الخميس، 5 يوليو 2012

قصة قصيرة-الشيخ والمدينة-عادل كامل


قصة قصيرة الشيخ والمدينة
(1) ليس لأنه لم يغادر مدينته منذ ولد فيها، قبل أكثر من نصف قرن، وإنما لأنه، وهو يقلب في صفحات الكلام، لم يعد يجد فارقا بين الدنيا خارج حدود مدينته أو داخلها؛ فقد كان الشيخ، وهذا ما عرف به منذ زمن بعيد ، قد حل ضيفا على هذا الزمن، الامر الذي جعله لا يجادل في الصواب أو الأغلاط، ولا يحزن أو يفرح لشؤون الأيام، حتى قيل انه كان متصوفا أو زاهدا أو تقيا، ولم يكن الشيخ يهمه من هذا الامر هذا شيئا.. بل كان يبتسم ابتسامة متوازنة مع ما ترد عليه من أفكار وأحوال ، وهو ذا يواجه أمر اخلاء المدينة، بسبب شائعات الأعداء وإنذار نشوب الحرب، بابتسامة وكلمات موجزة .. فقال انه سيحافظ على خريطة المدينة.. ويحرسها من الظلام. وقال أن الموت خارج المدينة لايختلف عنه في داخلها.. ثم انه – دار بخلده – لم يعد يأبه بمثل هذه القضايا ، أو ينبش اسئلتها القديمة . (2) وكان وحيدا يصغي لصمت الشوارع وسكون الريح وهو يستذكر تاريخ مدينته وكم تولع بها منذ فتوته ، وبعد ذلك، راح لايميز بين حياته وحياة كل جزء من اجزائها ، حتى انه حسب الحياة خارجها محض عدم، وان القدر اختار المدينة له وانه هو الذي اختار هذا القدر.. وكان يشعر ببعض الالم وهو يستعيد مشاهد الناس وقد اصابهم الفزع والارتباك، ابناءه وأحفاده والاهل جميعا غادروا بعربة كبيرة ، وهو لايعترض على ذلك ، لانه كان لايريد لاحد ان يعترض عليه ، كانت مشاهد القوافل المهاجرة تمر من امامه مثلما في فلم، تمر سريعة، خاطفة ، لتترك مثل هذه الاسترجاعات البصرية . بيد أنه سرعان ما عاد يوازن بين فناء الاشياء في كل مكان وفي المكان الذي يقف فيه وعليه. فهو لايشعر بشقاء الزوالات أو يترجى شيئا ما كبيرا لما سيأتي.. وقد إعتاد ، مع نفسه على الاقل، الا يفضّل كفه أمر على أمر، ولايعني هذا أنها متساوية تماما، إلا في حدود أنها وقعت وأنتهى زمنها. أبتسم للاشيء .. ودفع بجسده النحيل متجولا وحيدا يحدق في الابواب نصف المشرعة والمغلقة وفي الاشجار شاما رائحة حياة كانت تعج بها المدينة قبل يوم وقبل ساعات فقط.. صخب وضجة المدينة الذي كان يترك عنده، في باديء الامر، ارتباكا، ثم، أحساسا بالاطمئنان المستحيل . وقد حسم الشيخ مشاكله عندما كف عن طلب أي شيء ، أو إنتظار أحد او لا احد..حسم امره وكأنه يعيش ماضيه المكون في الاتي من السنين والايام.. ذلك كله جعله يميل لكفة الفرح دون اعلانه او المباهاة بالمسرات.. فالاحتفالات التي طالما اقامها في داخله لم يعلنها ولم تكن مثار غرور او كبرياء، فقد كان مستسلماً لجريان النهر، هذا الذي ، قال في نفسه، توقف الآن. (3) إنها لكارثة أو غمامة بلا لون لو تحولت المدينة الى أعمدة وهياكل خربة، لا لاي سبب الا لان الحياة غدت مستحيلة بعيدا عن لعنة الدمار وقلب الموازين.. وكاد يعثر على بارقة أمل للذي سيقع ، إنما أدرك أن الذي سيقع قد وقع وليس عليه إلا ان يقوم بالدور ذاته الذي قام به في زمنه القديم، أن احدا لم يصدقه لكلامه ! وهو عمليا لم يكن ليفكر باقناع احد او بالدفاع عن تصوراته.. انما وجد نفسه مستسلما للذة لا علاقة لها باحد.. بل ولا علاقة لها به شخصيا.. كما قال، وهو يتوقف أمام النهر يرسل نظراته الى الضفة الاخرى.. مدينة بلا ضجة ولا أصوات ولا عراك ولا عويل.. ليس سوى الأشجار وبعض الكلاب تتجول غير مكترثة لأمر الإخلاء ، كانت الشمس تغادر بأشعتها الحمراء وقد حجبت الغيوم بعضها.. وبدأت المدينة تغرق وتتلون بألوان الليل .. ثم سرعان ما انتشر الظلام في كل مكان باستثناء النجوم ترسل لمعان بريقها الفضي المنعكس فوق أمواج النهر. جلس الشيخ تحت شجرة كبيرة يسترجع تاريخ مدينته ، المهددة بحسب ما قالوا ، بالدمار والزوال .. وهو الذي أمن عميقا ان القدر يخفي ما هو أبعد من أي تفسير أو تدبير.. ولم يغف طوال الليل ، ذلك بسبب إنشغاله بلا شيء، بلا هذا اللاشيء المقدس الذي جعله لايتمسك بشيء من الاشياء ، ويعثر على موازنات خاصة به، دفعته لمثل هذا الاختيار .. ولم يخف فزعه لسماع صوت طائرة ، إنما ، بعد لحظات ، عادت اليه السكينة ، فثمة أفكار طالما راودته وهو لا يرى ، لا في مدينته ولا في المدن الاخرى، لا في الارض ولا في أي مكان آخر، الا حركة ماضية متداخلة تكتم سرها داخلها تخص فناء الاشياء وتحولاتها. لم يفزع للمشهد المبهم هذا.. ذلك لانه غدا كالقانون عنده.. انما اختفى الصوت، مع بدء الفجر، فصلى.. وشرب من ماء النهر.. وحزن قليلاً.. بسبب الوحدة او ، ربما ، لان المدينة مكثت يوما اخر يضاف لزمنها الذي سيزول في يوم من الايام.. يوم آخر.. اذن.. كذلك دار بخاطره .. يضاف لهذا اللاشيء العجيب الذي جعل عجلة الحياة تدور وتدور، دون ان يدرك احد، ان هذه العجلة ، ستدور بمن يمسك بها. إنها تماثل جهنم وهي بانتظار المزيد.. ثم أرسل نظره الى الجهات.. كلها لا أحد.. فالحياة الصاخبة أخلت مكانها لهذا الصمت.. هذا الصمت الذي راح يتوغل في اعماقه ، مفجراً خواطر غامضة لم تمر به من قبل .. فقد نهض، وعزم ان يذهب ويزور المقبرة.. ويذهب الى قبر والده وجده والاسلاف .. هناك، ولا يعرف أية قوة غريبة سحرية كانت تدفعه، ليسير كأنه في واجب ، غير مكترث للمدينة ولا للخطر الذي تتعرض له، حيث كان لايفكر الا بالوصول الى هناك.. رفع رأسه قليلا وكاد يفزع لامتداد المقبرة شرقا باتجاه الصحراء، الامتداد مع الافق اللانهائي لولا انه استدار باتجاه مقبرة العائلة، سار ببطء وهو يستدل هجرة سكان المدينة بموتهم ودفنهم كل في مكانه المخصص له في الارض الرملية الفسيحة. وتخيل المدينة وقد انتزعت من مكانها ولم تعد الا خرائب تمر بها الريح وتنعق فيها البوم.. تقدم بتكاسل شاعراً باقصى درجات العزلة.. وعبثا كان قد أمضى حياته من أجل اللاشيء الذي طالما سحره وقدسه في الاخير…اللاشيء الذي هو كل الاشياء، ذلك الذي أعاد له التوازن بين أهدافه، ووسائله، بين الباطل والباطل وهو يرى المستقبل برمته محض ماض مؤجل في الذهن بينما هو أخذ مكانه في الزمن القديم.. وتوقف عند مقبرة العائلة، ليسترجع انفاسه، ويسبح بحمد الله أن المدينة مازالت قائمة، وانها لم تتعرض للدمار، إنما ماذا يعني ذلك وأنا الآن وحيد مع الموتى مثلما كنت وحيداً مع الأحياء؟ وجلس عند قبر والده ، وحدق ، من وراء القبر، حيث يرقد جده، والأسلاف ، فهنا، قال في نفسي، تجمدت الحياة مثلما ستأخذ مكاننا معهم: لكنه لم يسترسل ، فقد سبق له وحسم الامر وما عاد الموت مصدر فزع أو مثار مشاعر عابرة،إنما كان، دون إرادة منه، يفكر في المدينة ومصيرها ، ومصائر سكانها وهم يتنقلون من مكان الى آخر. تذكر تلك الساعات العصيبة حيث كانت القوافل تغادر المدينة ، والناس في اقصى درجات الفوضى والارتباك بحثا عن وسيلة نقل تنقلهم بعيدا عن خطر الفناء.. وتهديدات الاعداء بنسف المدينة وتخريبها . تذكر انه لم يغادر المدينة ولن يغادرها.. أما الآن، وهو يمسك بتراب الارض المخصص له، كما يعلم ، فقد أنشغل بسؤال أربكه قليلاً: هل أنقل عظامكم ياأيها الاهل.. ياابي وياجدي ويا أسلافي وأغادر.. هاربا من الارض التي خرجت منها، الى البعيد.. ام اترك عظامي تستقر الى جانبكم .. هنا.. لنبدأ في حوار طويل من الصمت الذي لانعرف شيئا ما محددا عنه..؟ وقال : أأغادر بكم ام استقر الى جانبكم ، في عزلتي؟ كان الشيخ يستعيد ذكرى تعود الى زمن موغل قديم حيث كان الناس، عند الكوارث، يهرعون الى مقابرهم ، فيحملون عظام الصالحين ويهربون بها لكي لاتمسها مخالب الكارثة، ثم بعد ذلك، بعد زوال البلية والمحنة، يعودون بها، ويعيدونها حيث مكانها الاول. قال بصوت مشوش ، انما انا سأذهب بكم حيث الاعداء ينتشرون في كل مكان.. فالى اين .. سأذهب ..بكم؟ ورفع حفنة من التراب وهو، بلا شعور منه، بدأ يحفر حفرته المخصصة له في مقبرة العائلة : اذن.. دار بخاطره، سأحفر لي مستقرا واستقر.. فاذا جاء الموت.. فلن تدكدكني اقدام الاعداء.. متخيلا المدينة محض خرائب واعمدة واطلال وريح صرصر تمر بها واصوات مبهمة تتركها الفصول لتندرس في الاخير الاشياء كلها وتتساوى كأنها هي الاخرى مثل مقبرة توحدت فيها الاجساد بالرمل وتلاشت الامال والمسرات ومسحت آثار الاسماء من الاسماء والتاريخ تم محوه. تخيل ذلك المشهد.. والسكان يتوزعون في بقاع الارض يتنقلون من مكان الى آخر بعد أن اضطروا لترك مساكنهم وديارهم وحتى مقابرهم. وفزع للصورة .. وتساءل بألم دفين ما إذا كانوا قد حملوا ماضيهم معهم أم ، هو الاخر تركوه؟ أي ماض.. وأي مستقبل كانوا ينشدون؟ وقال أنهم سيدفنون موزعين في اماكن متباعدة لا جامع يجمعها. لكنه قال أن الارض لم تعد كبيرة.. فمثلما ، في يوم ما ، ستتحول الى قرية كبيرة ، فأن المقبرة هي الاخرى، واحدة وسيرقد فيها الجميع. ولم ترق له الفكرة .. فقد كان يفكر بنقل عظام ذويه، ويحملها ويغادر المدينة.. الى أي مكان ، يخلو من شبح الموت والعزلة ، ورعب الصمت الذي راح يحرك خياله باضطراب. قال انها المرة الاولى التي يكون فيها وحيدا في المدينة، والاولى التي يكون فيها في هذا المكان..متصورا ان سكان المدينة قد هلكوا جميعا.. فما الفارق بين غيابهم في الهجرةاو في الموت. وبدأ يحفر، مسرعا تارة .. وبلا مبالاة تارة اخرى. فأنا اعرف اني ساصبح هزأة لو حملتكم في كيس وهاجرت بكم.. ماذا سأقول لسكان هذا العصر..؟ الناس يفكرون بالحياة وأنا لا أفكر إلا بشيء آخر أكاد اجهله تمام الجهل .. ثم الى أين سأذهب . المجهول.. في كل مكان.. هو المجهول.. ومثل هذا الامر كان قد حسم قبل أن أولد، وبعد أن أكون في عداد الراحلين. وحفر.. كأنه لايريد ان يرى زوال مدينته امام ناظريه، حيث هو الوحيد الذي سيتعرض للهلاك ، بعد أن غادر السكان الى البعيد.. وراح يتحدث، ساخرا، مع نفسه، موجها كلامه الى والده والاجداد: انها لعبة طريفة أذن .. يهربون مع موتهم ، والى الموت.. مثلما هربتم انتم الى ارضكم.. فما هو الفارق في الاخير، ايها الاجداد.. ما الفارق بين من سيموت ومن مات ومن سيولد ليموت ومن يموت دون ولادة؟ ما الفارق بين وهم ووهم آخر.. اليس كل ما تحت الصفر صفر .. وكل مابعد الواحد واحد؟ آه. ذلك لانه لم يبح بافكاره لاحد. وها هي مناسبة لن تتكرر تتيح له الكلام: اليكم.. اليكم ايها الاجداد .. الواحد بعد الآخر.. الواحد الذي ترك للآخر ثقل هذا الموت المخيم علينا اليوم .. وهو ذا المصير. كان كل منكم يذهب الى الموت تاركا ذنوبه للآخر، كوصية ازلية ، كوصية سرعان ما تتحول الى اسطورة بلهاء نحملها معنا في الصمت وفي الكلام. وصية ان ندفن مع انفسنا وصايانا ولا نترك منها الا ما هو ثقيل مزر مكدر بلا فائدة ولا نفع.. ثم سمع اصوات إنفجارات .. فرفع رأسه بتثاقل، وحدق في اماكن مختلفة.آنذاك توقف عن الحفر.. محاولا أن يتخلص من الحفرة التي حفرها بيده.. محاولا أن يتخلص من الحفرة التي حفرها بيده، بلا جدوى.. وعاد يستمع الى الدوي يهز الارض : إنهم يطلقون النار على الموتى . وقال : كان علي أن أحمل عظامكم وأهرب ..أذا ً .. وقال: ولكنها كانت ثقيلة وأنا لا طاقة لي على عمل ذلك. الا انه، وهو مشغول الفكر، أيقن أن أجداده، في مثل هذه ا لاوقات العصيبة ، وفي مثل هذه الكوارث، ما كانوا يغادرون المدينة، وراح ، بين الحياة والموت، يستمع الى أصواتهم ونداءاتهم وهمسهم الآتي من البعيد ممتزجا باصوات الانفجارات وبازيز مرور الطائرات المرتفعة عاليا عاليا في اعالي السماء. كان يعرف انه لايستطيع ان يسقط طائرة واحدة منها، الا انه لا يعرف بالضبط ما الذي كان يفزعهم ، هذا الفزع كله، ليطلقوا النار على لا أحد: علينا نحن الموتى ‍! وسخر متمتماً بصمته وهو يردد : على المنتصر أن يسير في جنازته، حاملا عظامه معه الى المجهول. 1991

