الأحد، 4 أبريل 2010

قاعة ود للفنون في الحلة

افتتحت في مدينة الحلة قاعة ود للفنون بادارة الفنان الدكتور باسم العسماوي التدريسي في كلية الفنون الجميلة -جامعة بابل
وتضم القاعة اضافة الى قاعة العرض التشكيلي ملحقات اخرى المكملة كقاعة للعروض السمعية والبصرية وقاعة محاضرات وجناح لعرض المستلزمات الفنية الخاصة-القاعة كائنة في مدينة الحلة شارع40 -حي شبر

السبت، 3 أبريل 2010

الحلة واعياد ايام زمان-بقلم حامد كعيد الجبوري

الحلة الفيحاء


وأعياد أيام زمان

حامد كعيد الجبوري

باجر عيد

باجر جم ألف حبه

باجر جم كصيبه التكرص الركبه

مراجيح التغني العيد ...

هلهوله وألف لعبه

لا أعرف من قال هذه الأبيات من الشعر الشعبي ، منهم من نسبها للرمز العراقي الكبير النواب ، ومنهم من قال أنها للشاعر كاظم اٍسماعيل الكاطع ، وأخر يقول أنها للشاعر عريان السيد خلف ، وليكن من قالها أي واحد منهم فهي أبيات جميلة علقت بذاكرتي منذ أمد بعيد ، قبل ليلة العيد سواء لعيد الفطر أم عيد الأضحى ، تنشغل العوائل وبالتحديد أمهاتنا لأعداد (الكليجة) ، مع ملاحظة هذه (الكليجة) وجودتها نوعياً كل حسب أمكانياته المادية ، وكثير من العوائل الفقيرة – وأنا منهم – لا يعملون هذا المنتوج ولا يعيرون له أهمية لعدم توفر السيولة النقدية لعوائلنا الفقيرة ،ويبقى نظام التكافل الأجتماعي الفطري هو الحاكم والمهيمن على عوائل أيام زمان ، فكانت تأتينا حصتنا من (الكليجة) من أكثر من جار لنا ، ولربما يكون لدينا أكثر من الجيران الذين عملوها وهي متفاوتة الجوده بحسب الحالة المعاشية للجار المُهدي ، العوائل المترفة تذهب بنتاجها من (الكليجة) الى الأفران المتواضعة - على قلتها - وهي أفران حجرية أشبه ماتكون بالبدائية ،والعوائل المتوسطة والقريبة من الفقر وخطه تستخدم التنور لأنضاج منتوجها من (الكليجه) ، وما ألذ تلك المحشاة بالسمسم وأنت ترى دهنه قد فاض وأخترق المسامات ليصل لسطح (الكليجة) مضفياً عليها نكهة وطعماً يختلف عن تلك المحشوة من مادة أخرى كالتمر واللوز والجوز و(الحلقوم) ، والغريب أن أمهاتنا آنذاك يحتفظن بنصف من (الكليجة) للعيد القادم عيد الأضحى ، والأن أدركت لماذا كان يصيبنا الغثيان حد القيء ونحن نأكل ذلك المنتوج المخزون دون مراعاة لشروط الخزن ، حيث غالبية العوائل لا تمتلك نعمة الكهرباء – كما الأن - .

والحديث عن ملابس العيد تثير في داخلي أكثر من مكمن للحزن ، فعوائلنا فقيرة لا تملك أيّ مدخر مالي لشراء مايسمى ملابس العيد الجديدة (دشداشة أمقلمه ، حذاء كتاني أبيض) ، قبل ليالي كثيرة من مقدم العيد نتوسل لدى أمهاتنا ليتوسطن لدى الأباء لشراء أحتياجاتنا من ملابس العيد ، وببراءة طفولتنا لا ندرك حجم معاناة آبائنا ومعاناتهم لأنهم لا يملكون مايرفهون به عن فلذات أكبادهم ، ونصر بدموعنا البريئة على آبائنا لجلب أحتياجاتنا ، وأن لم يتيسر له ذلك نعود لملابسنا -(الدشداشات)- القديمه وتضعها أمهاتنا في قدر كبير بعد أن تضع فيها صبغ (النيل) ويبقينها مدة طويلة وهي تغلي لتكتسب لوناً جديداً ، ولكم أن تتصورواً أجسامنا الغضة الطرية وقد أصطبغت بصبغة (النيلي) ، أما أحذية الكتان صناعة (باتا) البيضاء فنجلب لها من مدارسنا ما يتساقط من الطبشور – الأتربة والمتبقي القليل من الطبشور – ونضع هذا المسحوق في آنبة صغيرة ونسكب عليها الماء ثم نطلي به احذيتنا الكتانية المتهرئة ، وفي الساعات الأولى ليوم العيد يتطاير هذا المسحوق غير المتجانس وتعود أحذيتنا لسابق حالها من القدم ، ولكننا لا نيأس فنعود الكرة نفسها لليوم التالي والذي يليه وهكذا ،ولنقل أن آبائنا أستطاعو أن يتدبروا اليسير من المال المقترض وحينها يقتادوننا نحو الخياطين أو الخياطات لأنجاز مهمة (الدشاديش) ، وبما أن هؤلاء الخياطون والخياطات لا يملكون ما يسمى (الأولجه) وهي مقياس متري يستعمله الخياطون ، وبما أنهم أميون فينظر الخياط للقادم اليه بطرف عينه معتمداً على فراسته في تقدير الطول والعرض وأطوال (الردانات) الأكمام وتسمى هذه الطريقة في الخياطة (راسها أبعبها)، ومن يملك الحظ الوافر تأتي (دشداشته) متطابقة مع تقدير الخياط ، وأن كانت أطول من مرتديها قليلاً فتعمد الأمهات لتلافي أخطاء الخياطون ، ومن كان حظه عاثراً تأتي (دشداشته) أقصر مما يتصوره الخياط ، ومع ذلك فهي منجز بل فتح طفولي لا يوصف ، وقد أرشفت لهذه الحالة بأبيات أقول فيها

