الثلاثاء، 25 نوفمبر 2014

الاوثان [ ليس لها ولكن ليس لاحد سواها ] -عادل كامل/ الوثن التاسع





الاوثان

[ ليس لها ولكن ليس لاحد سواها ]
  

عادل كامل/ الوثن التاسع


[1]
        وللتباهي مآخذ النوارس : فوق اليد بذرة ، والقلب بحكمة الرماد : انما أيضاً  للمدافن اقامات : خطوة اثر خطوة تنسحب الذاكرة إلى مأواها ، هكذا ، بلا اعذار ، كانت ، مثلما كانت فاتحة النار . وليس للشجرة إلا اصداء ثمار : المدن المنثلمة والخاتم الذي استدار : اين اضع احجاري وانا بلا وزار، الليل جاءنا بمفاتيحه ، مثلما كانت الوردة بلا عنوان . انما أيضاً  لوعني الفجر ولوعتني رمادات الاستذكار : أيضاً  لا مباهاة للتباهي : الاصداء راحت تكتم اصواتها ، والاعياد كفت عن الاعياد .
[2]
        ما الذي سوى ثمار مصنعة : ترف الشراشف والمخطوطات الممحوات : فمن اذاً افاق قبل الوعد ومن ذا اعطى للاشكال رموز الاشكال . هذا الساحر الدائخ بكيمياء الفجر اعطانا باب الكهف ، اعطانا سر المغادرات . وهي الصفات لا تمتحن إلا بحدود ما تقوله وما تكتمه النيات : الليل النائم فوق الوشم ، وعطور آخر المنافي . لمن هذا كله والمعادن محروسة بالمعادن ، والمدن ترقد تحت براءات الاستدراك .
        تعال يا حبيبي دشني بالخرز او برداء الماء : كل بسواه حصّن ليله ـ أعطى للنذور المفتاح ، واعطانا بعض هذا الكلام.
[3]
        وليس بينهما أكثر ما بينهما : تراتيل الغائب او ترف الحصاد . الجسد لملم شظاياه ، والموائد رفعت مناديل الاستقبال. ويا أنت يا ايها الشرق اتنكسر بالزمردات : قلبي لك يا رمل ان فقدتني او اعدتني لروح هذا الغياب . انما الروح تنهض برمادها : الميتات بالحب أكثر تندراً الميتات قبل الموت يكتبن تاريخ هذا الخطاب .
        الماء يكتم سر الماء ، الليل المباح بحدائق الرغبة ، مربعات الزنزانات الأليفة ، او قطارات المغادرات ، انما هناك أيضاً  مباهات الأغصان ، الرغبة المصنفة بالاستحالات . الغابة او الورقة او الصوت او البرق او البوق او كل هذه الإشارات: ايها المحتفل عمّ يتساءل الحشد ، أي من هذا الماشي فوق الماء ، وماذا تقول الريح في عزلتها : الأمطار جرفت استحالاتها ، والولد الذهبي توحد بطرقه .
        ثم تجد العيد يمد يده لمنفاك : نسوة مموهات ونسوة غير مموهات : تكرار يتشهى التكرار، وكأن للخاتم لذة الاستحالات، وكأن للاغصان فضاءات فوق الفضاءات .
        ثم تأخذني روحي لروحي برداء الاحتمالات .

[4]
         بماذا يتباهى رداء الاستضافة : هذه الاسرار كشفت هذه الاسرار : وهذه الجدران تلاصقت بهذه الجدران . ثم يأتي كلام من محاها ، او كلام من اعاد لها الكلام : الشائخات فوق الرغبة او المحميات بالظلال . انما لا عذر للنار إذا تشهت نارها: غابات الماء المحصنات بالفجر او بممرات الاحجار . لكن تعترض على لكن . يا ايها الثمر اكل هذا هيكل احلام .. ام كل هذا كتمان .
        ولدي يا قلب الميت عودة اليك : رفوف مدثرات باعياد العروس إذا عرست وانجبت وشاخت ثم لترابها عادت : لدى الغزال إذا احتفلت قوسها ، والمدن للنار . هي هي تأخذ بعضها ببعضها ، مثلما القلائد هي بعض بقايا ، او كأن للانتظار بعض بقايا انتظار .
[5]
        هو ذا عرس اليد فوق الماء ، الالوان المستديرة والخرز المدفونات : الساحرات اللائي استدرجن عظم الميت ، ولطخن الشفة بالقرنفل ، غسلن الوليد بالكافور : انهن استدرجن الشكوى للمثول ، ولكل هذا النثار المنقى : شق الغصن وجففت المناديل . وياللباب المضلعة والمعنى المزور ، لقرى غافية ببسط مفروشات ، فباي المرارات الفخمة تجر عربات الاعلانات ، وبأي جمال ملطخ تتبدل الاواني : انما الشمس تتعقب خطابها وفي الروح بقايا جسد ، هكذا الغرقى يبتهجون ببطاقات مزخرفة  واخرى بكل الالوان ، هكذا تبدل الثمرة بثمرة ، والجنات بقليل من الانحدار . ثم لا احد يراك بعد الدفن مثلما قبل ان تأخذك المياه إلى العرش : انما الاعياد تدور دورتها، صفحات مطوية واخرى هوامشها بيضاء . كم تفتحت في هذه الشجرة لكي تمسك بجمرة الغصن . ايتها الساعة اهذه غفلة رتبت للاستيقاظ .. ويا ايتها الساعة ، يا ذنوبي ، اما تدق فيك مطرقات .. ويا ايتها الخرائط المستعارة ، مثل الحبيبات المنسيات، اما من نسيان لهذا التوقف .الميتات يصففن شعر الغريب ، فيشتعل البيدر ، والارض تدكدك اضلاعها ، منخفضات الروح اضطربت ، وقامت قيامة القبائل ، وليس للمنتصر إلا ان يجمع رماده .
[6]
        ويغازلك العيد بالغوايات ، والزنابق بالفضاء ، والقلب لما يزل يحكي حكايات الرماد : ايتها الكواكب في النقطة انها الأيام تدق بلا اعذار ، تدق  دقاتها ، الاعوام لها لذات شيطانيات ، وشهوة الغفلة لم تبرح وثنها : ويخرج الموتى بصفاء النرجس ، ازهار تتنزه بلا اعتراضات ، يدخلون ويخرجون ، يحتفلون بالسنوات المشطوبة ، ثم تعود القوافل بالاسرار ، بفضة الرب فوق عظام السحرة انما لا مدافن في آخر الأمر ، كواكب تجمعت ثم تناثرت ، ماء مجروح فوق الشفة ، وحبيبة تزدهر فيها الفضاءات .
[7]
        لاي الثمار تبتهج الممرات : لاي الصخور تتصالح الشجرة : لأي المسافات اخترعت الحكمة ؛ هذا الطوق انغلق حتى تحررت الجمرة : وهذه الاحداق حررت نطقها حتى افاقت ذكرى . انما ليس من اسباب موازية للهدنة : تارة تأخذك المراكب لعواطفها ، وتارة تتكشف المقابر عن اغصان بيض . من يرقد في هذه الوردة سوى نذر لم ينذر .. ومن وقعّ بالختم بيانات العشاق . شاخ في النور وانا لما ازل ابحث عن كتابي : إذا ما الذي ابقى هذا العمر معلقا باهداب الحافات . الماء بعض زاد السالك ، والبحر كتاب الغاءات : يا ليلة التباهي من المدفون من الدافن ، ام اختلطت على الجرح فوهات النداء . انما من جعل للنطق انفتاحات الليالي فيما مذاق المرارة أكثر انحداراً للفجر .. وانما  أيضاً  باي المباهج او المناهج تستذكر اعراس الجدران .. او ليلة انشطار الثمرة ، أو يوم اغلق العيد فمه وفتح للمدافن هذه المسرات ، وفخامة هذا البذخ من الذبائح ؟
[8]
        من فتح للجسد شجرة الامتداد ؛ ابهذا البرق المغلق ام بخيوط العجائز المخمورات بعطور النعناع : تاه الفعل بالفاعل والاسماء بالافعال . فاي نطق الذ علينا من استدانة الكلام ، او الاستعانة بتراب الصمت . هذه الحروف جرجرتنا بلا انتهاكات، بلا معاضد غجرية ، او تسبيحات ولي من اولياء الاشجار ، او شروحات عرافات الاكباد .
        ولا اسماء للذكرى او الشرح او المحو ، لا قوانين للمماحكة او الزهو : الاصابع مع الاصابع تسليات اضاحي : وهكذا تأخذ الصفحات الوان الايجاز ، وهكذا تصبح المخطوطة المفتاح في رماد الابتهال . انما إذا كانت الاسئلة مرتبة كاهرامات مرصعات بالتستر ، والاجابات تختتم بالاجابات ، فمن ذا أعطى للدورة عماء التناسل ، وخفقان الرعشات . انما أيضاً  - يا ايها المغلوب ويا ايها الغالب – الاعراس تجرجرنا إليها : كاعياد تفتتح بسرها ، وكالارض تخلع اسماءها لاجل الاسماء .
[9]
        ولا تعرف القلائد انها قلائد ولا تنطق النفس لا بما في النفس : وانها ليست إلا تسليات ، ومنمنمات مرتبات فوق شراشف الرمال : امراء يخترعون وامراء يخترعون وامراء ما بينهما يهتفون ولا يهتفون .. فبماذا يتكلم قلب الميت وهو بالمسرات يمسك : ايتها الثمرة تعالي ندشن قلب النور :تعالي ايتها الصخرة نطرز التعويذات .. نبارك انقسامنا .. نهلهل عند بزوغ الليل ، ندفن اصابعنا نصيرها للاحفاد  مقابر ومعابر ، فهذه القرى تتآكل نشوة ، اية نشوة ، يا نشوة الابتهال؟
[10]
        وهو ذا الذي فيّ يحتفل بتماثل النطق : برماد الكف فوق القلائد ، بخرق ملفوفات تحت الزند ، وهو ذا الذي فيّ يحتفل بانفتاح الليل ، بكواكب سكرانات النطق ، وهو الذي فيّ يعلن انكساره صلح : ايتها المدافن انهضي بالاتي اليّ ثمرات مناديل ، انما انا لا اكترث للجمرة الزمردة فوق يد العرافة : هم قالوا ما لم تقل الريح ، والريح مازالت لا تكف عن النطق : فباي المودات سترثي قلب الميت والميت مازال يمسك بالغصن .

[11]
        سأتقاسم زادي مع الهواء : هذا الآتي من كوكب فيّ ، وهذا الذي يتشكل انغلاقات : عندي بخور لمن لا يدخل ، ومناديل للوداع . ساتقاسم فقري مع قارة لا وجود لها ، وساتقاسم حبي مع لا احد.

[12]
        وسأنثر نثري في الحرف المكتوم : لا أريد الاسم او المعنى : هنا الضياء صالحني ، كتم سري المنشور : وهنا حالة ما من حالات النشور .
[13]
        وهي المدن تأخذ شكل الكتب : يسقط الميت بلا اوراق ، ويتم حفل المباهج بلا سواحل ، وتأخذ الوان الشرق زينتها بالاستعارة واليد حكمتها من حرف زائد : هذه هي الاوهام تتكوم فوق الشراشف : الشاشة تعمل لاجلها ، والنسوة يعالجن فاقة النهار : ماذا لديك يا ايها الليل من ليل سوى الطارق : هذه المدن ترقد تحت وسائدها : وهذا انا اتضرع للمطر بسماع افعى ترقص فوق الحشائش ، او دابة تدب في البرية : كم تكلمت لكي لا اتكلم : يا ايها المدفون فيّ لا تنهض ، او ان شئت الرحيل انا مخطوطتك للمؤجلات .

[14]
        ها هن العرافات البلوريات ينشدن نشيد اللوعة : المتجمعون في منافي الخلاص ، المشتتون تشتيتاً حتى اكتمال العيد: وليس فيّ ما فيّ : ولا النهارات زحفت او الماء استبان قداس النار : هذه النذور بعض غفلة العاشق ، وهذه المعابد بعض اشارات الميلاد . ها هن يطفن صافيات كميت يتنـزه  في المرآة : يدرن كقلب صامت .. ولا وثن في الوثن نطق بما فيه، ولا النار كفت عن حكمتها : ايها المثوى انطق بفراغ المثوى ، الساعات النائمات يمسكن بباب البحر ، بالرمل ؛ ايتها المنقرضات من جمعكن وليس لدى شكوى او شكوك : انا قلبي خالٍ إلا من ساعات علقتها  الساعات : لا مبالاة ان قلت انا غصنك يا روحي او انا ترابك ما بين الجدران .

[15]
        ولا ينطق الناطق بنطقه ، ولا الماء بعلانية الانصهار : النار دارت ، انما الابتهال لم يكتم علانيته . يا من معي من ذا اشعلها ومن ذا قلدها زمردتها ومن ذا اعادها إلى الاوثان : هذه هي دقات الماء فوق ثمار الغيب : تيجان تمحو تيجان ، ويا عروس الحشائش  دعينا في غفلة مع النيشان : صخرة تزحزح صخرة ، وبركان يزيل بركان ، انما في السؤال ظلال سؤال ، فاين كنا مما كان ؟
[16]
        ليس لدي تذكارات مستعادة ، او طيور نائمة بين الاوراق . هنا تنحت يد الوردة [ قالوا يد الضوء ] وربما ليس للمخطوطات إلا ما ستر بالنار ، او جمّع مثلما تجمع الاسرار : لعنات . يا ايها المغادر او العائد دع المطر يطرق ما يشاء ، يتعنت او يتجمع . التداخل اضطراب فوق                الاحتمال .. والاختيارات امتثال . انما تحت الاهرامات           اصداء ،  مثلما في كل جدار نقشت يد النقاش             الكتمان . هو الليل مثل كتاب يتعالى علينا : التفاحات   اليانعات            التالفات         المسروقات         من المحنة : انما هناك         وفي المحنة            المرأة التي كفت عن الاستذكار . يا من احب ومن لم أحب ؛ هذا الهواء جريح بالجراح ، فمن اعاد للصخرة قوسها : اني اجمع واتجمع بالرفع وبالكسر وبالمد فاصير للموتى         ثمار : انما لا احد في المرمى ، الماضي  اعطانا عكازات تندر ، وبالكلام كسبنا جولات الكلام : وهو النطق وما قبله ، وهو التدوين وما بعده، مربعات تتلوها دوائر : حسابات الاحتفالات وطلسمات الغيبات ، الذين جذيتهم الرمال جذباً ، والذين اخذهم الماء اخذاً .. هم          هم           قبعات ومكعبات: وهو الكلام شغلنا ، فعم يبحث القلب وقد غادره النهار : وهل باح الماء بماذا قالت الأيام والدهر كبرق غادر عرشه : ايتها الأرض ما الانعام والابل وما السلوى : هم يبحثون عن الكنوز وانا بين الغرقى ابحث عن غريق : لكم ما عليها وبما سيأتي وبما مضى . فلا تطرقوا باب الميت .. هو           هو           ما زال لظله محاور : ايها النور انا خلصني العذاب من العذاب ، فلا تطرق ما طرقت . الفاني للفانيات ، وما انا بساءل : الوهن جرجرني إلى القوافل ، ما بعت ولا اقتنيت ولا شهدت مزادا .. لكن الهتافون هتفوا ، والملعونون لعنوا ، والمحنة ليست بيضاء : هذه هي اشكال الورقة ، بالمنديل كفنت العذراء ، وبالصلصال نخترع شكوانا احصاءات واقدار .
 


[17]
        ايها التبن او يا أنت ايها المخفى ماذا تكتم في الفصل الواحد : القلب رأى : وهن نسوة يتندرن بنوادر الرمال : بلا نهايات بلا مقدمات ، لا تكف الرواية عن استدراج  مفاتيحها : يا هواء لا تقطع شجرتي .. اترك كفي لكفي .. يا هواء افعل ذلك حتى آخر الاعياد .. انما حرُبّ حقل الورد وهدم فوانيس الدلالة .. بعثر اوراق الميت والغائب صخرتي حتى يغادرني ظلي. ثم أقول لمن احب : ماذا فعلت بنا ايها الثمر الجريح : اليد راقدة عند الباب .. وقلت : لا أقول عند اية باب .. ثم رسمت طلسمات السحرة فوق جسد الوليد .. وغادرت زماني.. بكيت عند الماء الذي كوّن منفاه : بكيت عند مفاتيح القرى .. وبكيت مثل من تغار الاحزان منه . وجاء الحقل باساوره : الاسرار تكشف اسرارها : يا قلب حبيبي لا تبحث عني فانا عندك أمانة .
[18]
        وتفككت مناديل العهد كورقة تآخت مع الهواء : إذاً في أي المواكب كان الركب : هذه عظام الفضة تجدد عهد الولاء : الشمس توارت والقمر تزخرف وتزين . فلمن يا قلب بايعت : استعود إلى شيخوخات تالفات في الفتوة ، أم تمسك بلا مبالاة الماء . انا اتحدث عن طوفانات  تسبق الطوفان ، ويا قدر الوردة أهي استعارة ام استبدال : لا شجرة نتعكز على ظلها ، لا غيمة لها رفيف الاحداق : لا اضرحة تمد يدها لسائلها . قلت الاحزان تغار من الاحزان ، وليس عندي مناديل للمناديل ، البرق جفف احزان الجراح ، والثمار اكتملت ، والفضاء باب من الابواب : ثم افاق الذي لا يعود ، غابت الموجة مع السواحل ، والميت مع الاميرات . هنا بعض المطوقات يتسترن بظل القيامة : هنا بعض الصباحات امتدت حتى آخر الحساب .
[19]
        لا يتذكر من مضى اذ الصخرة نطقت ، ولا يتذكر من يتذكر : الضوء دوّن عويل المارة ، والليل تفتح كزنبقة في الليل. ايتها القلائد من منا للآخر ذكرى ؟ - : واحدق في مرآة الغائب : دعني يا حبيبي اعثر عليك أو دعني اغادر .

[20]
        ويفك الكلام لوعته بالكلام . هو ذا غصني أخذه العابر.. وهو ذا انا فيّ الذي ذهب أقيم : ردائي الغابة ، انواري بعض خفقان الأرض . إذا لنستجمع قوى الرايات العجوزات النائمات على الرمل ، النائحات بعيدا عن الطاعة ، وخلف البرق نزخرف انحناءات الجراح : فعم تتساءل ثمرة الدفن : الحمامة لهديلها ، والسجانون للتوبة ، والصحراء للغفران . اسينطق ما فيك والقلب سكت : ايها الجسد اشهد اني لم اتفرق، انما القارات في هجرتها انعطافات جادة : الازرق بدل السواد ، الاسرة بدل المخطوطات ، وانا بدل اغراءات الاحتفال .
[21]
        ارتدى الضوء كتبه وغادر بلا اغصان : اين أنت يا عام 1947 مني : انا ولدت في شهرك التاسع ، وبالدقة في ليلة صامتة او مشطوبة ، انما ليس للذاكرة من اعذار : هنا يتكون الوهم ويتكوم أيضاً  : هذه اعياد ازلية .. نوارس وزنابق ومقابر ومفاتيح للمناديل : للبنات الخجولات وللصبية الاقل لمعانا من المباهاة : هنا يتناثر قلبي فوائد مستحيلة : الغصن آتاك فلماذا غادرت الغابة ؟
[22]
        وانغلقت الساعة ثم تفتحت : ايتها الجمهوريات ماذا قال قائلها .. وماذا كتم : قلبي شبابيك غرقى ، وروحي برقها.

[23]
        وتخرج منها مدافن للربات ، تلك هي ارزاق الهوامش ، البحر الذي غطى غرقاه  بالغرقى ، والمدافن لا تكف عن الهتاف: هات           اين غرقاكم ايها الغرقى : اين موتاكم ايها الموتى . ايها الفرات ، يانورس روحي ، اين فراتي : تلك تبكي امواج قلائدها ، والقبائل ذبحت اميرها عندك يا فرات : يا ضوء الروح لا تجعل منا سلاسل للسلاسل : انا الغصن اينما تكون يا فرات اكون .

[24]
        باح الضوء باصداء النوافذ : الاسلاك بالغة الرقة او اليد التي غادرت ماواها : ايها الصديق من دوّن عبورك لكي تمسك بالختام : ويا أنت يا مقبرة هذه عياطات النائمة بلا احلام: الأرقام المصنعة والمؤودات التائهات : توقف ايها الرقم عن التسلسل : هذه غابتي وهذه غاياتي : امرأة برداء البرد جندت ملائكة الغبار : وقد مر المار مرورا : يا لذة  الميت اكل هذا سيدون وتمحوه الأيام : انما للغرقى موجات مكتوبات ، ولي بين الحبيبات حبيبات مجهولات ، ممحوات وازليات . ولي مع نفسي فخامة ابل ، قوانين مشطوبة واغصان بلا اطراف .

[25]
        باستثناء الاشكال المنحدرة من المرارة ، ليس في روحي إلا التباسات بعيدة المدى : ذرات صاخبة الرجاء ، واحتمالات بعكازات منارة : وهوذا التطلع المكشوف للغاية ، لرداءات بلا لذة ، لثمرات مباحة الاصداء . إذا انا غير نفسي إلا في المرارات ، في  هذا الولد بلا جوازات توقف : هنا معي في الهوامش استذكارات صافية : امراة تمسك الموت وتهلهل : ايها الميتون بماذا يتسلى الميت الوحيد بين الموتى : ليس لديّ عظام سرية او ابتهالات للتندر .. انا خرت مرة ، مرات لم اعد . الجمهوريات سرقت لذة التشهي ، والتراب بايعني خلسة . ايها الجمال العذب ادر مرآة العبور : القلب من شدة توهجه بلا انوار ، والعتمة مضاءة بكلمات الغرقى .

[26]
        ولها نطق لا تنطق به : ولها ممرات لا تمر بها : هنا إذا بعض  الثمار البرية ، وبعض الاساور مهملة . هنا أنت يا ايتها الاعوام من يعيد لك فتنتك . من يعيد للجدران ملصقات الغواية . هذه روحي مع الحشد تتنزه بلا اشراقات اكوّن هذا الصمت : وبلا اشكال امسك بشكلي . وانت يا عذبة كليلة لم تتكون بعد:من اباح للثمرة ان تكتم براءة الفجر. ايها المغادر او انما ايها العائد هذه هي الضوضاء ، هذا هو النهار بكل عباءات الليل : ويا ايتها العذراء هل من احفاد لجني الرطب . ويا ايها الميت لماذا مت وانت لم تمت : ايتها الاعوام من منا تشهى خيط الفجر . من منا اضاع رماده .
[27]
        اخذني مني اليّ واقام حتى اكتملت  الاعوام : هذا الذي كوّن الاشكال ، الغائب في الرماد . ايتها الاثقال اين أنت من بريتي ، او ربما لا خلاف على الميلاد . ايها الجسد الوثني ماذا تريد مني : ما انا لك بالوردة : ما انا لك بالوعد . انما أيضاً  لي مسرات الموت وبعض انتشاءات العامة . ياخوف من منا أكثر صحواً . انا اخذني الموت أمانة . لا كنوز معي ولا خسرانات . قلبي جمّع الفصول وترك الأرض تزلزل زلزالها : يا اعوام ما قبل وما بعد الغياب من افاق ليدوّن ، من غادر ليكون ، من جاء بالشكوى ليكف عن الاستئناف : هذا القلب لا يتباهى بجفات شائخات ، هذا النائم تحت الغيمة أخذته الأيام وغاب .
[28]
        إذا اين زمردتي يا زمردات .. اين ثمرتي يا غابة . اين من اضاء ومن انار .. اين فتوة الراية اين صخب الاحزان .. وهنا جدار يستدل بجدار .
[29]
        وافاقت ، يا ايتها الميتة هذا رداء العيد : الخاتم الذي اكله الذئب ، والمدن النائحة تحت الاصابع : اين القلائد اين الصائغ واين ما بينهما : روحي دكدكتها الأرض ، وعظامي للغرقى مسرات . تعالي إذا لنعلن بدء المواسم ، أو تعالي لنختتم اعالي الاعياد . الأيام المرة تجمعت في الكف زمردات وتفرقت صفحات فارغات .
[30]
        كُفّن سواد الغيمة بنعناع الفرات ، وعند الاعالي دفنتُ نفسي : هذه هي النوارس افاقت طابوقات معابد . وهذا هو ظلي فوق الجدران اعلانات وفرة : ايتها الغائبة هنا معي تعالي . نفتح اشارات السكينة :  انتِ المنفى يا ايتها الأيام رتبي لنا الاقامات او الاستقامات . انما أيضاً  يا ايتها الثمار فيك ممرات الجنة . كلما اقتربنا من الاغصان غابت الغابة . وبمثل نداء الغائب انفتحت الباب : التائهون بزمرداتهم يعيدون صياغة المنافذ . والشبابيك تنغلق على الشبابيك . يا مرشدي ارشدني لمتاهة الانوار ، لا تعلمني انما للطرق دعني اسلك . يا ايتها الوردة ويا ايتها المقابر المنابر انا ما بايعنا إلا ما بايعنا .. وكل ما فيها شذر ، واغصان رياحين : لاهية بالنائية لا هي بوريد القلب. والكلام يتعقب الكلام . يا نفسي لمن هذه المواكب ، ولمن هذه الكواكب ؟ وانا راية تالفة بين الرايات : لك الأرض ولي الفضاء ، انما ماذا بينهما؟ ايها العابرون ما انا بعابر ، هذه هي الاوزار اتنـزه بها ، وهذه هي الاثام بعض ثمار الجنة . لا تشاء ما تشاء ، ولا الغائب بغائب: تدكدكت الأرض ، هذا هو قلبي بعض اخطاء يا ايتها المرآة ماذا تفعلين بما ارى ، ومن منا رأى : المارون بعكازات التاج لا يتباهون بالملك او  الملكة : انما بعض الافراح لوعة ، وبعض المقابر مسرات .

