الثلاثاء، 12 فبراير 2013

مبدعون عراقيون -يوسف العاني....




مبدعون عراقيون


يوسف العاني....

عميد المسرح العراقي والمخرج والممثل والكاتب المسرحي , ولد في بغداد بتاريخ 1/7/1927 عمل مدرسا معيدا في كلية التجارة والاقتصاد بعد تخرجه من جامعة بغداد عامي 1950-1951 للاشراف علىالنشاط الفني في الكلية. اسس فرقة الفن الحديث مع الفنان الراحل ابراهيم جلال وعدد من الفنانين الشباب عام 1952 و مارس كتابة النقد الفني في عدة صحف منها الاهالي والشعب والاخبار .

رفد فرقة الفن الحديث المسرح العراقي بالعديد من الاعمال الخالد في
تأريخ المسرح العراقي كان منها:
• الشريعة والخرابة
• اني امك يا شاكر
• الخرابة والرهن
• نفوس
• خيط البريسم
• المفتاح

كتب الفنان يوسف العاني الكثير من الاعمال الفنية المسرحية حيث كتب أكثر من
خمسين عمل مسرحي طويل او من فصل واحد كان من ابرزها:
• (القمرجية) أول مسرحية للعاني من فصل واحد
• (مع الحشاشة)
• (طبيب يداوي الناس) عام 1948 وهو مايزال طالبا في كلية الحقوق - جامعة
بغداد.
• (في مكتب محامي)
• (محمي نايلون)
• (محامي زهكان) 1949
• (جبر الخواطر قيس) 1950 هذه المسرحية كتبها العاني وهو طالب في الجامعة .

أما بعد تخرجه من كلية الحقوق - جامعة بغداد كتب العاني مسرحيات عديدة أخرى
اهمها:

• (راس الشليلة) - 1950
• مجنون يتحدى القدر موندراما 1951 واعتبرت هذه المسرحية أول موندراما في
العراق
• مسرحية تؤمر بيك 1952
• مسرحية موخوش عيشة1952
• مسرحية لو بسراجين لو بظلمة 1954
• حرمل وحبة سودة 1954
• فلوس الدوة 1955
• -اكبادنا 1955
• مسرحية ست دراهم 1955
• مسرحية على حساب من؟ التي نشرت في مجلة السينما 1957 ثم قدمت في
التلفزيون 1960،
• مسرحية جحا والحمامة 1957 وهي من نوع البانتومايم وقدمت على مسرح
ستانسلافسكي بموسكو ضمن مهرجان الشبيبة في الاتحاد السوفيتي السابق 1957.
• مسرحية (تتزهن) 1959
• (عمر جديد) 1959
• مسرحية جميل التي قدمت في التلفزيون باسم (اليطه) 1962 واخرجها خليل شوقي
ثم اعيد تقديمها في عام 1968 في التلفزيون واخرجها كارلوهارتيون.
• مسرحية (اني امك ياشاكر) -1958 وقدمت من على شاشة التلفزيون وهي من
الاعمال الفنية الناضجة جدا.

مثل العاني أيضا في الكثير من المسرحيات الاخرى التي لم يكتبها بنفسه كان
من أهمها:

o مسمار جحا - 1952
o تموز يقرع تاناقوس - 1968
o النخلة والجيران - 1968
o ولاية وبعير - 1971
o البيك والسائق 1974 وعرضت في مصر وحققت نجاحا كبيراً
o بغداد الازل بين الجد والهزل - 1975
o القربان - 1975
o مجالس التراث - 1980
o الليلة البغدادية مع الملا عبود الكرخي-1983
o الانسان الطيب 1985 اخراج د. عوني كروني
o الباب القديم
o عمارة ابو سعيد.

