مجلة الأدب العربي المعاصر : (شهقة خضراء) سجال الركابي: أُلملِمُ ضَوعَ خُزامى... بغضاضةِ التوقِ مجدولٌ أتَسلّلُ... إلى حُلمِكَ... أتَمَهّلُ ... جِناحَ الرؤى زُجاجاً أتَمعّنُ في خارطةِ...
الخميس، 23 أبريل 2015
بعد صدور كتابه (سبينوزا) حامد بن عقيل:-- صلاح مخارش
بعد صدور كتابه (سبينوزا) حامد بن عقيل:
حرية التفلسف هي الضمانة الوحيدة لاستمرار حرية الفرد واستقلاليته
- صلاح مخارش
قبل أكثر من عام، أصدر الشاعر والناقد حامد بن عقيل كتابه الأول في سيرته الافتراضية، كان عنوان الكتاب الأول (مسيح)، ودون أي تصنيف للشكل الكتابي الذي اختاره لخروج كتابه، أضاف إلى سلسلته الافتراضية كتابا جديدا بعنوان (سبينوزا). فبعد إصداره لديوانين شعريين (قصيدتان للمغني - مرثيتان توغلان في دمي) 1999م، و(يوم الرَّب العظيم) 2005م، وبعد كتابه النقدي (فقه الفوضى- دراسة تأويلية) 2005م، جاءت محاولته الكتابية الجديدة خارج حدود التصنيف، وهو ما يقول عنه: (لا أفكر في شكل الكتابة أو التعبير الكتابي الذي يجب أن ألتزم به، سيرة افتراضية بجزأيها أسلوب تعبير خاص لا يعنيني تصنيفه بقدر ما يعنيني أن يكون قادرا على استيعاب ما أريد قوله).
في سبينوزا، الجزء الثاني من السيرة الافتراضية، يلمس القارئ جانباً من قراءات المؤلف، ويطالع المفكرين الأبرز في التأثير عليه. ففي كتابته عن نيتشة الذي يصفه بالمجنون الكبير يكتب عن الحكمة: (المجانين دائما هم حكماء مجتمع الخنوع، ذلك أنهم يخرجون بعقولهم عمّا أراد لها الفقه العام من انضباط تعيس للقيد، وخروج عما أراد لها فقه التسكين من قناعة هي في محصلتها كنزٌ لا يفنى، وكيف يفنى اللاشيء؟!.). ويختلط في كتابة كهذه العام مع الخاص: يكرر الصبي سؤاله البريء لجدته: (لجسدك رائحةٌ لا تغيب)؟، فتجيبه: (رائحة الريحان لا تذبل). وبعد أعوامٍ من الحنين، عندما يمرّ بصندوق ملابسها العتيق، تلفحه رائحة عبارتها الحنون، وفي كلّ مرّة يعرف ما لم يعرف من قبل عن الحكمة.
كما يكتب عن فاغنر، وعن سبينوزا. فلماذا اختار سبينوزا تحديدا ليكون عنوانا لهذا الجزء من سيرته الافتراضية؟، يجيب قائلاً: (المعرفة التي لا ترتهن لأطماع حامليها، حتى وإن لم تنتج فكرة جديدة، هي المعرفة الأكثر صدقا. بالنسبة لي، وبعيدا عن تأثير سبينوزا كفيلسوف في طريقة تفكيري، أراه الأقرب لتمثيل المعرفة الصادقة، أي ذات المنطلقات البريئة من الرغبة في تحقيق مجدٍ شخصي. ليس أسوأ من كاتب أو مفكرٍ يستخدم معارفه في تزييف الوعي وخيانة القراء الذين يثقون بما يكتب). ويضيف ابن عقيل: (أيضا، وعلى مستوى التأثير، أحب ما كتبه سبينوزا عن أهمية أن يكون المجال مفتوحا للتفلسف بحريّة. أن القضاء على الفلسفة يعني القضاء على العقل، وهذه الحرية هي ما أراها، كما قال سبينوزا، الضمانة الوحيدة لاستمرار حرية الفرد واستقلاليته، وليس العكس).
الكتاب المقسّم إلى أربعة أجزاء هي على التوالي: تيه، فاغنر، سبينوزا، شمال الروح. يأتي الجزء الأول منه أقرب إلى النصوص الشعرية، أما الجزء الثاني (فاغنر) فيأتي لتوظيف النص الشعري العامي في كتابة إبداعية تميل كثيرا إلى الشعرية، ثم جزء (سبينوزا) الذي يشبه الكتابة المقالية عن المعرفة: ربما لا يدري الكاتب أن (الحاجة إلى المعرفة وتحقيق الذات) ليست هي قمّة الهرم فحسب، إنها القمة والهاوية. تخيلوا ذلك، يهوي الكاتب ثم يهوي ثم يهوي إلى ما لا نهاية، بعد ذلك.. سيدرك أنه وقع في شصّ المعرفة وصار يتخبط. كل جديد، كالعلامة في النقد، تهدي إلى علامة.. وهذه الأخيرة تهدي إلى ما بعدها، وهناك، عندما يقرر مراجعة متاهته الهرمسية، يدرك أنه غادر حقيقته الأولى، وتشظت روحه. لم يعد العالم هو هو، كما لم يعد هو هو، وتغيرت الخطوات.
وأخيرا الجزء الرابع الذي يغلب عليه الطابع القصصي. فما الذي يجعل حامد بن عقيل يصنِّف (سبينوزا) الذي جاءت نصوصه متذبذبة بين الشعر والقصة القصيرة والمقالة على أنه سيرة افتراضية مع أنه مختلف بشكل واضح عن (مسيح) الذي يمكن اعتباره سيرة حقيقية؟. يقول مجيباً على ذلك: لا أدري إن كان مسيح سيرة حقيقة أم لا، لكنني على ثقة أنني أردت شيئا آخر. هناك علاقة وثيقة، في أذهان العامة، بين مفردة سيرة وبين التحولات الزمنية القابلة للتوثيق. لكن هذه التحولات، حين ترتبط بدالة الزمن فقط، تعطي معنى التاريخ الشخصي كفعل كتابي يتجه نحو نشر الأنا على الملأ بأسلوب تسويقي بحت. بالطبع، مفردة السيرة تحتاج هنا إلى إخضاع طوعي لمعناها القاموسي، وهو ما سيخرجها من حيز ضيّق إلى حيز واسع يعطي عدّة معان؛ من أهمها: الهيئة، الطريقة، المذهب، الحالة، السلوك. فلا تصبح السيرة مجرد أن يدوّن الكاتب تفاصيل حياته وأعماله، بل تتجه نحو تدوينه للراهن بوصفه حالة (هيئة) طريقة، وهو تدوين إبداعي يخرجها عن مجرد الحفر في الماضي الذاتي إلى تدوين الأنا الآن بكافة تجلياتها الفكرية والإبداعية. ولهذا، لن يكون من الملزم للكاتب أن يبلغ من الكبر عتيّا حتى يكون مؤهلاً لسرد أرشيفه الحياتي والإبداعي، بل سيصبح ملزماً له أن يرافق فعل السيرة مراحل متعددة من حياته فتغدو مراجعة ذاتية لكل مرحلة عمرية مر بها، مع كونها شاهداً على مرحلة اجتماعية وثقافية تتزامن مع وقت إنجاز الكاتب لسيرته. إن فعل كتابة السيرة فعل إبداعي قابل للكتابة في أي عصر وعلى يد أي كاتب بغض النظر عن المرحلة العمرية التي يكتب فيها، فرهانه هنا هو الإبداع وليس التسويق لذات قرب أفولها فبالغتْ في استعادة ماض قد لا يعني للقراء الكثير. وبما أنها كتابة إبداعية، فلا بأس من أن تنحاز إلى الشعرية حيناً، وإلى السرد حيناً آخر، أو حتى إلى المقالة للتعبير عن رؤية خاصة قد يناسب هذا الشكل الكتابي التعبير عنها أفضل مما سواه.
