الأوثان
[ ممرات الرمال]
عادل كامل/ الوثن الخامس
[1]
هذه إذاً امتدادات اليد فوق الأرض: الإصغاء لتأويلات
الممرات: الإصغاء لاضطراب اليقين / ليس من غايات عند البحار ولا عند الغريق ..
البرق أعلن احتفال النوارس .. وماء النبع استعاد عبث الأشجار .. يا ملكة التاج ويا
من بيدها ثمار المُلكِ ماذا نفعل بالأعياد والقلب كيتيم مأواه ما بين التلين –
المزارين – النهرين / وما هو بيتيم لكن النار أطفأت النار/ أوقدت عند الحكيم ممارت
البراءة: يا جند، الطيور تآخت وأضداد الروح مفاتيح. وأنتِ يا مزخرفة دموع الأطياف
لا يغير الهواء الذكر بالأنثى ولا يبدل القمر بالشمس. كلٌ ممره خطاه وما سعى، ويا
قدر هذا ممرك فينا آثام ويا قوت/ هذه يدكَ كأنها لم تعط كأنها لم تأخذ. يا سيدة
الرمال هذه نذورنا ومعابدنا تملأ مرآة الغيب، وهذا كاتم كتماننا ثمار جنة. يا أول
الفجر يا آخر الابتهال ماذا تقول الورقة للوّراق: ماذا يقول رذاذ الليل لكتمانات
البحر الرمل وماذا أقول لنفسي – هذا الوثن – وأنا بالمفتاح أدور مع البوّاب مع
الباب: دوّن محوك بالأسماء، وبالأسماء أزل عنا كل الأسماء.
[2]
ليس هو الجسر، بل الكلمات،
الممر، وبالدخان عبّدنا الكلام: المعبد اكبر اكبر من وردة: هنا: لا يد تكتم ظلها
.. برق أخفى نواياه .. ويا نفس ما السؤال: معابدنا معبد، والصوت تفكك إلى أصوات ..
هكذا استدار: لا باب يغلق ولا مفتاح .. هنا، يدور، للقادم أو للعابر: هذي أضرحة
يّدي، قبلات بلا أسماء .. أما الورقة فما انفكت تعوي بحجارة الاسم، المسمى،
القبائل، الأمراء، وللصدى منازل رمال: لؤلؤة أنت ِ كل مسافة مختزلة: لؤلؤة أنت ِ
المدى والفضاء.
[3]
بأي اعتراض اعترضت الصخرة على
النشيد: روحي لملمت شظاياها ونفسي لملمت غربتها .. فبأي الأصوات تكتم الأناشيد:
أيها المدّون ألا ترى انك أسرفت؛ الأرض انبسطت، وليس للسواقي إلا البحر، وهذه
النفس فاقت لمعبدها .. ألا أيها المدّون دوّن محوك، الأمراء يصنعون الأمراء، وأنا
دعني تباً للأضداد أن أتحدت ضدي .. أنا معبدي ما بينهما .. ونفسي، تباً للشوق،
فانا كفت روحي عن الشوق: أيها المدّون أبصر أن كان لك سمع، اسمع إن كان لك بصر:
أنا روحي لملمت روحي وغادرت معبدها.
[4]
ما الذي جعل البلور يتعجل
الإقامة: الدار واحدة: لا جسر بين امتدادين، ولا سواحل للسواحل: هذه هي النفس
ابتهال غريق: أيها الفرحان ادم فرحك، أنشد، الدار واحدة ولا ظل لنورين: أقم قداسك
وأنت تغادر: ما هذا الفجر سوى بعض دخان.
[5]
إلى الأعلى حيث الصخرة توجِّت
ملكة للغيوم، وفوق الأرض احتفال. يا أشجار دوّني لا وحدة بينهما: الواحد توحد ..
ولا مسافة إلا الياقوت بينهما. الملكة بقلائدها بسطت امتداد الأنوار .. وهبطت
إلينا فمضينا معها وغابت .. أيها الخيط الفاصل بين الظل والظل أما من سبيل إلينا ؟
[6]
بينهما، إذا ً، المسافة توارت.
اليد انبسطت. وبالقداس أقمنا الأعياد .. ليس كالبرق، إنما الأرض تزّينت، وليس
للمؤودة من سؤال: هذا الخيط، الوهم، الياقوت بينهما توّجنا: عيد يدفن عيد: أيها
المدّون أما كللت الكلام: الجرح فوق الجرح وردة .. والروح انتشت بهذا الدخان ..
بينهما كتاب، والوعد مدينة. الذكرى قبر، وبينهما اتسعت المسافة .. الواحد توحد
والماء طهر نفسه بالماء. أتصالحت أم الأضداد ساومت الأضداد. هو ذا احتفال العاشق
عند الصخرة أحجار تتلوها أحجار .. الليل آفاق كما الفجر غاب .. الفجر آفاق كما
الليل بالقفل أعطانا الآفاق: كل إلى نوره، بكتابه، يمتلك الأنوار: تلك هي عتمة
الغريب مع الغريب .. والأطياف لا تمتلك إلا صدى الأطياف.
[7]
أية غاية ابعد من الحجر للحجر:
البرق صنع اليد وأعاد للهواء مفاتيح الأشجار: أيها المدّون هذا الوثن أنا رممته،
لم اعبده، لا أحد يعبد ما أنا عابد، لا معبد، أنا ظلي سوّرني بالأسوار. يا
نفس العابر توكل .. وبمفتاح البرق أغلق أوراقه. هذه هي الغابة: وهنت النفس عند
الأعياد، الميت للميتة، والماء للنار: يا آخر رمادي هل من رماد للنار .. يا آخر صوت
في الحرف هل من شوق؟
[8]
أودع ودائعي عند من وهبها:
الثمرة للثمرة، ولا أودع للنسيان إلا ما أعطاه، وهل للنسيان عطايا: يا قلب تخل
عني، أشواقي اشتعلت وانطفاءاتي انطفأت، لا كلام في الحرف، ولا صوت في الصدى،
التراب لملم التراب، والقبر فتح للأرض زنابق الفصول: تعال خذني زيني بين الفرحانين
بالفرح وابتهج أني التاج. أنا ذرة رمل: أنا مرآة مجرات، فتعال خذ ما أعطيت تعال ما
أعطيت أنا أودع ودائعي أنا الوديعة: أنا الخاتم الذي يدور في الماء.
[9]
وفى الناطق للنطق بالصمت:
تفتحي يا صخرة ويا مدّون دوّن محونا: هذا المنادي بلا نداء .. وهذا النداء لا
منادٍ له: كوكبان فوق الماء يتبادلان القلائد .. تلك عروس القصب أينعت وذاك ملك
السحر بمعادن الهواء اطرب الأميرات: دوّن بالمزمار بالشوق ليس من ممرات أو عابر:
الزمرد صاغ ثمن البهتان. يا ملكة الليل يا ملكة الفجر أين ظلي والوردة غادرت
نبوءات الأنبياء. يا كلام تداركنا، شاخ البرق، ودروب الجرح تفتتح فينا الاحتفالات:
في البعيد آثام ملاك .. ووصايانا الريح بعثرتها: هنا قدام المعبد سبايا، وفي الرمل
مملكات؛ وفيّ كما في الماء عويل نار.
[10]
الكاتم بالقفل فضاء اليد هنا
انتشاء نشوة: يا ثمرة، ليس للبرية متنـزهات .. أيها العابر تعال لست أنا المنادي،
الباب كوّنت مفاتيح القلائد .. والرمال احتمت باحتفال الرمال: لا تمح يا دخان يد
الطارق، القادم غادرنا، ويا جند أقيموا المناحة فهو ذا زمان الأوثان.
[11]
الكاتم بالقفل فضاءات الرمال،
هنا، نشوة الظلال، تشابكت بالثمار: الأرض أينعت، وليس للبرية متنـزهات ياقوت: ويا
للبرق استجاب للرغبة .. يا جند الرمل تعالوا لست أنا المنادي، الباب بالغرباء كونت
مفاتيح القلائد. الماء احتفى بالماء. ويا دخان لا تمح يد الطارق، القادم غادرنا،
هو ذا الآخر يستعير من الآخر وثنه، وعند المدافن توحدنا بأمير الأوثان.
[12]
أنت يا ملكة الياقوت، يا ممر
منهوب، الملك سّرح غابته، لا مطرزات لك لا جواهر. أنت ِ يا ملكة بلا ملُكِ . . لمن
أنت ِ، القادم ختم عليه، والراحل لم يأخذ عرشه للمدافن، فبأي الممرات تسلكين عبور
الفضاء. طرزي مناديلك، خرزي قلائدك بالعقيق، كلاهما لا يفهمان، النار تحتفل، ويد
التمني احتمت بالظلال. يا جند الوردة لا تسألوا من تكون، يا جند لا تسألوا – إلى ّ
– أين تذهب أيها المغادر: المسافة تكورت، وقد تلاشى من القلب السؤال: يا سري .. يا
عرش .. يا كرسي العابد .. لمن تُقدم النذور .. أمن نذور .. ؟
[13]
ادخل، الباب موصدة ادخل أنت.
يا مدوّن الأسماء / الوردة / لا تمحو الوردة / العرش يد انبسطت، والرماد نثرنا
دويلات رماد. أكل هذا من أجل وعد. دوّن محوناً أيها المدوّن.. الخاتم دار دورته ..