[31]
        باي غصن تتباهى والغابة رماد : لا اهرامات لا زقورات لا ليس إلا الفرات : وماذا بينهما ؟ انكسرت ولا أقول تفرقت ، هذه هي روحي ، خذ ما شئت من الكلمات المموهات ، خذ ما شئت إلا هذه الكلمات . ايها المعنى هل لديك اضافة .. الحروف استبقتني ، وهذا  هو احتمال الاحتفالات . خذ اوثاني الىّ وغادرني ، هذا انا للفضاء انتساب: جمرة فوق جمرة ادون محو البوارج ، وبالمطارق ازين حافات التراب : عروسي غابت وبريتي انشطار ، ثم اختلط الليل بالليل وكلاهما بانتصاف النهار . وما كسبوا وما كسبت إلا انثلامات نوايا . فهات ، انا واعيادي تساوت لدينا الممرات . حبيبي فتح لي الغصن قلائد ، وانا له كنت بعض رماد . فمن ذا يخلصني مني يعيد صياغة الخاتم او لا يؤجل عيد الاعياد . هذا موتي بعض وعود غريق ، وهذا غرقي بعض نجاة .

[32]
        الغصن فارق غابته ، لغابته ، وانا ثمرتي اخذتني إليها متاهات : ايها الصوت كيف يتشكل النائم ، قال قلبي لا تغادر. يا حبيبي تعال فكك هواء عظامي : الفصل لم يبدأ     بعد ، تعال بالنسيان . انما الميت كتم خفاياه ، كملوك اشعلوها واطفأوها . يا روح كم مرة مرت عليك الارواح ،     والاعداد ، والاعياد ، وانت غائبة ما بين الاحياء       والاموات . ها انذا كقتيل يتنزه في غابة ، وكوراق يمحو   الاسماء .


[33]
        ولا تكتم النار فضائلها ، ولا الوردة فضائحها : الخلجان توارت ، القوافل تناثرت ، والغرقى عند السواحل يتبادلون القارات : ها انذا انثر اضواء حدائقي ، واجمع عظامي زمردات وكلمات . ايتها المعادن ما بكِ من خفايا ، وانت يا ايتها المرأة اسرك تراب : لا افراح لافراحي ولا انا بحزين للاحزان ، لا احزان لافراحي ان زالت ، ولا افرح ان مكثت الاحزان : سيدور الماء دورته ، فيأتي الراحل بالاعذار ، وستدور النار دورتها ، فيأتي القاتل بالاقدار ، ويدور الهواء دورته ، فتأتي المرأة بالاخبار ، ويدور التراب دورته ، فيأتي الكهنة بالاسرار ، وستدور الروح دورتها ، يومئذ ستزول جميع هذه الاوثان .
[34]
        ليس للمطرقة هجرة ابعد انارة من برق : من طرق الباب ، من اعاد للخاتم استذكارات الدورة ؛ وما بين الأرض والنوافذ فواصل مزركشات :  احتفالات بعمر الفضاء : لا يا غصني لم اتردد أكثر من خطوة . الغفلة اخذتنا بالشوق ، والموت بساط أخضر ، بكل الالوان وبلا لون . وكأن اليوم الاخير من الطوفان هو الأول ؛ نشوة مدثرة بالرفيف واللوعة . إذا لا تقاسمني ما اخذت قاسمني المسافة : ما بين الدرويش والرماد ، وما بين الدرويش والرماد ، وما بيني وبيني : وتلك هي الصباحات ذات الغواية : المدن الشائخات باعذار النذور ، والجسد الملعون عند الحاجة . الم يكن الذي خرج الينا جميلاً فضاع : ذهبنا إليه دون ذهاب . وكنا نجمع المساءات التالفات، نلملم اكفنا بيارق :  ثم كانت النار تحكي انطفاءات النار : والفعلة اخذت قبائلها إلى البرية ، محت السارية وشيدت للابواب ظلال . يا نفس اين عرشك بين العروش ، هذا نعشك حدائق ووعود . ويسلك السالك الاقدار . وكل طارق بمطرقته انحدار ، فعّم تبحث ، وقد غادرتك الاقمار .

[35]
        لنجّمع إذا بقايا البذور ، الخوذ المعدة للمسالك ، والثمار المعدة للاحتفال ، من ثم من الجذر إلى الجذر نغادر . الم تك البيادر قلائد مؤجلات . ايها الجدار كلانا حل محل ظله ، والارض اشتبكت ، واليد هتفت بقلب ميتها : يا أنت يا ايتها المرضعة اما نطق الجذع . وانت ايها البندول اما تتمهل لاستقبال الزائر . ثم تدور في سكونها ، في صمتها ندوّن حكايات الماء ، يا نائحة عند شجرة الريح ، أكانت النار بوابة للعرش : للزقورات المنثلمات إلا لتعلن الصخور بسكرها انها ما افاقت ، انما هو الانجذاب بعض مودة وبعض متاهات .

[36]
        ولا يكف السؤال عن اختراع الفعل : مكورة هي النوافذ، ومباهاة موتى هي الاعياد . يا من احبها لعبثها قلبي ما كان ذلك بعبثٍ او سوء افعال ، وما كان للرايات ان تأخذ شكل المناديل ، وما كانت القبائل بيارق حرب . انما للميت قبل الميلاد حكمته ، وللخرق مكائد وكرامات . فبماذا تبشر وانت للايام بنافٍ ، وما أنت بنافٍ رضاك او بلواك ، انما البذرة اعلنت باطلها، وشيخوخة الميت افاقت عن طلع في الرماد . إلا ايتها الأيام من يحكي ولمن يكرر هذا المحو هذه الحكايات . فتنغلق الشفة في عام عرسها ثم تفيق استغاثات : كل هذه المعادن تعاركت والغابة في غفلة ، كالارض ، احصت واضاعت اسباب المودات . وما كان لاحد ادلة ،انما كنا نجمع سهونا ، فيما الرماد دار ، والنار انطفأت موائد ، فابرق البرق هذا الكلام .
[37]
        لم تكن بينهما اصداء او مسافات : هي الروح خلعت رداء الأرض بلا اعذار . وهي عادت تصطحب افراح الاشجار: الامواج لا تبحث عن متاهات او انوار . هي مثلما ما بينهما ومضة طوقها الوهن ، فلم لا تصطحب عيدك معابد ، وسلواك غفوة حدائق . يا روحي لا يغرنك هذا الراوي ، فالوردة التبست عليها المدارج ، والنوارس ليست بيضاء كدخان .
        وايهما توحد ايهما يا نور ويا ظلام : الرطب الذي تساقط نساه الرضيع ، والرعية باعت هدايا الميت . ايتها المزادات أي الرجال وانما أي النساء  اقل جدوى عند البيع : تلك قلائد الأرض باهضة الثمن ، وتلك اصابع خطت اثارها  فوق العناصر : يا ايتها الاناشيد اما من كتاب نتلوه بلا عقاب . وانت يا ايتها الاثام من خدش نعمتك ، الاقوام يتبادلون اسراهم ، ومنادٍ ما في الاسواق يكبرّ ان الاسماء اخترعت افعالها وانها لفي نعيم . ويا ايتها اللعوب اما ترين ان الأرض تدكدكت وبندول الساعة في يقين : وانت ايها الماسك صمت الماء اما جاءك نبأ الزلزال وعام الفيل .
        اضطربت الأيام وما كف المنادي ينادي باثمان الساعة والايام وما كف المنادي ينادي باثمان الساعة والايام القمرية : الأرض فصخت والصفصاف في المتحف : الجبل بسعر غريق ،  ومد البحر تراجع ململماً الاوزار : يقولون هذه هي طبائعها ، هذا تاجها رقاص يدير دفة السفين . وهذه هي مثلما  كانت انما اختلطت الابصار ، والموتى اختلطوا بالميتين . فمن ذا امسك بالعلة . يا قلائد عودي إلى طالبك ، وما كان للنجمة ان تنشق، يكفيني فرحي تجولات ، ويكفي المعبد ان الريح دوّنت آثار العابرين .
[38]
        ويأخذون من الماء بصمات مطويات وصفحات ، ويأخذون من النار تالفات المخطوطات . هو ذا الرماد إذا لا يدخل باستئذان او يخرج بعذر . وتغادر وقد غادرت وكأنها ستغادر : يالوعة المرضعة تحت يباب السماء ، الأرض انقفلت بالبوح ، والجدران بالاعراس اوصدت . وهل تنغلق اليد والروح شراع : مزهريات مؤنثات واسرة مذكرة للمزادات اعدت . فعم يتساءلون والدورة دارت ، والدائر للاستئذانات كثير . اجلسي نوحي عند شبابيك من تاه ، ذلك الظل بلا مصباح ، وانوار القلب اشتبكت : محت الريح الأيام والارقام انحنت وبهما اكتمل العيد : هو الاتي أتانا بالاضداد ، بنياشين مزركشات ، بغرقى يتطهرون من الماء ، بكهنة وعبيد وشهداء ، وامراء ويا ليتك يا كلام توقفت عند نقطة : عند برق ابرق بالبخور ، او عند حرف تشابكت فيه مآخذ الصفات  لا يريد من اراد لها إلا ان تكون مرضعة لرمادٍ . ايتها المحتفلة بضمور الغصن اباح الليل بنجومه هذه المداخل : اغنيات لترف الغريق، وهلاهل لعكازات منحنية . ويا ليتها النقطة اعطت ما اخذت : والكلام اكتفى بالكلام .

[39]
        شكل الثمرة ، هو شكل المراثي المعدة للاستقبال : ها نحن إذا اجتزنا بوابة القفل ، ليس من نداء  آخر للخروج ، جميع القبائل هي هي مثلما الكواكب في جرة : لا موجة ابهى من مناديل مهداة لزنابق مكتملة  العدة ، كميت جميل يتنزه بعيداً عن اندثارات الاصوات  . بيضاء وذات راية براقة ، العجائز  بعكازاتهن يشخطن  الشخطات الاثريات ، مثلما المهرجانات تختتم بجوائز او نياشين ، تستدرك صمتها الفخم : ثراء وزخرفات وعقود من اجل لا احد . هكذا ياخذ الترف لا معناه المجروح ، كتاج ومثل الموتى يتنزهون متفرقين . ومثلما ابدا لن نرى الشمس إلا برهة لا برهان عليها إلا شيخوختها الباذخة : هذا الذهب او مصابيح التوهج : المنثلم وهو يحصد الرغبات ، القطارات بفاكهة مصنعة ، والاقمار تتنـزه تجرجر عربات  المتهتكات قداسة . إذا هذا ليس بالامر الاخير : ثمة مطارق للمسافات المتبقية بين الاصوات : هكذا يأخذ البرق شكل الخاتم ، هذا الابدي حتى نخاع القاع . يا نسوة التراب متى بدلت البيادر بالبيادر ، ومتى صار الكلام  حفنة خبز لمارة ، او للطين . ايتها المدافن لنـزح الاشكال ، هودج العرس وضياع الخرز  بين حبات الرمل ، نزح الباب عن الابواب ولنعالج الخيمة ، ويا ايتها التي رغبت بالصلصال أما آن لك العودة. وليس للعين إلا هذا الجمر ، تشتعل برماد الضوضاء ، وتدفن في الاحداق . وكغزال  من لبن الانعام ، تضع المرضعة رضيعاً مبهماً . ويكتب الكاتب استحالات مدد الحروف : تلك التي اعطت للفضاء نذور الاسرة ، ومباهج القبر ، وتلك التي بدلت موتاها بموتى ، بصياغة الجمع فيما ترتفع اثمان الدخان ، اعلانات لشمس دكت نواتها دكا ، كأن الجراحات مصادفات، هي الأخرى ، ثانية ليعقبها اعتراف : ليس الرضا هو الوعد وليس هو ما جئنا نشيده : يا ايتها الشائخة اين الغصن الذي دار بالكلام ، ام الأساور بعض افعالٍ مستعادة . ولقد وضعت عند الينابيع ميتي كراية اطوف بها الجنات .

[40]
        ادن مني يا ايها الجبل ففي نفسي شكوى : تلك هي يد الاستئذان بالمتاهة : ادن مني يا ايها الجبل ففي نفسي لوعة  : فلا استدار الخاتم ولا المتاهة استقامت ؛ وفي الروح بعض محوها. فمن ذا يتباهى بثمار كسولات المنبت . هذه المدن انشطرت وهذه المعادن باحت بكتمانها ؟  فمن ذا احُجب او احتجب : الفصول طوت ساعاتها ، والنسوة المرقمات المخذولات غادرهن الطلق ، والمرضعات اللائي وضعن طردن من الرمال : اين تكتمل البذرة : من ذا سيدشن الغصن . ومن الهجرة إلى الهجرة تطوى الذكرى ؛ وفوق اليد ممالك اصابها الكبر واخرى بالغيوم توحدت . يا من نطقت ايامه بالغرقى اما اكتملت النذور .. الينابيع تأخذ شكل الشمس والمخطوطات التالفات يزحفن تحت المخادع .. والموتى يتبادلون هدايا العيد ..
        ادن مني يا ايها الجبل فالقلب تزعزع ، والرؤيا بالامال استعارت عكازات المدافن .. فما من جبل اوهى من جبل .. وتمر الأيام بالايام تاركة  فوق الابهام ندوب الغفلة .. ويا جبل لا تعص اوامر من رفعك ، وانت من رست عنده الفلك ، لا سواك إلا سواك ، ترك الرواسي .. وانت يا سنوات مشطوبات او مدونات ماذا بعد الباب ؟
                           فتح الجرح لنا ضوضاء الوعد  ، ثم شط العابد في الذكر ، وتبادل الموتى غنائم  العبور . ثم بماذا تنطق يا من نطقت .. وبماذا ينطق من لم ينطق : اخذتنا مناديل النسيان : مكعبات رتبت واخرى فوق الجلد نقشت : كل يحمل عيده .. السياط تتلوها سياط .. وانت يا قاع المدافن اما لك من شكل مستعار . يا آخر المدى هو ذا البدء .. في كل ورقة براعم ابنوسية .. نسوة مطوقات بالتندر .. يرحن ويجئن طليقات النوافذ ..انما الوهن هو بعض عافية .. وللجبل كما للغفران اطراف حكايات منثلمة .. فمن ذا  بقواه  امتلك لا مبالاة السكن .
[41]
        لانطفاء الجمر ، لنهاية المواسم ، لهما اشتاقت روحي : أي .. ماذا تبقى يا ظل  بنورك : المطوقة غادرت الطوق .. وباعة الغيوم في التلفازات يبتكرون الودائع . هذه الديار كشطت فظهر الغائب .. والنبع ستر بسحر الساحرات .. فباي الجبلين تستقيم ونقيم . الولد صار فخامة ،  والبحر اعتذار الممرات : لا تقلق وردة مضطربة بالنشوة ، جسدها غصن تالف وذاكرتها امطار . فلأن الاوثان  تنذر نذرك ، الهواء تشقق والارض تصدعت ، وماء القلب انحنى . يا برية أأصابك الكبر ويا كلمات أأصابك الوهن . يا تفاحتي بين التفاحات اضاعتني الماء ، الغيوم تاهت بالاصابع : وها انذا ابكي عند المنابع مالك من اضل  ومن استدل . فيا بيارق انا صرت فضاء ، ادور دورتي .. وها هو خاتمي ضاع بين الخواتم . ويا محنة  جمعي من لم يته ومن استقام : فعّم تجادل وما قدر قدر في المكان او خارج الزمان: دعك من ابهات التسامح ، الياقوت جرجرات .. والموت زنابق إلى حين .. فاغلق كلامك بثبوت النقطة ، اصداء مطهرات والاصوات اضاحي . دعك لا يغرنك  انها اتسعت او بالغفران وعدت . انها كما  الدهر ارتدت غايتها ، دعك ودعها فبعض المربعات  دوائر .

[42]
        هو ذا الثمر يأخذ شكل النداء ، ليس من احزان تضاف او تغادر : أمير الاشجار طاف بالماء ، واميرات المناديل عقدن الاسفار . ايتها المنفرطات ، يا عهود الرايات ، هذه هي مباهج التخفي : احصاءات العكازات المضاءة ، سواها ، إذا ، يماثل جمع جموع منكسرات الخاطر . اين أنت يا من في ظلك اقمنا اسفار التريث : اخذتنا شرعية الاخطاء ، وجمعنا اشجاننا حسابات للمغادرات . تعال نفتح اسرار الفعل . او لا ترى انا ندون فوق المحو خطايا الاعمال . والروح ساكنة ، كسماء معلقة بخيط الرجاءات . الباب انغلقت وهذا اقصى ما في الاتساع .

[43]
        اية اصابع مؤجلة كونت هذه الاعراف : الجدران الناطقة بصمتها ، والعيد الآخذ بالتآكل : اية مياه للذكرى تتموج فوق الرايات : ايتها السماء لم الظلال زرقة نائمة . لم تعد للكهف إلا ممرات مموهات وخواطر بالاسود مزجت . فيا نفس عمّ هذه المطالب ، وعّم هذا السؤال . الاعالي بيضاء ثملة بكل الفخامات . الانهار تآزرت بشظاياها . يا ايها الآتي من الغصن لا احجب ما حجب عليك : هنا كوخ الرمل  تكور مستقيمات ؛ والطوفانات ليس الاكابر  للحفظ : مفاتيح المرأة ليست وردة مستعادة ، ولا جرح الأرض مثال للمواسم : ايها الغرباء من دلكم  على عويل الظل ، او نبض الغريق ، لكي يقشر القلب كأن السماء كشطت فابيضت الروح .

[44]
        اقم معي هيكل الدفن إذا ، لك ولي ، كأعياد مخلوطات  الرجاء ، او كتماثل مستعاد للماء والوعد : إذا يا ايتها المزارع البديلة هل من اخطاء انصع برقاً من الاستئذان ، ام لابد من دوي يدوي في الكلمات : أي دوار جرجرنا إلى الصفحات ، معدن القبائل ودخان المنخفضات . ثم ترجع المرضعة إلى مثواها: هو اذ عرس ملكتي يتوج بالنار وبالاخطاء ، انما ماذا  قال رماد الجسد قبيل  نشوء الضوء . يا طوفانات  كفي عن الباب، المطرقة حزينة كوليد سيولد فوق  الماء ، والخارج كالداخل فبهما انطفأت وتوقدت الاصداء : هي ذي الابل الأولى ، وذاك هو اليم القديم : اشلاء موزعة كنبوءات العرافات           ومثل الكتب التي كتبت عن الامطار ، هذه القارات اجتمعت وتجمعت نثار . يا كتاب العمر انغلق باتساع  الباب ،          الم تك               هي              باطلة تلك الافراح ، والايام معطوبات المفاتيح .. الم تك يا وجهي الشكل المناسب للغوايات . تباً للذي افاق في محنة الطريق : لا اليد للجسد ولا القلب للفضاءات : العابرون وزعوا قسائم الغياب ، اخذوا ما تركوا ، ولم يستقم المعنى  بالكلام . هذه شتات الانعام وهذا هو الرطب المر ، ايتها القارات وانت ايتها الروح الرميم عم يتساءل آخر الاوصياء . وما هي بحكاية تروى . او خطابات للتدوين ، ما هي قلائد عرس وما هي للميت نياشين دفوف : هي انقسامات مخلوعات والاسطورة ضلع مكسور : جمهوريات للفكاهة ، وامراء للتمثيل.. وهو القول يحك جلدة بالاقوال فيخرج المعنى بعكازات وتخرج الانوار تبحث عن سبيل . فهو كان قول كبيرهم باحسن من نطق  الاشجار . لا تدن مني فناري  في فخاخها والمخاض عسير ، انما أيضاً  تعال خذني اليك، فما ولدت الأرض إلا هذا المستحيل .
[45]
        أي هذا المر كثقل ارقام  مقوسة : أي هذا الجميل كميت: من  بايع الرمل من نكث بالاشجار : يا خاتم المصادفات ، ويا عروس الغيب ، اسقط نجمنا ام توارى  القمر: هو ذا الدخان ياخذنا  جنرالات للذكرى ، المكعب  ما مال وان الأرض به صارت منحدر : هذه هي الهجرات ، وهذه هي القارات ، وها هم عشاق السفر : الهالكون يسبحون بمجد النار، والناجون يلملمون بقايا الوثن .

[46]
 هو ذا النذر ، مرة اثر مرة ، ينذر: تارة للبرق وتارة للطوفان . والقلب لا يعيد بالمطرزات ولا القيد بمخطوطات النسيان .
[47]
        تاه التائه حتى افاق . هكذا – لكَ – يا رماد ابوح : هذا صوتي اساور .. وهذا صداه تراب : الروح استدلت بخاتمها، يا روح من ادلك عليّ ، ومن للدم غفر باب المحجبات . خذوا العرش رهينة قالت وقلت هذا العرش آفاق . ثم تكدرت فصولها والدهر كان للبروج مبين . ايتها المرة كفجر فوق ورقة تعالي من الرمال تعالي لدينا الاعراس نور . هذه يد الخطيئة تاج والاصابع فوق الأرض اشارات تعالي بالمحنة  وغادرينا بالممتحنات : هذا النعيم بعض تسليات ، وهذا العمر بعض اقامات مؤجلات .
[48]
        من ذا يتكلم إلى هذا الحجر .. اية ظلمة ضمتنا ببرقها : فيّ قلب يتزعزع .. وفيّ آثام ابنوسية ، ايقونات واجراس .. غابات  بمحاذاة  الشباك ويد تتجول بقفزات الموتى .. ولا احد بجوار احد : يا روحي ماذا حدث للاخطاء لكي ادب دبيب الواقف ، هذه هي الاقامة ، آه .. وأية اقامة .. ملكتي صفصافة غادرتها النهارات ، ولا احد بجوار احد كلانا فقد نوايا النطق ، والفم البلوري اقل اثارة : إذا ما الذي نفعله بهذه الاشجار ، بالباب وقد اكتمل النطق . يا روحي تجولي قليلا ، ازرعي الكلمات في العرس الاسود ، لحظات اثر لحظات ، ليكون احدنا بجوار احدنا .. أو كلانا نكون صرنا  دخان ينابيع فراغة إلا من مدن مندثرة ، هذه هي اجزاء الساعة ، وهو ذا الخاتم بفم الافعى يدور دورته . فمن ذا إذا تكلم كل هذا الكلام يقول كلام.

