عند حبيب غادرني .
[100]
اللهم ابعد عني العقل لعلي أتذكر
اللهم ابعد عني النور لعلي أرى
هو ذا أنا .. قطرة أثر قطرة
أكوّن قلائدي .. وانثرها إلى الريح.
الجمعة، 12 نوفمبر 2010
شيراز-شعر بو زيد حرز الله-اللوحة-غالب المسعودي
شيــــــــــــــــــراز
لشيراز أمنح ما يعجز البحر عن شرحه
للنوارس منسابة في السماء.
لشيراز أعقل كل الفصول
لشيراز أوقد هذا الفضاء.
=======
لشيرازأدعو الخيول
جميع الخيول الى يدها وأقول لها لا تحطي رحالك
حتى أراها هنالك
ترمقها سدرة المنتهـــــــــــــــــــــــــى.
=======
يا القصيدة هل تقرئين التي سكنتني
وما فتئت تطعم الروح بالشهد والامنيات.
لشيراز تصمت كل الطيور
وتنصت ..ترقص من وقع ضحكتها الأغنيات.
=======
لكم أيها الشعراء قصائدكم،
لي شيراز تبعثرني في الحروف
ويجمعني طيفها في شتاتي.
لشيراز أحتبس الزمن المتهالك في خطواتي.
=======
لشيراز وجه المسرة والاخضرار،
لشيراز وجه المحبة والارتواء.
لشيراز دفق الجداول.. صوت العنادل.. خصب السنابل..
رحمة من في السماء.
========
لأنك يا طفلتي فوق ما يتصوره اللفظ
أكثر مما تراه المعاني.
لأنك شيراز
ذلك يكفي
لأطفي أعاصير هذا الزمان.
=======
أحبك في همس فيروز
يرشف قهوتنا في الصباحات،،
يغرقنا في الفرح.
أحبك شيراز .. مدي لي الناي..غني..
أعيدي الى البيت قوس قزح.
شعر بوزيد حرزالله
الجزائر 2 اكتوبر 2010
المحبة-محمد الفرطوسي
المحبة
لمن هب
هبوب السنين
يضرج برحيق الاغاني
اديم سطوعنا
المحبة
لمن دب
دبيب الحنين
كي يزرع سنابل عشقه
في كوة الوقت
فتولد
قمحة لسطوعنا
المحبة
لمن صب رحيق الدقائق
ناظرا منتظرا
ان تجيء الشموس
بسطوعه المنتظر
الى ساقية
سطوعنا
المحبة لسلمان الكبير
ولروحه
وللرحم المقدس
بالمياه الجليلة
المحبة لبغداد
والحقيقة
والقصيدة
المحبة للحياة
في البدء كانت تراتيلك-عبير عبد العزيز-تخطيط-غالب المسعودي
في البدء كانت تراتيلك
في البدء
...كانت تراتيلك
تُتلًى بخشوع و دأب
...شدتني حتى اعتنقتك
.... فلما أعتنقتك و صرت
على دينك
تطرفت فيك واعتزلت
و اكتفيت من دنياي
أن عشقتك
قرابيني
كل يوم في
هواك أقدمها
...روح صائمة
قلب ذبيح
أيام في أيامك تعتكف
...و عمر ساجد
ثمنا لقربك
فيك أرابط
و لعينيك أجاهد
و أغزو الليالي
و أرجو حسنييك
يا أرقي الرابض على
تخومه مستبسلا
ما أرخص بَذلِك
فهل ترضى
هل تصطفيني ..
هل تدنيني منك زلفى
... أم أظل
على قمم أعرافك
أرجو رضاك
و أتعوذ من غضبك
الخميس، 11 نوفمبر 2010
صباح العزاوي وصورة يوسف-ضياء الخالدي-اللوحة -غالب المسعودي
صباح العزاوي وصورة يوسف
ضياء الخالدي
...........
