الاثنين، 10 ديسمبر 2012

قراءات نقدية-السرد الذاتي .... قلق وألم أم مناجاة لإشراك الآخر .-مؤيد داود البصام





قراءات نقدية
السرد الذاتي .... قلق وألم أم مناجاة لإشراك الآخر .
مؤيد داود البصام

(عربة الحصان الميت) كتاب من مجموعة كتب أصدرها الفنان والناقد عادل كامل ، وهي مجموعة قصصية ، أشتهر عادل بوصفه ناقداً تشكيلياً له وجهات نظر نقدية في الفن إلى جانب ما أصدره من روايات وقصص قصيرة ، ووجهة نظره النقدية في الفن العراقي تمثل الجهد الأكبر في تصوراته النقدية ، أكثر من كتاباته في الأدب مقالة او قصة أو رواية .
تضم المجموعة القصصية (عربة الحصان الميت) ثمانية عشر قصة ، ضمنها قصة غروب وقصص قصيرة جداً ، وتقع المجموعة في (272) صفحة من القطع المتوسط ، وصدرت عن دار الشؤون الثقافية في بغداد .
الكتابة عن مجموعة قصصية لكاتب قدم العديد من المؤلفات للمكتبة العراقية والعربية ، ليس من السهولة ، فلابد من تتبع تجربته الثرة، فهو أحد مثقفي العراق جدية في متابعة الحركة الفنية والثقافية العراقية ، ومن الذين ساهموا في وضع بناء وتطور النقد الفني ومرتكزاته النظرية والعملية ماقبل ومابعد تجربة الرواد في العراق، بغض النظر عما أذا كنا متفقين او مختلفين في وجهات النظر معه، فقد عرفت عادل كامل منذ كان طالباً في معهد الفنون الجميلة في منتصف ستينيات القرن الماضي، ومازلنا نتناقش ونتخاصم ولكل واحد منا رؤاه وافكاره التي نتفق عليها او نختلف في الفن والادب والاجتماع والسياسة ، وهو ما يجعلنا نأخذ كتاباته بجدية ، وقراءتها بعناية وتركيز، ففي متون كتاباته وقصصه ورواياته تجد الاشارات الفلسفية عن الانسان والكون وجوداً او صيرورةً وكينونة ، وفيها رموز من رؤاه المستقاة من دراساته وقراءاته في الأسطورة والفن ، يضعها في متونه الحكائية الى جانب الاشارات والدلالات التي تشترك فيها معاناته الشخصية مع معاناة ابناء جيله وآلام وطنه، وكل الذين وقع ويقع عليهم الهم والحيف والظلم .

