الفن وحدود الإشكال
عاش الإنسان ألاف السنين حياة بدائية أوضحتها لنا أدواته في صور لأتقبل الشك مؤشرة مدى الزمن الطويل الذي مضى على ظهور الإنسان فوق وجه البسيطة,كما إن الانتقال من البدائية إلى الحضارة قد حصل أكثر من مرة في التاريخ,بيد إننا تعرفنا على التحضر بمآثر الفن الذي تركه شهود تلك الحضارات,ويبدو إننا كنا سباقين إلى تلاشي الذات وتماهيها مع المطلق وهذه السمة الأساسية التي استمرت طويلا ولازالت تمارس فعلها في حياة الشعوب تحت مسميات شتى,لقد عاش الفن كباقي عناصر الثقافة حياة هلامية في مراحل التحولات الجذرية لاتعدو إن تكون ضبابية المشهد فد سحقتها إلى ابعد مدى,والفن عموما يتماها مع المطلق باعتباره وليد لحظة توهج جمالي لا تولد إلا في محراب الحب ولا يشكل بعدا أخر لان الحب السامي عاطفة غير مصاغة بقوالب جغرافية الجسد الذي يشدنا إلى فنائه المحتوم.وهذا بمجمله ينير الطريق لنا لنفهم تجارب عمالقة الفن من عصر سومر إلى العصر الحديث, فالحب معرفة وهي متعالية على موضوعاتها,ولما كانت المساحة المتاحة للفنان هي فضاءه المعرفي فعليه إن يسمو به فوق الحدود التو صيفية.إن الفنان منذ عصور البدء مارس وعيه لحقيقته الكونية وظل يبحث عن النص الكوني ليموسق إبداعاته,مداده سلافة الروح واضعا شفراته داخل النص بصيغة سحر تأويلي,فالبشرية لم تعبر حدود انسجامها مع واقعها المر إلا بالفن,والفن السامي بعيدا عن اجترار الأخر بهوس براغماتي وتحت مسميات طالما عانت اللغة منها من دون دلالة سينوغرافية.عند عتبات الحضارة مارست التراجيديا فعل التطهير وذلك بحيوية فعل النص داخل منطقة تمركز الحدث الدرامي ومحايثته مع ما يعتمل داخل الروح من صراعات مدمرة فيزيح ثقل المأساة كمن يرمي لواعجه في ساحات اللامرئي ليمارس انطولوجيا الحب لا بمعنى الاستحواذ الجسدي بل بمعنى وعي الوجود إذ أننا نعيش لحظة بين مطلقين,وبدون إنعاش هذه اللحظة لا توجد فضيلة.
د.غالب المسعودي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق