الخميس، 26 يناير 2012

سالوفة فخر-حامد كعيد الجبوري




سالوفة فخر
حامد كعيد الجبوري
عندي صاحب...
من يسولفلّي أعله جَده
أقرَه بعيونَه الفخر
وسبحة الكهرب أبأيده...
وخرزَه ، خرزه
أيسمي أجداده لحد سابع ظهر
وجدَه كاتب للأمير...
وهاوِّي للصيد وكنُص
مية سياف أبيمينه ...
ومية سياف أبيساره
وميه ، خَياله وراه
وجده من يطرّد غزاله...
أبسهم واحد...
أينيشن أيجيس الرماه
ومره حسيت أبسؤاله ، الكبرياء
ولأن زين أعرف أطباعه
نص أحاديثه رياء
كال سولفلّي أعله جدَك ؟
كتله آنه أملُـك هويتي
بيها أسمي وأسم أبويه
وأسم جدي وأسم أبوه
والعشيره ....
الماتقدم خبزه لحلوك الجياع
ما يهم بيها الفقير
وبيتنه ، أمن الطين ...
وجذوع النخيل
وبنفس هذا سؤالك
كتله بويه أبروح أبوك
تدري جَدي أشيشتغل ؟
ضحك حيل...
أمن الكَلب طلعت ضحكته
وكال يا سبحان ربي
وبنفس هذا السؤال ، أسألت جدك
كال ، يمكن جان راعي...
للسراكيل أبغنمهم
لو مزارع ...
يزرع أبكيعان كتاب الأمير
وجان جدك ...
يبني ، أكثر من فقير
مامُلك كوخ اليلمه
وعلى أخدوده ...
أنطبعت آثار الحصير
وجانت الطيبه صفاته
والوطن دينَه وصلاتَـه
ولا مُلك كبر المماته
ولا ترك ألنه أثركتله بويه أجدادي عافولي حمل ...
كلش ثكيل
راح انهض ...
وأحمل أعباء الرساله
وجَدّي بيَّ أيشيل راسه
وراح أعدلهم مآثر
خلفوا أجدادي شاعر
(بنفسي فخرتُ لا بجدودي)1
يكتب التاريخ بيده ...
ويصنع المجد الجبير...
أيفرح أجداده أبكبرهم
شاعر ومهوال أبنهم
تجري بشفافه القصايد ...
أيعملِق القِـزم الزغير
ويصلِح السيره وسلوك
وللفخر أسمه يلوك
كلما يتبدل خليفه
أيحصِل الأحسن وظيفه
أبصفة ...
...مداح الملوك
***

• : استفاده من قصيده لشاعر الفصحى كريم جخيوّر
1 : من

مجموعة قصصية جديدة للقاص ابراهيم خليل ياسين


عن دار رند للطباعة والنشر والتوزيع-دمشق صدرت مجموعة قصصية جديدة للقاص ابراهيم خليل ياسين بعنوان آخر الليل...أول الفجر احتوت المجموعة على اربعة عشر قصة قصيرة ذيلها القاص جاسم عاصي(المجموعة احتوت على صياغات جيدة, تنم عن موهبة قصصية,ستجد طريقها بين القص العراقي والعربي)

الاثنين، 23 يناير 2012

أرقام عراقية تجاهلتها غينيس- كاظم فنجان الحمامي




أرقام عراقية تجاهلتها غينيس

موضوع طريف نشرته جريدة المستقبل بعددها الصادر في 21/1/2012

كاظم فنجان الحمامي

بات من المؤكد ان مؤسسة غينيس للأرقام القياسية تغافلت أو تجاهلت بعض الأرقام القياسية العراقية النادرة, وربما أهملتها مع سبق الإصرار والإنكار, فالأرقام التي سنتحدث عنها هنا لا مثيل لها في عموم أقطار السماوات والأرض, ولم تكن موجودة عند شعوب السلالات البشرية القديمة ولا المعاصرة. .

