الأحد، 8 يونيو 2014

الحمد لله !!!!!!-حامد كعيد الجبوري

الحمد لله !!!!!!
حامد كعيد الجبوري
يا مكان ...؟؟
أبيا مكان الانفجار ؟؟
باجر التفجير يوصل يا مكان ؟؟
يا هو مات ؟؟
ويا هو عاش ؟؟
الحمد لله ..
اليوم كملت النهار
الشكر لله ..
اليوم كملت النهار
وباجر يحلها .... !!!!!!!!!!!!
أيضيف يوم
تزيد ساعات احتضار
الحمد لله ...
نهر سوينه الدموع
دموع نبجي عالشهيد
دموع نبجي عالجريح
والوطن ساحة دمار
الحمد لله !!!
بعد جم محبس بصبعك ؟؟
صيح بات ..
الورد يابس بالشجر
العيون أتصب نفط
كلشي أسود
والسياسة أتخم محار
الحمد لله الانتخاب
وصار عدنه البرلمان
مو مثل ذاك العتيك
الشعب بيده الاختيار
الولاية الأولى مذبوح الوطن
الثانية صارت سوالف
الثالثة بصمة وقار
الموت عالبيبان واكف
ما يفرق يشتغل بسم ألآله
ولا يهمه
يلكط زغار وكبار
الحمد لله اليوم عزراين شفته
بالوطن ناوي أقامه
الحمد لله مات جيراني وصديقي
الحمد لله مات أبن عمي وأخويه
الحمد لله لسه أتنفس بريتي
والنفس ...
نار وشرار
الحمد لله ...
بالوطن يحجي السياسي
وعالوطن تبجي الكراسي
والوطن بيت الأجار
***********



السبت، 7 يونيو 2014

عندما ينفجر الجهل عبوة ناسفة- كاظم فنجان الحمامي

عندما ينفجر الجهل عبوة ناسفة


كاظم فنجان الحمامي

تعددت طرق الخلايا الإرهابية في التعبير عن نزعاتها الإجرامية، فنسفت الجسور والمدارس والمساجد والكنائس والأسواق والتجمعات السكانية، ثم توسعت في نشر أفكارها الظلامية، وتمادت في التهديد بخناجرها لتزهق أرواح الصغار والكبار بدم بارد، فاغتالت الإعلاميين والفنانين والأساتذة والمهندسين، حتى صار القتل والتفجير عنواناً من عناوين الخراب الشامل، وبركاناً عنيفاً من براكين صناعة الموت ونشر الدمار، فأحرقوا الحرث وقطعوا النسل, ورفعوا رايات الرعب بين الأحياء الفقيرة.
كنا نتوقع ظهور مخالبهم في كل مكان، لكننا لم نتوقع أن تصل بهم الخسة والنذالة إلى قتل الفرق الطبية المكلفة بالتطعيم ضد مرض شلل الأطفال، ولم نكن نتوقع أنهم سيمنعون التعامل مع الحملات الصحية المكلفة بالتلقيح، ويفتون بقتلهم والتمثيل بأجسادهم. 
لم تأت العمليات الإرهابية التي استهدفت الفرق الطبية في الرمادي والموصل وديالى من باب الصدفة، فقد كانت لها جذورها التعبوية المنبثقة من بؤر الظلام, بناءً على فتوى أصدرتها الأوكار الإرهابية، حرمت بموجبها السماح لفرق تلقيح شلل الأطفال بالعمل في القرى النائية بذريعة التشكيك بصلاحية اللقاح، أو التشكيك بنوايا الفرق نفسها.
https://www.youtube.com/watch?v=GS9ynvGH1h8
تعود تلك الفتوى إلى عام 2011، وهو العام الذي قررت فيه طالبان توجيه هجماتها نحو فرق التطعيم ضد شلل الأطفال، وكانت القرى الباكستانية والأفغانية والبنغالية هي الأهداف السهلة لتنفيذ التفجيرات المتوالية ضد قوافل فرق التلقيح، فسقط حتى الآن مئات القتلى من العاملين في حملات المكافحة, راحوا جميعهم ضحية الفكر المتخلف، وتشير التقارير المرسلة من تلك البلدان إلى عزوف آلاف الفقراء عن التطعيم، ورفضهم تلقيح أطفالهم ضد الشلل الذي مازال متفشياً بينهم.
مما لا جدال فيه أن تنفيذ الهجوم المسلح ضد الفرق المكلفة بمكافحة الأمراض الفتاكة، ومنها شلل الأطفال، والإفتاء بتحريم التعامل معها، يعد من الأفعال العدوانية الموجبة للعقاب شرعاً, بقدر الضرر المترتب عليها.
نحن الآن في أمس الحاجة إلى التصدي للفتاوى الباطلة، التي ظهرت مؤخراً, والتي تحرم التطعيم ضد شلل الأطفال في الديار الإسلامية، ويتعين علينا العمل على تصحيح المفاهيم الخاطئة، وتمويل حملات التوعية في المناطق الموبوءة.
من المفارقات الغريبة أن المنظمات الدولية رصدت مئات الملايين من الدولارات لدعم الحكومات المتضررة، وتعزيز جهودها نحو تطعيم أطفالها ضد الشلل، بينما تتعمد منظماتنا العربية تجاهل العمليات الإرهابية، التي استهدفت فرق التلقيح والإسعاف الفوري في سوريا والعراق.