يشارك الدكتور حمود أبو طالب في كتابة جزء (فاغنر)، وفي الجزء الأخير (شمال الروح) نجد أسماء عديدة تشارك في الكتابة (هيلدا إسماعيل، طلق المرزوقي، أمل زاهد، أحمد محجوب، خلود سفر الحارثي، سوزان خواتمي)، وهي تجربة سبق أن خاضها حامد بن عقيل في كتابه السابق (مسيح)، ألا توحي هذه الطريقة بشيء من نرجسية؟. يجيب ابن عقيل: حين قررت كتابة (سيرة) شاركني كتاب كثيرون في كتابتها بذات الأسلوب، وهذا ما شجعني على تحويلها إلى كتاب. أردتُ في البداية أن يتحول إلى كتاب تفاعلي كما تمت كتابته على الشبكة العنكبوتية، لكن لم ينجح الأمر، وهذا ما جعلني أضيف كتابات الآخرين في قسم مستقل في الجزء الأول (مسيح)، نظراً لأهميتها في سياق الكتاب الذي تمت كتابته على الشبكة العنكبوتية ذات الطبيعة التفاعلية، ثم تم نقله إلى الورق.
اختلف الأمر قليلا في الكتاب الثاني (سبينوزا)، حيث حرصتُ على ضم الكتابات النقدية أو الانطباعية لكتّاب مهمين حول بعض نصوص القسم الرابع (شمال الروح)، وباستثناء كتابة الدكتور حمود أبو طالب لم يكن هناك مشاركة إبداعية لأي كاتب. أما أمر النرجسية فلا أظن أنني شغلتًُ نفسي به كثيراً. كان الأمر، ولا يزال بالنسبة لي، يتعلق بحرصي على التوفيق بين فضاء كتابي حديث وبين فضاء كتابي تقليدي.
سيرة افتراضية (مسيح)، ثم سيرة افتراضية (سبينوزا)، عبارة عن مقاربات شعرية لحياة الإنسان على الأرض. محاولة لتخفف من عبء الذاكرة، فهل هي مؤشر لإفلاس شعري ما؟، يقول حامد بن عقيل، مختتماً هذا الحوار: (أستطيع المغامرة بكتابة شكل جديد يستعصي على التصنيف، لكنني لا أستطيع امتهان الشعر في التعبير عن كل ما أريد قوله. لم أجد تعريفاً يقنعني بماهية الشعر، كما أنني لا أغامر بحصره في تعريف ما. أعلم يقيناً كيف يتواطأ الشاعر ومريدوه على إنتاج وقبول هذا الفن الخاص جدّا، خصوصاً في وجدان الإنسان العربي. حتى هذا التواطؤ لا يمنع من أن يكون الشعر ميداناً للتجريب الكتابي. إلا أنني أحرص على أن يكون للشعر طابعه الخاص من خلال المفردة الشعرية، الشِعر أداة تأمل تسعى إلى ثبات الزمن حتى يكتسب شرعية وجوده وتمايزه عن بقية الأشكال الأدبية، لكن هذا الثبات لا ينفي عنه قدرته على التعاطي مع السياقات المعرفية والجمالية للغة التي يُكتب بها. وربما كان الفرق بين السيرة الافتراضية وبين الشعر هو أن السيرة قادرة على مجاراة الحركة الزمنية للأحداث، تلك التي تفيض بها الذاكرة، وهذا البُعد الحركي لا يمكن أن يكون أحد مُحدّدات كتابة الشعر).
قصة قصيرة ثلاث لحظات- عدنان المبارك
قصة قصيرة
ثلاث لحظات
عدنان المبارك
- يريد الإنسان أن يكون قديسا وشيطانا. في كل مرة أغلق عيني أرى نفسي في هيئة موفقة جدا ، أراها كما لو أنه من غير الممكن أن أكون بهذه الهيئة أبدا... ولأنه ليس دائما حين تغلق العينان يولد الهمّ الأكثر حقيقية ، ومعه ألم القلب والعالم .