فعلى الرغم من كفاءة هذه المؤسسة الموسوعية, ودقتها في تسجيل الأرقام الق
ياسية في كل المجالات, وعلى الرغم من رصدها الحالات والظواهر الغريبة, وتوثيقها من حيث الحجم والارتفاع والوزن والسرعة والقوة والقلة والكثرة, حين سجلت وزن أضخم رجل في العالم, واقصر امرأة, وأقوى إنسان, وأصغر دب, وأكبر قطة, وأسرع سلحفاة, وأطول أفعى, وأكبر طبق (بابا غنوج), واقصر فستان زفاف, وأوسع قطعة (همبرغر), وأطول أظافر, وأسرع هارب, وأطول شارب, وأكبر قارب, واستطاعت ان تسجل بحيادية حوالي (64000) رقما قياسيا في شتى المجالات والفعاليات الفردية والجماعية. .

لكنها لا تعلم حتى الآن أن أكثر من ثلث الشعب العراقي, هم من مواليد اليوم الأول من تموز (يوليو), وأن تواريخ ميلادهم مثبتة رسميا في سجلات مديرية النفوس والأحوال المدنية, بموجب إحصائيات التعداد السك
اني العام لسنة 1957, بمعنى ان أكثر من ثلث الشعب العراقي يحتفلون بأعياد ميلادهم في عز الصيف, وعلى وجه التحديد في اليوم الأول من تموز (يوليو), في سابقة كو
نية وإحصائية, لا مثيل لها في سجلات الصين, ولا في سجلات روما القديمة, ولا في سجلات يوم القيامة. . .

ولا تعلم مؤسسة غينيس أن الشعب العراقي ينفرد عن بقية شعوب الأرض بعدد أيام العطل الرسمية, التي ليس لها نظير في بقية أقطار العالم, أما العطل في المناسبات الدينية فتكاد تكون مفتوحة للجميع وعلى طول أيام السنة, ما تسبب في توقف جميع التعاملات المالية في الأسواق العراقية, بضمنها البنك المركزي, وتسببت العطل الكثيرة في تعثر الأنشطة التعليمية في المدارس والمعاهد والجامعات.

خذ على سبيل المثال عطلة عيد الأضحى, فهي عندنا تستمر لأسبوع أو أكثر, وفي أجندتنا الدينية الشاملة أكثر من مئة مناسبة لكل الأديان والفرق والطوائف. .

وبحسب قانون العطل الرسمية, الذي أقرته الحكومة, فإننا في العراق نتمتع سنوياً بأكثر من (180) يوم من العطل الرسمية والدينية بضمنها العطل الأسبوعية (الجمعة والسبت), والتي تصل الى (104) يوم بالسنة. .
ولا تعلم مؤسسة غينيس إننا في العراق نستهلك في بيوتنا كميات هائلة من المشتقات النفطية لتغطية احتياجاتن
ا المنزلية من البنزين, والكيروسين, وزيت الغاز, بسبب الأزمات الكهربائية الموروثة والمتأصلة والمتراكمة والمتجددة. . .


ولا تعلم غينيس إن مجموع أطوال الحواجز الخراسانية والقواطع الحجرية الفاصلة بين ضواحي بغداد,
ومجموع أطوال الموانع الكونكريتية المقامة حول الوزارات, وحول المؤسسات الحكومية, والثكنات العسكرية, والمراكز الحساسة, ونقاط التفتيش, ومنازل الوزراء والوكلاء والنواب والمدراء في بغداد وحدها, أصبحت أطول بكثير من محيط العاصمة, بمعنى ان تلك الحواجز والموانع والمصدات صارت تكفي لتطويق بغداد بسور كونكريتي عظيم لا يقل ارتفاعه عن ثلاثة أمتار, ونترك لمؤسسة غينيس تقدير كميات الحديد والاسمنت والحصى, التي استعملت في صب تلك الحواجز المنيعة. .

ولا تعلم غينيس إننا نمتلك من أجهزة توليد الطاقة الكهربائية (المولدات المنزلية) ما لا تمتلكه الشعوب الأخ
رى, ونستورد منها في شهر واحد ما لا تستورده قارة أفريقيا على مدار السنة. .

ولا تعلم غينيس أن مجموع ما تمتلكه الأسر العراقية من الجلكانات (العبوات البلاستيكية), يفوق ما تمتلكه الأقطار العربية كلها, فالجلكانات الموجودة في بيوتنا من كل الأصناف والأحجام والألوان, عندنا جلكانات لتخزين البنزين, وأخرى لحفظ المياه العذبة, أو لتخزين الكيروسين, أو لتأمين حاجتنا من المشتقات النفطية الأخرى, فغينيس لا تعلم حتى الآن إننا مازلنا نعيش في العصر الجلكاني. .

وإذا كانت غينيس قد دونت مسيرة الملح إلى داندي كأطول مسيرة قطعها الشعب الهندي عام 1930 بقيادة المهاتما غاندي احتجاجا على ضريبة الملح, التي فرضتها بريطانيا, فإنها لا تعلم بالأرقام القياسية التي سجلتها الجموع المليونية الزاحفة نحو كربلاء سيرا على الأقدام لمئات الكيلومترات, في مسيرة البحث عن الخلاص والانعتاق والتحرر. .

ولا تعلم غينيس أن بغداد والمدن العراقية الأخرى شهدت من التفجيرات بالأحزمة الناسفة, والسيارات المفخخة, والعبوات الموقوتة ما لم تشهده عواصم الدنيا كلها, وتعرضت لأبشع العمليات الإرهابية, التي استعملت فيها آلاف الأطنان من المواد التخريبية المدمرة. .

ولا تعلم غينيس أن قوائم الأحزاب والكيانات السياسية العراقية, التي شاركت بانتخابات مجالس المحافظات, أو التي شاركت بانتخابات مجلس النواب تتفوق رقميا على كل الأحزاب الأوربية والآسيوية. .

ولا تعلم غينيس أن أطول عملية في التاريخ هي العملية السياسية, التي تفجرت براكينها في العراق عام 2003, ولم تعرف الهدوء منذ ذلك الحين وحتى يومنا هذا. وربما تعقدت كثيرا, تحت تأثيرات النفاق السياسي, وتدهورت في ظل الفوضى الديمقراطية الخلاقة, التي أرهقت الشعب العراقي, وكبدته خسائر فادحة وتضحيات جسيمة. .

وعلى الرغم من كل المآسي والأحزان والويلات والنكبات, التي صبتها الأقدار فوق رأس الشعب العراقي, وحرمته من نعمة الأمن والاستقرار, فقدت مؤسسة غينيس حياديتها, واتفقت مع معهد (جي. أف. كي) على وضع الشعب الألماني في مقدمة الشعوب القلقة, وسجلته في طليعة الأمم غير المستقرة, رغم أن ألمانيا تعد الأغنى في قارة أوربا, واقتصادها هو الأكثر تماسكا وصلابة. .

فإذا كانت غينيس ترى أن الألمان مصابون بتعدد الهواجس الاجتماعية والسياسية والاقتصادية, وأنهم أكثر الشعوب قلقا على مستقبل بلادهم, ألا تدعونا الأرقام التي مر ذكرها إلى الحزن والقلق على مستقبل العراق, خصوصا بعد أن كسرنا الأرقام القياسية كلها, وتجاوزنا الخطوط الحمراء, حتى لم يعد وراءنا وراء بالمقارنة مع أقطار السماوات والأرض. . .

والله يستر من الجايات..