ربنا مسنا الضر وأنت أرحم الراحمين

الشهادة في قاعة الامتحان-الدكتور الاستشاري رافد علاء الخزاعي

Jun 6 at 10:26 PM
الشهادة في قاعة الامتحان

خوفنا الازلي من قاعة الامتحان
زرعه نابليون بحروبه الحمقاء
زرعه الجهل المستشري في النفوس
زرعته عصا المدير الواقف في ساحة المدرسة وهو ينتظر الضحية
خوف بدده صوت الاستاذ وهو يعلن بدء الامتحان
سقط القلم
تبدد الحبر على الارض
 اكتملت الاجابة بالدم
هكذا كانت سما ليث
في امتحانها النهائي
 امتحان المواطنة
 امتحان الشهادة
من النواميس الاخلاقية والدينية والقانونية والمواثيق الدولية تعتبر بيوت العلم من مدارس وجامعات ومعاهد اماكن مقدسة لها حرمتها ولها تقدليها واحد شروطها هي البيئة الامنة للفكر الحر والرقي الانساني.
 وهكذا عبر التاريخ تعلم الناس الرهبة  عند الدخول الى المحافل التعليمية وهي منبثقة من الرهبة الاولى عندما كنا اطفالا ورهبتنا من الدوام في اليوم الاول المدرسي وتتوالى الرهبة وتترسخ في نفوسنا عبر الامتحانات وساعات الانتظار قبل الدخول الى قاعات الامتحان او في خطواتنا نحو المدرسة ونحن نحاول اجراء المراجعة الاخيرة لمادة الامتحان وتبقى ارجلنا ترتجف وهي تشد الخطى نحو المدرسة ورغم هذا الرعب الذي يسكن النفوس بدون ارادة او داع ونحاول طرده عبر الضحكات الهستيرية او ترديد الادعية والايات التي نحفضها وبعضهم عبر التدخين بشراهة عسى الدخان المتصاعد من الجكارة يبدد هواجس الخوف المستشري والخوف من الفشل ، فالامتحان هو اختبار للقدرة على التحصيل الدراسي الجيد ، و المثابرة و المتابعة الدراسية كفيلة بالحصول على أفضل النتائج ولكنه بعض الاحيان يعتمد على الحظ او مانسميه التوفيق الالهي بان تكون الاسئلة كما كنا نتوقع سلفا.
وهكذا كان الطلاب  يبتكرون الكثير من الفعاليات والنشاطات لطرد القلق فمثلا انا كنت العب الدومينو  (الازنيف)مع اصدقائي ونحن نجري المراجعة الاخيرة للدروس ومن خلالها نستذكر الاسئلة المتوقعة عسى حظ الدومينوا يجلب لنا الهام الاسئلة المتوقعة ,وكانت معنا طالبة علمتنا طريقة كانت فعالة وقتها وخصوصا في درس التشريح وهي احتساء علبتين بيرة لطرد الخوف والقلق قبل الامتحان , وبعضهم يتداول علاج الانديرال المضاد للادرينالين المتصاعد من القلق ويقلل من خفقان واضطراب القلب والتعرق اثناء الامتحان , وبعضهم ياخذ علاجات منشطة ومنبه للقدرات العقلية ولكنها دوما تعطي نتائج سلبية فاغلب الطلبة الذين يتداولونها يتعرضون الى اوهام الاجابة الخاطئة وتشبك لديهم المعلومات ويصبح لديهم الخلط وهنالك في ذاكرتي مواقف مضحكة ومحرجة لازلنا نتذكرها عندما نلتقي دوما . وبعضهم يعاني من الاسهال وبعضهم كثرة الادرار والتقيؤ وقد تصل في بعض الاحيان الى الاعياء الشديد وفقدان الوعي.
وكانت هذه الحيلة حيلة فقدان الوعي المفتعل نفذتها طالبة جميلة جدا وقد زينت نفسها قبل الامتحان كانها  ذاهبة الى حفلة زفاف وفي امتحان الجراحة مثلت فقدان الوعي فما كان من الاستاذ ان يساعدها وتجتاز الامتحان وتنجح رغم انها كانت كسولة وغير مواظبة على الدوام, وبعد يومين حاول صديقي ان يكرر المسرحية نفسها فما كان من نفس الاستاذ ان يرش وجه صديقي بدولكة ماء بارد وانا اضحك وانا اراقب الحالة واقارن بين حالة الامس واليوم ويقول له الاستاذ عيب عليك انت رجل وانت تخاف من الامتحان.
وقد رسخ في ذهنيتنا مقولة للقائد الفرنسي الشهير نابليون مقولته الشهير ساحة المعركة ولاقاعة الامتحان(ساحة الحرب هي أهون عيه من قاعة إمتحان)...نعم انه الخوف المستشري في نفوسنا من الفشل والرسوب والافتقار الى الغيرة او المنافسة من اجل التفوق والنجاح. وهكذا تعلمنا نتقاسم الخوف كتقاسمنا رغيف الخبر فترى نهمل هندامنا ولم نعد نحلق اللحى ونطيل الشعر والبنات يلبسن الحجاب وقت الامتحان لان لاوقت لديهن لتصفيف الشعر والاعتناء به انه خوف مستشري نتيجة سؤ الفلسفة التربوية المبنية على الخوف وان معيارها فقط النجاح  والمعدل في الامتحان