أما في مجال السينما فقد كانت اسهامات يوسف العاني في السينما العراقية
غنية عن الذكر كان من أهمها.
• فيلم سعيد افندي - 1958
• كتب القصة والسيناريو والحوار لفيلم ابو هيلة 1962 اخراج محمد شكري جميل و
يوسف جرجيس الفيلم ماخوذ عن مسرحية للعاني باسم (تؤمربيك)
• كتب فيلم وداعا يا لبنان المنتج في 1966- 1967 - اخراج حكمت لبيب وبطولة
العاني مع منير معامري ومارلين شميدت
• مثل في فلم المنعطف الماخوذ من رواية خمسة اصوات لغائب طعمة فرمان: مثل
فيه شخصية الاديب حسين مردان وعرض الفيلم في سينما بابل في 7/4/1975 اخراج
جعفر علي
• شارك في فيلم المسألة الكبرى اخراج محمد شكري جميل وعرض في 31/1/1983
بسينما بابل واسهمت فيه كوادر فنية اجنبية في التمثيل والموسيقى والمونتاج
منهم العراقيون غازي التكريتي وسامي قفطان وفاطمة الربيعي وقاسم الملاك
وسامي عبدالحميد إلى جانب الفنان العاني وهو من ابرز الافلام العراقية التي
تناولت ثورة العشرين في العراق وعرض في العديد من المهرجانات العربية
والعالمية.
• اسهم العاني في فيلم اليوم السادس للمخرج العربي القدير يوسف شاهين.
• شارك في فيلم بابل حبيبتي مع الفنان فيصل الياسري 1987
• شارك في فيلم ليلة سفر اخراج بسام الوردي

أما حصة الشاشة الصغيرة فقد كانت على النحو التالي:
• برنامج شعبنا 1959 وبنات هالوكت
• وواحد اثنين ثلاثة ليطه وهي من اخراج الفنان القدير خليل شوقي
• ناس من طرفنا
• سطور على ورقة بيضاء اخراج الفنان العربي الراحل ابراهيم عبدالجليل
• رائحة القهوة اخراج عماد عبد الهادي وقد فازت بجائزة مهرجان الكويت
للتمثيلية التلفزيونية
• ثابت افندي الفائزة بجائزة أفضل سيناريو في مهرجان اتحاد الاذاعات
العربية في تونس 1983
• مثل في عبود يغني وعبود لايغني اخراج ابراهيم عبد الجليل
• عزف على العودالمنفرد اخراج الراحل رشيد شاكر ياسين
• بطاقة نصيب
• الربح والحب
• يوميات محلة اخراج عمانوئيل رسام الشهير باحرفه الثلاثة (ع.ن.ر(
• تمثيلية (بلابل) اخراج د. حسن الجنابي الفائزة بعدة جوائز في مهرجان
قرطاج للاذاعة والتلفزيون
• مسلسل الايام العصيبة -الهاجس لصلاح كرم
• مسلسل هو والحقيبة اخراج رجاء كاظم
• مسلسل الحضارة الاسلامية اخراج داود الانطاكي انتاج ابو ظبي
• مسلسل الكتاب الازرق لفيصل الياسري
• مسلسل الانحراف انتاج الكويت
• -مسلسل الجرح اخراج عماد عبدالهادي
• -مسلسل حكايات المدن الثلاث بجزئيه الاول والثاني
• اخر ظهور له كان في مسلسل تعليمي تربوي بعنوان احفاد نعمان اخراج د. طارق
الجبوري

أما مؤلفات يوسف العاني الـمنشورة مابين لمسرح والسينما والذكريات فكان من
أهمها:
o راس الشليلة1954
o مسرحياتي الجزء الاول والثاني- 19601961
o شعبنا 1961
o بين المسرح والسينما 1967 اصدار القاهرة
o افلام العالم من اجل السلام 1968
o مسرحية الخرابة
o هوليود بلا رتوش 1975
o التجربة المسرحية معايشة وحكايات طباعة بيروت 1979
o عشر مسرحيات ليوسف العاني- بيروت 1981
o سيناريو لم اكتبه بعد 1987
o المسرح بين الحديث والحدث 1990
o شخوص في ذاكرتي 2002

