الاثنين، 17 مايو 2010

رسالة اخيرة-نص وتخطيطات دغالب المسعودي



كلمة ولكن ليست اخيرة

بابتسامة من عينيها تكتمل القصيدة
فكيف بي وسأذوق مر الفطام
اغار على رحيقك من كل ذكر
                       ارشادات ///////?
(لا تاكلي عرنوص ذرة او شجرا او عجل الحنطة او عجل الذهب وكلي دجاجا مشويا وعسل النحل)
ولو اني اعرف
                    حتى لو كنت في غابة الهة لن تبدلي ذرة من حبي
بالاء كبيرهم
                          (اللهم امبن)
فاذكريني كلما احمر الشفق..........فهو نثار من دمي
واذكريني كلما انً ناي في سهر
واذكريني كلما داعبت نسمة اوراق الشجر
واذكريني كلما قبلت وجنيتك حبات المطر
انت كالروح  صنوان
 عين ونظر
                                                               
                                                    د غالب المسعودي

الجمعة، 14 مايو 2010

لطيف بربن سلطان الظرفاء-القسم الثاني-بقلم حامد كعيد الجبوري




لطيف بربن سلطان الظرفاء / القسم الثاني







محطة السجن :



والمحطة الرئيسية بحياة هذا الرجل هي السجن ، وكما قلنا أودع التوقيف للاستفسار فقط ، وهذا الاستفسار أمتد لسنة وستة أشهر ، وهناك في السجن حوّل أيام سجن رفاقه لسفرة لا تمل ، فلطيف بربن هو المغني ويمتلك آلة موسيقية لا يملكها سواه ، يضع مسبحته وسط إناء معدني ويبدأ يطرق على أطرافها فتخرج أصواتا متناسقة مع ما يغني ، وإن ملوا من الغناء تحولوا للشعر والمطاردات الشعرية ، وأن ضجروا منه تحولوا لصناعة الحقائب النسائية التي تحاك من خيوط (التيرة) – الذي تستخدمه النساء لتنظيف وجوههن من الشعر غير المرغوب فيه (الحفافه) – و (النمنم) ، يقول لطيف كنا نصنع الحقائب ومحافظ النقود ( الجوزدانات) وفق خريطة معينة ، وكنا نقتسم العمل بيننا أحدنا يلظم والأخر يطبق خريطته التي يعمل بموجبها فتسمع الترديد فيما بيننا أحمر ، أصفر ، أبيض ، وهكذا ، ويعني هذه الألوان (للنمنم ) ، ويقول لطيف بربن بهذه الطريقة مارسنا عملا وكنت أبعث لعائلتي ما أجنيه من عملي وكان يسد حاجة الكفاف لديهم ، يقول أبو ياسين عن أيامه وأيام رفاقه داخل سجن الحلة ، في اليوم الأول والعدد لا يمكن إحصاءه جاء لنا شرطي برتبة رئيس عرفاء وقال من هو ال (سرهنك) فيكم ؟ ، قلنا له ماهو (السرهنك) ؟ ، أجابنا (أنجبوا متعرفون السرهنك) ، يقول أبو ياسين قلت له (والله ريس عرفاء السرهنك لسه ما لزموه) ؟ قال رئيس العرفاء (بابا السرهنك هذا واحد من عدكم أنتو تنتخبوه يمثلكم ويجيب الأوامر من الضابط) ، أنتخبنا رفيق لنا لأداء المهمة وهو الشيوعي (عبد اليمه هادي أبو نصار) ، وسبب اختيارنا له أنه نائب ضابط في الجيش إضافة لكونه مسؤل التنظيم العسكري في محافظة بابل ورياضي نشط وأداري جيد ، تعودنا على مفردات لا نعرف معنى لها ولربما هي مفردات تركية أو فارسية ومنها مفردة (كانه) ، ونستمع لهذه المفردة أكثر من أي مفردة أخرى ، ف (كانه) للتعداد الصباحي وأخرى لطعام الفطور وأخرى لطعام الغداء وللعشاء ، والطامة الكبرى الذهاب الى المرافق الصحية ، أن صحت تسمية الصحية عليها ، مرافق واحدة وتعدادنا يتجاوز (300) موقوف مع ملاحظة أن الوقت الكلي لا يتجاوز الساعة، ويقول أبو ياسين بهذا الباب كان الواحد منا (يلزم سره ) للوصول لقضاء حاجته وطرقات الباب من الآخرين تستعجله بقضاء هذه الحاجة ، والمرافق الصحية – أوكد الصحية – مغلقة المجارى ومع ذلك نستخدمها إذ لا خيار لنا غيره ، ولهذا الحال أرخته بقصيدة وأعتذر أنا (حامد كعيد الجبوري) وأنقل اعتذار (لطيف إبراهيم بربن) لكل قارئ عما يرد بقصيدة (أبو ياسين) من مفردات أردت أن أثبتها لتوثيق حياة الوطنيون الأحرار ، وتقع القصيدة بحوالي (250) قفل ضاع أغلبها وحفظ يسيرا منها الراحل (جعفر هجول) يقول فيها الشاعر (لطيف بربن)



ألف آه من السره والكانه



.............



الف آه من السره لمن تجيك



بطنك أتطورد ومكسور الأبريك



تلكه ميه واكفه تتنه البريك 1



والسره يوصل لعد عنانه2



.............



إشلون شوغه لو ردت تنكل إبريج



أمن الظهر تلزم سره الصيحة الديج



أتكوم بطنك تربد وإلها صريج



أتشوف كلمن حاير أبز.... بانه



...............



الدايره وكت الحجي تزمط زمط



أتكول خوش أمخضر إلكم دانحط



أخيار تازه الوحده كيلو ونص ضبط



ومن تعضها جنها بيذنجانه



................



من يجينه الليل تتلملم أهموم



إنام مانكدر ولا نكدر نكوم



إيصفطونه مثل تصفيط الهدوم



ولو تحرك شخص راح إمجانه



..............



من تدك الشيلمانه للحساب



أنكوم مسطر بالشمس ساعة عذاب



يجي (جمعه)* ويجي (عبد الله )* الشباب



و(أبو ناظم)* بالصفير إسبانه



**************



1 : البريك / أبريق ، 2 : عنانه / قرية من قرى بابل ، * (جمعه ، عبد الله ، أبو ناظم) سجانون



والقصيدة طويلة وهذا ما أثبتناه منها ، وطرائف السجن كثيرة لا تحصى ، يقول (لطيف بربن) شاء القدر أن ينقلب (عبد السلام محمد عارف) على البعث صبيحة 18 تشرين 1963 م وجاء من كان يستجوبني ويدخلوه نفس زنزانتي ، قال لي يوم ماكان يحقق معي ويعذبني بشتى انواع العذاب وهو من احد أقربائه ولست بصدد ذكر إسمه ، (أسمع لطيف اليوم لا علاقة لي بك وإنما هي مسألة مبدأ) ، وحينما رأيته بزنزانتي بعد 18 تشرين قمت له وتنازلت له عن فراشي - (يطغي) – ومكاني وقلت له (إسمع ..... اليوم لي علاقة وطيدة بك وهي مسألة مبدأ أيضا) ، وشتان بين الموقفين ، وتستمر مقالب ( لطيف بربن ) مع رفاقه وزملائه السجناء ويقول ، كان واحد منا – النزلاء - نهم جدا ويحب أكل الحلويات وكانت عائلته تأتيه بما يشتهي فيأكله لوحده ويقاسمنا ما تأتي به عوائلنا الفقيرة ، مرة قلنا له سوف لن نشركك في ما يأتينا وهذا سببه أنت ولسنا نحن ، يقول (لطيف) أخذت (صابونة) وقطعتها بما يشبه حلوى (من السما) ، ووضعت كمية من الطحين والسكر عليه ووضعته بعلبة حلويات وأخفيته تحت وسادتي ، في الجلسة المسائية وزعت (من السما) حقيقي على السجناء إلا صاحبنا البخيل ، طالب الرجل – البخيل - لنفسه بقطعة منها ولم أعطه مكررا عليه حديث الصباح إياه ، قال لي (والله إذا جابولي أهلي شي جديد أوزعه بينكم) ، قال له (لطيف) أن كنت صادقا فأخرج لنا من (الكيك والكليجة شيئا) ، قال إنها لا تكفي ، وانتهت الحادثة بعد أن أوعده صديق لنا أنه سيسرق قطعة من (من السما) ويعطيها له ليلاً ، قال له البخيل (إمروتك أثنين) ، أجابه صاحبنا المدسوس من قبلنا (من أعيوني) ، أطفأ مصباح (القاووش) وتظاهر الكثير منا بالنوم وبدأ الشخير وتحرك صاحبنا ليسرق قطعتين للبخيل وأعطاها إياه فأودعهما فمه ، بعد لحظات سمعنا صوت سعال و(شرقه بالبلعوم) ، نهض أحدنا وأضاء النور فوجدنا صاحبنا (حلكه إموغف من الصابون) وهو يلعننا جميعا وأقسم أنه سيشكوننا للضابط يوم غد ، وكما قلنا دام هذا الاستفسار سنة ونصف ولم يطلق سراحه إلا بعد أن أحيل لما يسمى محكمة العرفي وحكم لمدة ستة أشهر مع إيقاف التنفيذ ، أما ال( سرهنك) عبد اليمه أبو نصار فهتف داخل قفص الإتهام لصالح الشيوعية وأنصارها ومؤيدوها وأتهم الحاكم وزمرته بالخيانة وحكم عليه بخمسة عشر سنة ، وستكون محطتنا اللاحقة عن هذا الرجل – عبد اليمه هادي - أن أمد الله بعمرنا وعمره .



العمل الذي مارسه ( لطيف بربن) .



..............................................



