الأربعاء، 15 يناير 2014

حامد كعيد الجبوري - إضاءة / العرب تاريخٌ ...!!!

وداعاً لفلسطين: دور الأردن في المفاوضات الفلسطينية -الإسرائيلية- بقلم : د. لبيب قمحاوي



وداعاً لفلسطين: دور الأردن في المفاوضات الفلسطينية -الإسرائيلية

ا                                                                                          بقلم : د. لبيب قمحاوي
لتاريخ:13/01/2014
lkamhawi@cessco.com.jo
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                         
        نشهد هذه الأيام جدلاً كثيراً حول احتمال التوصل إلى اتفاق ما بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل برعاية أمريكية ومشاركة أو مباركة من أطراف عربية أخرى أهمها على الإطلاق الأردن.
      ما تريده  إسرائيل معروف ، وهو الاستيلاء على كل أرض فلسطين خالصة دون أي مشاركة أو وجود للشعب الفلسطيني عليها. وما يريده الفلسطينيون معروف أيضاً ، وهو أكبر مساحة ممكنة من فلسطين بما فيها   القدس لإقامة دولة فلسطينية ذات سيادة دون أن يؤدي ذلك إلى الانتقاص من أي من حقوق الشعب الفلسطيني بما في ذلك حق العودة. أما ما يريده الأردن فهو الأمر الغامض وغير المعروف بالضبط . والأهم من ذلك ما هو الدور المناط بالأردن ومن هي الجهة التي ستحدد هذا الدور وطبيعته؟
      عندما يتعلق الأمر بفلسطين والحلول المرجوة ، أو المطروحة لقضية فلسطين ، يصبح من الضروري التأكيد على أن ما يريده النظام الأردني ويرغب به ، أو يسعى إليه ، أو يوافق عليه قد لا يأتي منسجماً مع ما يريده الشعب الأردني أو يقبل به أو يوافق عليه. وكما جاءت اتفاقية وادي عربة (معاهدة السلام بين الأردن وإسرائيل) تتويجاً لعلاقة سلام بين إسرائيل والهاشميين، كما صرح بذلك اسحاق رابين رئيس وزراء إسرائيل في ذلك الحين، فإن ما يجري الآن من مفاوضات بين الفلسطينيين وإسرائيل والتي يصر النظام الأردني على أن يكون جزءاً منها قد تؤدي إلى نتيجة مماثلة.
      السياسة الخارجية الأردنية تدار الآن مباشرة وعلانية من قبل الملك شخصياً ومن خلال الديوان الملكي ، أما رئيس الحكومة فقد يَعْلم وقد لا يُعْلَم بما يجري. وهذا الوضع يشكل مخالفة دستورية واضحة كون إدارة سياسة البلد الخارجية والداخلية هي من مسؤوليات الحكومة التي تخضع لرقابة ومساءلة مجلس النواب. ولكن واقع الحال أقوى وهنا مكمن الخطر فيما يمكن أن تؤول إليه الأمور. وانطلاقاً من ذلك ، فإن المسار الذي يحكم العلاقة الفلسطينية - الأردنية هو مسار شخصي وعلاقة فردية بين ملك الأردن ورئيس السلطة الفلسطينية . وقد لا يختلف هذا الوضع كثيراً عن العلاقة بين أي زعيم عربي وآخر. ولكن الوضع يختلف في الحالة الأردنية – الفلسطينية من زاويتين. الأولى وجود عنصر ثالث مؤثر بل وحاكم لمجريات تلك العلاقة ومداها وهذا العنصر هو إسرائيل. والثانية هي الاختلاط والتمازج البشري والاجتماعي والسياسي بين الشعبين الأردني والفلسطيني ، والذي سبق وحدة الضفتين وتعدى فك تلك الوحدة ، أي أن هذه العلاقة الشعبية أثبتت أنها متجذرة وعابرة لكل الترتيبات السياسية الرسمية الأخرى ، ولا يحق لأي شخص او حكومة أو حاكم أن يفترض أنه يستطيع تجاوزها، وفرض حقائق جديدة قد تتناقض جزئياً أو كلياً مع آمال وطموحات كلا الشعبين.
         من نافلة القول أن وجود الأدرن واستقراره كان دائماً مرتبطاً بدوره كحاضنة للنتائج الكارثية لما يجري في دول الإقليم المحيطة به وأهمها بالطبع فلسطين. ويبدو أن الحكم الأردني مقتنع بأن استمراره هو أيضاً مرتبط بقدرته على التجاوب مع هذا الدور ومع ما هو مطلوب منه ومدى قدرته على النجاح في تنفيذ المهام المناطة به.