جوزيف كونراد
بضع لحظات في الطريق إلى خارج الغرفة. العصب اللعين سيطر على الساق اليمنى. اللحظة الأولى انفجار للألم . لم أعرف من قبل مثل هذا العنف والاختراق الفظ للجسم. لحظة ؟ كانت دهرا طويلا. بدا لي أن الزمن اختفى فيه وجمد خارج الغرفة. المكان أيضا. في التالية اكتشفت أني لا أزال في الغرفة. متر ونصف أمامي كي أخرج. التالية كانت حريقا تنفث ناره مضخات أكبر من هذه الغرفة التي قفزت حينها الى الرأس صورتها كمكان ألتهمته النيران. بعدها لم أكن واقفا بل مطروحا على سجادتي. تذكرت ألوانها الوسط بين الصارخة والهادئة. ليس الطبيب وحده شخّص الحالة : فقدان المغنيز والبوتاس. انسحبت الأبالسة من الجسم في اللحظات التالية. هكذا خمنت : ليست لحظات بل خداع للحواس بقي لدقائق طويلة. على السجادة انفتح صندوق الذاكرة ذو القفل الصديء. لا شيء سوى هياكل عظمية لذكريات من مختلف السنين. وجدت أني لست بحاجة اليها ، فليس هذا هو المسلك الصحيح كي أكسب نتفا مما يسمى بالسعادة. تسرب خوف مبهم من أني سأفقد كل شيء. وحتى ما كتبته في صباح هذا اليوم الأسود عن عالم خال من الإنسان. عن مخلوقات شفاّفة ملأت الأرض. خصالها أكثر من رائعة : مفقودة الحواس ، بطيئة الحركة ، لا تعمل ، لا تشرب ، لا تأكل ، لا تفعل شيئا سوى البحلقة في السماء. لاوعيي أفرز رغباتي : أن لا أكون إنسانا وأبحلق في سماء فارغة تماما بل أني فقدت الجسم وجاءني بدله كيان آخر– لا مادي يتحرك بسهولة بين الأجرام. فالسرعة بمقاييسها المعهودة كانت من تركات الماضي. ولم لا اذا رحت الى مكان آخر في هذا الكون يرمي في حاوية ما للنسيان بكل هذه ( المصطلحات ) من زمكان وضوء وسرعة بل مادة وأثير؟ حتى السعادة صارت في اللحظة الثالثة ، أو ما بعدها بسبب اختفاء الزمن ، مجرد كلمة جوفاء رميتها غير نادم في حاوية أخرى / قبر من كان على الأرض. حالة غريبة تماما – لا ألم ، لامعاناة ، لاهموم نفسية ، لاعقل مضحكا يريد أن ينازل الوجود في الاثنين – المعنى واللامعنى. برقت في رأسي حينها فكرة مقلقة : سيعود كل شيء إلى حالته ( الطبيعية ) ، سأكون سجينا بلا سجّان معروف الهوية. أمي العجوز كانت تتأوه خارج الغرفة بل كانت تبكي. تذكرت أنها بكت أحيانا حين وجدتني مصرا على عدم الالتفات الى كل ما حولنا. لم تملك الجرأة الكافية كي ترى كيف أني ( ابتعدت ) عن هذا العالم. المسكينة لم تفقد الأمل في ( عودتي ). من جانبي سأحاول دحر الألم أولا. سألتهم المغنيز والبوتاس بوجبات أكبر من المقرر. بحثت محموما عن كل ما يتعلق بتأريخ الألم وفسيولوجيته - هو في منتهى الغرابة رغم أنه يرافقنا ، بشتى الدرجات والأنواع ، منذ الصرخة الأولى. عثرت على الكثير. لابد من منخل كبير كي أنخل وأفرز. كنت أعرف الكثير عنه لكن الآن أنا جاهل كبير. هل سيكرر هذا العصب الهجوم ؟ سأغلق صندوق الذكريات من جديد ، وأشطب على كل المعرفة عن الألم. صارت الكتابة عندي نزقا بل أشعر بحرية مطلقة في التصرف. قبل ساعتين حاولت أن ألحق ما كتبته عن الألم وغيره بهذا النص. لا أعتقد أنه سيكون صدمة لقرائي - هذا اذا كنت أملك هؤلاء - رغم أني سأحاول اخضاع النصين الى (الترهيم ). في الحقيقة لم أتردد كثيرا ، فكل ( خطيئة ) كتابية مباحة اليوم. سأكتب بأسلوب الترقيع لكن مع مراعاة هارموني الأشكال والألوان. قلت ( قبل ساعتين ). ربما قبل عشر ، ربما قبل خمس. لا أعرف فقد أخذت أعامل الزمن جواربا عتيقة مثقبة. ولست أنا الباديء هنا ، فطويلة هي قائمة الكتاب الذين أغرموا كثيرا بقلب الزمن على البطانة. طريقتي ليست بالأصيلة ، فكل ما أفعله ، وكما قلت ، هو اللصق أو الترقيع. النتيجة هنا باهرة أحيانا. لأكثر من خمسة عقود كتبت نصوصا ( مؤدبة ) لا تنحرف كثيرا عن السكك المعهودة ( تذكرت هنا ما قاله الأسقف اليوناني القديم غريغور بالاماس : " يمكن لكل كلمة أن لا تتوقع الا هزيمتها ". كان محقا ، فنسبة بالغة الكبر من الأدب تستحق الإدانة ! ). أجد أن هذا العصب المخيف حقا فتح أبوابا كانت مسدودة ، للطيش الكتابي واللهو غير الحكيم ، كما يبدو ، بالكلمات. قبل قليل قرأت قصة صديقي القديم عن السنة الأخيرة التي قضيناها في بغداد. صخب داخل فقاعة ضخمة من الخواء ، ولا أعرف كيف جاءتنا تلك الكرات كي نتقاذفها ونرمي بعضها في مختف السلال ، من سياسية الى شبقية. بدل النظارات الطبية مسك صديقي عدسة مكبّرة وجال بها في وجوه وأجسام ودواخل الأصدقاء. وهكذا تبين أن الجميع كانوا مساكينا يريدون إطفاء عطشهم بالتوجه الى هذا السراب وذاك. الطبيب منعني من الأقتراب من الكحول القوي و( قنينة بيرة واحدة تكفي ). لكن كل مريض يخالف ولو مرة واحدة نصائح الطبيب. أتذكر جيدا كيف كانت حالي بعد شرب جنوني لقنينة جن. كان شربا سماويا خاصة حين عصرت في القدح واحدة ناضجة من ال( نومي بصره ). شاهدت غرفتي والعالم من خلال مواشير أخرى : الهيئات تضاعفت وحصل هبوط مفاجيء من السقف لآلات الكمان والمزامير وحتى أن بيانو صغيرا هبط معها. خيّل اليّ أنها جميعا تريدني أن أقودها. لم أتردد وحققت الرغبة.