في تلك الظهيرة، المرمية في خزانة الذاكرة قبل ثلاث سنوات، كان الشاعر صباح العزاوي يسير بجسده الرخو حيث المقهى في باب المعظم، يحمل بيديه رواية " صورة يوسف " للروائي نجم والي، وقد توسخ غلافها بسبب الحرارة والعرق، وربما سقطت الرواية من يد صباح اكثر من مرة، فجسده كان يمتص خمرة ارادها ان تكون مستمرة في ذلك النهار. القى التحية علينا بصوت مبحوح، وجلس منفردا، وراحت عيناه، تتابعان مروحة المقهى الخارجية، وهي تدور بصعوبة، لان ريشاتها الثلاث كانت معوجة، والتي جعلت العزاوي يطلق ابتسامة تجاهها، ويتمتم بمفردات لم يصل الينا معناها. لكننا حدسنا، او هذا ما استنتجناه، ان التمتمة، كانت رثاء لحالة عراقية مستمرة.
حين يحمل صباح كتبا بيده، فهذا يعني انه ثمل بالكامل. صورة تؤكدها كمية المال في جيبه، فخلاف ذلك، نشاهده بلا كتب، وقريبا من صحبتنا وحديثنا المجتر يوميا عن احوال البلاد. تلك الظهيرة التموزية لم يستكن صباح لتخوت المقهى، ولا لمناقشاتنا، ولم تغره نكتة جنسية ليلقيها على مسامعنا. بل كان ينهض كل عشر دقائق تقريبا، ويذهب حيث بناية المرافق الصحية العامة، ليشرب جرعه من سائله الشفاف خلفها، وكانت رواية " صورة يوسف " كل فترة تستقر في يدي، او يد احد الاصدقاء. نقلبها سريعا، نقرأ سردا او حوارا، ليعود العزاوي مبتسما او متجهما، وحسب ما شاهده في وجوه السابلة اثناء تلك المسافة التي تقدر بخمسين مترا، ليأخذ الرواية منا، ويطرحها على التخت بجانبه.
ظهيرة قائضة، ولهيب عراقي بامتياز، واجساد تختبئ في ظل مقهى، تخثرت فيه ملامحنا وثرثراتنا، وانتشرت في فضائه رائحة خمرة العزاوي، الذي كان يضحك لوحده، وحين يلتقي بصرنا ببصره، يعتقل البسمة، ويستبدلها بتقطيبة حادة تليق بصوت مولدة المقهى الصغيرة. ننده عليه ليجلس معنا، لكنه يرفض، ويضع اصبعه الاسمر على شفتيه، كانه يريد منا الصمت لاننا في نهار اشبه بالموقد.
كان صباح غير معني بالسجال السياسي الذي ننغمر فيه، وهو محق، فما معنى ان ندور حول فكرة او توقعات تخص سياسيينا، والحدث يصنع في الخارج، او يصنع داخل الطائفة والتاريخ؟ كل ذلك لخصه صباح لنا ببصقة على الارض، وببحة اقتربت منا، وبمشاهدة غلاف رواية " صورة يوسف " التي استقرت بيدي للمرة الثالثة، وغياب خلف بناية المرافق الصحية النتنة.
يوسف، هو العراقي في كل مكان، ذلك الانسان الموجوع، والباحث عن السر العظيم في ملكوت هذه الارض، التي دأبت عبر تاريخها ان تعاقب ابناءها دائما، ولاسباب مجهولة، او تافهة. نجم والي اوصل لنا حكايته، وقرأناها، ووكذلك العزاوي وحكايته المنفلتة عن اي اطار، زودتنا بانطباع ان قطار برلين – هامبورغ ليس وحده من يطلق الافكار لكتابة نص جيد، وانما صيف بغداد الرهيب، ومقاهييه الخارجية، يمكن لهما ان يزرعا صورة انسان اكلت الحروب عالمه، ولم يجد الا بناية الفضلات العامة كحانة ينطلق منها لاكتشاف المدينة...
مضت فترة جرعة الخمر ولم يات العزاوي. نصف ساعة، والاصدقاء ذهبوا. طلبت استكان شاي جديد، واصابعي تقلب صفحات الرواية. تذكرت نجم والي وهو يعيش في المانيا، وتخيلت المكان الذي كتبت فيه الرواية. قد يكون في احد المقاهي الهادئة، واللابتوب على الطاولة، وقربه فنجان القهوة، وصورة صباح بجسده المنهك، الذي يقسم نهاره العراقي ما بين سطور " صورة يوسف " وما بين قنينة الجن، فعرفت كمية الالم الحقيقية التي نحملها.