[49]
        ليس أكثر من شجرة بلون المناديل ، منحدرة من الريح إلى الريح .. ثم هكذا لا تاخذ المدينة شيخوختها مأخذ الجد ، وتورق ثمارها .. الضيوف يزيحون الضيوف . والسماء في المنفى مقفلة بالتراب . ثم تهب من لدن الروح عاصفة لتورق ذكراها طوفانات قصيرة الاجل ، وصمت بطبقات . يا أنت شيد سد العفة . الروح ، الريح ، الريحان ، ابعد فابعد ، كلمات . ايتها المخطوطة ساخرج منك ، من المتن إلى المتن ، ومن الهامش إلى الهامش . خالٍ من كنـز الربح او المباهاة . سادخل وردة وانغلق  معها فضاء . ايضاً ، ايها الكتاب ، هذه غواية ، فعم تفتش وقد جرحنا العيد ، مرة اثر مرة . لمطرزات الاضاحي المختومة بالاغصان . هم موتى ونحن موتى ، انما أيضاً  ، لا الشجرة ولا النار ولا الساعات العانسات ، إلا كلمات ، كلمات مجروحات  واخرى غافيات . كلمات رماد واخرى مطرودات من الكلمات.
[50]
        باي نذر توفي النذور : يا شجرة انشطري عودي إلى بذرتك ، ويا برية لنتآخى مع من عظامه رميم . فالمبصر لا يبصر وان رأى ، ولا البحر بناجٍ من الغائبين . انما يا فجر لم الفتنة ، روحي اتعبها كوكبها ، وفتنة الانوار محنة .  لملموني انا تلملمت، فالاعداد لا تصير اعداداً إلا بالنقصان : هذه مملكتي بعض انعام موزعة ، فهل يكتمل العدد بالعدد : تلك الامطار شيدت منازلها طبقات ، وتلك المدن تدثرت بالمندثرات . وفتح بالرمل الجرح ، فعبر التائه والضال ، فما كان للعتمة مأوى ، ولا للدخان . وهنت فيّ آمالي ووهنت فيّ الاقدار .. فعم اشطب الحرف الذي انا سكونه ، وعم الغضب وانا انثلام . ايها الرأي لا تقلب المعنى قلباً ، خذ المفاتيح خذ الباب وخذ من فيها فانا عندك حفلة  آثام .

[51]
        ليس للاستئذان باب : التراب تكور مرة فافاق نافذة بلون الفراغ : هي الرمال تماماً ، مثلما الفلك كقداس  عبور . انظر إلى مثلثات الرغبة ، او انثلامات الثمار . ليس أكثر او اقل من مسافة للمطارق ، او فواصل كلام . حسنا اين أنت يا صخرة والفجر مدافن . ضوء مرتب مع الخرز الصفر وبياض المنمنمات . هذه هي المدينة مكدسة في زنبقة ، إذا مثلما قط لم يحدث إلا التواء ، تحدث للمخطوطة اعياد . ثم يستحيل القفل مفاتيح .. فباي بوق قدت الاشجار ثم اضفت الاقدار . بالعنصر الخامس  او بكفن الزمردات : يا لوعة كواكب بالنار افاقت ، وللنار افاضت ، تعالي امنحي التراب بعض التسويات.

[52]
        انا ام الخاتم ، التراب ام النار ، الماء ام الصمت ، تعويذة تنطق بقلب الميت : تلقي ، اذن ، الرغبات بمعزل عن الأضداد . هكذا ، اذن تنحدر  الممرات إلى الممرات . تولد الوردة من رحم الكوكب . وتولد الكلمات من فم الغريق  .

[53]
        مطوقة روحي كتراب سيغدو حمامة . مطوقة روحي كنار ستصير دخان . مطوقة روحي كماء سيصير قرنفلة . مطوقة روحي كهواء سيغدو رماد . ومطوقة روحبي بروحي المطوقة ، افستكون كأنها بلا اطواق . وكلمتني الوردة في اليوم الاخير إلا يفزعنك فرحك او الغياب ، تلك قبل ان تكون كانت ، وبعد ان تغيب تكون . مودات مرتبات عند صائغها ، فجمع حطام سفنك ولا تغادر ، ثم جمع حطب الأيام واقم كأنك بلا مكان .

[54]
        ليست هي تذكارات او مناديل او منمنمات كلام : وليست هي المفتاح الذي دار في الرمل : انما هي هنا ، ليس بين الظل والظل ، هي في اليد كالوعد ، انما لا يمكن ان تكون كذلك قط : القرى تحمل اوزارها اميرات متوجات ، سماحات عائمة واخرى تتكون انتشاءات : ايها الفعل يا صنو معادن مجروحة او اعياد مستثنات مر الفاعل يجرجر نوارس افعاله ، والملكة اعادت مواسم النسيان  ايها النور افعلت هذا اسوة بحكايات الغرقى ، بشرت بالعيد وختمت على الخاتم بخيط الحكاية . انما ليس الأمر كذلك ، فبعض الموت نعيم ، وبعض البعث غفلة . وهي ليست كذلك قط . ويا طارق اطرق فالمسافة  مطرقة .. ها هي العروس تلملم احفادها لا مبالاة وصايا أيضاً  : اليوم الأخير اكتمل .. وانت تقول يا عادل لا تكثر من شكواك .. هي لا تعرف باسمائها او افعالها ـــ تارة اخذك الليل واحيانا تجلس كأنها هي كالظل… وياتي بها من عرفها او اخبرها .. هي هذا لا ترى ولا تمسك ، انما هي تذكارات ومناديل وقلب كسير .

[55]
        جميل حتى اني اليك اضعت مسلكي .. وجميل أنت حتى انك لا احد . لست انا الذي يرى ، ولست أنت الذي يُرى . هكذا قال قلبي وانا في البستان . أنت مستحيل كفضاء وانا عابر بعكاز مضطرب . وليس بيننا فصل او فواصل او فصول ، فالسواحل مدن مندثرة ، وانا دليل لخفقانات مرة . كم مرة امسكت بوردة وتهت .. انما ظلك اخذ مني بصري . اضعتني  ثم ها انا اليك استبدل حمامة مطوقة بقوس  غريق بفلك يجدد المبايعات ، ورماد جسد اليك بالمتاهات استعان .

[56]
        جلست افند كل ما علق بي منها : الغيوم لتطرد  خراج المائدة ، والنار إلى المحرقة . والقبائل حيث عتبة البيت . جلست ازين عروسي بمكحلة الفضة . جلست انظم مسيرات نحو الاقاليم وفتوحات وهمية .. هذه لك ، ولك الابنوس  والارائك وما صاغت بيد الصائغ . ها انا ارتب هجرة  لا ريب فيها ، من العدمين إلى الرافدين ، ومن الصحراء إلى المنجمدات، من الالوان إلى بيت شيخوخات دار اللعنة ، من الخاتم إلى الحمامة ، من طائرات منخفضة الصوت إلى الغابة . جلست اشطب وأدون ، هذه هي كعرش تخترع فتنتها ، ملعون وملعونة بلا اعذار ، وما هي إلا مشاهد طرق ، ومسالك منحنية ، واخرى وداعات أيضاً  . جلست ارسم غرقاي ببيانات غير موثقة ، فتنة كل واحدة منهن قبل طلوع الفجر حتى آخر ايام العزاء . أنت جميلة حتى اني غدوت ارى الرطب يتكلم . والماء يدب نحونا بلا فكاهات . ارمي اثقالي بنثر  غير ملتبس ، لا أنت لي ولا خاتمي لك . والغائب ليس لاحد . جلست اقلب صفحات السفر ، ما لا نهاية  واعداد مضافة للبساتين ، لا انا لاحد ، ولا أنت لي فكلانا زورق نصف مدجج بالهواء .. ثم جلست استعير قلائدك وياقوتك واساورك كأنك تخطفين ما سيدون ، وتضعين الشراشف حيث آثامي حيث انا تقواي سبقتني للطاعة .. جميلة فتجعلين الميت ينهض ، جميلة كثمرة مرة  وجلست غير آبة بالباطل .. البيانات الضالة يتتبعها مريد حائر.. وامير متقن الصياغة . ثم يقولون لي غادرها ، فكل من مسها غاب .. وانا غبت لاني كنت ساكونها : جميلة كمدفن كاذب لا شكل لها واسرارها هي كل الأيام .. ها اني اتخلى عن طلي ، عن طاعة هيكل الماء ، وموقد حرق اللذات ، واغراءات باب الفتنة .. ها اني اترك الطاعة تأخذ شكل الاثير ، او فوق الاعداد ..اهاجر كمسافر عثر على المتاهة ، لا انظر بشوق للذي أخذ كل ما ترك ، ولا انوح عند الذي ترك كل  اصطحب معه إلى منفاه . جلست بلا حبيب اعلن زفافي وانا خالٍ من الالواح ، لا اتباع لي ، ولا اتوجه إلى احد حتى اني آثرت لا احد على أحد . فقط هي جميلة والعرش من حولها خرائب . ملوك واغصان ، مداخن وحرائق ، وكهف يأخذني إليه عند الشدائد .
[57]
        ينغلق الفم مثلما التراب يجهل تحولاته : فم الملك وزمردات الماء وقلائد الولهان . ليس من ظل إلا ويد النقاش محت نوره . الكلام مظلة عتمة . إلى لا احد يذهب لا أحد . يا روحي تنزهي في الحقل ، بلا لوعة افرحي بالغائب وافرحي بالتائهين .
[58]
        منحني الغصن اكتماله ثم افاق . انما البستان طوقتني بالفضاء . هكذا الهواء يتنزه مع العاشق : يا ماره من اضاع غرقاه ليعثر عليّ .. هذا الرماد الاليف ولا احد يرى الاشكال عندما تزدهر الكواكب . هذا البرق المتآخي مع الصمت المترنح. بينما الاسمال مشرعة لمن اغلق الباب ودخلت الروح مرتجفة باطيافها  وكأنها هي روح  الارواح نقشت فوق خاتمها ما صنعته العواصف . نسيان الواحٍ ليست للحفظ او التلف . هكذا يتلاشى بصري قدام معبد الرمل ، ثم بصمت الرايات تقرع اناشيد لا أحد : هكذا الابواب تنغلق لا خطف ثمرتي .. بل احياناً امسك بنجمة او بحر بفلك مفككة . ثم يقولون لي ما تقول فاقول لست بداخل هذا البستان ولا بخارج ، لست لها ولكن لست لاحد سواها : الأيام وهذه الساعات اليانعات وما سيحفظ يالقوارير : اني لها كأني لم أذق الرطب قط ، ولكأنما الوداع بعض اشكال الهيبة . يا محيا العاشق لست ببصير او مبصر ، فكلاهما لوعة ماء ، واحزان وردة ، ايها البستان لقد اينعت حتى لم اعد اراك ، سأسبق الفصول ذات المسار المتعرج بعكاز من تبن ، او ربما ستصطحبين ملكة عمياء .
        يا روحي ما عاد هذا الجسد إلا كلمات ، فمن ذا يهديني مخطوطتي ويدعني اقيم قداس الوادع . فهو ذا الميزان استدلت به الاثقال ، وهو ذا محيا العاشق يبرق بمناديل الاعياد . لقد شاخت واينعت لتعلن اكتمال المرارة : الجمال ان لمحته محاك، وان رآك نفاك ، وان لم تره تلوعت ، وان لم يرك ملأك غبار .
        ايها الجسد لقد وهنت وآن اوان اصطحاب الاطياف : فخذ ما ستترك ، ودع ما ستأخذه للفضاء .

[59]
        أي ضوء هذا الذي هنا ، أو هذا الذي هناك ، في البيدر : أي ضوء فوق رفاة مغطى بمنديل ؟-: هو الفصل رحل حتى انغلاق الانوار : الهمسات تدب في الجسد المنثلم ، تارة ، ولحين تغدو  المدنية اقل طراوة من الفجر . أي عتمة هنا ، أي عتمة هناك ، والكواكب ترقد فوق الحشائش : أهو استئذان  أحد لاشعال الموقد ، ام وضع الغصن في مكانه من العيد .  إلا تصغ يا عادل إلا ترى في المرآة : العاشق مبعثرة خطاه ، او ربما مسمرة . وردة بحاذاة الموت ، واخرى نائمة  في نسغ العالي . هذا إذا نبضات مواسم ، فلا تتحدث طويلاً عن انباء البرق ، او عن احزان حجر بين الاصابع . للبيدر نوافذ متناثرة ولقلبك ابواب عميقة الاندثار .
[60]
        أهي الثمار انشطرت ام الماء اكتفى بالمنحدرات : أنت يا من تراني لن تراني ان رأيت .. وأنا ان ابصرتك لن اراك . هذا البستان خاتم عرشي ، وهذه الابواب فضاءات اتساع . لا تغلق الرؤية فهي سماء ، ولا تجرح الأرض فهي وردة .

[61]
        من منا استيقظ .. انا ام الفجر .. انا باستذكارات متأخرة .. ام الفجر ببستان مغلق . من منا غادر انا ام الموت .. انا باعتذارلاات ملغية .. ام الموت بشبابيك بيضاء . من منا  افاق انا ام العاشق .. انا باستدراج الحمامة للطوق .. ام العاشق بلامبالاة الوعد . يا قلادة انا سجين هذا البستان ، وكلانا في المنفى رمال . انما أيضاً  لا احد غادر ولا احد افاق ، الذكرى لملمت المتذكر ومنحته فواصل الانتظار .

[62]
        عودي اليّ يا نفس .. ويا روح الارواح لا تنجرحي بالجراح   : هذا العادل كلما اثقلت به خفت به الاثقال . ويا ساعات العرش الميتون مواليد جدد .

[63]
        ولا تعودي اليّ يا روحي .. وانت يا جسد لا تتباهى بالمحن : الحمامات المطوقات يتزين بقلائد حجر ، ومن أحب غاب معي ، ومعي ضاع ، ويا بحر اتسع اتسع فيك تفك الاسرار . وما هي باكثر من صفحات طوتنا ، فعّم الشكوى يا عادل وانت اسير البستان . أتبدل الساعة مواعيدها ؟ فلا تفرح لعرسٍ أو تجزع من يهتان .

[64]
        إذا كنت وضعت الليل بدل الخرائط ، انا ازحت ليل الكتمان : ايها الولد يا من بعمر الضوء  افق ، النار بلا اطراف: وكل من عليها مدّون : الجسد غواية .. والغفلة عرفان . تكلم تكلم تكلم لنجدة لا احد ، الرغبات مثل من ذاق رطبها، ودار بفلكها ، شم فجرها ، وما انكسر ، إلا لان الضوء انكسار . يا من لا احد يحاور احد ، ويا من العاشق بلا عاشق . هذه هي الاثقال وقد خفت . من كان لنا مرآة صرنا له وثن . افتعلمون انها ليست مزكاة ، الوردة ومن جاورها ، والغصن ربما اباح : هذا الباب انغلق ففتح لنا في الانغلاق مناديل انفتاح.

[65]
        وهم ، مثلما لا أحد بهذا التفتح ، يتبادلون الاشارات : الماء المنحدر باتجاه مثواه .. والنار في المطرزات أتخذت شكل الفنار . انما ليس الأمر كذلك .. ولا الحروف بما وضعت .. هذه الروح كريح مرت على غريق . والمدن اسودت بفائض انعامها : فعّم يتساءل العاشق وعمّ لا تسجد المطرقة لطارقها . هنا النعمة بعض خفاياها ، والناس للناس بعض متاهة . وليس بالفعل تتم النوايا ، ولا بالعبور ، الكاسب فيض الضوء ليس براضٍ  ، ولا من كان في المزار . انها الأيام لصاحبها وهما تساويا قبل الكلام . وبشر الناطق بصمته ان تمتد بنا الاوثان بعد ان وهنت فينا الأغصان . يا روح لا تتعجلي ساعتك ، الساعات المدفونات يلدّن الساعات ، والصخرة ان نطقت لكان علينا كتم الكتمان . وهل هي اليد تمسك بمعولها ، فعّم لا يأخذ الضوء مداه في النسيان .

[66]
        ليس لاحد مثل هذه القلائد ؛ غيوم ودخان وغريق بالابحار . ليس لأحد مثل هذه الزمردات : شوارع وعكازات واشجار مقفلة ، عدا روحي المولعة بالاسفار .
        وليس لأحد مثل هذه العناصر ، جمرة ولا شيء ، لاشيء وجمرة ، هنا ، ينقش النقاش تاريخ لا أحد : جمرة بلون ما، لا لون لها ، ينقش بها النقاش رفيف العبور : لا احد ينقش ، كما ينقش هذا النقاش انغلاق الفضاء . فالابواب كلما انغلقت اتسعت . حتى في هذا الحقل ، منفاي ، معها  او مع لا أحد ، الخرزات يخرزن الهواء . يطرزن جلد الميت بماء الورد ، ويتنزهن وحيدات صاعدات نازلات سلالم اليد ، وليس لأحد ، مثل بركة تراب يداول حكايانا ، كأن لا المرضعة ارضعت ، ولا الدخان دفن فوق الميت اشارات الدخان . وكأن لا أحد اذاً  ابهى منهن ، أعلنّ الحداد على الحداد : أي عمري لا أحد في البرية ؛ يا عهدي اكان لنا عهد .
[67]
        إذا كنت وضعت الليل بدل الخرائط ، انا ازحت ليل المباهاة : ايها الولد يا من بعمر بركان ، افق ، النار بلا   اطراف: وكل من عليها مدّون .. هذا الجسد غواية ،     والغفلة  عرفان . تكلم تكلم تكلم لتجد لا أحد . الرغبات مثل من ذاقرطبها، ودار بها ، شم فجرها ، وما             انكسر لأن الضوء انكسار . يا من لا أحد يحاور أحد ، هذه هي الاثقال وقد خفت . من كان لنا تراب صرنا له مرآة . افتعلمون انها ليست مزكات ، الوردة وبما جاورها ،     والدخان بما باح : هذا الباب انغلق ففتح لنا في الانغلاق مفتاح انفتاح .

[68]
        نطق النطق بما نطق ، ايتها العرافة عرفينا بوجيز   الكلام. فما كان لنا كان ؛ هذه ديار الحرف فضاء ،          وما كان لنا إلا ما كان . ايها الشفاف كسواد                 راية ، لملم اطراف الخرائط ووزعنا على الجدران .

[69]
        ثم تفّتح الصوت المستثنى : ليست المياه أو الريح كفت عن خطاها . هنا ، إلى اقصى الدرجات أخذت اليد ظلها :    من ذا تكتم ليعلن هذه الاعياد . ايها المنديل تستر ،            لا قتلى في دفاتر القرى ، الكواكب مدارات ، والغفران     قلائد .

[70]
        انثلم الفجر ، ها هي نجمتي : القمر المنشق يجلس بمحاذاة النوارس .. والقلب مجّرح بالوشايات يا اسيا لا     تكذبي ، ولا أنت يا ايتها المدن النائية المجاورة لمدافن          هذا القلب  .الكل بنطقه غواية  وانت يا وثني وحدك       اغراء .

[71]
        ايريد العدد اكتماله ، يا قلب ما أنت وما الأعداد : وهن نخاع الحرف ، وغرق الضوء ؛ أما أنت يا ضريح ازمنتها لِمَ تخدش هذا الصوت .
[72]
        لتأخذ الريح مني صمتها ، الصخرة دوّنت محوها ، وفوق المحو تذكارات : الثياب البيض طرزت بخط الريح ، وبعض اللامبالاة سلوى . ويا برق انا في المنفى ابحث عن منفى، وانا في البساتين ابحث عن بستان .

[73]
        بينما الافعال تأخذ سكونها ، تدور المدن ، وتتكون الخرائط .. اليد لا تذهب مع الريح ، ولا المطرقة لها صدى : هي اوهمتنا بالياقوت ، ثم انغلقت بالاتساع .
        انا – قط – لم اقفل القفل ، وما ذهبت إلى نزهة . الأغصان أخذتني  من غصني ، والاعداد جمعتني في عدد .. فعّم السؤال والسؤال لحظة سؤال : الناطق نطق ، كالبرق ، وما جئنا ببينة على بينة : الاطياف لصق عتمتها ، مثلي ، آنستها الظلال .
[74]
        جلست ارتب قوانين وردة لا تجيد نظام الصمت : جاءت من البستان ومعا إلى البستان نذهب ، ايها الهواء ماذا فعلت بمناديل الالفة ، بالغصن الذي كف عن البوح ، وبالسواحل التي توحدت مع الغرقى .

        وانت أيتها المرأة القريبة كشمس في المدارات ، باية مدية افتتحنا نهاية المواسم . آخ لروحي المضطربة بدافع  القلائد: الوان الطلع وصحو الجبل مع اشاراته . ثم لا يعود أحد إلى أحد ، لا الشتاء إلى الخاتم ، ولا الصيف إلى المنفى . ايتها الميتة تعالي نرقص للمحو ، هذه تذكارات تحفر على الحفر ، والباب تنغلق على الابواب . تعالي نشيد كلام الرحمة عند قلب الميت الوسنان .

        ولا تحفر يا عادل في هذا الحرف نهاية : اغلق الوردة لكي تتفتح ، اغلقها لتذهب معها إلى المدار .

[75]
        تعالي نصنع موائد من هواء أو من مطرزات كواكب : ضعي فوق الثمرة النسيان ، وتعالي نبتهج .


[76]
        هذا منفاي بعض سلوى : المدونات أخذت المدونات : تعالي اعيدي خارطة الموت : ضعي اسمي في المحو ، ومع المحو ، تكتمل الاسماء .
[77]
        امسك بي ترابي فاضاء : القلائد في المدافن فلا تخاطب الروح إلا بالروح . وانت يا قلبي لا تترجى من الرجاء إلا سره. ايها الظل المحو للمحو مدونات .. وهو العدد ، مثل الرايات ، لا يكتمل إلا بالصفر .. توحد ايها المتوحد ، الساعات اعلنت ميقاتها ، ثم توقف التراب .

[78]
تعالي نخترع للحكمة بوابات ، او كلمات كاملات المعنى : سكين فوق الثمرة .. او مناديل بلا اخطاء . تعالي نزين انطفاءات الشمعة ، او نتركها تأخذ الابواب .. تعالي اغلقي لون الثمرة وافتحي لنا باب الاشجار . الاخطاء تآخت ، والاضداد توحدت . فباي سؤال يسأل السؤال : روحي عانقت منفاها . والروح بعض سؤال .. لا تكتم عليّ ما اعلنه الكتمان .
[56]
ما الذي تجمع لكي يأخذ شكل الماء : تعالي نتبادل ادوار البرق : ما الذي تحول إلى خاتم .. ما الذي توزع إلى نياشين . هذه ليست ابعاد البساط ، ولا انغلاقات النقطة .. ايها العابر هذا عطر القلائد يتنـزه وحيداً .. وهذا الامير بلا رمال . وجلست بلا شباك احدق في الغريقات الجميلات .. اقلب في سجلات بعث الموتى . تعالي هذه هي ايام الغبار والمسرة .. فلا ينطق الناطق .. خذي آخر وردات الوردة: رايات منثلمات النوايا .. انما المفاتيح لا تنغلق بالابواب .

[80]
ضعي ثمرة الهواء فوق العشب ، وابعثي للبرق بمنديل .. لا رمل في اليد .. والكفن خالٍ إلا من ظله .. هذه روحي ، رقراقة كمر عساك .. يا ايتها المدارات اشتقت لمداري .. فهل اكتمل الرماد بناره . تعالي  اعيدي دورة المفتاح ، بالاسود او بحكايا البستان .. ليس لدىّ إلا ما لدىّ .. هذا السكرُ صحوي.. وهذه الاعراس بعض منفاي .