معاميل الحزن فصل علينه أهدوم ماماخذ قياس وراسها أبعبه

أذا ثوب الحزن يطلع طويل أكصير تبادل ويّ أخوك وبالك أتذبه

نصحه أمن الصبر نلكه الحزن عالنار نغمسه أعله الهظم عالظيم ونشربه

وأيام العيد في الحلة الفيحاء قسمت لا أرادياً وأصبحت عرفاً يمارسه أبناء الحلة الكرام ، اليوم الأول لمغتسل نبي الله أيوب الذي يزعم الحليون أن الله أوحى لنبيه أيوب أن يمزج من ماء هاذين البئرين ويغتسل بمائهما فتعود صحته كما كانت ، وأقول يزعم لأن هناك الكثير من يدعي أن هذان البئران يقعان في مدنهم كالأردن واليمن مثلاً ، واليوم الثاني من أيام العيد يذهب المعيدون الى مرقد الأمام (عمران بن علي بن أبي طالب ( عليهما السلام) قرب مدينة أثار بابل التأريخية ، ورواية مدفن (عمران) ينقلها (أبن أبي الحديد المعتزلي) فيقول أن (عمران) جرح في واقعة (النهروان) وتوفي أثناء عودة (علي( ع) لمدينة (الكوفة) فدفن قرب آثار بابل ،واليوم الثالث لمنطقة (مشهد الشمس) ، وسبب تسميته مشهد الشمس الرواية التي ينقلها المؤرخون عن أن أمير المؤمنين علي (رض) فاتته صلاة العصر بعد تجهيز جنازة ولده (عمران) فأومأ لقرص الشمس بالعودة ليؤدي صلاته واٍستجاب له ربه في ردها عليه ، ولعدم أستيعاب هذا المكان للمعيدين فقد أستحدث مكاناً أخراً في منطقة (العتايج) نسبة للأمام العتائقي الملقب بأبي الخير ، في هذه المواضع التي ذكرتها تنصب المراجيح ودواليب الهواء ويسرج أصحاب الخيل والحمير حيواناتهم لتؤجر من قبل من يملك العيدية المجزية وليس نحن الفقراء الذين نذهب سيراً على الأقدام لهذه المناطق المعيدة والبعيدة ، وينتقل الباعة بعرباتهم صوب هذه المناطق طلباً للرزق الحلال وتلبية لرغبات المتبضعين (باقلاء ، لبلبي ، حامض حلو ، كركري ، ...... الملك ، وغيرها ) ، وما أجمل ذلك الصوت (شعر بنات وين أولي أوين أبات) ، وتأخذ امهاتنا معهن مايسد رمق أولادهن ، الأغنياء يجلبون (خبز اللحم ، الدولمه ) ، وامهات الفقراء يجلبن معهن (خبز العباس) وهو عبارة عن رغيف من الخبز توضع بداخله الخضروات الطازجه ، وما أصدق تلك (الجوكات) وهي تـَرقص (الجوبي) يتوسطهم رئيس (الجوكه) وهو يصدر أصواتاً شجية من (مطبكه) المعمول من قصب البردي والمغني يردد أغنيته (عالجوبي الجوبي الجوبي والحنه لا خت ثوبي) ، وينشأً لأبيات متقاربة بتفعيلتها مع هذا المستهل ، نهاية اليوم الثالث لعيد الفطر والرابع لعيد الأضحى أستن الناس لهم يوماً أخراً ليضاف لأيام أفراحهم سميً بيوم (الكسلة) ومكانه الساحة المجاورة لمرقد العلامة (أبن طاووس (رض) ، وهناك تمارس نفس ممارسات الأيام السايقة .