الجمعة، 20 يناير 2012

غالب المسعودي - العبقرية وإبداعات الكتابة

مشهد الشمس ...-حامد كعيد الجبوري



إضاءة
مشهد الشمس ...
والأربعاء الأخير من صفر . !!!
حامد كعيد الجبوري
من المعلوم أن الأشهر الحرم في الجاهلية هي محرم ، رجب ، ذي القعدة ، وذي الحجة ، وحين بزوغ فجر الإسلام أقر حرمة هذه الأشهر التي كان الأعراب يتجنبون الحرب فيها لقدسية يرونها فيها ، وأيام زمان تعمد أمهاتنا لصبغ ملابسهن و ملابسنا ( الدشاديش ) باللون الأسود بداية شهر محرم الحرام ليعبرن عن حزن الجميع لما أصاب عترة آل محمد ( ص ) من قتل وسبا أيام عاشوراء في كربلاء ، ولا ينتهي حزنهن وخلع ملابسهن السود على سبط الرسول الأعظم (ص ) إلا بنهاية شهر صفر ، وأخريات من النساء ينزعن سوادهن بعد ذكرى وفاة الرسول ( ص ) ، ووعيت لطقس يمارس من نسوة الحلة فقط وهو الذهاب الى مقام أمير المؤمنين علي ( ع ) في ( مشهد الشمس ) ، والمقام لا يبعد عن مركز المدينة سابقا إلا بعشرات الأمتار ، أما الآن أصبح جزءا من مركز المدينة ، و ( مشهد الشمس ) معبد لآلهة الشمس عند البابليين ويسمونه ( معبد أدد ) ، حل فيه أمير المؤمنين علي ( ع ) وهو عائد من معركة ( النهروان ) ، ويروي الكثير من المؤرخين بإثبات واقعة رد الشمس لعلي ( ع ) بعد أن فات عليه صلاة العصر ، الأربعاء الأخير من صفر ينهضن أمهاتنا وأخو
اتنا مبكرات ليذهبن الى مقام مرد الشمس في الحلة ، من الليل هيأن مستلزمات الزيارة من أكل وشرب ، وقسم منهن يؤدين دينا من النذور برقبتهن لأن الله قد حقق حلما لهن ، وكل الزوار الى المقام من النسوة فقط ، صبايا ينذرن للنجاح ، الشابات نذرهن للزواج ، الحوامل يردن ولدا ، الأم تطلب لأولادها ما يريدونه ، وهكذا ، يقطع السير للعجلات من الصباح الباكر ، ويحول سير المركبات لطرق أخرى ، حشد لا حصر له من النساء ، وأجمل ما في هذا الطقس ، أو قل العرف المجتمعي الجديد هو صعود قسم من النسوة لباحة المنارة ومن خلال الدرج الحلزوني ورمي العباءات من أعلى المنارة بعد تعليم العباءة أو زرها بشئ يدل على صاحبتها ، أو تطريز طرفا من هذه العباءة بلون مغاير للسواد ، والفأل الحسن أن تطايرت العباءة سابحة في الجو ، ودلالة ذلك أن صاحبة العباءة سوف تحصل على مرادها الذي أتت من أجله ، يستمر هذا الطقس من الصباح الباكر ولبداية أذان المغرب ، وسمعت أخيرا أن قسما من النسوة يضعن تحت وسادتهن شيئا من المال ليتصدقن به في اليوم الموعود لفقراء المدينة ، وحقيقة سألت الكثير من الحليين ليرشدني أحد لمغزى هذا الطقس ولم أجد له جوابا شافيا لحد الآن ، ويرى ال
بعض أن التقاليد المجتمعية التي توطد العلاقات العائلية وتوثقها يقرها الدين والعرف ، وهذه مما أقرها العرف ولم يعارضها الدين ، ونهاية شهر صفر يجوب الصبية أزقة المدينة وهم يرددون ( يا محمد يا شفيع / راح صفر جانه ربيع ) ، للإضاءة ...... فقط .