      من طبيعة الأمور أن الوطنية الأردنية المرتبطة بالدولة والمواطنة قد استمرت في النمو والنضوج منذ تأسيس الدولة ، إلى أن ابتدأت الآن تدخل مرحلة البلوغ السياسي ، الذي يعكس وعياً متزايداً لدى الشعب الأردني وقدرة متنامية على تحديد مصالحه ، والاعتراض فيما لو كانت تلك المصالح متناقضة مع مصالح النظام أو سياساته. وهذا، على ما يبدو، ما نحن مقبلون عليه.
       الحديث المتواتر هنا وهناك عن آفاق المفاوضات والأفكار التي تحكم مسارها ، وبالتالي معالم التسوية ، تشير إلى أن موضوع "الأمن" وبالتحديد "أمن إسرائيل" سوف يكون هو المدخل إلى المفاوضات لأن إسرائيل إذاً "ارتاحت أمنياً" تتحسن فرص التعامل معها في باقي القضايا قيد البحث ، وذلك حسب تصريحات جون كيري وزير الخارجية الأمريكية. وهذا التبسيط للأمور يهدف إلى خداع الجانب الفلسطيني والرأي العام العربي . فالموضوع "الأمني" بالمفهوم الإسرائيلي يعني كل شيء ، وهو كأخطبوط له أذرع متعددة تقضم الأراضي تحت شعار الأمن، وتصادر السيادة الفلسطينية تحت شعار الأمن، وتُبقى قوات الاحتلال في الأراضي الخاضعة للسلطة الفلسطينية تحت شعار الأمن، وتمزق أوصال المناطق الفلسطينية وتمنع تواصلها تحت شعار الأمن، وتطمح إلى التبادل السكاني والنقاء اليهودي للدولة العبرية تحت شعار الأمن، وتصادر الأرض والسماء والبحار وما في داخلها تحت شعار الأمن! 
     ترى هل يستطيع جون كيري أن يحدد سلفاً ما معنى "الأمن" لإسرائيل وحدود ومحددات ذلك الأمن ؟ وهل سيتم التعامل مع امن الفلسطينيين بنفس الدرجة من الاهتمام التي تُعطى لأمن الإسرائيليين؟ أم أن أمن الفلسطينيين خاضع لأمن الإسرائيليين ويأتي في الدرجة الثانية وكمحصلة طبيعية لأمن الإسرائيليين؟
    الأردن دولة ضعيفة ، وإصرارها على أن تكون طرفاً في عملية التفاوض تحت شعار حماية المصالح الأردنية يعني أن الأردن سوف يتم استعماله من قبل الأقوياء، أي أمريكا وإسرائيل، لتسهيل مرور العديد من القرارات المعادية للمصالح الفلسطينية والعربية.
      السؤال الكبير إذاً لماذا هذا التكالب الأردني الرسمي على زج الأردن في أتون المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية؟ الهدف من هذا التساؤل هو إنقاذ الأردن من تبعات هذه المفاوضات وليس استثناءه منها. وأي محاولة من قبل البعض للايحاء بأن هذا التساؤل وهذا الموقف يعكس نَفَساً إقليمياً أو سلبياً مردود على قائليه ، لأن أي نمط من العلاقة بين أي طرف عربي وإسرائيل يسير دائماً باتجاه واحد هو مصلحة إسرائيل ، و"اتفاقية وادي عربة" بين الأردن وإسرائيل هي أكبر دليل على ذلك.
      تمر عملية توريط الأردن في المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية الحالية بخمسة مراحل:
المرحلة الأولى : خلق انطباع شعبي أردني بأن الدخول في المفاوضات هو لحماية الحقوق الوطنية الأردنية من خلال الايحاء الخاطىء بأن الحل قد يكون على حساب الأردن فيما لو غاب عن تلك المفاوضات.
المرحلة الثانية: البدء في طرح قضايا قد لا تكون فعلاً قيد البحث الآن ، ولكن تُستعمل لتبرير دخول الأردن حلبة المفاوضات مثل قضية اللاجئين وحق العودة والتعويضات ، انطلاقاً من المفهوم الخاطىء والشرير الذي يعتبر التعويض حق للحكومات وليس للأفراد. إن الحديث عن التعويض باعتباره حقاً للحكومات هو أمر مرفوض لأن المؤكد أن الأموال سوف تسرق ابتداءً ولأن توقيعاً واحداً لحكومة ما على قبول التعويضات وبالتالي التنازل عن العديد من الحقوق هو أسهل من الحصول على عدة ملايين من التوقيعات. وهذا الموضوع الذي رفضه العديد عندما طرحه بعض المسؤولين الأردنيين قبل أكثر من ربع قرن لا زال مرفوضاً والنوايا المختبئة وراءه ما زالت مشكوكاً بها.