الاثنين، 25 يونيو 2012

بنت الرافدين تطلق العمل للعيادة الاستشارية القانونية للعنف الاسري.

حيدر محمود شاكر منظمة بنت الرافدين العنف ضد المرأة جملة لم تغادر قاموس منظمة بنت الرافدين منذ تأسيسها في عام 2005 ولحد ألان، فهي مازالت تجاهد لتحقيق رؤيتها لمستقبل المرأة البابلية بشكل خاص والعراقية بشكل عام، فخلال هذا العام أعلنت بنت الرافدين أن هذه السنة، هي سنة الحماية القانونية للمرأة البابلية، وأول حصاد كان لها في هذا المضمار هو افتتاحها للعيادة الاستشارية القانونية بالتعاون مع كلية القانون جامعة بابل يوم السبت 23/6/2012 الساعة الخامسة عصرا على قاعة شهرزاد. وقد صرح د.هادي الكعبي عميد كلية القانون في جامعة بابل: (هدفنا من العيادة أن نجسر الهوة بين الجامعة والمجتمع كما ان هدفها هو خدمة المجتمع، وقد خضنا عدة نقاشات في كلية القانون لاجل تفعيل هذه المبادرة وق أبدى الكثير من أساتذة القانون استعدادهم للعمل في العيادة بشكل طوعي مرحبين بالفكرة). كما تحدثت السيدة علياء الأنصاري المدير التنفيذي لمنظمة بنت الرافدين عن هذه المبادرة قائلة: (عندما اتصلت بنا كلية القانون في جامعة بابل لاجل الشراكة التي تمثلت بفتح عيادة استشارية تخصصية قانونية تهتم بالعنف الاسري، أدركنا ان جزءا كبيرا من طموحنا في الحد من ظاهرة العنف ضد المرأة، أخذ يتجلى بشكل حقيقي وواقع من خلال هذه العيادة. حيث سنتمكن من تقديم المساندة والعون القانوني لمن يحتاجه). وقد أعلنت الأنصاري عن استقبال حالات العنف من الرجل ايضا بأعتباره جزء مهم في تكوين الاسرة السليمة حيث ان المهم لدى المنظمة هو الحفاظ على الاسرة وتماسكها في ظل حماية حقوق المرأة وسلامة أمنها الجسدي والنفسي. والجدير بالذكر ان منظمة بنت الرافدين قامت بدراسة ميدانية لقياس نسبة العنف في محافظ بابل،وقد أظهرت النتائج ان نسبة النساء المعنفات في بابل 86.8% وعن مصادر العنف هذا فقد أظهرت الدراسة ان نسبة العنف من الاهل والذي يشكل المصدر الاول للعنف بلغ 52% ثم جاء بالمرتبة الثانية المجتمع بنسبة 47.95% ثم يليه الزوج 28.6%. ومنظمة بنت الرافدين مازالت مستمرة بالعمل على تشريع قانون اسناد لحماية المرأة من العنف في محافظة بابل وهو الان في مرحلة كتابة مسودة القانون.