السرد بين الواقع والتخييل
مجموعة (عربة الحصان الميت) القصصية ، تجمع في ثنايا قصصها مناقشات لأكثر من فكر وموضوع ، تناقش الواقع والسمات الاساسية التي تحكمه، تكشف بواطن الاشخاص، وتعيد تركيب الواقع عبر مخيال ملاصق لأرضية الواقع من حيث بناؤه ولكن بقوة سرد تحمل دلالاتها الجمالية ، وبلغة سلسة وجمل رقراقة مملوءة بالحزن والألم والتأمل والدهشة، يستخدم الجمل البرقية ولكن بروية وتأني، فلا يخلط بين رؤياه الفلسفية وبين الحوادث بواقعيتها او بمخيالها الذي يبتدعه.
         تتصدر المجموعة قصة (عربة الحصان الميت) التي أخذت المجموعة اسمها، وتشكل الخمس من صفحات الكتاب ، ويمكننا القول ، انها قصة طويلة اكثر منها قصة قصيرة ، وقد سبقنا الكاتب في ذلك ، فلم يضع إلاَّ كلمة (قصص) على ظهر الغلاف ، أي ان التجنيس قابل للقصيرة والطويلة ، وهو يعي ذلك ، فقد وضع من ضمن المجموعة التسمية التي يريد ، (غروب وقصص قصيرة جداً)، لنعرف أن الذي نواجهه قد استمل عدته في فهم ما يريد، ويختار السلة التي يضع بضاعته فيها، عنوان القصة الاولى في المجموعة، (عربة الحصان الميت) كناية عن لا وجود لموجود كان في الوجود ، مابقى منه كلمات ينثرها " مع ذلك اعتقد ان الحلم هو الذي يؤسس الواقع " ، ص 43 ، المجموعة .
والعنوان للقصة الذي أخذت المجموعة اسمها منه ، سيرة ذاتية او مذكرات حصان ، عنوان فيه تورية لوجود ميت ضمن وقائع الحياة المريرة " هكذا أصبحت أحمل أوزاري بيسر وطيب خاطر ، ثم أنني لم أعد اتشكى او أتحدث ، لأي سبب من الاسباب عن الجور أو المجاعة أو الأذى " ص 5 ، المجموعة  وجع إنساني يتكلم عنه هذا الحصان ، وأي ألم ممزق الذي ألغى شكواه من الجور والجوع والأذى الذي يلقاه، فماذا بقى ليشكو منه ؟  إنه القدر الضاغط الذي يجبرك على الاستسلام والذي لم يصنع بيده " الوضع الذي لا ظلام ولا نور فيه ، وعلى الرغم من العقاب الذي نلته منذ البدء في كوني الحصان الذي رفض أن يكون حصاناً " ص 6 المجموعة ، القصة تعلن منذ بدايتها ، الرفض الوجودي عبر سرد تسميه إيرين كاكانديز الكاتبة الاسبانية (المناجاة السردية) وتعتبر " السرد بضمير المخاطب فعل بلاغي "  لتجعله  " بما يجعل المناجاة اكثر دلالة واكثر ارباكاً ، انها تحمل خطابين "  فهو يتوجه بخطابه الى المخاطب والرسالة والمخاطب ، يتبادل فيها المخاطب الأدوار مع المخاطب ، لأن المتلقي في العادة لا يرد ، وهو يرسل بتواصل رسالته ، ومناجاة الحصان على الرغم من ظاهرية الرسالة بالاستسلام لقدره ، إلاَّ انها استمرار بعدم الاستسلام ، حتى عندما لا تعود ثوريته في زمن الشباب التي انهكت حياته جرياً وراء سراب  " إلاَّ أنني وأنا في نهاية حياتي ، وبعد أن تهدمت اسناني ، وصرت لا أميز بين الخرافة والواقع ، أو بين الاوهام والحقائق ، لا أريد إلا أن أبقي الحصان بكل صفاته ، ولكن هذا الحلم غير مستحيلاً " ص 5 المجموعة .
القصة تجرنا الى الفلسفة الوجودية أزاء الحياة ، ولكنها تبني عمقاً ثورياً من خلال الرفض والتمرد على الرغم من استسلامها النهائي ، أي أنه يأخذ الجانبين في الفلسفة الوجودية ، القلق المصاحب للألم ذاتياً ، والتمرد لرفض الاستسلام للقدر ، ولكن بطلنا أزاء عبثية الحياة والواقع ، يستسلم لعدم قدرته على المجابهة ، بعد ان أقتربت نهايته، وهي نهاية افتراضية، لانه منذ البداية يعلن عن عدم وجوده الواقعي، ولكنه موجود كحقيقة نتعايش احداثها التي يرويها.
والكاتب يضعنا أمام الحقائق التي رافقتنا منذ الولادة ، هل نحن وجدنا مانريد عندما جئنا للحياة ؟ التحولات والمتغيرات في حياتنا وواقعنا ، هل هي ما نطمح له ؟ بهذه المزاجية القلقة المتحولة ، بين الرفض والقبول ، يحيلنا عادل كامل إلى حصان استنفد شبابه وقوته وغروره وبهرجته ، الى حصان بلغ من العمر عتياً واكتسب تجربة ، جعلته يتبرم وتعوف نفسه كل ماهو موجود ، انه ينقل لنا الصراعات والاحتدامات في النفس البشرية ، عبر حصانه الميت والذي ترك لنا عربته ، فماذا أراد عادل ؟ هذا هو السؤال الذي سيلازمنا عبر جميع القصص في المجموعة ، إنه يكتب القصة بمستوى تراجيدي ويزاوجه بالنكتة التي لا يقصد منها الفكاهة وأنما السخرية السوداء، مع مقدرة رائعة على المزاوجة بين واقع الحصان ومحاكاة النفس البشرية، عبر جر الأحداث بهذا السرد المنتقى لنقد الواقع الاجتماعي والسياسي والأقتصادي والفكري ويغوص في الباطن، ليوضح المأساة الاجتماعية للأنسان ، التي تتساوى آلامه فيها مع الحيوان، عبر رؤى سردية وحوار مكثف (فأن تكون وديعاً او طيباً يعني أن تكون مرشحاً للنبذ والرفض) ص 8  المجموعة .
هذه المواجهة الصاخبة بين الانسان كوجود والمجتمع والعالم ، تحيلنا للبحث بأن الفعل متحقق في واقعنا وفي البلدان المتخلفة في العالم  " اعتدت عبوديتي حتى صرت حراً بها " ص 12 المجموعة .
وهي سلسلة من الظلم والأضطهاد على مر العصور والاماكن ، انها الحقيقة التي تشكل تكوين الانسان في بلدان العالم الثالث في واقعه المرير والمؤلم ، فكل الاحلام والطموحات تتكسر أمام جبروت وطغيان التخلف والعنجهية وسلطة القهر والجهل، وعبودية راس المال المضافة للسلطة القهرية، أية اشكالية وجودية عندما يضحى الاستسلام هو الحل في مبنى الحياة العام  للأنسان الذي بدأ رافضاً متمرداً، " انتهى الامر بي مستسلماً ومستجيباً لجر عربتي بعيداً عن القيل والقال "  ص 15 المجموعة .
أن الرؤية التي يتحدث بها حصان عادل، تختلف عن رؤية حصان (جورج اورويل) وهي بالتأكيد ليست إطاعة حصان عنترة ابن شداد لسيده عندما ما عاد يستطيع تحمل ماهو اكبر منه :

فازور من وقع القنا بلبانه                   وشك إليَّ بعبرة وتحمحم
لوكان يدري ما المحاورة ما                 اشتكى ولو علم الكلام مكلمي

أنها تمثل المأساة التي تشكل الاساس الذي يكون ويبني حياة الإنسان الشرقي في واقعه المرير والمؤلم ، فكل الاحلام والطموحات تتكسر أمام جبروت وطغيان التخلف والعنجهية وسلطة القهر والجهل " أخترت في اعماقي تراكمات الوهم ، وكل المبهمات عديمة الجدوى ، أفكر لكي لا أفكر "  ص 17 المجموعة .
وهي نفس المفارقة التعارضية مع الديكارتية (أفكر اذاً انا موجود) بإحالة الفكرة إلى العدمية بفعل الواقع ، القصة من بدايتها إلى نهايتها حوارها فلسفي وجودي ، وتضع نفسها في أختبار قوة تكنيكها السردي لتجعل المتلقي يتوازى مع المناجاة ويتواصل بموسيقى سردية ، تتحدث عن حياته ومأساته ، بلغة تلفها السخرية وتنحو نحو الشعرية على الرغم من عمقها الفلسفي،  لإنها تتحدث عن مشكلة الإنسان الرئيسية وبالذات إنسان هذه المنطقة ، ضمن فهم وجودي يقول فيه ابو الوجودية كيركغور (الفرد هو الحقيقة الاساسية ، وليس بوصفه ذاتاً عاقلة ، وانما الفرد بوصفه ذاتاً قلقة)، الذي ينشأ ليكدح ثم يهرم وتخر قواه ليترك للموت او يقتل مهما عمل كحال الحصان عندما تنتهي مرحلة إستغلاله .
إختار عادل أكثر الحيوانات قوة وانسجاماً مع الإنسان ، فهو يحمل صفات القوة والكبرياء والأنفة ، واستنطقه متوجعاً ، ولكنه إستمر في وقفته أبياً حتى سقط سقطته الاخيرة حاملاً معه عزته وآلامه ، إنها التفسير الوجودي لحال الإنسان التي يقول فيها د. هشام غصيب " انها بلا شك تعبر عن الوضع الانساني بصورة من الصور ، وعن الرعب الذي نعيشه بوصفنا أفراداً وحيدين في النهاية " ، مقابلة خاصة في مجلة أوراق اردنية ، العدد 30 .
 وهو ما يخبرنا عنه عادل كامل في نهاية القصة ليعلن لنا عن نهاية حصانه،  " للحق كنت أريد ان لا إولد ، ولكني ولدت عنوة ، ولم أختر نهايتي الا بما يماثل ذلك الميلاد ، وها انا قلت كلمتي ، ميت أمضى حياته مجروراً الى الموت "  ص 50 المجموعة .
قصة (عربة حصان ميت) تستعيد ألق الفلسفة الوجودية ، ولكنها في الواقع قصة الانسان الشرقي وأغلب مثقفي الشرق ، حينما تصبح أمنياته ومطالبه وأحلامه ، صراخا ً في علب فارغة ، أرتوى منها ذوو الرؤوس الفارغة ورميت على قارعة الطريق ، أنها قصة الاسترجاعات للوصول إلى كنه الذات ، وبث قلقها وآلامها عبر رؤى فلسفية ، نحتت على ضوء الواقع ، بحث عن معرفة وجودها ، ضمن عكس الأنا الدكارتية (أنا افكر اذاً انا موجود) فهو يبقي وجوده المعنوي ، ليبقي الوجود المندحر (الموت) ويدوي سؤاله ، " فلماذا كنت عبداً ، وقد كانت رؤيتي باتساع هذا الكون " ص 31 المجموعة .

استكمال سرد الألم الانساني
أذا قرأنا قصص المجموعة مابعد قصة (عربة الحصان الميت) لا نخرج من دائرة البحث لاستكمال ايجاد الخلل او الخطأ في (الوضع البشري) اذا استعرنا العبارة من رواية أندريه مالرو ، فأين يكمن الخلل ، اننا ولدنا دون رغبتنا كما خرج فيها حصان عادل نهاية القصة ؟ أم أننا ولدنا في المكان والزمان الذي لانرغب بهما ؟ هل اخترنا أصدقاءنا وزوجاتنا والجيران والوظيفة ، وكل مايمت لحياتنا ؟ هل اخترنا حكامنا ، أم هم الذين اختارونا ليحكمونا ؟ اين الصح وأين الخطأ ؟ سلسلة الأسئلة والاستفهامات ، نجدها في كل قصة من قصص المجموعة ، فقصة (القصة التي لم تبدأ بعد) يتحدث عن كاتب رمز لاسمه (ل) رحل عن هذه الدنيا ، ولكنه ظل شاغل الناس ، في القصة عالم غريب يسخر من نفسه ، يهمش من يريد ويقصي من يريد ، أنه عالم واقعه أغرب من مخياله ، فكل مايحلم به الكاتب في حياته يتحقق بعد موته ، ويصاغ مجده بدون وجوده ، وتذكرنا برواية (يوسف السباعي) حينما يصرخ بطل الرواية (لا أريد تمثالاً ولا احتفالاً عندما أموت ، أريد الآن أن اجد جهدي قبل أن أرحل) .
في قصة (ليلة التمثال) الوحشة والمعاناة امام هول مايحدث في الحياة ، ويقول بطل قصة (البروفسور الذي نطق) والتي تتماثل في المعاناة مع قصة ليلة التمثال " شعرت بالعذاب القديم ، عذاب المخلوقات التي تتنفس التلوث وتموت في الحروب وتعاني من المجاعات ، وتهددها الشيخوخة " ص 118 المجموعة .
أن مجموعة (عربة الحصان الميت) القصصية ، تتكلم بلسان شخصيات أنتقيت بعناية لامتلاكها حساً شاعرياً واحساساً انسانياً عالياً ، الى جانب اختياره لشخصيات مركبة تعاني من مؤثرات معاناة الآخرين عليها ، على ضوء تجربتها الشخصية .