وان هذا الخوف والقلق  من الامتحان هو حالة مشاركة وتفاعل  مع الاهل من حيث المراقبة والنصح على المثابرة وتوفير الاجواء المناسبة والطعام الجيد والدعاء للابناء بالموفقية وحتى تستمر الحالة ببعض الامهات بتمرير القرأن على الروؤس او رمي طاسة ماء عند وداع الابناء للامتحان او الذهاب معهم والانتظار في باب القاعة وكان امهاتنا يعيشين حالة طلق اخر لولادة قادمة او ابائنا كانهم واقفين في صالة الولادة وهم ينتظرون البشرى وبعضهم يكتفي بتلقي الاتصال للاطئمنان على اداء ابنائهم في الامتحانات.
وايضا ان التطور التكنلوجي جعل من قاعة الامتحان سهلة الاختراق عبر وسائل الغش  المختلفة مما ولد وظيفة جديدة هي تسمى قاعة الامتحان ألامن واصبح للامتحان ثمن وتكاليف جديدة.
وهذ هو مخطط له لاستهداف البنى التعليمية ومعيارية التعليم في الدول النايمة من اجل تسويف قيمة الشهادة وفقدان مصداقيتها وقيمتها الحقيقة مما يشكل احباط للجيل الجديد واعتبار المدراس بيئة طاردة من اجل استشراء الجهل والامية مما يؤخر التنمية المستدامة وتعطيلها والبقاء الوضع على ماهو عليه وجعل البلدان النايمة بلدان استهلاكية مستوردة مثل مفاقس الدواجن.
ان الارهاب اضاف تحديا وبعدا اخر على معيارية التعليم والبيئة الامنة للقاعة الامتحانية من خلال استهداف الكليات والمدارس والمعاهد بالمفخخات فكم شهيدا سقط وهو في طريقه لاداء الامتحان من اجل حيازة فرصة في تنمية وبناء هذا البلد الجريح هكذا هو الحال دوما الغربان تقتل حلم العصافير.
 ان الشجاعة لاتقاس بالكلمات وانما تقاس بالمواقف والتاريخ يسجلها ويستذكرها دوما دون وجل وتردد ان الاتكاء على مقولة نابليون  بو نابورت هذا الامبراطور الذي حاول ان يقلد حلم الاسكندر الكبير والخائف من قاعة الامتحان كسرت مقولته فتاة انبارية عراقية ارادة تحدي الظلام والارهاب الاعمى  ومشاريعهم الهدامة فكانت شجاعتها بان اختارت الخوض معركة التحدي في الذهاب للجامعة في بيئة ملتهبة ووضع دموي وقتال في الشوارعبين القناصين الدواعش  والجنود الابطال الذين يحاولون نشر الامن واعادة الحياة والامل , انها شهيدة الامتحان وقاعة الدرس المقدسة "سما ليث"، الطالبة في كلية الزراعة بجامعة الأنبار/ المرحلة الثانية،  لم تكن تدري أن صباح الأحد 1/6/2014، هو الأخير الذي ستشرق فيه الشمس على حياتها لتكون شمس مشرقة لنساء العراق وهن يتحدن الظلاميين  وهي تودع اهلها وتذهب وهي حاملة لخوفين في أن واحد خوف من قاعة الامتحان والقلق من صعوبة الاسئلة والخوف من الارهاب الاعمى والدواعش انها فتاة التحدي وقلبها الصغير يحمل هم الخوفين وبشجاعتها ذهبت "سما" صباح الأحد، الى مبنى الكلية، الواقع في منطقة الزراعة شرق الرمادي، لتخضع للامتحان النهائي، فجلست على كرسي الاختبار، وبدأت تكتب، وما هي إلا دقائق، حتى سقطت على الأرض، مضرجة بدمائها، بعد أن أصابتها رصاصة طائشة في رقبتها لتكون اجابتها على اسئلة الامتحان بالدم على الحبر الازرق .......نعم نجحت سما بالامتحان بتفوق يحسدها الكثير امتحان حب الوطن امتحان التحدي امتحان استمرار الحياة  وقد جعلت من ساحة الامتحان و ساحة الحرب مساحة واحدة تجاوزتها بشجاعتها وكان الثمن شهادتها وزرعت في ارض العراق نخلة باشقة لاتهاب الموت  وبهذا افشلت مشروع الدواعش في ايقاف الحياة وتعطيلها وهكذا يبدو أن جميع الكائنات المتحركة والساكنة، تحولت إلى "أهداف" في معركة الأنبار، وأيا كانت الأسباب، لا يمكن أن يتوفر تفسير ملائم لهذة الجريمة المأساوية الا هو الاستهداف للعلم والتقدم والرقي الاسلامي انهم نفس الوجوه في افغانستان وفي العراق وفي الشام وفي ليبيا  انهم وجه اخر لبوكوا حرام انهم الخوارج الجدد بوجه وسيناريوا اخر لتعطيل وتشويه الاسلام انهم انفسهم من فجر الجامعة المستنصرية وقتل الاساتذة والعلماء في العراق انهم من فجر المدرسة في تلعفر وتكريت انهم خفافيش الجهل الذي لاعلاج لهم الا الحرق والقتل.
لقد سجلت الطالبة سما ليث شكلا جديدة للشهادة والامتحان من اجل المواطنة واستمرارية الحياة.


