السبت، 21 مايو 2022

قراءة في ديوان مؤيد العطار (حايط أم رزاق)-محمد علي محيي الدين

 

قراءة في ديوان مؤيد العطار (حايط أم رزاق)

محمد علي محيي الدين

صدر عن منشورات خيمة الشعراء الشعبيين في الكوفة ديوان جديد للشاعر الشعبي مؤيد خليل العطار (حايط أم رزاق) ضم مجموعة من قصائده التي كتبها منذ عام 1974 ، وهي قصائد تناولت جوانب مختلفة ، تباينت في موضوعاتها ،واختلفت في توجهاتها.

والعطار من الشعراء الشعبيين المجيدين الذين أغنوا المكتبة الشعبية العراقية ،فقد أصدر من مجاميعه الشعرية(جرح وملح- منبر وراية علي- خيط البريسم) وهذه المجموعة، وهو اضافة لشاعريته من الفنانين المبدعين، والصحفيين البارزين، وداعية لحقوق الانسان، وقد ترأس تحرير مجلة البيرغ التي عنيت بالموروث الشعبي وآدابه، وتولى سكرتارية تحرير جريدة صدى النهرين، وعمل محرراً لصفحات الأدب الشعبي في عدد من الصحف والمجلات العراقية، وانتخب رئيسا لخيمة الشعراء الشعبيين في الكوفة لعدة دورات، وشارك في مهرجانات شعرية في العراق وخارجه، ويعد في طليعة الشعراء الشعبيين الذين تميزوا في حضورهم الطاغي في الساحة الشعرية، واسهاماتهم في المحافل الأدبية.

وكان موضع تقدير وإكبار النقاد والشعراء فقد قال فيه الشاعر الكبير ناظم السماوي: كانت شموعه تسرج في ظلام الليل أحلى القصائد، فيما استعذب الشاعر اسماعيل محمد اسماعيل تكرار ما صدر للعطار من فصائد عذبة ، فهو شاعر في غير حاجة لمن يشهد له غير قصائده، ، فيما أشار الشاعر سفاح عبد الكريم إلى امتلاكه حساً وجدانياً عاليا، وهمة وطنية عالية، وركز الناقد علوان السلمان على اشتغاله الواعي بسيك جملته الشعرية، وترابطها حتى بلوغ ذروة الدهشة ، باعتماد المفارقة والتكثيف التصويري، مع دينامية نابضة ، تتماوج فيها الايقاعات الداخلية والخارجية.

وركز الباحث كاظم السيد علي على تجليات الحداثة في شعره، فهو شاعر وفارس القصيدة الحديثة في مدينته، ولمساته الجميلة بين أبناء جيلهم موجودة لما لها من أصالة وعمق، وتتميز قصائده بدقة توازنها الفني، وموضوعاتها القيمة. قيما ركز الاديب كاظم الزهيري على الحداثة الرشيقة في شعره، وابتعاده عن الطلاسم الشعرية، وشفافية قصائده.

هذه الشهادات الثرة وكثير غيرها قيلت في العطار وشعره، وبينت مكانته الشعرية بين شعراء جيله، واسهامه الفاعل في المسيرة الحداثوية للشعر الشعبي ، وهي نابعة من دراسة مستوعبة لقصائده في مجاميعه الشعرية، وتبين دون شك مقدرته الشعرية وقدراته التعبيرية، وما تمثل قصائده من ركائز الابداع، بما ضمت من صور، وحوت من معان بوأته أن يكون في المقدمة بين الشعراء الشعبيين.

ولو حاولنا تبيان الملامح العامة لشعره من خلال مجموعته الشعرية هذه ، لوجدنا محاولاته الواعية للارتقاء بالقصيدة الشعبية مفردات وفكرة والسمو بها في عوالم الاصالة الشعرية التي افتقدناها لسنين طوال لعوامل كثيرة في مقدمتها شيوع المعاني المائعة والمفردات البائسة، ولاحظنا تنقلات الشاعر بين مكامن الابداع المختلفة، وتجليات الحداثة البارزة في قصائده، واستنطاقه للمفردة الشعبية لتأخذ بعدها لدى المتلقي، بانسيابية وعذوبة تدفع القارئ للبحث في المعاني الكامنة في هذه المفردة، والدقة المتناهية في الصورة وما لها من أبعاد في مخيلة القارئ، فهو فنان يرسم صورة ناطقة تكمن في طياتها صور مترادفة تغور فيها المعاني، وتندفع المفردات الى هدفها بيسر وسهولة، تنمي الذائقة وتبهر القاريء وتحلق به في أجواء حافلة بالإبداع والفن الرفيع:

هاك أخذ.. روحي حمادة

   وسافر... بحلمك بريد

وغازل.. أچفوف المشوا..

مشوار عنك..مو بعيد

وحني.. بچفوف البچوا..

دمعات ليلو.. أچفوف ما صافحها عيد

فهو يجعل القاريء يطوف في عوالم من الدهشة.. غارق في حلم واع.. ويتلمس في مفردات الشاعر ما تحمل النفس الانسانية من عذابات، وما يخالجها من مسارات حالمة، وأطياف هائمة، تبحث عن مخارجها، بشفافية وروح لزجة ، تتدافع فيها الاحلام والتصورات.

وقصائده طافحة بالعتب واللوم، وحاضنة للألم والعذاب، وناطقة بلوعة لواقع مر، تتزاحم فيها صور الأسى، ومرارات الأيام، ولواعج الشجن، وتتكرر فيها مفردات العتب ، والمذلة والحرقة والأسى والبكاء والانكسار والتيه والالم والشوق واللوعة وغيرها من مفردات معبرة عن معاناة الانسان العراقي جراء الظروف الخانقة التي يعيشها، والعذابات التي يواجهها، وبذلك فهي تعبير عن معاناة شعب، ومأساة وطن، وآمال بغد زاهر، ومستقبل وضاء، فلا مكان لليأس أمام ارادة الانسان، ولابد له من تجاوز المحن ليصل إلى شواطئ الدفء والحنين، وزمن القصيدة(1974) جعلها غارقة بالرموز الموحية التي تخفي بين طياتها ما يريد أن يعبر عنه دون أن يكون موضع مسائلة في زمن كتمت فيه الانفاس:

خلها زخات العتب.. لو عاتبتهم

   تشتل بدربي البشاير

وخلها عيني تزيد بالدمعات حرگة

   خلها تبچي الحال باچر

وخلها تغفه بحضن عشرتهم مذلة

 اتلاوذ بسدها ..الضماير

وحتى لو.. تاهت أسنيني

يبگه جرحي يفزز الغيم بسماهم

ويبگه شوگي .. ايمرجح الچلمه بهواهم

وتبگه لوعات الوكت

بدموع ترفه تريد ثار

وتبگه روحي .. ما يمشيها دربها

وليل بعيون الزغار

وقصيدته "شنهي عذرك" صورة قلمية لمعاناة انسانية ، فهي لسان حال العاشقة في مجتمع ذكوري، مجتمع خاضع لتقاليد وعادات بالية تضع اللوم على المرأة وتحملها ما لا يحتمل من تفرد الرجل وأنانيته واستقواءه  بما له من وصاية وحصانة فرضتها الطبيعة الظالمة التي جعلت المرأة موضع اللوم حتى في العلاقات الانسانية، فهي حبيسة لأفكار وقيم بالية، جعلت منها مخلوقة بائسة، تتحمل صنوف الأذى والحرمان، وليس لها حق المساواة مع الرجل حتى في نوازعها الانسانية:

جيت أعاتب..

ولا آنه ذيچ آنه الغريبة وجيت أعاتب

شنهي عذرك من تسد بوجهي بابك

هاي هم قسمة ونصيب

 وحظي دلاك عله بابي

   والزمان الأعمى جابك

شنهي عذرك.. لو كبرنه..

 ويالسنين ..الخضرت بوجوهنه وتركت علامه

شنهي عذرك

 من نرد نتلاوذ بسد الچذب نسحل ندامه

شنهي عذرك.. لو وصل لهلي خبرنه

 ذنوب ومناحط ملامه

ورغم أن الشاعر أعتمد بحور الشعب الشعبي الكلاسيكية ، الا أنه اضفى عليها هالة من التجديد الواعي لأهمية المفردة وحركتها في اطار البيت أو محلها في القصيدة، فهو يقطع البيت الواحد بوقفات معبرة وفق تراتبية ملموسة تهدف لتعميق المعنى في ذهن القارئ، وتسموا بالمفردة لتأخذك الى عالم من الانبهار ، ونلمس هذا في كثير من قصائده التي تناول فيها مختلف الاحاسيس والتصورات برؤى وجدانية فيها كثير من الترف الفني.

والتجليبة من الفنون الشعرية القديمة التي ذاعت في زمن مضى وكان لها صداها لدى شعراء تلك الايام وابدعوا في اقتناص المعاني والموضوعات المعبرة عن مختلف المشار والاحاسيس وهمومهم اليومية ومعاناتهم الانسانية ولكن الشاعر استطاع استثمار هذا اللون وفق منزع تجديدي ينسجم ورؤيته الابداعية فيقول في قصيدته حدود الصبر:

اجلبنك يليلي... والهموم اهواي

وشوغه باثر شوغه تسابگن وياي

انوح بذيچ نوبه ونوبه انوح ابهاي

وعلي جار الزمان وزاد تعذيبه

وقصيدة " حايط أم رزاق" فيها نزوع طاغ لحركة الشاعر الابداعية وهو يطوف في عوالم المحبة، فترسم ريشته صور متلاحقة، جسد فيها الحركة الواعية التي تترك اثارها في ذائقة المتلقي لتبهره  بدقة توازنها الفني وما فيها من حس مرهف وأخيلة جميلة:

يا ضحكة زغرنه.. الما خنگها الزيف

ما تعرف الزيف وضحك عالحبلين

يا گطرة نده بوجه الصبح مفتاح

من تضحك تفك باب المحبة

      وترضع ويالتين

 

 

 

 

الأربعاء، 3 نوفمبر 2021

( عبد العمص)==حامد كعيد الجبوري


 

 ( عبد العمص)

شخصية غرائبية :

تمتاز الحواضر أي حاضرة كانت بشخوص تترك أثرا ما عند تلك الحاضرة.

خمسينات وستينات وسبعينات القرن الماضي كانت الحلة تعج بأشخاص تعد غريبة عن السياق العام للمجتمع الحلي، لا أتحدث عن أغنياء الحلة ولا شعراءها ولا علماءها ولا مثقفيها ولا تجارها ، بل أتحدث عن شخصية يعرفها كل الحليين، بل ويتندر أهل الحلة بالحديث عنها وذكر نوادرها وطرفها، انه المرحوم ( عبد العمص) ، مجنون عاقل، لا عمل له، يعيش على ما يمنحه له الناس، لا أعرف اسمه الكامل، ولا اعرف لأي عائلة ينتهي نسبه، ولكني أعرف أنه كان يشيع  الفرح والضحكة في أي مكان يمر به.

رجل بملابس رثة وقذرة، اسمر البشرة، يترك شعر رأسه وذقنه  بلا حلاقة، وحين يعطف عليه أحدهم يحلق رأسه وذقنه على نفقة ذلك المحسن، لم يكن له بيت يسكنه وكان يقضي أكثر وقته متنقلا بين المساجد والحسينيات لا لغاية التعبد، بل كان يحضر لبعض المحاضرات الدينية بسبب ان القائمين على تلك المحاضرات يقومون بتوزيع الطعام والسكائر مجانا، يقول الأستاذ حسين إبراهيم كان ( عبد العمص) يقضي لياليه بمقهى ( محمد الهبش) في محلة (الأكراد)، وبعد وفاة صاحب المقهى أصبح مكانها معملا للنجارة وترك المعمل  لاحقا وأصبح عبارة عن خربة استغلها ( عبد العمص)  للمبيت، اغلب الأحيان يسير حافيا، يحمل بيده عصا غليظة له فيها مآرب لا تحصى، حين يسير في الطريق العام أو الأزقة يتبعه جمهرة من الأطفال يرمونه بالحجارة، وفضلات الحيوانات، والحصى، وقشور الرقي، وغيرها، مرة تراه يركض خلف الصغار ليصدهم عنه بعصاه أو ما تيسر له من قطع الطابوق أو الحصى، ومرة تراه يهرب أمامهم وكما يقال ( الكثرة تغلب الشجعان)، كانت حجارته التي يرميها على الأطفال وغيرهم  لا تخطأ هدفها إلا نادرا، حدثني الصديق الفنان ( فاضل شاكر ) قائلا، كنت ضمن مجموعة أطفال نلاحق المرحوم ( عبد العمص) ونكرر بصوت منغم ( عبد العمص عموصي، عبد  العمص عموصي)، ومجموعة أطفال أخرى تقول ( عبد العمص طك ومات / شايل بجيبه عانات)، ومجموعة أخرى تقول ( عبد العمص راح يزور / جلب بطي.. عصفور)، ومجموعة أخرى من الأطفال يرددون ( عبد العمص طي.. ملص، عبد العمص طي.. ملص)، يقول الأستاذ فاضل لحق بنا بعصاه وهربنا أمامه، يقول وقفت خلف عمود الكهرباء وحاولت ان يكون جسدي النحيف خلف ذلك العمود، ولكن تسديدة ماهرة من ( عبد العمص) أصابت رجلي التي كانت ظاهرة من خلف عمود الكهرباء، ويقول أصابني بركبة رجلي وسقطت للأرض، وكانت إنسانية العاقل عبد العمص تغلبت على جنونه فوقف أمامي وقال ماذا فعلت لك يا فاضل؟، ويقول حملني وأوصلني لبيتي وقال لي هذه المرة سماح والمرة القادمة أشكوك لأبيك.

كانت لعبد  العمص  صداقة غير متجانسة  مع مدير تجنيد الحلة المرحوم  العقيد (أبو شعاع) ، كثيرا ما كان مدير التجنيد يجلس عند صديق له يعمل حلاقا بشارع المكتبات، وحين يمر العاقل عبد العمص يناديه مدير التجنيد قائلا ( عبد، عبد) وحين يسمعه يدخل لذلك المحل ويجلس جنبه ويبقيان يتحدثان ولمدة طويلة كأي صديق وصديقه، ويذكر ان مدير التجنيد نقل إداريا إلى مديرية التجنيد العامة في بغداد، وكانت لأحد الحليين معاملة في التجنيد العامة لم تنجز، ويقال أن صاحب المعاملة استنجد ب عبد العمص واستأجر له سيارة وذهب به لبغداد، وفعلا استطاع أن ينجز المعاملة بوساطة عبد العمص صديق مدير التجنيد العقيد أبو شعاع .

      حدثني المرحوم الأستاذ ( عطا الشمري) ان المغفور له عبد العمص كان يدخل لمقهى السيد (شاكر رحمه الله)، ومقهى السيد شاكر تعد اكبر مقاهي الحلة مساحة وأكثر جلاسا من بقية المقاهي، يدخل عبد العمص وهو يردد، ( كرامة لله تصدقوا عليّ، كرامة لمحمد وآل بيته تصدقوا عليّ) ، فيدفع له البعض من الجلاس مبالغ زهيدة جدا ولكنها كانت تشكل مصدر عيشه اليومي، يدفعون له ( فلس أو فلسان  أو عانة - عملة حديدة بقوة شراء ٤ فلس)، شاهده  أحد رواد المقهى وأخرج من جيبه عملة ورقية جديدة ( ربع دينار)، وقال له(عبد ) قل ببركات فلان وهذا الربع هدية لك، - الربع دينار تعد عملة ورقية تعدل قيمة عمل يوم كامل لعامل البناء آنذاك، الربع دينار خمسة دراهم، والدينار ٢٠ درهم أيام ذاك - نظر عبد العمص للربع دينار وقال مخاطبا المتبرع، ( أنت وربعك وفلان وزب....)، فلان احد شيوخ العشائر الظلام حينها .

       ونقل لي الصديق الباحث والرياضي (محمد هادي) يقول، الساعة التاسعة ليلا مر عبد العمص بشارع المكتبات الذي كان قلب الحلة آنذاك، وحين وصوله لمحل بيع (الكبة) صفع صاحب المحل قفى عبد العمص حتى أخرجت صوتا سمعه الكثير، نظر عبد العمص لصاحب المحل وقال له، هل أتتك مني أذية ما، هل دخلت محلك وأكلت ولم ادفع لك الثمن، لماذا ضربتني وانا لم اسئ لك، لم يجب صاحب المحل على تلك الأسئلة، محل بائع ( الكبة) بداية زقاق سوق بيع المشروبات الروحية، وكان سوق بيع المشروبات الروحية خاليا من المتبضعين لتأخر الوقت ، وجد قطعة من مخلفات صناديق المشروبات الروحية (

كارتونة)، وضعها أرضا، نزع سرواله الداخلي - إن كان يلبس السروال - تقرفص وتحته الصفيحة الكرتونية وتبرز  عليها، رفعها بيده، وقف قبالة مطعم الكبة، رآه صاحب المطعم فقال له (عبد) نحن أصدقاء وأنا كنت امزح معك، ارمي ما بيدك وادخل المطعم وأقدمُ لك الطعام مجانا، لم يلتفت عبد العمص لحديث صاحب المحل - صاحب المحل معروف لي ومعروف للكثير - وتقدم لمدخل المطعم ورمى ما بيده  للأعلى صوب المروحة السقفية التي وزعت تلك القاذورات - البراز - على كل ركن وكرسي وقدور للطبخ، أراد صاحب المحل ان يعاقب عبد العمص ولكن تدخل الكثير ومنعوه وقالوا أنت من ابتدأت والرجل جاء بالرد عقوبة عما فعلته به.

يقول الأستاذ (عماد جبار) انه شاهد مجموعة من الناس يراجعون مستشفى الرمد التي كان موقعها قبالة باب حديقة النساء، البعض منهم يخرج وقطعة من القطن والشاش تغطي إحدى عينيه، نساء ورجال على هذه الشاكلة، يقول مر  ( عبد العمص) وشاهده هؤلاء المرضى، فقال أحدهم مخاطبا عبد العمص ( اعور، اعور، اعور) - الأعور فاقد العين -، يقول الأستاذ عماد جبار نظر لهم ( عبد العمص) وهز يده وكأنه يهزأ بهم ولم يتكلم بأي كلام.

   يتحدث أهل الحلة عن حادثة نسبت ل ( عبد العمص) ونسبت إلى العاقل الذي ساتناوله لاحقا ( ابو  حيه) ، خلاصة الحادثة أن (عبد العمص) شج رأس احد الصبية بعصاه، وقدم والد الصبي الشكوى ضد عبد العمص عند شرطة الحلة، استدعي عبد العمص لمركز الشرطة وقال له الضابط الخافر، هل أنت من شج رأس هذا الصبي؟، قال نعم، قال الضابط لماذا فعلت به هكذا؟، قال عبد العمص للضابط سيدي قل ( اللهم صل وسلم على محمد وآل محمد)، قال الضابط ( اللهم صل وسلم على نبينا محمد وعلى آله الطاهرين)، قال له عبد العمص قل ثانية يرحمك الله، ردد الضابط ما أراد منه، قال عبد العمص للضابط قل ثالثة سيدي، أعاد الضابط الصلاة والسلام على محمد وآله، قال عبد العمص الرابعة كرامة للنبي وآله، قال له الضابط كفى أنا أحقق معك أم اجلس في مجلس ديني، قال عبد العمص للضابط، سيدي الصلاة على محمد وآل محمد فيها الكثير من الأجر والثواب وانت تثاقلت منها وجزعت، كيف بي وأنا من الصباح إلى المساء يردد خلفي الأطفال والصبية ( عبد العمص عموصي)، يقولون أن الضابط ضحك كثيرا وخاطب والد الصبي قائلا ابعد ولدك عن مضايقة هذا الرجل وإلا سأودع ولدك سجن القاصرين وأحيله للمحاكم المختصة.

ومن أطرف ما يروى عن (عبد العمص) حين يمر قبالة مقهى ( ابو سراج) التي تقع مباشرة على شط الحلة، مجاورة لجسر الحلة القديم، يسمِعُهُ احد رواد المقهى أو أحد المارة قائلا ( ما عنده، ما عنده) وتعني أن عبد العمص لا يمتلك كبقية الرجال من عضو الذكورة ، ويعلم عبد العمص انه هو المقصود بهذا الكلام، وفعلا هو المقصود فيسارع لرفع - دشداشته - ثوبه، والرجل رحمه الله نادرا ما يرتدي السروال الداخلي، ويهتف بأعلى صوته، ويلف بجسده ليري الجميع ويقول ( هذا عندي، والله عندي)، فتبرز عورته وشعر عانته الكثيف وتبتعد عنه النسوة مذعورات من فعله المشين، ويسمعُ أصوات التأنيب من السائرين أو من الجالسين بالمقهى، ( عيب يا عبد استر عورتك يا عبد).

تحمل المرحوم (عبد العمص) الكثير من الأطفال وأيضا من بعض الكبار من أهالي الحلة، قرر أن ينتقل لبغداد لعله ينهي هذه المضايقات، وفعلا انتقل لبغداد نهاية ستينيات أو  بداية سبعينيات القرن الماضي كما أخبرني بذلك الأستاذ (د. مؤيد الطائي) ، وغالبا ما  كان يتواجد بمنطقة علاوي الحلة، والظاهر ان اهل الحلة لم يتركوه فحين يراه احد الحليين يمزح معه بما لا يحب ذلك ( عبد العمص)، يقول الأستاذ جليل الجباوي عام ١٩٧٦ كنت عائدا للحلة ووجدت (عبد العمص) هناك في بغداد قرب - كراج - مآرب الحلة ، وسمعت بعض المارة يخاطب (عبد العمص) ويقول له ( ٢٣، ٢٣)، ويقول سمعت جواب ( عبد العمص) يصرخ بوجه ذلك المار ويقول ( ٣٢،٣٢) وهو يرفع دشداشته - ثوبه - كاشفا عن عورته.

رحم الله الراحل عبد العمص الذي كان مروره مصدر ابتسامة للكثير، ورحمه الله ونحن نستذكر نوادره وطرفه.

حامد كعيد الجبوري

الجمعة، 17 سبتمبر 2021

كتاب جديد للناقد صلاح عباس عن تجربة الفنان المغترب بشير مهدي

 
















عن الناقد صلاح عباس صدر كتاب جديد يحوي تجربة الفنان المغترب بشير مهدي بعنوان(بشير مهدي فن اللوعة والولع)قدم له الفنان صلاح عباس تجت عنوان اللوعة والولع, الفن فسحة للحرية, تضمن الكتاب سيرة ذاتية للفنان وقد اسهم مجموعة من النقاد في كتابة صورة عن عالم بشير مهدي التشكيلي, منهم ياسين النصير, قاسم عبد الأمير عجام, فوزي كريم, حامد الهيتي, حسين السكاف, جاسم عاصي. عاصم عبد الأمير,د.جواد الزيدي,مالك مسلماوي,حسين صالح مهدي كتب السيرة الذاتية للفنان, جاء الكتاب بإخراج ممتاز والوان مختارة من حاضنة اللوعة التي عاشها الفنان **************

السبت، 24 أبريل 2021

لوحة ونص-غالب المسعودي-اسعى الى عينيك


 

أسعى الى عينيك معتمرا

سعي حجيج مسه هبل

وادور على الشفتين

سبعا اقبلها

 واصرخ من نياط القلب

لبيك ياقبل

والثم النهدين

كضرع ضمرز

 تضرع بالطيب

لهاجها غزل

تنتابني رعشة

تبرد العين اطير

كنسر

يأثفه جبل

تقطر الشهد من مبسمها

عسل مسكوب

اباريق نوقها فحل

طوبى لمن حملت نورالهدى

عز الدلال ضوعاها ثمل

 واني وتاء اللات

 لن أنكر محبتها

وان حاصرتني

سبسب سلل

لكن دمع العين

جمرا يهدهدني

ويهوى من جاورت زحل

                

                                   د.غالب المسعودي