الأنا والآخر ووعي الكتابة
أذا اختار ضمير الانا المباشر للسرد والمناجاة السردية في قصة (عربة الحصان الميت) فإنه يختار في قصص اخرى الضمير الغائب ليتوارى خلفه ، فهو يسرد سيرة او مذكرات لانسان واحد ، يعبر في كل قصة عن ناحية من نواحي معاناته ومحاكاته للمخلوقات ، كتبت ثلاث قصص بضمير الانا (السارد) ، (عربة الحصان الميت ، عصفور في الرأس ، أنا قتلت الامبراطور) أما بقية قصص المجموعة ومن ضمنها القصص القصيرة جداً ، فقد كتبت بضمير الغائب ، فهو يكتب القصة بوعي لما يريد أن يخاطب الآخر به على الرغم من اللغة الشاعرية والوجدانية ، والجمل الفلسفية بسيطة وواضحة في تناول مفاهيمها الحياتية ، إنه يخاطب بصورة مباشرة برموز واضحة الدلالة ، ولكن بفنية سردية عالية وبقوة تكنيك السرد ، تحمل في طياتها التشويق والدهشة ، ويجعل المتلقي مجبراً على التواصل والمتابعة ، أن هذا الكم من الأحساس بالظلم والحيف والأجحاف الذي يحمله أبطاله ، هو جزء من الهم الشخصي لمعاناة طال امدها ، وهو يرى العالم الذي حلم بتغييره ينهار من حوله ، بعد أن كان مؤمناً أنه واحد من عشرات في مقدمة الركب ممن سينقذون العالم والانسان، " كانت ترغب أن تقتلع ماضيها كله وتسير صافية كضوء في مساره المجهول ، لا وعي ولا كدمات ولا أمة يحاصرها الغبار " ص151 المجموعة .
أنه يغوص الى الاعماق في استكشاف حياة شخوصه ، ويعلن همومهم بمناجاة ذاتية تبرز الشخصية ككيان يريد أن يخلق كيانه المنفرد، لا أن يخلق له كما يوضحه مثال د. هشام غصيب، "  بمعنى أنك لاتستطيع أن تختزل الفرد الى ماهو اكثر جذرية ويقينية منه ، لذلك احتج كيركفور ابو الوجودية على هيغل ، الذي عد الفرد ألعوبة في يد قوانين التاريخ " ، المصدر السابق ، ففي قصة (الملكة لاما) لم يكن الانهيار من الخارج ، بل جعله من الداخل " كانت تردد منذ نصف قرن أن تلف الاسنان يعني دمار الحكم وأنهيار الامبراطورية " ص 99 المجموعة .
أن قصص عادل اضافة الى المسحة الشاعرية التي تتراقص بين السطور ، فهي خطاب مباشر بهذه اللغة الشعرية والتكنيك السردي القوي ، والحوار المدروس في تحديد الهدف  وطرح الافكار ، بالرغم من المناورات التي يقوم بها لأخفاء دلالة المعنى، وتغليف مايريد أن يصرح به عبر رموز ودلالات ، محاولة للتستر على ثورية الخطاب ضد الأنظمة الحاكمة والتسلط والرعب الذي يخضع له الفرد في المنطقة من جهات وأنساق السلطة الحاكمة ، وكذلك في بنية المؤسسة التعليمية (المدرسة) ورؤساء العمل الوظيفي ، ومايتحمله الفرد من أضطهاد في الشارع ، وكل انواع الاضطهادات التي يتعرض لها الانسان ، من قبل المجتمع المتخلف ، وسلطة وسيطرة المتخلفين من الحكام ، وتلاعب الجهلة واصحاب المصالح بمقادير ومصائر البشر ، " لا ضوضاء أشباح ولا رقصات هستيرية لبشر أضاعوا أقدامهم في مسالك الاحلام والرغبات ، كانت تود اعادة قانون وجودها " ص 101 المجموعة .
في قصصه كشف للزيف والمخاتلة التي تلف الحياة من اعلاها الى اسفلها ، وتعرية للذين يستحوذون على السلطة والقوة والمال ، وتسليط اصابع الاتهام المباشر من قبل أبطاله من قاع المجتمع الى أعلى قمة الهرم فيه " كنت أشم رائحة الخيانة ، كانت الديدان منذ زمان بعيد تعبث بهذا الجسد " ص 108 المجموعة .
القصص واحدها يكمل الآخر بسرد موجهِ لكل الذين يعانون والذين يجعلون الآخرين يعانون ، للذين يمسكون السلطة ، كأداة ترفيه وسعادة لهم وتعذيب واضطهاد للآخرين ، وإلى الذين تنسيهم نشوة الربح السريع فيدركون بعد حين ، وبعد أن يدب الفساد في داخلهم ، أنهم كانوا على خطأ ، ولكنهم لم يتساءلوا عندما كانوا يقبضون على السلطة والمال والقوة ، ما الذي يجعل الآخر ينجح أذا كنت إنا أجيد اللعبة ؟ وينسى أنه يحكم الآخرين بصفة النزاهة وما يدعيه شيء إلهي منزل، " هكذا هزمت جسدها وتحدثت طويلاً الى أمتها كجسد صاف منقى لم يمسسه الألم ولافساد الازمنة "  ص 100 المجموعة .
قصة (الملكة لاما) قصة كل الحكام الذين يحكمون بالقدسية الألهية، مخضعين الشعب لنزواتهم وآرائهم  الذاتية المبنية على احكام مسبقة ، مسيرة كل حاكم يطغى ويسير في تبختر نشوان على عذابات شعبه ، ولكنه ما أن ينظر الى الاعماق حتى يجد السوس قد اكل داخله ، وحان وقت رحيله واستبداله بانتهازي آخر ليكشف اخطاءه التي لم يرها وهو ينظر بخيلاء الى هؤلاء المساكين يتراكضون شمالاً وجنوباً في ملعبه " رقصة هذا الوهم الذي استنزف العمر كله .... والذي كاد أن يستنزف الخيال ... آنذاك سأغلق الباب  الآخر .... بانتظار قبضات جدد ستحطم المفتاح " ص 109 المجموعة .
أن مجموعة (عربة الحصان الميت) القصصية ، تحمل في مجموع قصصها كشفا ً لاعماق النفس البشرية في قوتها وفي ضعفها ، ونجوى لاصوات لم تسمع، تصرخ من داخل اعماقها وهي تتساءل ، لماذا نتحمل الظلم ما دمنا لم نصنعه ؟ . 
* كاتب وفنان تشكيلي عراقي