وهذا هو عيد الهواء: أمن اجل رغبات منسكبة للنسيان يا جند يا حرس يقام الاحتفال.
أطرق بالمطرقة.. بالفم المباح .. ووزع صمتنا وثائق هدنة . يا ملكة ارفعي رداء
التاج ، اخلعي ثوب الحكمة، ولنأخذ ممراتنا معنا؛ الصوت كتم صداه، المنادي توحد
بالنداء، والماء شرّع شرائعه، وصار كلامه مشاع.
[14]
جسد أم وثن هو ذا الذي تنذر له
النذور .. تحاك له المطرزات تحفر له الأخشاب، وثن أم جسد جرجرنا قبل النطق.. أيتها
الدورة، النبع له حكاية، مثلما بالبرق الغابة دوّنت أيامها، يا قيثارة المحارب
روحي بين الأرواح ضاعت، فتقدم أرو لنا حكاية الدخان: الرمال خيمة والكف فوق الكف
قلادة غبار. يا نجمة أنبدل المسار أم بالغفلة أسرى بنا المسرى: هذا ليلي عيد هواء
وهذا نهاري أوسمة اصداء، وما بينهما اكتم كتماني بالأصداء.
[15]
من يغلق باب الرماد من يفتحه
.. وهل من باب للتذكر: ناح الماء على الماء. والجمر وزّع نشوته حجارة: الموجة
اكتفت بالريح، فيما السواحل تدّون: الغرقى يغادرون ظلال المراكب القديمة،
يتنـزهون، أيها القلب أأضعت مفتاحك أم أنت المعول، لا أغنية ولا عويل، كلانا كان
سيتوحد بالليل، يبرق ظله انحناءات حدائق، لا غالب لا غالب، كل منا حمل مدافنه
للأعياد، وعاد، يا عروسي لمن القلائد .. لمن المطرزات وسراب الكف يجرجر خيوط ما
بينهما.. لا هي بالعتمة ولا عند الفجر باب، هو التاج فرقنا، جمعنا، وأعطانا بعض ما
في الأيام من زاد، هو أعاد ما للتراب إلى التراب، ثم أعاد التراب إلى التراب.
[16]
تتجمع الآثام، لذة قلائد،
وتتفرق، فبأي الكفين تداعب غفوة هذا النبع: هي الأرض بلوى وحكايات مسرة، القلب
أغلق نوافذه، واليد فوق الرمال أثار عابرين، وليس سوى الريح في خيام الروح: الحنظل
وجفاف الإبل هنا يحيكان الحكاية: يا امرأة البوادي من أمسك بمن ومن أضاع من: أفي
الضريح حبيب القلب أم الراحل في نواح: كلانا، بالحاشية والأوهام، كتمنا النشيد في
كتاب، وكلانا صار كتاب دخان.
[17]
الإبل الصافنات غادرت عرشها،
فامتدت اصداء سيوف الحرب. لأي القبائل ينتمي القلب والفؤاد خالٍ من الملوك: يا
صحراء لا قلائد نقلد فيها رئيس العشيرة: لا حرب ولا محارب.. أيها المدّون اتنتمي
إلى هوازن أم جئت من بقايا الأعراب. سأغني أغنيتي لخيام مهجورة: حبيبي بالفضة يطرز
ممرات الغزلان، هذا عرس رمال: نارٌ موقدة بهتاف هتّاف في البرية، من كوّن الرمل من
فرقه ومن وزعنا أمماً وقبائل: يخرج الميت من الميت بحسام للذكرى: ألف اسم للعابر
ومثله للبرق، وفوق الشاهد الأسماء تمحو ظلها: تعال وحيداً صافٍ كذئب عند الاحتضار:
خسر الخاسر خسرانه .. يا امرأة اليباب أكان مأرب هنا، أكان الطوفان؛ تعالي بإكليل
فلا الليل بسابق بيانات الفجر، ولا الأعراس تخفف وطأ الختام.
[18]
صافٍ كوعد يشّرح فوق مشرحة:
عاشقان بالممرات ضاعا، وبالممرات اجتمعا. أتبحث عن عذراء أغلقت بالغفلة أسرارها.
يوماً كانت الإبل ترعى فتنحني لها قلائد السماء .. يا زمن المحارب خسرت الإبل
أوزارها، فأثقلت الأرض، ومدت السماء علينا بساط النائحات: يا عين جودي برذاذ، ويا
خاتم أخف صوتك، كلانا احتفال. لا الخنساء كفت عن صخر، ولا الأمل كف عن الآمال:
تعال إلى ّ بنشوة مولود وضع الموت فوق حسام الرغبات، بكاهنٍ خالٍ من المبنى، بطير
كسرت له الريح جناح النور، تعال إلى ّ بكتاب المراعي، بسحر اليد تعيد صياغة
الجبين، بنافذة ثانية للجنة، تعال إلى ّ بكفن أسود راية للأحفاد، تعال إلى ّ أنا
من سترته أثقال البرية، تعال ودعني إن شئت وان شئت خذني أنا عندك أمانة.
[19]
باكر أم ثيب، الطائر اختلس
ثمار الأرض، وليس للموؤدة شكوى .. ولا للمسمار يد الطارق فوق الباب. المودة آفاقت
فكانت غابة. يا سور سوّرني لا تدعني أغادر، لا شوق عندي، أنا عنده كفاف البوادي.
خذني إن شئت فهذا يوم حساب .. لا أتباع ولا نائحات .. في المدافن هلاهل .. وأنت ِ
يا أيتها النائحة أبالدموع تخترعين خواتم الأعياد: الأيام يدوّنها المدوّن تباعاً:
الموجة تطرد الموجة كسر خالٍ من الأسرار. وفي اليد حفنة آمال: على مَ يا عين لا
ثمار هناك .. والكل مع الكل أسرى رمال.
[20]
أملك في جنازة .. أم جنازة في
ملك: ليس للأسئلة حقائب ولا للتماثيل ساحات. الأميرة غادرت غابتها وأمام الامتداد
تركت روحها للفضاء. العرش بالعرش تزّين والظلام قلدنا أوسمة الظلام. الملك المنتخب
امسك بالمعول، يا أميرة، الصحراء هجرت رمالها، فبأي المسالك يسلك من لا غيمة عنده.
تاه التائه ومع الرمال أقام .. هذه هي أيامك داولها وجرجر صمتك بالصمت. القبائل
انثلم فيها النور والظل استدار. الملكة بالمفتاح أحكمت باب حكمتها، ومع الهواء
نثرت بذورها، ليلاً عند انكسار العرش، كاشفت كتمانها وللصمت بالقلائد أنشدت. ملك
في ملك وجنازة توزعت بين الملوك: ليس للموجة آثام. المفتاح يساراً إن دار أو يمين،
ليس للبحر أوثان. الملك يلقي الخطاب، يوزع الفقراء على الفقراء، مصطحباً أميرة
للعيد لم يزن بعد معها الزناة، جنازة في جنازة وملكة يحملها الماء إلى الماء. يا
قلب دار الخاتم، أما من عيد يشيعنا إلى آخر الأعياد.
[21]
ليس من ضريح داخل الضريح إلا
ياقوت هواء: يا جند لنعد صياغة الغيمة. ما الحرب إن لم تكن معادن فقدت مودتها،
مثلما قلبي، بالنار وبالحجارة، توزع أو رقد بسلام. الساهرون يتسامرون بحكايا
الأميرات، والملك خرج في صولة.. ليس من نور في المرايا ولا فوق اليد، القبيلة
انثلمت والملك اصطاد الغبار. يا أميرة لا مناحات في المدينة، الأسرى يأسرون
الأسرى، والموتى لا يودعون الأحفاد .. نوحي كحمامة بلا رأس، هنا بلا مبالاة نجلس
عند الماء لا تراتيل ولا غناء. كل يحصي رماله، كم ربحت كم خسرت .. نوحي كنجمة آخر
الكلام، أنا لا أبحث عن جار أو جارة .. عيدي اكتملت أيامه، وروحي مع روحي توحدت
سراب.
[22]
يتسع الفضاء ليتوحد: ويا قلائد
على مَ النواح لا الصائغ لا الثمرة يتذكران .. ويا قلب انبض لا الموت بسابق ولا
البعث يفترقان .. هذا المحو ذاكرتي .. ويا خاتم بأي قفل نقفل العيد كي ندخل جرح
الأرض، هذه ثماري، وهذه نيراني، وهؤلاء جند من فضة .. وهو ذا احتفال بني الإنسان:
بالمسمار نرسم النشيد، وبالكتمان نوزع هدايانا: كل يد مع ظلها راية، يا قلب الممر
مغلق كثمرة تولول أشجارها: تعال ما من آت لم يغادر، فالأسماء تمحو الأسماء .. ولا
تتعجل موجتك.. الأوثان اصطخبت .. ولا باقٍ حتى أمير الأوثان. يا قلب تندر.. الحبيب
جنازة في عيد .. وأنت أعياد في مدفن: كلانا بالغفلة سارية .. وبالوهن أفشينا سر
الرمال .. فهل يموت الميت ليبعث كربيع تحت غبار السماء: هل غادر بالغفلة من لم
يأت.. يا فجر لا تولول لا تقفل خطاك، كلانا فوق الماء مرة وغرقى مرات: تندر إن كان
لك ظل، وبمفتاح المسرات دشن آخر الأعياد.