الخميس، 19 يناير 2012

لو إطﮓ روحك ما أسجنك-كاظم فنجان الحمامي




لو إطﮓ روحك ما أسجنك
لماذا ماضينا أفضل من حاضرنا ؟؟
مقالة طريفة نشرتها جريدة المستقبل بعددها الصادر في 19/1/2012
كاظم فنجان الحمامي
في عام 1988, وفي اليوم الأول الذي وصل فيه المدير الجديد للموانئ العراقية, الأستاذ (عبد الرزاق عبد الوهاب علي *), ليباشر مهام عمله في البصرة خلفا للأستاذ (فالح محمود الموسى), وقف على أطلال الأرصفة التي خنقتها الحرب الطويلة, وشلت حركتها بالكامل, ليقرأ كلمته الافتتاحية, التي كان فيها في قمة الحكمة والوضوح, عندما قال: (أتمنى أن يوفقنا الله جميعا فنرتقي بالموانئ العراقية إلى المستوى الذي كانت عليه في الخمسينيات أو الستينات). .
وكان الرجل على حق, ففي تلك الحقبة ازدهرت موانئنا وتألقت حتى تربعت فوق ناصية المجد, وتفوقت على الموانئ الأوربية والأمريكية بشهادة المنظمات والهيئات الدولية. .
وهكذا نحن دائما, نشعر أننا كلما رجعنا إلى الوراء, وعدنا إلى الماضي وتفاصيله, وشاهدنا ما آلت إليه أحوالنا في حاضرنا المؤلم, قلنا: أن ماضينا كان أجمل وأفضل من حاضرنا. .
فالأمس عندنا أفضل من اليوم, واليوم أفضل من الغد في هذه المتوالية الزمنية المتكررة, وشاءت الأقدار أن نتقوقع في حاضرنا عند التقاء عقارب التردي في النقطة المنخفضة من ذراع البندول المتأرجح في قعر دائرة التعاسة, في الوقت الذي يكون فيه ماضينا هو الأسمى والأجمل والأهدأ والأروع, وما زلنا حتى يومنا هذا, بل في يومنا هذا (على وجه التحديد), نردد حكايات الزمن الماضي, كلما اجتمعنا سوية تحت سقف واحد, لأننا لا نملك من حاضرنا ما يبعث فينا البهجة والسعادة والفرح, ويعيد لنا الطمأنينة والاستقرار. .
من هذه الحكايات الجميلة المعادة, اخترت لكم هذه الطرائف الظريفة من حياة رئيس الوزراء الأسبق (نوري السعيد), الرجل الذي كان أجدادنا يبغضونه, ويشتمونه في الرايحة والجاية, وتبين لنا الآن أنهم كانوا جميعا على خطأ بالمقارنة مع ما آلت إليه الأمور في المرحلة الراهنة. .
كان الباشا نوري السعيد يذهب إلى مكتبه مبكرا, ليكون أول من يدخل المبنى, وكان في طريقه إلى المكتب رجل يبيع الكباب المشوي على الرصيف, وكلما مرّت سيارة الباشا, (سيارة واحدة فقط), يعترضها الكبابجي ويصرخ بأعلى صوته شاتما نوري السعيد بألفاظ قاسية, حتى تكررت الاعتراضات وتصاعدت نبرة الشتائم, فتمادى الكبابجي بالإساءة, ما اضطر الباشا إلى التوقف ذات يوم أمام عربة الكبابجي, والترجل من سيارته, وتوجه بالسؤال إلى الكبابجي: لماذا تعترض طريقي, وتشتمني كل صباح, ما الذي فعلته لك ؟؟, فأجابه الكبابجي باللهجة البغدادية الدارجة: ((باشا آني ما عندي شي ويام, بس آني يوميتي (أجري اليومي) قليلة 250 فلس, وصاحب عائلة كبيرة, وما أقدر أوفر منها المال لزواجي, وعرفت أن الحكومة تصرف بالسجن (400) فلس يوميا لكل مسجون, من غير الأكل والشرب والمنام, فـﮝلت (قلت) أتهجم عليك وأسبك, لعله تدخلني السجن, كسجين سياسي, واستفيد من المصرف اليومي, واجمع لي كم فلس)), فضحك الباشا, وأعطاه خمس دنانير من جيبه الخاص, وأخبره أنه لا يستطيع إرساله إلى السجن, فودعه بروح رياضية وانصرف إلى مقر عمله. وفي اليوم التالي مرّ الباشا على الكبابجي, فناداه من خلف نافذة السيارة مداعباً: ((لو إطﮓ روحك ما أوديك للسجن)). .