عزفت بضع قطع موسيقية لا أملّ من الاستماع اليها وحتى أن واحدة عزفت مرتين. البهجة أنتهت بسرعة ، فها أني فقدت الوعي وأرغمت على الاستلقاء في الفراش خمسة أيام. بمعزل عن كل شيء كنت سعيدا في أثناء العزف ، ومثل هذه السعادة جاءت تعويضا ثمينا لعدد كبير من الأيام الكئيبة والجهمة. ولزمن طويل بقيت أفكر بما سيجيء به المستقبل : هل سأخرج من القبر وأتوجه لشراء قنينة جن ، وهل ستهبط الآلات الموسيقية مرة أخرى ، وهل سيتبدل العالم كي يأخذ ببعض اللامعقوليات الحلوة. خمسة أيام في الفراش شبيهة بعزلة قاسية في زنزانة انفرادية. لكن مسرة كبيرة ملأتني. فها أني السيّدالمطلق في هذه الأيام . سأذهب بل سأطير الى أينما أشاء. في تشرين الثاني وكانون الأول من العام الماضي أنشغلت بالقراءة عن الأجرام المكتشفة خلال ذلك العام. مشكوك بوجود الحياة في بعضها. البقية ميتة أي أنها سعيدة ، فالحياة ، وفق بعضهم ، هي أولى نكبات الله. لا أعرف كيف ستكون حالي اذا بقيت بلا حياة وأرض وهذه السماء. لكن لأطلق فنطازيتي من قفصها وأتصورأني بلا جسم يحتاج الى الأوكسجين وبمثل هذا النهم : تنفس في كل ثوان. سأتنفس مرة واحدة في اليوم ( في اليونان القديمة يتوقفون عن التنفس طويلا الى ان يحل الموت . كانت هناك مثل هذه الطريقة الأنيقة في الانتحار)، وآكل مرة واحدة في الأسبوع. حينها سأزور أحد تلك الأجرام الميتة. في الواقع ليست هي ميتة كما فهمت بل تنعدم الحياة فيها لاغير.لم يتكلمواعن مناظرها الطبيعية الا أني لا أكترث لهذه المسألة ولأني لا أميل الى هذه المناظر التي كان الفنانون والشعراء يقعون في فخاخها. ها أني في اليوم الثالث من الاستلقاء في السرير. منذ اليوم الثاني أخذت أرتب أموري في الفراش. قرأت لساعات ، واستمعت من الانترنت لموسيقى بالغة الغرابة في سعيها الى ابتكار هارموني آخر. كتبت نصا شعريا عن ( رحلاتي ) الأخيرة. أرسلته الى موقع ( أدب فن ). اكتشفت أن الحياة لن تتخلى عني بسهولة أي لن تسمح لي بجولة ولو سريعة في تلك الأجرام الميتة. من ناحية لها الحق ، فأنا خرجت من رحمها وربّتني كل هذه العقود ، أذن ،كيف بمكنتني أن أعوفها وكأنها كانت غريبة عليّ ؟ من ناحية أخرى أشعر برهبة حين أعي بأني الآن في سجني الأرضي. تراودني بإلحاح مزعج فكرة أخذ استراحة من الحياة وتلك السوداوية الخمولية باللجوء الى التنويم hibernation ، وليستمر بضعة عقود أو أطول من زمن أهل الكهف. أفكار أخرى بل صارت هناك مجموعة كبيرة من أفكار هذا الصنف مصدرها ما فعله النسّاك في الصحراء والأديرة المعزولة. أعجبتني كثيرا فكرة القديس الروسي سيرافيم الساروفْي الذي كف عن الكلام طوال خمسة عشر عاما في زنزانة انفرادية وحتى انه لم يتكلم مع أسقفه. كان على يقين تام من أن الصمت يقرّب الانسان من الله ويجعله على الأرض شبيها بالملائكة. كانت مشكلتي ولاتزال في أني ثرثار قليلا ، وقد ( أحتمل ) الصمت بضعة أيام لكني أخشى من الانفجارالذي يعقبه ، وقد حصل مرة أني أقمت حوارا افتراضيا مع غراب كان واقفا على سور البيت. ساعدته في الأجابة على أسئلتي الى درجة أن الأمر أصبح شبيها بمقابلة تلفزيونية ! في القريب ، أي بعد ساعات - عشر ونيف ، سأدخل اليوم الرابع - الفراشي ، أي سيبقى أمامي يوم واحد فقط. هكذا خمّن الطبيب ذو الشوارب الكثيفة والصوت الناعم. لا أعرف لم تسرب اليّ نوع غريب من الغبطة. هو ذات الشعور حين نشفى من أحد الأمراض ونعود الى الحالة الطبيعية متناسين أن مرضا آخر قد يداهمنا لكنه ينسينا بشاعات العالم . مثلا كان الهنود يضعون الموتى من الفرس المؤمنين بالزرادشتية في أبراج خاصة كي تنهشها العقبان. فعلوا ذلك كي لا تدنس الجثث الأرض. في كل يوم أشم رائحة خطر ولادة برابرة جدد ، ويعمّق هذا الشرخ في الوعي ذاك النشيد الهوراسي : أكره المدنّس والمبتذل في الناس...
ها قد مرّ اليوم الخامس. أنا الآن في صبيحة السادس. صار واجبي الأول أن أعالج هذا العصب وحتى لو استمر العلاج باقي العمر. الا أن هذا لا يمنع من حدوث تلك المعجزة : أن أستقر في جرم ميت. فوفق ما علّمونا : كل شيء بيد الله ، والمعجزات بشكل خاص.
استير بارك – نيسان / أبريل 2015
ثلاث لحظات
عدنان المبارك
- يريد الإنسان أن يكون قديسا وشيطانا. في كل مرة أغلق عيني أرى نفسي في هيئة موفقة جدا ، أراها كما لو أنه من غير الممكن أن أكون بهذه الهيئة أبدا... ولأنه ليس دائما حين تغلق العينان يولد الهمّ الأكثر حقيقية ، ومعه ألم القلب والعالم .
جوزيف كونراد
بضع لحظات في الطريق إلى خارج الغرفة. العصب اللعين سيطر على الساق اليمنى. اللحظة الأولى انفجار للألم . لم أعرف من قبل مثل هذا العنف والاختراق الفظ للجسم. لحظة ؟ كانت دهرا طويلا. بدا لي أن الزمن اختفى فيه وجمد خارج الغرفة. المكان أيضا. في التالية اكتشفت أني لا أزال في الغرفة. متر ونصف أمامي كي أخرج. التالية كانت حريقا تنفث ناره مضخات أكبر من هذه الغرفة التي قفزت حينها الى الرأس صورتها كمكان ألتهمته النيران. بعدها لم أكن واقفا بل مطروحا على سجادتي. تذكرت ألوانها الوسط بين الصارخة والهادئة. ليس الطبيب وحده شخّص الحالة : فقدان المغنيز والبوتاس. انسحبت الأبالسة من الجسم في اللحظات التالية. هكذا خمنت : ليست لحظات بل خداع للحواس بقي لدقائق طويلة. على السجادة انفتح صندوق الذاكرة ذو القفل الصديء. لا شيء سوى هياكل عظمية لذكريات من مختلف السنين. وجدت أني لست بحاجة اليها ، فليس هذا هو المسلك الصحيح كي أكسب نتفا مما يسمى بالسعادة. تسرب خوف مبهم من أني سأفقد كل شيء. وحتى ما كتبته في صباح هذا اليوم الأسود عن عالم خال من الإنسان. عن مخلوقات شفاّفة ملأت الأرض. خصالها أكثر من رائعة : مفقودة الحواس ، بطيئة الحركة ، لا تعمل ، لا تشرب ، لا تأكل ، لا تفعل شيئا سوى البحلقة في السماء. لاوعيي أفرز رغباتي : أن لا أكون إنسانا وأبحلق في سماء فارغة تماما بل أني فقدت الجسم وجاءني بدله كيان آخر– لا مادي يتحرك بسهولة بين الأجرام. فالسرعة بمقاييسها المعهودة كانت من تركات الماضي. ولم لا اذا رحت الى مكان آخر في هذا الكون يرمي في حاوية ما للنسيان بكل هذه ( المصطلحات ) من زمكان وضوء وسرعة بل مادة وأثير؟ حتى السعادة صارت في اللحظة الثالثة ، أو ما بعدها بسبب اختفاء الزمن ، مجرد كلمة جوفاء رميتها غير نادم في حاوية أخرى / قبر من كان على الأرض. حالة غريبة تماما – لا ألم ، لامعاناة ، لاهموم نفسية ، لاعقل مضحكا يريد أن ينازل الوجود في الاثنين – المعنى واللامعنى. برقت في رأسي حينها فكرة مقلقة : سيعود كل شيء إلى حالته ( الطبيعية ) ، سأكون سجينا بلا سجّان معروف الهوية. أمي العجوز كانت تتأوه خارج الغرفة بل كانت تبكي. تذكرت أنها بكت أحيانا حين وجدتني مصرا على عدم الالتفات الى كل ما حولنا. لم تملك الجرأة الكافية كي ترى كيف أني ( ابتعدت ) عن هذا العالم. المسكينة لم تفقد الأمل في ( عودتي ). من جانبي سأحاول دحر الألم أولا. سألتهم المغنيز والبوتاس بوجبات أكبر من المقرر. بحثت محموما عن كل ما يتعلق بتأريخ الألم وفسيولوجيته - هو في منتهى الغرابة رغم أنه يرافقنا ، بشتى الدرجات والأنواع ، منذ الصرخة الأولى. عثرت على الكثير. لابد من منخل كبير كي أنخل وأفرز. كنت أعرف الكثير عنه لكن الآن أنا جاهل كبير. هل سيكرر هذا العصب الهجوم ؟ سأغلق صندوق الذكريات من جديد ، وأشطب على كل المعرفة عن الألم. صارت الكتابة عندي نزقا بل أشعر بحرية مطلقة في التصرف. قبل ساعتين حاولت أن ألحق ما كتبته عن الألم وغيره بهذا النص. لا أعتقد أنه سيكون صدمة لقرائي - هذا اذا كنت أملك هؤلاء - رغم أني سأحاول اخضاع النصين الى (الترهيم ). في الحقيقة لم أتردد كثيرا ، فكل ( خطيئة ) كتابية مباحة اليوم. سأكتب بأسلوب الترقيع لكن مع مراعاة هارموني الأشكال والألوان. قلت ( قبل ساعتين ). ربما قبل عشر ، ربما قبل خمس. لا أعرف فقد أخذت أعامل الزمن جواربا عتيقة مثقبة. ولست أنا الباديء هنا ، فطويلة هي قائمة الكتاب الذين أغرموا كثيرا بقلب الزمن على البطانة. طريقتي ليست بالأصيلة ، فكل ما أفعله ، وكما قلت ، هو اللصق أو الترقيع. النتيجة هنا باهرة أحيانا. لأكثر من خمسة عقود كتبت نصوصا ( مؤدبة ) لا تنحرف كثيرا عن السكك المعهودة ( تذكرت هنا ما قاله الأسقف اليوناني القديم غريغور بالاماس : " يمكن لكل كلمة أن لا تتوقع الا هزيمتها ". كان محقا ، فنسبة بالغة الكبر من الأدب تستحق الإدانة ! ). أجد أن هذا العصب المخيف حقا فتح أبوابا كانت مسدودة ، للطيش الكتابي واللهو غير الحكيم ، كما يبدو ، بالكلمات. قبل قليل قرأت قصة صديقي القديم عن السنة الأخيرة التي قضيناها في بغداد. صخب داخل فقاعة ضخمة من الخواء ، ولا أعرف كيف جاءتنا تلك الكرات كي نتقاذفها ونرمي بعضها في مختف السلال ، من سياسية الى شبقية. بدل النظارات الطبية مسك صديقي عدسة مكبّرة وجال بها في وجوه وأجسام ودواخل الأصدقاء. وهكذا تبين أن الجميع كانوا مساكينا يريدون إطفاء عطشهم بالتوجه الى هذا السراب وذاك. الطبيب منعني من الأقتراب من الكحول القوي و( قنينة بيرة واحدة تكفي ). لكن كل مريض يخالف ولو مرة واحدة نصائح الطبيب. أتذكر جيدا كيف كانت حالي بعد شرب جنوني لقنينة جن. كان شربا سماويا خاصة حين عصرت في القدح واحدة ناضجة من ال( نومي بصره ). شاهدت غرفتي والعالم من خلال مواشير أخرى : الهيئات تضاعفت وحصل هبوط مفاجيء من السقف لآلات الكمان والمزامير وحتى أن بيانو صغيرا هبط معها. خيّل اليّ أنها جميعا تريدني أن أقودها. لم أتردد وحققت الرغبة.عزفت بضع قطع موسيقية لا أملّ من الاستماع اليها وحتى أن واحدة عزفت مرتين. البهجة أنتهت بسرعة ، فها أني فقدت الوعي وأرغمت على الاستلقاء في الفراش خمسة أيام. بمعزل عن كل شيء كنت سعيدا في أثناء العزف ، ومثل هذه السعادة جاءت تعويضا ثمينا لعدد كبير من الأيام الكئيبة والجهمة. ولزمن طويل بقيت أفكر بما سيجيء به المستقبل : هل سأخرج من القبر وأتوجه لشراء قنينة جن ، وهل ستهبط الآلات الموسيقية مرة أخرى ، وهل سيتبدل العالم كي يأخذ ببعض اللامعقوليات الحلوة. خمسة أيام في الفراش شبيهة بعزلة قاسية في زنزانة انفرادية. لكن مسرة كبيرة ملأتني. فها أني السيّدالمطلق في هذه الأيام . سأذهب بل سأطير الى أينما أشاء. في تشرين الثاني وكانون الأول من العام الماضي أنشغلت بالقراءة عن الأجرام المكتشفة خلال ذلك العام. مشكوك بوجود الحياة في بعضها. البقية ميتة أي أنها سعيدة ، فالحياة ، وفق بعضهم ، هي أولى نكبات الله. لا أعرف كيف ستكون حالي اذا بقيت بلا حياة وأرض وهذه السماء. لكن لأطلق فنطازيتي من قفصها وأتصورأني بلا جسم يحتاج الى الأوكسجين وبمثل هذا النهم : تنفس في كل ثوان. سأتنفس مرة واحدة في اليوم ( في اليونان القديمة يتوقفون عن التنفس طويلا الى ان يحل الموت . كانت هناك مثل هذه الطريقة الأنيقة في الانتحار)، وآكل مرة واحدة في الأسبوع. حينها سأزور أحد تلك الأجرام الميتة. في الواقع ليست هي ميتة كما فهمت بل تنعدم الحياة فيها لاغير.لم يتكلمواعن مناظرها الطبيعية الا أني لا أكترث لهذه المسألة ولأني لا أميل الى هذه المناظر التي كان الفنانون والشعراء يقعون في فخاخها. ها أني في اليوم الثالث من الاستلقاء في السرير. منذ اليوم الثاني أخذت أرتب أموري في الفراش. قرأت لساعات ، واستمعت من الانترنت لموسيقى بالغة الغرابة في سعيها الى ابتكار هارموني آخر. كتبت نصا شعريا عن ( رحلاتي ) الأخيرة. أرسلته الى موقع ( أدب فن ). اكتشفت أن الحياة لن تتخلى عني بسهولة أي لن تسمح لي بجولة ولو سريعة في تلك الأجرام الميتة. من ناحية لها الحق ، فأنا خرجت من رحمها وربّتني كل هذه العقود ، أذن ،كيف بمكنتني أن أعوفها وكأنها كانت غريبة عليّ ؟ من ناحية أخرى أشعر برهبة حين أعي بأني الآن في سجني الأرضي. تراودني بإلحاح مزعج فكرة أخذ استراحة من الحياة وتلك السوداوية الخمولية باللجوء الى التنويم hibernation ، وليستمر بضعة عقود أو أطول من زمن أهل الكهف. أفكار أخرى بل صارت هناك مجموعة كبيرة من أفكار هذا الصنف مصدرها ما فعله النسّاك في الصحراء والأديرة المعزولة. أعجبتني كثيرا فكرة القديس الروسي سيرافيم الساروفْي الذي كف عن الكلام طوال خمسة عشر عاما في زنزانة انفرادية وحتى انه لم يتكلم مع أسقفه. كان على يقين تام من أن الصمت يقرّب الانسان من الله ويجعله على الأرض شبيها بالملائكة. كانت مشكلتي ولاتزال في أني ثرثار قليلا ، وقد ( أحتمل ) الصمت بضعة أيام لكني أخشى من الانفجارالذي يعقبه ، وقد حصل مرة أني أقمت حوارا افتراضيا مع غراب كان واقفا على سور البيت. ساعدته في الأجابة على أسئلتي الى درجة أن الأمر أصبح شبيها بمقابلة تلفزيونية ! في القريب ، أي بعد ساعات - عشر ونيف ، سأدخل اليوم الرابع - الفراشي ، أي سيبقى أمامي يوم واحد فقط. هكذا خمّن الطبيب ذو الشوارب الكثيفة والصوت الناعم. لا أعرف لم تسرب اليّ نوع غريب من الغبطة. هو ذات الشعور حين نشفى من أحد الأمراض ونعود الى الحالة الطبيعية متناسين أن مرضا آخر قد يداهمنا لكنه ينسينا بشاعات العالم . مثلا كان الهنود يضعون الموتى من الفرس المؤمنين بالزرادشتية في أبراج خاصة كي تنهشها العقبان. فعلوا ذلك كي لا تدنس الجثث الأرض. في كل يوم أشم رائحة خطر ولادة برابرة جدد ، ويعمّق هذا الشرخ في الوعي ذاك النشيد الهوراسي : أكره المدنّس والمبتذل في الناس...
ها قد مرّ اليوم الخامس. أنا الآن في صبيحة السادس. صار واجبي الأول أن أعالج هذا العصب وحتى لو استمر العلاج باقي العمر. الا أن هذا لا يمنع من حدوث تلك المعجزة : أن أستقر في جرم ميت. فوفق ما علّمونا : كل شيء بيد الله ، والمعجزات بشكل خاص.
استير بارك – نيسان / أبريل 2015
رائدة الفن التشكيلي خزافة العراق الاولى (عبلة العزاوي)-د. وريا عمر أمين
تشكيل
رائدة الفن التشكيلي
خزافة العراق الاولى (عبلة العزاوي)
د. وريا عمر أمين
تعود معرفتي بالفنانة
التشكيلية عبلة العزاوى الى ربع قرن حيث كنت اتردد على قاعتها الفنية و الثقافية
(قاعة عبلة ) الكائنة في الغزالية في الشارع المسمى باسمها ( شارع عبلة العزاوي).التقي
فيها بالفنانين و الادباء و المثقفين و استمع الى احاديثهم و المحاضرات الثقافية
التى كانت تلقى من قبلهم و اتلقى منها دروسا في علم و فن السراميك و اشارك في
نشاطاتها الفنية و الثقافية .
ــ ولدت عبلة العزاوي في بغداد 17 – 11 – 1935
ــ اول من تخرجت كفتاة من معهد الفنون الجميلة في بغداد – فرع الخزف
ــ اكملت دراستها الفنية في المعهد الوطني للفنون التطبيقية في فرنسا
ــ ساهمت في العديد من المعارض الفنية داخل و خارج العراق
ــ اشتركت في المعارض المتخصصة بالخزف في (لندن و دمشق و كاراكاس و فينا ...)
ــ شاركت بتمثيل الخزافيين العراقيين في معرض دمشق والفنانات العراقيات في فينا
ــ انجزت اعمالا نصبية جدارية ابرزها : جدارية المصرف العقاري (بغداد المدورة بقطر 40م)
ــ تمتلك قاعة خاصة بها للفنون التشكيلية منذ 1968
ــ اول من تخرجت كفتاة من معهد الفنون الجميلة في بغداد – فرع الخزف
ــ اكملت دراستها الفنية في المعهد الوطني للفنون التطبيقية في فرنسا
ــ ساهمت في العديد من المعارض الفنية داخل و خارج العراق
ــ اشتركت في المعارض المتخصصة بالخزف في (لندن و دمشق و كاراكاس و فينا ...)
ــ شاركت بتمثيل الخزافيين العراقيين في معرض دمشق والفنانات العراقيات في فينا
ــ انجزت اعمالا نصبية جدارية ابرزها : جدارية المصرف العقاري (بغداد المدورة بقطر 40م)
ــ تمتلك قاعة خاصة بها للفنون التشكيلية منذ 1968
قال عنها الفنان و الاديب
و الناقد عادل كامل
"هي خزافة وريثة عدة
الاف سنة من تاريخ العراق حافظت على روح المدينة العراقية و و اخذت تاريخ العراق و
تراثه ولم تتاثر بالتجارب العالمية ..فن عبلة العزاوي كالفن السومري و فنون العالم
القديم ، وهي تمتلك الامل و تمتلك الفلسفة وتفتح الابواب للعالم لتقول: هذا الجمال
, هذا الفن"
لم تعتمد عبلة العزاوي،
خلال نصف القرن الأخير ( 1950 – 2000 ) التيارات الأوربية ، بالرغم من دراستها في
باريس ، وإنما اعتمدت ، بالدرجة الأولى صياغة توقيعها ، بالأسلوب المتوازن للموروث
والتراث الشعبي ولعناصر شخصيتها ، المتقشفة ، والجمالية ، والتأملية . فالفنانة ،
حاولت منح الطين أحد أهم مميزاته الحيوية ، المرونة ، والاكتفاء ببعض الأفكار
التصميمية ، مع عناية باختيار الوحدات والموضوعات البيئية .. ولم تتطرف بالمعالجات
الراديكالية للخزف في تياراته الحديثة ، كما فعل سعد شاكر ، رائد الخزف العراقي
المعاصر ، بل حافظت على النمو الطبيعي لفن الخزف في بعده الفني – والجمالي .. ومن
هنا كان إخلاصها لهذا الفن بالدرجة الأولى ، مع استثمار عناصر من النحت الفخاري
والرسم ألجداري .. حتى بالإمكان القول إنها فنانة كلاسيكية ، في الحفاظ على تقاليد
فن الخزف ، بعيدا عن وظائفه والاستهلاكية، أو المتطرفة في التجديد .. إنها وازنت ،
في مسارها الطويل نسبيا، ، بين مختلف الروافد ، ببلورة رؤيتها الجمالية لفن الخزف
العراقي المعاصر .
