بحث هذه المدونة الإلكترونية

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 14 نوفمبر 2017

مفاجأة مذهلة في الذكرى المئوية لثورة أكتوبر – الشباب الأمريكي يفضل الاشتراكية!!-صائب خليل

مفاجأة مذهلة في الذكرى المئوية لثورة أكتوبر – الشباب الأمريكي يفضل الاشتراكية!!
صائب خليل
12 ت2 2017
لقد ادهشتني نتيجة هذا الاستفتاء وكانت مميزة من بين كل "الصدمات" السعيدة التي تمر بين الحين والآخر، مخترقة غابة الخيبات والألم. إنه خبر كبير المعنى ومحمل بالأمل والرجاء للإنسان من هذا الوحش الرأسمالي الموغل في خنقه وابتزازه. وهو خبر يكشف كم نحن واهمون وكم هو حجم تأثير الإعلام في تحديده صورة العالم في عقولنا بالطريقة التي يشاء حين اقنعنا بأن الامريكان بشكل عام يصبحون مجانين عندما يتم الحديث عن الاشتراكية!
الخبر يقول إن "أغلبية" من الشباب الأمريكان الذين ولدوا بعد عام 1980 (بين 16 إلى 28 سنة) ويمثل هؤلاء أكبر الأجيال الأمريكية قاطبة، يفضلون الحياة في اقتصاد اشتراكي على الرأسمالي، بل ان نسبة منهم تفضل النظام الشيوعي! ولم يقم بهذا الإحصاء مركز إحصاء يساري، بل قدم هذه المعلومات مركز تابع لمؤسسة معادية للشيوعية هي "مؤسسة ذكرى ضحايا الشيوعية"، التي استندت إلى بيانات إحصائية قدمتها شركة "يوكوف" (YouGov). واستنادا إلى ذلك تبين ان أغلب الامريكان إن كان لهم الخيار لا يفضلون الانتقال إلى دولة اشتراكية على البلدان الرأسمالية لكنهم يفضلون لو كانوا يعيشون ضمن امة تطبق الاشتراكية.
والأكثر دهشة أن 7% فضلوا النظام الشيوعي ذاته!! وهو ما يجعل مجموع مفضلي الاشتراكية (44%) والشيوعية (7%) على الرأسمالية أكثر من نصف الشباب (51%) مقابل 42% للرأسمالية! ويؤكد هذه النتيجة أن 53% من "شباب الألفية" هؤلاء يرون ان الاقتصاد الأمريكي يعمل بالضد منهم" (1)
لقد تواترت الانباء خلال السنوات الماضية عن خيبة أمل شعوب أوروبا الشرقية بالرأسمالية ورغبة الكثير منهم بالعودة الى الاشتراكية، وهو ما تم منعه بتنظيم شيطاني اسمه "الثورات الملونة"، كذلك عرفنا العديد من الثورات الاشتراكية في اميركا الجنوبية والتي قمع بعضها أو قتل قادتها مثل شافيز بالسرطان، وكذلك الأمر في آسيا وأفريقيا، لكن من كان يتخيل ان نسبة من يريد الاشتراكية والشيوعية من شباب اميركا تزيد بشكل واضح عمن يريد الرأسمالية؟

الحقيقة ان ذلك الاستبيان لم يكن الوحيد الذي توصل الى تلك النتائج، لكننا لسبب او لآخر لم نطلع على تلك الحقيقة إلا الآن. ومن المحتمل ان لذلك علاقة بتحديد انتشار الاخبار "غير المناسبة" في الاعلام الغربي. فقد قام "المعهد الأمريكي للثقافة والإيمان" (The American Culture and Faith Institute) باستبيان لمن هم فوق الـ 18 حصل فيه على نتائج مقاربة. (2)

وكان معهد "كالوب" اقام استبيانا عام 2016 اكتشف من خلاله ان نسبة “مخيفة” تبلغ 55% من الامريكان تحت عمر الـ 30 عاماً يحتفظون بفكرة إيجابية عن الاشتراكية. كما بينت دراسة أخرى في جامعة هارفرد نشرتها الواشنطن بوست، بأن 51% من الامريكان البالغين تحت الثلاثين من العمر، "لا يدعمون الرأسمالية".(3)