أهم المهرجانات العربية و العالمية التي أشترك بها الفنان يوسف العاني:
o كرم في ايام قرطاج المسرحي كرائد مسرحي عربي ومنحه بطاقة شرفية من اتحاد
الممثلين المحترفين في تونس ايضا في 1/1/ 1987.
o براءة تقدير من نقابة الفنانين السوريين 1979.
o تقدير خاص من دائرة الاذاعة والتلفزيون في العراق لمناسبة مرور عشرين
عاما على تاسيس التلفزيون العراقي عام 1976
o كرمته المؤسسة العامة للسينما والمسرح لمناسبة مرور عشر سنوات على تاسيس
الفرقة القومية للتمثيل لجهوده المتميزة في تطويرها

لخبرته و مسيرته الفنية الطويلة فقد أختير عضوا في لجان التحكيم في عدة
مهرجانات اهمها:
o مهرجان قرطاج المسرحي - تونس 1985
o المسرح التجريبي - القاهرة 1989
o مهرجان القاهرة للاذاعة والتلفزيون2001
o رئيسا لهيئة تحكيم الدراما في المهرجان العالمي للتفلزيون - بغداد 1988
o رئيسا لهيئة تحكيم مهرجان التمثيلية التلفزيونية الاول - تونس 1981
o عضو لجنة تحكيم مهرجان الشباب السينمائي دمشق

دموع الورد

كتاب جديد للباحث الاستاذ فلاح امين الرهيمي

عن مؤسسة دار الصادق الثقافية صدر للباحث فلاح امين الرهيمي كتاب(صدام الحضارات والاستراتيجية الامريكية)جاء الكتاب ب132 صفحة,المراجعة اللغوية للاستاذ الشاعر جبار الكواز-يتبنى هذا الكتاب تحليلا للرؤيا الامريكية من خلال كتاب (صدام الحضارات)للكاتب هنغتون الذي صدر بعد تفكك الاتحاد السوفيتي.

الجمعة، 8 فبراير 2013

موال ( أبن الشعب )-حامد كعيد الجبوري




موال
( أبن الشعب )
الى الزعيم الخالد الشهيد عبد الكريم قاسم
حامد كعيد الجبوري
يا دجلة الخير طيبج من ضفافج دار
أخت الجنان وحوَت ياقوت فُضة ودار
عونه النزَل ساحلِج لو سكن بيج أبدار

جوهرة تاج الوطن رَب البَشر قاسم
عبد الكريم أنجبت أبحب الشعب قاسم
ما يوم أكل خبزته ويّ الشعب قاسم

نسجوا أبحبه عجب نُص الكمر خلتَه
ما حابه أخت وأخو كل الشعب خلته
بالغدر دار الزمن  اليومك تظل خلته

مالكو لوله أله بس هاي أله لولَه
بعيونه نام الوطن وبالطيب أله لوله
يتفاخر أعله المجد المجد الأصل لوأله

كَرْمُوه أبن الشعب منطقها بعده لحَد
أبطول السنين المضن وبسيف ثاره لحد
خميت كل الوطن لا دار أله ولا لحد

الخيرعكبه أنجفه أشتات صرنه وشُعب
يبجيه دم الوطن وكلب اليحبه شَعب
يهتف كبل غدرتَه ويصيح يحيا الشعب

ميعوف حبه الشعب لو ألف عام الدار

الثلاثاء، 5 فبراير 2013

قصص قصيرة جدا ً- عادل كامل-اللوحات د.صفاء السعدون





قصص قصيرة جدا ً






عادل كامل
[1] ظلال
    وهو يتقدم، شاهد ظله ينسحب، وكلما تراجع كان يراه يرتد. فتراجع، ليشاهد ظله يمتد، ليرى، وهو يتوقف، ظله يتقلص ويتوارى. فكر ان يتقدم ويتراجع في اللحظة ذاتها التي ذهب فيها إلى اليسار والى اليمين، ليرى ظله يرسم أشكالا ً لا علاقة لها بمصدر الضوء، ولا بالحركة، ولا بجسده.  
    فقال مع نفسه، لا أخطاء تحدث خارجي، مثلما ـ أضاف ـ لست متوهما ً. وعندما كف عن الحركة، شاهد ظله يترك بعدا ً رابعا ً، وهو يقوده للنظر إلى الأعلى، والى الأسفل، كي يرى الأشكال ازدادت صلابة، ولها ملامس تداخلت بعضها مع البعض الآخر، مدركا ً، في لمحة، انه أخيرا ً لم يعد يمتلك قدرة ضبط الأسباب بنتائجها. ذلك لأنه لم يقدر إلا ان يفكر بالفرار، إنما، كلما ابتعد، وجد انه يدخل في مساحة بلا حافات، وانه بعد ان راح يتأمل الظلال ويصغي لأصوات شبيهة بالرنين، ويستنشق روائح غريبة، لم يجد شيئا ً ما يغويه للانجذاب، ولا للمراقبة.