الدكتور الاستشاري
رافد علاء الخزاعي
مستشفى الجادرية الاهلي
بغداد- الكرادة خارج- عرصات الهندية
009647713333002-009647901944328

الأربعاء، 4 يونيو 2014

عصر اينانا المستعاد رواية جديدة لعادل كامل

عصر اينانا المستعاد رواية جديدة لعادل كامل الرواية في ست فصول ستنشر تباعا وللتحميل من الرابط التالي
http://www.4shared.com/account/home.jsp#dir=EwCcFc6N

الاثنين، 2 يونيو 2014

التيفو ودوخة العراقي-الدكتور الاستشاري رافد علاء الخزاعي

التيفو ودوخة العراقي
دائما يراجعنا في العيادات الخاصة واستشاريات المستشفيات الحكومية  مرضى يشكون من الصداع او الدوخة وأسهل تشخيص لحالتهم هو التيفو كما يسموه البغادة واغلب العراقيين  ويسميه المتعلمون مرض التايفؤيد او الحمى التايفويدية وقد اطلق عليه هذا الاسم لان اعراضه مشابه  قبل اكتشاف المضادات الحيوية في اربعينات القرن الماضي يشابه مرض التايفوس او التيفوس او الحمى  النمشية(Typhus) وهو مرض تسببه الريكتسيا وهي جرثومة اقرب للفايروس من البكتريا وينتقل عن طريق قمل البدن وكان منتشرا ولازال في بلاد الافغان وايران.
 ان حمى التايفؤيد او الحمى التيفية( typhoid fever) هو من الامراض المتوطنة في العراق ويعتبر ايضا من الامراض المعدية عن طريق المياه والاشربة والاطعمة الملوثة بجرثومة بكتيريا الساليمنولا  التايفيؤيدية او مايسمى العصيات التيفية وهي عادة تتلوث من براز  وبول والسوائل او الافرازات الجسدية حاملين المرض او المصابين به خلال فترة الحضانة او المرض او مابعد المرض ما يسمى حاملين المرض حيث تبقى هذه البكتريا المسببة له تتكاثر في مرارة الانسان لان سائل المرارة هو البيئة المثالية للتكاثر لها.
وتعتبر الحمى التيفية من اقدم الامراض على وجه الارض حيث كان مع الطاعون والكوليرا وشلل الاطفال يتناوب في القضاء على السكان ويسبب الوفيات لمدن كاملة وجيوش كاملة ,  حيث  ذكر المؤرخ اليوناني الناجي من وبائية حمى التايفؤيد التي اصابت اثينا  [ثوسديدس]حول 430–424 قبل الميلاد،  ان هنالك طاعون مدمرة، فيه البعض يعتقدون أنه حمى التيفوئيد، قتل ثلث سكان أثينا، بمن فيهم زعيمهم بيريكليس. تحول موازين القوى من أثينا إلى سبارتا، إنهاء "عصر ذهبي بريكليس" الذي اتسمت هيمنة أثينا في العالم القديم.
لقد ظل الباحثون والعلماء يعتقدون ان الطاعون هو السبب الرئيسي لتدمير اثينا  ولكن  مع الأكاديميين  والدراسات العلمية الحديثة وعلماء الطب النظر في التيفوس الوبائي السبب الأكثر احتمالاً. ومع ذلك، دراسة عام 2006 اكتشاف الحموض مماثلة لتلك البكتيريا المسؤولة عن حمى التيفوئيد.
ويحال هذا المرض الأكثر شيوعاً من خلال عادات النظافة الصحية السيئة والأوضاع الصحية العمومية؛ خلال الفترة قيد البحث،  حيث كان شعب اثينا  محاصراً داخل "جدران طويلة" ويعيشون في الخيام وفي ظروف معيشية وبيئية سيئة.
وبلغ متوسط معدل وفيات حمى التيفوئيد في شيكاغو في أواخر القرن التاسع عشر، 65 من كل 100 ألف شخص سنوياً. وكان أسوأ عام 1891، عندما كان معدل الموت التيفودية 174 كل 000 100 شخص ولكن الان بفضل التطور الطبي والتشخيص المبكر وامكانيات العلاج السريعة معدل الموت التايفؤيدي 22 كل مائة الف شخص في البلدان النايمة و 5حالة وفاة لكل مليون شخص للبلدان المرتاحة والمتطورة , وانا في حياتي المهنية الممتدة  لمدة ستة وعشون سنة شاهدت او سجلت حالتين وفاة لمرض التايفؤيد المؤكد بالفحص المختبري من خلال زرع عينة من دم المصاب احدها في مستشفى القوة الجوية سنة 1990 وكان مريضا نقل يعاني من نزف من الجهاز الهضمي مع حمى عالية وحالته حرجة سريريا حيث كان التشخيص الاولي هو ثقب الامعاء وهي من حالات مضاعفات التايفويد المتاخرة في حالات عدم اخذ العلاج الكافي والحالة الثانية شخصتها في العيادة بعد احتلال بغداد مباشرة في حزيران 2003 لمريض من مدينة الكوت وكان مصابا بالسحايا الدماغية التايفؤيدية وقد توفي المريض في مستشفى الجملة العصبية في العناية المركزة وقتها بعد اربعة ايام من التشخيص رغم الجهود الطبية والعلاجية.
يعتبر  حامل المرض يسمى «حامل التيفوئيد» كل شخص يتمتع بحد معقول من العافية ومع ذلك تتخذ عصيات المرض من جسده ملجأوهو مثل لغم متحرك في المجتمع وقد سجلت قصة ماري مالون الايرلندية المهاجرة الى امريكا والتي تعمل طباخة في احدى المطاعم نيويورك قد سجلت لها عدوى لثلاثة وخمسين شخصا وثلاث وفيات بسب تلوث الطعام المعد من قبلها  الى الزبائن وقد سميت قصتها اعلاميا باسم تايفؤيد ماري وقد منعت من العمل في المطابخ ولكنها عادت مرة اخرى للعمل في مطعم اخر باسم مستعار مما سبب موجة وبائية اخرى اضطرت السلطات الصحية الى حجرها وتوفيت بالتهاب رئوي بعد 26 سنة من الحجر الصحي وهي اول امراءة اجريت لها عملية استئصال المرارة لغرض معالجتها من حمل المرض وتكاثر الجرثومة.
لقد تم اكتشاف المسبب لمرض التايفويد من قبل الطبيب البيطري الامريكي دانيال سالمون (1850-1914) ومن اسمه استمدت اسم البكتريا سالمونيلا  التيفية والمشابه للتيفية المسببة لمرض التايفويد وهي  عصيات سلبية الغرام(الصبغة)، لاهوائية مخيرة. أغلب أنواعها قادر على الحركة بفضل الأهداب المحيطية.
أغلب السلمونيلات ممرضة، ويتعلق إمراضها بوجود مستضدات H الهدبية العطوبة بالحرارة والمستضدين الكربوهيدراتيين O وVi. كما ان السلالة غير التيفودية العدوى يمكن ان تسبب (التهاب المعدة والأمعاء) او التسمم الغذائي يكون بداية الظهور : عموما خلال 8-12 ساعة بعد تناول الطعام. الأعراض: ألم في البطن والاسهال، وأحيانا الغثيان والقيء. الأعراض تستمر ليوم أو أقل، وعادة ما تكون خفيفة. يمكن أن يكون أكثر خطورة في كبار السن أو الوهن.
 ان اعراض مرض التايفؤيد تبداء تدريجيا في المريض بعد فترة حضانة من 7-14 يوم :