وعودة للعمل الذي كان يمارسه (لطيف بربن) بدكانه – دكان ابيه - الذي يبيع به التبغ (التتن) يقول ، جاءني أحد الأعراب وقال لي أريد (تتن حار) ، و(لطيف) يعرف كيف يتعامل مع مثل هؤلاء ، والتبغ ثلاثة أصناف وهي البارد والوسط والحار ، قال الإعرابي أريد (تتن حار عمي) ، عملت له سيكارة من التبغ البارد وأعطيتها له ، دخن جزءا منها وقال (عمي شويه أحر) ، قال له (من عيني) ، وعمل له سيكارة من التبغ الوسط فدخنها وقال (بعد أشويه أحر) ، عمل له السيكارة الأخيرة من التبغ الحار فقال الإعرابي (لو بعد أشويه أحر أكعد وزن) ، قال له (أبو ياسين) (بسيطة والله راح أنطيك تتن ما شاربه أبعمرك) ، عمل له سيكارة من التبغ الحار وأضاف لها قليلاً من التوابل – أبهارات - وبدأ الإعرابي بتدخينها ، أخذ النفس الأول وفي النفس الثاني سعل سعلة قوية أحدث – دلالة خروج الريح منه – الرجل الإعرابي بسببها ومع ذلك قال ل (لطيف) ، (والله عمي هذا التتن حار كلش ولو ألكي بعد أحر منه جان أخذت منك ربع تتن ودفتر لف ) ، قال له ( لطيف) بعد أن دخن الإعرابي أربعة سكائر (بلاش) ، (هذا أعله تتن عندي أسمه تتن أبو ضر...) ،وذهب الإعرابي دون ان يتبضع شيئا و( أنضرب بوري) أبو ياسين ، بعد ان أصبح هذا الدكان لا يفي متطلبات ( لطيف) المعاشية أفتتح له محلا لبع الأخشاب قرب محافظة بابل ، وكان الرجل يجلب هذه الأخشاب من بغداد على طريقة التصريف بعد أن يدفع جزءا يسيرا من ثمن هذه الأخشاب – غرف نوم ، أسرة خشبية ، تخم قنفات ، وغيرها – يقول ابو ياسين أن هذه الأخشاب لم تكن من الدرجة الأولى فهي (سوكية) ، وكان المتبضع يدفع مبلغها بطريقة التقسيط المريح ، وبما انها غير جيدة الصناعة فلا تصمد طويلا ، وكثيرا ماكنت أخسر لعدم موافقة الزبون على الدفع ( لو تنكسر الجرباية من كثرة ..... ، لو ينكسر باب الكنتور وهكذا) ، غادر (لطيف هذه المهنة) وحول محله لبيع ( البايات ، الدرج) ، يقول ابو ياسين كان محافظ بابل عام 1969 م هاشم قدوري ، إنتبه المحافظ لهذا المحل الجميل واستوقفته (أزبال قرب المحل) وقال للطيف بربن ، لماذا هذه الأوساخ بباحة محلك ؟ ، أراد لطيف بربن إجابته أنها مسؤولية البلدية ولا علاقة لي بذلك فقاطعه المحافظ قائلاً ( أسكت خل أكل خ.... ه) ،أجابه لطيف بسرعة بديهيته المعهودة (أتفضل أستاذ) ، أنتبه المحافظ لذلك وأبتسم ابتسامة صفراء وقال له ، ألم يكن المحل هذا قبل يومين لبيع الأخشاب ؟ ، أجابه لطيف ( أستاذ الخشب خفيف والناس كالتلي أخذ ثكل وما كو أثكل من البايات) ، ولكوننا بصدد ( هاشم قدوري) محافظ بابل فهناك طرفة لا يمكن أن نمر دون ذكرها وهي ، أشترى ( لطيف بربن) سيارة نوع ( نصر) وتعلم قيادة السيارة عام 1969 م ، وفي هذه السنة وضعت دائرة المرور ولأول مرة ( الترفك لايت) في ساحة باب الحسين ، صادف أن محافظ بابل وهو يقود سيارته الشخصية نوع ( فولفو خاكي) بلا حرس أو حماية او سائق وهو واقف بسيارته ينتظر فتح الإشارة ، في هذه الأثناء جاء لطيف بربن بسيارته ال( نصر) ولم يتوقف تلبية للإشارة لأنها كانت برتقالي وهكذا أعتبر مخالفا ، لم يتوقف لطيف لصفارة شرطي المرور التي سمعها المحافظ فقرر المحافظ مطاردة (لطيف) ، أنتبه (لطيف) لسيارة المحافظ ال(فولفو) وهو يعرفه تمام المعرفة ، لم يستطع المحافظ اللحاق بلطيف إلا خارج حدود المدينة بحوالي عشرة أميال ، سبقت السيارة ال (فولفو) سيارة ال (نصر) وأومأ المحافظ للطيف بالتوقف والنزول قرب آثار بابل التاريخية ، لم يكترث لطيف للمحافظ ونزل من سيارته صارخاً بوجه المحافظ ( اسمع زين أنت لا حكني ليش ، وشنو علاقتك ، والله اكو عدنا محافظ خوش أدمي يشك حلكك وحلك الخلفوك ، ما تستحي لا حكني ) ، تهللت أسارير المحافظ لهذا الإطراء وأنتفخت ....... وقال له ببرود ، أنت تعرف المحافظ ؟ ، أجابه أبو ياسين بحدة ( أكو واحد بالحلة مايعرف هاشم قدوري المحافظ الشاغول) ، ضحك هاشم قدوري وقال ل (لطيف) أنا هاشم قدوري ، أزداد (لطيف) صراخا وقال له وهو يهز يده اليمنى ( والله بلوه أدوره أيسوي نفسه المحافظ لعد وين الحماية والماطور سكل والطيط طيط – اشارة لهورن السيارة ولكنه يقصد شئ أخر -) ، أقسم هاشم قدوري ل (لطيف) أنه المحافظ وأنه لم يجلب معه الحماية ولم يستخدم سيارته الحكومية هذا اليوم وقال ل (لطيف) (باجر مرلي بالدائرة لتعرف من أنا وبعد لتضرب الإشارة) ، قال له لطيف أن غدا لناظره قريب ، في اليوم التالي ذهب (لطيف) الى المحافظة وأصبح من معارف المحافظ ،وعودة للأعمال التي مارسها لطيف بربن وهي كثيرة ( محل تصليح صالنصات ، مطعم لبيع الكباب ) وأخيرا مارس مهنة المزادات الحكومية التي تبيع المخلفات للدوائر ، كل هذه الأعمال مارسها لطيف بربن بأمانة متناهية جداً .



طرف متفرقة



.............



للطيف بربن علاقات واسعة ومتوازنة مع مختلف شرائح المجتمع ولمجتمع الأطباء له معهم أكثر من طرفة ، كان الجراح المشهور الدكتور يوسف شمس علي على علاقة جيدة مع لطيف بربن ، في أحد الأيام أصيب لطيف بداء (البواسير) ذهب لصاحبه الدكتور يوسف شمس علي وعرض نفسه له ، أجابه الدكتور أنه بحاجة لعملية جراحية ووافق عليها ، في صباح يوم العملية ولطيف مسجى على ( السدية) وبدأ الدكتور بملاطفته قائلاً ، ( اليوم ابو ياسين أنت حصتي ، راح أشوف كلشي منك) ،تركه لطيف يتحدث هكذا ولم يعره إهتماما يذكر ، وبدأ الممرضون واللممرضات يضحكن من نكات الدكتور ، أبتسم لطيف وهو يحادث الدكتور ، ( إمروتك دكتور لتضحك ، وتضحك ربعك وياك ، أخاف تنساني ومدري شتسويلي بالعملية ، أرجوك إعصر مخك أبط ...زي) ، ضحك الجميع إلا الدكتور الذي أصبح فريسته ، ومرة ذهب (لطيف) الى دكتور الأسنان عبد المنعم الشاوي شاكيا ضرسا له وهو صديق أيضا ل (لطيف) ، قال له الدكتور مازحاً ، ما أسمك يا لطيف ؟ أجابه لطيف ببديهيته أسمي ( لطيف الحساوي) ، قال له ما هذا (الحساوي) ، أجابه لطيف ، (دكتور البغال أشكال منهن الحساوي ومنهن الشاوي ) – أعتذر مجددا عن ذكر هذه المفردات التي قد تسئ لأحد ، لكنها الحقيقة وللحقيقة فقط - ،ومرة أصيب لطيف بجلطة قلبية فقررت – انا - الذهاب لعيادته في مستشفى الحلة الجمهوري وكان طبيبه الخاص الدكتور محمد المهنه ، وكان الدكتور يحدث لطيف بنصائح طبية لحالته وهما يسيران في الممر ، ولأن الدكتور قد أوصى بخروجه من المستشفى ، وحين وقعت عينا لطيف علي قال للدكتور وهو ينظر لي ، ( دكتور من رخصتك فشله أجه أبو طيف أيشوفني خل أرجع وأنامله شويه بالفراش خو موأيشوفني كلشي مابيه عيب ) ، ضحك الطبيب وهو يقول للطيف ، أولا عليك أن تمتنع عن الكلام ، أجابه لطيف ( سأمتنع بعد أن أكمل حديثي وياكم كلكم) ، وعليك الإمتناع عن التدخين وتمتنع عن الخمرة وأن سمحت لك بالخمرة فلا أسمح لك إلا (بيك ويسكي فقط) ، أجابه لطيف ، (بالله مو عيب هل الطول وهل العرض أوكف إكبال الله على بيك ويسكي ، شنو أمخبل أني ، عمي دروح لازم أوكف أكباله على بطل صندوك حتى يسوه الحساب ويايه) .



ومطعم الكباب الذي أفتتحه لطيف أصبح ملجأ لكل أحبابه وأصدقاءه ، دخل لهذا المطعم ليلاً قبل إغلاقه بقليل صديقان له ، وبعد أن تناولا عشاءهما سألا لطيف أن كانت في المطعم مرافق صحية لقضاء حاجتهما ولما علما من لطيف أن المطعم يخلو منها – المرافق – ( تبولا) في المغسلة ورآهما لطيف وحين انتهائهما من التبول سألا لطيف عن المطعم وعمله وما يدر من ربح عليه ، أجابهما لطيف ( والله المطعم رحمه من الله ، بس طهارة ماكو وتدرون بوله بولتين أبوجه الصديق متضيع) ، وهكذا عبر عن استنكاره لهذه الفعلة منهم بهذه الطرفة .



ومرة دخل لطيف مع صديق له لسينما الجمهورية ببابل وكانت تعرض فيلم (ستوته) وبالطبع هذا الفيلم أخذ صدى واسعا حينها ، يقول لطيف كان أحد رواد السينما وهو جالس أمامنا قد خرج لتوه من الحلاق ورقبته طويلة فقال له صاحبه ، ( أبو ياسين أتشوف هذا الكاعد جدامنه ) ، قال له لطيف ماله ، يقول لطيف أجابني ، ( خويه دشوف ركبته أتشهي العليل) ، أجابه لطيف وما علاقة ذلك ، قال صاحب لطيف ( والله راح أضربه محمودي وأنعل أبو أبوه) ، قال له لطيف (عمي شو بطل هذا إذا إيضربك جلاقة إيشك ...) ، قال له صاحبه ( أضربه لو أيصير أبن الملك) ، يقول لطيف بصق صاحبي بيديه ورفع يده اليمنى عالياً وضرب الرجل على قفاه فصعقه وخرج صوت من قفاه سمعه كل الجالسون حولنا ، نهض الرجل ليعرف ما سبب ذلك وهو يردد ( أخ بويه ركبتي) ، فقال له صاحبي ( العفو والله عبالي سلمان صديقي والله العظيم ركبته تشبه ركبتك) ، قبل الرجل هذا العذر الواهي وجلس بعد أن ( جغدت علباته) وحول نفسه لكرسي أخر ، بعد لحظة وجيزه قال صاحب لطيف للطيف ، سأضربه مرة ثانية فقال له لطيف ،( يابه دعوفه أشجلبت عمي خاف شايل خنجر قامه ) ، قال صاحب لطيف (هذا لو بيه زود جان ماقبل عالضربه من اول مره) ، أنتقل صاحب لطيف الى الكرسي الذي يقع خلف غريمه وعاد الكرة بمثلها وبشدة أكثر وقال مخاطبا الرجل المصفوع ( كلب أبن الكلب سلمان أنت كاعد إهنانه وأني أضرب العالم راشديات) ، أجاب الرجل مخاطبا صاحب لطيف ( أنعل أبوك لا بو سلمان لا بو اللي طببني للسينما اليوم) وغادر دارالسينما قبل عرض الفيلم .