[81]
انه التاج ، أخيراً ، غير المسمى ، لا موضع له بين التيجان . وكما تبدل الكتب ولا تبدل ، تنمو لحشائش ، مرة بعد مرة ن إلى جانب الفصول الميتة . وهذه هي المطرزات ، إلى جانب القلائد اتأخذ شكل الوعد . فعّم يبحث التائه ، وعّم تسأل الشجرة ، كلاهما ، كلمة بين الكلمات ، وكمدفن منتزع من الثمرة . يا لعمق النقطة ويا لذاكرة الغريق .. بعض الاوهام شبابيك .. وبعض الابواب ادلة ..انما الانهار ليست عمياء وليست مبصرة أيضاً  . النار اشتعلت في الأعالي ، فاقمنا الحداد على الحشائش .. ايتها النذور المطرزة بعرش الهواء ، اضطربت الرؤية عند التوهج ، وتكاملت عند الانطفاء .

[82]
وهّن ، وهّن النسوة التالفات قبل الوعد ، اللائي جرجرن المدمى إلى النطق . فعّم تنشد يا ضوء القمر ، أو أنت يا ساكن الجبل .. البرية دوامة ريح مقفلة البوح ، والمناديل فضحت اصابعها .. وهي .. هي الريح كشفت  عن مفاتنها بعيداً عن الغواية .. الثمار البيض أخذتنا ودائع ، ودم السكين المقدس فاض ترفاً في الحكاية . هذه المطوقة غادرت خاتمها .. بايعت رمادها قلائد ، وجلست عند الافراح تبكي .. ايها العابر بفلك ما بعد الغرق هات لنا بهتانات الزمرد ، الجرحى يتندرون عند رفات الميت .. والراحل بقلبه المرتعش يشتغل هتافاً مع الهتافين  . هذه الاغصان طوحت بها الاغصان . فعّم يتساءل المجرى والماء رهينة في الاحداق . ويا جوهرة الجواهر البعض للبعض سلوى . فيا قلب لا تأخذها مأخذ من مضى ، او تجلس لوعدها باكيا . الماشي مشيا فوق  الماء مشى ، والآتي لا يعرف انه أتى . ولا تعالج جرحك بجرحٍ ، المثوى خالٍ ، واليد فوق الحشائش تبحث عن اصابعها : ادر نواياك حيث لا نوايا .  العيد ابيض ككلام مختوم .

[83]
المهجورات ، هنا ، كطائفة تستدل بعكازات باذخة ، وهناك تعلن الاعياد بدء مواسم غوايتهن . وكالمهجورين يلملمون نهاية القوس ، وليس من استدارة . وتكور النور تكور القوافل  الأولى ، ثم اكتفى بمناديل الغياب . نهض  الجمع جمعاً عند المنافي . المهجورون منه إليه لا يعودون . ِلمَ غادرت وتركت  الغابة تبايع بمفاتنها يباب المجرى : القارع بالطبل للماء كف عن القرع ، والمرضعة آنسها الاياب . ها نحن هنا ينشد فينا المنشد إلا عودة اليك ولا اليد بممسكة حكمتها : كلمة امتداد  والفضاء فصول تتعثر بخطاها . أنت هجرتنا كعيد في مدفن : المدن تأن ودبيب الديار اكتفى بقلائد وهمية ، ام هذا ليس إلا بعض تذكارات ، انا روحي كظلي كلاهما ضيف ، وكلانا بالنعش نمحو كلانا .

[84]
مر الرمل على الماء فتكون العدد : الغابة لملمت اشلاء الظل : هنا ، كلما تطلع  قلبي إليه اغيب فانهض كجدار اطلالٍ في المنفى : اين أنت يا ايتها المداولات اين مناديل الالفة اين طوق المطوقة . ها انذا اجلس اتأمل  في من هجرني . لِمَ كلما مال القلب القلب إليه اختفى . البرق صدى مطرقة .. والبحر مرَ على الكف وغادر . انا هنا اجلس احصي من فقدت . هجرني الذي إليه انا ذاهب .. لا مكان له ولا اسم ، إلا تكف النار عما تفعل ، الواهن دثر خطاه ، بعثر ذكراه . ولكم اشتاقت روحي إليه ، هذا الذي هجرني الذي لا اعرفه . هات ايها العابر لي قطرة هواء او بزرقة نجمة . هات لي المرضعة والمهد .
مهجورون بعكازات يتحولون كسالى يتفرقون ويتجمعون : مهجورون في الهجرة وفي  المنفى .. ثم يسكت الساكت : هذه شبابيك المخطوبات العانسات : هذا شكل الميت مناديل الفة .. ويتساقط الرطب كنجوم ثم يمر الماء ليحتفل بظله . لِمَ كلما احب قلبي فقد نواياه ؟

[85]
بعد برهة او الف الف عام ، تتوحد النوافذ في نافذة ، ثم يأخذ شكل التجمع ، للجسد المبعثر ، ذكرى الميلاد . سينهض الراقد  ، مرة بعد مرة ، ويتنـزه ، مبعثراً خطاه ، مجمعاً اصداء انحناءات ودوران البلور . بعد برهة أو الف الف عام ، سيعاد جمع بقايا دخان المنشد والهودج ، وتتويج النار . فاين أنت يا مدون الأيام يا من بالمطرقة اعدت للصوت صولجان التاج .. اين تكون من جمعها ومن بعثرها . الموت آخى الاضداد ، فعّم كان السؤال يدور . يا ايتها الاسئلة دعيني امسك بكِ ن بماء لا يولول عند الساحل او في القاع . هي الأيام ورقة يانعة ، ومواسم اليباب فوق الكف مواسم قطاف . وكل مل في قلب .. ان اخذت أو اعطت .. بعد برهة  أو الف الف عام ، ماذا ستبوح الارواح للارواح .. كان الامس يحك جلده بالفصول ، وهوامش الطبالين زخرفت بالالون ، كان الامس سحابة عهد ، والغرقى فوق الماء يتنـزهون .

[86]
دخلت وخرجت وتنزهت كغصن أخذ فاعطى ثم انحدر إلى المغيب . ولا تقل تلك هي الساعات ، او وعود الثمرة . الماضي يمحى بالتدوين .. فباي النورين تستعين : عتمة كوّنت الخاتم واخرى به ختمت هذا اليقين .

[87]
وماذا لديك سوى ما لديك : توحد الصوت بالمنفى وغادر . الاضداد بعض وحدة ، فماذا لديك سوى الصوت ز القلائد بعض وحدة ، فماذا لديك سوى الصوت . القلائد بعض حكايات .. والاصداء نثار صوت يتجمع كمطر يتطهر بالاصداء .
وقفلت الوردة بقفلها . لا حروف لكٍ يالغة . عند المفتاح يتكون الطارق . وعند كل غياب طارق . تكامل العيد حتى انفتح : ثم جاءت الريح بالريح ، فلا باب بقفل ، ولا مفتاح لباب .
[88]
وباي سعي سعت الثمرة : الغصن اشتاق لناره : انما مفتاح القلب يدور في الماء : لا حجاره إلا بنطقها ، والسؤال انغلق على السؤال . تعالي لنطرز ثوب الميت ، هذه مخدات الوليد ، النقطة نطقت نطقها، وانا قلبي غريق . يا سواحل المباهات ، يا تندرات الكواكب ، ايها المار باعلانات التجمع ، او أنت الأكثر تمثلا للمتشابهات ، الأطياف أخذتني إليها ، وروحي اثقلها وهن الوعد .. فعّم السؤال وعّم  الموائد . هذا النور اثقل وهن الوعد .. فعّم السؤال وعّم الموائد . هذا النور اثقل من جبل فوق جبل ، وانا صرت للغرقى دليل ، والمهجورين .. من الفرات إلى النيل ، الصخرة ارتدت ثوب زفافها فاسودت ايام العيد ، لا احد ينطق لماذا انغلقت لماذا انفتحت ، ولماذا توجّت المنافي بالنياشين ؟

[89]
لا تأخذ وكأنها أخذت ، ولا تعط وكأنها أعطت : هذه الساعات بعض اشاراتها ، وما تركت إلا لتأخذ ، وما اعطت إلا المباهات .. ما هذه الأيام إلا خاتمها . البستان ضاق بظله ، والكواكب سيارة . الحقل المهجور يتزيّن ذكراه ، والرطب لا يتساقط إلا على حجر منسي . الثمرة اكتملت بالغياب ، فعّم السؤال ؟ تعالي نقلد الوردة صمتها ، تعالي نقلد الموجة اناشيدها، تعالي نرتب دفاتر اليد فوق الرماد ، تعالي نخترع قطارات للاحلام ، تعالي نحصي كنوز الرياح للتندر ، كل باب مفتاح ، وكل قفل لا يفتح إلا بابه .

[90]
أدونّت محوك ام محوت التدوين : يا مباهات المخطوطات ايها المطر المشطوب الابرة لملمت خيوط خطاها والمدن عادت إلى بريتها : كل ساكن سكن اخذته الغفلة ، وتحت كل تحت اسفل واسفلها لا يبصر ، وفوق كل ذي  روح روح تبحث عن دليل . تآخى الهرم برمله ، والفرات بالعويل . اعد ابصر مدافنك من محاها ، الزنابق ام الساعات وقد تآكلت كمعبد شرّع ذكراه عكازات للقادمين : ثم دار  الخاتم دورته في المدار : الاسماء غادرت حروفها ، والحروف  جمعت ما تبقى من هذا السبيل .
ولا يقين إلا بما لا يُرى ، الأيام المدفونات المجروحات المبعثرات شتت شتات جمعها وتساوى من عليها ، من جاء  او ذهب ، إلا ذاك الذي لم يأت ولم يرحل . يا روح فوقك عالٍ ، وفوق  كل عالٍ اعلى . الفاني يفنى ، والفناء  امسك اعلاه به ، وفوقه ما لايرى ، وتحت كل قاع قاع ، ولا مستقر للهاوية . فعّم السؤال .. أتحسبين العرش ينجيك منها : النار بما تشهت ، والحجارة بسرها فتحت باب الابواب .

[91]
لا تتركني يا خصمي فانا اشتقت اليك : ثمار روحي ذبلت ، والغصن أخذته الفواصل : ماذا افعل في البستان وثمارها نضجت . وماذا افعل بنارٍ  لا سؤال لها . طريقي انغلق بفضائه ، وانا ما زلت بك ولهان . يا من أخذت ما اخذت واعطيت ما اعطيت اثقلني ضوءك ، لا تتركني يا خصمي روحي اشتاقت لسواحلها ، لمدافن اليف بلا ارقام . للصفر كامل العدد ، للميت بسر الميلاد . هذا البستان كجبل فوق جبل خالٍ ، وانت غير موجود .؟

[92]
المهجورات  يتزين بذكرى الماء ، هنا . كاطياف تتنزه بعكازات باذخة ، وهناك تعلن الاعياد مفاتنها للدفن . هذه  اذن غواية المعادن ، مثلما  هي ، كالمهجورين ، ابتهالات نهاية المرمى . وليس من استدارة فالنور تكور تكور ذكراه .. ثم اكتفت المفـاتن بفتنة مناديـل التراب : المـجروحات المجرجرات المتسكعات قدام القوس .. ادخلنا المحنة ام خرجنا منها ؟               وينهض الجمع جمعاً في كيس . هم ، مثلما هنّ ، اخذهم طيف الفضاء ، فباح الصوت يا ليتني كنت نفياً منفياً كموجة تركها الغريق ترفاً ، او كعقاب انزل بالنار فارتجفت  فحملت براءتها بركات باذخات البذخ  هم هجرهم صاحبهم هجرا ، مما امسكت بهم برية ، ما هم للابصار بسلوى، طغى البائع حتى غاب الميزان .. ثم تنوح النائحات بكتمان البستان . ولا كتم الكاتم سراً . امن سر              هناك ؟             انا هجرني من أخذني ، بابي عنده والمفتاح ، فأخذت من هجرني وهاجرت . معاً كنا ننطق بقلب الوردة : لا ايها الواهن اطغى بك العقاب ام هذه بعض تندرات الموتى ، إلا يا تراب دع من أحببت لظله ، انا النور آنسني حتى غبت عنه : أخذته كمطوقة وطوقت بالاطواق روحي . ككلمة قرب كلمة يمحى الكلام ، ومثل جبل فوق جبل يتنحى الانسان .
 


[93]
بين ظلين غاب ظلي ، يا نور ما اثقلك : اسبقتني   لغيابي : هذا الجبل كوردة آنست التراب . وهذا جبلي كبستان خالٍ إلا منك ، فباي الظلين يفتح باب النور ، ويقفل : هذه هي مواكبها كرعد ابرق صداه : الثمرة بغريقها ، انما النار بلا سؤال .
وينهض الغريق بفرح الغرق : خرجت الروح من منفاها : أخرجت ؟            فاسمع ظلي يتتبع من تاه : ولا ارى ما ابصرته مسامعي : الانوار اثقلتني باثقالها : أتأخذني وانا لم اتكون ، اتدون ما محته الرياح            انشطر القلب حتى تكامل ، ولا يسبق الجدار الجدار ، فمن اخذ الغصن إلى  الغصن .. تقاسمت الثمار مناديلها ، ومنديلي ما زال عند الجدار. ايها الجبل إلا ترى واديك : لمفتاح انغلق ببابه ، وانا كتمت اسرار الدخان : تعالي نأخذ كتماننا إليه : لا نور أكثر من هذه الانوار : فاي ثقل اثقلني بهذه                       الاثقال ؟             وخرجت الروح من منفاها ، فعاد الغريق يعلن اعراس غرقاه .
 


[94]
فباي كلام تنطق وليس هناك كلام : ليس النور الذي ترى إلا بعض نور ، وما حصدته لا يذهب  إلى البيدر  ، المفتاح دار ، والتـراب انفتـح فضـاء ، فبـأي العتمتـين   تستعين ؟               وهي  لم تأت لتغادر ، فلماذا الحديث عن اليقين . هذه بعض دقات الساعة : المناديل تزينت ، الوديان رقصت ، المدن قصفت ، فباي العتمتين استعين . وتعطرت بعطر فنائها ، ولا ياقوت انجدها من ياقوتها ، ولا ما دار في فلكها دار . بعض نياشينها غواية ، وبعض الاسئلة لا سؤال : هذه حجارتي انطق بها ، وهذا هو صمتي بعض كلام .

[95]
وجمع المنفى منفاه ، قلادات المدافن ، وبعض        عهود العهد . ايتها الثمرة المنفية في منفاك اما من منفى       اخير ؟             رفرف قدري عليّ فرفرت عليه .. فنطق الناطق  إلا ايتها الأيام إلا تنطقين ؟           اتسع المنفى حتى تكلم : الجارة دونت تاريخها : لنضع فوق الزهرة زهرة ، وفوق الاثر آثار . فهل جاء ليغيب ، هذا القلب ثمرة فوق الورق .. اناشدكي تعالي نعدل وسادة الحجارة فوق الميت : نعدل اشتباكات الموج مع الغريق ، فالجسد خالٍ إلا من فضاء ، والشجرة توحدت بترابها .. فهل ولدت  الروح لكي تغيب ؟ انا اذنبت وآذاني الذنب فتعال لا تقل لي انك  على           يقين .             ثم مرت الريح لتأخذ   اطـرافها ، بيـارقهـا، وامراء المستحيل. أمرت الريح؟          تعالي نخترع حكايـة الساعات : الطارق بمطرقته               والشبابيك بما سترت :            الأضداد تجانست وهل  اختلفت ؟           البستان انغلق على فصوله ، والايام شطبت ما كتبت ، دونّت ما محت ، فتعالي نرتب حكاية الغياب .. أكان لنا حضور           الغصن تشهى ناره ، مثلما النوايا تزينت بالنشيد .. أكانت هناك نوايا أكان هناك               نشيد ؟             يا هذا الوثن باي نطق تنطق ، وصخرتك فوق قلب الميت كجبل فوق جبل .. ثم يأتي النشيد .. ماذا قال الغائب قبل الحصاد .. ضع ثقلك ايها الثقل فوق جبل وغادر : حبيبي ينادي وانا نفسي اليه اشتاقت .. هذا المنفى كل ما لديّ.. والبستان انغلق حتى صار فضاء . انا المنفى فمن طرق اسواري . انا الغريق ومن حولي يحتفلون باعياد الهواء .
البستان صار برية : ايتها المستحيلات انثرن بذور زفافكن فالجدران تفككت ، الارض انشقت ، اليد جفت ، والجمر تآخى مع الرماد : انثرن نداء البيارق ، ولا تطفئن نور القلب ، تزين بمرآة الموت فالاعياد قادمات حصاد حصد حاصديه : اعراس لم تترك إلا هياكلها . ايها الفرات اين اضعنا معابدنا اين مناديل العيد .. تلك هي الاهرامات تجرجر اثقالها بعكازات الرمل .. وانا بالمفتاح اغلقت جميع المفاتيح .

[96]
بعكازات الليل   صاغت الصخرة ثمرة كلامها : ماذا تريد ان تقول الريح عند النوافذ .. لا أحد في البرية ،        عدا ظل دخان : النور اثقلنا ، والفضاءات امتلأت        بالفضاءات          ويقولون ويقولون              هذه عظام الموتى تخرج تلملم بيارقها : لغة لا تبصر إلا مثواها . ايها الجبل ازح عن ثقلك ثقلك بالاثقال .. وانت ايها المدون لا تحزن هذه الاسماء ستزيل هذه الاسماء .

[97]
وجمع المنفى عظام منفاه : لملم رماد طرق الليل ، قلائد العهد وزمردات الخاتم : وتجمع المنفى في المنفى : شظايا هواء وامواج غريق . تعال انجدني ايها الضوء ، لا ضوء بين       الضوئين . هذا بستاني عتمة ..فماذا افعل بعتمة بين          العتمتين ؟              الكلمات تكاملت حتى محت كاتبها .. وتاتي الريح بمناديل زفافها .. لا تتعجلن يا نوايا لعرسها : بعض الأيام  لبعض الأيام غياب . وتاخذنا لذات منثلمات الوسط : الشيخ بكامل قوى الفقدان ، والمتندرات عند الطرق يغرّدن للهزائم : هذا اللون الاليف المبهم لواجهات الوعد ، او بنود المسلات ، تتكون شجرة الاضداد ، المهجورات بلا هجران ، والمهاجرات بلا هجرة ، هن المنافي وهن الرفات .. بينما تأخذ الصخور مسارها نحو التفتت ، ينهض من لم  يأت محتفلا بمزامير الدخان : من اضاف الظل لهذا الظل ، وعّم الشكوى والموائد المدن الأعراس سر هذا السر ؟

[98]
نظر فلم ير .. اصغى فلم يسمع : فقال يا حجارة انطقي فلم تنطق : انذاك توارى .

[99]
وكف الغصن عن النطق ، والاشجار عن البهجة . يا ايها النور ادلني  عليك ، اكاد  اصطحب عتمتي إلى عتمتي .    ثم يمسك الصدى بظله ، وبعكاز الوهن يتنـزه الوحيد :     هذا البستان خالٍ إلا من قلائدها : اوراق البرية تكتم     متاهتها ، والعاشق يتنـزه مصطحبا ذكراه : اين أنت          يا اميرة الرمل ،  واين أنت ايها الغريق قبل الغرق . وتتجمع احجار الطاعة في مأواها : ولا يعثر التائه  على دليل . تناثرت لتتجمع في كوكب اسود ، ولا يعثر الغريق إلا على غريق .   ايها المنسي اتصنع بيتاً للنسيان . والميت لا يعثر عل ميته .   ايتها الوردة اغلقي كتاب الورد : النور لا ينطق إلا بعتمته ، والعتمة تشهت رداء العرس: هذه بعض فصول الساعة : اين أنت يا خاتم العيد .. أو أنت يا مناديل الكفن : البستان خالٍ إلا منا ، ونحن بلا بستان ، ثم افاق القلب بلوعته لا ميت      ولا ميتة ، خذ غصني اليك وضع النور إلى جواره .

[100]
        ثم امسكت الصخرة بكلامها ونطقت : تهدم عرش البرق ، وتفككت عظام المناديل .. يا من ستذهب خذ معك وردتك البستان خالٍ إلا من ظله . غادر العاشق قلبه :       فمن ذا  يعيد  للمنفي منفاه . الاثر بعض أثر ، وانا        اشتقت للنسيان : هذا نوري افاق بقفله ، وهذه الدار انفتحت بالكتمان . عيد يا عيد باعيادك ، بعض القلائد           كلمات مطمورات  في الكلمات ، وبعض الهواء  سلوى . آنسني غائبي ، فذهبت معه  إلى منفاه . وليس لخصام       الموتى خصام : تصالحت الاعداد الاضداد كميت وميتة :    هذه هي الانوار كجبل فوق جبل : تعال ايها المنسي اكتب نسيانك ، فهذا كتابك لا يتكون من الكلمات .

   
             


                                                4/ 11/ 1994

































الوثن العاشر

[الاوثان]





[1]
        نرتب كلامنا كما الموتى يرتبون : زائلون بعد زائلين .. الوراقون يورقون اوراقنا . خذ  عرشي ثمناً لورقة . إلا ايها النور لا تتباهى فانت سوري . ثم اعود إلى كتابي : ماذا اكتب غير النور فوق النور . ورود تتحاوز والنسيم جريح . يا عاشقي تكوّم المحو ، فمن يمحوني لذكراك : هذا غصني مال فلا تدع الرياح تميل .
[2]
        ضعي فوق مائدتي بعض بقايا همس الاصابع : باي الخطابات تطرزت ايامنا : مملكات تجر مملكات ومملكتي خالية من الانيس : كان غائبا واخذني إليه : فباي السواحل انجو والبحر بين السواحل غريق . أدلوني  على غريقي فانا غريق : عفوي لعفوك عفواً وفردوسك بين يديك فلا تدنو مني .. كل لناره اما من مزيد .. : غفرانك من طلب الغفران ؟

[3]
        لا استغفرك أنت غفراني ثم اراك تطوقني بالفصول والكلام : الميتون بعض حجارتها وما كنا ميتين . ولا اطلب الصلح ان كان شفيعاً لشفاعتي : العشق في عشقك عشق . ولا ينطفئ من اوقدت فيه هذه الانطفاءات : نوقد تراباً نرتل به آيات التراب : يا عاشقي أين عاشقي وانت ما محتك الريح لأكتب أسمك . أسمك محانا . وذكرنا بهذه الاسماء . هذه الغيوم اجزاء من كفني .. ولا قبر للعاشقين : غني يا روحي اغنية توقف عبور بعض العابرين : هناك روحي من اشتاقت إليه ، وروحي عنده السجن والسجان .

[4]
        لم اعد اراه ، حبيبي ، شغلني حتى كدت انساه . كم أنت جميل لكي لا ترى . الآن  اعرف لماذا انا بلا حبيب . اكنت ترى لكي اراك : غائب انا بغائبي .. ، والغياب كله بعض اشتياق . تاه القلب مكتملاً بمدافنه حتى صار الشوق بعض هذا الغياب . ولا اعرف من مر عليّ منا . يقولون كان او يكون وانا لا اعرف ماذا اكون . سرقني مني ولا اثم عليه ، انا الاثم عند الآثمين . أرقد رقاد الكواكب ، وادور دورتها ، انما فيّ بعض آثام الصالحين : لا تفتحوا باب العشق هذا هو الخطاب المستحيل . ويوضع العاشق في عشقه موتا ، وانا الموت فيّ يولد حياً .
[5]
        عني غاب فاكتملت صورته : ان ناشدتك يا حبيبي ناشدتني بالاستحالات . فما سر ان تكون اكون وما سر كل هذا تراب . الاساور دارت باليد وبالسحر فاضت لتماعات الفضاء . كأن فينا  ثمرة لميلادها غادرتنا .. أفأكون لكي لا اكون : يا ليل روحي زهدت بلوعة من محاها .. فلا ترني اشارتك زهدت بلوعة من محاها .. فلا ترني اشارتك انا لك سراب . واليد بلا اساور ابهى ،فما الكواكب إلا بعض خفاء . اضعني اضعني فما العمر إلا الباء او الحروف بعد الحروف . ففي الالف اسرار الكتاب . يا ايام الخلق جدران عاشقي تفككت مناديل واحجار .. واسمي مع الاسماء تشظى اسماء .