 الحمى الطويلة وهي حمى تدريجية الارتفاع اي في اليوم الاول 38 درجة مؤية وفي اليوم الثاني 38.5درجةوهكذا تتصاعد درجة الحرارة تتدريجيا مما تجعل المريض يتكيف مع درجة الحرارة المرتفعة ولا يشتكي منها ولكن يشتكي من الصداع وهذه ايضا الحمى تشابه مع اعراض ضربة الشمس مما يتهمون الشمس بانها المسبب الرئبسب وهو اعتقاد خاطى وقد زادوا ايغالا في اتهام الشمس واسموها شمس الباقلاء مع موسم نضوج الباقلاء الخضراء وهو شهر مايس وحزيران. ولكن مع هذا الارتفاع في درجة حرارة الجسم ولكن نبض ودقات القلب تبقى محافظة على وتيرتها  حيث من المعلوم كل درجة واحدة تترتفع في الجسم يزداد النبض 15 نبضة في الدقيقة ومن الطرائف الطبية ان احدى المرضى الراقدين في مستشفى المجيدية الملكي مدينة الطب الحالية كان يعاني من نزف الجهاز الهضمي وكان يشرف على علاجه عاشق بغداد الدكتور سندرسن باشا مؤسس كلية طب بغداد  ومن اجراءات الفحص كان فحص الشرج عن طريق الاصبع  وعندما وضع سندرسن اصبعه في شرج المريض تحسس بارتفاع درجة حرارة المريض العالية وحسب النبض للشريان القريب من الشرج وجده بطيئا صاخ انه التايفؤيد وقد سرت هذه حول نطاسيته انه شخص التايفويد عن طريق فحص الشرج. ومن الاعراض الاخرى للتايفويد:
    القيء.
    فقدان الشهيه .
    خمول عام
    الآم شديده في المعده و الأمعاء
    تورم الغدد اللمفاوية.
    الرعشة.
    الإسهال.
    بقع وردية على الصدر تتحول إلى اللون الدموي .
وقد يحدث صداع ونزف من الأنف وترتفع الحرارة اكثر كل يوم حتى تصل احيانا الى 40 درجة مئوية, وتكون اعلى في المساء, وتضعف الشهية للطعام ويتغلف اللسان والأسنان والشفاه بترسبات بنية.والاصابة بالاسهال شائعة, لا سيما في البداية،لكن قد يحدث إمساك, وتكون رائحة البراز كريهة جدا, وينتفخ البطن ويصبح طريا مؤلما عند لمسه، وعند بداية الأسبوع الثالث من المرض تأخذ الحرارة عادة في الانخفاض تدريجيا.
وخلال مرحلة المرض المبكرة يكون الوجه متوردا والعينان براقتين, ولكن في الاسبوع الثاني يصير تعبير الوجه فاترا شاحبا تعبا انا اطلق عليه شبها مثل وجه المصري المتعب.
والسعال شائع إلى حد ما واصوات في الصدر مشابه للربو القصبي،لا سيما في المرحلة المبكرة, وبشكل عام يكون الجلد جافا لكن قد يحدث تصبب للعرق في مرحلة متأخرة من المرض.
تختلف أعراض حمى التيفوئيد وخطرها اختلافا كبيرا وقد تكون بدايتها على شكل تشنجات وصداع حاد وهذيان.
وقد تنشأ مضاعفات خطرة مثل النزف المعوي وثقب الامعاء ويحدث ذلك عادة خلال الاسبوع الثالث للمرض, ومما يشير إلى نزف الامعاء هبوط مفاجئ للحرارة ونبض ضعيف وسريع في القلب وافراز قاتم اللون من الاحشاء ،كما يشير الى ثقب الامعاء الم مفاجئ في البطن ينتشر بسرعة وهبوط سريع في الحرارة ونبض ضعيف وسريع.
ان الاعراض السريرية للتايفؤيد لاتخفى على الطبيب المتمرس والحاذق مما يولد تشخيصا سريعا للحالة والبدء بالعلاج المبكر مما يقلل من حدة المرض ومضاعفاته وتأتي الأعراض تدريجيا ان لم يتم علاج المريض من المرحله الأولى .
ان الاعتماد على اختبار فيدال  او ويدال (widal test)يساعد في التشخيص ولكن لا يمكن الاعتماد عليه، لانه يعطي نتائج سلبيه وايجابية خاطئه.
لذا فهو فقط يعطي احتمال وجود المرض وهو يعتبر الان من الطرق البدائية في التشخيص و لانعول عليه كثيرا وانما الان من خلال تقنيةPCR وتقنية استكشاف الاجسام المناعية المستضادة للسلمونيالا ويكون التشخيص المؤكد عن طريق زرع عينة من دم المصاب او افرازاته والتاكد منها عبر تقنية PCR أفضل معيار للتشخيص هو القيام بأخذ عينه من المريض والقيام بزرع حقل بكتيري(culture)لعزل الميكروب(بكتريا السالمونيللا)المسبب للمرض، فاذا كان الاسبوع الأول من المرض تؤخذ عينة دم، وعينة براز إذا كان في الاسبوع الثاني، وعينه بول في الاسبوع الثالث.أفضل عينه للتأكيد البكتريولوجي هي عينه نخاع العظام لانها تظهر الميكروب حتي ولو كان المريض ياخذ المضادات الحيوية.
 ان الوقاية خير من العلاج عبر غسل اليدين والتاكد من سلامة الغذاء والمشروبات والمياه  والاغذية الملوثة, تدني مستوي النظافة الصحية وجودة الطبخ للطعمة. عدم الاهتمام بالنظافة الشخصية. تلوث المياه السطحية والمياه الدائمة (مثل خراطيم المياه في الحمام أو موزعات المياه غير المستخدمة). هذا ويمكن للبكتيريا السالمونيلا البقاء على قيد الحياة عدة أسابيع في بيئة جافة وعدة أشهر في الماء. الفقاريات المائية، ولا سيما الطيور والزواحف، هي ناقلات مهم من السالمونيلا. يمكن العثور على السالمونيلا في المواد الغذائية، خصوصا في اللحوم والحليب والبيض. كما ان مصادر إنتاج الطعام الخام متداخلة في تفشي الاصابة بالسالمونيللا تشمل البطيخ والطماطم وبراعم البرسيم وعصير البرتقال. اللحوم النيئة والدواجن والحليب ومنتجات الألبان الأخرى، والجمبري، وأرجل الضفادع، والخميرة، جوز الهند، والمعكرونة، والشوكولاتة هي الأكثر شيوعا.وفجص العاملين في المطاعم واماكن تجهيز الطعام من خلال اجراء فحوصات دورية للتاكد من خلوهم من هذه الجرثومة او المرض.
ان التطور في العلاج الطبي والدوائي عبر وصف المضادات الحيوية المناسبة من حيث الجرعة العلاجية وفترة التداوي لمدة 10-14 يوم يعطي نتائج جيدة في الشفاء ومنع عودة المرض مجددا وايضا من خلال اعطاء اللقاحات في المناطق المتوطنة مثل العراق وان اول لقاح للتايفؤيد اكتشف في عام 1897،  من قبل"رأيت إدوارد المروث" تطوير لقاح فعال وهو اللقاح الحي الذي يؤخذ عن طريق الفم. في عام 1909، قام فريدريك ف راسل، طبيب "الجيش الأمريكي"، تطوير لقاح التيفوئيد اﻷمريكية ويسمى لقاح الحمى التيفية متعدد السكريات ويوخذ عن طريق حقن تحت الجلد وبعد ذلك بعامين أصبح له برنامج التلقيح الأول الذي تم تحصين جيش كامل. القضاء التيفوئيد اعتباره سببا هاما من الاعتلال والوفيات في الجيش الأمريكي وقد قامت شركات الادوية بتطوير لقاح عن طريق الهندسة الوراثية قليل المضاعفات حيث لازلنا نتذكر حملات التلقيح في المعسكرات والمدراس واعطاء الطلاب والجنود اجازة بسبب التلقيح ومما يسبه من الم عضلي وارتفاع درجة الحرارة ولكن مع اللقاح الحالي تكون الامور ميسرة وبدون اجازة او استراحة.
على المريض ان يتناول الاغذية السهلة الهضم مثل عصير البرتقال والليمون والعسل الاسود واللبن والبطاطا المسلوقة والموز والشوربات والحساء ويتغذى بصورة اعتيادية مع تحسن حالته الصحية.
 ان اغلب العراقيين حاليا يشكون من الصداع السياسي ودوخة السياسين وكما ان الشمس برئية من حمى التايقؤيد فان السالمونيلا ايضا برئية من دوخة العراقيين....


