زينب الشمري /
العراق _ بابل
كي يوفرن الحماية
والقوت لاسرهن
زوجات يدفعن ضريبة
اتكالية ازواج مدللين
تحقيق/زينب الشمري
ان ادارة اي مؤسسة
يتطلب توزيعا عادلا للادوار ( مهام ومسؤوليات).. هذا الامر ينطبق على مؤسسة الاسرة
التي تحمل بداخلها كيانا يشرف على تنظيم امورها ويخطط ويتخذ القرارت لمصلحة افرادها،
فهذه المؤسسة كي تنمو وتكون نواة حقيقية في بناء المجتمع السامي.. يتحتم عليها توزيع
الادوار بين اطرافها واركانها الاساسية مع مراعاة المرونة لهذا التوزيع، الا انه بدا
يطفوا على السطح نوع من التفرد في الادارة المالية والاقتصادية.. وبدأت تشرخ اذاننا
صيحات الكثير من النسوة اللاتي فرض عليهن ازوجهن ضريبة العيش داخل هذه المؤسسة بان
حملوهن اضافة الى مسؤلياتهن المنزلية المعروفة مسؤولية توفير القوت للعائلة لا لسبب
معقول انما فقط لان الازواج مدللون ولا يرغبون في تحمل اعباء الحياة والاسرة.
حملت حقيبتي وعرجت
بها إلى العديد من النسوة والمختصين لاستطلع اراءهم حول هذه الظاهرة الآخذة بالانتشار
في مجتمعنا العراقي بشكل عام والبابلي بشكل خاص.
فرض عين
يقول السيد ذو
الفقار( مهندس) : اعتقد بما اننا اناس شرقيون عشنا وترعرعنا في بيئة اجتماعية محكومة
بالعادات والتقاليد التي تعطي الرجل سلطة وقيمومية على الحياة الاسرية فاعتقد انه مقابل
تلك الحقوق والسلطة التي يمارسها الرجل فان عليه واجبات تمويل المنزل فليس من المعقول
ان يمارس هو الادارة ويترك للزوجة التمويل، واحب أن أؤكد على مسألة، هي إنني لا ارفض
أن تشارك الزوجة زوجها في تقديم الدعم المالي للاسرة خصوصا اذا كانت ميسورة الحال وباستطاعتها
أن تقدم المساعدة، ولكن باعتقادي ان هذه المشاركة يجب ان تكون طوعية وبالمقدار الذي
تحدده هي، لا ان يكون (فرض عين) عليها بل ان الحياة الاسرية مشاركة اختيارية.
القيمومية للرجل
من جهة اخرى، يقول
الشيخ محمد كاظم الشمري / مركز الامام الصادق"عليه السلام" الثقافي: لا خلاف
في الاسلام حول هذا الموضوع فالشرع المقدس اوكل القيمومية للرجل بان يكون المسؤول عن
الامور المعيشية للاسرة باكملها وحتى لو كانت الزوجة تعمل ولديها راتب فليس من واجبها
ان تصرف على أمور المنزل إلا بإرادتها، فالحياة الزوجية مشاركة وتعاون بين الزوجين
والدليل على ذلك يقول جل جلاله في كتابه العزيز: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى
وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ [سورة المائدة الآية 2]، وكذلك
الروايات الدينية تؤكد على قضية التعاون والشراكة، فالإمام علي "ع" كان يعمل
ويساعد الزهراء "ع" في أمور البيت، فقضية الاتكالية برمتها تعني اخلاق وتربية
وثقافة، فالرجل الاتكالي يعلم جيدا ما هي الحقوق التي من واجبه توفيرها لزوجته، واعتقد
بان الاتكالية هي سوء تربية من قبل الأهل.
ويؤكد على أن المجتمع
الذي يعيش فيه الرجل له دور كبير في هذه القضية، ومع شديد الاسف فان بعض الرجال يعتبرون
ان المرأة كائن مملوك ومستعبد، ومن المعلوم ان المرأة العراقية كائن مستضعف في المجتمع
واغلب النساء لا يتجرأن على الدفاع عن انفسهن، فلذلك نجد ان اغلبهن يتحملن هذا العبيء
الكبير لاجل ان تستمر حياتها الاسرية.
محبة وألفة
تقول الباحثة الاجتماعية
وسن عباس: الحياة لا تستمر بنجاح إلا باشتراك الزوجين معا ويكون هذا الاشتراك بتعاون
كليهما بشكل ذاتي دون إجبار احدهما للأخر وتقديم المساعدة من قبل الزوجة إلى زوجها
لإعانته على أمور الأسرة والبيت، وخصوصا إذا أكانت المرأة موظفة وباستطاعتها مساعدة
زوجها أو كانت لديها مهنة أخرى كان تكون خياطة أو لديها محل للحلاقة وغيرها من الأمور
الأخرى امر جيد ومحمود ما دام ذلك برضاها، فالحياة الزوجية هي علاقة تعاون ومحبة وألفة
بين الزوجين، وإذا تقاعس احد الأركان الأساسية للأسرة ( الرجل أو المرأة) عن أداء دوره
وواجباته تجاه الأسرة فان النتجة تكون مؤثرة في تكافؤ مؤسسة الأسرة وبناءها.