لم يعد العزاوي. ربما شاهد امرأة جميلة مرقت من امامه فتبعها، متيقنا انها خير زاد لاحلام يقظته، ونسي الرواية ومؤلفها، ليتركني استمتع بها طيلة الطريق المؤدي لكركوك، فالرحلة لمدينة النار تستوجب رواية كهذه، ولا اعلم، ان الايام التي تلي تلك الظهيرة، ستمنعني من ارجاع هذه الرواية إلى صاحبها. الرواية في رفوف مكتبتي الان، وكلما شاهدتها تظهر قسمات العزاوي المحتقنة بالف سؤال، وتتلاشى صورة نجم والي تماما، كأن صباح هو مؤلفها الحقيقي.
*******************
ضياء الخالدي
مواليد بغداد 1975
صدرت لي رواية عن دار الشؤون الثقافية / بغداد بعنوان " يحدث في البلاد السعيدة " عام 2006
الأحد، 7 نوفمبر 2010
القناع-د.غالب المسعودي
القناع
بعيدا عن فلم القناع من بطولة جيم كاري الذي يحكي قصة رجل فقير وغير واثق من نفسه ثم يعثر على على قناع يغير له حياته لكنه في النهاية يتخلص منه ويعيش قصة حب,هذه البداية تسلط الضوء على استعمال القناع في الحياة اليومية ودلالاته,تلبس الاقنعة للتخويف والتنكر او التمثيل ولكن الاحتيال وتعدد الاقنعة هي التي تسقط الممالك وامجادها الطموحة.وبالرغم من ذلك هناك قيم لارتداء القناع ومن ضمنها الشرف,العائلة التقاليد كما ورد في مسرح المصارعة المقنعة,وقد اورد الكاتب نبيل فياض كيف تفضي التيارات القومية الى توجهات اصولية رجعية ترتدي اقنعة وطنية كاذبة,فبعض النصوص الاغريقية تتحدث بشيء من الغموض عن القناع الذي تتقمصه الاضحية البشرية التي تقدمها مجموعة ما الى الالهة,فهم يتفقون على ضرورة تقديم الاضحية ولكنهم يختلفون حول اختيار الضحية وللتوصل الى تفسير ذلك لابد من قلب تسلسل الاحداث,العنف ياتي في البداية,الاضحية تاتي بعد ذلك وهي تخفي وتقنع ما يبرر العنف لذا الاضحية تجد جذورها في العنف النهائي الذي يصبح قربانيا وبذا يضع حدا للخلاف لان العنف الطقوسي لا يجد في مواجهته اي خصم.
ان عبادة الناس موجهة الى اللاعنف من خلال العنف الذي يرعبهم ولكنهم يعبدون العنف بصفته القدرة التي تمنحهم السلام الذي يعود وكانه هبة العنف لانهم عاجزين عن الاتفاق ما لم يتم على حساب شخص ثالث.
في كتاب العزلة للبشتي يتحدث عن فساد السلاطين في زمانه وذكر من اسبابه انهم يغرهم المدح وبذا يحجبون الحق بقناع المدح وطبقا لهذا المنهج يبتعدون عن العقلية المحللة والشخصية متعددة الابعاد ذات وعي نقدي قادر على خوض اكثر من مجال.
لقد اشتهر(محمد بن عميرة بن ابي شمربن فرعان بن قيس بن الاسود عبد الله الكندي)بقناع واحد كان يضعه خشية ان تصيبه العين بسبب جماله الفائق,فاكتسب لقب المقنع فما بالكم باللذين تعددت اقنعتهم لدرجة ان الحب وضعوا له اقنعة,لكن اكثر الاقنعة ايلاما هو القناع الاخير.
د.غالب المسعودي
السبت، 6 نوفمبر 2010
خروف العلة-سلمان داود محمد
**~**~**~**~**~**
خروف العلة
*********
سلمان داود محمد
.....................
وفقاً لركاكة النصوص فازت الخوذة بالأبدية
وعاد المنصوص عليه الى وحشته نادماً
ينتحر المياه أمام رهبة اللاأحد
ويكسر أنف العدو بعفونته الباسلة...
يوم ذاك - تعثرتْ الصواريخ بحقائب مدرسية
والعقارات كما ترى عالجتْ الأمر برخام وجلنار.