الدكتور الاستشاري
رافد علاء الخزاعي
مستشفى الجادرية الاهلي
بغداد- الكرادة خارج- عرصات الهندية
009647713333002-009647901944328
-- 

السبت، 31 مايو 2014

الجواهري في لقاء نادر وفي ايامه الاخيرة

في الثقافة الديمقراطية-*عناية جابر

في الثقافة الديمقراطية


*عناية جابر
في أوروبا الآن انتخابات ونتائج مهمة جدا تفيدنا ربما في فهمنا للثقافة الديمقراطية. فعندما قام البعض بوشم التحركات الشعبية التي قامت في بلادنا خلال السنوات الأخيرة بوشم الديمقراطية اعترض البعض الآخر مشيراً الى استحالة ذلك قبل تثقيف الناس بها.
فهي مناخ ثقافي قبل أي شيء آخر، كما قيل. كما أشار غيرهم إلى أنه من الصعوبة بمكان أن تطرح الناس على نفسها مسألة القيام بمهمة لم تستعد لها جيدا بعدُ. قيل ذلك في ظروف الانتفاضات الأولى بحيث بدت الثقافة الديمقراطية شرطاً لا بد من توافره للعبور من الاستبداد إلى الديمقراطية.
اليوم وبعد مرور ثلاث سنوات ونيف على بدء الحراك العربي، اتضح، على الأقل، أن ما جرى لا يتعدى القلاقل ولا يشبه ما حلم به الحالمون. غياب الثقافة الديمقراطية هي السبب بحسب البعض، سرقة الثورة هي العلّة بالنسبة للبعض الآخر. لكن لنحاول أن نلقي نظرة على تجارب الشعوب، المشبعة بهذه الثقافة، والتي لم تكتفِ بالمعرفة فيها بل هي تمارسها منذ أكثر من قرنين. ففي سياق الإنتخابات التي تجري في بلاد توصف بأنها أم الديمقراطية بالعالم لوحظ ميل ثابت، منذ سنوات وحتى عقود، نحو تراجع المشاركة الشعبية في العمليات الإنتخابية. فنسبة الممتنعين عن المشاركة راحت تتراوح بحسب الفترات ونوعية الإقتراع بين 30 إلى 60 بالمئة من الذين يحق لهم التصويت.
إذن وبالرغم من تشبع الناس بالثقافة الديمقراطية، يمتنع أقل من الثلثين قليلا، حوالي الـ 60 بالمئة، من المواطنين عن ممارسة حقهم بالإدلاء بوجهة نظرهم في المشاريع المقترحة لإدارة شؤونهم العامة وحياتهم اليومية. من جهة أخرى لوحظ أيضاً ظاهرة انتخابية، متصلة بالأولى أغلب الظن، وتتمثل بالتصويت السلبي أو الإعتراضي وذلك عبر قيام المواطن بالتصويت لطرف لا يؤيده بل يريد من خلاله تسجيل اعتراض على الطرف الذي يؤيد فعلاً. نوعٌ من التصويت العقابي، أو تصويت النكاية إذا صح التعبير.
فإذا أضفنا هؤلاء إلى الممتنعين نصل إلى نتيجة مفادها أن النسبة التي تقرر حياة البشر في هذه الديمقراطيات لا تتعدى بأحسن الأحوال الـ 20 بالمئة من المواطنين وليس من السكان. فالمواطن هو الذي يعيش على الارض ويحمل جنسيتها ويتمتع بحقوق المشاركة بالانتخاب ترشيحا وانتخاباً. إنه مواطن الدولة – المدينة، أي صاحب الحق بتقرير الحياة العامة. لكن كلنا يعلم اليوم أن هناك جاليات أجنبية، تتراوح نسبتها بين 10 إلى 15 بالمئة من العدد الإجمالي للسكان، تعيش أيضا على أرض الديمقراطيات ولا تتمتع بحق المواطنة وإبداء الرأي بالحياة التي يشاركون بها على نحو سلبي بينما يتلقون نتائجها طيلة عمرهم كاملاً في أغلب الأحيان.
الخلاصة الأولية التي يمكن التوصل إليها من خلال هذا العرض أن الحكم في البلاد الديمقراطية العريقة يستند بالنتيجة العملية إلى أقلية ضئيلة بالتضاد مع فلسفة النظام الديمقراطي وقواعده التي تنص بالعكس على حكم الأكثرية، أكثرية المواطنين. ليس المقصود هنا التقليل من أهمية نظام تاريخي أثبت جدواه السياسية والإجتماعية والإقتصادية. لكن التوقف عند الجانب العملاني للديمقراطية نسبة للنظام النظري يبيّن افتراقات جوهرية تصل أحياناً إلى حد الإفتراق الفلسفي. إذ كيف يمكن التوفيق بين نظرية حكم الأكثرية وبين تحولها عمليا إلى حكم من قبل أقلية لا نعرف الكثير بالواقع عن تاريخ تشكلها وشروطه وتنوع بناها وأسباب توزعها شيعاً وأحزاباً.
الثقافة بالديمقراطية ليست إذا بذاتها ضمانة لممارسة صحيحة للفكرة. الممارسة تحتاج، على ما يظهر، من خلال الإحصاءات الثابتة، إلى عوامل أخرى غير الثقافة. هل هي الفعّالية ؟ هل تخلى الناس، المواطنون، أي اصحاب الحق، هل تخلّوا عن حقهم لقناعة لديهم بأن صوتهم لا نفع له ولا يساهم بأي تغيير في شروط حياتهم ؟ هل لهذا التخلي صلة ما بوجود نخب منظمة في مجتمع المواطنين تمارس نوعاً من الفرض والإكراه الإستبدادي المضمر ؟ هل تملك هذه النخبة أسباباً «مقنعة» لا تملكها جموع المواطنين فامتنعوا ؟ وأبعد من هذا وذاك هل يمكن اعتبار هذا الشكل الحديث من الديمقراطية مختلفاً عن الشكل الذي عرفته روما الامبراطورية واثينا اليونانية قبلها حيث كان تعريف المواطن أقل عمومية مما هو عليه الآن ؟ هذا مع العلم أن حكم الشعب بواسطة الشعب من قبل أكثرية المواطنين، جاء لكي يطيح بنظرية المواطن الروماني او اليوناني عندما كان يميز بين الفقراء والأغنياء، الأشراف والحقراء، بين الأرستقراطيين والتيرانيين أي الإستبداديين.
يقول البعض أن تعقد عملية ادارة المجتمعات الحديثة غلّب التقنية والمعرفة العلمية على الجانب السياسي مما أفقد بالواقع قدرة المواطن على الإختيار. ويعترض آخرون بالقول أن التحولات التي تجاوزت حدود الدول هي التي حرمت عملياّ الدولة – المدينة من حق القرار دون أن تمسّه بالشكل. فالشركات العابرة للقارات هي التي تقرر كل شيء بالنيابة عن الجميع.
على أي حال، ففي الإنتخابات الأوروبية التي جرت في بداية هذا الأسبوع ما يشي بهذه المشكلة. فقد قام المقترعون في بلدين عريقين بديمقراطيتهم هما فرنسا وبريطانيا، وبغياب الباقين، بالتصويت لصالح أكثرية سياسية لا تقبل بالمشروع الأوروبي وتريد العودة الى الدولة الوطنية السابقة. همّشت هذه الإنتخابات جميع الأحزاب التقليدية التي حكمت البلدين منذ عقود طويلة وأطلقت دينامية الخروج على الإتحاد الأوروبي. وهناك من يتحدث عن «بينغ بانغ» سياسية في هذين البلدين. بعيداً عن الثقافة كيف يمكن قراءة هكذا انقلاب في مزاج «المواطن» من دون الإنتباه إلى أنه لم يطل إلا البلدين الأوروبيين، فرنسا وبريطانيا، اللذين انتقلا بأقل من خمسين سنة من مرتبة الدولة العظمى إلى مرتبة الدولة الوسطى. فهل لذلك علاقة بنسبة المشاركين باللعبة الديمقراطية ؟
لا تزال الديمقراطية، حكم الشعب من قبل الشعب، مفهوما تاريخياً مرتبطاً بدرجة تطور الدولة أكثر من ارتباطه بالقناعات والثقافة والتربية. هذا ما تفيدنا به تجارب الشعوب «العريقة». بالماضي اليوناني تمثلت أولى النقلات نحو الديمقراطية بالإطاحة بالارستقراطية من قبل «المستبدين». وكان « التورانّوس» ( المستبد)، زعيم الشعب ومن أصول أرستقراطية ايضاً، هو من ساهم بتوسيع الإطار المجتمعي لمفهوم المواطن والشعب.
الفلسفة الديمقراطية تقوم بالتحليل الأخير على متابعة تطور مفاهيم المواطن والشعب والدولة – المدينة. فكلما اتسعت قاعدة من يحق له ان يكون مواطناً فرداً حرّاً اتجهنا نحو الشعب فالدولة. وكلما ضاق الرابط المواطني ووهن، ضَعٌفَ الشعب والدولة فالديمقراطية أيضاً. وبالرغم من ذلك اتضح من المثال الأوروبي الطويل، بامتناع الغالبية عن المشاركة، أنه إلى هذه الشروط ثمة شروط أخرى لا غنى عنها لكي يشارك الناس بإدارة حياتهم.
______
*القدس العربي