يقول أبو ياسين أن أحدهم كان يستعمل الحمير جنسياً وفي أحد الأيام شاهد حمارة وكأنها (فلعة كمر) فدخلت قلبه ، أراد أن يستدرجها لإحد البساتين فهربت منه وتبعها ، دخلت الحمارة أحدى البساتين وكاد أن يمسك بها فشاهد إمرأة جميلة مستلقية على (حصير) وهي نائمة وثعبان يقف على رأسها لينهشها ، ثارت حمية هذا الرجل لنجدة المراة ولكن سيخسر غنيمته الجميلة ، خلع حذائه وقرر أن يرميه صوب الثعبان فأن أصابه خيرا فعل وأن أخطأه فسيهرب الثعبان حتما ، نفذ خطته وكاد ان يصيب الثعبان فهرب ، جلست الحسناء لصوت سقوط الحذاء فرأت هذا الرجل على رأسها ورأت الثعبان الهارب وقالت له ، أنا أشكرك جدا وهي حاضرة لما يريد ويأمر ، أجابها الرجل ( هاي المطية هواي تعبتني كومي لزميها بعد مابيه حيل ألحكها) .



يقول لطيف كانت عائلة معدمة متكونة من أم وأب وولدان ، الولد الصغير عمره (22) سنه ، قال لإمه (يمه أريد أتزوج) ، أجابته الأم ( ولك أمصخم أمنين أجيبلك فلوس زواج أشو أحنه أبطرك الدشاديش) ، أجابها لا علاقة لي بذلك ( والله أسويه عليكم عزه إذا ما أتزوج) ، قالت له أمه ( يمه السره لخوك بالزواج وهو أكبر منك ) ، أجابها ( إذا هو ميريد يتزوج شعليه بيه) ، تحركت الأم صوب أقاربها لتجمع له (سياك الزواج) ، إقترضت المبلغ (إبشلعان الكلب) ، وكانت لهم جارة فقيرة كحالهم ووافق أهلها على تزويجها لخاطبها ، وبدأت مراسيم الإعداد للزواج ، سأل الأب زوجته (بشري أتدبرت الشغله) ، أجابته ( الحمد لله بقت بس الدشداشه واللباس للعريس) ، قال الأخ الأكبر ( يمه هاي دشداشتي لخويه هدية زواجه) ، ونطق العريس قائلا (واللباس عليه بعد أشتردين خو فضت القضية) ، وصنعة العريس (يفتر بالعكود يشتري عتيك للبيع) ، وكانت الحكومه آنذاك توزع السكر والطحين بأكياس نسيجيه (بازه) ، أختار العريس أحد الأكياس النظيفة غير ألممزقه وصنع منها (إلباس) ، يوم الزواج أدخل العريس على زوجته وسط زغاريد النسوة وتصفيق الأقارب ، بعد فترة وجيزه صاح العريس بصوت عالي ( يمه لحكيلي ماتت العروس) ، دخلت الأم على زوجة إبنها وهي تقول (ولك أمصخم أسويتلها) ، أجاب العريس (والله يمه كلشي ما سويت) ،وبدأت الأم بضرب العروس على خدودها لتستفيق وهي تردد (يمه شكريه أشبيج) ، وطلبت قدح ماء رشته على وجه العروس فاستفاقت ، قالت الأم للزوجة ( يمه سوالج شي) ، أجابت ( لا والله يمه كلشي ما سوالي الرجال) ، قالت لها الأم (لعد إشبيج) ، أجابت المسكينه ( دخل للغرفه سعدون وسد باب الغرفه ونزع إعكاله ونزع دشداشته وشفت مكتوب على إلباسه الوزن الصافي خمسين كيلو ، كلت ويه نفسي اليوم موتج يشكريه إذا الوزن الصافي خمسين كيلو لعد الخابط ويه الخ......اوي أشكد) .



ولطيف بربن له طرف ونكات لجميع شرائح المجتمع ، يقول أبو ياسين أن رأيت شخصا يركب دراجة هوائية – بايسكل – وهو يرتدي قاط ورباط ويعلق على مقود دراجته ( علاكه خوص) فتأكد أن صاحب الدراجة معلم .



في الأعياد – عيد رمضان وعيد الحج – والناس كما يقال ( على كد حالهم ) ، ولطيف بربن يرتدي العقال والكوفية أستمع لأهزوجة يرددها الصبيان وهي تقول ( أبو أعكال بطنه قبض دينار حاصر طي....ه) ،أخذت الحمية بلطيف بربن كرامة لعقاله المهان وقال لمن يعرفهم من هؤلاء الأطفال بعد أن أخرج لهم ( عيديتهم ) وقال لهم ، ( هاي الهوسة مو حلوه راح أعلمكم وحده واللي يحفظها كبل صاحبه إله عشر فلوس مني هديه ) ، تسابق الأطفال بحفظ أهزوجتهم الجديدة وماهي إلا دقائق حتى أصبحت أهزوجة الصبية الأثيرة وتقول ( يبو إعكال لتهتم تره الأفندي قندره) .



ترافقا رجلا دين مدعيان – كيومنا هذا – ليوعظا القرويين ، أحدهما مرض مرض شديدا وقال لصاحبه ، ( أمروتك شيخ كمل محاضراتي ) ، وافق الآخر على أن يقتسم مع صاحبه نصف الأجرة المققره وإلا فسيخسر ما جعل له من مال ، قال (المومن ) المكلف بالإكمال ، ( لي وين أوصلت وياهم) ، أجابه بأنه بصدد سورة ابو لهب ، قال صاحبه أنا لا أحفظ هذه السورة ، أجابه لا ضير عليك فأنا سأجلس قريبا منك ، في الموعد المقرر بدأ ( المومن) يتلو السورة وقال ، ( تيت يدا أبي لهب وتب ، ما أغنى عنه ماله وما كسب ، وأمرأته حمالة الحطب ، في يدها ) ، أشار له ال ( مومن) المريض فعرف أنه على خطأ فقال ، ( في رجلها) ، تكررت الإشارة مرة ثانية فقال ، ( في خصرها) ، وتكررت الإشارة عينها ، قال ال( مومن) المحاضر لل (مومن) الجالس ، ( هاك أخذ بيدك الحبل وين متحطه حطه كافي أنعلت أبو أبويه) .



الطرف السياسيه



أيام حكم عبد الرحمن عارف للعراق وحصول البحبوحة من الحرية تقريبا كان نادي الموظفين في بابل والذي يقع مقابل دائرة الأمن في الصوب الصغير للحلة المحروسة ، يرتاده ليلاً الموظفون وأصدقائهم ، وبما أن لطيف بربن يحضر مع أصدقاءه ضيف شرف على الجميع وكانت تمارس في النادي (لعبة الدنبله) يقود مجرياتها لطيف بربن مكلفا من الجميع لأداء هذه المهمة لأنه يتحدث بطرفه أثناء سير اللعبه ، كان البعثيون متحلقين فيما بينهم ، والشيوعيون كذلك ، وكما قلنا أن للطيف بربن علاقة متوازنة مع الجميع ، في تلك الفترة صدر كتاب (مذهب ذوو العاهات) لعباس محمد العقاد ، ووصل بيد البعثيون وهم يتحدثون به كثيرا لأنه يتناول الحزب الشيوعي ، في هذه اللحظة دخل للنادي لطيف بربن فأستقبله الجميع بحرارة ، دعاه البعثيون للجلوس معهم وهم ( عبد الوهاب كريم رمضان) عضو القيادة القطرية الذي أغتاله صدام حسين بحادثة سيارة مفتعل ، و (حبيب جاسم) عضو القيادة القطرية والذي أغتاله صدام أيضا وبحادثة سيارة ، و ( عامر الدجيلي واخوه صلاح ) عضوا قيادة شعبة بابل وأغتال صدام عامر الدجيلي أيضا بحادثة سيارة مع حبيب جاسم ، و(سلام علي السلطان) مدير عام دائرة السينما والمسرح عام 1969 م ، جلس لطيف بربن معهم وقالوا له وكأنهم يمزحون ، ألم تقرأ يا لطيف كتاب العقاد حولكم وأسماكم ذوي العاهات ، ضحك لطيف بربن ضحكة هزت النادي أجمعه وشخصت له أبصار الجميع ، قال لهم ، إن العقاد لمجنون لأنه لم يركم ولو كان رآكم لغير رأيه بالحال ،( عمي أنتو البعثيين أصحاب العاهات ودليلي هذا ، وهاب أعور وهذا حبيب الأسود وهذا صلاحالأعرج وهذا سلام الأقجم منو أصحاب العاهات إحنه لو أنتو) ، وترك مجلسهم وعاد لمجالسة رفاقه الشيوعيين ، وبالمناسبة أقول لمن لا يعرف هؤلاء ، ف(وهاب كريم ) كريم العين حقيقة ، وحبيب جاسم عبد أسود وهذا ليس بضير ، وصلاح الدجيلي به عرج طفولي ، وسلام علي سلطان مبتورة أرنبة أنفه ، قال لأصحابه وهاب كريم - بعد قيام لطيف بربن عنهم ، ألم أنهكم عن التعرض للطيف بربن لأنكم لا تستطيعون مجاراته بإي شئ .



بعد التأميم حدث نقص حاد في مخزون البيوتات العراقية من المواد الغذائية بشكل ملحوظ ، يقول لطيف بربن اشتريت سمكة كبيرة جدا يصل وزنها حوالي ستة كيلو غرامات ، أخذتها لأم ياسين وقلت لها ( أم ياسين بروح أبوج سويلنه منها مركة سمج ومطبك سمج وقسم إشويه وقسم كليه والثرب حمسيه) ، وبعد أن أوصى زوجته بما يشتهي عاد لمحله ، ساعة الغداء ، يقول لطيف بربن لم أخذ تكسي للذهاب لداري بل ذهبت سيرا على الأقدام لكي أجوع أكثر ، وصلت الدار ووجدت السمكة على حالها فقلت لأم ياسين (بويه شو هاي السمجه بعدها) ، قالت الزوجه ( والله أبو ياسين ماعدنه ملح رحت للجيران وكالو ماعدنه رحت للوكيل وكال ماعدنه كلي شسوي) ، يقول لطيف أخذت السمكه بيدي وأستأجرت تكسي وذهبت لشط الحلة ورميت السمكه بالنهر وعدت لداري ثانية، في اليوم الثاني وأنا أمر بجنب النهر خرجت لي السمكه وهي تردد (عشت يا بعث يا صانع الثوره) ، كنت مع أبو ياسين بتلك الليلة وهو يتحدث بهذه الطرفة أمام جاسم هجول عضو قيادة فرع بابل ، وكان جهاز التسجيل يسجل للطيف هذه الطرفة ولكي يضمن عدم الوشاية به لأحد قال مخاطبا عضو الفرع كي يسجل ( مو صحيح أبو رفعت) ، وكنية جاسم هجول أبو رفعت .