المرحلة الثالثة: الاشتراك فعلاً في المفاوضات وبالتالي تبرير الدور المرسوم للأردن من خلال المفاوضات الجارية الآن بين الفلسطينيين والإسرائيليين وخصوصاً ما يتعلق بالشق الأمني ووادي الأردن والحدود.
المرحلة الرابعة: الاستناد إلى المظلة العربية لإعطاء هذا الدور الأمني للأردن في فلسطين الشرعية العربية اللازمة لتمريره شعبياً خصوصاً بين أوساط الأردنيين والفلسطينيين.
المرحلة الخامسة: تسويق هذه النتائج داخلياً باعتبارها نصراً عظيماً للدبلوماسية الأردنية وللحكم وإنجازاً للأردن.
       إن حقيقة ما هو مطلوب من الأردن إذاً يتمثل في المساهمة في حل المشكلة الإسرائيلية وليس حل القضية الفلسطينية، والفرق بين الإثنين كبير. وحيثما يكون من الصعب على السلطة الفلسطينية القبول بترتيب ما بشكل علني، حتى ولو كانت قابلة به بشكل سري، يصبح وجود الأردن في المفاوضات وسيلة لتسهيل تطبيق ذلك الترتيب. وهذا ينطبق بشكل رئيسي على الترتيبات الأمنية والسيادية المتعلقة بوادي الأردن أو بالأصح "منطقة الغور" وكذلك الحدود المشتركة بين أراضي السلطة الفلسطينية والأردن. ومن المتوقع أن يتم استبدال الوجود العسكري الإسرائيلي في بعض تلك المناطق بوجود عسكري أردني. وفي ظل التقدم التكنولوجي الهائل يصبح هذا الوجود رمزياً يسهم في تدمير آمال الفلسطينيين بالسيادة على أراضيهم ، مع تحول الاحتلال العسكري الإسرائيلي إلى احتلال تكنولوجي بواسطة معدات مراقبة وسيطرة الكترونية. إن زج الأردن في المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية الجارية حالياً يشكل إذا مدخلاً لإرغام الأردن على حمل وزر التنازلات التي قد تعطيها السلطة الفلسطينية لإسرائيل.
      ولكن ما الفائدة التي تعود على الأردن من ذلك؟ أمريكا هي صاحبة الفكرة، وإسرائيل تعلم ان زج الأردن في المفاوضات لن يغير شيئاً والسلطة الفلسطينية الحاكمة لا خيار آخر لديها ، والحكم في الأردن يعتبر ذلك منسجماً مع مبررات وجوده ودوره في المنطقة. وهكذا يكون الجميع بخير إلا الشعب الفلسطيني والشعب الأردني اللذين أرغما على مقايضة مستقبلهما ومصالحهما بحلم كاذب قد ينقل الصراع من فلسطيني – إسرائيلي إلى فلسطيني – أردني فيما لو أخذ هذا الترتيب مداه الأمني النهائي.
     وبالإضافة إلى ذلك، فقد يؤدي هذا التطور ، فيما لو حدث، إلى توتير الأوضاع الداخلية في كل من فلسطين والأردن. وقد نشاهد تصعيداً في التوتر داخل الأردن يعكس حقيقة التناقض بين ما يريده النظام وما يريده الأردنيون ، تماماً كما سيكون عليه الحال في فلسطين.
      أما ما يتعلق بمطلب إسرائيل الاعتراف بيهودية الدولة ومحاولة مقايضتها ببعض الحقوق الفلسطينية ، ومنها حق العودة ، فإن في ذلك خطورة تفوق أي شيء آخر. فهي من جهة تحول حقوق الفلسطينيين إلى أكذوبة ، وتجعل من نضالهم وكفاحهم المسلح إرهاباً ، وبذلك تعيد كتابة التاريخ الفلسطيني . وهذا الاعتراف يفتح الباب أمام إسرائيل للتخلص من سكانها العرب وتجعل حق العودة خرافة. إن الاعتراف الفلسطيني ، وما قد يتلوه من اعتراف عربي ، بيهودية الدولة إنما يهدف إلى إعادة كتابة التاريخ ليكرس أكذوبة نفاها التاريخ أصلاً ، كما يعطي شرعية لأي إجراء إسرائيلي يهدف إلى التخلص من السكان العرب في فلسطين التاريخية. هل يريد الأردن أن يكون جزءاً من هذا المسار؟ هل يريد الأردن ذلك فعلاً ولمصلحة من؟                