[23]
وتهبط من أعلى المعبد كاهنة
ترسم نشيد الرمال: الفجر جرحنا .. النور أثقلنا: فخذيني إليك ِ فانا صرت ممراً
للأوثان.
[24]
قال النور دوّن، قلت ما أنا
بمدون .. أنا روح ترفرف في البرية .. أنا الأضداد .. أنا العماء .. أيها المتكلم
تكلم العين للإصغاء والإذن للنظر .. أنا الغريق في اليابسة فماذا بالبحر .. تعال
اليّ استطال صبري، الجسد وهن، والصحراء استطاب لها النعاس. الأمراء أخذتهم غفوة.
قال دوّنت وكان هذا قبل حصاد الآثام .. وجاءت عرافة الخيام تضرب لنا دفاً وبصمتها
حكت حكاية الأيام السبعة. أصغيت طويلاً للنسيان. هذه معرفتي: الموجة تطرد الموجة
والمولود مدينة بلا أطراف: يومياً اضطربت الممرات عليّ اعثر على خرقة. ليس من معبد
أو عابد.. أبحث عن نورس في الجدار وعن امرأة في الهواء. قال دوّنت أيامك فداول
عتمتك. لا تبصر بالبصر ولا بالفم تنطق. لا غيث يأتيك ولا فم الصخرة بساكت: هذه
ممراتك تابع فيها نورك، فستدرك يوماً انك من الظلمة جئت واليها ترجع. فلا تقعد مثل
محارب حزين، ولا تدخل حرباً لا يشتبك فيها العشق. لن تخسر شيئاً يا آدم وحواء ضرب
عليها العقم طوقاً. اليد لا تعطي ولا الأرض تأخذ .. كوكب تجمع فوقه الحصاد. يا
عروسي أكان هذا كلام رئيس القبيلة. دوّن صمتك وامح نطقك .. كل شاخص يشهد انه لم
يأخذ لأنه لم يعط: فيا روح لا تجزعي، ويا جسد لا تنحني للغبار، قبلك وبعدك داولتنا
الأعوام، نهض الجبل وظهرت اليابسة. فخذ ما عليك وأعط ما لك، لا أنا بخاسر لا أنت
بكاسب: كوكب كومت فوقه الهدايا وكأناشيد ستنشد يوم لا ليل لا نهار. يا عروسي ما
جدوى كلام الرمال .. الأعالي نذهب إليها بلا عتبات .. فمن ذا دوّن فوق المسلات
النواهي. قال امح صوتك قلت أنا بلا صخرة قال امح ظلك قلت أنا بلا نور قال كن
النور ادخل مملكتي قلت ومن أكون قال أنت العيد قلت وما العيد قال أن تحمل جنازة
فرحك وتمشي: الكوكب طريق، والأيام مفاتيح، لا تخشى الباب، الساقية معك في مسراك
إلى البحر، هذا هو أنت: جنازة في عيد .. ووثن في جنازة.
[25]
أزاحت العذراء غبار المعادن،
وبصمتها خاطبت البرية.. لينهض الرفات لينهض الصدى. فجاء كلام البرق القديم: عودي
يا عذراء الصخور لبذرتك. كل عنده بابه كل عنده الكتمان. وسيدور الكوكب. تلك ممرات
ستأخذنا إليها. سنتوزع مثل دخان، ونتجمع مثل ينابيع. عودي حيث المعبد عند المصبات.
ضعي النذر فوق الأرض عند الكروم، ودوري مع الباب .. الأيام أعطتنا المسارات ..
فدفعت الموجة الموجة .. وتزاحمت الأضداد. لن ينطق الوثن إلا بالوثن: كلمات هو ذا
الرمل ثمار الطوفان. عودي لملمي الظل إلى الظل مع الظل فقد فتح العشب للجنازة باب
الاكتفاء.
[26]
لك أنت ِ الجالسة بين الأوثان،
لم يترك المحارب إلا زنبقة جريحة. أي لون بهي هذا الذي يجرجرنا. أهذه أسرار أنثى
تأتينا من نار الغابات أم ممر آخر للأوثان. أنا كنت قبل اليوم العابر فصرت الجسر.
كنت القنديل فصرت الخشبة .. ولك ِ أنت ِ الجالسة بين الموتى عويل كتمان: كل يطرق
بابه .. كل مقفول بالجدران .. مدن ترقد تحت الأقدام وسبايا مهجورات
يتنـزهن في مضاجعهن وحيدات يتهامسن هل ابرق برق الغيث. لكِ أنت ِ النائحة بين
المدافن قلادة زمرد وغريق: هذا سيد شباب الوهم: حسن الصوت كتوم عطره الغابات لونه
الفجر. فبأي الممرات تسلك من وهبتنا أسرار الأرض. بك لذات ووصايا وزلازل عروش ..
بك صدى انتهاك المغيب وتشققات قاع اليم. بكِ صولجان الأمير وخسوف عهد الرمال.. بك
الأنثى لا ترتوي بالنذور. لك أنت الأماني صفحات نقلبها ندوّن ما عليها إلا حكايات
الجذور. لك أنت سلام النفس حتى المغيب، نعيد ترميم أوامرنا، نهدم باطلنا بباطلنا،
ونشّيد للأوثان التذكار.
[27]
تجهل الحقول بّذارها والمزارع
لا يمحو إلا خطاه: دوّن يا مدّون إن البواب تقاضى أجره، ومن أدلنا أضاعنا: يا
ممرات الروح وهن النور والعظم سكنته الأحزان: أناشيدي للحقول سلوى، وبالجند الذي
قاتلت نلت الخسران كسبت النفس ما عملت، ونفسي ما كسبت إلا البهتان.
[28]
جمعت أعيادها وانحدرت مع
المصبات: أعطت ما وهبت، نثرت ما امتلكت، لا قرط في الإذنين، ولا قلائد تزين بها
فضاءات الإنارة: ارتدت رداء التريث .. وتاهت: استأخذ ربّات الموت ما منحت، الأسماء
وكتاب النذور .. أيتها المرأة النور إليك متاهة، فافتحي لنا نافذة العتمة، افتحي
لنفسك باب الرمال. كلانا شاهد أطيافا تتنـزه مع الغرباء ومع الغريبات. لا الطيب
للطيب ولا الوردة للوردة. هذا لون آخر يجرجرنا إليه: لا قلائد، البحر دار بغرقاه.
كلانا .. الراحل ومن رحل، الأتي ومن أتى، سيحمل عصاه ويدور، هذه كواكب تتجاذب في
دورانها لا مبالاة الرجاء: أشقاء ذبائح .. في البدء .. ومعادن فككها الانتظار ..
لا ملكات إلا في عهد الريح، ولا ملوك إلا بفعل الخسران. يا قلب أأخذتك غفلة الإقامة:
تعال أبصر عتمة اليد وسجلات البراءة: حشد يزاحم حشد، ومارة، بلا مبالاة، يعيدون
صياغة الأوثان.
[29]
تأخذ الريح ما أعطت .. وتأخذ
النار دفء الكف .. ويأخذ الماء ما أعطى للمحارب وما أعطى للعاشق. ويأخذ الوهم
بقايا العمر: بلا مبالاة يتجانسون: أيتها المرأة من دخل الينبوع فأفاق الرماد، هو
ذا بلا استئذان يهدم السارية .. أين تذهب الغابة إذا وهنت .. ممر واحد جمّع
الممرات .. وممرات تناثرت .. أين يذهب الوثن والأوثان تفرقت .. أين تذهب الأوثان
وليس من وثن .. ممرات هي الكواكب، ممرات هي العتمة. أيتها المرأة أما من وشاة ..
الأرض ما بخلت بما بخلت، ولا الغريق استأنف خفايا البحر. السارية انحرفت بالريح،
والفلك بالأمواج غابت، فلتأخذنا الأبواب إلى أبوابها، ولنسر مع الممرات إلى
الممرات.
[30]
ما الذي دفن في القلب: بحيرات
أم نياشين .. ما الذي في الروح عدا مدن فوق مدن. ما الذي فوق الكف عدا مطرزات
دخان. وليس اكثر من ندبة في ثمرة، وليس إلا غابات الرحيل: عّمرنا الخراب، وبالزمن
بادلنا العمر .. ثم لا يستقيم المعنى. يتفكك الواحد إلى ممرات، والممرات تتجمع في
متاهة. حفنة قبائل جمعتها فرقتها الوعود .. ثم تعدل قوانين الاستقامة. ويغادر من
أقام، ويقيم من تعجّل الإقامة.
[31]
بآثام أولى، حاولنا تعديل
العوائل، فتهشم الجمال: ذهبنا لتعديل المسارات، عدلتنا، فكان إن امسكنا فذقنا
مرارات القرع على الطبل، من الدولة إلى ساحات تناثر الكف، سواء بسواء، غفوة الفجر
ملوثة، لا نحن للرمال ولا باليد للمدن حيلة. أيتها المرأة المأوى هو ذا الضحى
والليل والوداع: أيصنع الفصل الوجيز معجزة، لا مأوى ولا لليتيم سبيل. في قلب
القبيلة آثام فلاحين ومشاكل كلام: لا الأرض/ لا المدن/ لا الطرقات/ لا بيت الحكمة/
لا بيت المال، ولا الحبيبة ولا الحبيبة إلا أعياد في رمال .. فبأي إصحاح، والوهن
دب، تعّدل أو تغيّب. فخذ الحقائب والرسائل، نشوة الفتى الذهبي، مجمعات الكلام، مع
الأوثان، جميعاً، لتأخذنا نوايا الاستعادة. للسواحل مع طمى الطوفان آمال مرمرية.