نهاية يوم الكسلة ولربما اليوم الأخيرللعيد تجردنا أمهاتنا من ملابس العيد الجديدة أو المصبوغة وتحفظ في (صرر) معدة كي نرتديها العيد القادم ، وفي اليوم التالي يردد الصبيان والصبيات أنشودة تقول (راح العيد وهلاله وكلمن رد على أجلاله) .


الخميس، 1 أبريل 2010

حوار مع الفنان د غالب المسعودي-اجرى الحوار خضير الزيدي-الصور -د غالب المسعودي


اجرى الحوار خضير الزيدي:

كيف تتجذر الرموز الكونية داخل اعماق الانسان وهل للوحة التعبيرية او التجريدية ان تعمق فكرة الموت والحياة والعدم داخل سطحها التصويري.

من يستطيع ان يوظف وجدانا وهكذا تشظيا كهذا سوى انامل الفنان المبدع ربما وجدنا فنانا مثل الدكتور غالب المسعودي يسير بنا الى ذلك الطريق دون ان نلتفت الى الوراء . واذا كان ( الامام)



مسرحا لحركة ومشهد فان طريق الوراء يبدو للانسان صوتا متعمقا يحاول ان يعيد انكسار الطبيعة الى شكلها الاول الى برءتها الاولى الفنان غالب المسعودي يعمق فكرة الانسان والحرية ربما يبدو هذا الحوار للمتلقي انه تشكيل كوني ولكن هو جذوة عالية في طريق ذاكرة الانسانية الهاربة من صوت الدبابات والطائرات التي تملأ الوطن . لكي يهيمن الزمن على لوحته ونظرته وربما وجوده. المثال الاعلى للجمال هو اللوحة. المثال الابقى لكيان الانسان هو التشكيل. الحقيقة المتبقية من رموز عالم الانسان هو تكوين اللوحة وسطحها التصويري .

س/ انت تقترب من التجريد وهناك ارتباط وثيق لك به هل هو تمجيد لفكرة الروح وعالم الاساطير ام هو سر المغامرة والاقتراب من فضاء الحرية؟

ـ في الحقيقة انا فنان تجريدي وهذه كانت نصيحة استاذي الكبير الفنان جميل حمودي عندما زارني في معرضي الثاني الذي افتتحه بيديه الكريمتين وقال لي مساحتك هي التجريد لانه تمجيد لعالم الفكر وعالم الروح وهو الحرية بعينها لان التجريد هو اعمق منطقة في الفكر وهي كما في لغة الفلسفة هي لغة كل الاشكال لانها تصنع الجمال الكامن في النفس وهي بنية متقدمة نحو الافق اللامتناهي فالازهار تتفتح من البراعم وهذا نهوض من الموت الى الولادة.

س/ اشكال اللوحات تختلف لديك من طبيعة الى اخرى ولكن روحيتها واحدة فهل تعيد فيها تشكيل نواة الروح ام هي انزلاق يتحول من لوحة الى اخرى؟.

ـ في مجال العمل الفني الروح واحدة والانزلاق مسألة حتمية لكنها ككرة الثلج انزلقت على السفح البارد ازداد حجمها وتاتي الروح لتحملها الى القمة كما يحمل سيزيف صخرته لتبدأ رحلة اخرى من المشاق وهي التي تمثل بؤرة الروح وعندها تبدا اخرى من جديد لان الفنان عندما يصعد الى القمة سينزلق الى مهاوي الردى، فالبصمات فوق الواح الطين كلها تحكي مراحل الوعي والصراع لصالح فضاءات ما زالت تمتلك سحرها الابعد.

س/ تبدو اجزاء اللوحة لديك في انتماء وجودي لم تزل توظف المشهد الحياتي بصيغة الاقنعة، يا ترى متى يتم الكشف عن الوجه الحقيقي لروح اللوحة؟

ـ من منا لا يسير بلا قناع فالاقنعة حقيقة وجودية واحيانا يطغي قناع فتراه هو الوجود باسره و اللوحة لا تستعير الاقنعة كما هو في المسرح لانها الروح الحقيقية لما يعتمل داخل الفنان وهي تمثل الفنان بروحه وتمثل الوجود بصياغته المعلنة اذ انه ليس هناك تناقض من ناحية وجودية بين العمل الفني وروح الفنان.