( اليوم عيد -حامد كعيد الجبوري


( اليوم عيد ) اليوم عيد... اليوم ألبس كل عمر ...عمري الجديد اليوم أجي أمحمل ترافه وأصعد ويّاك السمه أيدي بيدك تلعب وترسم كمر اليوم أجيب النجمه ترجيه الحبيبي اليوم ما ألبس حزن ثوبك حرير ... أمطرز أبمي النده ويمطر عشك بيدي أمشط ليل صبري وأغزل خيوط الفرح وأغسل همومي وعطش كل السنين وأهمس أبأذنك هلاهل يا كمر ... يا عالي ردلي شوف كذلة تلبس عيون السنابل ويركص البيدر غرام اليوم أطش الروح بيد الله عتب إني رايد ... كل حلاتك ... كل حلاتك ... ...واشرب أشفافك عنب اليوم طعم الفرح هيل أركض أركض ...أركض أركض ما تصل روحك تعب اليوم طول السهر ليل ليل ما يخلص سوالف وتلعب أنهودك رطب طاير أجناحين شوكي وانثر الضحكات بدروب الهوه اليوم أشوفك تلعب بروحي تراتيل ونشيد اليوم كلبي بيك ..يكبر ....يكبر وينزل بنفسج وينزرع حضنك بريد اليوم عيد... وقبلة خدودك ضريح بين اليوم عيد ...وغير عيدك ما أريد ...غير كلبك ما أريد وما أريد

الجمعة، 22 يونيو 2012

كم باباً فتحت؟- عبدالله المغلوث

كم باباً فتحت؟ دون أن أقصد تسببت في جريمة بأمريكا. فلم أفتح الباب لسيدة كبيرة في السن كانت تسير خلفي وأنا أهم بالخروج من باب مجمع تجاري. ارتطمت السيدة بالباب وتعثرت وتبعثرت أغراضها على الأرض دون أن تصاب بأي أذى. لكن خلال محاولتي مساعدتها في جمع أشلاء أكياسها سألني رجل أمن أن أرافقه إلى مكتب الإدارة في المجمع بصوت عال كالذي ينادي به اللصوص. وفور أن دخلت المكتب دار بيننا الحوار التالي، والذي بدأه بسؤال فظ: "هل لديك مشاعر؟". أجبته باقتضاب: "بالتأكيد". فرد ووجهه يفيض غضبا: "لماذا إذاً لم تفتح الباب للسيدة التي وراءك؟". رددت عليه قائلا: "لم أرها. فلا أملك عينين في مؤخرة رأسي". فقال وهو يبحث عن قارورة الماء التي أمامه ليطفئ النار التي تشتعل في أعماقه إثر إجابتي التي لم ترق له: "عندما تقود سيارتك يتوجب عليك أن تراقب من هو أمامك ومن خلفك وعن شمالك ويمينك. فمن الأحرى أن تكون أكثر حرصا عندما تقود قدميك في المرة المقبلة". شكرته على النصيحة، فأخلى سبيلي معتذرا عن قسوته، مؤكدا أن تصرفه نابع من واجبه تجاه أي شخص يبدر منه سلوكا يراه غير مناسب.خرجت من مكتبه وأنا أهطل عرقا رغم أن درجة الحرارة كانت تحت الصفر وقتئذ في ولاية يوتاه بغرب أمريكا. كان درسا مهما تعلمته في سنتي الأولى في أمريكا عام 2000. فأصبحت منذ ذلك الحين أفتح الأبواب لمن أمامي وخلفي وعن يميني وشمالي. ومن فرط حرصي أمسكه لمن يلوح طيفه من بعيد في مشهد كوميدي تسيل على إثره الضحكات. فتح الأبواب في المجمعات التجارية والمستشفيات والجامعات يعد سلوكا حضاريا ويعكس ثقافة تجيدها دول العالم الأول مما جعلها تقطن الصدارة، فيما نقبع في المؤخرة. لا أقصد فقط الأبواب الفعلية التي نعبرها في أماكننا العامة بل أيضا الأبواب الافتراضية التي تقطننا وتشغلنا. في يقظتنا وأحلامنا. باب الوظيفة وباب الترقية وباب الفرصة. هذه الأبواب التي يملك بعضنامفاتيحها ومقابضها بيد أنها للأسف لا تفتح إلا لمن نحب ونهوى. لمن له منزلة في نفوسنا وقلوبنا، مما أدى إلى ارتطام وسقوط الكثير من الموهوبين، ممن لا حول لهم ولا قوة، أمام هذه الأبواب، متأثرين بجراحهم ومعاناتهم. فأبوابنا موصدة ومغلقة إلا أمام قلة قليلة لهم الحظوة والشفاعة وربما ليس لديهم أدنى الإمكانات للحصول على وظيفة معينة أو فرصة تتطلب مواصفات ومعايير محددة. في حفل تخرج صديقي من جامعة مانشستر ببريطانيا العام الماضي تأثرت بكلمة الخريجين التي ارتجلها طالب سوداني حصل على درجة الدكتوراه في الهندسة. سحرتني كلمته القصيرة التي قال فيها: "لن أفسد فرحتكم بكلمة طويلة مملة. سأختزلها في جملتين. دكتور جون فرانك، شكرا لأنك فتحت باب مكتبك وعقلك لي. هذا الباب هو الذي جعلني أصعد هذه المنصة اليوم وأزرع حقول الفرح في صدر جدتي مريم". قطعا، لا يرتبط السوداني صلاح كامل وأستاذه جون فرانك بوشائج قرابة وروابط دم. لكن الأخير آمن بمشروع طالبه فشرع له أبواب طالما اصطدم بها في وطنه وعدد من الدول العربية. يقول صلاح وهو يدفع عربة جدته التي جاءت إلى بريطانيا خصيصا لتتقاسم مع حفيدها الوحيد فرحته بالحصول على الشهادة الكبيرة: "الدكتور فرانك الوحيد الذي أصغى إلي. طفت دولا عربية كثيرة وجامعات عديدة ولم أجد أذنا صاغية". إن مجتمعاتنا العربية تحفل بالأنانية وحب الذات. فتكاتفنا وتعاوننا وفتح الأبواب لبعضنا البعض سيثمر نجاحا غفيرا. يقول المفكر الفرنسي، لاروشفوكو: "الأنانية كريح الصحراء.. إنها تجفف كل شيء". ثمة حل واحد يقودنا لإفشاء الإبداع وإشاعة النجاح وهو نكران الذات وإعلاء محبة الإنسان عاليا وتطبيقه في كل معاملاتنا. وليبدأ كل واحد منا بسؤال نفسه قبل أن يخلد إلى النوم: "كم بابا فتحت اليوم". إجاباتنا ستحدد إلى أين نتجه. فماذا ننتظر من مجتمعات مغلقة لا تفتح الأبواب... لاشك أنها تركض وراء السراب؟