الجمعة، 7 ديسمبر 2012

محمد مهر الدين .. سلامات



سلامات محمد مهر الدين

محمد مهر الدين .. سلامات




تعرض الفنان التشكيلي العراقي محمد مهر الدين ذي البصمة العالمية في اشتغالاته الجمالية الى نكسة صحية ادخلته في احدى مستشفيات عمان وهو اليوم بغيبوبة تامة وبوضع حرج
يتمنى الوسط الثقافي والفني في العراق بكل مؤسساته ان يستعيد الفنان الكبير عافيته ودعوانا له بالصحة والشفاء العاجل وعودة موفقة لابداعه الذي لم ينقطع.


قصص قصيرة جدا ً-عادل كامل



قصص قصيرة جدا ً



عادل كامل


  دعاء
   عندما ذهبت إلى المحاسب، لاستلام راتبي، وجدت المحاسب يدعوني ان أشاركه الدعاء، وراح يدعو بصوت مرتفع:
ـ اللهم ارزق اللصوص...، اللهم وفق الحرامية...، اللهم ...انصر الظالمين!
   لم اصدم، ولم اصب بالذهول، ولكنني سألته:
ـ  لماذا هذا الدعاء ..؟  فقال ولم تفارقه الابتسامة:
ـ كي تحصل على راتبك، وكي تبقى على قيد الحياة!


  رصاصة

     بعد انتظار دام فترة غير قصيرة من الزمن، عند بوابة الجحيم، ومراقبة الداخلين إليه أو المغادرين، لمحنا، في مساء احد أيام الشتاء، إطلاق سراح السيد (س). فهمس آمري في آذني: آن لك ان تتبع خطاه. بدوري أجبته هامسا ً: ألا تراه تحول إلى شبح، وهو لا يكاد ان يقاوم الريح، فهو يتعثر، مثل أعمى، ولا احد بانتظاره أيضا ً..؟
     نفذت الأمر، من غير اعتراض، ورحت أتتبع خطاه، بدءا ً من مغادرته بوابة الجحيم، وهو القصر المطل على النهر، مرورا ً بالشوارع، والدروب، والأزقة التي سلكها، وانتهاء ً بدخوله إلى الحانة ذاتها التي طالما أمضينا الليالي فيها. فجأة همس آمري في أذني: آن لك ان تطلق النار..! كان أمرا ً إن لم أنفذه فسألقى مصير (س)، إنما دار بخاطري، أن شبح السيد (س) كان يحدق فينا، بعد مراقبته لنا، حتى أنني لمحت ابتسامة رسمها على فمه تعلن عن توقه لملاقاتنا. فقلت للآخر: ألا ترى انه تحمل ما لا يحتمل، وإلا لماذا أخلو سبيله..؟ جاء الرد بصوت قاطع: ليست مهمتك ان تفكر. فحدقت في عيني من أمرني، وسألته: وأنا من سيطلق النار علي ّ..؟
   منذ قرون مازالت كلماته ترن في راسي، بعد ان أصبحت، أنا والشبح، لا نبحث إلا عن ملاذ لنا لا نرى فيه رصاصة تبحث عنا، بعد ان قلت له: اذا كان الجحيم ذاته لم يهزمه، ويروضه، ويمحو حياته من الوجود، فلماذا أصدرت أمرا ً لي بالقضاء عليه، وبالقضاء على حياتي..؟!