و قال عنها الفنان
الدكتور برهان جبر حسون الذي جمع بين التشكيل و الطب:
“ تتواصل الفنانة مع مسيرتها الطويلة فتعرض تنوعا و كما من الاعمال الزاخرة بالمفردات و التكوينات الموروثة من الجداريات و المعلقات و المسلات و المنمنمات و القلائد و و التمائم و التعاويذ و الانية , التي تسجل الحياة البغدادية في ادق تفاصيلها و مناسباتها , حيث تأخذك بعيدا لتلج بك تلك البوابات العصية حيث يستفيق التراث و يغدو حاضرا متناغما مع العصر لا طارئا مقحما عليه..ان العزاوى لا تنفذ منجزاتها – او لنقل اثارها الخزفية – بطريقة بنائية انشائية, ولكنها تطلق عنان مخيلتها في ازقة الذاكرة و ثناياها لتقتنص منها الرموز و الدلالاتو ربما الحكايات لتعيد صياغتها برؤية تشكيلية عالية و حس لوني رشيق، كمن يعيد ترتيب شظايا مراة مهشمة ..)
“ تتواصل الفنانة مع مسيرتها الطويلة فتعرض تنوعا و كما من الاعمال الزاخرة بالمفردات و التكوينات الموروثة من الجداريات و المعلقات و المسلات و المنمنمات و القلائد و و التمائم و التعاويذ و الانية , التي تسجل الحياة البغدادية في ادق تفاصيلها و مناسباتها , حيث تأخذك بعيدا لتلج بك تلك البوابات العصية حيث يستفيق التراث و يغدو حاضرا متناغما مع العصر لا طارئا مقحما عليه..ان العزاوى لا تنفذ منجزاتها – او لنقل اثارها الخزفية – بطريقة بنائية انشائية, ولكنها تطلق عنان مخيلتها في ازقة الذاكرة و ثناياها لتقتنص منها الرموز و الدلالاتو ربما الحكايات لتعيد صياغتها برؤية تشكيلية عالية و حس لوني رشيق، كمن يعيد ترتيب شظايا مراة مهشمة ..)
وقال عنها الدكتور عماد عبد السلام رؤوف في كتابه ص21 (رحلة بين
الطين و الروح – سيرة شخصية و فنية)
“ …لم تكن عبلة فنانة و كفى ، و انما كانت – رغم زهدها الشديد و قناعتها التامة – شخصية مؤثرة ايجابا في كل من كان حولها تشيع جوا من التفاؤل ، في وقت لم يكن ثمة ما يبعث اله . و تعزز اواصر المحبة و تنشرها حولها , على رغم كل مشاعر الضيق و الالم التي اخذت تنعكس على وجوه الناس و تصرفاتهم احيانا.
... اصبحت قاعة عبلة ابرز معالم حي الغزالية , واصبحت موئلا لسلسلة من المحاضرات الاسبوعية يتناول فيها المحاضرون ، في جو اليف , موضوعات تراثية و فنية و حضارية , و صار الناس يتقاطرون الى القاعة يسمعون و يتحاورون و يألفون و يؤلفون . فلا يخرجون الا وقد نسو همومهم و معاناتهم التي جاءؤا بها.فمن محاضرات هذه القاعة مثلا محاضرة (النحت في الفضاء ) للفنان رافع الناصري, ومحاضرة عن الفنان المسرحي حقي الشبلي بمناسبة مرور ثلاث سنوات على رحيله سنة 1987, القاها الاستاذ خالص عزمي , و اخرى عن (النخيل) للدكتور عبد الامير ثجيل , و(الرسم في الاسلام ) للصحفي زهير أحمد القيسي , و (التأريخ في الشعر)للاستاذ محمد البازى,و (الشاعرات في العصر العباسي) للدكتور حميد الهيتي و( الشاعرات في الخمسينيات) للاستاذ خالص عزمي و (هاشم الخطاط) للدكتور نوري القيسي , و ( الحروف و الارقام العربية ) للمحامي موفق مصطفى العمري , و الارقام العربية و الهندية) للاستاذ صبيح الاوسي . و ( معجزات العلاج) و (عجائب التداوى) و كلتاهما للاستاذ مثنى ابراهيم حمدي,
و (الانسان و الكون ) و ( المذنبات) و ( مجاهل الذرة ) و ( من مجاهل الارض) و ( الارض بالأرقام) و كلها للدكتور وريا عمر أمين و (فلسفة كانت و علم الجمال) للناقد حميد ياسين و ( الاستنساخ البشري) للدكتورة ندى الانصاري و (علم النفس و دوره في حل مشاكل الحياة اليومية) للدكتور عبد الحافظ سيف ,وهو من اليمن , و تاريخ المسرح العراقي) للفنان يوسف العاني....و (اكتشاف ثبر المعتصم بالله) و الوان الاحجار الكريمة) و ( جولة سياحية في بغداد العباسية) للدكتور عماد عبد السلام رؤوف....وغيرها
ومن طريف مايذكر ان مجلة (صوت الاخر) العدد 167 الصادرة يوم 24/10/2007 نشرت خبر انتقالها الى جوار ربها..سارعت انا في تكذيب الخبر في نفس المجلة و اقمنا نحن اصدقاء القاعة بهذه المناسبة حفلة بعنوان ( عودة عبلة الى الحياة).
“ …لم تكن عبلة فنانة و كفى ، و انما كانت – رغم زهدها الشديد و قناعتها التامة – شخصية مؤثرة ايجابا في كل من كان حولها تشيع جوا من التفاؤل ، في وقت لم يكن ثمة ما يبعث اله . و تعزز اواصر المحبة و تنشرها حولها , على رغم كل مشاعر الضيق و الالم التي اخذت تنعكس على وجوه الناس و تصرفاتهم احيانا.