[2] تأمل
   " لا أستطيع ان أعرف ماذا يريد الإنسان ..." دار بخلده، وهو يستنشق عطر ورود ذات درجات لونية متعددة، مصغيا ً إلى رفيف ومضات جذورها يلامس محياه
، فأحس بدوار لذيذ منعه من تكرار السؤال ذاته الذي طالما شغله خلال سنوات حياته الأخيرة.
   لكن السؤال انبثق داخل رأسه: تُرى ماذا تريد هذه الورود ان ....؟" لأنه ترك أصابعه تغوص في تراب الأرض التي كانت، قبل عقدين، مدفنا ً، قبل ان يبني بيته فوقها. فقال لنفسه: الآن استطيع ان أموت هاديء البال، والقلب، والضمير لو ...، لو كف بصري عن تتبع هذه الومضات، والأصوات، واستنشاق هذه العطور" ثم راح يردد بصوت مكتوم: ولكن ماذا افعل والموتى ينهضون...؟

[3] ورود
ـ " لا اعرف اهو هذا الذي لا وجود له صنعني، أم أنا هو من صنعه ...؟" وراح يتفحص محياها بعد انتظار سنوات طويلة، وجعلها تصغي إليه:
ـ " اهو  الذي شغلني، أم أنا هو من انشغل به ...؟" فأصغي إلى صوت شارد:
ـ " ماذا قبلت ..؟"
   لم يجد الكلمات المناسبة كي يخبرها، بضرورة ان تغيب، وتتوارى، كذلك لم يعثر على كلمات يخبرها بالبقاء حاضرة أمامه، بعد هذه السنوات من الغياب.
  ذلك لأنه عندما وجد فمه مغلقا ً بفمها لم يستطع ان يجد كلمة تسكنها المسافات، والأزمنة. فعندما آفاق، فجرا ً، راح، ككل يوم، يرى فضة الفجر، ترفرف، كي ينتظر هذا الذي طالما انتظره، ولم يأت، إنما، عاد يتساءل: أيهما كانت له الأسبقية، في الغياب، وفي هذا الحضور المستحيل. ثم رجع إلى غرفته، زاحفا ً نحو سريره بصعوبة، ممسكا ً بقليل من تراب الأرض، وبوردة تركها تستقر إلى جانب ورود لا تحصى تركها تتراكم، بمحاذاة السرير.

[4] متى تموت؟
   وأخيرا ً، اعترف لنفسه، انه يستطيع ان يقرأ بالضبط ذلك التاريخ الفاصل بين الحياة وما بعدها، إنما فقط عليه ان يترك الجهاز يعمل مع من يرغب التعرف على  تاريخ موته.
   رفع رأسه، وشاهد الغيوم، عبر النافذة، ذاهبة في الاتجاه الآخر، وسره ان الألوان ليست باعثة على الملل، وثمة سرب طيور، يتجه من الجنوب إلى الشمال، يمر، يتبعه سرب آخر.
    إنما أنا لم اقتن الجهاز لمعرفة متى أموت! ودار بخلده، ولا لمعرفة متى يموت أي إنسان آخر. أنا كنت قلت مادامت حياتي سلبت مني منذ زمان بعيد، فهل يصح ان يكون لموتي معنى ...؟ وأضاف، وهو يعطل عمل الجهاز، ان أحدا ً ما من الآخرين لم تكن لا ولادته، ولا موته، تعنيه، فهل لولادتي، أو موتي  قيمة تذكر عندهم ، فما أهمية ان أعيد قراءة تواريخ وأرقام لا تعني أحدا ً عدا الله، في نهاية الأمر.    
   لكنه أعاد تشغيل الجهاز، وضغط على النابض الذي يحدد النتيجة، فسمع الجهاز يخاطبه:
ـ هذا الجهاز لم يصنع للذين لم يولدوا بعد!
   هز رأسه، وتساءل: أنا كنت اعرف ذلك، فما الغرابة في الأمر..؟ فخاطبه الجهاز بصوت رزين: ذلك لأنك، يا سيدي، تعيش حياة ما بعد الموت منذ زمان بعيد!