البدر هو الآخر نفدتْ بطاريته في تجفيف غسيل مدمى
ومضى يحتطب الأعياد على قرابين ترعى في تقويم هجري
من أجل ذلك
خشيت على خزائن المحنة من توبة اللصوص
كرهتُ نضارة الهدنة وهواة العزف على المرارات بداء السكر
وجدتُ في حفظ البلدة عن ظهر قلب طريقة مثلى للإقلاع عن المباهج
صوّبتُ الجريدة نحو صحون عارية وأشرت لبوليس الآداب: خذوهم..
لم أتغافلْ عن الوشاية بي لأني الدليل المتواطيء ضدي
فخبأتُ الأصابع في متحف الشظية
وأطلقتُ يداً من كتّان تشير الى غرقى وتقصد كلاب البحر
رافقت قراصنة المعيشة
من فجر الحارات حتى آخر نبض في الإشارات الضوئية
تعلمت كيف يمدون الأطفال كأسلاك موصلة للنشويات..
أحببت كعادتي وقاحة الأمل
حين يسترقُ التجاعيد من اليائسين بتمرير المكواة على المرايا
وصفقت كثيراً لمن باع المراوح كي لا تطير السقوف..
لهذا ستعرف بعد ضياع الأوان
كيف أدركتْ السماء خطورة العشبة
وسارعتْ بحلاقة ذقنها من الغيوم..
وكيف انتصبتْ شجيرات الجوز على هيئة بوابات
تذلّ الرياح وتنصاع لمفتاح أدرد..
فليس ضرورياً أن تحرق الغصن لتضفي على وحشتك رائحة البلبل
أو تراهن بعينيك الخضراوين على جراد رحيم
دع أنفاسك تنفض أختامها واسترسل:
- ما حال الأيام لديك؟
هل تزوجتْ من ساعاتيٍّ أعمى لتبيض الأوقات نهارات سود..؟
أم لبلوغ الذمة ميتتها الخالدة والتسعين
جعلتها تبحث في مزبلة المستشفى عن ألسنة تفتتح المناسبة؟
أستبقى مثل الشرق تلتهم "الديلم" بالنصف الأدنى من فينوس؟
لتنجب ابناً يحسن تبذير الفجر على مؤخرة البوق
وتسيل (لماذا) من ساقيه الخشبيتين..؟..
أخبرها إن شئت
أن هناك - حيث الكساح يوزّع الأقواس على البيوت
أو بجوار ضمير ليس له من ذكر في البطاقات الشخصية
توجد أفكار تعمل بالأجرة في حانوت السرد
وأرصفة حررتها البلدية من هيمنة الورّاقين
فليس مفيداً أن تتذرع بالأحلام
وفراشك مصلوب على واجهة السوق..
دع شؤونك في شأنها ودحرج القنفذ نحو أفاعي النايات
أو تلثّم بالزنوج وافتح الذئب على دواجن الخرس
أو... ما أخبار أبيك؟
هل أدمن عباد الشمس على صلعته المشتعلة؟
ماذا لو أقلع عن تهديد الإسرائيليين بأفلام حربية
وتخلّص من وعكته الوطنية تلك؟
- ماذا عن أخوتك الخمسة؟
أما زالوا يعتصمون بخيوط وإطارات تتشبث بجدار؟
لماذا يتأرجحون كثيراً كلما قرر ديوان المأوى؛
"إن الضحية آيلة للبوح.."
- ما حال الأم هناك؟
الى مَ تربّي النسر في صورة الزعيم وتنذر للتاج دجاجاتها؟
أما حان لها أن تكشف عن صدرها في الغروب
فعسى... أو ربما تستدرج السماء؟!
وأنت..
أيها المزمن في دس العثة بالمصابيح
المثابر في إكساء العورة بالدفوف
المنقِّب في الشاشات، أملاً بالعثور على شعير
مبريء الفعلة بالأغاني
البارع في توسيع المأتم للتنكيل بأشجار القهوة..
آنتْ الفرصة لتهيئة المرمر وتعميق الحفرة على قدر الضيم
فما عليك سوى أن:
تلملم خطواتك من الساحات وتردَّ الشجون الى أصحابها في الربايا..
أن تقلع وجهك المتسوس من صورة العائلة
وتلطّخ ياقات القديسين بلعاب المنجل..