الاثنين، 13 يناير 2014

بمناسبة المولد النبوي الشريف قصيدة للشاعر حامد كعيد الجبوري

محمد وأحمد مختار وبشير )
حامد كعيد الجبوري
يا يتيم الملك أسرار الوجود
يا أبو الأيتام يا كلب السمح
روضه بين القبر والمنبر أكيد
واليكف ما بينهن هذا الربح
أمتللين أذنوب واليعزم يتوب
أبلا ذنب يرجع وجفته الترتجح
درب معسر موحش ومعتم طويل
الدنيه ظلمه وبسمك أنجيب الصبح
محمد وأحمد مختار وبشير
المصطفه والسار نهجك يفتلح
أتـنور طيبه تزدهي وتشرفت
أبفيض جودك والنكر فضلك جبح
يا وسيع الباب يم بابك رجيت
واليريد الفرج بالدعوه يلح
أنتخيتك وأنتخيتك وأنتخيت
عاصي أجيت أبسيل عطفك أنصلح
**
ميت حي سيوفهم تروي الذئاب
تقترب لله لولادك ذبح
للجريمه أجذور من يوم الوحي
طمطموا والعار سر وينفضح
للبقيع أرمال عاين وأشتكه
لله ودموعه على الشيبه تسح
حصن مرعب والنبي أبوسطه أسير
بيد سجانين مكسور الجنح
أعترف أن الحرم هيبه و جبير
مو أله التعمير لجيوب الفلح
وين زهرائك يبو الزهره البتول
الببيها والحسنين صدرك ينشرح
الجسره صارت سيدي أبيوم الخميس
خذوا رادتهم أبدمكم ينسفح
من ضلع زهرائك ومحسن يسيل
للطفوف الدمه من يثرب نضح
بيت للأحزان تبني وهدموه
جرعوها الويل بوجوه الكلح
والهظيمه سيدي التاكل الروح
عالجبال القمم يتعله السفح
ومن هذاك اليوم نجريها الدموع
وللفرح نتخاصم وما نصطلح
**
وين زهرائك يبو الزهره البتول
أبيا كتر من روضتك مدفونه
بس غبت عنها أبتده فصل العذاب
اليوم مثلك بالحزن مسجونه
يا رسول الله وأميرك جردوه
جلس بيته وبيعته أينكرونه
خضع لله وبوصيتك ملتزم
همته فقاره وتدور عيونه
لولا أمرك كلب عاليها ونهض
وقيد أبقيد الذي أيقيدونه
يا رسول الله أبكلب مدمي وحزين
يريد نلثم تربتك منعونه
يا رسول الله طال الأنتظار
أشوكت غايببنه يحل فرحونه
**



الجمعة، 27 ديسمبر 2013

مواقف تاريخية عن سواحلنا-كاظم فنجان الحمامي

مواقف تاريخية عن سواحلنا
 
 
 