[5] اتبعني


ـ اتبعني.
   في الطابور، وأنا أقف خلفه، سألته:
ـ إلى أين؟  حدق في عيني شزرا ً:
ـ لو كنت أعرف، فهل كنت سأدعك تمشي خلفي!


[6] خلود

    بعد ان حصل على المرآة التي يستطيع ان يرى فيها أحداث ماضيه، في أدق تفاصيلها، ويستطيع ان يرى فيها كل ما سيقع له في المستقبل، سأل نفسه: ولكن ما دور المرآة إزاء ما لا يحصى من العوامل التي شكلت مسارات، ومنعرجات، هذه الحياة..؟
سمع المرآة تخاطبه بصوت خفيض:
ـإذا كنت تريد ان تمضي حياتك وكأنك لم تعشها، فعليك ان تبحث عن مرآة أخرى ترى فيها كل ما لم يحصل لك، وكل ما هو بحكم المستحيل الذي جعلك على قيد الحياة حتى هذه اللحظة، أيها العجوز المسكين!
    بحركة لا إرادية حطم المرآة، لكنه، في الحال، بعد ان جمع شظاياها، سمعها تخاطبه بصوت جاف، وعنيد: أنا أيضا ً مثلك لا امتلك إلا ان أحدق في هذا المصير!

[7] سؤال
   " وأنت تكتب، حاول ان تمسك بهذا الذي يمتد، وينتشر، خارج مدى كلماتك، فلماذا تكتب، وأنت لا تمحو، إلا محوك ...؟"
   ابتسم الكاتب، بعد ان ترك القلم يسوّد الورقة بخطوط تشابكت فيها المنحنيات بالدوائر، والنقاط بالشخابيط، والمستقيمات بالرموز: صفحة رمادية راحت تزداد سودا ً.
ـ " هو ذا كل ما باستطاعتك ان تفعله ..." 
وترك أصابعه تسوّد ما تبقى من الفراغات في الورقة، حتى رآها بيضاء.
ـ " والآن هل تقدر ان تقول أنها ليست إلا ورقة، استبدلت لونها، من البياض إلى السواد، ومن السواد إلى البياض، مثلما انك لم تختر إلا ان ترى كلماتك تغادرك، وتفقد لونها..؟"

[8] تراب

   مد البرفسيور رأسه عبر فتحة في النافذة، ونظر إلى الحديقة: لا أحد. ذلك لأنه لم يغادر البيت، منذ سنوات، بعد ان ألف عزلته، وتركها تسكنه.
   لكنه استعاد، في لمحة، حياته برمتها وهو يتخطى عتبة الباب، فجرا ً، يتأمل رذاذ المطر يتمايل بلوريا ً أمامه، ولم يستطع منع رغبة جامحة لم يشعر بعدها، إلا وهو يردد، مع نفسه: لماذا تركتهم يغادرون.. ولم يتمكن من لفظ آخر الكلمات التي خطرت بباله: لماذا أنا وحيد كهذا ...
  ولم تكن أصابعه تتشبث إلا بالدغل، وهي تغوص عميقا ً في تراب الأرض.