حكاية أخرى عن نوري السعيد, تقول: أن الباشا دأب على الاستماع لبرامج الإذاعة العراقية ونشرتها الإخبارية في الصباح الباكر, قبل تناوله الإفطار (الريوق), وكانت قراءة الأخبار محصورة بين الدروبي وموحان بن الشيخ طاغي الطائي. .
وفي يوم من الأيام كان موحان هو الذي يقرأ النشرة الصباحية, ثم بثت الإذاعة أغنية (جبل التوباد حياك الحيا) في نهاية النشرة, وهي من قصائد أحمد شوقي المغناة بصوت الموسيقار محمد عبد الوهاب, وما أن سمع الباشا المقطع الأول من الأغنية, حتى تملكه الغضب, واتصل هاتفيا بالإذاعة, وطلب مديرها (محسن محمد علي), الذي لم يكن موجودا وقتذاك, فتحدث مع موظف في الإذاعة, وسأله: ((منو هذا اللي كان يذيع النشرة ؟؟؟)), فقال له: انه موحان ابن الشيخ طاغي, قال: ((جيبوه أكلمه, قولوا له رئيس الوزراء يريدك)), فأسرع موحان إلى التلفون, وكان مضطربا قلقا, ولم يكن بعد قد تناول حتى استكان شاي يبل به ريقه, فالتقط السماعة, وأجاب: ((نع
م سيدي)), فجاءه صوت الباشا هادرا من الطرف الآخر: ((ولكم وين راح ذوقكم, الناس بعدهم على ريقهم, وانتو تدقوا لهم جبل التوباد, أتريدون تبكّوهم من الصباحيات, يعني ما عندكم أغنية بيها خير من الصبح, أغنية بيها شويه فرحة, بهجة, ابتسامة, حتى تسمعونهم هاذي الأغنية ؟؟)). .
ثم هدأ فجأة, وتغير صوته, وقال: ((أبني موحان خلونا نسمع شي يفرحنا, مثل اعنية: على شواطي دجلة مر, أو خدك القيمر, أو خدري الجاي خدري, شوفولكم بستات توّنس الناس وتفرحهم ؟؟)), عندئذ اعتذر موحان بأدب جم. فبادره رئيس الوزراء بنبرة الأب الحنون: ((أبني موحان أنت تريقت لو بعدك ؟؟)), فأجابه: ((لا والله باشا)), فقال له الباشا: ((طيب تعال, وجيب وياك صاحبك الدروبي, تعالوا تريقوا ويايه, شيعجبكم تأكلون ؟؟)). .

وصل الاثنان (موحان والدروبي) إلى بيت الباشا, الذي كان خلف الإذاعة تماما, وما أن جلسا حتى حضر طبق البيض المقلي, وجبن الضفائر, وقيمر السدة, والكاهي, والعسل, وكانت وليمة فطور لا تنسى, جمعتهم في دار الباشا, فخرجا من البيت فرحين مسرورين, وعادا إلى عملهما في يوم مشرق من تلك الأيام البغدادية الجميلة, وقد تعلما كيف يرسما الابتسامة على وجوه المستمعين. .
كانت النفوس في الماضي طاهرة نقية, لا تعرف الحقد, ولا الكراهية. ورحم الله شاعرنا الجميل محمود درويش عندما قال: ((لا بأس من أن يكون ماضينا أفضل من حاضرنا, ولكن الشقاء الكامل أن يكون حاضرُنا أفضل من غدنا. فيا لهاويتنا كم هي واسعة ؟؟)), وبات من المسلم به أن ذكريات ماضينا أفضل من حاضرنا, وسوف تكون ذكريات حاضرنا أفضل من مستقبلنا. .
والله يستر من الجايات. .