  إضافات
   بعد ان دوّن وصيته، وأكملها، أعاد قراءتها. فأسرع، بشغف، يدوّن ما ظن  انه أغفله أو لم يخطر بباله. تنفس الصعداء، في هذه المرة، وهو يعيد قراءتها مرة ثانية، فوجد انه اغفل العديد من الملاحظات، فراح يكتب، مستعيدا ً ومستعينا ً بالتفاصيل التي غابت عنه. ودار بخلده، انه قرر ان يمضي جادا ً، صبورا ً، في إكمال العمل الذي بدأ به؛ أليست هذه هي وصية والدي التي نطق بها: لا تترك عملا ً إلا وتكمله. فقال يخاطب نفسه: وها أنا أدوّن. 
   وأضاف صفحات أخرى، كي لا يترك شاردة، أو واردة لم يذكرها. لكنه، عندما أعاد مراجعة الوصية كاملة، انفجر ضاحكا ً، وهو يردد، بصوت رقيق: ألم ْ أكن شيعتهم جميعا ً....، فلمن أوصي ...؟
   آنذاك رأى الأصوات تتبعثر شاغلة المساحة ذاتها التي طالما وجد نفسه محاطا ً بها: الصمت. ولكنه، في هذه المرة، تركها تعمل عمل المحو.
  شجرة الأنساب
    استعاد أسماء أسلافه، في شجرة الأنساب، من الجد العاشر انتهاء ً بآدم، ومن الجد الثالث، وصولا ً إلى حفيده الأخير، بمرح، وهو يتأمل صورهم معلقة أمامه في واجهة صالة الاستقبال.
   وعندما أطفأ المصباح، ووضع رأسه فوق الوسادة، لم يعد يفكر بما شغله، في لحظات ما قبل النوم، لأنه عندما بحث عن رأسه لم ْ يجده، فلم ينشغل بتذكر احد، لأنه لم يعد يرى أثرا ً بعد ان لمح الأسماء تتوارى، وتغيب، وهو غير مكترث لولادة حفيد آخر، كانوا يدوّن اسمه في شجرة الأنساب.

  إنها الرحمة
   لم ينجده بصره في رؤية المشهد، فقد كانت الأصوات ترسم له صور ما يحدث. فمكث يتلصص، من وراء شقوق الجدار، مصغيا ً إلى الأصوات.
   تساءل جاره الذي اختطف وجرجر من بيته إلى مكان يقع في نهاية الزقاق، حيث ترك في العراء إلى جانب أكوام الزبل:
ـ " ماذا فعلت ...؟" أجابه الآخر:
ـ " انك تعرضت للذات الإلهية ..."!
ـ" أنا ..؟" فسمع الآخر يصرخ فيه:
ـ " نعم، أنت، وتقول إننا ... نهدم عرش الله، ونخرب الدنيا ..."!
ـ " والله، لم اقل ذلك، لا خوفا ..." لم يدعه الآخر ان يكمل، ليسأله:
ـ " ماذا قلت اذا ً ...، أيها الكافر ...، الزنديق...؟"
ـ " قلت: اذا كانت الذات الإلهية...، تستنجد ... بنا، نحن الـ ...." سمع صوت رصاصة في الهواء، ورأى دوائر تتبعثر متداخلة قبل عودة الصمت. فسمع الآخر يقول للعجوز:
ـ أكمل ..."
ـ " قلت اذا كانت هذه الذات، بانتظار ان نفتديها بأرواحنا، فانا أظن ان هذه الذات لا علاقة لها ..." وسمع صوت رصاصة، ثانية، لكن من غير أصداء.
   لم يقو على الانسحاب، وهو يستمع إلى الأصوات تبتعد عن المزبلة، حتى توارت، عدا كلمات تصور ان العجوز مازال يتلعثم بها.  فأصغى إليه:
ـ " الآن أدركت، يا جاري العزيز، ان الموت ليس هو القسوة في ذروتها، وإنما ...."
ـ " أكمل ..."  ولم ينطق بكلمة، فقد فارق الحياة، ورأسه بين يديه. فقال الآخر، مع نفسه، بصمت: إنها الرحمة!
   غضب
   لم يخبرها انه اجتاز عتبة المراوغة، وانه لم يعد وحيدا ً فحسب، بل غدا لا يرى  حتى ظلا ً أو أثرا ً يمكن ان يراه: فأنا لم اطلب منها سوى ان لا تكون هناك، أو بجواري، بل ان تكون ، هنا، معي. سمعها تقول:
ـ " وأنا معك .."
ـ " أنا لم اطلب منك ِ .." وسكت، لأنه لم يعتد ان يستنجد، أو يستدرج، أو حتى يستغيث:
ـ " أنا لم اطلب منك سوى ان لا تكوني، هناك، نائية، بل ان تكوني، هنا، معي ... " وأعترف لنفسه: الكلمات حجارة، والعبارات منافي. فاختزل طلبه لها في كلمة:
ـ " قبلة ..." ولم يشرح لها أنها وحدها تختزل المعاني.
ـ " لكن هذا يفقدني ..."   فلم يجد وسيلة لإخفاء غضبه، وألمه الدفين:
ـ " قبلة، قبلة تسمح لي ان أذهب ابعد من الموت!"   ولم يعد يراها، أو يستمع إلى صوتها، بعد ان قال لها: أنا منحتك حياتي كلها، ولم اترك لنفسي إلا ان تذهب بعيدا ً.
    وكأنه أدرك ان الحكمة، في الغالب، كما خطر بباله، لن تأتي إلا فائضة، وبعد ان يكون الآسف قد فقد مغزاه، آنذاك يكون الإمساك بالرماد، وحده، لن يقارن باستعادة زمان الجمر، ولا بتذكر لهب النار، عدا ذلك الذي شغله، منذ عقود، ليس الزمن، بل الذي غادره. وود لو قال لها ذلك، وساعدها كي تنال لقبا ً آخر، تتزين به، بين زميلاتها وزملائها، لكنه أيقن أنها، منذ البدء، لم تكن تأخذ منه إلا الذي لم يعد يأسف عليه: الحياة!.
  الريح
     بعد ان كف فمه عن النطق، وكف خياله عن العمل، وبصره عن الرؤية، ذهب إلى النقاش، وناوله ورقة كتب فيها إشارة تحمل بعض الأسماء. هز الآخر رأسه، مستفسرا ً، فناوله ورقة ثانية، دوّن فيها التالي:
ـ " من يعيد إليك طفولتك التي سرقت منك/ من يعيد إليك أحلامك التي ضاعت/ من يعيد إليك حياتك التي بعثرت/ من يعيد إليك كتبك التي نهبت، من يعيد إليك كرامتك التي فقدت، من يعيد إليك بيتك الذي هدم، من يعيد الكلمات إلى فمك، والنبض إلى قلبك، والومضات إلى جنونك... من يعيدها...؟" ابتسم النقاش، ومازال يجهل ماذا يفعل بالأسماء، هل يحفرها فوق شاخص القبر، أم يحتفظ بها لغاية ما، لكن الآخر قال له، وكانت تلك آخر كلمة نطق بها:
ـ " شكرا ً لك، أعطني الورقة. لا تكتب شيئا ً، فانا تذكرت أنني كنت مت منذ زمان بعيد، فلا تربك مرور الريح بذكر أسماء من سرقوا أحلامي، ورأسي، وكتبي، وطفولتي، لأن الريح وحدها  ستبقى بيضاء"! ودفن من غير شاخص.