أن تعلن عفتك القصوى في الأول من إبريل وتفي بديونك السابقة من السعادة
أن تسأل نفسك فوراً:- لماذا "تلتهب" الفاقة في الأعماق
وتجيب سريعاً:- من فرط المشي على أتربة عائمة فوق البترول..
وقل للأقمار المشغولة في تهيئة الأركيلة للحوت، أن تنصرف..
وللدينار الفاشل في إغناء الجيوب الأنفية بدرهم من نسيم، أن ينصرف..
وللرواة أن يسردوا اللطخة من جهة "الآن" وينصرفوا..
وللذين يدّخرون الأكتاف في شاحنة القتلى، لإغاثة الليل بالنجوم، أن ينصرفوا
وللعشاء المتدفق من تأجير الحلمة لفم يلثغ بالورد، أن ينصرف
واحذر أن تغفر للمشمش حماقة المنتظرين
قل لهم أن ينصرفوا
فلا طاقة للسيد "لوط" على الكلام
أو الرجوع الى وظيفته القديمة..
.........................................
بغداد - العراق
وفقا لصرامة الحتوف-محمد الفرطوسي
وفقا لصرامة الحتوف
اعتلت انصاف الاخماس اعذاق النخل
وتدحرج راس المغني
مبتعدا عن ضجر المقاصل والحكايات
وحين انتفض التوت
ذاك المتوهم
انه المعشوق المتفرد لنهر مسجون
اكلت الاخماس الكاملة
بريق بقاياه
ولان المواقيت في بلاد النفايات النووية
والرصاص والقتلى
لاتعترف بالتقاويم اليدوية
فقد زرعت عبوات الدقائق
فوق ممرات العمر عدة لوعات
الطفل يزدرد تواريخ البلاستك المستوردة
من عمامة تدعي
تصاميم السماء
واستيفاء شروط الله على هيئتها
وامهات اخترقن المطلق
بعربة من دموع صماء
ونظرا لامتطاء ...الخضراء يون
خيول البنك المركزي
فان ابن الهيثم
اشهر افلاس التاريخ الراهن
حين عرض اصحاب الجنبر في عمان
مفاتيح الروح
فبغداد
اكلها العلاسون
فيما مضى من الموت
وركل ايقونتها........المدعو.......طباخ جنان الله
وبعض من فحول الحور العين
رفعوا ساقيها الداميتين
وقضوا وطرا
من فضتها
فيا ايها السيد المتعفف بالمصطلح
عد الى زاويتك النظيفة
واترك لارواحنا
اوساخ التواريخ
و خراجات الجرح المتبقى
من ليل موبوء
فانا سندثر وطن لاتساؤل بالدمع
ونلملم شتات تمرات ولاداتنا
شهقة .....شهقة
ثم ننزف فوقها
غمامات ارواحنا
فخذ انهارك المعباة بالقناني النظيفة
فارواحنا الطين
و
الطين ارواحنا
ارواحنا الطين
و
الطين ارواحنا
ارواحنا الطين
و
والطين ارواحنا
دجاج طائفي مجمد-كاظم فنجان الحمامي
دجاج طائفي مجمد
كاظم فنجان الحمامي
قل لي ما نوع الدجاجة التي تفضلها على المائدة ؟؟. فأقول لك من أنت, ومن تكون, ومن هو زعيمك الروحي, وربما أتوصل إلى معرفة رقم قائمتك الانتخابية, وتنظيمك السياسي إن كان لك تنظيم.