[9] طيف
    وجدها تبادله ابتسامة شبيهة بحلم مكث ينتظر ان يبلغ ذروته، وهي تخاطبه:
ـ قلت لك تعال معي.
   كان الوقت مبكرا ً، قال لها، ثم أضاف:
ـ والآن، بلغ الوقت نهايته.
   وعاد يراها، عبر الرذاذ المطر، مثل طيف، فلم يطلبها، ولم يدعوها للاقتراب، ولكنه لم يقدر ان يمنع نفسه من الذهاب معها، حيث توارت في الفضاء.

[10] مراقبة

    من ثقب في الجدار، انشغلت بمراقبة جاري، وهو رجل في الثلاثين من العمر،  كيف كان يطلق النار، رصاصة رصاصة، باتجاه مجموعة بشرية كدست بعضها فوق البعض، ولم أميز ما اذا كانوا رجالا ً أو أطفالا ً أو من النساء، فقد كان الظلام يمنعني من الرؤية بالوضوح الكافي. كان يطلق رصاصة، رصاصة، وهو يتقدم خطوة إلى الأمام، من الكتلة البشرية، المتراصة، كأنهما بدت لي مثل تل من الحجارة، تارة، ثم يتراجع إلى الخلف ، تارة أخرى، حتى التصق بالجدار، الذي أقف خلفه، فلم اعد أرى شيئا ً، إنما ـ في تلك اللحظة ـ تذكرت جاري، عندما كان، في طفولته، مولعا ً بصيد الطيور، وقتل العصافير.
[11] ظلال
    ....، لا تتوقف عن الكتابة، هل تعبت أنت أيضا ً؟ ولكن الكاتب لم يتوقف عن الكتابة، كي يحفر في الورقة، أثرا ً رآه يمتد، من غير ظل، عدا أصداء كانت تجرجر أصابعه إلى العمل: لقد نضب الحبر، ودار بخلده، إنما راح يتتبع أصداء أصوات راح يراقبها ترسم شقوقا ً في الورقة، حتى وجد ان أصابعه أصبحت حمراء، إنما لم يعد يتذكر متى آفاق لا يمسك بالقلم، ولا بالورقة، عدا أصداء ظلال احتمى بها من البرد.

[12] السر
    لا تنظر إلى الخلف... وخاطب من كان يمشي أمامه: فانا لا اعرف من أين جاءوا. فقال له:
ـ وأنا الآن أدركت السر!
ـ وما السر..؟
ـ لو بحت به إليك، فستبحث عن آخر تتبع خطاه.
   فقلت في نفسي؛ لا هو، ولا من يمشي خلفي، يعرفان أنني، منذ البدء، لو بحت به لبتروا رأسي.

[13] القصة 13
ـ كم بلغت ثروتك...؟
ـ نصف خزينة البلاد.
ـ وأنت ..؟
ـ النصف الآخر...!
[14] طوفان
   بعد ان غمرت مياه الطوفان الأرض كلها، ولم تعد ثمة يابسة، أو علامات تذكر، وهدأت الأمواج، وامتد سطح الماء مع الأفق، إلى ما لانهاية،  لم يعد رأسي يفكر ما اذا كنت أنا هو السبب..، أو أنني الوحيد الذي قدر له النجاة، إنما، في تلك اللحظات، لم اعد مكترثا ً بمصيري!