وعن ذات الاستبيان كتب آخر ان الأمر "مقلق" حيث "يبدو ان الغالبية من الجيل الأكبر من الامريكان يفضل العيش في مجتمع اشتراكي او شيوعي على العيش في النظام الحر والدفاع عن حقوق الذين يعيشون تحت الأنظمة الدكتاتورية" مضيفاً "الشيوعية لا تعود.. لأنها لم تغادرنا ابداً. لقد نسيناها فقط. والآن وهي تطل برأسها القبيح مرة أخرى، بوضوح وبلا خجل، فيبدو إننا لن كون جاهزين لمواجهتها في هذا القرن كما فعلنا في القرن الماضي" (4)

ردود الفعل للكيانات السياسية التقليدية في اميركا مصاب بالقلق وتحمل عباراته التحريض والتهديد. فوصف "المعهد الأمريكي للثقافة والإيمان" هذا الأمر بأنه يمثل "تناقضاً كبيراً مع قيم الأمة الأساسية". ووصف موقع آخر هذه النتائج بأنها "زلزال ارضي في الرؤية السياسية"! (1) بل ذهب هؤلاء إلى نوع من التهديد: "هذا يتجه بنا إلى حرب أهلية".   
ويضيف المحامي ديفيد نعمو، ومدير تنفيذي لـ "جمعية القانونيين المسيحيين": "كيف وصلنا الى هذا الحال؟" يتساءل كاتب المقال ليصل إلى استنتاج مثير للاهتمام: "من الواضح اين ينمو مثل هذا الفكر وينتشر: في الكليات والجامعات! ايديولوجيات ذوي الشهادات العليا والمعلمين قد برهنت انها اقوى من الحقائق" مؤكداً "إنها أيديولوجية خطرة"
أي بعبارة أخرى، أن هذا الاتجاه ينمو بين أكثر طبقات الشعب الأمريكي ثقافة وعلماً! وهم الأقدر بلا شك على "تمييز الحقائق" من الأيديولوجيات. لكن القلق والغضب يعميان اصحابهما عن رؤية ذلك، فهم يقولون: "ان مجرد تخيل اميركا تصبح اشتراكية شيء مقزز وغريب على أولئك الذين حاربوا والذين ما زالوا يحاربون من اجل حرية السوق والقيم التراثية والمثل الرأسمالية. لم يعد باستطاعة المحافظين وذوي التوجه التراثي من الامريكان ان يفترضوا مسبقا ان جيرانهم يؤمنون بنفس ما يؤمنون به هم.... لقد تغير البلد"
وتعود لهجة التحريض على اتخاذ الإجراءات بقوة: "علينا ان نلعب اللعبة بشكليها: القصير المدى والبعيد المدى... على من يحبون هذه الأمة وقيمها العليا وتجربتها في الحرية، ان يواجهوا الأكاديميين والإعلاميين، وإلا فسوف لن يجدوا تلك "الامة الموحدة تحت الله" بعد الآن."