بداية الحرب العراقية الإيرانية لم يدعى لطيف للذهاب الى قواطع الجيش الشعبي لكبر سنه ، ولكن أمن بابل لم يتركوه هكذا ، مرة طرقت باب داره ودعاه شرطي الأمن للحضور للدائرة الأمن ، ذهب الرجل لها وهناك إستقبله أحد الضباط ببرود وقال له ، أنت لطيف بربن ، أجابه نعم ، قال له الضابط أنت شيوعي ؟ ، أجابه لطيف وهو واقف أمام الضابط ، ( عمي هذا حجي عتيك ) ، قال له الضابط لا تقل عمي فانت لست بعم لي وهذا إعتراف بشيوعيتك فمن هو مسؤلك ؟ ، أجاب لطيف (والله لو ميت أعز أولادي هم جان نسيته ، بويه هذا الحجي عمره اربعين سنه) ، قال له الضابط منعتك من قول عمي والان تقول لي ابي ماهذا ؟ ثم لماذا لا تنتظم بصفوف الحزب لحد الأن ؟ ، قال له لطيف (يا حزب) ، أجاب الضابط حزب البعث ( اكو غيره) ؟ ، أجابه لطيف أن غازي محسن عضو قيادة الفرع بعمري وأحيل الأن على منظمة المناظلين فهل توافقون أن أنتمي اليوم صباحا وأحال على هذه المنظمة مساءا ، عرف الضابط أن لا جدوى من ذلك وعرف خطأه إتجاه هذا الرجل الكبير فقال للطيف ، (عمي إذا تحتاج شي مر عليه) ، ضحك أبو ياسين وقال له ( شو كلت عمي وكبل شويه منعتني هسه منو العم اني أنت ) ، أجابه الضابط بل أنت عمي ( بس شسوي إذا أضبارتك يرادلها دولاب) ، واستكمالا لهذه الطرفة الحقيقية أقول ، بعد فشل الإنتفاضة العراقية الشريفة عام 1991 م ذهب لطيف بربن لذلك الضابط فرحب به كثيرا وأجلسه ، قال له لطيف (اخر مرة جيتك كلت اضبارتك أجبيرة يرادلها دولاب وحدها إجيت أسأل خو مو باكوها الغوغاء) ، أجابه الضابط ( شتسوي إذا إنباكت) ، قال له لطيف (أروح أشتكي بالمديرية عليكم ) ، ضحك الضابط وقال ، (ليش تشتكي عمي)، أجابه ابو ياسين (بويه هاي كل عمري بيها أشلون تنباك يعني اني بعد ما اعرف نفسي) ، قال له الضابط أن إضبارتك حرقت وهذا ماتريده أليس هكذا ، أجابه لطيف ( بروح ابوك بلكت أتدليني وين الكه النسخة الثانيه من عدها) ، ضحك الضابط وقال له إطمئن لا إضبارة لك الأن ، تنفس ابو ياسين الصعداء وقال للضابط ، (الحد لله) وخرج مسلما عليه.



علاقة لطيف بربن بشعراء عصره



للطيف بربن علاقات واسعة مع الشعراء الذين جايلوه ومنهم ( عبد الصاحب عبيد الحلي ، محمد علي بنيان الجبوري ، عبد الأمير الجبوري ، محمد علي القصاب ، حسين علي الناجي ، سيد رحيم العميدي) وغيرهم من شعراء الفصيح والعامية ، وأعز أصدقاءه اليه الشاعر الشيخ حسن العذاري الحلي ، وحسن العذاري ينظم الفصحى والشعبي ، ومن أجمل ما نظم حسن العذاري بهذا الفن هذه القصيدة التي كتبها خلال الخمسينات من القرن المنصرم ومنها ،



حوراء فاتنة الأعطاف زدت بها شوك وصرت ولهان لمن شقتها



ناديتها يامها عيناك قد كحلت كالت أبد والله ماكحلتها



سوداء كحلها الرحمن في قدر كتلها والوجنات ورده وإختها



قالت أما تختشي للورد تنسبني أكطع الورده وشوف ساعه وعفتها



ويقول أبو ياسين عن فن الملمع أنه يحفظ لأحدهم هذين البيتين



غادة كالورد تزهو كاعده إبسد الحنيه



نظرت عيني إليها لنها وحده أبريبصيه*



إبريبصيه : محتاله.



ولطيف بربن يكتب الشعر الفصيح أيضا ولكنه يكتبه على طريقته الخاصة ، قلت له يوما هل تحفظ ماتكتبه من شعر فصيح ، قال نعم وأنا أتحدى كبار الشعراء مجاراته أو حتى تفسير معناه وخذ مثلا



تقدمت نحوي تلف بذيلها فقلت هل غادر الخطاب ساماكي



ام أنك البحر الهطول أما ترى كل العيون فداء صار للجاكي



هي الحصان عليها خد فاتنة تثاوب النوم حتى في مسلاكي



قلت له مهذا الشعر الذي تقوله أبو ياسين ، قال لي (اني شمدريني بس هو شعر أذا أنت متفتهم معناه روح للمنجد) ، وبالمناسبة يقول لطيف كنت أتطارد مع رفاقي في السجن بمثل هذه الأبيات ولكنهم يعرفون أنها للطرفة .











الخاتمه



أكرر أعتذاري وأرجو مسامحتي عن الألفاظ التي لا هم لي بنشرها إلا لإيصال حقيقة هذا الرجل الكبير ، وحينما أقول الكبير فأنا أعنيها تماما فهو رجل عصامي كون ذاته بذاته ولم يحتج صديق أو أخ ، ولربما ساعد الكثير من رفاقه وأصدقاءه وأخوته بما يقدر عليه ، ولطيف بربن لم ينل حظه من الدراسة فهو خريج للخامس إبتدائي ، ومعلوم ان ثلاثينات القرن الماضي ويصل لهذا الصف فهو فتح كبير ، وكان الحزب الشيوعي العراقي مدرسته الأولى ومنه تعلم الكثير وقرئ الكثير وسافر لأغلب بلدان العالم شرقيها وغربيها وله مع الشبيبة الديمقراطية أكثر من محطة للسفر ، سألته أخيرا وقلت له أبا ياسين هل لك شئ تقوله لي ، قال هناك في نفسي غصة من الوضع الحالي الذي آل إليه العراق ، تصور نحن الحالمون بالتغيير يأسنا من كثير من الممارسات غير المجدية ولك أن تأخذ هذا المثل بل الحقيقة أنموذجا ، نحن الذين أودعنا السجون وعانينا الكثير من أجل هذا الشعب وكنا نحلم بحكومة منصفة للجميع على حد سواء تصور لقد حرمنا من حقنا كسياسيين ولم ننصف بأي شئ وأنا بحاجة ماسة لها ، لم نختسب سجناء سياسيون لأن الأحزاب الدينية لم تكن موجودة إلا بعد عام 1968 م ، أضف أن موقف الحزب الشيوعي منا موقف متراخي ، حيث لم يصر بالمطالبة لانتزاع حقوقنا المغتصبة جهاراً وأنا لي علم كامل بأن الحزب الشيوعي قدم الكثير من هذه الاعتراضات ولم يؤخذ بها والمثل يقول لا أمر لمن لا يطاع ولعل قادم الأيام تأتي بالجديد لكل العراق

الأربعاء، 12 مايو 2010

نسمات حلية-حامد كعيد الجبوري


نسمات حليه
الحله غابه من الشجر والياسمين
ومن تريد الطيب شمهَـا الحله
أيسير أعليها المسه نهر الفرات
تارس أشليله الورد والدهله
والنواعير أبحضن ميهه تبات
أمديرمه الشفتين عين أمكحله
وبشواطيها الشمس تنزع الثوب
تغسل أزنود وتمشط كذله
وبليالي الصيف تـنزل للسطوح
للنجم تحضن وتـنصب كله
والبلابل تلبس ثياب الصباح
أبريحة القداح تجمع سله
(نعيج ماي)
1 ويلعَب أيضَحك الماي
يركب الروج الفجر يتسله
والزواجل تعله وأسراب الحمام
تطير حره ولاجنحها أتشجله
وشارع العشاك يتـنطر حبيب
وصدر كل ورده تطوف النحله
والكمر ينزل على الحله ويمر
على الفقره وكل عكد يندله
سهر عدها الليل تعبان وينام
ترس عينه ولا ينام أبوجله
والمطر يغسل صبر كل السنين
أيجيبه للـيزعل يصالح خله
تفرش حديثات يم (بت الحسن)
2
خد ترافه وعين كوز ونبله
أبهيده مجداف البلم ياكل الروج
أمدولبه الموجات صعبه وسهله
و(حسن نمج)
3 بالنهر ذب الشباج 
ويرجع بشكبان من مال الله
أبيوت طين وتضحك أبوجه القصور
والقصر ما فتَح بابه وهله
أبيوت مفتوحات للحب والأمان
أبساط ووجاغ ومضيف ودله
أطفال عكد(الشيخ والسرحه وبيات)
4
أندك على البيبان نلعب ختله
زغار نلعب دعبل ونطفر كمر
أجعاب والشاطر يّرجع حله
الحله شجره أغصانها تعبد آله
واحد السجدت أله كل مله
أغصان جوري ورازقي وشبو وعطور
أبميها تروّي وبشجرها أتظله
الحله موطن علم منبع للعراق
الحله للينتسب ألها أتعله
(الحلي وأبن أدريس وأبناء النما
وأبن طاووس)
5 أبفضلها أتحله
الحله أم (الصفي)
6 وبحكها يكول
غبن عمره المانظرها أبمقله
*
الحله مانامت ولاترضه أبهوان
ولا تمد أيد وتبايع ذله
مرها جم (عاكف وحجاج ويزيد)
لاأثر ظل وذكرهم وله
جاورت (حيدر) وجيران (الحسين)
فراش للحبها وعدوها أتسله
                      *****  
حامد كعيد الجبوري 




























              
 
1:طير النورس ، 2: مرقد يقع على النهر مباشرة ،3:صياد سمك 4: طرق في محلة الورديه 5 :مراقد علماء 6،:الشاعر صفي الدين الحلي الذي قال البيت*(من لم ترى الحلة الفيحاء مقلته ، فأنه في أنقضاء العمر مغبون)   