[15] انتظار

    وهو لا يعرف ما الذي يريده، فكر ان يتوجه بالسؤال إلى جاره:
ـ ما الذي تفعله ...؟ أجاب الآخر:
ـ أنتظر ...! فخاطبه:
ـ أتسمح لي أن اجلس بجوارك، وأعيد سؤالي: قل لي ما الذي تنتظره ..؟ فأجاب الآخر غاضبا ً:
ـ ومن قال لك أنا اغرف ...!
فقال الآخر، وهو يشاهد مجموعة من الناس تقترب منهما:
ـ هل اسمح لهم بالجلوس معنا ...؟
ـ سأسمح لك ان تدعوهم للجلوس شرط ان لا تخبرهم!
ـ ولكن، لا أنت، ولا أنا نعرف ماذا ننتظر ...!
فقال بصوت هاديء:
ـ ليس المهم، يا جاري، ورفيق حياتي، ان تعرف ...، المهم انك أصبحت تعرف، مثلي، انك لا تعرف شيئا ً!
[16] اعتراف
   برفق خاطب جاره القديم، وهو يرقد في مثواه الأخير:
ـ كنت تستطيع ان تقوم بأعمال لا تليق بك، يا صديقي ..؟ فقال له قبل ان يغلق الباب:
ـ لو لم تخاطبني بالصديق، لقلت لك: أن أعمالي ليست كما تصوّرتها، لا قياسا ً بما ذهب مع الريح، بل بما تراه أمامك ممتدا ً، ومزدهرا ً، كي أقول لك، يا صديقي: أنني لم أقم بما هو أردأ منها، وهذا وحده سمح لي ان أعاقب نفسي، بدل ان أعاقب الآخرين. ولا أقول لك ان الأعمال الرديئة هي التي اختارت رجلا ً رديئا ً، مثلي، بل لم تكن هناك حسنات إلا وقمت بها، ولكن لا احد رآها، عدا أنها، يا صديقي، سمحت لنا ان نجد مثل هذا المأوى، نحتمي به من الذئاب، ومن الظلمات.

[17] صخرة
   من ثقب في الحائط الفاصل بين دارينا، ليلا ً، رايته يمشي، من الباب الخلفي، ويجلس قدام صخرة طالما كنت اجهل أسباب وجودها في حديقة داره، مصغيا ً إلى صوته، وهو يخاطبها:
ـ أنا اعرف، مرة بعد أخرى، لا جدوى ان أقول شيئا ً...، فأنت ِ، وحدك ِ ...، لست بحاجة لمعرفة ما اعرفه، مثلما انك ِ، وحدك ِ، لن تكترثي لجهلي بما اجهله. وأنا لا اعرف ماذا كنت سأفعل، في حياتي، لولاك، أيتها الصخرة!




 [18] اعتراف آخر
   ....، لم اخبر أحدا ً إنني سمعت الصخرة تخاطبني: أنت حاولت ان تستنطق صمتي، وأنا، بدوري، حاولت ان أفهمك، لكن بلا جدوى. فلا أنت أدركت ما أريد ان اعرف، ولا أنا حاولت تجاهل ما تريد ان تقول...! لكنني أود ان أخبرك، قبل ان تذهب، وتتوارى، ان شيئا ً ما كان بيننا، لا أنا تخليت عنه، ولا أنت أهملته، فهل استطيع ان أخبرك، أخيرا ً، أن ما شغلني لم أعلن عنه، وانك لم تنشغل إلا بما لا لم يكن يعنيني أبدا ً ...!
2012