تطرزها يد السهو والاعتذار: أبهذا جندنا جند الجسد وتركنا نعيم الأحزان. أبهذا
استقام المعنى، للأضداد، وصرنا، لا لليمين ولا للشمال: أم هي منزلة بين منزلتين،
وعيد آخر يمتحن بالمحو تاريخ النسيان: هو ذا الكوكب الخاتم لا ينثر عطر الورد، هو
مثل العراف، يجهل تاريخ الأوثان: فينهض الدار فوق الدار، ذكرى دخان. هذه قبور
الأحفاد أراها، تودعنا، إليها، كأن قبور الأمس تلاشت بالرمال: يا قلب ما سرك ألا
تستريح، لا القادم اكثر جدارة، ولا الراحل اكثر استحقاق. يا قلب أراك صرت جميع
الأوثان.
[32]
بعض الآثام مسرة .. وبعض
الانكسارات نعيم، أفلا تعلمون. هذه نياشين الأحفاد وتلك نذور الأولين. كل بدعائه داعٍ،
وبمعبده مقيم. ويتآخى الأسرى، العاشق والقتيل، تمتد صحراء الغيث ذكرى، نسوة الماء
وفتيات المجذومين. كل لا يعطي إلا ما أعطى. يا عروس النيل يا عروس الفرات بأي وزر
ارفع أوزار المحتفلين. ويقال انها أساطير القادمين .. هذه هي روحي تميل على
الأطراف كأن الهواء من ثقله باح بالمستحيل.
[33]
وأجند الجند لكي أسوّر أسواري مني: أجزعت ْ من النار..
خذ ذق ماذا بالثمرة من أسرار .. وماذا باليد غير رمال.. فلمن أخشاب المراكب هذه؟
بالأمس قبل ظهور الروابي عصفت بالكواكب العواصف .. ونجى من كان في الفلك المتين.
وكانت تلك أساطير .. فأبصر أودعك الفجرُ أم جئت بثمرة أو ممرِ أم انك للدعاء مبين:
ثانية يا امرأة الدعاء بختمك نكون مع الأولين، ومومسنا ممرات ، وكل الآتين بعد
الآتين سفر ألواح في اصداء القادمين.
[34]
معبدة ممرات القاع، مثلما
الفضاء اللامرئي، بالأطياف. كلٌ واحد حتى اشتباك الرماد. أو انفصال الكواكب: يا
ملكة غابت عنها الأوامر، القصر عبد، والتراب مع التراب أناشيد: البرية أيضا، وليس
المدن، صفحات غياب. لا الوثن باقٍ ولا العقد. هذه انثلامات مباهاة وانشغالات
وراقين .. فبأي الذكرى تستدرجنا: يا إناء الأطياف ها أنذا أقف عند الباب .. أنا
الممر .. أنا الفتى الذهبي أنا الطائر في آخر السرب. أنا التاج فوق الرمل. أيها
الضحى أنا المعدن بين المعدنين لا فضة للقمر لا نيران للوقادين.. هو ذا يدخل في سر
الإبانة آخر العرش أو القادمين آخر الثمر هذا النهار غابة وما ودعناك الروح وهنت
ما ودعناك الجسد تراب برق توجناه بالغيوم وما أنت سوى أول الممرات توقف أنت آخر
الراحلين أنا أول القادمين.
[35]
رواية قلائد لا زوردية توحّدت
بالبراعم: شتات أقوام وحدتهم غفلة: ريح نثرتهم فرقت الأصابع .. فكانت كل سفينة بما
وهنت سارية باستثناء ملك الرمل أعطى الماء السواحل .. وهل للماء سواحل. ومكث يرتب
احتمالات الغواية. نبض العرش بنبض العرش .. ممرات الإبل تارة والتائهين الممسكين
بزاد المحنة تارة. لن تأخذ ما أعطيت .. فوق بساط اللذة بقايا كواكب .. خطا أنامل
تورق تواريخ الدفن وأيام الدفانين. كل ينوح على كلٍ، والواحد بين الكل متاهة.
[36]
اهو نشيد بحر لملمته السواحل
.. اهو اشتباك رمال .. الفلك غادرت بمن فيها، حقائب أثقلها الغبار. الفلك كواكب
والمسافرون حطام. يا من دوّن فوق التدوّين إنا هديناك المسالك، جدار لصق جدار،
وحافة بمحاذاة حافة تكتم الكلام. أتكون الكلام، أين خرز الحبيبة يا عرّافة أين
خرائط الاستذكار. إنا أعطيناك اللوح لتنجو أعطيناك أول الكلام. فإذا بالتائه
يستدل، والكف توّزع نبؤتها كتمان. ألا أيها الواقف أدلنا على ممر الوقوف، وماذا عن
مسالك الوقوف، عن صحف أضاء محوها الانغلاق: غرقى يحتفلون بالحطام .. والدخان
يجرجرنا إلى السؤال: أيتها المرأة أكل هذا استئذان؟ ثم لا مأوى لا غرقى ولا من
بفؤاده تعّدل الأقدار، آثام تطّهر الآثام .. والكف فوق الكف كوّنت تكوّنت محت
آفاقت ودوّنت كتاب الأعذار. واأسفاه على جبلين وهن ما بينهما، هذه ديارنا تملأ
الرحب منذ ثمود وعادٍ ما عادت إلا خرائب ومزاد. فبأي المسالك يسلك هذا السالك،
وبأي كلام نترجى أن نغلق هذا الباب.
[37]
يقّلب الوّراق محنته يقلب
أسماء الأشجار الأمراء وأحجار الضوء. لا تجزع قف كآخر أيام الصيف عند القطاف..
كأول أيام الزرع .. هذا الليل عروس ملائكة أوثان وهذه البرية بساط نسجه نسّاج
البرق .. ويحتفل الوراقون بعيد الصوت .. بعيد الصمت .. أعندك هبات كلام أم ماذا عن
الجبلين وما بينهما من زرع. الغابة أفاقت صحراء، واليد انثلمت، وهذه هي مدافن من
لم تدشن بالدفن، هذه هي الديار: مدينة تغفو تحت رموش قرارات مبهمة الأعراف: نسوة
يبّعن أنسجة العمر ونسوة يقبعن مع الجدران: يا عمر أهذا هو الباقي ويا بذر أين
البذّار. منذ فاتحة الماء حتى دار القفل بنا ودار يدّون وراقنا ما دار ودار:
منسيون في صحف الرمل .. مراكب تبحث في الكف عن أسفار. يا كاتم كتمان فضائحنا هذه
هي أوراق الورّاق: وهذا هو آخر ما في العمر من الأوثان.
[38]
وجاء الصيادون بكسير آخر: حتى
البرق أوقعته شباك الإغواء، حتى الماء طاب له النداء، يا سيدة الأقدار انثلم الختم
الوثني. القبائل اجتمعت نصبت شباكها. والجريح غاب. مرة في أول العمر رأيت الميت
ينهض وها أنا عند المدافن لا أحصي عدد الأحفاد. من يذكر إنا كنا الجرحى القتلى
وإنا كنا القلائد فوق الماء. يا عمر در ككوكب فتحت له المسافات الامتداد، خذنا معك
الجميع تراب.
[39]
لديك الدار إقامة، ولدى البرق
جدار، فبأيهما يستقيم إن استقام الكلام. تلك ممرات الماء بالفلك جاءت وتلك خفايا
الرمال بالنجم ضاقت فبأي سبيل يستقيم إن استقام الكلام. خذيني لعرسك لموتك أنا
الخطأ في قلادة الأوثان. الليل وهن وما وهنت هذه الأبدان. دعيني اصطحب مؤنسي فانا
كنت قبلك أجيد الأسفار .. دعيني لك هذه خاتمة الأقدار.
[40]
تعالي اصنعي من الرمان قلائد،
وبالزيتون قناديل: الروح موجه لك، والبحر امتداد. وما الحجارة فوق الحجارة إلا
نذور. أيها المنفى جمعّنا، هذا عيدي امرأة مدافن .. وهذا أنا كاتم الأسرار: كلي
قيامة. يا عروسي طرزي نجومنا بخيط البراءة، وهنت أسئلتي وكلامي صار كلام. هم مارة
يودعون المارة، محنة لذات، غفوة غيمة، والزلازل بعد الزلازل اندثار. منذ متى باح
العاشق للعاشق بالكلام: هذه عروسي نبع خفايا ليلة فيروز: هذه أزمنتي ممرات وهذا
أنا الماء فوق الماء فاتحة اختتام.
[41]
ذهب الحصاد بحاصديه، وذهبت
البذرة بالبذار. يا شوق لمن الشوق وهل من مزيد: هذه الرمال للعرش فاتحتنا
بالأسرار. وهذا الممر للبرق وهبنا الهبات. ماذا تريد الروح بعد أن اعتكفت، والجسد
بالفاقة أقام الأعياد. ماذا تريد الجدران والباب وهنت، واليد فوق الماء حوّمت، يا
مفتاح ماذا وراء الوادي، وماذا في خفايا الأعناب: الملكة أقامت عرشها، لنا هذه
الجنائز قبائل، والجراح ممرات.