السبت، 8 مايو 2010

حوار مع الفنان غالب المسعودي-اجرى الحوار رعد كريم عزبز


س)الرسم قريب عندك من الحرف ماهي هذه العلاقة الحميمة؟
ج)ان تعثرنا في فهم الرسائل البصرية نابع من كون حضارتنا هي حضارة لغة وكتابة.فنحن لكي نفهم امرا  ما يجب ان نكون قادرين على شرحه بالكلمات وعلى تلقيه بالكلمات وهذ من شانه ان يقيم حاجزا بيننا وبين انماط التعبير التصويرية التي تركتها لنا ثقافات ماقبل الكتابة.وندرك جيدا ان الكتابة بدات صورة بمعنى رسما ثم جردت الى حرف.وانا حاولت من خلال ابتكار حروفية التحدي ان اجد هذا التوازن بين الرسم والكتابة باغناء القيمة التعبيرية للحرف بمرجعية تاريخية مستمدة من حضارة وادي الرافدين.ان استخدام الحروفية نحو افق تشكيلي لم تكن وليدة تجارب حديثة لقد استلهم الفنان الرافديني الكتابة سواء على الصعيد الرمزي او الدلالي وكانت مساهمات الفنانين العراقيين تتميز بالفرادة والعمق الا انها ظلت اسيرة الشكل المتوارث للحرف ونحن على اعتاب مرحلة حضارية جديدة ينسلخ فيها الحدث تلو الحدث لابد ان  نبدا حوارا معرفيا بلغة جديدة وكتابة جديدة كي لانقول اسف انا وضعناها بيد خوستينا بيكارا.
س)انت ترسم بطريقة حرة خاصة في اللون وبصمات اليد واضحة اكثر من الفرشاة هل تعبر عن روحية معينة؟
ج)وهل للحرية من بديل.انا استخدم خامات والوان اصنعها بنفسي معتمدا ما متاح لي ملبيا حاجات الديمومة قل استعمالي للريشة كي اكون اكثر فربا من عملي متماهيا مع فضاء اللوحة امارس احلامي واوهامي اذ ان الجمال يشرق في النفس كشعاع ضوء بين الاكام.
س)الطب ياخذ من وقتك الكثيركيف توازن بين الفنين؟
ج)في الحقيقة هناك ماراثون طويل فاذا ما اثمر فهذه خمرة من مطر وتجارب المبدعين من العراقيين في هذين الفنين كثيرة وجوهر الموازنة هو احترام الزمن واحترام الفنين معا لكن الاشكالية ليست في كيفية التوفيق وكما اعتقدها هي في كيفية الاستفادة من هكذا ابداع لانني وبصراحة لا اجد من يتبنى المبدع لغرض بناء مجتمع متقدم حضاريا ومعرفيا ويبدو ان المعادلة لا تزال تراوح بالرغم من التغيير الذي حصل وان قاعدة البائسين لا تزال عريضة لكننا كنخيل ارض الرافدين سنبقى شامخين والاشجار تموت واقفة,..
س)التخطيط عندك عالم خاص هل مازلت قريبا منه؟
التخطيط كفن فائم بذاته هو عالمي البديل الجا اليه عندما لايكون لي خيارا الا هو والخيارات احيانا تكون صعبة ومستحيلة
كما البلاغة في اللغة وهو قاموسي المحيط انا قريب منه ولي بصمتي وتوقيعي ولم اكن اسير الشكل الكلاسيكي اذ ما بين الكوسمولوجيا ونهاية الكون ينحدر الحدث على صهوة الاسطورة دافعا ايتالوجيا المعرفة نحو غايات تبريرية جاعلا من الذات منسجمة مع ظرفها الموضوعي متناغمة مع وعي الصراع الذاتي والمتفجر وربطه بالغائب اللامتناهي وقد يكون الربط احيانا باشكال سريالية وبذا يندرج المنجز من الاشارة الى الاثر الى الدلالة وفي حركة لا نهائبة تبدا حوارا معرفيا يمتد تاثيره وان قرا بهمس فهو ركام من المعلوماتية قابل للحفر والتنقيب

لطيف بربن سلطان الظرفاء-حامد كعيد الجبوري-القسم الاول

:
 
 
 
 
لطيف بربن سلطان الظرفاء
                                                        حامد كعيد الجبوري
 
      ليس سهلا التحدث عن هكذا شخصية غرائبية بل قل خرافية ، وهناك حديث  أشك بصحته وصحة رواته ، والحديث الذي أعني للرسول الأعظم (ص) الذي يقول فيه ( من كثر مزاحه قلة هيبته) ، وسبب شكي بصحة هذا الحديث ما يرويه أبن أبي الحديد المعتزلي بكتابه الشهير ( شرح ابن ابي الحديد) ، يقول ابن أبي الحديد أن (محمد ص) كان يمازح أصدقائه من المسلمين كثيرا ، وفي أحد الليالي وهو ذاهب لصلاة الفجر وجد أحد المسلمين نائما بالمسجد فأيقظه النبي (ص) وقال له إستيقضي يا (أم عامر) ، نهض الرجل مذعوراً وهو يتحسس مذاكيره – أعضاءه التناسلية – ويقول لقد مسخني الله امرأة ، ويقول أبن أبي الحديد بعد هذه الحادثة أمتنع الرسول الأعظم عن المزاح هكذا ، وحديث آخر يروى بحق صحابي جليل – نعيمان - لم يرهُ الرسول (ص) إلا ضاحكاً فقال بحقه (يدخل نعيمان الجنة ضاحكاً) ، ومن الطرف التي تروى عن (نعيمان) أنه وجد أعمى يطلب الذهاب الى بيت الخلاء ، فقاده نعيمان ولكنه دخل به صوب المسجد ، أراد الأعمى أن يجلس لقضاء الحاجة فرآه المسلمون وقالوا له ماذا تفعل أيها الأعمى أنه ليس بيت الخلاء وإنما هو باحة المسجد ، قال الرجل من الذي قادني الى هنا ؟ قالوا له نعيمان أتى بك ، قال الأعمى والله أن ظفرت به لأعلونه بعصاي هذه ، وبعد أيام شاهد نعيمان ذلك الأعمى فذهب صوبه وقال له ، تعال معي لأن نعيمان تركته يصلي بالمسجد ، فرح الأعمى كثيرا وقال أسرع يا بني نحوه ، وصل نعيمان به الى المسجد وكان خليفة رسول الله (ص) عثمان بن عفان (رض) هو الذي يصلي ، وقف الأعمى خلف الخليفة ورفع عصاه لينزلها عليه فرآه المسلمون وقالوا ماذا تفعل أيها الأعمى أن من يصلي خليفة رسول الله ، قال من الذي أتى بي للمسجد ، قالوا نعيمان ، قال والله لا أتعرض له أبدا وضحك من هذه الفعلة الجميع ، كل هذه المقدمة الطويلة لأثبت شكي بالحديث المروى عن الرسول (ص) .
       (لطيف إبراهيم بربن) أسميته الرجل الغرائبي ويسميه صديقه الشيوعي الراحل (جعفر هجول) الرجل الخرافي ، قبل الدخول والحديث عن هذا الرجل العجيب أقول ، ليس الرجل فكها محبا للطرفة وحسب ، بل هو رجل مجتمع مهاب من أبناء مدينته ، ورجل سياسي أنتمى للحزب الشيوعي العراقي بخمسينات القرن المنصرم ، مربي فاضل ، وأقصد أب فاضل حيث أكمل أولاده الست وبناته الست أيضا دراستهم الجامعية ومارسوا حياتهم الوظيفية بأخلاص يشبه أخلاص مربيهم – الوالد - ، ولكن السمة الغالبة على هذا الرجل الطرفة ، ولكي يقرّب لك موقفا سياسياً يخلطه ويقرنه بطرفه ، يقول أتاني شرطي للأمن وقال لي ، (أبو ياسين) أن ضابطنا يقول لك تعال للمديرية ، قلت له ما يريد ، قال مجرد استفسار ، قلت له حسنا سأنهي ما بيدي وأتيكم ، في ذلك اليوم تثاقلت من الذهاب إليهم وقلت سأذهب غدا بإذن الله ، صباحا حضر ( السري) وقال لي لماذا لم تأتي والله أنبني الضابط كثيرا (عمي أبو ياسين هو استفسار لتدير بال )، قلت بنفسي قال لي (لتدير بال إذن ماكو شي) ، وفي ذلك اليوم لم يحضر والدي -الدكان له-  لوعكة ألمته ولم أذهب لدائرة الأمن ، في اليوم الثالث أتاني (السري) غاضبا وقال لي (عمي أترزلت من وراك كلي الضابط جيبه بيدك) ، في الطريق الذي قطعناه سيرا على الأقدام قال لي (السري) (عمي ما كو شي استفسار وستعود لتخاف) ، وصلنا دائرة الأمن أدخلني على الضابط وقال له (سيدي هذا لطيف بربن) ، نظر الضابط لي وقال (أنت لطيف بربن) ، قلت نعم ، قال خذوه فأخذوني وطال معي استفسارهم سنة ونصف ، بمواقف اجتماعية يمازحك ويحولها لطرفة ، مرة التقاه صديق لم يره من مدة طويلة فقال الصديق ، (الله ابو ياسين والله أشكد أتأذيت كالوا مات أبو ياسين) ، لاحظ سرعة البديهة وتحميل ذلك الصديق ذنب عقوق الصداقة- وقال له مبتسماً ، ( صحيح والله ما شفتك بجنازتي ولا شفتك جيت للفاتحة ، والله آني واكف أتلث تيام أبفاتحتي وما شفتك) ، حين لقائي به سألته عن أسمه الكامل فقال ، أسمي (لطيف إبراهيم بربن ) ،وقال مازحا أنت لا تقرأ القرآن ألست بمسلم أن أسمي موجود بالقرآن (أن الله لطيف خبير) ، وأن أردت أسم أبي فهو (يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم ) ، أما أبني فله سورة كاملة بالقرآن سورة (يس) ، قلت له من أي عشيرة أنت أبا ياسين ، قال نحن لسنا عرباً بل فرنسيون – مازحا - نحن من أسرة آل بوربون سلالة ملوك فرنسا جاء جدي التاسع للحلة الفيحاء فلاكت الألسن (بوربون) حتى غدت ( بربن ) ، ثم ألم تلا حظ أن كل أنواع التمور العراقية تكبس وتداس بالأرجل إلا (البربن) يؤكل طازجا ولا تمسه الأرجل لأنه من سلالة الملوك .
       ولد لطيف بربن عام 1926 م في محلة (الجباويين ) من الحلة الفيحاء ، أما والده فهو ولادة محلة الكلج ، ولم يكن الوالد متقنا للطرفة أو يتعامل بها ،بل هو رجل بسيط جدا وفي أحايين متباعدة تخرج من فمه طرفة ما فيتمسك بها ولده لطيف ويطورها ويضيف إليها الكثير ، يقول لطيف أحد الليالي عدت من سهرة إمتدت لساعة متأخرة من الليل وكان الفصل صيفا ، ومن العادات الحلية النوم فوق السطوح ، بدأ لطيف يحدث زوجته ويقول لها ، (سمعي أم ياسين أني اشتريت بطاقة يانصيب وراح أربح ألف دينار أول شي أبدلج صرتي عتيكه وأشتري سيارة وأسافر لفرنسا أجدادي) ، سمع كلام لطيف والده وقال له ، ( أي كلب أبن الكلب تلفسهن للفلوس فُكر أبن فُكر) ، وطالما نحن بذكر الأب (إبراهيم) فسأذكر حادثة طريفة ومقلبا من لطيف لوالده ، يقول لطيف بربن عام 1944 م عام التموين قلت لوالدي (بوية أريد أتزوج ) وافق الأب وجمعنا ما قدرنا الله عليه ، ومن العادات والتقاليد المجتمعية الحلية آنذاك عقد وليمة للعشاء على شرف المتزوج ولكن بعد أن ينهي الخطيب خطبته ( قرايه على الحسين) ، يقول لطيف يفترض أن تقام حفلة موسيقية لي بهذه المناسبة ولكنه تحولت لمجلس حسيني كما هي العادة الحلية ، بقيت أختزن ذلك بصدري حتى عام 1960 م وذهاب والدي لبيت الله الحرام عن طريق النجف الأشرف ،وحين عودة والدي من الديار المقدسة ذهبت لإحضاره وفي طريق عودتي مررت على مخيم للغجر بالقرب من ناحية الكفل فدخلت بسيارتي له، سمع والدي قرع الطبول والدفوف فقال لي (ماهذا إلطيف) – تصغير اسم لطيف - ، قلت له هذا ( حي الكاولية) ، فقال (بويه إشعدنه بالكاوليه) ، قلت له (تذكر يوم زواجي سويتلي قرايه عالحسين واليوم  أنت أجيت من مكه جبتك للكاوليه وحده أبوحده) ضحك والده وقال ( لا يا أبن ال.... مانسيتها بويه هي الدنيه جانت هيجي) ، وعن بساطة والد لطيف بربن يقول عنه ولده ، حينما أودعت التوقيف جاء أبي لزيارتي بعد أيام فسأله أحد أصدقائي ، (عمي أشو اليوم إجيت أتشوف أبو ياسين وين جنت هالمده) ، يقول لطيف أجاب أبي قائلاً ( لا والله عمي يوميه أجي والشرطة يكولولي يصغ) ، لم يفهم السائل هذه الإجابة وألتفت اليه  - لطيف -  قائلاً (يصغ) تعني ممنوع باللغة التركية أو الفارسية ، ويقول عن والده لطيف أن والدي يسمي قدح الماء (إبياله) ، ويسمي الغطاء الفليني الذي يحكم غطاء القناني ( تبه لغ) ، ومن أطرف ما يرويه لطيف عن والده يقول ، في العام 1935 م أراد والدي سحب خط كهربائي لدارنا ليستبدله عن الخط الذي أسسه المهندس والآثاري الدكتور أحمد سوسه ، فذهب الى دائرة الكهرباء وسرعان ما عاد للمحل سألت والدي وقلت له (بشر بويه كملت المعامله) ، يقول لطيف أجابني والدي وقال ( لا والله بويه يردون مني تبه زيتو) ، قلت له (روح بويه أشتريها ونطيهيا ألهم) ، أجابني بعصبية قائلاً  ( شوف الزمال شيكلي ولك بويه التبه زيتو تأمينات يردون دينار تأمينات).
 . 