س/ تكويناتك تثير في داخل المتلقي اسئلة وجودية هل تشعرك هذه اللعبة بحضور الخيال والذاكرة وتراكمات اللاشعور؟.

ـ ان اول اهداف الفن منذ عصور سحيقة في القدم هو اثارة الاسئلة فالفنان في عصر الصيد كان عندما يرسم حيوانا كان يثير الاسئلة لدى ساكني الكهوف هل هذا هو الحيوان الذي نراه ام هو رمز الحيوان الذي سيصطادونه وهذا بالطبع مرتبط من ناحية وجودية باستمرار حياة الجماعة وكله مرتبط بالمتخيل والذاكرة وانا اسمي اللاشعورالعقل الثاني الذي يمارس وظائفه بعيدا عن الانا الاعلى وله برنامجه الخاص ويمكن ان يستعمل الحواس لصالحه ومن ثم تراكماته الخاصة، فانا اسعى الى تحرير العقل الثاني من رقابة العقل الاول او الوصول الى نوع من الانسجام بينهما لبلوغ الغاية وهي الجمال الحر في انسيابيته، البليغ في تعبيريته.

س/ في تجسيداتك التحام لوني / كأنه ( مكون جمالي) يترك في المتلقي دهشة … هل هناك من سر في جسد اللوحة تريد ان تجعله دائما في خفاء؟

ـ السر يحب ان يبقى في خفاء والسر هو الشفرة التي زرعتها في جسد اللوحة وهو الدهشة التي تصدم قارئ النص وهو التحام في مكونات العمل، هو علاقة الجزء بالكل وعلاقة الكل بالمكونات. انا لا اختفي خلف جسد اللوحة بل هو الجمال الذي يناور داخل روحي من اجل اضفاء الشرعية على المنجز، اللوحة اتصورها كمقطوعة موسيقية مفرداتها لا تترجم الى اية لغة لكن بمجملها تؤلف عالميا من الانسجام يتناغم مع احساسات المتلقي ومع عالمي الذاتي.

س/ هل في المستقبل القريب سنكتشف فيك روح النحات مثلا وايماءة الممثل وفكرة المجسد وربما سنكتشف فيك فكرة الفيلسوف؟

ـ ان فكر الفيلسوف يتلخص في اعادة صياغة فكرة الاشياء اذ كان مساعدو هيفاستوس ( الذي يشع في النار) جانا من مارج من نار ابرزهم السيقلوب الذين كانوا يساعدون في اذكاء الكير عند بركان اثينا ومما يذكر ان هؤلاء السيقلوب هم الذين خفوا لشد ازر زيوس في صراعه ضد الجبابرة وهم الذين زودوه بالرعد والصاعقة والبرق وكان لهم دور في تطوير الحضارة لذا كان على الفنان ان يؤكد في تجربته الرؤية الحضارية القادرة على كشف العلاقات والروابط التي يعجز عن ادراكها الذهن العادي وهذا لا يتحقق الا بالانتباه الى حيوية الفن وخطورة دوره في بناء الحضارة ولكي نحصل على ذلك لا بد من اعطاء الفن دوره الحقيقي الفن المعتمد على الاصالة والمرجعية .. الفن الخالق لاسطورته الحالية.

س/ من من الاسماء التشكيلية تؤول اليه في المشهد التشكيلي العراقي؟

ـ ها انت ايها الفنان تتوحد من خلال كل سنوات العذاب من اي المسافات تجيء العواطف و انت تحمل ذلك على راحة يديك عارية يسكنها تصوف من نوع خاص تعانق الخوف مع الرغبة ليصبح كيانا واحدا لا تستطيع ان تهزه الريح واذا كان الصمت ابلغ وسيلة للتعبير عن غليان الروح وانينها فان تكميم الصمت لهو المانع من تشظي الجسد الذي الم به الالم وقبل كل ذلك التركيز الداخلي والروحي حيث المملكة الحقيقية للحرية فالصمت اعلى مراحل صياح الانبياء.

الثلاثاء، 30 مارس 2010

يمامة الرسام -بقلم د علي عبد الامير صالح-رسوم د غالب المسعودي-القسم الثاني


هل ينبغي لي أن أترك قلمي وفرشاتي كي أتأمل الخراب المحيط بي ؟ هل ينبغي لي أن أصمت أو أنتحر ... حزناً أو كمداً ؟ أم أن عليّ أن انتظر قتلي على أيدي أحد السيميريين .. المخدوعين ؟


هو ذا أنا , الآن , بالرغم من كل ما يحصل حولنا , من موت مباغت , وإغتيالات ملفقة , وإختطافات لا شرعية , وانتهاكات رهيبة .. هو ذا أن أمارس طقوسي كيفما أشاء , أحيا حياتي كيفما أشاء , أبحث عن فردوسي الأرض .. أبحث عن حقيقة جميلة , حقيقة رائعة ومهلكة في الوقت نفسه..