[6]
        لك نذري هذا كبرق غادر عرشه : المدن مزارات مزخرفات بالتراتيل .. والقلب استئذان .. حبيبي ساهٍ بين وعدين .. وانت يا اضطرابي ما بك سكنت طويلاً .. ويا بحر ما بالك نضبتِ قبل الاكتمال .. وما ادراك ما الحرف الأول : يا لوعتي ، كتابي كرمل ما عرفني إلا للوداع . وروحي للفضاءات تنار برضاها فضاء . والقلب بعض اصغاءات كتاب .. غفرانك يا من له النذر غفران . الجبل فوق الجبل أخفّ عليّ من رضاك ان رضيت او شئت العقاب .

[7]
        واتيه كخطوط مرسومات فوق كهوف ؛  غزلان وبقايا نار . الامس الاتي للغد ازدهرت فيه الصفحات فامتدت يدي قاطفة لوعتها نقاط ممحوات الحواشي ، فكل رسم في شأن .. يدي أخذتني اليك مؤانسات غفلة .. هذا زمني يرسمني باللون فوق اللون مزينا كهفنا بالخرز وبالبخور . آثامي اليك اخرجتني برية ، كعروس لعرسها ما اشتاقت ، مثلما طلبتك كي لا اكون.
[8]
        باي خطاب أعمى استدلت الشجرة على اسماء الهواء : هذا النطق المدور ، الالفة عند العتبات ، والصعود بزنابق معزولة . لست الوحيد اذن الذي دربّ الضوء على الهجرة ، او الاتكاء على الجذر . آه ايها الغريق ماذا فعلت بالموج ، وانت يا نفسي من انزلك راضية بالمحنة . وباي اخطاء استقامت زينة الاحتفال ، والعرس لم يبدأ ، وانا فيّ المناديل بعض احتدام .

[9]
        أهي مدن حجرية أم بعض ثريات عانسات يلعبن لعبة الكواكب : المدن النائمات لصق المستجديات التراب : الراكضات المتبتلات المبتليات المتطهرات المتبرجات المتزوقات  المتعففات اللائي ما عرفت الملائكة لهن مدن . وانا مدينتي طردتني إليها ، فطردت كل المدن وقلت تعالي ماءً ناراً ذكرى تعالي فولاذاً موتاً بعثاً .. تعالي خشباً كتباً اولاداً ..تعالي شوارع اكفاناً  ازهاراً .. تعالي لعنةً فجراً عظاماً .. تعالي بخوراً وعوداً ومدافن .. يا مدينتي التي طردتني إليها تعالي بالنار قبل الماء .. بالصمت قبل الطبول .. بالصواعق قبل النياشين .. بالهلاك قبل الاوسمة .. تعالي معي اليّ فالمدن بعض ممرات خلاص .. وبعضها خسران جليل .


[10]
        بالفضة السوداء رتق جرح البذرة فيما القفل يجمع فصوله المبعثرات : الغابة المنثلمة خلف الاصابع ، هي هي ، اشد من البرونز طراوة . أهو هذا أيضاً  ينتمي لعصر المنقرضات. يا ظلي اختطفني نوري فجلست كمعبد خالٍ أبذر للنوايا استذكارات . من فك باب الدهر .. من اعاد للمرضعة زينتها ؟ ايتها المدينة المهجورة ما أنت إلا امرأة سوء .. وما ماضيك إلا حجارة . لمولدك تنوح النائحات .. ومثلي من تاه ادركته افعاله بالنوايا : اما كفاك بريقا والبصر خرائب ثكلى . ايها الموتى يا اصدقائي اسواري تدشن مطرزاتها لوعة عادات . لصق العدد عدد .. ليس من اسباب فائقة للتبعثر أمام منصة الوعد . جميعاً بالفولاذ نقشنا نقوشنا ، وأعلنا أعراسنا إعلان .

[11]
        ليس للساعات إلا أثر اخشاب ، ليس لها وليس لسواها ، هذا التوازن في البهاء ،  الارتقاء اعلى فاعلى فوق النبض . اذن لتكف الدق ، لنجتمع في البذرة ، الفصول المندثرات والشيوخ الاقل ابصاراً من شجرة . كلي يرقد في اعياد لا تسمى ، وسط معرى ، هذا الزمرد الضائع . الماشون لا ياخذون شيئا للزينة .. فالبحر اكتمل بمن سيعود ، خارج زينته كزهور ذات شأن .. وليس للرقاد اسباب تفوق الرقص.. الدخان والماء والايام المنثلمات .. هم مثلي يجففون خبز العظام.. كذلك نسرد من دون اصول للحكاية .. الفصل المبعثر ، استكمالاً لمجرى احلام الوعد .. السطر أثر السطر ، كجواهر ، البراءة التي اكتملت بالظلال . آه.. ليس من رامٍ .. ليس من هدف ، مثلما لاش يء يفوق هذا الوصف : الخرائط والنسوة الغافيات مع الغبار ، إلى ما لا نهاية يدور العدد ، كالايام ، في احتفال سواد الفضة .

[12]
        امسكت بمفتاح لغير بابي ، ودخلت بيتا غير بيتي : أخفق الوعد فيّ كنار تشهت كواكبها حطباً .. وطبل ذريتي يقرح بلا طبل : الاجداد برية ، والماء سراج . لا تأتيني بالفرح أنت فرحي .. فما انا بحاجة لقفل . كل المساكن  وان لم اسكنها هي سكني .. وما من مدفن خلى إلا وانا شاغله . كل الاعياد كالساعات وان دقت فهي لا تدق .
[13]
        نطقت غابة الميت برية وثريات ، أنت يا ايها البعيد ما اقربك اليّ .. ما اقربني إلى ما لا يرى . هذه بعض المطرزات التالفات يعدّن تزيين الوردة ، هدايا انوار .. مثلما قلبي كالميزان لا يزن ذرة الابذرة . اغثني لعشق عاشقي فلم يعد له قبر . ومزاري غاب .. اغثني ان اترك عظامي تتنزه كأن بالخواء شيدت المدن ، وبالرماد ثوب العيد تطرز اناديك اغثني الميت في الموت نداء . فما عاد النور حجاب .. وما عادت العتمة عتمة .

[14]
        جميل أنت كأنك بلا صفات : يا منفاي من رآك اشتاق اليك ، فماذا يفعل الساكن في جذرك ؟ ثمرة تغار منها الغابات جميل لأنك لم تأت .. يا منفاي كأنك عروس مفاتنها ما مسها نور ، وانت شرحت لي الظلال .. ألظلك انوار ؟ كأن جمالك بك فك الميت من أسره ، وما أنت إلا كل الصفات . لا أنت بالبلور يرى .. ولا بالسمع تنشد له الوديان .. أنت جميل كغابة زينتها الكواكب .. وجميل ما اقترب منك نور .. وما مسك صوت كلام .
[15]
        بخريطتك ما عاد القلب للخرائط بطالب .. ببريتك ما حاجتنا للاسوار .. بسرك ضاع انفك انصهرت الاسرار . ابوابك معلنات .. وكل طريق في شأن : ايام الخلق بالعدد تامة.. وانا عددي ما غاب بين الاعداد .

[16]
        كتمت فاتحتي .. هو ذا الكتاب .. فما  الذي كان ليكون الذي كان .. الزمردات  اللائي تجمعن عند الجواهر بحن بالرائي فاختفت الظلال . أهي الاثام بعض مسرتنا .. والاخطاء مودات ؟ لا تخاطب من الكتاب إليه ارسل .. خطابك اليّ خطاب اليك . التراب بعض سلوى .. والايام بقايا انثلامات . ويا قلب وحدك تعرف كم لا تعرف انك المنادي والمنادى إليه . غفرانك يا من صنعت الجبال قلائد .. والنطق منافٍ للغرباء .

[17]
        باي صخب عال التسامي تفككت حبات القلادة : النوارس باتجاه لا أحد ، والغيوم قبض ريح . انما ليس بالذريعة تخفي البرية تضرعات المارة ، او تتباهى بالامراء . مسودات اليد والعظام الامثال لم تمسها بالبلية . هم هكذا  يتندرون للثمن المزدهر ، يهدر ، كطيور انكسرت فيها العبارات  هوذا يعقد الصلح بلا منافع او خسارات : الولائم الضاحكات والبنات قبل الفعل . ثم بعكاز جيد الهدم تؤشر صفحات المخطوطة :  الخرز بلون فاقدي الجدارة ، والزاد بامتداد يد واحدة  هذه الحدائق لم تكن نياشين او مساكن لاحد ، المرأة اخذت الجدران معها وتركت الراحل . هم هكذا كفصول ينقصها التهذيب . الرجل غير المنصف والاحفاد في قائمة الأسرى . قاعات  النور وشيوخ الاشجار ودبكات فاعلي العدد . كأن المرتب من الأيام لا يخلو منا . بضربة تول يُجلد الصوت ويجلد صاحب الكتاب: صفحة إلى الصفحات يزال منها الرقم ، بيضاء ، كنبع ماء يطهر باكرات الشأن ، بينما الدهر الشائخ ينفث لا مبالاته لذة. لا يضاف للرقم أي رقم ، ولا يتراجع ، في بناء مستطيلات النسب ، بل عاليا عاليا، المزارات لا تخلو من هيبة ، قبل محو التدوين ، او بعد عهد الخاتم . الباطل بعض زرع ، او نافعات الأيام بعض تندر .

[18]
        اسكرني صحوي حتى افاق الهوى فيّ تراب : اين متاهتي ما اشتاق القلب إلا المتاهات . هو ذا البرق يلملم غيومه كعاشق خبأه العشق وما أختبأ . والماء يخرج من الماء ، كالميت يخرج  من الوردة . كل بنطقه محنة ، كل حيّ في شأن . نطق الليل بفجره ، والمرضعات لملمن الرطب وما ادركهن الفجر . كذلك نقاسم صحونا مودات سواد الفضة ، وتراتيل آيات العظام . ثم آفاق الجرح على الجرح : يا مارون بالمارة ما اضاعني طريقي انما للاجوبة سؤال : مدفني خلع بواباته وانا في البرية جوال . الراحلون تتبعهم اطيافهم والقادمون موتى قبل الاوان .

[19]
        الباب استذكار واليد بعض كتاب . تقدس التراب حتى غدا مودة . يا من النور عنده عتمة ، البحر يجرجرنا إليه مسرات ، وليس للنفس اوامر . هو الحبيب اهدانا غيابه ، وليس لدىّ القلب إلا وهن الطريق . من أرشد من وباي حجارة قادتنا خطانا اشارات  تركنا بصمات الاهل نائحات خلف انكسار الكتب ، بينما استعاد المرعى أبهة الكواكب . لا تسأل السؤال وانت طالب جوابه . اكتمل بالصمت او بنقطة ما الكلام إلا فاتحة طوفان ، والرمس اندثر قبل حفاره ، فماذا عن الراقد قبل الاوان . اخفض من صوتك لا تؤذ فما الهواء  إلا رفيف جرحى . ولا تمش فوق الأرض بثقل فما هي إلا كتاب وعد . يا صانعي اصنع لي صناعة اتلهى بها تارة وتارة هي تتندر بي .
[20]
        وردتي ضعها اينما شئت ، في مدافن الكلام ، عند ساحرة الطرق ، فوق الماء دعها تقود الغرقى ، انما الغد بعض حصاد أنا بذرته . وليس الشعر ما ينقشه النقاش نقشاً ، انما هو للمنسيين تذكارات . آه يا اوراق شجرتي  الثمار اينعت وانا مازلت في المهد . يا عيدي خذني إليه ، روحي ذابت ، مثل ملاك غافٍ قرب العرش . تعال نعيد عنده ، قد تنجينا النية ، تعال نبحث عن بابه او نطرق كل الابواب . هذا الليل ليس  وسادتي ولاا هذا النهار معاش . جمعت عشاقي فما وجدت من احببت .. انما يا روحي افرحي .. غني .. هو ذا خاتم الميعاد . للميتين موتهم ولي المتاهة اعياد . القلب ينطق ان نطق ، بما فيه ، وانا بوردتي امضي إليه .

[21]
        نضع المسلة فوق ركن البرد ونعيد الوقوف عند تعاليه : ليس الحب ما تبقى انما باجتماع الكواكب يحدث الانفراط .. فقط هو السر اضاء فتلاشينا فوق رمال باشكال مربعة وليس للصوت صدى  أو فم ناطق ، الخرائب لملمت انحناءاتنا مجالس ترف وزمردات فوق الرمل : حدائق في المناديل ، وتائهون فوق الاصابع . ولم ترحل صوره الملونة او تماثيله المعراة من البناء .. الاشياء لم تحصل او حصل ما حصل انما غيمة في الروح اخذتنا شتاتاً ووضعتنا فوق المائدة مع مشارط الخطباء ، بينما الاميرات المصونات بالولادة لم يستعن إلا بستائر مطرزات الرائحة ومتعففات بعطر المدافن . لم تخسر  الشجرة إلا لهب النار في القلب ، ولم يخسر الجسد حتى آخر مرارات البرق : كان العطر عديم اللون كرائحة الامهات اللائي انتظرن اعتراف الابناء . إلا ايها الشوق ماذا تبقى لديك وانت تمتلئ فراغا . سيان فالاعضاء ليست غاضبة ، والرسائل التي لم تكتب كالكتب ذاع صيتها . يا من تمشى فوق الغرقى تذكر بحرك الغريق .. وان شئت ستراني اصطحبك إلى الهجرة : هو ذا الباقي من الشوق للمسرات التالفات ، ولنزهات كفت عنا .. هذه الجدران بعض ملائكة ومن شدة ابصاري إليها لم تعد تميزني .. وليس كل نورٍ بهادٍ .. مثلما الامال ليست في خطاها واعدة .. بعض ما فينا عيد ، وانما ليس بالاعياد تكتمل الخاتمة . بعض النذور  وصايا .. وبعض المنقرضات ادلة سيّاح :ما ابهج هذا الذي لا يرى ، اخذنا بالذنب إليه واضاعنا بالافراح . فاي قلب مثل قلبي احتمل الثقل فوق الثقل وما احتمل بعض هذه الافراح . اغيثوني مني أو اغلقوا باب هذه الازمان .. لا أنا براغب لمعبدك يا ايتها المدينة ، ولا انا بمنشد لكتاب السلام . الذي وهبني وهبني إليه ، وذلك هو النشيد في اناشيد الإنسان .

[22]
        بالوردة السوداء تفتحت آخر النوافذ : الفصول وهي متدثرة بدورتها . لا أنس لا نسيان ، لا ذاكرة ولا تذكر : تلك اذن اصداء الرائي بعد الرؤية وتلك هي الممرات المنثلمات الغافيات قبل الميلاد . يا حجارة كورها مكورها عمن تتسائلين، أأخذت الاعالي زمردتك .. ام البحر انغلق بسفن غرقاه . انا اشتقت لحرف لم يدوّن ، ولكتاب  طواه الزمان . هذه لوعتي كمن اضل طريقه في الوديان . متاهة قلبي فردوس فلا تفكوا الجدران ، مثلما اسرار الباب في البيبان . دثرني فانا ضائع يا ايها الإنسان أعن الاشياء تسأل ، وانت لديك السؤال سؤال . خطاي تعثرت عند اختلاط الانوار . ام اراك تلملمني . اشتعل العاشق قلادة اخطاء ، مثل فضاءات تجمعت في حجارة . امعجزتك انك لا تأتي بمعجزة  ، والكفاف هو كل الزاد . انا عجزت عن رؤياك اهذه هي رؤياك . اذكرك اذكرك حتى كاد الذكر يذكرني بذكراك . أكل ما مضى هو آت أم هذا كله عيد خبأته الاعياد . ما انا  براغب فان اخذتني منحتني وان اعطيتني صرت لك خاتم الخفاء .

[24]
        في البحر حبيبي حروفه تكاملت ، ما غرقت ، انا لو كتبت لجف ماء البحر حتى لو جاء المدد بعدد دموع الغفران . فكيف اكتب اسمه وهو كل الاسماء . لا اشارة له ، هو سابق كل الاشارات . هو ذا نبض  قلبي لو جمعته عدداً بعد عدد ما صار اشارة ، فماذا عن الكلام . ليكف الفرح عني . ليس هو بالمر او الحلو ، حبيبي ، هو فوق الجبل كتاب ، وفي الوديان زنابق . هذا انا ضعت لا اعرف أأعثرت عليه ام محاني . وهذا انا بين مجهولين قامت قيامة حضرتي : كلامي خرقة ، ميلادي زوال . ويا عائد لن تعثر إلا على زوالها : اكوام قبائل فوق القبائل . ثم جمعت الكواكب فما عثرت على كوكبي ، فخلا قلبي من السر والاسرار . حبيبي لا اسم له فهو كل الاسماء . البحر اصطخب اذ عرفني ، فماذا لو كان البحر بعض  هذا الزوال . لن ارى من سبقني اليّ .. هو رؤيتي انا الاعمى في مملكة هذه الانوار .

[25]
        باي تكوين تكوّن فضاء روحي الدائم : اقاصي ما في العدد كخاتم لم تمسسه انارات المناديل : كون يتكون في نقطة .. خرائط لم تجرفها انثلامات المارة : يا مارون من اسبقنا في الاستئناف . الاصوات اربكتني حتى تاه الصوت . ثم امسك بي من لم يطلبني ، وهداني لمسالك لا تراني ان رأيتها ، ولا اراها ان رأتني : هدموا جسري أكان في الكتاب كلام للعبور : يا صاحب هذا الفضاء آنستنا بطوق يفك عنا هذه الاطواق : الأرض ما ضاقت بنجومها ، ولا الكواكب فكت طوق الامتداد . قلبي فاض بسكانه حتى خلا ولا احد قال اينا العاشق للعاشق : ولا الحب تهدمت له جدران . يا ساكن فنائي ما قصدك لهذا الفناء : قلائدها كواكب ، لا تضاء بزيت ، وما انطفأت لها انوار .
        اسرارها معلنات ، وما هي باسرار .. والغائبون عيدوا، انما نفسي ما طلبت مأوى : رقصت روحي بجند قاتليها ، فصار قتلاي عشاقاً لعشاق . وقال الضوء انهض يا ساكن عتمتي . كل قبر لقبر خلاص . انجدوني يا عشاقي بعاشق لا يسعى لخلاص . مت حتى كفت الاضداد عن الاضداد . لا تخاطبني انا سمعك في الخطاب : فمن المنادى يا من لا اسمعك في الاصفاد : أمجنون جمع ما تفرق وما تفرق صار قلادة احجار . هذا الذي قلناه قلناه ، مثل عشاق ينهضون من العشق عشاق : ادلوني على نبع انا ماؤه ادلوني على ليل انا اوله . يا من اضاعني السنا المفتاح والباب .


[26]
        في الصوت بعض ما في القبر من رفاة : الجراحات تضادت باكتمالها : ايها الباطل من قلّب من : خرائطي تلملمني وجنتي تفك عني اسوارها . هذا هو عاشقي قال اتبعني فتهت وما تهت . يا جند هاكم سلاحي : جثمان العاشق وردة .

[27]
        وردتي سؤال والسؤال لم يصر وردة . لا تبح ببوح .. كتمانه البوح .. غابة هي الفضاءات وروحي في نزهة . العاشق نهض بمثواه فما عرف حتى أسمه .

[28]
        امائدة الكلام انطفأت ، ام للسؤال استعادات : الغائبون  اخذوا غيابهم  ، من ذا يعيد للافراح الغياب . تجرجر الكواكب كواكبها ، كل الصفحات تجمعن ماحيات محوها وفوق  كل نسيان نسيان .




[29]
        يعودون اليّ، ذاك التل باثقال الازهار ، وتلك الريح بموسيقا جنائزها . يا من لم يأت وأتى ماذا فعلت بالاضداد .. اضدادي توحدت ضدي كجبل حراسه كتاب . ضع المفتاح فوق المفتاح هو ذا القفل .. لا باب يفتح لك الابواب : عاريات هي الفصول كجنات خاليات من الجنات . وانا هو ذا الورقة تركت الاسماء تمر على الاسماء .

[30]
        ضعي فوق الخاتم مفاتيح النشيد ، وبها عطري مدافن عطرنا : الحروف باهتات الشأن ، والكلام جذر قبائل وماهو بالكلام كان .. وما كانت  الاعياد احتفالات ختام . ايها الاتون مني متى غادرتم .. وانت يا ايها القبر أأنا قبرك ام أنت  راية احتفال .. ليست هذه بالشكوى ، او بالسؤال ، النفس لم ترض بمداولاتها ولا الايام راضية الجنان . الجبل مضى كسحابة فما لك بهذا الكلام .


[31]
        أهو بالثقل ليسمى وهو الذي امتلك ما بعد الاسماء : الأيام الراكضات باثقال المهجورات وهزائم الصبوات عند اكتمال الدفاتر . يا نفس ما وجدت اثقل منها ما وجدت اثقل منها ما وجدت إلا انها لم تتركني لسواي ، فما في المثوى معي لا أحد سواه .. ما غادرني بوداعي إلا إليه .. وعند حبيبي اكون له فكان الهجران . وما كنت إلا برضاه خصما لرضاي . عشقتني الاثقال المثقلات بالفصول فيما بصري يبصر من يبصر فيّ بالاثقال  الموغورات . أسأراك انا انا الممحو في الذكر ام رجائي هنا بعض عزاء . ايتها الأيام وما بعد الأيام الاثقال هنا وما بعد هنا منه لنا غابات في نقاط .. مرتبات قبل الوعد وفي فاتحة الابتهال .
[32]
        ضاع من اضاعني .. ومن اضاعني صار الدليل : القلائد تناثرت بين القلائد .. ولا احد لأحد .. والجميع للجميع . لا اعرف أأنا خارج من مثواي ام مثواي بانتظار مثوى جديد . المكان يبدل بزمانه ، والزمان بمكانه مكان . كواكب الكون نياشين .. فاي صحو لهذا السكر يفك هذا الدفين من الدفين .. يا من عشقت لا تطوقني  وانت الفضاء . بعض الماء يطهر بعض الماء ، والاعراس نذور لهذه الاعراس .. يا قلب شرّع شرائعك : المنفى باب ، والابواب لك مثل سجان وفراغ .. فمن يقدر ان يرى ماذا وراء الشطحات واليقين .

[33]
        تجمهر علىّ حبيبي فتجمعت افتراق بلدان . لا ليل ولا نهار يتعاقبان . القلب حجاب .. والحجابات سلالم انوار . لا صوت ولا صدى لي مع الأيام . وكالتائه سرت حاملاً مزامري في البرية .. هل من برية وهل من منشد في الميدان . وتجمهر عليّ حبيبي كجيش حاصر غزال . لا مأوى لي في البحر ولا في الوديان .. فباي حرف اجمع الصدى : الصمت بعض لذة .. وليس في الكلام نجاة . أدون ايامي محواً فوق محو .. لعل تائهاً ينجيني من الضلال .. ساعاتي الصدئات يترنحن ثملات معطرات يطلعن كالحور مزخرفات مزينات يتنزهن مهجورات وحيدات ويرقصن وحبيبي تجمهر عليّ فتناثرت كبركان .


[34]
        طوى الليل نهاره فجلست خلف الفصول ارتب  مأواي : ايها المثقلون بالاضداد ، مهلاً ، ما وراء النور والظلام أريد ، فاضطرب في الطريق . انجدني انجدني فما انا الارفيف في معناه لا اسم له وكله ابصار . لا الماء ولا الجمر ولا الفضاءات إلا لوعة لصق لوعة ، ومنقذي جعلني مثلاً .. وما ان إلا اضداد تكون الاضداد . اغثني بالموت فما انا إلا صدى في منفاه . الاسماء انفصلت ، والمدن تبخرت ، والجنود حفنة اغصان في نار. فنهض الموت ليأخذني إلى .. يا موت كلَّ بصري ، بعضي انفصل عن بعضي ، وكلما تجمعت افترقت . لا منجد لمن امسك بها إلا غادرها مع العارفين . فتعال انجدني بما بعد الماسفة.. ما جمعته كله بين الكفين باطل .. فمن ذا يقــدر ان يـراه والبصر بعض مسالك غائب .