الجمعة، 7 مايو 2010

اصبوحة للفنان ناصر عساف على مسرح كلية الفنون الجميلة-جامعة بابل يوم الاربعاء-5-5-2010


على قاعة مسرح كلية الفنون الجميلة-جامعة بابل- استضيف الفنان ناصر عساف في اصبوحة فنية قدم فيها الفنان شيء عن تجربته الفنية كان الاعداد والمتابعة للدكتور محمد عودة التدريسي في الكلية وكان التحليل الفني والتشكيلي للدكتور صفاء السعدون التدريسي في الكلية ايضا-قدمت الاصبوحة الطالبة نور علي وقام بالتصوير الطالب امير القيسي

الثلاثاء، 4 مايو 2010

طرطرة-حامد كعيد الجبوري

طرطره

محاكات لقصيدة الجواهري الكبير

حامد كعيد الجبوري

دنيه وصفت للطرطرة
الحفاي والمتغترة
المتسننة والمتشيعة
المتهودة والمتنصرة
امي يقود القافلة
ويستبعد المتحضرة
ياهو التسالة يندعي
جايب شهادة دكترة
دكتور والله اشهدالك
من المريدي مزورة
سايب المال بلا حرس
والواوي يترس كوشرة
والجان عاكب عالظعن
هسة تخلف ليورة
صدام لبسنة نعل
ونتعير ابهل المسخرة
واللي تنيناهم عمر
نزعونة حتى القندرة

مقطع مستل من سيرة شبيه همنجواي الحلي-النصوص-صباح شكر محمود



أحلام صياد


نصوص

صباح شكر محمود


وليمة في زمن الحصار



يا لها من وليمة مريرة ونكدة

تلك التي أعدّت لشعبي

القائمون عليها لئامٌ وكذابون

سماسرة ٌ ولصوص من الطراز الأول

أفواههم تقيء الشعارات الطنانة

مثل مدفعٍ عملاق يلقي بحممه

رؤوسهم بحجم ثمار اليقطين

بطونهم مناطيدُ تكاد تحلق بهم عالياً

جيوبهم منتفخة من السحت

تخبيء في طياتها أنين الفقراء

آناء الليل ،

يروق لهم ان يتقمصوا دور

آلهة الحكمة فيدعون على موائد سمرهم

عدداً من الشعراء الذين اعتادوا

أن يريقوا ماء وجوههم عند كل مائدة

وفي أمسياتهم الأكثر خصوصية

حين ينفلت زمام الشهوات

ينثرون فوق رؤوس المومسات

الدنانير التي اعتصروا لونها من دماء المتعبين

وكل اليتامى والأرامل

كانت الحوامل في ذلك الزمن الأعجف

يلدن براعم ميتة !



- إلى صديقي النهر -


أهمس على ضفافك

يا صديقي النهر

أذا ما غرقت يوماً

في قعرك

أبقني في رحمك المقدس

حتى تنهش الأسماك لحمي

بدل أن ينهشها

أخي الإنسان .


حصار الطيور



تهاجر الطيور حزينة

لا فضلات في مزابل المدينة .


أحلام صياد

حلمت بالأسماك

تراقص سنارتي

أسحبها وتسحبني

حتى سقطت من فوق

سريري ..

أمسكت بها

وهي الآن في قبضتي

بسطت كفي فلم أجدها

أنها أحلامي !!



واحة قلبي

كوردستان .. يا واحة قلبي

.. المتصحر منذ سنين

أمطريه بالثلج

وأغرسي فيه الخير

كوردستان ..

أنت جبالي وبحاري

.. وطيور بساتيني وأنهاري

يا نجمة قطبي وخط ناري

أني أحوم فوقها أبدأ

وأني أعوم تحتها أبداً

واهماً من عبث بليل

.. غير ليلك

أو غارقاً في دوامة

.. موج غير موجك

شلت يداي .. إن هما إلتفّتا حول

.. خصر غير خصرك



منشورة في كتاب شعراء الحلة أو البابليات

للدكتور صباح نوري المرزوك

أوتار

تشابكي يا أوتار موسيقى العالم

وأعزفي سيمفونية البقاء

لكوكبنا المذبوح

بسكين وحشية الإنسان

أعزفوا يا أحفاد بتهوفن وزرياب

لحن رفع الستارة

عن جريمة حصار الحضارة

أهتزي يا أوتار موسيقى العالم

وأعزفي

لتجف دمعة الأطفال في العيون

وتبقى زجاجة الأطفال مليئة بالحليب

أعزفي يا أوتار

لموطن النخيل والأنه
منشورة في جريدة العراق 9/9 /1993


- أ

أنا وأكرر أنا وأنا

ما بين غضبين

غضب السماء والأبناءِ

لأني ألوّث الماء بالخمرة

ولأني الوّثُ الهواءَ

بموسيقى فاسدةٍ !


- رقصة الحروُف الأبجديةِ -

على خشبةِ مسرح ذاكرتي

تلتقي الحروف الأبجدية

وسط جنائن عراقية

يراقصُ بعضها بعضا

تتبادل الورد همساً

الفٌ يراقص باءً

فاءٌ تراقصُ نوناً

عين تراقصُ شيناً

وحاءٌ يراقص باءً

تتوقف الحروُف الأبجديةُ

عن الرقص

ليعلن عريف الحفل ألفٌ

عن ميلاد أغنيةٍ جديدة !


جريدة الجنائن

العدد 39 في 17 / 3 / 2001

وداعاً

إلى صديقي الناقد الراحل عبد الجبار عباس



وداعاً يا صديقي

وداعاً أيها الدافيء في خريفك وربيعك

الساطع وأنت في ظلام

قبرك الأبدي

وداعاً أيتها السحابة التي تمطر

أدباً ونقداً ذهبياً

وداعاً يا من كنت تأتي أماسينا

وخلفك تعدو قطعان الكلاب

وأنت تقود دراجتك الهوائية

وداعاً أيتها الكأس التي

فارقت شفاهنا

وطالما ارتشفت منها

خمرة معتقة !


حصار الطيور


فوق أسلاك الضغط العالي

ترقب النوارس مجرى النهر

الذي لم تعد تطفو

فوق سطحه

كسرة خبز

انفض عن وجهي

عرق تموز

وارتدي ثوب عرسي الثلجي

وأنا احتضن ( آينشكي )[2]

في كهفها الصخري



بلابل


ابتعدي أيتها البلابل

عن قفص أسري

فأنا دمية سيدي الكبير !

2

ـ " لماذا تغرد البلابل فجراً

اقتلوها فوراً "

هذا ما أمر به الظلامي

3

ـ " لماذا تدعون الأزهار

تتفتح هكذا علناً في الحدائق

ألا ترون أنها تمارس الفسق ؟! "

هذا ما فاه به الظلامي

المشانق

انها تعشق الرقاب الضعيفة

وتمقت الرقاب الغليظة

.......

هل للفجر رائحة الحياة ؟!

لماذا إذن تنفذ في ساعته

أحكام الموت ؟

بعد ملامسةٍ قصيرة

تلد المشنقة رقبة طويلة

مم تصنع المشانق ؟

من خشب الصاج أو الزان ؟

ليس الأمر بذي أهمية

الأهم من ذلك لدى صانعها

أنها تقوى على حمل الجسد !

عند ولادته

قطعوا حبله السري

وعند بلوغه

أعادوا له الحبل بصيغة أخرى

أفول

الخريف اغتال ألوان

حديقتي

امرأةٌ من جليد

حيث لا شمس ولا ربيع !


صلف

يتربعون على أكداس من المال

ويمدون أيديهم قائلين ؛

لله يا محسنين !


عالم الأربع

1

لا يعرفون سوى إطلاق

النار في صدور الأمم

لصوص يسرقون الخبز

من أفواه الجائعين

مجرمون وقساة

يريدون وضع العالم

في جيوبهم !

2

يجلس في الظلام

ليتلصص على من هم

في دائرة الضوء !

3

يشم رائحة الأنثى

قبل أن يراها !

4

رجل متعجرف يحمل بندقية

سرعان ما يصطبغ وجهُه ُ

بلون الدناءة !


5

أطلق النار خلفهم

أرداهم قتلى في الحال

جريمتهم أنهم

أداروا ظهورهم

للظلام !

نشرت في جريدة العراق

24 / 12 / 1993

صيرورة

سياط الغبار ترتفع

فوق بيوت المدينة

تضرب وجهها بالحصى الناعم

تتحول السماء الى لون الجحيم

فوقها تحلق زوبعة الرحمة

حاملة معها قطرات الحياة

تبصق ألقها

لتعود الساعات كما

قُبل زجاجية


أقبلها من وراء الزجاج

نتبادل الشوق بالإشارات

نفترق

تاركين بصمات شفاهنا

معلقة على الهواء !

حورية من اليابسة


بعيداً عن شاطي البحيرة

قدماي تتشبثان فوق المحار

صدري يطفو فوق الموج الهادئ

الماء ينساب رقيقاً بين أرجلي

سباحة ً

تتلوى أمامي عروس البحر

قادمة من البر

تقترب مني ، تمسك كفي

ـ ساعدني كي أحصل على

حبات المحار

دسّت رأسها بين ساقيَّ

فوراً توقد جسدي

ياللبهجة !

إنها لم تكن تفتش عن المحار

بل بركان النار !



أجراس صديق البيئة

(1)

الزحف الأسود قادم

الزفت القاتل عائم

الشعاع الأحمر قادم

في القطب الجنوبي

فتحة في طبقة الأوزون تنذر بالدمار

في بحار القطب الشمالي

تتلوث الأشياء .......

تقتل الأحياء........

(2)

الزحف الأسود قادم

بدون عربات مصفحة

بدون صواريخ .. بدون مدافع ......

جيش لا تراه الأبصار

يأتيك مع الأمطار ........

جيوش من دخان

تقتل النبات والإنسان .........

إذا مات البحر

مات الإنسان .........

(3)

الزحف الأسود قادم

حتى الجراثيم تتهافت ، تتساقط

اطمئنوا ، أو احذروا

الجراثيم سوف تموت

لا وجود للبكتيريا

لا وجود للحياة

لاوجود للإنسان

لا وجود للحيوان

(4)

الزحف النووي قادم

عملاق اسمه (تكنولوجيا)

نصفه متوحش ، احذروا هذا الوحش

الحضارة الإنسانية في الأزمنة الغابرة

قامت بدون تكنولوجيا

الدليل – عجائب الدنيا السبع

هل في حاضرنا عجائب ؟

نعم

عجائب الموت الآتي من الزحف

الأسود



(5)

الزحف النووي قادم

تسرب غاز قاتل في مفاعل

جارنوبيل .......