كيف نعد أنفسنا أحياءً أن لم نتنفس بحرية , ونصوغ الكلمة بحرية , ونرسم بحرية , ونرقص بحرية , ونغني ونصرخ ملء أفواهنا ؟

واذا جاز لي التعبير , فاننا ابناء السنوات الرهيبة ما زلنا نتشبث بما جبلنا عليه , ولم نسمح لخذلانات الحياة أن تصادر أحلامنا .. وتجهز على برائتنا .. وعنفواننا .. عضضنا على جراحنا , وتناسينا إنكساراتنا .. وقمنا من تحت أنقاض الأحلام ..

هو ذا أنا , أخيراً , إستطعت أن أروض حواسي , وهربت من تلك الهواجس القلقة التي كانت تطاردني على مدى شهور عدة .. أسائل نفسي : ما الذي حصل لنا ؟ كيف أستطاع الظلاميون أن ينقلوا عدواهم الى مواطنينا ؟ وكيف تحول أبناء هذه المدينة أو تلك الى مجرمين , لا يجيدون الا قطع الرؤوس , واغتصاب النساء ؟

وها انا ذا أستعيد رغبتي في الكتابة والرسم .. ما أن أستيقظ من نومي حتى تفاجئني رغبة ملحة في الإمساك بالفرشاة وتحريكها على قماش ( الكنفا ) .. رغبة متوحشة لا سبيل الى إسكاتها .. الا بوضع الالوان على قماش .. فمن دون الرسم ولا أقول الفرشاة , لأنني غالباً أرسم بالزيت , والباستيل , سيتعكر مزاجي .. ويتحطم هدوئي .. وتتبدد حيويتي .. ساعتي البايولوجية لن تنتظم مالم أمارس هوايتي المفضلة .. ولا بد لي اليوم , وغداً , وفي الاعوام المقبلبة , أن أستفيد من كل لحظة حرية وهدوء بال كي أظهر رغبتي في الحياة والبقاء .. وأردد ما قالته تلك المغنية : : I will survive .

لكن لنبدأ الحكاية من أولها .. وكما يقال عادةً . في مساء معتدل البرودة من مساء تشرين الثاني ( نوفمبر ) إهتدت الى مرسمي , او ربما اليّ .. انوثتها , في الارجح هي التي دلتها عليّ..

ما أن دخلت مشغلي الصغير الواقع في آخر الزقاق حتى رسمت بسمةً طفيفةً على شفتيها الحمراوين كالتوت قائلة : (( أتسمح لي بان أعلقه على المشجب ؟ )) كانت ترتدي معطفاً من الجلد الأسود الصقيل بياقة من فرو السنجاب .. كان الرذاذ قد بلل ياقته .. وحين أومأت بالموافقة , علقت معطفها الجلد على المشجب .. وراحت تعدل منديل رأسها الحريري الذي نال حصةً لا بأس بها من رذاذ المطر .. وقتئذ كنت أضع رغوة صابون الحلاقة على ذقني , وكانت شفرة الحلاقة ما تزال في يدي اليمنى .. قلت لها : (( تفضلي أجلسي .. لحظات حتى أنتهي من حلاقة ذقني .. ))

جلت على أريكة صغيرة من الحديد , وجعلت تتأمل الأثاث البسيط في مشغلي الصغير .. لوحات وعلب أصباغ وحاملات لوحات , وأقلام .. وعدد من الكتب والكراسات الخاصة بالرسم والنحت .. ومذكرات رسامين .. أو قل سيرهم الذاتية .. دافنيشي وبيكاسو وجواد سليم ..
كانت امرأةً من الطراز الاول . هيفاء القد , جميلة الملامح , مكتنزة الشفتين , ذات شعر قصير , متموج , ضارب الى الاحمرار ..

وبينما كنت أمر شفرة الحلاقة على ذقني المكسو بالرغوة البيضاء إنتبهت الى حركتها .. كانت لها طريقة شهوانية في خلع المعطف وتعديل منديل الرأس , بحيث أنني خمنت , أو حدست , مبتغاها ..

كانت مفرطة الأناقة .. باذخة الأنوثة ..

لم تكن هي بحاجة الى رسام , مثلي , كي يرسمها على القماش .. كانت هي بحد ذاتها لوحة فنية , عمل فني , ولم تكن بي حاجة لإبراز مميزاتها الجسدية .. كان فستانها الأسود قد أبرز مفاتنها الجسدية بمهارة منقطعة النظير ..