[42]
فُتحت باب الخاتم، قرأت لنا
أشكال البحار: أين أغادر يا قلب وقد دارت بنا الكواكب دورتها: المطرزات فوق
الموائد، والذبائح نشوة انكسار. يا أطلال أية سلالات تقبع فيك، أنا روحي هجرت
قبائلها، ولذاتي غادرت كتمان الرمال.
[43]
باسم الشجرة الأولى، مملكات
القداح والرمان .. زمردة في فضاء: باسم الذي كان .. نكون: خرائط لليد وأخرى للرمال
.. أيتها الحجارة من محى أثرك. هذا هو ظلي يقيم الحداد عليّ .. وهذا أنا للمطرزات
تذكار. هو ذا الحوار مع الرمل مع الماء مع الدخان. أيها الجرح أنكتم سر الولادة ..
سر الأوثان. والبحر سارية غرقى. يا مدّون ماذا عثرت بين المدونات: القلب خالٍ إلا
من عويل نجمة: خالٍ إلا من فضاء الأوثان.
[44]
تعالي إلى ّ كنعيم الغرقى كمرارات السكون: احتفال زنابق
للهجرة: وكبرق المرثيات. يا شجرتي أنا الأخير في السلالة، وأول الماء. هذه الممرات
تأخذنا إلى الممرات، ثم بالأوسمة نحصّن محصنات الآمال: قداس لوهم وآخر لمن أسرى
بالإسراء، تعالي للمغادرة. كوخي الليل والنهار .. ويدي الغابة تعالي للإقامة ..
الوردة وإن كتمت خفايا العرش أنا الدخان: تعالي نعدل الأضداد، تعالي نكتم ما كتمته
الأسماء.
[45]
اغلقتني الوردة، والباب وراء
الباب: يا عروسي من بدل الأقدار .. ليلي فوق الكف ماء .. وقلبي طوفان. تعالي نشوة
أكفان، الفلك عبرت، والغريق في انتظار .. يا نفس لا أودع من ودعني أنا الاستضافة.
ويا نار خذي ناري أنا الحجارة أنا الأوثان.
[46]
لمن انذر نذري: يا ثمرة،
الصحراء انغلقت، وحمامة روحي أخذتها الرمال: يا ثمرة أكان الجدار جدار .. وينهض
الوراق يلملم مدافننا، يمحو ويزل، يؤشر الأسماء، ويد النور تأخذنا بغفلتها، يذهب
الأتي والدار تجمعنا: حقل من الآثام روحي وهذا كفنها .. بيارق كفاف هي المودة:
مسرات غفلة هي الينابيع .. يا قلب اعرف انك تجلدت تجلد الحكايات .. صرت من النبع
لرأس المال موجة .. وصرت فضاء كلام عند الأشجار.
[47]
أموت براية لا تحملني إلى المنفى، أنا الدم براءة المنفى
براءة المنفيين. يا ورقة متى أضعنا الذي معنا، متى جمّعنا المستحيل. هذه الشجرة من
يرعاها إن كانت تاهت بين ممرات الصحراء، من يمسك باليد للزرع وللبيدر ينشدها، من
يدلنا يا دليل وأنت معنا مع المنفيين: كوخي أميرة .. وثماري جداول .. وها أنا
للمنية لم أولد .. وهذه هي المنايا للروح عاشقات. أية غاية عدا أول الحلم، أي طريق
عدا آخره لا يسلك إلا بالرمال. يا نفس لا توزعي الحكمة بضائع. الأرض لم تدر لأنها
تدور .. والعاشق بالخطيئة أعرف. قداس لك يا ثمرة سبقت الياقوت، وآخر لكِ بعد أن
كتم العاشق بالتراب تراتيل الحجارة. هذه هي روحي تعلن مودتها، وبالمسرات تفتتح
ألواح مدافنها.
[48]
استضافتنا الممرات: يا من نزل
إلى الثمرة ومن توحد بالرمال: المتاهات وحدتنا فرقتنا جمعتنا ثم أعطتنا نياشين
الرماد. هذا حبيبي فيّ غاب، هذا حبيبي عندي صار الغياب. وهذه الأيام للسلوى، وهذه
الأحزان بعض بلوى، وهذه اليد تكتم أسرار الأنبياء.
[49]
يجرجرنا الرحيل إليه: زنابق عند الأصابع .. حجارة فوق
الرأس، جرات خمور للظلمة، قلائد للمنفى وأخرى للذكرى. يجرجرنا من نداء لنداء، من
سيد إلى سادات، ومن احتمال إلى فضاءات.
[50]
ممر كهذا هو الممر .. ظلمة منارة بالحدائق، مطرزات فوق
الموائد: قلائد ليل. يا مخلدون لدىّ شكوى كتمت أولها وضاع أخرها. الفجر فضة فوق
الجبل، ودم الزنابق خلع نوارس شقائق النعمان. النعمة حجارة، والنار لا تتشهى إلا
ممرات النار: من الداخل إليها من الخارج إليها من الخارج وما من بينهما من حجارة
ونار. تعالي إلى ّ للمغادرة تعالي إلى ّ كأننا لم نكن إلا النسيان.
[51]
دخلت ممرها فدخلنا الممرات؛ أتاه الياقوت. تعال يا حرس
بوابات الكلام تعال علمني إلا ادخل: الأرض غادرها الحصاد، الأرض أخذتنا معها؛ هذا
هو لون اليد فوق الماء، وهذا هو وثن الماء يبارك الأسماء.
[52]
ويوم تبدل الحجارة بالحجارة،
والمرمر بالمرمر، ويوم تبدل الأوثان بالأوثان روحي تمسك روحي وتغادر: ماذا بعد
كفاف النعمة، بعد قيام من دوّن بالمسمار سره، ماذا بعد أن المعادن نطقت: خذ يا
حبيب مني خذ عدا صحو سكري أو دعني امسك بباب رمالي. الماء هو الماء إذا الرغبة
نطقت، والقارات ليست القارات إن كُتمت. كل عنده درب، عدا روحي للابتهالات أعادت
بناء غبار حجارتها. يا قلب لا يحتمل الحجر حجر ولا الفؤاد شكوى. فبأي الزمرد يبدل
الزمرد، وبأي الياقوت ندشن رحمتنا: القلب شكوى، والصمت رمال كتمت لوعتها.
[53]
يخفق سر الصخرة للصخرة، مثلما
لا أحد يمتلك إلا كتمان الرمال للرمال: تعالي يا يد المطرزات هذي ثمار شجرتنا: ليل
كعروسٍ والبرق مودة. لا يستعيد الماء أسئلة الجداول .. وغرقى البحر مفاتيح قلائد.
تعالي إلينا بحجارة الأناشيد، أو خذينا إلى ما بينهما. منازل بين المنازل: تاه
الصمت، وتهنا مع القلائد. أهو سحر جرح الدفن أم خلاص الأشجار. هذا العيد أثقال والينابيع
عند مصباتها. لنقم مأتم الفرح ونفرح: لنشيّد معبد القلب بالقلب: الأطياف تأخذنا
إليها، يا امرأة تعالي برداء يخشاه النور، تعالي بغيمة الأنوار، خصب الجرح قيامة،
والعرس احتفال. ليأخذ الوثن ما أعطى، خذينا بالكتمان وللكتمان ذرينا، الجسد نذر،
معبدنا وعد، ورمالنا ستدّوننا بذرات الرمال.
[54]
هذا الرمل عبادات لم تعبد ..
وهذا الهواء أجساد لم تذق الميلاد: بنطق المسرة تنهض شجرة الماء، وبكتمان الضفاف
تدشن الأسماء. يا نفس ما عليك ليس لك ومالك ليس عليك: الكل خرزة، والكل خيط، فبأي
الأصابع تطرز منمنمات الرمال: حبيبي فيّ كوكب، وأنا لست له إلا الأغصان: يا
مودة أنا المودة فلماذا السؤال. أنا الصوت لكِ مهما البرية أغلقت علينا العصيان.
نداولها مسرة, من قبر إلى اسم، ومن نشيد إلى ماء، نسوة أقمار، نداولها من تراب إلى
تراب، وبالكتمان نعلن أناشيد شقائق النعمان.
[55]
عرس أم مناحة، لن يغير الفجر
الأضداد ولا الألقاب إن دوّنت. كلٌ محو هو استذكار، وكل عند الوهم قيامة. هذه
بقايا خرائب مثلما هي امتداد ينابيع، القلب أقام مع الرمال مع الرياح والروح
مفاتيح أسرار: غرد غرد يا تراب ما فوقك تراب، وما قبلك تراب.
[56]
نشوة أعياد أخذتها الأعياد ..
ونشوة مودة لم يغب عنها الغياب ؟ فبأي عرس نعلن الافتتاح. كل يأخذنا إليه أو
يتوجنا بالدخان يا من لها نطق الصخرة القادم كالبحر لا اعتذار للأنهار، المجرى
للمجرى، والدائرة بالرسم تتخذ شكل الأكوان. حكمت الغابة علينا، مثلما المدن، مثلما
الأوثان، أن يبقى القلب خالٍ إلا من فضاء الياقوت والأحزان.
[57]
توّرد القبر وردة، انفتح الجرح
احتفال، لا باب، اليد كتابة، والعمر احتمال.
[58]
ليس للنص إلا ظله: غابت لذة
الأشجار، غابت نشوة الأسرار. كلٌ هو كلٍ لغربته، لا جمرة إلا الهواء الذي تصالح مع
الهواء.