حتى الطيور الداجنة في العراق لم تستطع أن تفلت بريشها من التصنيفات الطائفية, فشملتها التقسيمات المقيتة المستمدة من ثقافة المحاصصة المذهبية, خصوصا بعد أن تدخلت مؤسساتنا الدينية بقوة في تجارة اللحوم المستوردة, وأقحمت نفسها في مشاريع تدجين المواطن العراقي, فتلاعبت بعواطفه, واستغلت انتماءاته الطائفية في الترويج لأصناف محددة من الدجاج البرازيلي والتركي والسعودي والإيراني, وأوصت الناس بتناول منتجات معينة, وضعها الفقهاء تحت مسميات مشحونة بالايماءات الرمزية والإيحاءات الدينية المستوحاة من القاموس الفقهي, مثل دجاج (الفقيه), ودجاج (الصفاء), ودجاج (الكفيل), ودجاج (المُراد), ودجاج (الهدى), ودجاج (الحسنات), ودجاج (النور), ودجاج (الأمير), ودجاج (الوكيل), ودجاج (البركة), وتكفل بعض رجال الدين بتوفير الدعم المطلق لأصناف معينة من الدجاج على حساب الماركات التجارية الأخرى, ولست هنا بصدد تشخيص المرجعيات الدينية التي وفرت الغطاء التجاري لتسويق هذه المنتجات, ولا بصدد تحديد العائدية الطائفية لكل صنف من أصناف الدجاج, بقدر ما أريد التحدث عن هذه الظاهرة بشكل عام, ومعرفة ما تركته من جدل عنيف في الأوساط الشعبية العراقية والعربية والعالمية, فأثارت عدة تساؤلات منها:
ما مشروعية هذا الدجاح ؟, وهل يجري ذبحه فعلا بالطرق الشرعية الأصولية النافذة ؟. وهل يذبح في معامل عراقية ؟, وتحت إشراف مفارز رقابية مبعوثة من المرجعيات الدينية ؟. وهل يُنفذ هذا الإشراف بوجود كادر بيطري ميداني متخصص في هذا المجال ؟. وقد يحتدم الجدل أحيانا فيثير تساؤلات أخرى منها: هل صارت مهمة الهيئات الدينية في العراق منصبة على رعاية مشاريع الدجاج واللحوم الحمراء والبيضاء ؟, ولا يشغلها من هموم العراقيين ومصائبهم الكارثية سوى إطلاق الفتاوى والبيانات والتصريحات الداعية إلى تشجيع صنف واحد بعينه, وتفضيله على الأصناف الأخرى المدعومة أيضا من المؤسسات الدينية المناوئة, والمتخندقة في الطرف الآخر من ساحة الصراع التجاري الطائفي ؟. وهل أصبح العراقيون ضحايا للثراء الفاحش الذي تسعى لتحقيقه الجهات المتنفذة باسم الحلال والحرام ؟, وهل انتهت مشاكل العراق, المذبوح من الوريد إلى الوريد, إلى المستوى الذي تفرغت فيه الهيئات الدينية العليا لتشغل نفسها بالنواحي التسويقية للدجاج المذبوح بتقنيات الليزر ؟.
يبدو أننا تورطنا من حيث ندري أو لا ندري في حروب الدجاج الطائفي المجمد, وأصبحنا ضحايا لمؤامرات الشركات المنتجة للبيض واللحوم والدواجن, فوقعنا أسرى على موائد ومطاعم الوجبات السريعة, وظهرت علينا فئات جديدة من وعاظ السلاطين آثرت الاندماج مع الدجاج, ونجحت في تدجين الناس وتوزيعهم على أقفاص التصنيف الطائفي المبرمج. وعلى الرغم من هذه القراءة المرة لتداعيات ثقافة الدجاج الأبيض, أجد نفسي متفائل كثيرا بان التغيير قريب بإذن الله, وسيكون ثمرة كل الجهود الصادقة, التي لا تنشد سوى رفعتنا وعزتنا وضمان صحتنا وسلامتنا من كل مكروه.