باليت .. العدد الثاني

باليت، جريدة ثقافية شهرية متخصصة بالفنون التشكيلية، والبصرية، صدر عددها الثاني، في بغداد، بكلمة لرئيس تحريرها، الفنان ناصر عبد الله الربيعي، جاء فيها: " هذا الشهر كان مميزا ً جدا ً للفن التشكيلي العراقي، بالرغم من الظروف السياسية المعقدة التي يمر بها البلد، ولكن إصدار صحيفة باليت التشكيلية فرض على نوع جديد من النشاط والحركة لمتابعة دقائق الفن التشكيلي العراقي ورصد فعالياته، وهذا ما سمح لي بسجيل حالة واقعية أدهشتني فعلا ً، أولا ً ان الكثير من العراقيين يحبون الحياة ويجدون في صنع الجمال لرونق أيامهم، وثانيا ً العراق كبلد يملك من الطاقات والإمكانيات الفنية خزين خرافي بلا مبالغة، وثالثا ً هذا الخزين محاصر بالكثير من العوائق والفتاوى والإهمال وينتظر اللحظة الحقيقية للانطلاق وما ان تلوح بعض المنافذ حتى تراه يخرج منها بقوة ليملأ الدنيا نور وضياء...في هذا الشهر تم إصدار صحيفة تشكيلية، والقاعات الفنية لم تهدأ على قلة عددها (أربع فقط في بغداد وواحدة في بابل وقاعات كردستان) من عروض مهمة لفنانين عراقيين من الداخل والخارج وكذلك قاعات العاصمة الأردنية عملت طوال الشهر والذي قبله بلا كلل لعرض المنجز العراقي ناهيك عن المعارض الأخرى في أوربا ودبي وقطر، ثم أكملت دائرة الفنون التشكيلية بوزارة الثقافة فورة هذا النشاط بمعرض شامل للفن التشكيلي العراقي مع لإنعاش الأمل بتحريك عملية التسويق الفني للإعمال عبر برمجة الاقتناء التي وعد بها الدكتور جمال ألعتابي، اذا ً يحق لنا ان نتفاءل بعودة مجيدة لتاريخنا التشكيلي من جديد" وقد تضمن العدد رصدا ً للمعارض، والنشاطات، وأخبار الفنانين. باليت صدرت بالحجم الكبير ، وبالألوان، وبورق مميز. فضلا ً عن الجهد الشخصي لصاحب الامتياز، رئيس تحريرها، الفنان ناصر الربيعي.