كاظم فنجان الحمامي
 
موقفان وطنيان حقيقيان يعكسان قوة الشعب العراقي ودوره التاريخي في الدفاع عن سواحلنا ومياهنا الإقليمية, الموقف الأول وقعت تفاصيله عام 1937, في العام الذي فكرت فيه الحكومة العراقية (الملكية) بإبرام اتفاقية مع الجانب الإيراني تتنازل بموجبها عن جزء صغير من مياهه الإقليمية مقابل الأرصفة الإيرانية النفطية في منطقة عبادان بين (بريم) و(بوارده), على ضفاف شط العرب بموازاة الساحل العراقي المقابل, الممتد بين (السيبة) و(الواصلية), على أن يكون التنازل في ضوء تقسيمات خط الثالوك ولمسافة سبعة أميال فقط, فقامت القيامة يومها, وخرج الناس في شوارع بغداد للاحتجاج على تنازلات الملك لشاه إيران, فطعنوا في حق الملك وصلاحيته في التنازل عن أي جزء من العراق, ومزقوا الاتفاقية المُذلة.
والصورة النادرة المرفقة تبين حدود الشريط الساحلي الإيراني الذي كان يخضع برمته لسلطة الموانئ العراقية, وتظهر في الصورة ناقلة نفطية راسية على رصيف عبادان عام 1937, وقد أرساها ربان عراقي, وقادها مرشد عراقي, في الحقبة التي كانت فيها حدودنا المائية تمتد في عمق الجانب الإيراني إلى آخر نقطة في اليابسة تتغلغل إليها مياه المد العالي في شط العرب, وكانت السفن والناقلات المتوجهة إلى الموانئ الإيرانية في (عبادان) و(خرمشهر) تتحرك بإشراف مرشدين بحريين عراقيين في رحلتي الذهاب والإياب.
والموقف الثاني وقع في الرابع عشر من مارس (آذار) عام 1967 وكان بطله الرئيس الراحل عبد الرحمن محمد عارف, عندما أطلق بوجه شاه إيران كلمته الوطنية المدوية في العاصمة طهران على خلفية الطلب التوسعي الذي تقدم به محمد رضا بهلوي بإدخال تعديلات جديدة على حدود المناطق البحرية المتشاطئة بين البلدين عند مقتربات شط العرب, فرد عليه عبد الرحمن بعبارته الحاسمة الحازمة الجازمة المجلجلة, التي قال فيها: (أن أرض العراق ومياهه وحدوده ليست عقاراً مسجلا باسمي, ولا ملكا صرفاً لعائلتي, ولا مقاطعة من مقاطعات أجدادي, ولا حقلا زراعياً من حقول عشيرتي, ولا إرثاً لأبناء قبيلتي, ولا غنيمة من غنائم أهلي, أنها ملك الشعب العراقي وحده, ولا يمكن التفريط بها, أو التنازل عنها, أو بيعها, أو تأجيرها, أو التلاعب بخرائطها, أو المقامرة بها, أو المساومة عليها, أنها الواحة الفردوسية الرافدينية المقدسة, التي اختارها الله جل شأنه مهبطاً لرسالاته السماوية, ومثوى لأنبيائه, وصومعة لأئمته, ومنطلقاً لسلالاته البشرية, هي الأرض التي حملت شعلة الإنسانية والتحضر إلى كل أرجاء المعمورة, فلا أنا ولا غيري يمتلك حق التفريط بأرض العراق ومياهه).
بيد أن الحكومات العراقية اللاحقة تنازلت لإيران عام 1975 عن نصف شط العرب, ومنحتها لحكومة طهران على طبق من أطباق المراهنات السياسية الخاسرة, ثم توالت التنازلات السخية بمرور الزمن, حتى وصلنا إلى اليوم الذي فقد فيه شط العرب أسمه ورسمه, وخسرنا فيه (خور عبد الله) لصالح الكويت, فأهدرنا سيادتنا المطلقة على نافذتنا البحرية الوحيدة التي نطل من خلالها على بحار الله الواسعة, وهكذا انكمشت سواحلنا, وتراجعنا نحو المياه الضحلة, وتقهقرنا إلى الداخل من دون أن يحتج الشعب العراقي, ومن دون أن تتذمر الكيانات السياسية العراقية, فشتان بين مواقف الشعب العراقي بين الأمس واليوم.
ربنا مسنا الضر وأنت أرحم الراحمين