لابد أنكم تقولون , الآن , أنها حتماً كانت ترتدي فستاناً فرنسي الطراز .. لأن الخياطين الفرنسيين هم أمهر الخياطين في العالم في منح الثياب النسائية الصفة الاردسية ؛ وان موهبتهم الفريدة التي لن تجد مثيلاً لها في بلدٍ آخر تتلخص في جعل الجسد , جسد الأنثى طبعاً , يعبر عن مفاتنه كلها من خلال الثياب .. كما يعبر الشاعر عن عواطفه من خلال الكلمات .. أنهم , باختصار , يعرفون كيف يرسمون الخطوط المحيطية للصدر , وكيف يجعلون طيات الثوب تتبع حركات الجسم .. أليست الباريسية هي الصفة التي تكاد تنفرد بها نساء باريس على خلاف نساء نيويورك أو لندن أو طكيو أو غيرها من مدن العالم . وان من يزور باريس لن تجذبه باريس بأنوارها الساطعة , أو ببرجها الشهير , بل تجذبه الباريسيات عبر اناقتهن اللافتة .. حتى وصفت الباريسية بكونها آلهة اغريقية ترتدي حلة عصرية .. جاذبية الروح وعفوية الانثى , هما الصفتان الرئيسيتان في شخصية كل باريسية , وهما الصفتان اللتان وجدتهما في زائرتي .

إستمتعت بدلالها الانثوي , غنجها , سعادتها , وفرحها الطاغي ..

ما إن دخلت هي , حتى اوقضت حواسي كلها , إستفزتها .. من الذي قال اننا نملك حواساً خمساً .. لا .. نحن نملك عشرات الحواس .. لا .. بل مئات .. كل ما نحتاجه هو أن يجيؤنا من يوقضها من سباتها , يكهربها .. نعم , سباتها .. لأن حواسنا تعطلت في السنوات الاخيرة , وراح الصدأ ينخرها شيئاً فشيئاً .. ذلك اننا اصبحنا نعيش على الذكريات , نتدفأ بنيرانها في ليالي الزمهرير ..

الحروب المستمرة , الحروب الطويلة , المتطاولة ابتلعت طفولتنا وشبابنا من دون رحمة.. سمحت حياتنا .. وما عادت جنازير الدبابات تتيح لنا أن نرهف السمع لهديل الحمام , أو ضحكات الصبايا .. ولم تمنحنا السيارات المفخخة مساحةً من الحرية كي نستمتع بعطر انثى تمر بجانبنا , فتلفنا بغمامة مسكها وتأسرنا بمشيتها المغناج , وإيماءاتها التي تشي بالإغراء .

ويالها من مصادفة سعيدة , أن يكون أسم زائرتي فردوس .. أنا الذي حلمت بفردوس ارضي , وطالما حلمت بالحدائق والجداول والزهور .. على غرار حافظ الشيرازي وسعدي الشيرازي وخسرو الدهلوي .. ألا يحق لنا , أن نعدها رموزاً لملكوت الله , وجنات النعيم .

لم أستطع أن أخفي أنبهاري .. ولم تقدر هي ان تخفي بهجتها ..

لم أشأ أن أكسر الصمت .. بقيت أتأملها وأنا أمسد ذقني وأنشف الماء بمنشفة صغيرة .. جعلت أدرس حركتها الايروسية .. وكي أداري ارتباكي , واستفزازي , مضيت لأعد لها القهوة..

لم تكن بحاجة الى مزيد من السكر في كوب قهوتها .. كانت حلاوتها تكفي مائة كوب من القهوة .. أما أنا ما أحوجني الى السكر في أمسية معتدلة البرودة .. أمسية يقضيها رسام مثلي آثر العزلة والصمت والتأمل بعد أن توجب عليّ , وعلى عشرات من الرسامين والنحاتين مثلي , أن يبقوا في منازلهم أو مشاغلهم , معتمدين على الذكريات والانطباعات الماضية , كي يستنطقوها ويبعثون فيها الحياة من جديد .. ما من تجارب جديدة , وما من انطباعات حديثة .. ما من عشيقات , ولا أصدقاء .. نختر ذكريات الماضي , تجارب الماضي .. اصبحنا نختار موضوعاتنا مما أحتفظت به أفئدتنا من مشاعر جياشة , لوعات , غصات .. ومما أختزنته ذاكرتنا من أطياف نساء لم نحصد من جراء معاشرتهن سوى خيبات العشق ومرارة الافتراق .