قصة قصيرة- عيـون-عادل كامل

قصة قصيرة عيـون سأكرر، مرة ثانية، أنني امرأة رحلت منذ زمن .. منذ سنوات .. منذ عقد .. وربما منذ زمن بعيد . كذلك دار بخاطرها، وهي تحدق في عينيها. لقد حدث ذلك على نحو مباغت .. عندما أحسست، بأن الشيخوخة قد سكنت أعماقها . صرخت .. لقد كانت تود ألا تصرخ .. لكنها استسلمت لصراخ مكتوم، وهي تتمتم مع نفسها ( انطفأ البريق .. انطفأ البريق ) . في تلك اللحظة ناداها زوجها : - "حبيبتي ".. - "نعم .. أنا هنا ".. إلا إنها ارتجفت وشعرت أن رأسها سيسقط من جسدها النحيل .. يسقط ويتلاشى . رأس بلا عيون ويتحول الى كتلة متحجرة صماء .. رأس في متحف للآثار . ودار بخلدها، وهي تحدق في المرآة، بأن الضوء إنطفأ في عينيها . واآسفاه . اقترب زوجها منها وقال بهدوء : - "أيتها العزيزة .. لقد تأخرنا " . - "آه .. حسنا .. بعد لحظات أكون…" وفقدت القدرة على النطق . كانت تود أن تقول له : تعال انظر .. الا ترى ذلك اللون الذهبي الداكن المحروق في عيني . الا انها كانت تحب الا تؤلمه.. بل قالت في نفسها انها لن تدعه يعرف سر هذا العذاب الذي عصف بحياتها، وهي تستعد لمغادرة البيت، والذهاب الى حفلة عيد ميلاد احد الاصدقاء . الا انها حدقت في عينيه، كأنها تتعرف .. بل كأنها تكتشف أسرارا غريبة.. فقال بالهدوء ذاته، وببرود أرعبها : ت " لقد تأخرنا كثيرا ". ذلك لانها كادت تعترف له، حالا، بأنه رجل من مرمر . إلا أنها راحت تسترجع ذكريات غامضة عن العيون . كان الضوء الفضي يشوش عليها الرؤية .. اغمضت عينيها لحظة ثم حدقت في عينيه .. فعلت ذلك بلا قصد وبلا إرادة . انهما عينا صقر .قالت ذلك وتركت المرآة . غادرت البيت معه كي تستقبل ظلام الليل . إن المرء يبصر على نحو أفضل في الظلام ويستطيع أن يرى ، ما لم يستطع أن يراه في وضح النهار . كذلك جال بخاطرها، وهي تفكر لماذا مازالت على قيد الحياة، إنها لم تبلغ الثلاثين من عمرها، وانها عرفت مالا يحصى من خفايا السعادات .. قاطعها .. بصوت هاديء : - " لا أحب الليل ". - "مثلي " على انها لم تعترف له بأنها كانت تشكو من وهن في جسدها، وأن راسها يكاد ينفجر .. وإنها تكذب . بل تابعت : - "الليل يخفي الأسرار ". - "آه .. هذا أكيد .. لكني أحب ان نتحدث عن النهار . " خمسة أعوام مضت على زواجها .. خمسة أعوام من الهدوء، لكنها الآن لا تعترف هل تقول له صراحة، بانها لم تعد على قيد الحياة .. أحيانا أشعر بأن الحياة ستستمر الى الابد . كذلك خاطبت أعماقها، وأحيانا أشعر بأن صاعقة ستنهي حياتي بعد لحظة . آه. كل هذا حصل لانها أحست بأن الضوء في عينيها تحول الى رماد . هناك، وسط حشد من الأصدقاء .. والأهل .. والمعارف .. بين نسوة تجاوزن السبعين وفتيات في العشرين .. بين شيوخ وكهول وشباب، كانت وحدها تراقب انعكاسات الضوء في حدقات العيون . ولقد أحست بندم لأنها لم تدرس، بل إنها لا تعرف شيئا عن العيون، إلا ما ورد في الشعر والأدب .. - "انك تنظرين لهم بقسوة ". ثم أضاف زوجها هامسا : - "إنها حفلة رائعة .. أليس كذلك ..؟" اجل .. اجل إنها حفلة رائعة . وحمدت الله انه لم يكتشف قلقها .. ولم يكتشف ان قلبها يكاد ينخلع .. وان رأسها أصبح بثقل الأرض .. لكنها تذكرت، فجأة انطفاء النور في عينيها. إنها لم تشك من أي مرض .. وهي الآن ترى على نحو أدق… إلا أنها، بلا وعي منها، قالت بان الحياة تكمن في العيون . وإنها في تلك اللحظات الغريبة اكتشفت نهايتها. ليس ان أموت، قالت، بل ان أتحول الى لا شيء. الى رماد . وعادت وحيدة تتأمل انعكاسات الضوء في حدقات عيون الجميع . - طان العجوز التي تجاوزت السبعين .. تلك .. لها عينان غريبتان . أما ذلك العجوز فأنه ينظر مثل ذئب . تلك الفتاة، لاتختلف عن الثعلب وهو يتربص بفريسته. ذلك الكهل ينظر مثل حصان سباق .. أمي .. حتى أمي في عينيها شيء من فضة القمر . عمتي تختلف عنها : إنها تحدق بعيني دب .. دب منقرض .. لكن ما لا يحصى من الفضة في عينيها، تلك الشابة رائعة الجمال لها شعر أسود جعل من عينيها تشعان الذهب . ذلك الطفل يفصح عن موهبة رسام كبير . رباه . ماذا يحدث هناك بين العروسين الشابين .. إنهما يتبادلان الاسرار الاليفة العذبة بالنظرات .. وذلك العجوز الذي يحتسي النبيذ ينظر الى النسوة كنمر .. الاخر .. الاخرى .. كلها عيون واسعة كبيرة كأنها من صنع رسام .. وهناك طفلة نائمة منذ دقائق لابد انها تحلم . وأنا الآن لا اعرف هل سأفقد أحلامي في يوم من الأيام لو .. ثم راحت تحدق في عيني رجل غريب .. ماذا تراه يرى . هذا المخلوق .؟ وضحكت لطرفة خاصة. لكنها عادت تراقب .. وتتفحص ما شاهدته قبل قليل . بغتة قال لها زوجها ؟ - "انك تنتظرين بقسوة .. يا شمس ". هذه المرة الاولى التي ينطق بأسمها . شمس . كي يقول مضيفا: - "إنك تنظرين بقسوة .. ماذا في الامر ؟" - "أبدا .. أبدا " وكادت تفقد قواها .. بل شعرت إنها تذوب .. وتتلاشى .. لأنها صدمت به وهو يخاطبها باسمها : شمس .. ولقد كادت تغادر المكان .. لكنها هدأت من مخاوفها وهي تنظر في الوجوه .. الواحد بعد الآخر .. وهو ما دفعها، وهي تتعذب، الى ان تحدق في عيني زوجها: لقد شعرت بالارتباك برهة من الزمن، كي يسألها : - "هل أنت مريضة يا شمس ؟ " كانت لحظتها تحدق في عينين واسعتين لرجل ثمل .. ثم حدقت في عيني رجل مجهول كي تشعر ان إشعاعا غامضا يشع منهما . بعدها قالت له، ببرود لم يستفزه : - "أنا أشعر بعذاب سعيد ..!" - "بعذاب سعيد .. ماهذا ..؟" لقد كانت لاتريد، وسط الحشد أن تدخل بحوار صاخب معه . فقالت : - "أقصد أنا راضية .. وكفى .." وكانت وحيدة مرة أخرى تحدق في الوجوه .. في العيون .. وثمة من يرقص تحت الاضواء الذهبية . وكأن العيون تحولت الى زجاج .. الى مرمر .. الى حجر ملون وهي تقترب منها .. تقترب سريعة .. لتخترقها .. لتخترق جسدها الذي أحست بثقله.. واستحالة طلب النجدة .. إنها لم تشعر بهذا من قبل، حتى يوم كادت الحمى تقتلها قبل سنوات . بل ولم تحس قط بهذا الثقل وقد كانت ترى الاجساد الصغيرة تصدمها بكتل حادة مثل الرصاص الذي يمزق الجسد . واحست، في لمحة بصر، إن مالا يحصى من عيون الذئاب والصقور والافاعي والنمور والثعابين تخترق جسدها محدثة الما حادا .. عيون قادرة على تفتيت الصخر أو إختراق الفولاذ . قالت ذلك وهي لاتعرف ايحدث هذا في الواقع ام في الحلم ؟ الشيء الوحيد الذي شكت منه، مع نفسها ، انها لا تريد الاعتراف لزوجها بما يحدث لها، منذ غادرت البيت . الا انها استطاعت تحدي حالة الاعياء . حالة التعب والفزع كي تنهض وتمشي نحو اقرب مرآة . ووقفت أمامها، في مكان لايراها فيه احد. كانت تحدق بذهول ..