الخميس، 29 مايو 2014

لفظٌ يوحِّد، وعملٌ يبدِّد- *أدونيس

مقالات

لفظٌ يوحِّد، وعملٌ يبدِّد


*أدونيس
ـ 1 ـ
 تذهب السياسة العربية في علاقاتها بالسياسات الأميركيّة ـ الأوروبيّة، إلى مزيد من الخسران والتبعيّة.
وراء ذلك أسبابٌ كثيرة أهمّها:
الأوّل، يبدو العرب «واحداً» على مستوى اللفظ. لكنّهم، على مستوى العمل، يبدون كثرة، ومتنوّعين إلى درجة التناقض. وليست لهم قضيّة واحدة يُجمِعون عليها إجماعاً كاملاً، قولاً وعملاً، ظاهراً وباطناً.
اللفظ «يوحِّدهم» والعمل «يبدّدهم».
وهذه ظاهرة عربيّة خاصّة تدفع إلى القول إنّ مشكلة العرب الكبرى تكمن في العرب أنفسهم.
الثاني، يخضع العرب للسياسة الأميركيّة ـ الأوروبيّة المنحازة مسبّقاً، وعلى نحوٍ كامل لإسرائيل. وهو انحيازٌ ليس فقط لإسرائيل بوصفها دولة، وإنّما هي منحازة أيضاً وقبل ذلك، لرؤية إسرائيل التاريخيّة والثقافيّة والسياسيّة، في كلّ ما يتعلّق بالمنطقة العربيّة. وهي إجمالاً رؤية استخفافٍ بالعرب، شأناً ودَوْراً.
الثالث، ليس العرب في موقع حِوار مع السياسة الأميركيّة ـ الأوروبيّة، بقدر ما هم، بالأحرى، في موقع حصار.
وفي هذا الحصار تؤسّس هذه السياسة لنوعٍ جديد من «الاستعمار» ـ بأدواتٍ «وطنيّةٍ»، وبأشكالٍ «تحرّريّة».

ـ 2 ـ
ما الواقع العربيّ اليوم؟
ربما تقدِّم جواباً أحوالُ «الربيع العربيّ» وتقلّباته، وهو ليس إلاّ «فصلاً» بين فصول أخرى ستكون أكثر «ربيعيّة». فالواقع أنّ العرب (والمسلمين بعامّة) لم يتعلّموا شيئاً من الدرس الفلسطينيّ، وها هي بلدانهم ميدانٌ لحربٍ عالميّةٍ ثالثة، في مستواهم، وضمن حدودهم، تدمّر شعوبهم، وتخرّب عمرانهم وتشلُّ طاقاتهم. وها هي الولايات المتّحدة والدول الأوروبيّة، تثبت نظريّاً وعمليّاً، أنّها لا تقف مع «الشعوب» ـ حرّيّاتٍ وحقوقاً، وإنّما تقف أساسيّاً مع مصالحها. ولا يهمّها إلاّ تغيير رجال السلطة «العُصاة» برجالٍ آخرين «طيّعين». وهي لعبةٌ «صغيرة» تتبدّد فيها أموالٌ وطاقاتٌ كبيرة، فيزداد الفقر والجهلُ والتخلُّف، وتزداد المشكلات حِدّةً وتعقيداً.
وتُثبِت التجارب أنّ حاجة العرب تتخطّى مجرّد تغيير «رجال الحكم».
العرب في حاجة إلى تغيير «النُّظُم» و «المؤسّسات» و «القوانين»
و «البُنى» ـ لكي يمكن التغيير، حضاريّاً، وبناء المجتمع العادل الحديث والمتقدِّم.

ـ 3 ـ
السماء، عندنا نحن العرب، مَثَلٌ شعبيّ.
كيف يمكن أن تهبط سماءٌ على مثل هذه الأرض؟
كيف يمكن أن تعلوَ أرضٌ إلى مثل هذه السماء؟
ـ 4 ـ
عندما يرى وجه الواقع
يُغريه الوقتُ
لكي يضع على وجهه حجاباً اسمُه اليأس.
ـ 5 ـ
ماذا تعني ثورة «الجماعة»،
إذا لم يكن كلُّ فردٍ فيها قد «ثار» أوّلاً
على نفسه ضدّ التخلُّف الذي «يختزنه»؟
الجماعات المتخلّفة لا تُنتِج إلاّ «ثوراتٍ» متخلّفة.

ـ 6 ـ
كلُّ شيءٍ يولد شِبهَ ميت
في البلدان التي لا تملك حواضِن
معرفيّةً خلاّقة.

ـ 7 ـ
رأى المطرَ كيف
يستسلم لجسم الغبار.
وبدا له هذا الجسم كأنّما ليس فيه غيرُ الشِّفاه،
كمثل جسم آرتميس:
ليس فيه غير الأثداء.

ـ 8 ـ
لم يعُد جسمُه قادراً
على استقبال الحبّ،
إلاّ مغموراً بأشعّة الموت.

ـ 9 ـ
عندما أخذَت تبكي أحسَّت أنّ قلبه يوشوشها سائلاً:
«هل تريدين إذاً،
أن أموت غرقاً في الدمع؟»

ـ 10 ـ
هوذا، أسمع نشيجاً للشطآن العربيّة، نشيجاً عميقاً أليماً، تتلاطم فيه أيّامُ العرب كأنّها جبالٌ عائمة من الثلج.

ـ 11 ـ
منذ سقوط بغداد وقيام السلطنة العثمانيّة،
تحوّل الدين إلى مجرّد أداة عنفيّة لخدمة السلطة.
لا نجد، على سبيل المثل، في تاريخ السلطنة العثمانيّة كلّها، على مدى أكثر من أربعة قرون، مفكّراً عربيّاً واحداً، أو فنّاناً واحداً، أو موسيقيّاً واحداً، أو شاعراً واحداً، أو عالماً واحداً.
هكذا كان لا بدّ من مجيء أتاتورك للأتراك،
ومن أن تبدأ حركة النهوض العربيّ.