[35]
        يا .. أ ..ن .. ت .. اللامسمات بكل الاسماء .. الملكة بالتاج ، والاكفان مناديل مباحثات الانامل . يا أنت الفصول استبدلت نشوتها بطبول طبالي ما بعد الليل : والرغبات أدت فرائضها جرجرة . أزلزلك كلام الاثبات .. أم للافلاك لذات الجرح . ايها الغموض أد فرائضك نيزكاً نيزكاً وامضٍ ، انا مع شيوخي استكمل محو الخرزات . اتبعثر قبرك ام الوردة جمعت هوامش العطر . هذا القلب اشتاق لبرهة أول الخلق . يا أنت لنا الانهار فرات ولنا المدافن قرنفل ولنا المزارات اعياد . فبأي المياه يطهر دخان الوعد ، آثار الصبوات المنحنيات على المربع ، وانوار الطرق في الاعالي . فعم يتساءل هذا الذي الكلام فيه جمرات ناعمات الاطراف ، مكتومات النية .. عم يتساءل هذا يا أ .. ن .. ت .. المبعثرة في مساحات التندر والنذور . لي لك الانا فناء كمثل ثلج راقد يخشى الذوبان . انما  الطبول اخترعت طبالها ، والسيوف دوّنت الصفحات المشطوبات : التواريخ ذات الاطراف .. والاعراس وسط الفحم الابيض .. كريات وشبابيك منزوعة الارحام ، بيوت خاليات إلا من مدافن المفاتيح ..يا .. أ .. ن ..تِ .. أنا أجمع لوازم الغيمة .. وسأمسك بعكاز الرحلات واقبع في بذرتي لك حتى اكتمال الاحتفال .


[36]
        أبالبرق طالعتنا الأيام المطويات طياً .. ام طوت الأيام البرق : هو ذا الغبار يلامس مملكة النمل : المخفي والمعلن : تواريخ الشمعدانات واخبار الحجاب . الغبار الاقل ترفاً من اميرات شمطاوات ، ومن غابات مطلقات بالشرع . اذن لا تبح والماء يندفع ضاحكاً مرتباً حكمة الاستقبال وصياغات النهاية . أأنت حزين كينبوع مداه البحر .. أأنت فرح مثل كتلة حاصرها الفضاء . انا الريح ذاكرتي ، والنار بعض حطبي .. فيا ايتها الريح اغلقي هذا الكتاب على هذه النار .. أو أن شاء  من شاء فلنرتب للحكاية تسليات اقل رجاءً واكثر امتناناً يليق بالسعداء .. يا شبابيك اليد اما زلت تحدقين في السؤال ام أنت اشارة للبرق سر العبور ؟

[37]
        ليس للكتمان مفاتيح ليس للقفل انغلاق .. وليس لكَ ان تغادر او تمكث في المكان الاخير : انها ليست لوعة وليست في النهاية أكثر من اولها هذا المسمى في الاسماء والمحو فيها أيضاً. لن يكسب المهرج رهافة أكثر من نسوة يضربن بالرمل طالع الانهار وخفايا البنات المؤدات . اذن ليست سوى احجار رياح واشتعال نوايا جميعا مرتبات ابعد فابعد من جذر كأن الفضاء ما عاد إلا فمّ وظّف للولائم . ستأخذ سجادتك وظلك وبعض ما تبقى من ماس العظام ومناديل محكومات الاطراف .. ستأخذ بعض تراب القبيلة وبعض مؤانسات الاشجار وقليل من الامطار.. قليل من الذكر وكثير من التعجل في قراءة المغادرة . ستأخذ بعض ما أهمل وقليل مما  جمعت من هذا القليل المهمل لتعيد ترتيب اللامبالاة على نحو اخاذ كنذر بمواصفات الاستثناء. هكذا بالمربعات والمكعبات تركب الفضاء لتنثره هدايا إلى لا احد كأنك تتلمس هدايا الجميع بمثل لا مبالاتك الملائكية .. تدخل بذرتك وتوقد شمسك وثنا لا تهدم فيه حتى جدران هذه الاوثان .

[38]
        دع الصوت يتربع عرش المعنى : الاقل جاذبية في اتخاذ الحكمة والاكثر صلابة امام المرمى : الرجال المحاصرون بالنوايا هم أيضاً  اقل اندفاعا من الصدى : ميلان الجبال وزلزلة الفؤاد والابصار باليد العمياء الاليفة . ليس للزقورات إلا اكتمال اشكالها .. فسكنت وهدأت فاستوت بيضاء بين الالوان . وليس للرايات إلا هذا الصلح : مفاتيح من انفق وابواب من سد على التراب النار .. ساوقد بالجذوة الأولى مربعات العدد ، اجلس بلا اصغاء ، واغادر بلا ضجة .

[39]
        قفلت الرياح كفها والفضاءات الباب : ليس من شكوى او استئذان  بالغضب : هم يتبادلون الحطب كما المدافن تبتكر تيجانها . النسوة الزائدات والرجال الاقل كفاءة جمعهم المحو : هذه دولة الماء : وهوذا العدد اكتملت صفاته . طبالون وزمارون ونقاشون .. وذلك الذي حاك  بساط الحائك.. وهذا هو الذي توارى في الورقة . تلك هي التي اغدقت بالنعماء سر طربها . وهذا هو – مثلي – لا يفتش عن ينابيع اضافية . وليس هو بالنائم ، ولا هي بالميتة .. المدينة اتسعت لعطرها حتى غابت ، وعلم العلماء فاض حتى تلاشى . أهذا كل ما في الأمر : فضاء صار نقطة ، اتسعت ، فاكتمل الفضاء .

[40]
        ستمسك بالمعول ، مرة أثر مرة ، لتدشن بيت  الوردة : ستدخل من دون قبائل ، جيشك الجرار جمع في نقطة ، والنقطة فضاء . ستغادر بصحبة لا أحد .. كجبل بعكازات هرمات . اما ذلك العاشق او فاقد الظل ، فانما لا اعتراض عليه . معولك والماء ، مثلما الدخان أحد ابناء الخاصة بصوت خفيض ، وااقل برداً ، ستدثر من معك ، الرأس وبعض الاصفاد .. وربما لن تفتح نافذة الفجر .. ستكون ، في الغالب ، قد استعرت احلامك من وثن مخلوع ، او ستشيد ، بدافع ما ، مزاراً ابيض لتوقد شمعتك ولا تعترض على احد . الداخلون او      الخارجات ، المطلقات او اصحاب الابهة ، ستكون أكثر ترفاً في اللامبالاة .. كتمثال محطم في ممرات الهجرة . معابدك    ونساؤك  وحجابك وكتاتيبك يمضون .. هم ايضاً ، بكسل باذخ .. يا للترف ، في الاخير ، لا يتلاءم مع احد ..         مثل تاجك والكتب التي كتبت، مثل عظامك وما جمعت       من نوادر ، فضاء في نقطة .


[41]
        خالٍ هذا الصوت إلا من تفتحات الوردة : ليس له امتداد وانا ليس لي حبيب بين الاحبة . خالٍ إلا من انثلامات المارة : وها هي الفضة السوداء ، مثلي ، التبست عليها الجذور: لن اودعك وان كنت تحمل خاتمي ذهباً متوجاً بالضوضاء انما لعبث اليد تبعات مؤجلات : خطابات اكلها الذئب ، وصباحات جرفها السكون لا انا لك ولا أنت لي . عسلك مر كذكرى قادمة .. قمحك اسود كجبل حزين . عنقك عمود سماوات فوق الوثن .. اذن يا ايها التراب أنت بعض شوقي إليه . ملأت الفؤاد فصول تلتها فصول : وجعلت الرياح تدور بالنطفة . انما الجسد محض دويلات ، كالبرد ينقع عظام الحبيب ، وانت أيضاً  ذبحنا لك بعض الذبائح ، ونثرنا لك العطور . ايتها المسافة اهناك مسافة بين المسافات . كل منا لرماده حامل ، طقطقة مخطوطات يترنحن فوق الماء ، وعشاق يتكومون في الظل : افلا ترى اننا غريبان كما الموت غريب . وهو ذا حبيبي كنور فوق الانوار ، لا مكان له ، وقد طوقني بالجدران . فعم السؤال وكلانا غائب . سأذهب وابحث عن شائخات اللذات : اتندر بوصايا منقرضات ، بحبيب من رفيف الدخان . ساتندر مع عكازي واعبر جداول الخطاب ، اضاعف النبض تاركاً الدقة تلو الدقة عوناً لمتضرع رغبات . سيمر فاقد الابهة والذي قتله شوق الجمال . كلاهما ولا احد ، بهمة شاحنات نقل العابرين ، يختطف العمر كله . لحظة اثر لحظة المشهد يتناثر بهندسة النوايا ، او بغروب المودات . ليس الرثاء إلا خرقة في قلب ، مثلما كنا سنكون ولن نكون : ينهدم الوعد كما العوائل في طريقها إلى الزوال .. لا احد  للباب بطارق ، لا الغائب ولا من سيغيب : كانت الروح قد ظهرت اشارة ، من ثم صداها ملأنا سكون .

[42]
        ليس لقبلاته لذة ، ولا لسكره جنان ، صحوت من خمر لم تمسسه شفتاي : ليس لجسده ذكرى ، مأوى ، ولا لروحه ايام .. تراه إذا لم تبصره ، ويسمعك كلما نأى المكان . لم تمر عليه ريح ولا جسده سكن بستان . اسود الرموش ناعم الموج تخاله الوعد وقد استبان . ويراك في الندم غفلة ،  ميزان ليس بالميزان . كأن الانوار لما رأته انطفات ، فاعتلاها جمر نيران . ولا هو بالنور ، او النار . ليس لكلماته سامع ، مصنع ولا هو بانتظار . لا بالميت ولا بالحي ، تراه  إذا شاء ، ويراك إذا تفرق الندمان . هو كرفيف جبال مسافرات ، وقبور مبعثرات ، وبحار ناطقات ، ومدن يافعات ، ونساء طالعات ، هو نافٍ للصفات ، لا يجمع  في رؤيا ، ولا يقسم إلى قبائل او رغبات . لا ينطق به لسان ، معادنه  شاهده  ، لا يغفر الذنب ، امتداده اجتماع ، واكتماله فضاء . لا دار له وزمانه كل زمان : حلو مر انيس موعود واعد فحل مكتمل عالٍ مكثر مقل مميت محي وان  شاهق بعيد فوق كل الاعياد . وما نطق به لسان . يا روح تبدلت النفس وما تبدل ، ويا غفلة ، والمحبة متاهات .. بالنذر مرارة ، وبالميلاد غوث . انا جبلت من جوهرة وانا من نفسي براء .. افلا يستكمل الشرط شرطه ، فاصير في بعض الوجود فناء .
[43]
        الظل ، هو الآخر ، تنحني له شائخات الساعات ، مثلما العدد غاب في الاعداد . يا لها من احاديث موقوتات مؤجلات كشمس تجري في انهار . حجارة فوق حجارة تفكك الممحوات ، والحروف يتجمعن ككواكب منسيات . افلا ينعم الكهف ببعض فصوله . يا وعد لا احد سبق احد ، كأنما البرية لملمت اطراف من انبأت ، فارتوت ، فجاءت على مكورات الارحام . وما هي بالذرية ، وما ثمار الليل بخاليات البال . اكتملت النطفة حصاد نوايا ، والدورة دارت بالزرع اناشيد مقفلات الامتداد . نهض من عليها مكتمل بمنفاه ، كالمتجمع في الذهاب ، وكالمغادر بلا مسافات . فما نجوت وما نجى من امسك بنجواه .
[44]
        ضع يدك فوق السر ولا تنطق به ؟ أثمة اسرار ؟ تلك العهود توارت ، والنياشين ركنت .. فقلت : أتخطو كثيراُ ومعك الفضاء دفاتر مغبرات . قلت هذا شأن العابرين وما أنت بعابر .. البيادر قلادة ليل .. والنجم النائم افاق ، وما معك من مؤنة نفدت ، وفي الحنجرة بقايا نشيد .. ضع سرك في مدفنه وتنـزه في خرائب الخرائط .. الناس بعض امتحان ، والنتائج اعلنت ، القرية باجلها ، وفوق كل تل تلال . لم تك ورقة فصرت غابة .. لم تك ميتا فصرت مدافن مكتظات .. أأطربك هواها فانجدك معولها فافترشت انوارها وما كنت باول المغادرين؟ ليل الروح كعروس النجم آت بالبينات . وما انتظارك إلا استئذان سفر .. لا تجعل كتمانك فضائح شدة .. ولا عتمتك تضرعات . اطرد من كوخك حكمة الريح ..لا تدندن بالشكوى ، من سلبك مستلب ، وما الاعياد إلا لذات منطفئات الجمر . أتقول دع الخاتمة بدء .. دع البدء نهايات . وما أنت بينهما إلا جسر : اعوام غافيات ، ورغبات مهاجرات. استقول قلنا لنتتبع خطاها ، ام بالرضا نغلق الابواب . ايها الدخان هذه بيانات النار ،  يداولوننا كموتى فوق الموائد ، ويقايضوننا مبادلات ، وما اغتنت النفس او بادت ، هي بعض يانعات الترف ، تزول بنعيمها ، وتولد بجحيمها فيروزات .

[45]
        احدنا اكتملت ثمرته : احدنا آن اوان عقد قرانه مع الفضاء : فعم الصخب في جدار الصمت : عمّ اليد تبحث عن كهف . ما كانت ايام الاعداد خاوية ، وما مقبل الأيام بهباء . هي الاشكال ابتدعت الوانها وتزينت بسواد بياضها ، وهي البراري كتمت سرها بعلانيتها . ولا تحزن كحزين فقد الحزن .. ولا تفرح كمن عاش في الافراح . الامواج متآخيات التراتيل ، مثلهن كمثل اللائي للعقم رفعن رايات الولادة . هاهم جنود الليل في مأوى الاوراق يتناثرن بلا صفات . يأتي الراعي مع قطيعة فدية احوال ، وشيوخ الجبل للقرون غافلون ، كملك اختزل الملك بالوراثة : تدق اليد على اليد والسيوف ذكرى هم المنتصرون اذ تتلاشى اعيادهم في الرمل ،  وهم أيضاً  اقل دربة من ينبوع خجول . يا من جعل لايامي متاهات وقلائد، سلاسل وفكاهات ، نوارس ، معادن ، تلفزات وعجائز يتندرن من عاشق كسول .. يا من جعل لساعاتي نهايات مواسم، اغلقت الدار . لافتحه ، وفتحت القلب ليطل على الفضاء. انما ابدا من يذهب إلى البحر لن يعود يرى مهرجانات السواحل . هم بعض صبية آنسهم ترف الرخاء والزوال ، غفلة أثر غفلة ثم ينهض الموت في الميت ، والحدائق في الصخور. نشاطر الدوران دورته ونعلن اعراسنا اكتمال . احدنا اكتملت فيه الدورة ، احدنا آن اوانه للرحيل .

[46]
        الكون في الفضاء ، و الفضاء في النقطة . النقطة في الحرف ، والحرف في الكلمة . الكلمة في اللسان ، واللسان في القلب . القلب في الجسد ، والجسد في القبر . القبر في الأرض، والارض في الفضاء . الفضاء في الكون ، ابداً ، ربما بما هو في النقطة ، ربما هو النقطة .

[47]
        اضاعني من اهداني الفضاءات وعد : المنشدون نشيد الباطل . او الذاهبون العائدون بخاتم الكهان . تساوى منشدها براحلها او بمن قدم . لا يطربني الاتي بالفلك ولا الذاهب إلى الهاوية : باطلي اينع وقلبي ما زال حجر . ان جاءت الموجة او ذهبت المحو يفتتح صفحات الازل . دعك من قدري عليك بالاقدار : انا لم اعد بين الجالسين جالساً . ولا بين الراحلين رحال . قاسمني ثوبي الجلد .. وما بين يدىّ مؤجلات قدر .

[48]
        طاعتي لك عصيان ، طاعتك لي نقصان .. فعم السؤال عن الغفران . رحيلي اليك فناء ، فناؤك فيّ ترحال ، فعم السؤال عن الطاعة ، اذهب كما شئت ،انا غادرتك من غير حسبان .

[49]
        وعصياني لك طاعة ، وغفلتك لي جنات ، فعّم تبحث الموجة في ظلها ، عمّ نثبت ما في الزوال من زوال . تساوى طالعها بغائبها ، نهارها بليلها ، وماءها بالنار . فأن شئت أقم عندي . فانا عندك قبل البرق وقبل هذا الكلام .

[50]
        حالان في حال ام حال في حالين ؛ حبيبان في حبيب ام حبيب في حبيبين : سيان الجسد بعض حالات التراب ، والروح بعض رفيف زمان ،موتان في موت ام موت في موتين : حربان في حرب ام حرب في حربين .. سيان .. الخطوات بعض تمهل ، المستقيمات بعض دوائر . عدمان في عدم ام عدم في عدمين ؛ ناران في رماد ام رماد في نارين : سيان . الوعود باطلة ، والحكاية اسفار مهاجرين .

[51]
        بين الوردة والوثن فضاء يد فوق الماء . هذه العناصر قرابين ، وهذا البصر انثلامات . ليس البرق هو المنادي ، ولا القلب هو المنادى عليه : مرت الذكرى بمحاذاة شقيقاتها واستقلت غيمتها فوق الخرائط : يا قلب فض عقدك وته بريتك تنتظرك مفتتحاً مواسم الطوفان .

[52]
        حبك  اسكرني في الغفلة : صحوي النقطة تحت العرش، وهي الخاتم الذي بالوعد دار . بحثت عنك بين الساعات فما وجدتك ، ناديتني فقلت انادي نفسي  فلا اراك . لا تضع امامي جنة ، وانت ما فوق الجنات . يا مغيثي اغثني الشطط اخذني وانا كأسير صرت للجمرات . بالفرح عشقت  سري وانا الاسرار تنجيني من الاسرار . اكلمهم قبل ميلادي وبموتي سـأستنطق الاوثان .

[53]
        ضعي الحجر في مكانه ، هذا نيشاني ، الا يا صانع الوعد ايهما وعدي : نياشين اخذتها النياشين ، واخرى عند الابتهال تبارك . لا تغادر ما أنت بمغادر ، كل ما عليها بالبذخ باطل ، وما هو بباطل . يا اوراقي لملميني انا مسافر وغير مسافر. وانت يا قلب ضع نياشينك فوق التراب . هذه الريح ان دونت او محت مرت في حجراتها ثوابت . فكنا وادٍ للاستضافة ، ولا رحيل لهذا المغادر واي منديل فوق المنديل بلا لوعة ، ترف هو الموت ان جاءنا او غادرنا . لا وادٍ ولا استضافة .. القلب سياحات .. وهذا ترفي فوق الترف مثله كمثل النار في المجامر .

[54]
        بعض الجبال مناديل تعارف . وبعض المودات صفحات تطوي صفحات . اتكتب كتاب منفاك ومنفاك  يترجاك الرحيل . مر العشاق وما كنت لذكراهم الا عاشقاً لذكراك . يا نور توهج غابة انطفاء . الذي عشقته استجاب فما كان الا هذا الغياب . تجمعوا تجمعوا تجمعوا انا المنفي في اللقاء . الا ايها المدون ضع فوق الكتاب خاتمة : كل قبر بمحتواه ابتداء .

[55]
        ليس لي يد تمسك بمناديلها ، العاصفة  تعصف ولا مأوى لها في دار . فافيق غائباً . يا جبل قل للجبل اثقلني اساك فوق الاثقال ، انا روحي ترفرف وما عليها عداك اثقال . ثم اعطاني  مدفنا كلما آويت اليه غادرني . لا تطرق بابي يا من أنت الباب . ومر الكلام كصمته . اعط  ليدي ما وهنت خفاياها ، فما بين يدىّ اكوان .

[56]
        ضعي منديل الخطيئة فوق براءتنا : القطارات المهاجرات في ليلها توقفن مع الريح : يا غصن خاطب غابتي بكتمان الاعياد : ضوئي مثل  وليد لم يولد ، ومثل ميت في انتظار : هذا التراب بعض لذة مؤجلة .. وفي القلب فصول كواكب مندثرة : ولي بينهما انوار فوق الانوار : يا غيوم اما تكاملت الانوار : الكواكب فوق الكواكب سابحات : يا ملاكي انجدني بملاك : الايام بعض سلوى ، بعض عزاء ، والكواكب بعض غيوم .
[57]
        جمع القلب ساعاته الشائخات مناديل اخرى : هل جمعها : افلا ترى الظل وقد غادر ، والانوار اغلقت واديها . يا من حاولت الامساك بخلاصين  اما كفتك الاناشيد : القبور اذا بعثرت لن تعثر لك فيها على فلك ولا على سواحل : لم تك غريقا إنما اشتقت للموج فابحرت فتهت  وصرت نسيا منسيا . من ذا يهز شجرتك ليساقط الوعد منها ، وانت نأيت حاملا تيهك بينهما : يا رداء أي الوعود جرجرتك حتى بلغت  لوعتك اعالي المرتفعات : الطوفان آت بماضيه ، والشبابيك انغلقت وانت في المهد تحاور جدران الاهل : تقول يا نفس    افي الصعود رضاك ،  ام ستعثر فوق الارض على مأوى :   صار الكلام خرائط ، وما كانت نواياك تبحث عن مخلّص .. عذبك الشوق حتى غفوت وتركت القلائد منثورات         عند العرافات يخبأن الخرز، وما جرحك صاحب الوعد ،      إنما الوعود صارت متاهة.. وليس لك خلاص او مخلص .   تهت بين الاعالي والوادي .. وكلما جرجروك ازدت     بالمسافة غربة .. فلا ماء الفرات رواك ولا النيل .. مرت بك القوافل وما مرت .. ومررت بها وما مررت ، حتى          صارت لوعتك الطارق والمطرقة .. فما يجديك الصدى       وقد  غادرتك الاصوات ؟


[58]
        واشتاقت الروح لثمار صخرتها ، إنما الجبال غادرت ، يا بساتين اما فيك شجرة .. يا مطوقات اما فيك مطوقة : وهن الصوت بالصدى .. وهن التراب بالميت .. واختفى العاشق بالعشق : يا عرس الامطار متى تكف عن الغواية .. ويا وادي اين تينك والزيتون : وهن العمر والكواكب في معابدها غافيات، بالكحل زيننّ ينابيع الشمس والانوار مرحات الشأن .

[59]
        في الليل بعض مناديل الفجر بازغات .. وفي الفجر الرمال فيّ احتفال : لا تطأ أرضٍ الا وكأنك غادرتها .. لك المصابيح  هداية ، والفضاء مكان .. لك الاضداد وحدة .. الحقول ثمار . فلا الراحل بغائب ، ولا من كان عندك قطع الوصال . هي بعض اشكال متآلفات النوايا ، وهي بعض متاهات .
[60]
        آخر المندثرات مناديل بيض فوق العهد : كلانا خيط في العتمة ، فمن ذا  جعلنا نماثل الليل والنهار ؟ يا حبيبي كلما احببت سواي ستراني عندك كجدار لصق جدار . احزان غابة ، ياقوتها بحر غريق في الثمار ، وانت مثل مطرقة في البرق . لا تأت ، أنت أخذت المجيء ، ولا ترحل ، أنت أخذت الميلاد .

[61]
        ختم الخاتم دورته بمزار فوق المزارات : غاب ليدلني : متى كان الغياب ؟ الخرائط مجمعات تحت العرش .. والياقوت بعض رماد . من احب من .. وانا روحي  جمرة لديك : يا وثني من يترك من والحساب آت بعد حساب . أكل نقطة بدوائرها تدور ، وانا دائرتي عندك نقطة : غفرانك ما فعلت خطيئة  وانما في الغفران غفران .
[62]
        بلا قفل أو باب ، الضوء يذهب إلى الضوء ، فعم السؤال . الغابة جاءت بثمارها وغادرت ، مثلما يد الطارق غادرت بمطرقته : الليلة عروسي عندي غائبة في احتفالها : زينتها بقلائدها ، وخرزتها من اشجار زينتها ، بالجوري زينت ثوبها ، طرزتها  بنجوم كنا جمعناها لعيدنا ، أوقدت لها مسافة الغياب وغبنا لعيدنا .
[63]
        لا ترثني يا تراب : لا ميت يرثي الموتى : دع الايام في نزهتها ، ما أنت بزائر ، وما أنت  بمغادر : تكونت فتكونا معها، وغادرت ولم نغادرها : ليلها فوق الاعشاب ، ويدها ما زالت اشجار سمائنا ، مناديلها اطواق حمامات ، وصلواتها جرجرتنا إلى كل صلاة ، هي جرح اعيادنا واعيادنا تراب .