( لقد انطفأ النور فيهما .. واختفت الفضة ) ولاتعرف لماذا خيل اليها ان عين كل انسان، اطلاقا، هي سره ..سره مع ذاته.. سره مع البشر الغرباء.. سره مع الاحبه.. سره مع الابدية .. (لن أرسم بعد الآن) وتذكرت ذلك الرسام الذي فقد بصره تماما لكنه كان يرسم .. وتذكرت ان كبار الرسامين لايعتمدون علىبصرهم .. ( الا انها ذريعة) الا انها لم تفكر كرسامة قط .. انها كانت تريد ان تقول ان اسرار البشر تكمن في حدقات عيونهم .. وفي الفضة او ذلك الاشعاع الماسي السحري الغامض ، او ذلك الصفاء المشوب بلون السماء أو .. أو .. الكامن في العيون . انها لم تفكر كرسامة .. بل كانت تريد ان تقول ان العين، العين وحدها، تفشي سر الموت . جمعت قواها وعادت الى مكانها .. مثل جريح يخلي نفسه من ارض الموت نحو الساتر .. لكنها في الطريق، الذي حسبته يمتد الى مالا نهاية، تسمرت تحدق في عيون سيدة شابة ( يالها من عيون مخيفة ) وحدقت في عيني زوج تلك السيدة المشدوهة ( صافية مثل بلور ) .. وتحركت خطوة نحو عجوز تجاوزت السبعين (عيناها كل ماتبقى لها ).. وحدقت في عيني طفلة ( تنظر لي كصقر).. وقالت ( وربما مثل ديك ) قالت الطفلة فزعة تسألها : - "خالتي ماذا تفعلين ؟" لكنها كانت تحدق في الوجوه كلها .. في العيون كلها .. متذكرة بحدة عيون البشر والطيور والعيون اتي تحولت الى شموس .. والعيون التي تحولت الى كواكب منطفئة . كواكب من رماد، أو رمل، أو حجر .. الكواكب التي لاترى ولا أحد ينظر إليها. ثم تحركت .. مشت .. وأستقرت في مكانها . سمعت زوجها يخاطبها: ـ "شمس .. هل أنت مريضة ؟" ـ "لا اعرف " . لقد كانت تود أن تهرب .. تهرب بعيدا عن الجميع .. عن البشر كلهم .. بعيدا في مكان مجهول . . ( لا ليس مكانا بعيدا جدا ) .. ثم أضافت في نفسها ( أود أن أدفن في حديقة المنزل ) قالت ذلك واصغت لكلماته : ـ "اذن .. لنغادر .. ياشمس " ـ " لا ..لا .. ارجوك .. دعنا نحتفل .. معهم " . قالتها كأنها مازالت تنتظر إكتشاف ماعذبها.. إكتشاف صواب ما ذهبت اليه، وفي هذه الليلة .. وفي هذه الليلة على نحو خاص . ـ "انك متعبة ياشمس " . ـ " لا .. دعنا نحتفل معهم " . للحظة خاطفة تخيلت العالم عينا كبيرة قادرة .. قادرة على .. على ابتلاع الاشياء كلها . العالم .. العيون .. العيون التي تحولت، بغتة، الى شيء أرعبها .. وهزها .. تلك العيون التي تغنى بها زوجها على مدى أعوام الحب، قبل العرس .. لكنها سألت نفسها :ماهذا ؟ الا انها شعرت بعذاب محرق .. وحارق .. للفكرة التي راحت تكبر وتكبر . إن كل انسان، قالت، يشم رائحة موته . بل الانسان، وكادت تصرخ، يعرف متى يموت . مر ذلك بخلدها وهي تحدق في عينيه .. ماهذا..؟ تساءلت: ماهذا الاسى الذي سحقني ؟ وحدقت في عينيه . وكادت تصرخ: إن كل انسان يكاد يرى موته.. وعادت تحدق في عينيه كأنها لم تنظر اليه من قبل . عينان واسعتان صافيتان تشعان فضة . وكادت تعترف له بانه يمتلك عينين خارقتين، لكنها قالت لنفسها : لن أعذبه بهذا.. ذلك انه سيصدم بموتي . وحاولت، بصلابة الا تفكر . أو تتكلم مع نفسها .. لكنها قالت لنفسها : إنها مشكلة بلا حل، ترى ماذا أقول له؟ الا انها خافت ان تحدثه عن العيون وهي تتحول الى كواكب جامدة .. كواكب بلا معنى .. من حجر .. شموس تحولت الى حجر . -" انك تتحدثين مع نفسك ".. - "كنت أفعل ذلك منذ سنوات" . -" منذ سنوات ..؟" ـ "قبل ان اعرفك .. كما يبدو ..؟" ـ "عن أي شيء كنت تتحدثين ؟" قالت وكأنها نائمة، قالت وكأنها في كابوس: - "الم ترْ اني لم أعد انظر ..؟" قال حالا : - " لا" واضاف بهدوء، بالهدوء الذي عرفته : - "لقد كنت أنظر بعينيك .. وما أزال " . قالت بصوت مسموع : - " لا .. أرجوك .. لاتفعل ذلك ". لأنها كانت تتخيل كيف ستدفن بعيدا عن المدينة .. وحيدة .. وحيدة تماما .. قالت .. هناك .. مع موتى عظام .. مع .. هناك .. ستدفن وحدها تحت الأرض .. وستتفسخ بهدوء . ترى كيف سأنظر الى الديدان والحشرات والنمل و .. وأنا بلا حراك ؟ قالت له : - "لا .. لا تنظر بعيني ". - "شمس ؟" لقد كانت لاتريد أن تحدثه عن سر الفضة أو ذلك الشعاع الخارق .. ولا عن إنطفاء أشعة عينيها ولكنها تابعت بلا وعي : - " لا أريد أن أرى ". - " غريب .. طوال الحفلة كانوا يتحدثون عن نظراتك الحادة في عيون المدعوين .. حتى أن سيدة قالت لي : لا أجمل من عينيها . اليست هي الفنانة البارعة برسم سحر الوان الاشجار والمياه والسماء ؟." ولم يستمر الحديث بينهما طويلا . كانت للمرة الأولى تستمع الى صمتها .. متخيلة أنها نائمة تحت التراب .. وحيدة .. وليس هناك من يتحدث معها أو يصغي الى كلامها . يالها من لذة .. وقالت أيضا : ياله من هدوء ؟! وعلى الرغم من انها لم تتحدث عن صمته اوقسوته معها او مع نفسه.. وعلى الرغم من انها كانت، طوال الحفلة، تحدق في العيون، الا انها لم تعلن عن عذابها الى احد.. او الى زوجها الذي كان، قالت، يرقص على نحو مدهش . لكن خاطر الموت أفزعها : أحدنا سيموت . على انها أبتسمت ساخرة : كلنا سنموت .. أنا وأنت .. أنا وأنت وكل البشرية . أجابها ببرود، وكأنه كان يعرف كل شيء دار بخلدها منذ غادرا البيت: - "اعرف هذا ". - "كلنا سنموت .. أليس كذلك ؟ " -" نعم" - " لا .. أنا لا أقصد هذا . بل اقصد .." وأضافت بعد صمت قصير : لم تعد فضة في عيني ولا شموس .. ـ "ماذا ؟" ـ " لا شمس ولا فضة ." ـ "ماذا تقولين ياشمس ؟!" ـ "ماذا ترى في عيني ..؟" ـ "العالم .. العالم كله .. يازوجتي .." ـ "فقط " - "وأرى في عينيك التعب اللذيذ .. والخوف الذي قاومته بالعمل .. وأرى في عينيك حياتي كلها . لكن ماذا في الامر .. ماذا حدث؟" ـ " لاشيء .." لكنها قالت في نفسها أنها كانت تتحدث عن رؤية الموت . أي، قالت، العين التي تنطفيء فجأة، بلا سبب .. ولمليون سبب . العين التي لاترى الا الموت ، ولا تخاف منه . - "ماذا ؟" - "العين التي لا ترى الموت نفسه .." أبتسم قائلا : - "إنك مريضة " . قالت باصرار : - " لا .. أنا لست مريضة .. وأرجو أن تتركني أتأمل الأصدقاء في حفلة عيد الميلاد ..حقا .. إنها حفلة جميلة .. بعد ذلك كانت تنظر إليه ، وهو ينهض ، مبتعدا عنها .. وكانت تراه يدخل حلبة الرقص : ويرقص .. كانت ، قالت لنفسها :انه يتلاشى .. وكأنه خلق من لون واحد امتزج بما لا يحصى من الألوان . وكانت ترى الأشياء كلها مبهمة ، متحركة، متمازجة .. متداخلة .. متحدة . آنذاك أدركت ان حياتها ، وهي تشم موتها ، كرسامة ، قد بدأت .. لحظة واحدة والى الأبد .