وأوضح موقع آخر: "نحتاج إلى القادة القادرين على ان ينهضوا ليعلنوا بفخر بأن رأسمالية السوق الحر تعمل بامتياز!"
ويشرح الموقع سبب تلك النتائج ويفسر شعبية برني ساندرز واليزابيث وارن بين الامريكيين، بأن هؤلاء تم تلقينهم "بأننا نتبع "نظام السوق الحر" في اميركا الحالية، بينما الحقيقة هي اننا لا نفعل ذلك ابدا. ومع تدهور الاقتصاد خاب امل الملايين بهذا النظام. فالأجور مجمدة او في انخفاض، تكاليف التأمين الصحي والعناية بالطفل والتدريس تستمر بالارتفاع بتسارع. الوظائف الثابتة تتحول الى عقود مؤقتة والمساعدات تنخفض. وظائف الطبقة الوسطى تتحول إلى اعمال خدمة منخفضة الأجور. ان مستوى الحياة التي عاشها اباء هؤلاء ورفاههم لم يعد ممكنا. خريجي الكليات مثقلين بديون الدراسة، ويعملون بالحد الأدنى للأجور، او يجاهدون في اعمال تدريب غير مدفوعة الأجر. والوظائف الممتازة تتجمع في المدن، حيث تضاعف ايجار المساكن ثلاث او أربعة مرات خل عقد من الزمن، فلا تستطيع أن تنتقل منها ولا تستطيع ان تبقى، فخارجها تتكاثر المراكز التجارية المتروكة والمصانع المقفلة. سنوات طويلة من تجربة نظام التعليم العام الفاشل اقنعت اعدادا كبيرة من الشباب بأن الحل لمشكلتنا الاقتصادية هو بالانتقال الى الاشتراكية. لكن ما نحتاجه هو ان نعيد اكتشاف الأسس التي جعلت اقتصادنا عظيما، لكن المشكلة هي ندرة القادة المستعدين للدفاع عن تلك الأسس." وفي النهاية يؤكد الكاتب وبطريقة تحريضية واضحة ولا تخلو من التهديد: "امتنا في مشكلة عميقة جدا، وهي تزداد سوءاً كل يوم" و "علينا الآن ان ننهض للدفاع عن مستقبل امتنا وإلا فقد نستيقظ لنجد بأن الوطن الذي احببناه كثيرا، قد اختفى الى الأبد"

الإشارة الى فشل التعليم العام في اميركا أساسها ان التعليم الخاص يسحب كل المعلمين الجيدين وان تخصيصات التعليم العام ضعيفة جدا، مما يجعل ميزة كبيرة للأغنياء القلة في فرص النجاح. أما "ندرة القادة المستعدين للدفاع عن تلك الأسس." فلم تأت من الهواء، إنما لأن "تلك الأسس" لم يعد سهلا الدفاع عنها!
الكاتب يعطي بالفعل الأزمات التي تسببت في صحوة المتعلمين لحقيقة النظام الرأسمالي، لكنه يقف على رأسه ويدعي ان السبب في تلك الأزمات ليس الرأسمالية ذاتها و "حرية السوق" بل هو "نقص الرأسمالية"! وهو تخبط مضحك، فتلك الأزمات اقل بكثير في البلدان التي فيها "نقص أكبر بالرأسمالية وحرية السوق" مما في أميركا، مثل الدول الاسكندنافية! لكن تشويه الحقائق وليها ليس مستغرباً من المحللين الرأسماليين. فالرأسمالية خطأ كبير، والطريقة الوحيدة للدفاع عن الخطأ هي الاحتيال على الحقائق، واللجوء الى التحريض والتهديد.

علينا ان ننتبه الى نقطة مهمة، وهي ان هذا الانتصار للاشتراكية قد تحقق رغم كم مهول من التشويه الإعلامي الذي تتعرض له فكيف لو انها حصلت على إعلام محايد؟ إنني افترض ان 80% لن يكون رقما غريباً عليها!
إنها اخبار جميلة، بل رائعة، وانتصار عظيم للعقل على ماكنة الإعلام، يدفع الى التفاؤل، وعلينا ان نتذكرها دائما، فما احوجنا الى كل قطرة تفاؤل. فنهاية هذا النظام الأمريكي وإقامة الاشتراكية مكانه أو على الأقل نظام اقل وحشية في رأسماليته، هو الأمل الوحيد لنا ولكل البشرية، ونرجو ان لا يتأخر ذلك كثيرا وأن يأتي ذلك اليوم قبل خراب المزيد من البلدان وثروات الأرض وبيئتها. إنها نبتة ثورة أكتوبر تورق من جديد بعد مئة عام!

(1) TASS: World - American Millennials prefer socialism to capitalism — poll
(2) Socialism -- Polls Indicates Its Alarming Rise in Public Opinion
(3)Percent Of Americans Now "Prefer Socialism To Capitalism"
(4)Poll: More millennials would prefer to live under socialism than capitalism –


ليست هناك تعليقات: