تشكيل ... العدد 13
لا قبل صدور مجلة "فنون عربية" ـ وقد
صدرت عن دار واسط للنشر في لندن عام 1981ـ ولا بعدها، ظهر مطبوع باللغة العربية
تكاملت فيه شروط الإبداع، عني بالقضايا الجمالية للفنون الجميلة. ولكن هذا لم يشكل عقبة عن وجود نشرات، ومجلات،
ودوريات تعنى بالثقافة البصرية، وتقنياتها، وبمدارسها الإبداعية المعاصرة، أو
بتاريخها العريق، في بغداد، منذ مجلة "الرواق" وبأعدادها الـ 14
الصادرة، وثمة نشرة ورقية صدرت خلال سنوات الحصار، وأخرى طباعة يدوية حملت عنوان
"تشكيل" عام 1978، ولعام واحد، عن نقابة الفنانين العراقيين.
قبل ست سنوات صدر العدد الأول من
مجلة "تشكيل" عن دائرة الفنون التشكيلية، في وزارة الثقافة، لتعنى بالفن
التشكيلي العراقي والعالمي ـ بحسب إشارة وضعت في الصفحة الأولى من المجلة .
والمفارقة هنا ان ازدهار التشكيل في العراق، منذ خمسينيات القرن الماضي، لم ترافقه
إصدارات تعنى به، كوجود مجلة متخصصة، مثلا ً، إلا بحدود ضيقة، مما سبب بضياع
وإهمال آلاف النصوص الفنية، ومئات التجارب، والنشاطات الإبداعية، حتى باتت غائبة،
أو بحكم المندرسة. وكان لتدمير مراكز الفنون والثقافة، بعد الاحتلال 2003، بمثابة
كارثة، أو نكبة، أسهمت ببعثرة ذاكرة قرن كانت مخزونة في المتاحف، أو معروضة في
صالات العرض.
ليأتي حضور مجلة
"تشكيل"، بعد انحسار النشاطات البصرية، والفنية، وبعد مغادرة مئات
الفنانين البلاد، وتقلص عدد قاعات العرض، وتراجع المعارض الجماعية، والشخصية، إزاء
ازدهار تقنيات العنف، بمختلف تنويعاته، ودوره في الحد من الإبداع، وتقليص مساحة
الحركة الإبداعيةـ لتأتي مجلة "تشكيل" ـ والحق يقال ـ بجهد الفنان
والكاتب في حقل الفنون البصرية صلاح عباس، وبدعم من دائرة الفنون التشكيلية،
كعلامة نادرة وسط رماد سنوات المحنة، والخراب، علامة تعيد الحياة للذاكرة جهود
إبداعية ميزت التشكيل العراقي، ومنحته ريادته، وحداثته، في التشكيل العربي الحديث.
العدد الجديد، برقم 13، يأتي مكملا ً لمنهج المجلة، في نشر الدراسات، والترجمات، ومتابعة
النشاطات، عراقيا ً وعربيا ً وعالميا. على ان المجلة تلفت النظر إلى نشاط أول، وهو
ملتقى بغداد العالمي للفنون التشكيلية، الذي حرص الدكتور جمال العتابي ان يكون
علامة ضوء جمالية، للفنون، وسط دخان
الإرهاب وعبثه باسط قيم البشر، والحضارات. جمال العتابي ـ مدير عام دائرة الفنون
التشكيلية والمشرف العام على المجلةـ حرص بنجاح هذا النشاط، حيث وجهت الدعوة إلى
مئات المعنيين بالفنون، وبإقامة سلسلة من المعارض، والندوات، والحوارات، والاطلاع
على بغداد وهي مازالت تحمل شعار: بغداد عاصمة للثقافة العربية.
تضمن العدد، دراسات اهتمت
بالتجارب العراقية، منها: شداد عبد القهار .. نصوص التراب والغواية لعادل كامل. جوزيف بويز ــ لعمار
سلمان داود. إناء الفخار.. تركيب الخطاب التشكيلي للدكتور زهير صاحب. منحوتات علي رسن ..لخضير الزيدي. الدلالات
الرمزية في أعمال أكرم ناجي الخزفية لمؤيد داود البصام. وكتب عبد الأمير الخطيب
عن: المتحف الحديث، واستذكرت الفنانة عشتار جميل ذكرياتها عن الزمن الجميل وع
والدها الرائد جميل حمودي. ويكتب خالد خضير ألصالحي تأملاته في الفوتوغراف العراقي
ـ حول تجربة ناظم رمزي وتجارب أخرى. ودراسات أخرى لـ: علي إبراهيم الدليمي حول
مجسمات مازن إيليا، والناقد الروائي جاسم عاصي يستذكر الرسام الراحل العراقي
الاسباني، فايق حسين. ويكتب د. عاصم عبد الأمير حول تجربة رافع الناصري: بين
الهندسة والشعرية. وموضوعات لخليل جليل، وليلى مراد سرحان، ود. ماضي حسن يكتب من
كندا حول بناءات صبيح كلش الفنية، والشاعر حسن عبد الحميد يتناول تجربة محمد مهر
الدين: تحليقات الذات بخواص وعيها الكوني. ويواصل د. برهان جبر حسون الإجابة على
سؤال: التجريد ...لماذا؟ ومقال حول محمد لقمان الخواجة لإبراهيم كمين الخفاجي،
ودراسة لرعد كريم عزيز حول فن محمد فهمي، وقراءة في أعمال الفنان صبري المالكي
لهاشم تايه، ودراسة للكاتب زهير الجبوري تناول فيها الجسد ومدركاته في أعمال نوري
الراوي، ودراسة للدكتور محمد الكناني حول تجربة الرسام كاظم نوير، ومتابعة فنية
لرنا القلمجي، وأخرى حول المصورة الفوتوغرافية آمال سالم، وندى عباس الرزنامجي،
ووقفة عند نص تشكيلي للأستاذ حافظ ألدروبي كتبه الخزاف سلام عطا صبري.
عدد حافل بالإبداع التشكيلي، وبتنوع وجهات النظر، وبالإخراج الفني الجميل،
حقا ً.