  قرار

   بعد ان سقطت قريته في الحرب، لم يعد يصوب بندقيته إلى الأعلى. منشغلا ً بمشاهدة الطائرات العملاقة وهي في طريقها إلى المدينة، لكنه كتم عويلا ً في أعماقه وهو يرى جاره يرحب بمرورها في السماء، فوق ارض قريته التي سقطت من غير مقاومة تذكر، فصوب فوهة بندقيته باتجاه رأسه، وطلب من جاره ان يضغط على الزناد، لكن الآخر لم يفعل، لأنه مازال يلوّح مرحبا ً بالطائرات العملاقة المتجهة صوب المدينة، فوجد إصبعه يضغط على الزناد، قبل ان يتخذ رأسه قرارا بذلك.

  عمل
      خاطب المدير الموظف:
ـ عليك ان تعمل.  فقال الموظف للمدير:
ـ وأنت عليك ان تفتخر بعملي. فقال المدير:
ـ اقلب المعادلة: لا تعمل، فهل هناك من يلتفت إليك. فكر الموظف برهة، وقال:
ـ ليس الذنب ذنبك، يا سيدي، ولكنني، للآسف، لا اعرف ماذا اعمل، إن توقفت عن العمل.

  حوار
سأل الفقير جاره الثري:
ـ متى يأتي يوم القيامة.؟ فرد الثري بغضب:
ـ ولماذا تتعجل قدوم ذلك اليوم ..؟
ـ كي لا أبقى فقيرا ً إلى الأبد. فقال الآخر:
ـ ومن قال انك ستصبح ثريا ً..؟  لم يجب الفقير، بل اكتفى برفع رأسه ونظر إلى السماء، من غير إجابة.

  هدايا
ـ قل لي، سأل المهاجر الأسيوي زميله الأفريقي في المهجر: إلى أين تتجه حاملات الطائرات النفاثة، وهذه الصواريخ عابرة القارات ...؟ قال له ساخرا ً:
ـ أنهم يرسلون الهدايا إلى شعوبنا التي مكثت تردد: اذا الشعب يوما ً أرادة الحياة، فعليه أما ان يهاجر، أو ان يتذوق هذه الهدايا!

  انتظار
    سألت العانس جارتها الأرملة:
ـ وألان، بعد هذا العمر، ماذا ننتظر..؟ فقالت الأرملة:
ـ أنا انتظر ان أراه في العالم الآخر!
   صدمت العانس بالرد، لتسأل نفسها، بصوت مسموع: وأنا ماذا انتظر ...؟ فقالت الأرملة تخاطبها بصوت خفيض:
ـ صحيح أنا لدي من انتظره، ولكنك، يا جارتي العزيزة، ستجدين من ينتظرك!

 جنرال

     لأنه، بعد ان خاض الحروب التي لم يكسب منها سوى خسارات لم تسمح له، حتى بمغادرة سريره، شرد ذهنه، وهو يتابع ـ عبر شاشة التلفاز ـ قصف الطائرات المقاتلة للأحياء السكنية، في مدينته التي غادرها، منشغلا ً بتأمل أعمدة الدخان، إلى السؤال الذي بلغ ذروته: اذا كان المنتصر لا يقدر انه لم يهزم إلا مخلوقات لا وجود لها، بحسابات المعارك، وفن الحروب، فأي نصر هذا سيدوم وقد سبقه زواله إلى الاندثار، والمحو..؟
    أعاد الجنرال رأسه إلى الوسادة، وهو يردد، مع نفسه: إنهم يسرقون هزائمي أخيرا ً. ولم ينطق بكلمة.

  ضيوف
   بأصابع مرتجفة أدار المفتاح في القفل، وفتح الباب، ليدخل عبر ممر ضيق إلى داره، فوجد بضعة رجال يجلسون في صالة الاستقبال، لم يكترث، فقد تابع السير باتجاه غرفته، فوجد احدهم يجلس خلف منضدته، وهو يحدق في عينيه. فسأله الآخر:
ـ من أنت، وماذا تريد ...؟
لم يجب، بل تراجع خطوة إلى الخلف، ثم استدار، وتراجع، متقدما ً نحوه خطوات، وقال:
ـ تفضل..،آسف، هذه ـ هي ـ مفاتيح البيت!
   بعد ذلك اليوم، لم يره احد، أو ينشغل بأخباره.

  اختيار

   ذات مرة سألت جاري، قبل ان يتوارى:
ـ هل تود ان تكون عظيما ً، أم واحدا ً من عامة الناس...؟
 ابتسم وسألني:
ـ وهل تستطيع ان تختار الذي تجد انك لا تستطيع رفضه ...؟ تابعت اسأله:
ـ أي انك لم تقدر ان تختار لا جحيمك ولا نعيمك أيضا ً ...؟
ـ طبعا ً، أيها العزيز، عندما تقدر ان لا تختار الجحيم فأنت وضعت خطوتك في الطريق الآخر، لكنك عندما تجد انك ولدت في الجحيم، فهل باستطاعتك ان تعثر على طريق للفرار...؟

  مفارقة
     غريب! تساءل المقاتل مع نفسه، بذعر، ان القذائف السبع جميعها سقطت على المواضع المجاورة لموضوعي، ولم تترك أحدا ً حيا ً فيها، فلماذا قدر لي ان أرى هذا المشهد...؟ في المستشفى، عندما آفاق، سمع قصصا ً مماثلة، وكل من اخبره بحكايته وجدها لا تختلف عما حدث له. فخاطب نفسه: انك، يا مجنون، ستبقى ترى كيف نجوت بانتظار تلك التي لا مناص ستسقط فوق رأسك!
    بعد عقود، عندما قررت إحدى المؤسسات ان تمنحه شهادة فخرية، لم يُعثر عليه في منزله، وإنما وجدوه في العراء، بجوار المزبلة، جثة بلا رأس.

30/11/ 2012
 

الثلاثاء، 4 ديسمبر 2012

دراسة حديثة تظهر جينة قادرة على تحديد موعد وفاة الانسان

توصلت دراسة حديثة الى اكتشاف أشكال خاصة لاحد الجينات المعينة قادرة على تحديد موعد وفاة الإنسان بدقة متناهية وليس تحديد تاريخ وفاته فقط. وقد تمكن باحثون أمريكيون من التوصل إلى هذا الاستنتاج بعد اجراء دراسة دقيقة للجينوم، وهو أحد التخصصات الفرعية من علم الوراثة، والذي يعنى بدراسة كامل المعلومات الوراثية فى الكائن الحى المشفرة، المرتبط بالحركة المنظمة للساعة البيولوجية وبعادات النوم لدى 1200 شخص فوق سن الـ 65 ممن يتمتعون بصحة جيدة، حسبما نقلته “بوابة الاهرام”. وقال اندرو ليم المشرف على الدراسة ان الساعة البيولوجية داخل جسم الانسان تنظم الكثير من الظواهر البيولوجية والسلوك البشري، بما في ذلك مواعيد الاستيقاظ والخلود الى النوم وتوقيت الكثير من العمليات الفيزيولوجية. كما أن للساعة البيولوجية تاثيرا على توقيت الأحداث الصحية الخطيرة مثل السكتة الدماغية والنوبات القلبية. ويأمل الباحثون أن تساعد هذه الدراسات على تحسين علاج بعض الأمراض الخطيرة. وكانت هذه الدراسة قد اجريت من أجل برنامج الأبحاث فى مجال تطورات مرض الشلل الرعاش والزهايمر، ولكن تم توسيعها بصفة خاصة بعد اكتشاف الجين الخاص بتحديد موعد وفاة الانسان. هذا ومن المعروف أن العوامل الوراثية لها دور في تحديد خصائص معينة لجسم الإنسان مثل لون الشعر وفصيلة الدم أو إمكانية تزايد نسبة الإصابة بأمراض معينة.