الخميس، 4 نوفمبر 2010
الأربعاء، 3 نوفمبر 2010
الرأس ناشفة الليلة-علي السوداني
ألرأس ناشفة الليلة
علي السوداني
أريد الليلة أن ألعب لعبة لذيذة حلوة مسلية . سأعمل المقص في ورق أبيض . شرائط طويلة ستصير تالياَ ، قطعاَ صغيرات واحدتهن مثل نصف ابهام . ألف قطعة . لنجعلها ألفي قطعة . سنلعب ونلهو كلنا . أقصد العائلة . نحن ستة وسابعنا لعبة منتظرة . سيأخذ كل واحد منا ، حفنة وريقات ويرسم فوق الواحدة ، حرفاَ عربياَ مستلاَ من سلة الثماني والعشرين . أنا اعرفها كلها مرصوفة بمخي على ذاكرة طقطوقة " أبجد هوز " ونؤاس يجيد حتى الآن رسم نصفها . علي الثاني الذي ما زال يلثغ بالزاي ، حفظ منها ثلاثة حروف كانت كافية لبناء مفردة " دار " كنت أنا معلّمه الذي كاد أن يكون رسولا . اشتريت لوحاَ أسود صغيراَ اسمه " سبورة " ومسمرته فوق حائط فائض مشمور خارج المجال الحيوي لعيون العائلة . بعد كارتونة طباشير وخريطة من أعصاب تالفة وتلويحات بعصا الأبوة الرحيمة ، خرج الولد الغض بثلاثة حروف بنت له داراَ . كان بمستطاعي أن أبني له وطناَ من واو وطاء ونون ، لكنني خفت على قلبه الرهيف من غدر الحنين ونواح الذكرى . الباقون تدبروا أمرهم وما كادت الليلة تأفل حتى اكتظ سطل الحصاد بمئات الحروف المبعثرة والمكرورة . تعب وتثاؤب ونعاس لذيذ جرّ رفقتي المبروكة الى مهاجعها وخلفني وحيداَ بمواجهة سطل الحروف والجنون وصياح الديك وتمجيد المآذن . سأفتتح اللعبة فوراَ . سأمد يدي وأخمط من معدة السطل كمشة حروف ، وألظمها قدامي مسحولة من يميني صوب شمالي ، ثم أقوم برسم الجملة أو الكلمة المشكّلة على ورقة جديدة . مرة . مرتان . عشر . مائة . نصف ألف ، حتى جاء زمان الحصاد والمعاينة . كلمات وطلاسم وهمهمات وخربشات وضحكات وكشوفات . تلك كانت أخير خديعاتي التي تضحك على القارىء وتجره الى غواية القراءة الحالمة بدهشة متأخرة لم تحدث . حان الآن ميقات ركن الأعتذار . في مبتدأ الليلة ، كان مخي ناشفاَ وروحي محطمة وجسدي منهكاَ وحيلي مهدوداَ واللغة حارنة كما بغل مهان فوق سفح جبل ، والجريدة تريد مكتوباَ والرعية تطلب ضحكاَ والفكرة ليست بيميني ومانشيتات التلفزيون القاسية ، استباحت خدّي وصيّرتني مصفعة . المصائب كلها جادة وبارود الحروف يسخم الوجه ويفني القلب . دروب مغلقة وزرائب موحشة كأنها سن يأس مبكر . البدايات تفضي الى النهايات . النهايات ثقيلة ومروعة ومذهلة . الغايات تسوغ الوسائل . الوسائل مرعبة . في ليلة بعيدة عميقة ، كاد بدر شاكر السياب يموت من قهر انولد على دكة معزوفة مطر . الليلة ، أكاد أموت من يباس الفكرة وجدب المعنى . لست متيقناَ من أي شيء . الصفحة لم تكتمل بعد . أحتاج سطرين أو أربعة كي أزرع نقطة المنتهى . حسنا . سأواصل الحشو . عبد الحليم حافظ مطرب عظيم . لا انسى أبدا منظر محمود المليجي وهو يحرث الأرض بأظافره . سيخ الكباب بمطعم حجي حسين طوله ذراع . انفنت على واقعة ويكيليكس عشرة أيام . أنزعج جداَ من المشهد التمثيلي المنفر الذي يحدث بين المذيع والمذيعة قبل نشرة الأخبار بعشرين ثانية . الرازونة هي كوة في جدار طين . شوربة العدس أطيب من شوربة الحنطة . أول البارحة فقدت تلفوني . سينما بابل خزان ذاكرتي البهيجة . فلافل ابو سمير تقع في شارع سينما الخيّام . التدخين يقصف القلب ويقوي المشهد . زائدة دودية . اظفر مشلوع . مصور فوتوغرافي في حديقة مهجورة . ملابس عيد مستعملة . دار دور . نار نور . قراءة وحساب . مائدة نزهت . منظر سمكة حية تشتريها ، فيهطرها البائع بمطرقة على رأسها ، فتموت ، فتعود بها الى عيالك ، فتقص عليهم قصتها ، فيعافها الكل ، فتسقفها انت على نار هادئة ، فتحمر وتنضج وتتعطر ، ومع أول لقمة من وسطها ، ستحس بطعم الزقنبوت المر ، فترحل وتنام على وجهك . شكرا لله . شكرا لكم . انتهى المكتوب بقهر وبكاء . تصبحون على خير
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)