السبت، 27 مارس 2010

مشهد الشمس في الحلة-بقلم حامد كعيد الجبوري- الصورة -ناصر عساف

مشهد الشمس


وطقوسه الحلية

حامد كعيد الجبوري

مئذنة ...

وقباب زرق

وعباءات سود

تتراقص في الأفق الممدود

الأبيات أعلاه للشاعر الحلي الكبير (موفق محمد) وهو يؤرشف لتجمع نسوي حلي كبير للأربعاء الأخير من شهر صفر من كل عام ، فقد اعتادت النسوة الحليات أن يأتين لمقام (مشهد الشمس) للإيفاء بالنذور التي تحققت لهن ، وفي السنوات الأخيرة انتشرت هذه الظاهرة لتعم المحافظات المجاورة لبابل ، وتتشابه المطالب لديهن كثيراً ، فمنهن من تطلب الولد لأنها لا تنجب إلا الإناث ، ومنهن من تطلب الحمل لأنها متزوجة من مدة طويلة ولم يرزقها الله بشي ، ومنهن من تتذرع لله أن يصلح حال زوجها ، ومنهن من تطلب الزوج الذي تتمناه ، والطريف جداً بهذه الأمنيات التي يرمن تحقيقها بعلامة آنية ومثل ما يقال بالأيد ، وفي هذه الحالة ما على الناذرة سوى أن ترتقي منارة المقام وتصل لباحته العليا وتعلّم عباءتها بخيط معين لها وترمي بها من أعلى المنارة ، فأن تطايرت سابحة بالهواء فعلامة ذلك أن طلبها سيحقق وما عليها إلا أن تهيأ نذرها للعام القادم ، وبالطبع فأنها تنزل مسرعة من أعلى المنارة وعلامات البشاشة واضحة وجلية على محياها وتلحظ النسوة الأخريات هذه البشاشة عليها ويقلن لها (أنشاء الله فرحة) ،وأن سقطت عباءتها غير متطايرة أو سابحة في الفضاء فنذير ذلك أن أمانيها ستبقى معلقة للعام الذي يليه ، وقسم من النسوة لا يستطعن صعود درج المنارة الداخلي – درج حلزوني طريقه أظلم شيئما إلا من بصيص النور المنساب من خلال الفتحات الصغيرة من جوانب المنارة – وهذا الدرج في المنارة حديثة البناء فقط والتي بنيت بخمسينات القرن المنصرم كما في المنائر الحالية المنتشرة في العراق والعالم الأسلامي ، أو الصعود لسطح المسجد المنشئ حديثاً بين المنارتين ، وفي هذه الحالة تكلف أختها أو جارتها أو صديقتها ، وأن تعذر عليها ذلك فتعطي عباءتها لأي طفل موجود لانجاز هذه المهمة مع شئ يسير من – الحلقوم أو الشكرات – كما تسميه العامة هدية متواضعة لإنجازه مهمتها،والنذور المقدمة تختلف طبقاً للحالة المعاشية لصاحبة النذر ، فمنهن من تنذر الخروف وأخرى – خبز لحم – وأخرى قدر – دولمة – ويوزع كل ذلك لزائرات مقام أمير المؤمنين علي أبن أبي طالب (ع) ، ومقام مشهد الشمس يقع في الشمال الغربي للحلة الفيحاء وكذا غربي نهر الحلة بمسافة تقدر ب (1000) م عن النهر ، وأختلف الرواة بهذا المقام ومتى أنشئ ، فمنهم من قال أنه معبد لآلهة الشمس البابلية – آلهة الشمش - ، ومنهم من أسماه (مرد الشمس) معتمدين على الرواية التي تقول أن أمير المؤمنين علي (ع) حينما عاد من واقعة النهروان التي جرح فيها ولده (عمران) وأرتث –شارف على الهلاك – ومات بالقرب من مدينة بابل الأثرية ودفن قربها ، وبعد أن عبر قسم من الجيش الفرات وتأخر قسم آخر فاتهم صلاة العصر فسألوا علياً (ع) أن يدعوا الله ليرد عليهم الشمس كي يأدوا ما فاتهم من الصلاة ، فاستجاب الله مطلبهم على لسان علي (ع) وأدوا صلاتهم جمعاً معه ، فلذا أطلق على هذا المقام بمقام (مشهد الشمس) ، وقد أثبت هذه الرواية العلامة الشيخ الأميني بأسانيد كثيرة في كتابه الشهير الموسوم ب (الغدير) ،معتمدا على روايات كثيرة ومصادر مختلفة بهذا الخصوص ، ومنارة المقام بنيت في العهد السلجوقي والذي تميّز منائره عن العهود الأخرى بقرنصتها – مقرنصة – بقاعدة كبيرة تزغر كلما أرتفع بناء المنارة حتى تصل لقمتها ، وتختلف عن بقية المنائر بعدم وجود باحة للمؤذن بأعلاها كما في المنائر الأسلامية الأخرى ،وهذا يعني عدم وجود الدرج الحلزوني الذي ذكر أعلاه والناظر إليها من الداخل يجد أنها تشبه الغرف المسقفة إلا أن سقفها يرتفع تدريجياً ويزغر وصولاً لقمتها العليا ، بزخرفة معمارية جميلة جداً ، ويقول الباحثون في المنائر أن منارة مقام مشهد الشمس أحدى ثلاثة منائر لا تزال قائمة لحد الآن ، اثنان في بغداد منارة (السهروردي) ومنارة السيدة (زبيدة) ومنارة مقام مشهد الشمس في بابل ، الغريب أن الدول المتحضرة ترعى أيما رعاية موروثها المعماري إلا أن الغريب في العراق محاولة النظام السابق محو هذه المعالم الإسلامية الشامخة ففي عهد محافظ بابل (هاشم قدوري) أبان النظام السابق عام 1969 م أراد إزالة هذه المنارة بحجة بناء مجمع سكني بالقرب منها إلا أن ذكاء وفطنة مدير بلدية بابل المهندس والفنان المرحوم (شوقي جابر شعابث) ، ووفد رافقه أقنعوا المحافظ بالعدول عن ذلك متخذين من حجة أنها أحدى ثلاثة منائر سلجوقية باقية ذريعة لذلك وكان لهم ما أرادوا ، بل أكثر حيث أستحصل المرحوم شوقي جابر موافقة لترميم المنارة* وكان له ذلك ، وسألت أحد الآثاريين عن دقة ذلك ؟ ولماذا لم يذكر الرحالة أبن بطوطة برحلته الشهيرة هذا المعلم ؟ وهل أن الأطلال والخربة التي تقع غرب المقام ملحقة به سابقاً ؟ وكانت أجابته أن أبن بطوطة أرتحل للأمصار بعيد العهد السلجوقي فمن الطبيعي لا يذكر هذه المنارة ، ولربما لو نقب بالخربة المجاورة للمقام لحصلنا على معلومات قيمة جديدة ، وأستكمالاً لهذه الموضوعة أقول بنيت منارة حديثة في سبعينات القرن المنصرم على بعد (50) م من منارة المقام ، وسمعت من المهندس المرحوم شوقي جابر شعابث أنه حاول جاهداً أن لا تعلوا المنارة الحديثة على المنارة السابقة كي لا تظاهي جمالية المنارة السلجوقية القديمة ، ومن المفيد ذكره أن المساحة من الأرض المجاورة للمقام كانت لسنيين قليلة مضت مقبرة لفقراء المدينة وأطفالها ، واليوم أصبحت حديقة جميلة أضيفت لفناء بناء مقام (مشهد الشمس)