أبو ذيات وموال-حامد كعيد الجبوري

أبو ذيات وموال حبيبي نار هجرانك وبالي / الوباء من المرض وعليمن ماخذ الروحي وبالي / عقلي يلوموني الشعر أبيض وبالي / قديم شتريد أتلوم وآنه النار بيه ----------------- وحك الله عليك عيون صبيت / بجيت وألك تمثال وسط الروح صبيت / عملت يلوموني أكبرت حبيت صبيت / متصابي وآنه أباب الكبر روحي طريه --------------- سلام الله على خدودك وشافك / الشفاه أحط عيون بكليبي وشافك / يراك طبيبك واعرف ابعلتك وشافك / الشفاء أطيبك بس تمر شفتك عليه ------------------- قليتو مودتي وتميت ما قال / لم أكره ترخصوني وعليت ابزود ما قال / لا أقل ، لا أنقص ضعت بين البخت والقيل ما قال / القيل والقال آنه بيا قال يالتحجون بيه -------------- وكِّر يطير الكلب جم غصن جنحك فار / يجوب ، يتنقل ناعورك الياوكت يلهم ونين وفار / يغلي هجيت ما تلزم الياحضن تنوي فار / يهرب أنصحك ما تنصح ما طاوعتني قط / أبداً تبريني مثل القلم متولي عمري قط / أخذ الزيادة لعابه بيدك صرت لعبه ولعبها قط / القط ما يكضي وكتي أبسعد بزون يطرد فار / الفأرة ------------------

الجمعة، 15 يونيو 2012

الرباط، المغرب(CNN)--

في مبادرة غير مسبوقة، عمدت ممثلة سينمائية مغربية شابة إلى أخذ صورة لها وهي مستلقية وسط مكب للنفايات بضاحية مدينة الدار البيضاء، احتجاجا على ترويج بعض قيادات حزب العدالة والتنمية (الإسلامي) لمفهوم "الفن النظيف". ومع انتشار صورة هذه الممثلة، التي عرفت منذ انطلاقتها بجرأة أدوارها في السينما، تجدد الجدل حول حدود حرية الإبداع في المملكة، في ظل تولي حزب العدالة والتنمية قيادة الحكومة الحالية، وعقب صدور مواقف لشخصيات من هذا الحزب تدعو إلى فن يحترم هوية وقيم المجتمع. ودافعت الممثلة الشابة فاطيم العياشي عن مبادرتها موضحة أن الصورة تندرج في إطار عمل فني للمصور عثمان الزين، يسخر من مفهوم "الفن النظيف" الذي تروجه الحكومة الحالية، مؤكدة انزعاج شرائح واسعة من الفنانين من ربط الفن بـ "النظافة". وقالت فاطيم في تصريح خاص لموقع CNN بالعربية، إن مفهوم الفن النظيف ليست له أي دلالة، "الفن يقدر وينتقد ويناقش لكنه لا يحاكم بمعايير النظافة من عدمها." ورفضت الممثلة الشابة اتهامات لها بالسعي إلى ربح شهرة سريعة من وراء هذه الصورة، واستفزاز ردود فعل مهاجمة، مؤكدة أنها تؤمن بقناعات واضحة قد لا ترضي الجميع، وقد تجلب ضدها هجمات قاسية أحيانا. وعن اتهام بعض التيارات للحكومة الجديدة بأنها خطر بالنسبة لحرية الإبداع، قالت فاطيم العياشي: "لا أدري إن كان ثمة خطر، لكن اليقظة مطلوبة من أجل الدفاع عن حرية التعبير والإبداع والرأي ومواصلة الحلم والتخييل بكل حرية." وعلى الفور، قوبلت مبادرة الفنانة العياشي بردود فعل رافضة من الجانب الآخر. فقد هاجم الناقد السينمائي مصطفى الطالب، هذا الموقف قائلا، إنه لا أحد طلب من الفنان المغربي أن يصبح واعظا دينيا، بل يتعلق الأمر بمطلب مجتمعي يقضي بالرقي بالعمل الفني وتقديم إبداعات تحقق الفائدة وتحترم قيم المجتمع. وقال مصطفى الطالب في تصريح للموقع، إن السينمائيين المغاربة مدعوون إلى احترام ثقافة مجتمعهم المحافظ وتجاوز مقولة "الجمهور عايز كده"، دون أن يكون في الأمر أي تضييق على حرية الإبداع. وعلق الناقد الطالب على خطوة فاطيم العياشي بالاستلقاء وسط مكب نفايات عمومي بأنها تنذر باتجاه هذه الفنانة نحو مزبلة التاريخ، مسجلا أن كثيرا من الأعمال الراهنة في الفن السابع المغربي ينحرف عن السياق الثقافي للمجتمع، من خلال الرهان على الإثارة والجنس. وكان الجدل قد تجدد مؤخرا بمناسبة تنظيم مهرجان "موازين..إيقاعات العالم"، الذي استضاف نجوما عرب وعالميين، حيث صرح وزير العلاقات مع البرلمان، قيادي حزب العدالة والتنمية، الحبيب الشوباني، أن المهرجان يفتقد إلى الحكمة الأخلاقية.