[64]
        لدي ما ليس لديّ : كنوزي فضاءات ، وترابي ذاكرة ، لا يشتكي النور من عتمته ، الصحو اسكر المديات ، غائبي غاب حتى غبت في غيبته : من ذا يقول للظل أنت بلا نور ؟ جمعنا من الكواكب زاد مودتنا ، ثم من الاكوان خيوط فنائنا . هو ذا حبيبي يأتيني في غيابه ، فما ان اراه حتى ازداد غفلة . ايها الحاضر من ذا غيبك عني .. كتابي اليك لا يكتب ، كما الصمت هو اعلى الاصوات .
[65]
        قاسمني الليل وعوده : كل بوابه بمفتاح ، وكل بستان بغائبيه : يا قلب ماذا تترجى من فانٍ يرثي راحليه : التراب بعض كلام ضرورة ، والضرورات بعض صمت هذا الكلام ، انا رأيت فغاب عني الذي رآني ، وما كنت براءٍ : هذا هو عرس الارض : مدافن تمحو محوها ، الاسم اشارة ، والبيارق اكفان . يا ايتها المدافن بعثري حدائقنا لعل لبابي شرائع ، ولا لقلبي اصداء : تعال خذني مني اليك والى وليكن هذا هو سر الخلاص .
[66]
        اعطني يا ضوء مثقال براءة : انا قارة آثام بيضاء . تعال نغادر معاً فكلانا مغادران : هذه الافراح بعض احزاننا ، وهذه الاحزان زاد سفرنا : يا نور قلبي لم اخفيتني فيك : كلها اذا جمعتها تغدو ثمرة ، وانا ثمرتك والغابة نور الانوار . متى اراك وانت قارة قلبي : الجسد بعض امواج الغريق ، والغريق كل الامواج .
[67]
        ما غفلت في غفلتي الا غفلتي .. إنما الكلام  في صمته كلام : بماذا ينطق الرمل والماء اعاد للطوفان خرائط المدن : الجدران الصافنات يغادرن ظلهن ، كالبنات الشائخات يرقدن في مهد الانوار : لا مثوى لي ، الفضاءات اخذتني ، والمنقرضات بعض صحبي : لم هجرتني يا ايها الذي آواني مأوى لملمت فيه مأواك : أكان حبنا خطيئة مؤجلة ؟ يا حبيبي سألت عنك الليل فما اجاب ، ولا ادلني النهار عليك : أنت غائبي في الحضور .. أنت حضوري في الغياب .

[68]
        آثامي براءات جمعتهن في ثمرة : الثمرة غابة والغابة غابت فيّ : هذا هو حضور الغياب : لن اصالحكن يا زائرات .. لن اصالحكن يا مرارات : روحي تولعت بانوارها .. وما اشتاقت الا لقلائد فانيها : اعطيتني التراب وعداً وما كان الوعد الا هذا الكتاب .

[69]
        لا ينقسم الحرف إلى حرفين : الكلام سره نقطة . ما اضاعني حبيبي وما اضعته إنما المسافة جمعتنا غياب : تلك هي اساطير الماء ، مثل نور   اسود في عيد الاعياد : لا ينقسم الحرف إنما كله اجزاء . اين سجادة المزار واين آثام البراءة : كل ما عليها مغادر ، فعم السؤال عن الاسفار . اينما سكنت القلب مهاجر . الكلام في صمته ، وكل الصمت في الكلام .

[70]
        فيّ كل الغرقى : قارات البراءة وقارات الليل : لست وحيداً في المعبد ، الارض اعطت والارض  اخذت .. وانا ما كنت بظل لنور : يا حبيبي تعال  طرز مثواي بعهود يانعات ولا تغادرني الا عند اكتمال الفصول . الامطار انحنت لغيومها والارض  انثلمت انثلاما : يا مارة بينكم موتى وفتى قلبه للنور مشغولا . ماذا تفعل الايد والجسد  رهينة : هذا هو التراب بعض كلامنا ، وكل الفناء فينا وجودا .

[71]
        ما كان الوعد سراب : في الروح بحار غريقة ، وفي القلب بساتين يانعات . اين أنت يا ثمرة النار ، الجبال الشائخات انحنين لوديانهن ، وانت صرت وثناً من هذه الاوثان.



[72]
ما غاب ظل المنديل فوق العشب . الحروب اخذتنا اخذا . قل يا قلب لا تخدشني يا ماء النبع : انا غيمتك يا من جئت بالاسرار لا اسرار عند كاتمها : الماء سرنا . وعند فجر العيد حنينا بحناء الاعياد أوراق غابتنا ، يقولون ما هذا الترف يا عاشق والليل أكثر سواداً من الليل ، أقول أأكثر من هذا الجرح نزفاً جمالاً ؟

[73]
        أي حزن هذا الذي اعاد لي افراحي : ها انا سكران من غير سكر . القلب خالٍ ، والفضاءات اعياد . يا جنات أدخلن لبستاني ، الماء حضوري وغيابي ؛ هو ذا العاشق يجلس عند الصمت . فيا مملكة الوعود أهذا وعدي: الرمال كشفت عن عظامي ، ورحيلي إذا اقرب من ميلادي . يا صانع الصمت هبني جلال الصخور : هبني ليل يدثرني باغترابي . هذه الخرائط محكمات ، ونهاراتي صارت كعروسات شائخات . لا تتركني لظلي ، النور اخذني حتى غبت ، وكان غيابي عندك حضوري .

[74]
        ماذا حصدنا من الليل : ماذا حصدنا من المناديل : ماذا حصدما من الميلاد والموت : ايتها الغائبة ليس لدينا اسئلة او اجابات .. الاسئلة غابة والمفاتيح اجابات .

[75]
        كميت يدفن في الضوء .. هو ذا انا : التراب الذي استفاق مملكات مرة .  ليس لي اسم ، انا الهواء وهو يمر في آخر المديات .. لم أرث من غادر او عيدت للاتين : انا السكين عملت في القلب .. انما قط لم يغب عني من اعطاني المفتاح . ليس لي ضريح إلا باتساع قبلة .

[76]
        ضعي منديل الخطيئة فوق الضوء ، وتستري بعذاب التراب .. انا اصطحبت الانوار حتى افاقت اسرارها : الوادي قلبي ، والنار لذتي ، والفضاءات مثواي . يا روح  لمن ترقصين والغائب أكثر حضوراً من الغياب . هو ذا أنا في متاهة الانوار أتيه .؟ ابتهج بعتمتي . البحر غريق بين الاصابع ، والمدن جدران . فعم تدق الساعات الشائخات .. وعم يولد من لا اسم له .. يا حبيبة روحي لن ارثي إلا هذا الرثاء .

[77]
        لكل الخسارات ، هكذا هو الضوء نطق : لم نكسب إلا ما مضى : الأيام النائمة فوق المنحدرات ، والساعات    الداقات  دقات الليل . لم نخسر إلا خسائرنا . الجنائز التي       لم تتوج بعد ، والغيوم التي لم تأت إلا بالحجارة : اهذه براءة ام بحار مرارات . ايها الحبيب اغبت لكي اراك .. ام اني     ساراك في الغياب . لا رثاء لمن لم يولد ، ولا رثاء للمرثيين . العاشق طوقته اطواقه ، وما افاق : ان صحوت او         سكرت حتفك قلادة في الرماد . لا تودعني يا من لم ترني ، مطرزتك غابة احلام ، وانا في بذرتك نشوان . هذه الفصول اعياد غيابنا . يا من معي الاسوار سورتنا بانوارها ، الثمار  قلائد محنة وما انا إلا  امانة  لديك . دع الصوت يغادر ، كلما ابتعدت روحي لك مزارات .




[78]
        باعتى ما في البذرة – من خصب العويل – نطق الاستدراك : ايتها الصخرة اليل بين يديّ زمردات ، والنهار استئذان فصول . تعالوا ما رحل الظل ولا ولد ، ما هي إلا قلائد نهبط بها او نخرج : المنفى يد تساوى ببابها الجلاء ، والفناء بعض راحة . حبيبي ان ظهر غاب ، وبكل غروب صداه تكوين.
[79]
        هي النار كمفاتيح منغلقات ، كوثن مستعاد : ظهر لي ينطق بالريح وما كانت للمسافة ابعاد . ايتها المتوحدة انشودة ارحل المرتجى ، اقرعنا له طبول الغفران ؟ هذه داره باتساع ، وهذه انهاره بالانوار مطرزات هو  النعيم يقول هات كالمثوى تزين بالفناء . يا قلب اكان عليك ان تكون ؟ يا عابر الصفحات عد لها ، الحروف طرقات ، والعابر رماد ، وما هو برماد ، هو الذي  رتب الخفايا ، واعلن ما في الاضداد من اضداد .. اشدهن ارحمهن ، وما كان لهذا ان يكون لولا انه كان.

[80]
        هذه ثماره مناديل فجر فوق التراب ، واعياده كالايام معابد ممحوات . هو فوق الماء كخاتم  نذر . يا من لم يات     عند الينابيع ، المتاهات ازلي ، وعند البرية ما عدت انشد للعابرين : ليس لي عندك سؤال .. لقد اودعتني لرمسٍ خالٍ    مني ومنك . ايا من انشد في الماء وكون ، هذا وثن البرعم غابة ، وهذا الرماد مدن ومملكات ، فعم النار تتباهى بالطلب ،     ما ذهبت إليه بهتانا ، هو فتح للنداء جرح الغابة . ثم     بالفصول وضع الورد فوق الورد . فانٍ عيد الاعياد ، والعرس اشارة . هو ذا الدهر مرت به مواكبه .. وما مرت .     اعطيتني فما عرفت ، واخذت فما ندمت . كانت ايامي ككتاب كاتبه مجهول . لا اسرار للميت عند خرائط       التذكر ، وانا بالمحو دونت الكلام . تعال تجدني اشارة ؛ ظل لظلٍ خلت منه قبله الظلال . ثم افيق ترابا منسيا : أنشد إلا   اراه لكي يراني ، بذار بفناء فصوله تولد الرهائن .



[81]
        اوثاني يا اضوائي وما بينهما .. جلست اعلم الامواج : مدينة اثر مدينة ، حروب وليال خاليات الراس .. وما تركت البرية إلا واحصيت فيها غياب الغزلان . ما ذهب وما عاد . أين أنت يا حبيبي وانت فيّ . أقام النور صمته فاخذني إليه منفاي .
[82]
        غريق هو الفجر مثلما بالصخرة ترقد الاعراس : انا جنة خلت منها الجنات : ثماري قارات برايات مشتعلات وما باحت يدي باسراها : من ذا يعيد للحرف نطق الكتاب . لقد مر عليّ الدهر كومضة ميت جميل . ثم جلست عند العتبات ارتب انهاري ، ما عاد للقلب شوق للشوق : هذا رماد الرايات، وعند الضفاف قبائل تنوح . الليلة ككهف عادت إليه نيرانه : ما جدوى  اتساع اليد إذا حملت إليه نيرانه : ما جدوى اتساع البرية خالية من شموسها . ثم أسال نفسي : اهذه البحر مني ام انا منه .  لا تأت يا من اتيت ، ما هي إلا ثمرة في ثمار ، ورماد لا يحكي إلا حكاية الاوثان .

[83]
        اجمع فضاءات منفاي مودات مرتبات كارضٍ خلت من صلصالها ، اسبح بحبات البحر حتى فاض من لم اره فيضا . غريقي ليس  بين الغرقى ، وما كنت قارب نجاه . هذه الديار منسيات  يا صاح لا يغرنك راكب امواجها . لوعتي تناثرت وعظامي رداء .  لا يغرنك ياقوتها او كانز كنوزها ، انا بين العدمين نار رماد  ، فان رفعت الحرف فارفعه سهلا مبسوطاً ، وان كان لصوتك   باب فاحفظ صمتك فناء . ما باطلها إلا برق . يا صاح لا ارى ديارها ، مدافنها بعض ريح ، وما اسفارها إلا غبار . فلا يغرنك ان طلع طالعها ، بعض الانوار التبست عليها انوارها . ويا قلب  ما مكثت إلا قليلا ، فعم هذا السؤال ، عم هذا الانتظار .

[84]
        هو ذا الرطب يتساقط كاحجار في نار : ما كان الراكض بسابق ظله ، وما كانت النار اشهى من هذه النار :  ادخلي كهفك فالكهف طريق ، وابسطي للميت سجادات  الفجر . البحر بعض  خديعة ، والوعود نذور مدفونات تحت الدفن . هذا هو الليل يسبق دقاته ، والنهارات راقدات تحت الانام . كل ما عليها وسنان ، فيما تدور دورتها وتكتمل الفناءات بالدوران .
[85]
        هي المدن ذكرى كوردة في القلب : مثلما البرق اهرامات مهدمات النوايا : يا من لم تر حبيبي ما افعل والفرات حزين . يا من رأيت انا ما رأيت .. وما كان  لنا في المدافن إلا خيوط مناديل . هات موتك اعطيك الحصاد . هات القفل وغادر ، انا ما ولدت لها ، ولا لجبالها عشقت . بين الغرقى غاب حبيبي وفي الوادي غاب الكتاب .

[86]
        يا عتمة الصخرة اهذا نوري : رايات منكسرات الشأن، صحارى يستنجدّن بصحارى . ايها الذئب الجميل تعال شاطرني المهد : هذا الشيخ مدفنه كواكب ، اعراسه متاهات . تعال لملم معي رفاة  الكلام : بعض الطقطقات ليست لميت : القادمون غادروا قبل الاوان ، واليد ما زالت تكتم فضائلها .

[87]
        اهذه مسافة بين المسافات ، ام نقاط توقف : هذا العيد ضيعنا ، وهذا اللحد خلع خاتمنا ، انزلنا إليه ، أودعنا خفايا فجره ، ثم اغلق علينا الليل . يا ملكات ما شانكن بمن مسهن الندى ، الحقول جرحن كنسوة  المدن ، وانا قلبي متاهات قارات . من يدلني على الخطيئة ، افديه  بالفصول ؛ من يدلني على فنائي أهديه منديل الوعود . مجروحون يجر بعضهم بعضا  كقرى ميتة محى الذاكر ذكرها . مخلوعون يرممون باب القيامة لا منصت للذئب ، والعاشق في غابته استفاق حجارة .

[88]
        ليتها مرت ، صخرة الضوء ، ليتها استفاقت صدى براءة ، ليتها لم تكن ، سواها ، أكثر من اندثار بعيداً لصق ماء القلب ، كواكب ابهى  من تندر هنا في مدافن الفضاء ، دونت اليوم وتاريخ الليل : ايها الموت طال رثائي لك طال وقوفي في الابد .


[89]
        ودع البحر غرقاه ، مثلما النار اعلنت اعيادها ، فيما لم اعثر على غريقي بين الغرقى ، ولا وجدت في النار رماد . ما كان الضوء للضوء مدفنا ، او مزار ، فما كان حبيبي لي كايام غائبات الرمال . يا ماسات روحي ياجواهرها أين انتن وان شيدت للوداعات سواحل ، للمقابر زنابق وآس ورمان ، زينت الموتى بالجوري ، اعطيت الليل مؤانسات التندر ، اين أنتن  يا نسوة التراب ، يا نسوة اليد فوق  الكواكب ، الميلاد وعد والملائكة اطلال في القلب . ايتها التي لم تمسسها الابصار خذي مني لك زاد الوداع ، ما اشتقت له ، ولها ، إلا والشوق أطفا كل اشتياق . يا كتاب من يدونك وانت لكاتبه كتاب . بعض  ما في الاثم بهاء ، بعض ما في الاخطاء برق في الاحداق . إلا يا من ستمر بطيف لا تودع من ذهب ، ولا تجلس عند الفجر انتظاراً لليل .
[90]
        بالايام نطق من شيد مزار ، وما نطق . هذا تراب الظل يعود ، وهذه النفس ما اثقلها كنوزها . يا من أره شوقي اليك متاهة ، قبل دخولها كتابي مختوم ، وساعاتي قدر . يا من رآني وزين اضرحتي ما طلبت زاداً للسفر ، ما انا بمسافر . العابر ما غادر ليأتي  ، وحدائق القلب  ما اعلنت للدخول ، خذني فعندك الفضاءات ازل .
[91]
        هو ذا ظل البرق عند العرافات : جغرافيات منشطرات المولد ، قارات منقسمات الاعراف . هو ذا دفتر المحو : اصداء الاعالي فوق الموج ، لا حبيب ولا حبيبة ، اشكال نثرها الافق ، لا زمن للتائه ، ولا ماوى للغريب . وها هي وما فوقها عبور : الخاتم شارة نار ، والبحر باب نجاة . هو ذا انا لا أحد : كلماتي او اشكال المناديل ، هجرتي او العويل ، فالكل سواء ، ليل الوادي او نهارات الميلاد : هذا كله بعض جرجرات فصول ، بعض زاد العاشق الوحيد .

[92]
        دثرني بالزنابق وعود ، بالاثام اطواق نجاة . اعطاني اثقال كواكب ، تعويذات مدافن ، وبقايا مزارات . اعطاني الفضاء باب إلى باب ، والبحر سواحل فانيات ، وما كان للقلب مسرة او للاعياد زمان . هي الروح رفرفت بهجرتها ، والمهاجر ما غادر المكان . يا عرافات الساعة منا الظاهر من منا الذاهب إلى النسيان . انا قلبي لوعني حتى غادرني . فتتبعت متاهات الإنسان . كل بيده نطقه المنفى بيارق ، عظامي اصابها البرد ، وخطاي غدت كلمات زوال . النفس اثقلتها النذور ، والروح مؤنسها ضلال . الريح محت ما في اللوح ، وما تحت الاسماء . انا ما مددت يدىّ ، ولا بالبصر تضرعت بالنسيان . هو الكون احتفال كواكب ، وانا قارة دخان .

[93]
        بمحاذاة الضفاف ، يا فرات أدوعت مراثي البرق احزاني . ليس لي في الفضاء  كوكب او زمان . ليس لي في البحر غريق او موجة . جلست لصمتي اطرز ممحوات الكلام . ليس في شباك او مزار . لقد جلست بعيداً في المنافي اداول الفصول ، اخاطب ثمرتهن ؛ هذا انا بين المتاهات تناثرت ، ام هو ذا جرح آخر للسؤال . لقد كنت قبل سفري كل هذه الاسفار.. وقبل ميلادي ما كنت سوى تزاحم اضداد . لقد اسكرتني للصحو ، وما افقت إلا ولائم اقدار . وليس مثلي تناثر مفككا متجمعا في بذرة كتمان .
[94]
        الساعات رحلن ، مثلهن ، كالانعام فانيات ، آخت متاهاتها ، فيما ظلي يرثيني عند الينابيع . وارثي من رثاني ، عند باب النار ، توحدت اشكال اعاليها مدافن ، والاصوات باصدائها استأذنت الدوران . اني اصحطب خرائبي عانسات للزفاف . هو تموز ينهض بلا مدونات وما هذه إلا حكاية اهرامات فاض بها النهر . لا اعياد عندك يا من حسبتها ماسات او اقمار . الليل نهار مجروح ، كالفجر يلملم اسفاره .. هذه احتفالات ذرات قافزات ، هامدات ، فيهن الخلد مديات فضاء، كروح ترفرف بيد باعث الارواح .

[95]
        ما صنعته اخذه الإنسان . وما صنعه الإنسان اخذته الريح ، وما اخذته الريح أيضاً  يحتفل بميلاد الإنسان .

[96]
        ها هي شرائع الكلام : دخان مطرز بالماء : قارات ضالات الخطا ، مارة بالامطار يسودون الكواكب . فعم تنشد يا نبض الاستذكار : ما هي إلا صخرة شظاياها اقمار ورمال : غافيات يتزين بغبار السفر ، ها هي شرائع اليد فوق العصور : ملوك وملكات ، امراء واميرات ، فتيان وصبايا ، اشجار  ونار، اضداد ابوابها موصدة . يا قلب مالك حزين . ويا منشد انشد بالصخرة صمت الاعياد . فالجسد ضالٍ ، معادن اضداد . فعم الشكوى وكاتم اسرارها فكك خرائط الكتمان . اطرق يا برق نوافذ الصحارى ، الرايات عكازات ، كالخالد في النار ، والاصوات بصداها مملكات عشاق . فانٍ ما عليها كالغريق في البحار ، كالطين في الاكوان .

[97]
        لدىّ ما ليس لدىّ : اضرحة هواء : قوافل مرورها غبار.. لدىّ ما ليس لدىّ : غابات يتزين بعكازات ظلام ، ثمار يتبرجن بالاقدار اندثار . الديّ ما ليس لدىّ ، ايها الناطق ما مسك شك ، وما نفاك المنفى ، فما خطبك إلا سفر في هذه الاسفار .


[98]
        أي حضور للذي جاء  مداه غياب . أي غائب للذي حضوره انوار . يا ابتهالات حبيبي القلب غادر مأواه والامال مدافن قوافل عابرات . أي اعياد والمنفى خرائط عهود . كرات مربعات في الدوران . هذا هو شيخي غيمة وقفار ، فعم المطرقات والسندان . نشيد ينشد كتاب الاحزان . هذه شواهد الكلمات متناثرات منذ عهد ثمود وعاد والاهرامات . الفرات ينوح على ما مضى نوح عروس اثكلت بالثاكلات .

[99]
        الفضاءات مداها كواكب ، مثلما حبيبي مداه حدائق واعشاب . للاسئلة أفق ، ولي ما لم يدون بالكلمات . أرحل  كأني سأرحل ، مرة بعد مرة ، كميلاد ازدحم بالاضداد . ما كان عويلي إلا اسرار برق ، وما كان كتابي إلا الدليل . اكان لي في العهد دليل .. يتسامرن الحبيبات كأن بزوالهن اقمن مأوى للمغادرات . أخلد إلى الضوء احجارك وافرح فرح الفانيات .


[100]
هو ابتهال ام فضاء استذكار ( يا اوثاني …) يا من مر في غفلة البرد ، يا من مر والفصول نائمات .. أقم ماواك فيّ ، هذا الكون أكوان ، وعيدك بالكتاب مزار . هو ابتهال او مرور غريب ( يا اوثاني …) مر حبيبي فما رآني ، وما رأيته وانا عنده مثل زائر في مزار ( يا اوثاني …) آن لي مغادرة داري ، وكتابي ، علّ من يراني  ، يأتيني بمن مر في زحمة الاقدار ، وفي اكتظاظ البلدان ، وفي متاهة الدوران (يا اوثاني …) لا حبيب لدىّ  وانا  في كتابي ، انشدت نشيدي وذهبت إلى الأوثان .