[59]
أتبدل الأعالي ببعض الأعالي
والأرض بالأرض أم نختتم النزول بفتح باب النزول: الينبوع صاغ نشوة حكمتنا،
والممرات دوّنت كتاب الافتتاح. أيبدل القادم بقادم والراحل براحل أم إنهما بالقفل
إنارة أعياد. يا ملكة اكتمل عرشها بزوال العرش اليد بالعتمة دوّنت وصايا الثمار:
كلُ كتاب بسره، داخل المتن، وخارجه فضاء: هو ذا مجد الياقوت رسوم دخان. نأخذ
جدراننا إلى الليل، ومن الفجر إلى الفجر، الأعياد جرجرت الأعياد. المحارب فوق
الرمل كروح وما هي بالروح يوم الموازين اكتملت وبنياشين الظلام غياب.
[60]
وما هي بغفلة أخطاء، لكيّ يكون
للندى هذا الفضاء، الفلك الغاربات بخطوط الاحتفال تمخر داخل غيمة: وهذا القلب يدشن
الناقوس باللامبالاة. وليس البحر بارك خطانا للخروج، المداخل بنوافذها ضاقت والكف
سماء: وما هي بالمحنة، البيدر راح مع الريح، هي سّورة رمال، فتالات تدور من الأعلى
إلى الأعلى. ويا أيتها التي لم تلد أحزانها بعد، ويا من لم تحبل، ويا من غادر
وحيدها مغادرة البرق، النازلون إلى النبع اخذوا زادهم، كنار هتافة بالمزيد؛ نوحي
عند ضفاف المعابد، وزعي قلائدك للمنكسرين، عيّدي بعيد الجدران، هذا المدّون أزاله
التدوين، وهذه الأسماء منازل وطبقات، لا الفناء بسابق، ولا المخلد في العرش بلاحق
عصور الغابرين. كلاهما بقفل العشق عزاء متبتلين، وكل يد بمفتاح النور عتمة
محتفلين.
[61]
وهذا الجبل غادر عرشه وتاه مع
التائهين: وهذا القلب لملم موجه وجلس مع النائحين؛ وهذه الروح فكت لوعتها وطافت مع
الطائفيين. يا ممرات التذكر، ويا ثكالى العيد، ويا من بنذرها نذرت فصانت يد مثواها
وما بدلت الينابيع، أما من سلام وهمٍ ثمار ونار وما بينهما للمنذورين، المخبولات،
وهذه الأوثان ما بُدلت لكن البرق محى، والأسماء فوق الأسماء تذكارات مجهولين.
[62]
تركتنا فوق الماء كأزهار رداء
الآثام وانحنت فاستقامت.. جمعتنا وغابت: أين الطبّال الهتاف أين حاجب الملك أين
الباب الممرات أين الغائب .. ملكة النور جمعنا لها الزمرد وبالفصول دوّنا بنود
الياقوت. ما ضاعت رملة ساحل ما هدرت نجمة .. بالإقامة ختمنا الأسفار .. بالأجر للصرح
أقمنا .. ومن كل اثنين اثنين الذكر والأنثى للطوفان اعددنا. فيعود الغائب بطمي
النسيان يعلن بدء مواسمنا، يأخذنا لهجرته وللوعته ينثرنا. ما أنا بالورقة في هذه
الشجرة، وما أنا بالمسافر في هذه الرحلة: أنا الحجارة أما من نار .. أما من بحر
يجمّع مجرانا .. أما من ابل تخترع لنا الرمال، أما من مدّون للنسيان ينذرنا .. أما
من كلام للفضاء بالباب يودعنا: أسرار غيب فوق مدن مدثرات تحت لوعات عوائل ملكات
أثقال .. قبائل حشد بنود .. حفنات رمالٍ .. وما الجنات جنات لو كانت يد الماء فينا
كلام، لكن اللوح فك – ودفن – أسراره، وبكتماننا أبصرنا ذريتنا، الخرازات للخرازين،
وباب الموؤدة لا تسأل، ولا المهاجر بممتحن هجرته، كل نفس بوهنها، أوثان، القبائل
إلى أمم، والملكات إلى العرش بيانات غياب، يا قلب من افسد سلام المشاكسة، من بلوعة
المرضعات عارض الإياب: ألا يا نفس خذي أسلافك ألواح، واجلسي عند الأعالي، طهري
نطفة الشوق، وتواري قبل طلوع ظلام الصباح.
[63]
وهل يخرج السر زرعه بمدن
تتهاوى فوق الرمال: وهل يخرج الجبل ذريته ينابيع ووديان: ألا يا من آوى التائه
لدىّ سؤال، أني للأسماء ما محوت الأسماء، فمن ذا بأسلحتي جرجرني إلى أناشيد
الخسران. سيقول يقال العروش تهاوت، وبعقود لم تعقد أقمنا الأوثان: تعال يا تاج
الغائب خذ كفت نذورنا عنا وكف فينا الكتمان عن الكتمان.
[64]
هبطت أو غابت تركت منحنيات
اليد خرائطها غابات أسحار: يا لبن المرضعة أين أضعنا باب السؤال: روحي رفرفت أينعت
جفت وصارت مثوى دخان، لا العاصفة تعصف بالدار ولا القلب للمعبد أعطى ما أعطت
الرمال للرمال .. يا ممسكة خيط ما بينهما لا الليل اكتمل ولا الراحل بالرحيل كف عن
السؤال. هذه قلائدك أرغفة نار ونعيم، بمفتاحك خاتمة، هذا قرطك مموه الألوان، وهذا
حجر الممرات صار انتظار .. وترفرف الروح لغايتها، وما هي لغايتها سوى آمال.
[65]
أيكتم الملاك سره انه يساق إلى
فناء وقد قصرت به أيام الفناء: أيشكو الجسد انه لم يطل الإبصار في بقايا الرفات:
أتحزن الروح انها ستولد، في دورتها، ولا ترى أطلال الإياب، أم هي تحولات أسرار
تبادلت أدوارها، فلا أجدى لرماد على رماد ، ولا لنياشين الجسد ان أطاحت بها هذه
الأجساد، أم أن للدورات في دورانها، حكمة الأفلاك. لا يسرنك يا عابر هذا الفصل أو
ذاك، فيها الألوان تستكمل الألوان. لا الرمال استطالت على بحر ولا الغريق شكى محنة
الأبعاد: هذا الحبيب أتى مرة، لكنه كان غادرك مالاً يحصى من المسرات.
[66]
أنحنى الرمل فشيد داره: يا
عاصفة وهل يغير الرمل بغير الرمل: هذه مدن الأحفاد أبصرها: ولائم ماء فوق الماء،
دخان أجساد طرزها الدخان: هذا كله نثار حجارة، والعاشق للعاشق كبحر فك وامسك
غرقاه، تعال غادرني للإقامة .. لا أسرار تكتمني، يا باب الممرات أنا بابك فأين
الباب.
[67]
وردة العرش أباحت كتمان
الزمردات: أقامت وبالغفلة فكت عقدتها .. ها نحن للظلال نقيم المدافن نقيم
الاحتفال. يا رداء امرأة الرمل بماذا نتسلى: الميتون فوق الكلام، اصابعنا
للاعتراضات. أنا أدوّن أيام المنفى كأيام أمسكت بغياب الغائبات. فمن ذا يمتحن
السؤال ؟ يا خاتم تاه العرش: المكورون للمكورات .. ولا أضاحي والعيد باب أغلق
الأبواب .. وفتحت الوردة ممرات انغلاقها. أقام الفرسان عيد الوصايا. أميرنا قال
الوصايا ثلاث: برق يرفرف فوق سماء اليد، قطرة ندى تسبق نزيف الفجر، وليالٍ أوى الماء
فيها الرماد. يا امرأة الوعد هبط الغائب فينا فصرنا النشيد .. ويا كلام تدارك
اصداء خطابنا، هذا حشدي وأنا أول من يدوّن محو كلام المحتشدين.
[68]
لا أنا بجامع زاد الدخان لا أنا فاديه: أنا حبة رمل
أينعت فمال غصن الليل انتشى فقطفته أنامل المنتشين. جميعاً نطفة فوق نطفة وعداها
هذا هو سؤال التائهين. يا من تاه عرشه لا دليل هنا حتى للعائدين. فلماذا تكتم كلام
الوردة . الجراح لملمتني، الأوثان وزعتني، وهذا صوت صدى أصحاب اليقين.
[69]
قلب من غادر للحضور، قلب من للغياب أقام. أتبحث عن قلادة
علّ من خرز خرزها قال للعرش الكلام فصول والأجيال رماد فوق كهّان. واحتفل بالوهم
كأني في أول القداس ..وأموت كأني في آخر الحجارة: عرس يا تراب فالطين كلام. لا تؤذ
.. الأرض بساط ممرات، والروح نشوة عبور. فأيهما لديك الأحزان أكواخ حراسة. القفل
مفتاح، السر إضاءة، والباب استجابة. يا عروسي ضعي ماء القربان فوق رفات مدافننا،
لا أرى المدن إلا نثار أصابع فرقها الجمع، وجمّعها الكتاب نثار شظايا.
