أشواق مشروع لوحة
صائب خليل
9 حزيران 2018
ها قد تشكلت
ملامحها الأساسية، والوانها العامة، لكنها مازالت باهتة، قليلة الحظ من الجاذبية
والجمال، كما صغار الطيور التي لم تبلغ "الحلم" بعد. ورغم ذلك فهي
سعيدة. سعيدة بحرية اللحظة، وبما يعدها المستقبل من الوان تومض على سطحها اشباحاً
راقصة ثم تختفي.
إنها لحظة يشوبها
قلق السؤال: إلى أين الآن؟ لقد ترك الرسام بحنكة العارف الحذر، الخيارات مفتوحة واسعة
حتى الآن، فالتدرجات خفيفة تقبل كل شيء، والألوان حيادية توفر طاقة الصرخة لما
سيأتي من حكمة أو جنون!
كل ضربة فرشاة
ستكون خياراً نحو مستقبل ما. كل ضربة فرشاة قادمة ستكون اتجاها لا رجعة فيه. كل
ضربة فرشاة ستترك أثرها طويلا على ما سيأتي. كل ضربة فرشاة ستكون مغامرة لا يمكن
حساب كل نتائجها.
"إن في العبور
إلى الجهة المقابلة مخاطرة، وفي البقاء وسط الطريق خطراً، وفي الالتفات إلى الوراء
وفي كل تردد وفي كل توقف خطر!" ... تلك هي حياة المعابر، وهذا هو قلقها. وهنا
يحكم السؤال: إلى اين الآن؟
لكن في
"المعبر" وعد بمسرة آتية، وعد يثير في اليوم شوقاً لا يتوفر لـ
"الهدف" المكتمل، وحرية تنتظر التضحية بنفسها ليولد وليدها. إن في
غموضها وتشوشها من وعد لا تراه إلا عين رسامها، كما لا ترى في صغار الطيور الباهتة
الريش، من وعد بالجمال، إلا اعين والديها الملونين كقوس قزح.
فليستعن العابرون بوعود
مسراتهم، عوناً على القلق، ووسيلة لقبول "المراهنة". ليخلطوا الوانهم...
وليمسكوا بشوقهم إلى القادم، تعويذةً، ثم ليلقوا بنردهم، بضربة فرشاة جريئة واثقة
مصحوبة بابتسامة، كما يقفز السباح بعد تردد، إلى الماء البارد، وكما يقفز الطير من
عشه في اول انطلاق. تلك هي الحكمة المرحة، لمشروع لوحة تشتاق ريشها الملون!