الخميس، 25 مارس 2010

المعرض الشخصي الثاني للفنانة خمائل محسن الشمري-تجليات نسوية


خمائل محسن الشمري-طالبة كلية الفنون الجميلة المرحلة الاخيرة
مواليد الحلة1988-معرض شخصي عام 2009-معرض شخصي عام 2010-اشتركت في العديد من معارض كلية الفنون الجميلة
جائزة تقديرية في معرض الفرات الاوسط في محافظة كربلاء المقدسة

الثلاثاء، 23 مارس 2010

امسية للفنان ناصر عساف على قاعة نقابة الفنانين في الحلة

تقيم نقابة الفنانين فرع بابل امسية خاصة  باعمال الفنان ناصر عساف والتي تتضمن عرض فبلم عن افتتاح معرضه الفوتوغرافي في برلين عرض مجموعة من اعماله الفوتوغرافية وجلسة حوارية ونقدية للدكتور محمد عودة وذلك يوم الاربعاء الساعة الخامسة مساءا وعلى مسرح قاعة الحلة للثقافة والفنون والدعوة عامة يتشرف الفنان بحضوركم
و

من اعمال الفنان جميل الكبيسي-قراءة سايكولوجية بريشة فنان







الفنان جميل الكبيسي-


الفنان جميل الكبيسي
تولد بابل 1947
بكالوريوس فنون جميلة
ماجستير فنون جميلة
اربعة معارض شخصية
مشاركات بمعظم المعارض الوطنية
عضو نقابة الفنانين وجمعية التشكيليين
عضو اتحاد الادباء في العراق
له العديد من الكتابات والاراء النقدية المنشورة
في الصحافة العراقية
والعربية