ـ 12 ـ
متى تُقيم الرياح حفلاً راقصاً
لكي تحتفي بغبار ما يأتي؟

ـ 13 ـ
اسألي ثمارك أيتها الهموم:
متى يحين موسم القطاف؟
وأنتِ أيتها الجبال إلى متى تصمتين؟
ألَن تقولي أخيراً كيف تخونك الغيوم،
لحظة تنام معك في سرير واحد؟

ـ 14 ـ
يبدو أحياناً أنّ العقل في العالم
يسقط كمثل تفّاحةٍ
بلا جاذبية.
ـ 15 ـ
في الأشلاء الآلاتِ
وفي الشمسِ العربيّةِ التي تنهض كلّ يومٍ أشدّ اصفراراً وأكثرَ ذبولاً،
في الأسلحةِ التي تَتَصَحّرُ الأرضُ فيها وتحت أقدام حامليها،
في الخطابات التي تخجل منها اللغة،
في هذا كلّه،
يبدأ تاريخٌ آخر ممّا قبل التاريخ.
*
رأسُ غزالةٍ سورياليّة
لو أُتيح لك أن ترى بطّيخةً تهبط في شكل بيضة من يَدَيْ عادل عبدالصّمَد لكَيْ تستقرّ عند قدَمَيْ سلمى حايك، لرأيتَ صورةً للعالم لا تقدرُ أن تعكسَها الكاميراتُ المُعاصرة، خصوصاً في لحظةِ انشقاقِها عندما تلامسُها القدمُ اليمنى، وتتبعثرُ أحشاؤها الحُمْر، منقّطةً ببزرها الأسود، في حضنٍ دافىءٍ لقناة سان مارتان.
حدَثٌ يسألُك: ما الفرقُ بين اللهو والجدّ، العبثِ والمعنى، الدّمِ والماء. وتكون قد استيقظتَ مُرهَقاً من قراءة الدّمِ البشريّ البائس الذي يسيل يوميّاً على وجهِ الكَوْن، ودون انقطاع.
أو ربّما يسألك: هل خطر لك، يوماً، أن تعالجَ البكاءَ بالضحك؟ وفي أيّة حالةٍ شعرتَ أنّ الضحكَ شكلٌ آخر للبكاء؟
أو لعلّه سيوشوِشكَ: المَرئيُّ مُلْتَبِسٌ، واللامرئيُّ جرحٌ غائرٌ، عميقاً، تحت جِلْدَة الكَوْن.
وعندما تتأمّلُ جسدَ البطّيخة كيف يتشقّق أحمرَ شهيّاً، وكيف تنزلقُ منه قطعةٌ بين شفتيْ سلمى، يتأكّد لك أنّ الحدَثَ في هذا العالم يفصلُك عنه، فيما يُقيمُ رابطاً وثيقاً بينك وبينه. وتقولُ: إنّ واقعَ العالم ليس واقعيّاً.
كانت قناةُ سان مارتان تكاد، فرَحاً، أن تفرّ من مائها كمثل سمكةٍ طائرةٍ بلون البطّيخة. وكان رصيفُ القناة يعانق سماءً نصفُها شمسٌ ونصفُها غيم. وكانت الأشياء كلّها، حول القناة، تحتفي بهذا الحدَث ـ بالرائحة التي تفوحُ من البطّيخة، بالقشرة الخضراءِ المرقّطة، وباللُبِّ الأحمر. وأظنّ أنّ أندريه بروتون كان حاضراً، وسمعتُه يصف البطّيخة قائلاً: إنّها رأسُ غزالةٍ سورياليّة.
____
*الحياة

الأربعاء، 28 مايو 2014

يوم القيامة المُصَغَّر-كاظم فنجان الحمامي

يوم القيامة المُصَغَّر

كاظم فنجان الحمامي

ربما لم تسمعوا بعد بيوم القيامة المُصَغَّر, أو بيوم القيامة التمهيدي, الذي يسبق القيامة النهائية, إلا إذا كنتم تعيشون في العراق, وإلا إذا بلغتم السن القانونية, وأحالتكم الأعمار إلى التقاعد, فيومئذِ تقفون وجهاً لوجه في طوابير طويلة خلف مصدات دائرة التقاعد, وتُحشرون في قاعات ضيقة. مزدحمة بأجساد بشرية أرهقتها سنوات الخدمة الطويلة المضنية. تتكدسون هناك بالمئات مع ما تحملونه من أمراض الشيخوخة, فتخنقكم رطوبة الجدران الملطخة ببصمات أصابع الموتى الذين سبقوكم إلى التقاعد, وشهدوا قبلكم يوم الحشر التقاعدي بصيغته المُذلة التي لا تعرف الرحمة، وبإجراءاته البطيئة القاتلة، فالتعامل السيئ هو العلامة الفارقة للمؤسسات المعنية بترويج معاملات التقاعد.  
في هذا المكان المكتظ بالمراجعين والمراجعات ينصهر استحقاقك, فيصب في أنهار الاستجداء، وتتفكك عظامك الخاوية فوق المقاعد الممزقة، فتتبعثر آمالك بين دهاليز التعامل السيئ والمواعيد المؤجلة، ثم تتبخر أنت والأوراق التي تتأبطها في زحمة التدافع بين الجموع البشرية المضغوطة في الممرات الضيقة، فتضيق أنفاسك، وينزلق جسدك المنهار في نفق المراجعات اليومية غير المجدية، حتى تصاب بالذهول والخذلان وتفقد أعصابك، ثم يختفي صوتك تماماً وسط بركان الضجيج المتفجر بالصيحات الاستنكارية الحائرة.
في مثل هذا اليوم تعيش في عزلتك الأولى, فتنقطع علاقتك مع رفاقك في الوظيفة، وتتفاقم همومك، وينكمش راتبك الشهري إلى الحد الأدنى بعدما تُحذف منه الحوافز الإضافية والمخصصات المهنية، فيتحول إلى مبلغ شحيح، لا يسمن ولا يغني من جوع في مواجهة ضراوة التضخم المتزايد، وارتفاع الأسعار والخدمات والسكن الطردي، في حين تبقى أسرتك على حالها، فتتدهور صحتك، وتسوء أحوالك، يوم لا ينفعك رصيدك، ولا يؤازرك صديقك. ولا مجال للمقارنة هنا بين ثبات مرتبك التقاعدي ومتغيرات الزيادة السنوية في الرسوم والأسعار.
ختاماً نقول: ما الذي يمنع البرلمانيون من الاهتمام بالمتقاعدين, وما الذي يحول دون توفير سبل الحياة الكريمة لهم بعد التقاعد، وما الضير من منحهم تعديلاً منصفاً في رواتبهم، وتأمينا صحياً عادلاً ؟. وما الضير من تشريع مواد قانونية شاملة للذين أفنوا أعمارهم في المؤسسات الحكومية وفي القطاع الخاص ؟. وإلى متى يبقى المتقاعدون يتقلبون بين مطرقة الروتين القاتل وسندان المعاملة السيئة ؟. وما الذي يمنع دوائر التقاعد المركزية والفرعية من تحسين تعاملها مع الناس ؟. ألم يعلم موظفو هيئة التقاعد أن خير الناس من نفع الناس ؟.
ربنا مسنا الضر وأنت أرحم الراحمين