تسرب غاز قاتل في نيودلهي .........

غاز قاتل في جميع أنحاء أوربا

سكان صحراء نيفادا،

يموتون بالآف بصمت ، بدون إنذار سابق حتى

فرصة الهرب تضيع منهم

أحذروا

الموج الذري قادم

السفاح الدموي قادم

نعم

في حاضرنا عجائب

(6)

الزفت الأسود قادم

المحيطات تبتلع ملايين الأطنان

من الزفت الأسود ..........

البحار تبتلع ملايين البشر

يموت الدولفين.........

تموت الحيتان..........

يموت السلمون..........

ويموت الإسفنج السحري

في السماء تحترق الآف الطائرات لتنثر

أجسام البشر

هكذا القدر

(7)

الزحف الأسود قادم

في الأرض ضحايا المرور بالملايين

أصبحت الإحصائيات العالمية لضحايا المرور

سراً أشبه بإسرار الفضاء

أو أسرار الأمن الوطني

إحصائية ضحايا المرور البرية لحد سنة 1974

تفوق ضحايا الحروب العالمية

شوارع الدنيا كلها تُغسل يوميا بدماء بشرية

ألم اقل لكم إن في حاضرنا عجائب

وان مستقبلنا الآتي فيه مزيد

من الغرائ
أخبار وأخبار

من هنا وهناك

تهطل علينا الأخبار

أخبارٌ فيها القتل

وإطلاق النار

أخبارٌ وأخبارٌ

في الفضائيات وعلى صدور الصفحات

عن أعاصير تجتاح عالمنا

وفيضانات تخلف وراءها

آلاف الضحايا

أخبارٌ وأخبار

الضحايا فيها هم أبرياءٌ وأبرياء .

أما الأشرارُ ففي سرهم يضحكون



أصابع ترتب ، وأخرى تخرّب



كسرت أقلامي ، وأحرقت دفاتري

لأبقى ، كي لا أجوع وأشق
موائد ملونة

طبقٌ من ماء ، وطبق من هواء

ورغيفنا ، يسخر منا في خلوته

عندما أضع رأسي

على وسادتي

لم اعد ،كما كنت

اسمع أنغاماً تصدح

بل كلاباً تن
دعاء زوجة سائق

لأجلك يا حبيبي

ابتهل الى السماء بالدعاء واصلي

حتى تعود

لأجلك ، سأفرش الليل بالحب والورود

أنا اعلم ، انك الآن تجوب شوارع مدينتنا

وبينك وبين الموت والقضبان التفاته

أطفالنا في انتظارك

لا تسرع ، كن حذراً يقظاً

واعلم إنني والأطفال

لن يسامر أجفاننا نومٌ

حتى تعود !

مرحى لك أيها القلم

مرحى لك أيها القلم

مهما تكن طريقة الكتابة بك

سواءٌ بالأزميل أو نحتاً بالمسمار

حبراً ، رصاصاً ، وسواء تمت الكتابة بك

باللون الأزرق أو الأسود أو غيرها

بك الحضارات دونت منجزاتها

والعلوم ، الموسيقى دوّنت نوتاتها

مرحى لك أيها القلم ،

لقد تمت بك كتابة آلاف الأطنان من الكتب

والكثير منها ضاع أو احرق بسبب الجهالة

والحقد الأسود

أيها العزيز ، أنت لم تعرف الكسل

منذ فجر التاريخ ، وما زلت تمتلك

ذات الهمة

صديق الطفل أنت ، وصديق الشيخ الفاني

لولاك، هل سيكون للحياة مغزى أو معنى ؟

يحتفل العالم المتحضر اليوم بعيد الشجرة والمعلم

والمرأة وألام والطالب والعامل ...الخ

وأنت أولى أن يتم الاحتفال بك

لقد آن الأوان للإنسانية أن تحتفل بك

وتخصص يوماً تستقريء فيه

آيات مجدك

....

أمهاتٌ ثلاث

لي أمهاتٌ ثلاث

الأولى خرجت من رحمها

والثانية هي الأرض التي

ادفن في بطنها

أما الثالثة ، فهي الطبيعة

فوقها نحيا ، نُسعد أو نشقى

سألتني ألام الأخيرة ، كم من أشجار التين

والزيتون والأعناب قد زرعت

وكم من بذور العطف والحب قد نثرت ؟

نعم يا أمي لقد زرعت وزرعت وتحت افيائك نمت

وحلمت ، عشت عمراً ومن ثمر نخيلك وزيتونك أكلت وكبرت

من عيونك شربت العذوبة ومن ثمارك تذوقت

زرعت وما قطعت ،

أحببت بكل جوارحي ، وما حقدتُ بل غنّيتُ !





بيكبن وفيروز



أضبط دقّات قلبي

على دقّات قلبكِ

سيدتي بيكبن ، سيّدة الزمن

.............

منذ أن إستيقظت أذني

على نبرة صوتكِ ، معشوقتي فيروز

سيدة الأصوات البنفسجية

حتى تلوّن الحلمُ برحيق الضياء

إحدى عجائب الزمن أنتِ

أحبك فيروز !!

أسرتِ أذني منذ أن كنتُ صغيراً وأسرتِ قلبي

وأنا إبن سبعين ربيعا !

إني لأطمح أن ألتقيكِ يوماً

تحت برج بيكبن !

وهي تدق دقتَها

الثالثة عشرة !!









________________________________________

[1] هذا القول للامام علي (ع)

[2] آينشكي : كهف في سرسنك / دهوك .

السبت، 1 مايو 2010

مقطع مستل من السيرة الذاتية لشبيه همنجواي الحلي -كتابة احمد الحلي-نصوص صباح شكر محمود-تصميم الغلاف د غالب المسعودي


اتركها ، فإنها سمكتنا !

روى لي ابنه رياض العائد من الأسر في إيران بعد أحداث عام 2003 بعد مدة عصيبة قضاها هناك ، روى حكاية طريفة وقعت أيام صباه مع والده ، فحينما ذهبوا للصيد في نهر الحلة في احد الأيام ، جلسوا هناك منذ ساعات الصباح الأولى عند حافة معروفة لدى أهل المدينة بـ (( السورة )) والقوا سنارتيهما على أمل أن يصطادا بعض السمك ، وبقيا يرميان سنارتيهما ويخرجانها فارغة من الطعم ، شك أبو رياض ان ثمة جنيّاً يختبيء في أعماق النهر يقوم بسرقة ( الطعم) بهذه الطريقة الماكرة ، وارتفع صوت آذان الظهر من المرقد القريب ولكن دون جدوى ، بعد قليل جاء احد الأشخاص مرتدياً دشداشة بدراجة هوائية ، وتوقف بالقرب منهما وأوقف دراجته واستخرج عدة الصيد التي كانت متخلفة قياساً إلى العدة التي جلباها وبعد ان اتخذ مكانه من النهر رمى سنارته ، ولم تمر سوى دقائق قليلة حتى اهتز خيط سنارته فسحبه بقوة فإذا هو عالق بسمكة كبيرة تزن حوالي ( 2كيلو غرام ) امسك بها الصياد الوافد ووضعها في كيس كان معه ، ثم ذهب إلى دراجته وهيأها للانطلاق ؛ ( أبصر أبي هذا المشهد على مضض ، ثم ان الصياد لما أراد ان ينطلق بدراجته استوقفه أبي صائحاً به بحدة ؛ توقف ، إلى أين أنت ذاهب ؟ أجاب الصياد والدهشة تعقد لسانه ؛ أنا ذاهب إلى بيتي ، فقال أبي ؛ إذن فان عليك ان تترك هذه السمكة ،

- ولكن لماذا ، أليست سمكتي ؟!

- كلا ، ليست سمكتك ، فهي كانت تأكل طعامنا منذ الصباح ولحد الآن ، وتريد أنت بكل بساطة ان تأخذها منا هكذا ؟

واسقط في يد الصياد المسكين بعد ان رأى عزم أبي وانه لا طاقة له على مغالبته وبقي حائراً ماذا يفعل ، فما كان من أبي إلا ان أطلق ضحكة مجلجلة ثم قال مخاطباً الصياد ؛ لقد كنت امزح معك ، خذها هنيئاً مريئاً ، فهي سمكتك ، وهذه هي أحوال النهر ومقالبه





سمك مسكوف على مشارف القصر الجمهوري

عرف عن شبان منطقة الكرادة في ذلك الوقت ، انهم كانوا شباناً متطلعين إلى كل ما هو جديد في عالم الموضة والملابس مع احتفاظهم وتمسكهم بالقيم الاجتماعية التي درج عليها آباؤهم وتلقفوها منهم ، كما عرف عنهم حبهم وولعهم بتزجية أوقات فراغهم ولا سيما في العصر بالتنزه على ضفاف نهر دجلة اللصيقة ببيوتهم ، وقد اعتاد بعضهم على امتطاء زورق والتوجه به إلى منتصف النهر أو قريباً من الضفة الأخرى التي جرى تشييد القصر الملكي الجديد وملحقاته فيها ، إلا ان قيام ثورة تموز عام 1958 جعل تسمية القصر الملكي تتحول إلى القصر الجمهوري ، مع الأخذ بنظر الاعتبار ان عبد الكريم قاسم لم يتخذه مقراً له وإنما كان يستقر في وزارة الدفاع ، حيث جعل القصر مكاناً خاصاً للتشريفات ، في إحدى المرات وبالتحديد في أواسط ثمانينيات القرن الماضي ، انزلق صاحبنا بزورقه إلى وسط نهر دجلة ، ولما صار في منتصف الشط أخذت تضرب انفه رائحة السمك المسكوف القادمة من الجهة المقابلة ، وقد كانت من القوة والنفاذ بحيث انها تملكت مشاعره وبعد ان جال ببصره رأى ضباطاً برتب عسكرية وهم يقومون بعملية الشواء، فرمى مرساته وأوقف زورقه قبالتهم وهو يتلمض في سره ، ومضى وقت قليل فإذا به يسمع اصواتاً تناديه ، فانتبه ورآهم يشيرون إليه ان يرفع مرساته ويقود زورقه إليهم ، ففعل ، وبعد ان وصل إليهم ، عرف انهم كانوا منتشين بفعل الخمرة الراقية التي يحتسونها ، وأدرك انه يقف إزاء ضبّاط كبار من المؤكد ان بعضهم قادة للفرق والفيالق العسكرية أو الأجهزة الأمنية ، إلا انه تمالك نفسه وقرر المضي قدماً ، كان أول سؤال يوجه إليه بطريقة مازحة ؛ لماذا نراك متوقفاً قبالتنا وتنظر إلينا ؟ أجاب على الفور ، عذراً أيها السادة ، فانا فنان تشكيلي وأي منظر طبيعي جميل يستهويني ، وكان السؤال التالي ؛ من أين أنت ، قال ؛ من منطقة الكرادة وبيتنا هناك وأشار إلى الجهة المقابلة، سأله احدهم مشككاً ؛ ان كنت فنان تشكيلي حقاً فهل تعرف الفنان نوري الراوي ؟ أجاب السائل وأعطى تفاصيل دقيقة عن الفنان ، سأله الضابط ذاته عن الفنان رافع الناصري فأجاب صاحبنا بان رافع صديقه وكانا معاً يدرسان في الابتدائية والمتوسطة ثم اخذ يتكلم وفق ما تسعفه ذاكرته المتقدة بشأن الفن والفنانين ، إلا ان سؤالاً أخيراً بقي في جعبة السائل ؛ ان كنت فناناً حقاً وتسحر مخيلتك المناظر الطبيعية فلماذا لم تصطحب معك عدة الرسم المعتادة ، أجابهم بثقة ؛ هنا يكمن سر اختلافي عن الآخرين ، فانا ارسم على لوحتي بعد ان أعود إلى البيت ما يظل عالقاً بذاكرتي ، لاسيما وأنا أرى في ذلك نوعاً من التحدي ، وعند هذه النقطة اسقط في يد السائل ، ودعوه إلى المشاركة في لذتهم وتناول السمك المسكوف بعد ذلك ، وصعد إلى زورقه ووعدهم بأنه سيرسل إليهم اللوحة بعد ان ينتهي منها ، بعدها ودعهم وعاد من حيث أتى ، فوجد أصدقاءه يجلسون في ذات المكان من الشاطيء ، وقد انتهوا للتو من تناول ( الهبيط ) وهو نوع من تشريب اللحم ، واعتذروا له لكونهم قد أتوا على نصيبه من الطعام ، فقال لهم بصدر رحب ؛ هنيئاً ومريئاً لكم ، قال احدهم ؛ ولماذا نراك منشرح الصدر هكذا ، وأين كنت ؟ أجاب ؛ كنت آكل السمك المسكوف هناك مع قادة القوات المسلحة ، حيث بمقدوركم ان تروا بقايا لدخان ما يزال تتصاعد !!