[70]
ما الذي جمّعنا .. أجّمعنا
الصدى: يا قمح الحقول يا ورد اليد فوق اليقين من منا الشاهد من منا ذاق لذة
الشهادة . هذا ثبات البرق يعلن ياقوت الكتاب، أزمنة عتمة ولهو بغاة. وأنت يا خرازة
اليقين ماذا عن الخيط وماذا بين الحجارة ؟ هذا جيلي يتنـزه كالوسنان بين الوسن، لا
عنده آمال ولا في خطاه استحالة. تعالي اليّ بنور العرش، لنأخذ قمحنا، ولذات
المشاورة. تعالي اليّ بالسؤال فقد صارت الجراح ثمرة.
[71]
اليد أخذت أم أعطت لا قرار
للآثام مع الآثام . ثلاث ثمار، أينعت اكتملت بها الثمرة: بحر بمجراه يطهر الأسرار،
ونار لا تتشهى حجارتها، وألفاظ هي ليل عروس قيامتنا. هذه يدي أبحرت مع فلكها فعادت
استقامت ثم تناثرنا دخان. قرب قلبك منا لوعة، اخف عنا ممرات الأشجان، الروح أطربها
الأسى، وبخفايا الكتمان باح بنا الكتمان.
[72]
ما الذي يا تراب فرقنا إلى
كواكب: القطارات غابت، والكف صارت صولجان. ما الذي دعانا لاستئذان الحجارة: كل
مثواه سارية، وكل كتابة أوثان.
[73]
باح الليل اليّ بسره: لا مأوى
في القاع ولا في الريح: فيا أيتها المتبتلة عروسي تشابكت الأضداد وتصالحت .. كل
الجذور عبق ورد.. والآثام كنوز .. فاض الفيض . لا وليد عند المرضعة ولا للقيامة
مكان. السماوات أصابع منثورات والأرض مفاتيح. كل النياشين أعراس، فأين أنت يا من
أغلقت علينا النار. الرحم يباب: الذكرى جنة، والأعراس رمال.
[74]
عندها أو عبر الممرات، خاب
الكلام: معابدنا ذكرى وقبائلنا دخان. من يجمّع النفس التي تفرقت ، ومن يجمع الرمال
. تاه الماء . تعال اشهد هذا رفيق جناح الهوى . ويا من تبعث في الغريق روح الماء
أنا هنا اجمع الأضداد.
[75]
ليس إلا همهمات .. ومرآة حدقت
في العبور. الممرات غادرت. والإنشاءات نطقت بالانتشاءات. المنكسر للمنكسرة، قالت
الريح، ولا صلح لليد التي بايعت أضدادها: خسران أعياد، الطارق للمطرقة، ويد البرق
للمودات. ليس إلا نطق حجارة وكتمان احتفالات، فماذا أنت بينهما بفاعل؟-: دوّن
بنثار الماء شكل العبور، وقسم معبدك إلى سرايا: لتأخذ اليد هيكل النذور، والرأس
فضاء الحكاية. قسم عيدك بالنعيم داول أيامك بالإقامة: تاه الماء، فخذ رمالك كتابك
امرأتك ممرات إنارة وأقم خارج داخل العرش نظام الإشارة. هذه قبور لم ينقش النقاش
بعد حكمتها، أو نظام الزوال.
[76]
من .. لمن تلملم الأعياد ولمن
يجمّع فائض القسمة: أشجار النار أخذتنا وماء الرمال للرمال وزعنا: فهذا هو كتاب
المهر بالوصايا لوعنا، وبالوعود اخترع لنا أسرار هذه المطرزات.
[77]
أتكون الغواية اكتمال الممرات:
نشيد وصايا الزمردات، ثم، باستئذان التراب مع اليد، تقيم أول الاحتفالات.
[78]
بأية قلادة .. بأي نذر ، بأي
ممر باح الكتمان بالكتمان؟-: اكتمل التراب. والدخان احتمى بالدخان. بأي ماءٍ، بأي
يدٍ ، بأي رمالٍ، اللوح أعلن احتفاءه بالأسماء ؟ ويا أنت التي بدلت المواسم
بالمواسم والثمار، ليس للميت إلا أعياد ابتهالات .. الحطابون للحطابات، وهذه
الثمار إلى الثمار.
[79]
في الثانية الراحلة أو قبل
دهر، ليس من اعتراضات أو نشوة غامرة: البقرات العجاف استضافت دخان الموائد .. وفتى
الحدائق أو كهل القطارات محى صفحات المدافن: يا للشوق إن تستعاد حكاية ممرات
الصخرة: إلى الأعلى أو مع العشب، لم نكف عن الصمت؛ غوايات يد طبّالة، وأخرى،
للميتات الجميلات، داعبت استدارات النجوم: أما من رفاهية وحيدة تُدشن تعويذات
الرحيل.
[80]
ويشهد الظل على الظل انه
الميعاد: لا نذر للمنذور لا قبر للفضاء: تاهت بين يديّ عروش المهد، تاهت نجوم
القلائد في القلائد. هذا ترابي أيها المأخوذ بالعذراوات، لا ملائكة، هذا هو البحر
يأخذنا بغرقانا، بسواحلنا، وللمهد يهدينا بقاء الزمردات. أتحولت خفايا الرمال إلى
احتفالات. يا فخامة الوثن خذنا إليك أنا بقايا مهملات. نار في الموقد رماد غفلتنا
وتتوج رذاذها بالفضاءات.
[81]
هو الذي باح بنا أو باحت به
الرمال: الأعياد أغلقت باب زنابقها. والماء كوّن مثلما الراعي ختم بواديه بقفل
الأشجان. هذه يد البذّار امتدت إلى صفائح الألواح وبعثرت خزائنها: الظل أقام
احتفاله ، فبأي الأناشيد تلاشت مسافات الكتمان . كيف صاغ البواب حكاية العابر ..
الم تقل النجوم الأنثى للحجر، والذكر للأقمار، كضلع مخلوع، يا قبائل الكلام
تداركينا .. المدى نشوة .. وحكمة الحكيم طبل طبّال.. الأصوات إن تجمعت تاهت ..
والروح بإقامتها أعلنت أسرار الاطمئنان.
[82]
ضيوف بجوار ضيوف في القاع أو
عند ينابيع الوردة. هي رحلة برية بين يدّي رحّال: المدافن باب، البحر كتاب،
والساحل عند الساحل هجر سره. تعالي إلينا جراحنا بيادر، نوافذنا بقايا جمرة.
[83]
هي برهة، وما بينهما، لتحمل
اليد نذورها. يغيب من أعطى ومن أخذ. ويختتم الاحتفال .. إنما كيف حسبنا القطارات
تمضي إلى الذاكرة، أو المستحيلات. أخذت عرشها والبيادر، اصطحبت خفقات الماء، جمعت
خرزها، وبالخيط لملمت أحجارها وما ملكت وبالكلام للرحلة قالت هذا زاد الاقامات:
وأنت ماذا تفعل بما وهبت .. أتقيم بعرش الريح وبالظل، أتوقد بيت الانطفاءات . ليس
للحجر فوق الحجر إلا الهواء وقد حمل أثقاله بلا ممرات اعتذار. هذا هو المدّون بما
دوّن جاء كبرق وبالغفلة احتفلنا كما الرماد بالرماد. لكل موقد حصاد .. الراحلون لم
يغلقوا أبوابهم .. ولا الأسرار كفت عن إتيان الأسرار.
[84]
لملمتنا الريح أم فرقتنا اليد
كتمت كتمانها، وللأعراس نذرت خاتمها: يا قوة المعدات هذه هي قلائدنا: الأضاحي لمن
باركها . لا تفرحي بالوردة ولا تنوحي عند الألواح: كلانا نبادل كلانا وعندهما لا
أضداد ولا استقامات.
[85]
اليد ختمت بالوعد وعودها: وزعت
نذورها للحدائق، ثم عادت بالوعد إلى جناتها. الم تر كيف نثرتنا الينابيع وجمعتنا
الأدغال .. الم تر كيف استعاد الواهن شرارة الدخان، هذه هي عذراء مدافنا بالأمطار
طهرتنا وبالإمطار جاءت لنا بهذه الأوثان.
[86]
عدّلت الريح مسار البوّاب
عدّلت الريح ركن الباب: ها هن الملكات يفقن يمسكن التاج يقمن ظلال القاع: لا مراكب
عند الساحل، الموج انشد للغرقى، والبرق تلاشى مع التلال، تعال اليّ بوهم أبهى،
بثمار لم تمسسها يد النار .. أو دعني عند النبع أقاسم أحجاري الزاد. عصور كالسلاسل
تنتزع التراتيل من الأوثان. تبعث بالنقش كتمان النقاش: هذه هي روحي أفاقت من
وهنها، وزعت الغرباء إلى الغرباء، ومع التراب إلى التراب أقامت هذه الأعياد.
[87]
نبهتنا الخفايا لثمارها:
المدفونون بالدفن قاسمونا الهدايا: رماد مناديل، هياكل أنوار؛ ويقاسمونا الأولون
حكايا الليل: بغفلة نذر، ببرق الفحم، بصمت الأشجار: ليس لأحد منا ننثر كواكب وهذه
الفلك أناشيد .. وهو كتاب مفتوح للمحو كتاب مغلق للفضاء.
[88]
جذور من أضاءت ثمار الخاتم:
الرمل الذي اصطحبنا إلى المتاهات جمعّنا في لؤلؤة، وزعنا دويلات. إنما من ذا
للرماة باح بأسرار مرمانا: والبرق كفّ عن ظلاله. لا تنطق إلا بما قال الليل، الذين
ودعونا عند البراكين هم ذكرانا، ومن شدة الأضداد توحدت الأضداد. هذا هو توهّج
الروح أخذنا بغفلته، ودوّننا كألواح رمال.