   15/ 12/ 1997







الخميس، 20 نوفمبر 2014

فیزیاء الجسد و ایقاعه في مسرح مایرهۆڵد-د.فاضل سوداني:-بواسطة راباراوزري




فیزیاء الجسد و ایقاعه في مسرح مایرهۆڵد
د.فاضل سوداني: يعد كتاب د. فاضل الجاف (فيزياء الجسد.... مايرهولد ومسرح الحركة والإيقاع) من الكتب المتميزة التي لا تنقل تجربة وإبداع واحد من أهم المخرجين الروس في القرن العشرين فيسوفولد مايرهود (1874 ـ 1940) بشكل حرفي، وإنما تطمح إلى تقديم هذه التجربة ممزوجة بوعي معاصر وبحث مبدع للمؤلف الذي هو مخرج وباحث درس هذه التجربة عن قرب.
انه كتاب يساير التوهج الإبداعي والموت التراجيدي في أقبية الدكتاتورية الستالينية لفنان ومفكر ومبدع أثر منهجه المسرحي (البيوميكانيكا) في عمل الممثل في المسرح العالمي عموما. ومازال التأثير حتى اليوم وخاصة أفكاره وتجاربه في المسرح الشرطي ومفهومه عن المسرح الشعبي، وكذلك البنائية والمفهوم الجديد للميزانتسين وميتافيزيقيا الفضاء المسرحي ونظريته حول الجسد وإمكانياته الإبداعية الهائلة. و لهذا فان هذا الكتاب لا يتناول المايرهولدية من الناحية النظرية فقط وإنما من الناحية التطبيقية والعملية. وبالتأكيد فان هكذا كتب تحتاجها المكتبة العربية الغاصة بنقل الأفكار النظرية من مصادرها حرفيا بدون إمعان الفكر بها.
ونتيجة لأهمية مفاهيم مايرهولد فان تأثير البيوميكانيكا كمنهج معاصر لعمل الممثل لا يكمل منهج ستانسلافسكي الذي يعتبر من أهم المناهج في المسرح الواقعي فحسب بل يوازيه في القيمة الفنية والفكرية والجمالية مع النظر إلى الاختلافات الجوهرية بين المنهجين، فإذا كان الممثل لدى ستانسلافسكي يبدأ تحليله وعمله في خلق الشخصية التي يمثلها من المشاعر والأحاسيس الداخلية، فان الممثل لدى مايرهولد يبدأ من الحركة وإيقاعها للوصول إلى المشاعر الداخلية.
وكتاب د. الجاف (وهي أطروحة للدكتوراه قدمت إلى أكاديمية سان بطرسبورج لفن المسرح) هو من الدراسات الموثقة الأكثر أهمية وشمولية في بحث فكر مايرهولد المسرحي في مكتبة النشر العربي، لأنه يعالج منهج هذا المخرج والمربي والمنظـّر بهذه الدقة والموضوعية، ليس فقط من خلال أهميته وتأثيره في المسرح الروسي وخاصة بعد الثورة أي منذ بدايات القرن العشرين(كما جاء في القسم الأول من الكتاب)، وإنما دراسته أيضا لكيفية فهم الباحثين الأوربيين لمنهج مايرهولد والتدريب على تطبيقه في المسرح الأوربي والغربي عموما (كما في القسم الثاني) .
فكانت العديد من الدراسات أو الترجمات عن مايرهولد التي تنقل إلى العربية تغفل أهم ما في جوهر المايرهولدية واعني جانبها التدريبي والعملي والتطبيقي، مما خلق لدينا تراثاً نظرياً أحادي الجانب، ودائرة مسرحية ومعرفية محصورة بستانسلافسكي ومنهجه الواقعي ـ النفسي، حيث كانت هذه الترجمات تحذف الجانب العملي وتقتصر على الجانب النظري، مما يخلق نقصا في التعرف على أي ظاهرة وعدم التكامل المعرفي بها.
إن منهج مايرهولد من وجهة نظر الدراسات الغربية (والتي لم تكن في متناول رجل المسرح العربي)، تعد نقطة جوهرية، فقد بذل د.الجاف جهودا واضحة في البحث في الدراسات والتطبيقات العملية التي قام بها أجانب ناطقين بالانكليزية، أولئك الذين اهتموا بمايرهولد ومنهجه بحثا وترجمة منذ سبعينات القرن الماضي ، ولكن الجاف يحدثنا بأن اهتمام الأوربيين بمايرهولد بدا منذ عشرينات القرن الماضي كما سنرى بعد ذلك.
ومن اجل أن يقدم الجاف دراسة شمولية عن مايرهولد فقد تطرق إلى نشأته وحياته وتطور مسرحه حتى مقتله التراجيدي، ومن ثم تأثير أفكاره في المسرح المعاصر.
فالمؤلف يكتب عن ذلك الولع المبكر لدى مايرهولد بالموسيقى حتى كاد أن يصبح موسيقيا كما يصرح هو ذاته، ولكن هذا الاهتمام يعد من ضرورات ثقافة الفنان ورجل المسرح. وموهبة مايرهولد الشاب حتمت ترشيحه للعمل في فرقة موسكو الفني بعد تأسيسها مباشرة وهذا طبعا هو اعتراف بقدراته الفنية أبان دراسته للمسرح كما يؤكد أستاذه نميروفتش دانجنكو.
ولكن وجود مايرهولد لمدة أربعة سنوات في هذه الفرقة وتعرفه على المنهج الطبيعي ومفهوم ستانسلافسكي ودانجنكو للمنهج الواقعي في المسرح ، وما كان يملكه من أفكار جديدة أدى الى الخلاف بينه وبين أساتذته. ولكن هذه السنوات منحته إمكانية تعلم الجوهري في المسرح من ستانلافسكي وتشيخوف، فقد تعلم من الأول الأداء على خشبة المسرح، ومن الثاني فهم العلاقة بين الحياة والفن، وتعلم منه أيضا الاقتصاد والمهارة في التعبير على خشبة المسرح واعني الأسلبة والتكثيف. وبتأثير تشيخوف يعود الفضل إلى مايرهولد في تخليص المسرح الروسي والمسرح العالمي المعاصر، من ثرثرة المنهج الطبيعي والواقعي وتقنياتهما الخانقة.
فالأسلبة ـ التكثيف والوسائل الأخرى هي وسائل تمنح حركة وعمل الممثل وعلاقته بالفضاء، تأويلا جديدا غير موجودا في النص أصلا مما يخلق تمايزا وغنى في الفكر الإخراجي، خاصة عندما تتكثف كل مكونات الأسلوب والأدوات الإبداعية من سينغرافيا وممثل وغيرها لتأول الفضاء من جديد .
وعندما تطور عمل مايرهولد وتجاربه في المسرح وخاصة بعد ثورة اكتو بر، واكتشف منهجه الذي يمكن أن نطلق عليه بالمنهج المايرهولدي،كان دائما لا يجد الوقت الكافي لتحقيق جميع أفكاره التجريبية الغنية سواء أثناء عمله في مسارح الإمبراطورية سابقا أو مسارح الدولة بعد الثورة أو حتى في مسرحه الخاص.
البيوميكانيك منهج مايرهولدي معاصر
وتعتبر سنوات العشرينات أهم مرحلة في حياة وأعمال مايرهولد نتيجة لفسحة الحرية التي منحتها الثورة مما أدى إلى بلورة منهجه(البيوميكانيك) لتطوير أداء الممثل ونضوج أسلوب البنائية في العرض المسرحي.
وقد طرح مايرهولد من خلال منهج البيوميكانيك ، ما اسماه بممثل المستقبل كمصطلح لتدريب الممثل وإعداده. وقد تحدث د. الجاف بالتفصيل عن تطور هذا المنهج منذ تجارب مايرهولد الأولى حتى تبلور منهج البيوميكانيك وعلاقته بالبنائية والغروتسك مستخدما الكثير من المصادر المتنوعة لإغناء منهجه كالسيرك، الميوزك هول، الجمناستيك، المسرح الصيني والياباني القديم، وكذلك العلوم كالتايلرية وخاصة في مجال الحركة والإنتاجية وأهميتها في اقتصاد الحركة في المسرح ونظرية الانفعالات لعالم النفس وليم جيمس وأفكار بافلوف في الانفعالات الشرطية مما اوجد الكثير من الأساليب والتمارين المهمة لتدريب الممثل.
واستخدام المنهج بهذا الغنى يحمل الممثل على الإحساس أوتوماتيكيا بالانفعالات الداخلية، وما يفرضه المنهج في تغير حركة جسمه بشكل متواصل وتقسيمها إلى حركات صغيرة، يخلق العلاقة بين قدرات الممثل الجسمانية وأحاسيسه الداخلية. فمنهج البيوميكانيك يكّون المبادئ الأساسية للأداء التحليلي الدقيق لكل حركة، والتفريق بين الحركات بهدف الوصول إلى الدقة النموذجية. انه منهج يمتلك الآلية للوصول إلى شعرية الأداء وتطوير القدرات الإبداعية المتنوعة للممثل.
وبالتأكيد فإن هذا يؤدي إلى تحقيق التمسرح أو المسرحة في عمل الممثل ووظيفة المتفرج أي إخضاع كل شئ على المسرح إلى قوانين اللعب المسرحي. فالمسرحة قائمة على الشرطية التي تفرض مبدع رابع هو المتفرج، والتي تجعله لا ينسى بأنه أمام مسرح وممثلين يمثلون أدوارهم، وتجعل الممثل يتذكر دائما بأنه واقف على خشبة المسرح وأمام جمهور.
إن هذا المنهج أدى إلى استخدام أشكال مسرحية أدائية مختلفة كالبانتوميم ومهارة الحركة وغيرها، وكذلك أدى إلى إمكانية دمج القدرة البدنية بالقدرة الذهنية للممثل واستخدام قواعد الفن التشكيلي الحديث في العرض المسرحي والسينغرافيا،وهذه نقاط جوهرية أولاها الباحث ما يكفي من الشرح والإتيان بالأمثلة العملية.
لقد بنى مايرهولد منهجه وعلم ممثليه بأنهم لا يحتاجون ألإنفعلات في البداية إذ ينبغي توفر الحركة الصحيحة أولا وعندها يأتي الانفعال والإحساس الدقيق. ومن هذا المنطلق فان مايرهولد يعتبر كل شئ على المسرح عبارة عن حركة ولكن ليست تلك الحركة المجرة والتجريدية كما يفعل الكثير من المخرجين غير المتمكنين من أدواتهم الإخراجية، وإنما بالنسبة إلى مايرهولد فان الانفعالات والكلمات ما هي إلا حركة وهذا هو جوهر البيوميكانيك.
وقد أعطى المؤلف د.الجاف الكثير من التعريفات للبيوميكانيك والغروتسك وأغنى كتابه بالكثير من التمارين وأفكار المايرهولدية في أسس المنهج وجذوره وذلك من خلال استعراض ما قام به مايرهولد في ورشات عمله مع الممثل مما خلق ايتودات (تمارين)معروفة عالميا ومنسوبة إلى مايرهولد، وقد ثبت هذا صحة المنهج الدراسي للبيوميكانيك والذي نفهم من خلال الكتاب بأنه منهج جديد للتمثيل والرؤيا الإخراجية باختلاف جذري عن المدرستين الطبيعية والسايكولوجية، ومازال هذا المنهج يستخدم حتى الآن في مسارح العالم.
إن اعتماد مايرهولد على الغروتسك وإحياءه من التراث القديم هدفه إغناء لغة الممثل، فالغروتسك عند مايرهولد يعني الكشف عن ازدواجية الظاهرة، وكذلك الكشف عن بشاعتها وسخفها، لأنه يربط بين المأساوي والساخر ويمزج بين الواعي والخيالي ويكشف عن النواقص الأخرى. وإدراك هذه الظاهرة وتحليلها بهذه الدقة يؤدي إلى تعميق المعنى الحقيقي لها وارتباطها بالواقع والحياة عموما.
ويؤكد المؤلف في كتابه استنادا إلى المراجع والدراسات الموثقة ببطلان الاعتقاد بأن الغروتسك يعني التباين والتناقض فقط، إذ أن في الغروتسك يوجد هنالك صراع بين الشكل والمضمون، وعدم الترابط الظاهري هو نتيجة لأسباب كثير ة. ولهذا فان مايرهولد يعد مخرج غروتسكي يؤمن بان المسرح هو غروتسك.. و يؤكد دائما بأنه عندما يوجد الغروتسك في الفن المسرحي وفي صراع الشكل والمضمون يتغلب الأول وعندها تغدو روح المسرح بمثابة روح الغروتسك.
أما أفكار مايرهولد في البنائية فلا يمكن أن تكون متكاملة بدون تعاون مجموعة من فناني السينوغراف المجددين مما خلق تنوعا في الأفكار والتجارب واكتشاف المجالات الجديدة لفضاء المسرح وساعد (هذا التنوع من خلال الديكور والأزياء على تأكيد حقيقة هي، إذا كان ستانسلافسكي قد سعى لإظهار الحقيقة على المسرح، فان مايرهولد كان مؤمننا بالمسرح كفن بحد ذاته).
وكان الهدف هو إيجاد مسرح جديد يمهد للانتقال من الطبيعية التي كان ستانسلافسكي يؤسسها إلى الرمزية وخاصة عندما اخرج مايرهولد مسرحيات مترلنك، أندرييف، بلوك، سولوغوب وهوفمان. ويعتبر مايرهولد الأول من الذين عملوا على تحقيق المسرح الرمزي في روسيا، وأفكاره أسست أهم الإنجازات التي تحققت في مجال سينوغرافيا الفضاء الذي تحول من فضاء مسطح إلى فضاء غني بالممثل الجديد والرموز البنائية الأخرى.
فمايرهولد اكتشف بان الميزانتسين الطبيعي والواقعي الذي كان يُؤسس في مسرح موسكو الفني بإشراف ستانسلافسكي، غير مفيد ولا يتناسب مع التحولات الثورية الجديدة في روسيا، ولهذا فانه اعتمد على فناني السينغراف الجدد،لأنهم بعملهم يقومون بتشكيل العالم من جديد مما ساعد مايرهولد تقديم عروض مع ممثله الجديد إضافة إلى أغناء فهمه لمبدأ (المسرحة)الواعية المبنية على الزمان (الإيقاع) والمكان(الميزانتسين).
وقد ساعد مايرهولد استخدامه للميزانتسين كجزء من أغناء الخطة الإخراجية التي تصبح أكثر وضوحا عند إعطاء أهمية للضوء كعنصر يغني الميزانتسين، ولهذا تعتبر البنائية اليوم من أهم اكتشافات المسرح الروسي آنذاك ويعود الفضل إلى مايرهولد. وهذا ما تؤكده عروضه الشهيرة في هذه الفترة مثل : موت تراكلين، الغابة، الانتداب والمفتش العام،البقة وحمامات الدم. لكن منذ بداية الثلاثينيات بدأت الستالينية تنظر إلى منهجه في البيوميكانيك على انه تطرف خاطئ من مايرهولد.
مايرهولد وبرشت
يعتبر مايرهولد هو المخرج الذي وضع الأرضية الأولى للمسرح السياسي والتحريضي وذلك في عروضه، الفجر، وهبت الأرض، مستيريا بوف و(د.ي) وغيرها، وهو بهذا قد سبق برشت وبيسكاتور
. حيث أن أفكاره التي سبقت عصره سبقت أيضا برتولد برشت في طرح مفهوم التغريب في المسرح، أي في عدم اندماج الممثل بالشخصية وإنما تغريبها وخلق مسافة بينه (الممثل) والدور، من اجل الوصول إلى المسرحة وبعد ذلك التغريب.
لقد بحث الكثير من الدارسين أهمية أفكار مايرهولد في تشكيل أسس المسرح السياسي التي اعتمدها كل من بيسكاتور وبرشت كمصادر لهم وهذا ما تؤكده الباحثة كاترين بليس إيتون بان برشت اخذ الكثير من المصادر في تكوين مسرحه وخاصة من أفكار مايرهولد ، الذي هو بالذات اكتشف تلك الطرق والوسائل التي نعزوها اليوم الى بيسكاتور و برشت .
وقد أدى اهتمام برشت بالمسرح الروسي والسوفيتي، آن يضيف الكثير من مكتشفات مايرهولد ومفرداته الفنية إلى مسرحه الملحمي والتغريب الذي اشتهر به بدون أن يكون نقلا فوتوغرافيا وإنما عمد إلى تمثلها واستيعابها ، ومن هنا فان مايرهولد يسبق برشت بعشرة سنوات في هذه التجربة، التي أكدت على طرق جديدة أسلبت التجربة المسرحية العالمية وخلصت المسرح من الكثير من الغثاثة والثرثرة الفنية.
وهنالك ملاحظة مهمة يوردها المؤلف عن ثورية مايرهولد الفنية التي شكلت قلقا وإزعاجا لبيروقراطي الحزب وذلك من كون أن الثورة انتهت باستلام السلطة من قبل الشيوعيين، ولكن بعد ذلك بدأت تصفية المنادين بالديمقراطية، ولابد أن تزعجهم أيضا أفكار مايرهولد وتوجهاته الفنية لجذب جماهير إلى المسرح عبر تقديم عروض شعبية تتناول همومهم الأساسية وخاصة أبان مرحلة عروضه السياسية، إضافة إلى أن مايرهولد كانت له القدرة على التأثير على الجمهور وعلى عموم العاملين في المسرح الثوري ـ اليساري آنذاك .
العين الصفراء السرية لستالين
ونتيجة لغنى وتنوع أفكاره كان يحول أي نص كلاسيكي إلى عرض تجريبي متفرد. من هنا جاء حقد معاصريه عليه لدرجة العمل وبشكل حثيث لدفع ستالين للتخلص منه بتهم ستالينية مضحكة وجاهزة (كالعمالة للأجنبي، التجسس لليابان وبريطانيا ولتوانيا والتعاون مع تروتسكي) واتهامات أخرى حاقدة كونه فنان رمزي أو مثالي وان مسرحه لا ينسجم مع الثورة.... والحقيقة عكس هذا تماما حيث عندما كانت تقام حفلتهم لقتله، كان الجمهور يتزاحم لحضور عرضه المسرحي (الحفلة التنكرية) بعد أن عرضت 500 مرة، لأن أفكاره الطليعية تنسجم مع طليعية الثورة آنذاك وتهم الناس حتى الشعبيين منهم.
إن الفكر الآديولوجي الخانق دائما يقف بوجه أصحاب الفكر والإبداع الحر كما هو مايرهولد، فكلما كان يبدأ مشروعا مهما يؤسس فيه فكراً إخراجيا جديداً، كانت توضع أمامه العوائق والعراقيل، لذا فان مايرهولد دائما يرى نفسه عاطلا عن العمل في مجتمع اشتراكي .
إذن كل هذا لابد أن يقلق أصحاب القرار الذين أصبحت الديمقراطية عدوهم، وأصبح مايرهولد بعروضه الثورية المتجاوزة لحاضرها والعابرة الى رؤيا مستقبلية واحد من أعدائهم أيضا.
وبعد اتهام مايرهولد، الغي تراثه وعروضه المسرحية (التي كانت مستمرة أثناء ذلك). وأغلق مسرحه في 1938 بالرغم من إن الضغط الشديد على الفنان بدأ منذ عام 1927، وحورب بشدة بعد أن فرضت الستالينية ما يسمى بالواقعية الاشتراكية كمنهج موحد مفروض على جميع العاملين في المسرح والإبداع الأدبي والفني.
وعندما حدجته العين السرية لجلاوزة مخابرات ستالين ووضعته في شبكيتها، لم ينقذ مايرهولد حتى اعترافه بأخطائه ونكرانه لأعماله العظيمة واعتبارها أخطاء في الفكر ولا تنسجم مع المرحلة الستالينية، وطالب بما يشبه العطف المذل في السماح له ولأيزنشتاين وشستاكوفيتش(كانوا من الملعونين أيضا) في مواصلة أعمالهم من اجل تصحيح أخطائهم في المستقبل، وكل هذا أعلنه مايرهولد في خطبته (كانت كمؤامرة و شرك له) التي ألقاها في مؤتمر المخرجين في موسكو.
وعندما اعتقل دافعت عنه زوجته الممثلة زينادا رايخ بكتابة رسالة معنونة إلى ستالين، ولكن رده كان سريعا حيث دخلوا عليها فقطعوا جسدها بسبعة عشر طعنة سكين، أما شقة مايرهولد فقد استولى عليها رئس المخابرات بيريا ليقضي فيها لياليه الحمراء مع عشيقاته.وحرمّت أفكار مايرهولد وحتى ذكر اسمه قرابة نصف قرن عن الذاكرة المسرحية. مع الأسف هذه هي الظروف التي عمل فيها مخرج عظيم مثل مايرهولد، أما الغرب وأوربا فإنهم كانوا يعدونه مخرج المستقبل لذا أعطوا أهمية خاصة لدراسة تجاربه.
مايرهولد والغرب
والقيمة المهمة التي سجلها الكتاب هو أن المؤلف استعرض آراء الباحثين الغربيين المختصين بالمسرح الروسي بعد الثورة وخاصة مسرح مايرهولد، إضافة إلى آراء أعداءه فيه أيضا.
ومجموع الدراسات والبحوث القديمة والحديثة هذه تمتلك أهميتها الآن لأنها سهلت الطريق العملي أمام المنهج المايرهولدي في المسارح الأوربية، والميزة الأساسية لهؤلاء الباحثين، أنهم كانوا يبحثون تراث مايرهولد وأهميته ضمن تطور العملية المسرحية في العالم، حيث يستلهم الباحث كارتر من البيوميكانيكا المايرهولدية التأكيد على القضايا المهمة التي يمنحها المنهج الجديد كتمايز النوعية الجديدة للممثل، أي أداءه لنظام جديد بما فيها تطور أساليب جديدة، ومنح المسرح فضاء آت جديدة، وتنفيذ مسرحي له تأثيره على الممثلين و الجمهور.
وهو يقيم مايرهولد على أنه لم يؤسس مسرحا جديدا فحسب،وإنما أيضا جمهورا مسرحيا جديدا من خلال توحيده بين المصادر الكلاسيكية للماضي وربطها مع الوعي الجديد للناس .
وقد اهتمت الجامعات الأمريكية والبريطانية بتراث مايرهولد بشكل كبير حيث ترجم ادوارد براون كتاب (مايرهولد.. في المسرح)،
أما بول شميدت فكتب كتابه (مايرهولد أثناء العمل) وركز اهتمامه فيه على عمل مايرهولد بعد الثورة. وقد اصدر جيمس سيمونس كتابه
(مايرهولد مسرح الغروتسك) وتناول فيه مسيرة مايرهولد الختامية ونضاله ومعاناته مع الستالينية. أما براون فقد أكد في كتابه (مسرح مايرهولد ثورة على المسرح الحديث) بان مايرهولد فهم الغروتسك كتعبير لفلسفة الإنسان المعاصر. ويعرض لنا براون أيضا في كتابه (المخرج والمسرح) الصادر في 1982 أهمية دور مايرهولد ومكانته بين مخرجي المسرح المعاصر مركزا على أعمال مايرهولد في مرحلة المسرح السياسي.
فكما يوصف مايرهولد بأنه كان يحارب الجهل الفني بوضعه أسس جديدة لعمل الممثل وتقديم قيم جمالية للمتفرج، إلا أنه في ذات الوقت كان عليه أن يتحاشى الملاحقة العلنية من قبل رجالات الحزب والمخابرات ويحافظ على حياته من الحزبيين الجهلة والفنانين الحاقدين.
ولهذا فان المؤلف د. فاضل الجاف في كتابه هذا أعطى صورة كاملة لأفكار ومنهج ودواخل ومصير مايرهولد، الإنسان والفنان و المخرج، إضافة إلى أنه أعطى صورة تاريخية عن حركة وظروف المسرح السوفيتي مابين 1917 وحتى مقتلة مايرهولد في 1940 . وكانت هنالك مساحة كافية وضرورية لشرح المفردات التي يقوم عليها منهج مايرهولد مثل الغروتسك والبنائية والبيوميكانيكا وغيرها، والشئ الأكثر أهمية في الكتاب هو تقديم منهج مايرهولد وكذلك البحوث و التطبيقات العملية والتدريبية المعاصرة على المنهج. ومن ثم البحوث التي تناولت تأثير مسرح وأفكار مايرهولد في مسرحنا العالمي المعاصر، فأفرد المؤلف ملاحق وضح فيها أسس البيوميكانيك وكيفية التدريب واللإستفادة منه وخاصة في تجارب مسرح الأودن ليوجين باربا في الدنمرك و مسرح شهرزاد السويدي، أو التطرق إلى تلك الحوارات عن تجربة الباحث الانكليزي روبرت ليتش وعلاقته بالمايرهولدية واعتبار البيوميكانيك كمنهج لإعداد الممثل و العرض المسرحي، فهو يعتبر مسرح مايرهولد جوهر المسرح الحقيقي المعاصر.
fasoudani6@hotmail.com
ــــــــــ
د. فاضل الجاف، فيزياء الجسد (مايرهولد... ومسرح الحركة
والإيقاع) إصدارات دائرة الثقافة والإعلام ـ الشارقة 2006
مصدر المقال: جریدە ایلاف العدد: ٤٥٧٧

٠٢.١٢.٢٠١٣