... اصبحت قاعة عبلة ابرز معالم حي الغزالية , واصبحت موئلا لسلسلة من المحاضرات الاسبوعية يتناول فيها المحاضرون ، في جو اليف , موضوعات تراثية و فنية و حضارية , و صار الناس يتقاطرون الى القاعة يسمعون و يتحاورون و يألفون و يؤلفون . فلا يخرجون الا وقد نسو همومهم و معاناتهم التي جاءؤا بها.فمن محاضرات هذه القاعة مثلا محاضرة (النحت في الفضاء ) للفنان رافع الناصري, ومحاضرة عن الفنان المسرحي حقي الشبلي بمناسبة مرور ثلاث سنوات على رحيله سنة 1987, القاها الاستاذ خالص عزمي , و اخرى عن (النخيل) للدكتور عبد الامير ثجيل , و(الرسم في الاسلام ) للصحفي زهير أحمد القيسي , و (التأريخ في الشعر)للاستاذ محمد البازى,و (الشاعرات في العصر العباسي) للدكتور حميد الهيتي و( الشاعرات في الخمسينيات) للاستاذ خالص عزمي و (هاشم الخطاط) للدكتور نوري القيسي , و ( الحروف و الارقام العربية ) للمحامي موفق مصطفى العمري , و الارقام العربية و الهندية) للاستاذ صبيح الاوسي . و ( معجزات العلاج) و (عجائب التداوى) و كلتاهما للاستاذ مثنى ابراهيم حمدي,
و (الانسان و الكون ) و ( المذنبات) و ( مجاهل الذرة ) و ( من مجاهل الارض) و ( الارض بالأرقام) و كلها للدكتور وريا عمر أمين و (فلسفة كانت و علم الجمال) للناقد حميد ياسين و ( الاستنساخ البشري) للدكتورة ندى الانصاري و (علم النفس و دوره في حل مشاكل الحياة اليومية) للدكتور عبد الحافظ سيف ,وهو من اليمن , و تاريخ المسرح العراقي) للفنان يوسف العاني....و (اكتشاف ثبر المعتصم بالله) و الوان الاحجار الكريمة) و ( جولة سياحية في بغداد العباسية) للدكتور عماد عبد السلام رؤوف....وغيرها
ومن طريف مايذكر ان مجلة (صوت الاخر) العدد 167 الصادرة يوم 24/10/2007 نشرت خبر انتقالها الى جوار ربها..سارعت انا في تكذيب الخبر في نفس المجلة و اقمنا نحن اصدقاء القاعة بهذه المناسبة حفلة بعنوان ( عودة عبلة الى الحياة).
والان تعيش هذه الفنانة العظيمة التي وهبت حياتها للفن وحيدة في قاعتها المهجورة..نحن زملاءها المقربون (الفنان الروائي عادل كامل و الفنان حميد ياسين و اناو اخرين ) نزورها ونتفقد احوالها ... أطال الله من عمرها ووهبها الصحة و الامان.
معرض شخصي جديد للتشكيلي عبد الكريم سعدون- احمد بجاي – السويد
معرض شخصي جديد للتشكيلي عبد الكريم سعدون
احمد بجاي – السويد
يدع التشكيلي عبد الكريم سعدون ألوان الاكريلك تنساب على قماشة اللوحة بدقة غير مقصودة لاستنطاق اللون وتبويبه, وتحتل اشكاله, كالعجلة والتعويذات واشياء حميمية اخرى, مساحات صغيرة او معتدلة الحجم, لتطل علينا من بين الكتل اللونية الحالمة محركة هواجس رؤية حجارة الشوارع المرصوفة بعناية في بابل او آشور او بحكايات عراقية نسترجعها يوميا.
ومن خلال عناوين اعماله المقصودة ربما يستشف المرء حضوره ووجوده ليقف طويلا امام كل لوحة او عمل نحتي يتأمل ويفكر بأشياء وذكريات قريبة وبعيدة تحت تأثير الحضور اللوني المهيمن على اعمال الفنان.
يلاحظ المتلقي في اعمال الفنان اقتراب واضح من التعبيرية المتأرجحة بين التشخيص اللاتشخيص وايظا تقنية عالية في التنفيذ حتى يخيل اليك ان الالوان تنهض من تحت بعضها, طبقات اللون الشفافة التحتية تتحرك وتتموج محاولة التحرر والظهور على سطح اللوحة.
افتتح الفنان العراقي سعدون معرضا لمجموعة من اعماله التي تمثل في جانب منها تجاربه الجديدة التي حاول فيها استعارة بعض ملامح النحت وتوظيفها كملمس في فضاء اللوحة. اشرف على تنظيم المعرض الفنان السويدي انجمار تينيرت ضمن نشاطات القاعة التي يديرها مع الفنانة مارينا تينيرت ( جاليري تينيرت) في مدينة فالشوبنك السويدية, وبالتعاون مع جماعة فن في مدينة سكارا وينتقل المعرض في ثلاث قاعات, يستمر لمدة ثلاث اسابيع في كل قاعة اعتبارا من 25-09-2007.
احمد بجاي – السويد
يدع التشكيلي عبد الكريم سعدون ألوان الاكريلك تنساب على قماشة اللوحة بدقة غير مقصودة لاستنطاق اللون وتبويبه, وتحتل اشكاله, كالعجلة والتعويذات واشياء حميمية اخرى, مساحات صغيرة او معتدلة الحجم, لتطل علينا من بين الكتل اللونية الحالمة محركة هواجس رؤية حجارة الشوارع المرصوفة بعناية في بابل او آشور او بحكايات عراقية نسترجعها يوميا.
ومن خلال عناوين اعماله المقصودة ربما يستشف المرء حضوره ووجوده ليقف طويلا امام كل لوحة او عمل نحتي يتأمل ويفكر بأشياء وذكريات قريبة وبعيدة تحت تأثير الحضور اللوني المهيمن على اعمال الفنان.
يلاحظ المتلقي في اعمال الفنان اقتراب واضح من التعبيرية المتأرجحة بين التشخيص اللاتشخيص وايظا تقنية عالية في التنفيذ حتى يخيل اليك ان الالوان تنهض من تحت بعضها, طبقات اللون الشفافة التحتية تتحرك وتتموج محاولة التحرر والظهور على سطح اللوحة.
افتتح الفنان العراقي سعدون معرضا لمجموعة من اعماله التي تمثل في جانب منها تجاربه الجديدة التي حاول فيها استعارة بعض ملامح النحت وتوظيفها كملمس في فضاء اللوحة. اشرف على تنظيم المعرض الفنان السويدي انجمار تينيرت ضمن نشاطات القاعة التي يديرها مع الفنانة مارينا تينيرت ( جاليري تينيرت) في مدينة فالشوبنك السويدية, وبالتعاون مع جماعة فن في مدينة سكارا وينتقل المعرض في ثلاث قاعات, يستمر لمدة ثلاث اسابيع في كل قاعة اعتبارا من 25-09-2007.
الأربعاء، 22 أبريل 2015
مجلة الأدب العربي المعاصر : الى رَجائي...... \ د.غالب المسعودي
مجلة الأدب العربي المعاصر : الى رَجائي...... \ د.غالب المسعودي: لك اليوم وكل يوم.... كوني حبيبتي لحظات....لحظات يمرّ العمرُ يتناهى زمنٌ يتيه وجعٌ تململ شجرُ الصبر لحظات...لحظات يمر...
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)