حملة حوارية حول تشكيل الحزب العلماني الديمقراطي في العراق

الأربعاء، 18 يناير 2012

من الرابح !!!-حامد كعيد الجبوري


إضاءة
من الرابح !!!
الساسة ، المواطن ، الوطن ؟
حامد كعيد الجبوري
من المؤكد أن الجميع يعرف نتيجة هذا التساؤل الساذج ، و لا ضير في التذكير لننتفع من هذا التذكر ، قبل سقوط صنم الدكتاتورية كنا نؤمل أنفسنا ببحبوحة نفتعلها لنقنع أنفسنا بتغير لابد صائر ، وكنا نقول لأبنائنا ونحن نجلس لمائدة الإفطار أو الغداء أو العشاء أن ما يملكه العراق من خزين نفطي يجعلنا نعيش أفضل من أي بلد آخر ، بشرط أن يدير دفة البلد أبنائه الأصحاء ، ورسمت لنفسي ولعائلتي حلما ورديا لا يحلم به إلا السذج أمثالي ، قلت لهم أن هؤلاء سوف يغدقون علينا بعطايا من مالنا الخاص المستودع لنا في باطن أرضنا وفي البنوك العراقية ، وقلت لهم أن العراق سيضاهي اليابان صناعيا ، وهولندا بالورود والمنتجات الحيوانية ، وستكون لكل عائلة عراقية خادمة أو خادم من الفرنسيات أو الألمانيات أو السويديات ، وأولادي تعلو رؤوسهم لما يستمعون له ، سقط النظام وجاء أبناء البلد المشردون والموزعون بكل بقاع العالم ، أتوا لنا حفاةً لا يملكون شيئا إلا القليل منهم ، فتحنا لهم أبواب قلوبنا ، ونظّرنا لهم ، وتسابقنا لصناديق الاقتراع لنجعلهم سادة وقادة لنا ، تسابقنا سنة وشيعة ومسيح وغيرهم ، تسابقنا عربا وكوردا وتركمان ، أغمسنا أصابعنا بذلك اللون البنفسجي وليتنا لم نفعل – انا والحمد لله كل الانتخابات التي مرت لم تحصل القائمة التي أرشحها لشئ يذكر - ، وكانت النتيجة كما ترون ونرى ، صراع لا نعرف أوله لنحكم متى سينتهي ، اختلاسات وفساد مالي وإداري وأخلاقي لا حصر له ، كنا نحكم لحزب واحد والآن لجملة أحزاب ، كنا نصفق لشخص واحد والآن نصفق لساسة جوف كثر ، كان واحدا يسرقنا واليوم نسرق من الجميع ، رضينا بكل شئ ، رضينا بالفدراليات ، ورضينا بأنصاف المتعلمين ، ورضينا بالقتل والتشريد والتهجير ، قبلنا بالذبح على الهوية ، أجج الساسة لا جزاهم الله خيرا الفتنة الطائفية ، وهدمت جوامعنا و مساجدنا وكنائسنا ومقدساتنا الدينية ، أستأثر الساسة وأقاربهم ومن يخصهم بالمناصب والوظائف والتعيينات والإيفاد والناس صفرات أيديهم من كل ما ذكرت ، يشرعون قوانين ويشرعنونها لمصالحهم الذاتية ، بكل هذا ونحن راضون لا يخرج منا أحد للمطالبة بحقه المغتصب ، والأمر والأنكى من كل ذلك هو تصاعد حدة ووتيرة الصراع السياسي بين هؤلاء لينقلوها الى الشارع العراقي ، الكل من هؤلاء الساسة يخرجون بوجوههم الكالحة على شاشات الفضائيات ليكيلوا الشتائم والسباب كل الى خصمه ، الكل يتهم الكل بالخيانة والحصول على المميزات دون الآخر ، الكل ينادي أين ذهبت حكومة الشراكة الوطنية ، والعجيب أن المساكين أمثالي يظنون أن حكومة الشراكة تعني توزيع الوظائف والوزارات على القوائم في ما بينها ، والحقيقة غير ذلك ، القاتل في الحقيقة أنهم يقتسمون في ما بينهم المغانم التي تركها لهم طاغيتهم المقبور صدام العراق ، والأعجب من كل ذلك لم أستمع لسياسي سني أو شيعي ، أو كردي أو عربي ، وهو يقول للجميع وبملأ فمه أين هو حق المواطن ، لم لا تعطون للمواطن حقه وتقاتلوا أنتم على كيفية القسمة لا حقا ، ولم أستمع لسياسي أو نصف سياسي وهو يقول أين هو العراق من كل هذا الاقتتال والتحارب ، أيها الساسة سوف نطلق لألسنتنا العنان ، ولأقلامنا الحبر ، ولمعارفنا بالنصح ، ولعوائلنا بالتأييد ونقول للجميع أن مثل هؤلاء لا يصلحون لقيادة قطيع فكيف يقودون بلدا لسدة الأمان ، أيها الناس أحفظوا سماء هؤلاء وثقفوا ضدهم في انتخاباتنا القادمة ، فلو أسمعت لو ناديت حيا ، ولكن