السبت، 2 فبراير 2013

دار ..دور ..السياسة الطائفية !!!-حامد كعيد الجبوري



إضاءة
دار ..دور ..السياسة الطائفية !!!
حامد كعيد الجبوري
سأحاول أن أعرّف الطائفية بعيدا عن المسميات التي أوجدها علماء الاجتماع وعلماء الأديان ، وسأعرّفها وفق منظوري المعرفي وما لمسته من خلال تجارب سمعنا بها ولم نتلمسها واقعيا ، والطائفية كما أجدها هي الانتصار للدين أو المذهب  ، وتغليب ذلك الدين أو المذهب وأتباعه على الاخرين ، وخلق الأحاديث التي تمجد تلك الطائفة ونسبها لنبي أو مرسل أو وصي ، ولا أريد أن أنفي عدم وجود الطائفية بنفوس الكثير من العراقيين سواء بغرض او دونه ، ولا أعتقد أن الطائفية قرينة بالثقافة ، والأغرب أني أعرف أناسا يحملون ثقافة وأفكارا تحررية وعلمانية  وحين تذكر طائفتهم بشئ ما ينتفض كأي داعية لذلك الدين أو المذهب ، وأذكر وأنا طالب في الجامعة المستنصرية القسم المسائي وجهنا سؤالا للدكتور الراحل ( عبد الجبار المطلبي ) أستاذ مادة الأدب رحمه الله ، قلنا له لم لا يتفق علماء المسلمون كافة ليفتوا لنا بيوم العيد ويوم بدأ رمضان ؟ ، بدءاً رفض الإجابة لما يترتب عليها من ضوابط تدريسية ومناهج وضعتها قيود الدولة المخابراتية ، وقال رحمه الله يفترض أن يوجه هذا السؤال لمختص بالدين وأنا كما ترون لا علاقة لي بذلك ، وكانت هذه فطنة منه رحمه الله لأنه أراد أن يدخل لمدخل مقتنع به تماما ، فهو يرى أن الدين لله والوطن للجميع ، والعراق كما نعرفه خليط من مختلف الأجناس والأعراق والأديان والمذاهب ، وقد وعى الشعب العراقي تماما مثقفهم وأميهم أن النعرة الطائفية تطال نارها الجميع ، لذا تعايشوا بسلام بينهم ، ونبذوا الاحتكاك بهذه المسميات حفاظا على الثوابت للجميع ، وأذكر أثناء خدمتنا العسكرية نهاية ستينات القرن الماضي ، كنا في الوحدات العسكرية المتواجدة بكافة المحافظات العراقية نمارس الطقوس التي تمارس من قبل الطائفة ( الشيعية ) من مجالس تعزية ، ومجالس ( لطم )  ، وبحضور كبار ضباط الجيش آنذاك ، وفي العاشر من محرم نصنع الطعام ( والهريسة ) – تصنع من حبوب الحنطة – وتوزع للجميع ، ولا أريد التحدث عن ثورة العشرين وحصد نتائجها حين تشكيل الحكومة العراقية لصالح طائفة معينة ، والفتاوى التي اطلقت من طائفة أخرى حرمت على أبناء طائفتها الوظائف والتعيينات المهمة ، اليوم وبفعل قوة عظمى أسقط نظام فردي دكتاتوري تسلطي  لا علاقة لمعارضة عراقية  تدعي انها اسقطته ، وأفتت طائفة كانت متمتعة بالسلطة بحرمة الدخول لهذه الحكومة التي سيشكلها المحتل ،  اليوم نحن بين فاقد للسلطة يحاول استعادتها ، وبين قادم جديد أستطعم هذه السلطة وذاق حلاوتها ، أضف لذلك الأجندات الخارجية التي يحملها ساسة لا يعرفون من السياسة حتى الدار دور ، بل وينفذون مخططات أمليت عليهم لغاية في نفس ذلك المملي ، أستمع لحديث من طائفة يشبه حديث الطائفة الأخرى ، الكل تجمع على الأخوة ونبذ العنف والطائفية والتهدئة  ووحدة العراق ومصير أبناءه ، وبالمقابل تخرج من أفواه السياسيون تصريحات تختلف تماما عما ثقّف به الشعب العراقي نفسه ، يصرح فلان يقول نحن وأن نفذت الطلبات للمتظاهرين فلنا المطالبة بحقوق مغتصبة يجب أن تعود لنا ، ويصرح الجانب الآخر بشكل استفزازي ليشعل نارا للفتنة لا يريد أبناء الشعب العراقي تأجيجها ، ولأن القادم الجديد سوف يترك العراق بلده الثاني – ابو الفلوس - ،  ويعود لعائلته التي تركها في بلده الأول ، وهذا الحديث ليس استنتاجا بل  ما تحدث به عضو البرلمان العراقي عن القائمة العراقية ( حيدر الملا ) ، الذي صرّح بذلك جهارا لفضائية البغدادية ، وأضاف أن حقيبتي معدة للسفر أيضا ، أقول أن الشعب المبتلى أوعى من ساسته الجهلة ، وبرهان لذلك ما تحدث به شيوخ عشائر ومثقفون كثر من الطرفين ، وحديث السيد ( عبد الملك السعدي ) المفتي السني مخاطبا جمع المتظاهرين مفتيا بحرمة الدم والتقسيم للعراق ، وما تحدث به السيد ( السيستاني ) مخاطبا أتباعه قائلا ( لا تقولوا أخوتنا بل قولوا أنفسنا ) ، للإضاءة ....... فقط