[89]
كتمنا وردة الأرض ابتهالات:
الكواكب دارت وخاتم الشجرة فاض بالأنوار: يا ذرية التائه هات ذريتك احتفالات. الم
تر القلب لِمَ رفرف ولِمَ للطوفان تاه. أمسكتنا برارينا، صنعنا وفرة الزاد،
وبالدخان محونا كلام هياكلنا. لا نذر للمنذور، ولا أضاحي للتراب.
كفّنني الفضاء بلذة الأسحار؛ الواهنون فرقهم جمع الشمل، وقبائل اليد أكفان: فبأي
المرؤات نختتم الاستضافة: فهل كان ثمة ضيوف وهل كانت ثمة باب.
[90]
بأي قوىً طواك الوهن، الأمطار
صنعت هذا الجبل .. وبالنذور الريح شيدت هذا الوثن. حكايات للرمال تروى وأخرى نمحو
بها غابات الشجن. الرفيف حمل أجنحته وأتانا بالخبر، الذكرى أزالت ما بعدها وما
قبلها من أثر. اجلسي عند أعالي النبع بلا محنة فان شئتي من الأحجار اصنعي قلائد
للقمر أو دعي أناشيدك تأتي بها الأمواج إلينا مثلما الأفراح للقدر. لا تنوحي عند
ضريح خالٍ مني، المعابد إلى زوال مثلما السكينة أحلام سفر.
[91]
عيناك ثمرتان منذورتان للريح
لا للوثن: فخذي المحو ذاكرة، وحفنة من الرمال خاتم أمل: لا تنوحي لان الأيام
غادرتنا، ولا تفرحي كثيراً لعروش من ماء. الطالبون المزيد مثل نارٍ زادها الحجر.
فيا روح رفرفي على حب ما هجر .. ويا مدّون لا تظهر الاسم اسماً، الطالبون الكفاف
أناشيدهم مطر. وإنما يا عجبي ينهض الجبل باحثاً عن آمالٍ وأسحار وحجر. ويا عجبي
تدور الدوائر، وبالكلام نخترع اضطرابات الأزل.
[92]
ويا مدوّن لا تعمق كثيراً في
الأرض، البذرة شجرة، والنبع بالأعماق لا يكتم الخبر. ولكم وددت الجلوس كفانٍ مع
الفانين بعيداً عن المحن، إنما الأيام تداولنا بين نارٍ ونارٍ، ولا مناص انها
الأقدار تتجمع مثل حجر فوق حجر: كل بمسار كتاب الغيب، يدور دورته، مثلما، لا مناص،
كالأقدار، مثل حجر يبعثر حجر.
[93]
هدأت انثناءات الأرض أما آن لك
إن تهدأ. سكن ماء الأعالي أما آن لك إن تسكنْ: آن لك أن تفعل. لقد مضت أعوام
الجفاف وسحر عصا الرمال: لا طوفانات/ لا مزارات/ ولا مدن إلا تحت المدن: بلى، آن
أوان أن لا تهدأ . لقد آن أوان ألا تهدأ.
[94]
الم ترْ كيف كان صيف اليد فوق
الأعشاب: الجنود نائمون في الغيمة والأضداد بلا أضداد. لا بوّاب يذكرنا بالباب ولا
للغابات أبواب. يأخذنا الهوى ونأخذه كلانا يبادل كلانا بعض الزاد. هذا احتفال
العرش لا عقد لا قلائد ولا ممرات. فغادر من لم يدخل .. أوثان المعابد أخذتنا
إليها، وبالرماد رفعنا الرايات.
[95]
متى جئت لكي تغادر .. وما هذه
الأضاحي: يد فوق كل يد ولا يد هناك: اتسع مدار الخاتم وضاق .. مثل اتساع مسار
العشاق: اجلسي ونوحي كأننا افتتحنا العرش .. افرحي احتفلي بتدشين العهد: ما قبلكِ
وما بعدك الماء جمعه، الرمل فرقه، ومثلهما الأيام هفوات رتبتها الغفلات: يا من في
قلبي تجرد عني وتوحد فانا وأنت الفناء.
[96]
الم تر كهف الروح فاضت بنبؤات
أوثاننا: المسكوكات يجلّسن نسوة فائضات عن الرغبة: والحاجات قبائل احتياط. لا
أسئلة عند الكف: اللغة نداولها والعشق فائض ممرات. أين أخذتنا الموّدة وبأية أدلة
أدلتنا. الموؤدات أبحن بكتمان أعراسهن. يا نفس خذيني، لا أنا توحدت مع الياقوت،
ولا الصخرة فتحت لنا باب رحيلنا.
[97]
و..خرج اليقين على اليقين: هذه
هي انثلامات صدفة: الياقوت للياقوت .. والانا بستان. الم تر ثمار الفصول: كراسٍ
بعكازات الموتى عند نسوة الوشاة يحتطبن الأمواج. الم تر المدن تتدثر بأنهار الستر
والقبائل تتجول ولهانة. الم ترِ الطير بانكسار جناح الفجر تحّوم فوق الشارات:
أضاعنا الضوء.. النار كتمت دخانها .. والغابات بلا حنين. آمالي يقين فضائح كتمان
فخذيني إليك بوهن الموتى أنا السرير إليك دوامات ألواح عويل. هذه أناشيد ادم قبل
البدء، فماذا بعد طوفانات المزامير، كل يأخذ منفاه إلى منفاه: دوائر توزع جموع
النمل دويلات منشورات فوق الجلد. الم ترِْ ماذا صار إليه التراب: الطالعون بطلع
الطلع ذهبوا .. والأتون بغبار الفجر مملكات: هذه يد الكتابة تنادي محوها: توحد
توحد توحد فهذا السحر لم يأت به ساحر: هي ظلال الرمل قامت للعبور. تعالي إلى ّ
بباب لا يفتح، وللرياح وزعي النذور. القلب فوق القلب جنة، الأعياد اكتظت بالزوال:
تعالي إلى ّ بأصداء غاربات، فانا عند الأعالي انسج لكِ بساط العودة. فاخرج يا من
لم تدخل. الألفاظ جلال: كل حروف المعابد إقامة. أيتها المرأة لك كان المنفى، ولك ِ
الزاد. الياقوت زينة دغل، والمقابر معدات رياح. الحرب أخذتنا بمن ودعنا وبمن كان
لنا ولهم ميعاد. الحدائق كشفت عن آخر جذورها. لمْ تجرجرنا اللذات، عشقنا دخان
هياكلنا، وللريح زرعنا المطرزات: تلك هي أيام آدم معدودات وتلك كتابات الآثام: كل
لفجره رفع راية، مثلما الفلك فكت باب الانحدارات. ثم جاء من يشيّد فوق الأطلال
عبور النار. وجاء البرق بسر زوال الإعلان. ستموت أيها الميت وستولد للأوثان، ويا
أيتها المرأة بالحبل قللي الأوجاع: التائهون للتائهات. لا أحد يدلنا على أحد ..
فالنذور هي آخر أعراس الأوثان.
[98]
يد أخذتها الممرات وأخرى
بالانتشاءات باحت، هي صخرة روحي نطقت. جاءت بعروس الرمل وتاهت: يا نفس ماذا اكتشف
التراب وماذا خبأ. هي المعابد لملمتنا نثرتنا وللأعياد أهدتنا: القبر فاض بحناء
الدعاء والموتى في احتفال: يا حرس النور هذه قيامتنا: نسوة الرغبات هامدات فوق
الدخان، والملائكة محض احتمال. من ذا يعدل قافية الأخطاء ومن ذا للغفران يقيم
الغفران؟ كلانا اشتباك، لا لليمين لا للشمال. أخذتنا أرملة الغيمة لغيمتها وبكتمان
حكمتها نثرتنا. تعالي بعرسك أضرحة وقلائد: يا أيتها الغافية هذا فعل النقاش على
النقش: أسماء فوق الأسماء. الم ترِ كيف رسمنا ضياء الخوف وليل البرد. المْ يكن
الحزن بين كفينا وديعة: يا أيتها النفس الراجعة خذينا للاطمئنان براكين بيارق: هذا
العرش تاه فمن يمسك بهذه البيارق؟
[99]
كتمت الصخرة أضاحيها،
وبالأناشيد قلدتنا غبارها: ترابك عرش، وطوفانك تاج: يا أيتها المرضعة هذا وليدك
جنازة: باب يغلق باب .. وهذه شواهدنا تشهد إنا ما أغلقنا باب. اليد اكتشفت والكلام
تراب فوق تراب. ونهضت العاقر بعرش الفجر ارتجفنا سقط الرطب وجاء جنين الطلق إنا
عند الوعد ..: يا مدينة لملمي جدرانك، كل عروس لعروس منفى، هذا آخر الليل، هذا هو
أول النطق.
[100]
ليس في الأفق أكثر من انحدار مستقيمات: ما قبل الشكل وما
قبل الدوائر، الرحلة لا تختتم بالإياب. الكل اللا مسمى يكمن في الأسماء. والأسماء
لها أسماء. وفي العتمة نار، أيتها المجهولة هذه ممراتنا. وهذا هو الغفران.
Az4445363@gmail.com
بغداد/ 1993