إجبار لا اختيار
تقول السيدة ام
احلام (43) عاما وهي ام لخمسة اطفال: دام زواجي 20 عاما وزوجي يعمل كاسبا( سائق كيا)
وفي كثير من الاحيان رزقه لا يسد نصف الشهر ، فاضطر ان اعمل في المنازل كي اسد رمق
صغاري.
وتضيف: ان زوجي
لا يحاول ان يغير مهنته او ان يبحث عن فرص اخرى للرزق وكلما كلمته عن ذلك يتهجم علي
بكلمات نابية، متذرعا بان العمل شحيح و الاجور قليلة وهو بذلك يرغمني على ان اتحمل
مسؤولية اطعام واكساء ابنائي، وكم من مرات عديدة نام اطفالي دون عشاء، والغريب في الامر ان زوجي يوبخني ويتجاوز علي بالضرب
اذا لم يجد في المنزل طعاما..
اضطرار
يقول القانوني
محمد العبيدي: ان موضوعة اتكالية الزوج على زوجته من الامور المهمة التي ظهرت في المجتمع،
التي ادت الى زيادة المشاكل العائلية مما تضطر بعض الزوجات الى اللجوء الى التفكير
في كيفية الحصول على المال من اجل استمرار حياتها الزوجية ومتطلباتها، بالاضافة الى
مدى خطورة هذا الامر على العائلة ومصير الاولاد كون ان البعض من هذه الحالات تضطر الزوجة
الى العمل في امور غير اخلاقية من اجل الحصول
على المال لارضاء متطلبات العائلة والزوج غير الانساني.
الامان والطمأنينة
يقول السيد (عمار
محمد) متقاعد: يعتبر الزوج هو الركيزة الأساسية في المنزل والذي تستند عليه أركان الأسرة،
فدوره لا يتوقف على توفير المقومات الحياتية فحسب وإنما يتعدى ذلك بكثير، فهو الضابط
الحقيقي لإيقاع الحياة داخل الأسرة وخارجها، وان خروجه إلى العمل كل صباح يبث الأمان
والطمأنينة في نفوس زوجته وأطفاله ويشعرهم بان هناك شخص يعمل لأجلهم ولمصلحتهم ويبذل
الغالي والنفيس لأجل أن يوفر لهم الحياة الكريمة، فإذا تقاعس الزوج عن العمل وإدارة
أمور حياة أسرته فانه بذلك يكون زوج اتكالي وخصوصا إذا كان يعتمد على زوجته في توفير
الدخل للأسرة.
عدم تحمل المسؤولية
تقول الباحثة الاجتماعية
داليا صباح: اعتقد بان الزوج ألاتكالي نموذج منتشر في كثير من البيوت ولم يعد يحسب
على الحالات الشاذة، ومن الأسباب التي تجعله
بهذه الصورة هو تربيته، فالبعض قد تربى على الدلال وعدم تحمل المسؤولية ولم يتم إعداده
جيدا لأدواره المستقبلية ومنها دوره باعتباره زوجا، وعليه واجبات وله حقوق فيعيش حياته
وهو غير مبالٍ وغير قادر على تحمل المسؤولية وحينما يتزوج يرمي المهام على زوجته التي
تضطر مرغمة على القيام بها في النهاية لأنها تعلم أن لا فائدة من الحديث أو الصراخ
فتتحول من دور الزوجة إلى دور الأب والخادم وهذا يشكل عبئًا إضافيًا عليها، وكثير من
النساء يعشن هذه المعاناة مرغمات فهن لا يردن
الطلاق وحرمان أطفالهن من والدهم وليس أصعب على المرأة من حمل لقب مطلقة في مجتمعات
عربية لا ترحم ولذا تلجأ تلك السيدة الى الصمت والبقاء في ظل رجل تناسى دوره ورمى مهامه
ومسؤولياته على زوجته المسكينة.
مشاركة بين الزوجين
يقول السيد علي
صبحي / موظف: أن الحياة المعاصرة تفرض على الزوجين النظر إلى القضية كمسؤولية مشتركة،
وبالتالي من حق الزوجة المطالبة بحقوقها وتذكير زوجها بواجباته تجاه الأسرة.بالإضافة
إلى أن بعض الأزواج الإتكاليين يرون أن من الضروري أن تكون المسؤولية على عاتق المرأة
كون الرجل لا يرغب في الإنفاق على البيت لأسباب يضعها وأعذار يستند عليها ليتخلص من
المسؤوليات والواجبات التي اوصى بها الدين والشرع ، فالتعاون بين الزوجين أمر ضروري
وذلك حسب الظروف التي تطرأ على الأسرة فإذا كان الزوج مقتدر ويرغب في الإنفاق دون مشاركة
الزوجة فلا اعتراض أما إذا كان الزوج غير مقتدر وزوجته موظفة أو مقتدرة فتكون هنا المشاركة
بين الزوجين اختيارية وليس فرض على الزوجة .