مقلب

عرف والد أبي رياض بين أوساط الناس في محلته بدماثة خلقه وطيبته واستعداده لتقديم المساعدة للآخرين ، إلا انه عرف أيضاً بولعه بتدبير المقالب مع الآخرين ، حتى وان جاء بعضها ثقيلاً ، ففي إحدى المرات ، والوقت كان خلال سني الحرب العالمية الثانية ، حيث شحت المواد الغذائية ولا سيما الأساسية كالرز والطحين والسكر والشاي ، الأمر الذي أدى بالحكومة آنذاك أن تتخذ قراراً باعتماد نظام البطاقة التموينية الذي تعرف إليه العراقيون ثانية في أعقاب غزو صدام للكويت ، ومن ثم الحصار الاقتصادي الذي تم فرضه على العراق، شاهد ( أبو فايق) عن بعد وهو يوقف سيارته نوع (بيكب ) ، شاهد حشداً كبيراً من أهالي المحلة تجمعوا أمام احد الدكاكين ، ولما استفسر عن الأمر اخبره احدهم بان الناس يقفون منذ ساعات في هذا الطابور الطويل على أمل أن يستلموا حصصهم التموينية المقررة ، اطرق ( أبو فايق ) ملياً ، ثم هداه تفكيره الى مخرج ، قاد سيارته باتجاه الحشد وتوقف بالقرب منهم ونزل من السيارة ، وصاح بأعلى صوته ؛ يا لكم من حمقى ومغفلين ، انتم تقفون هنا تنتظرون الماء الذي يتساقط من ( ناگوط الحب ) بينما أهالي المناطق المجاورة يهرعون الآن الى مكان سقوط إحدى طائرات التموين الانكليزية الضخمة التي سقطت بحمولتها ( عالبرة ) أي في الكرادة خارج ، وهم الآن منهمكون بالاستيلاء على جزء من الغنيمة السماوية ، فصاح الجميع ؛ وكيف عرفت ذلك ؟ قال ، ها اني قد عدت للتو من ذلك الطريق وشاهدت الواقعة بأم عيني وأخذت حصتي من الغنيمة ، فتحمس الجميع وهرولوا الى بيوتهم جالبين معهم الأكياس والأواني وأبناءهم واتجهوا صوب المكان الذي أشار إليه وأسرع ( أبو فايق ) الى استخراج البطاقة التموينية الخاصة بعائلته ، وذهب الى الدكان ليستلم منه المواد الغذائية بكل سهولة ويسر ، ولم يمض وقت قصير حتى عاد هؤلاء المغرر بهم من رحلتهم الشاقة وتجمعوا أمام منزله على شكل مظاهرة صغيرة غاضبة ، فخرج إليهم ، فتكلم احدهم بحدة ؛ لابد انك كنت تضحك علينا حين دبرت لنا هذه ( الداوركيسه ) ، فأجابهم وكأنه ينتظر ذلك منهم ؛ وما ذنبي أنا إذا كنتم مغفلين هكذا الى هذا الحد ، وكيف تعقلون ان طياراً انكليزياً يمكن ان يدع طيارته تسقط في غير المعسكرات التابعة لهم وما أكثرها ؟!









بئر إرتوازي

في مرحلة الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي لم تكن السيارة متاحة على نطاق واسع ، وكان تداولها مقصوراً على عدد من السياسيين المرموقين والأثرياء وكبار التجار ورؤساء العشائر ومن هم في طبقتهم ، وكذا الحال بالنسبة لمعظم دوائر الدولة ، وبالذات المدنية منها ، الأمر الذي كان يضطر موظفي هذه الدوائر الى إستئجار إحدى السيارات من شركات النقل الخاص ، التي كانت تقتني السيارات الامريكية والأنكليزية للمتانة والقوة التي تتميز بها ،

يذكر أبو رياض أن مصرف الرافدين الكائن في بغداد كان أحد الزبائن على شركة والده لتأجير السيارات ، وأن والده ( أبو فايق) كما كان الجميع ينادونه ، كان يذهب مع موظفي البنك وبرفقتهم المدير في أحيان كثيرة ، بوصفه سائقاً كذلك ، من اجل إجراء الكشوفات الضرورية والتنقل بين المدن والأقضية للوقوف على إمكانية إفتتاح فروع للمصرف هناك ، أو البحث عن فرص للاستثمار، وفي أحد الأيام وفيما هم بصدد القيام برحلة الى مدينة الأنبار المحاذية للصحراء ، وبعد أن زاروا مركز المدينة و عدداً من أقضيتها , وأجروا كشوفاتهم ، ولم يلبثوا أن أحسوا بالجوع ، لاسيما وأن وقت الظهيرة يوشك أن يحل ، وعبثاً حاولوا العثور على مطعم ملائم ، ولما أحس أبو فايق بما يعانون منه ، قال لهم ؛ هل ترغبون أن أطعمكم لحم ضأنٍ مشوياً ، إستغرب المدير لهذا العرض السخي ، وظن أن أبا فايق ربما يمزح معهم كعادته ، إلا أنه رغب بمجاراته ، قال له ؛ وأنى لك أن تُطعمنا في وسط هذه البرية الشاسعة ،

ـ إن هذا هو بالضبط ما سأفعله ، ولكن بشرط !

ـ هات شرطك فعسى أن لايكون صعباً .

ـ ليس في الأمر أية صعوبة ، سوى أن تجعلوا خرائطكم تحت تصرفي ، وأن لا تتفوّهوا بأية كلمة إذا رأيتموني أفعل أي شيء ، وأخيراً أن تتذرعوا بقليل من الصبر .

قال المدير ؛ لك ذلك !

قاد ابو فايق سيارته بسرعة كبيرة خارجاً من تخوم البلدة ومتوجهاً الى عمق الصحراء ، وبعد أن سار بهم حوالي الساعة شاهد الجميع مضارب للبدو ، فأتجهت السيارة نحو أكبرها حجماً ، وما أن ترجلوا من سيارتهم حتى تحلق حولهم رجال البدو وصبيانهم مرحبين بهم ، إضطلع أبو فايق بدور الزعامة حاملاً الخرائط بيده وسار موظفو البنك من بعده ، وقبل أن يستجيب لطلب كبير القوم بالدخول الى المضيف ، أخذ يُلقي نظرة متفحصة على المكان ، ثم نشر الخرائط على الأرض يحوطه موظفو البنك وحشدٌ كبير من رجال الصحراء ، قال مخاطباً إياهم (أي البدو) ؛ والآن ، أين تريدون أن نحفر لكم البئر الإرتوازي؟! ، فتصايح الرجال مبتهجين وفرحين ، وكذا النسوة حين تناهى الى سمعهن هذا الخبر السار ، فعلت الهلاهل والهوسات ، وللحال أتوا بشاتين وذبحوهما عند أقدام ( أبو فايق) ، ثم شمروا عن سواعدهم وهيأوا حطباً وإبتدأت عملية الشواء التي إستغرقت بعض الوقت ، وبذلك يكون أبو فايق قد وفّى بوعده .





البو شجاع

تقع جزيرة ( أم الخنازير ) التي جرى تغيير اسمها الى ( جزيرة الأعراس ) في منتصف سبعينيات القرن الماضي بوسط نهر دجلة ، وهي جزيرة تمتد طولياً مع مجرى النهر بعرض حوالي 50 متر الى مسافة قد تصل الى 6 كم ، وتمتاز بان أرضها خصبة ورسوبية ومن اجل ذلك فقد انتشرت فيها النباتات والأدغال بشكل كثيف أغرى عددا من الحيوانات البرية ان تتخذها موطناً ومرتعاً وبالذات الخنازير التي تكاثرت بشكل كبير حتى ضاق بها المكان ، الأمر الذي اضطر بعضها الى العبور سباحة في الليل ليتجه صوب الكرادة ، وقد كان ذلك يثير فزعاً وهلعاً بين الأهالي الذين لم يعتادوا على وجود هذه الحيوانات بينهم ، وفي إحدى المرات عبر احد هذه الحيوانات واخذ يتجول بين أماكن النفايات فيما كلاب الحي تتجمهر حوله محاولة طرده بالنباح والهرير دون جدوى ، فتنادى بعض فتيان الحي واستخرجوا سكاكينهم وبعض الآلات الحادة ، ووجدها بعضهم فرصة لإظهار البطولة ، ووقفوا بوجهه ، إلا ان الحيوان وكمحاولة غريزية للدفاع عن نفسه هاجمهم واسقط أرضاً احد المهاجمين وكاد ان يفتك به ، وفي هذه اللحظة هجموا عليه هجمة رجل واحد وانهالوا عليه ضرباً وطعناً حتى خارت قواه وسقط أرضاً فأسرع احدهم الى قطع بلعومه بمديته ، وبعد ان اطمأن الناس ، خرجوا من بيوتهم وتجمهروا حول جثة الخنزير وكونوا حلقة حوله واخذوا يهتفون ويهزجون ، وكأنهم لم يقتلوا مخلوقاً مسكيناً قادته الى حتفه رائحة القمامة بل مارداً ووحشاً خرافياً ، وفي ذات الليلة تناهى الخبر الى أسماع أبناء المحلات الأخرى فأسرع احد ( المهاويل ) الى إطلاق تسمية (البو شجاع ) على أهالي الحي الذي خرج منه هؤلاء الفتية ، حيث بقيت هذه التسمية شائعة وجرى تثبيتها في بطاقات الأحوال المدنية .





ـــــــــــــــ

المهوال : شخص كان يعتبر لسان حال العشيرة او قومه وكان يجنح الى قول الشعر في بعض الأحيان .