( شك ما
يتخيط شكينه )
أهازيج ثورة العشرين
حامد كعيد الجبوري
لا أدخل بآليات صناعة الأهازيج
وشرحها وسنذكر قسما مشهورا من هذه الأهازيج .
( بس لا يتعلك بأمريكا ) ، ومفادها أن قسما من الشيوخ أرادوا أن يستنجدوا
بقوات أمريكية وحال الثوار دون تلك الرغبة ، ولكن ما حصل أن قوات الثوار تكبدت
خسائر كبيرة في المعارك فقال مهوالهم ( كطان أحميد صرت آنه ) ، وحميّد هذا سماكا
يرمي شباكه فأصطاد كما يظن سمكة كبيرة ( كطان ) ولكنها كانت صخرة علقت بشباكه ،
بمعنى أننا لن نحصل على النجدة الأمريكية كصاحبهم ( أحميّد ) .
( هز لندن ضاري وبجاها ) ومعلوم أن الشيخ ضاري قتل القائد لجمن فقيلت له
هذه الأهزوجة .
( الطوب أحسن لو مكواري )
أهزوجة مشهورة رددها الثوار عند قنطرة ( الرارنجية ) بعد أن غنم الثوار مدفعا بريطانيا بأسلحة بسيطة وهي الفؤوس و ( المكاوير مفردها مكوار) وهو عبارة عن عصا غليظة تنتهي بكتلة من القار المتماسك .
( بلشها ونام أبسردابه ) قيلت بعد أن توفي أحد رؤساء
القبائل وكانت الطائرات التي تشترك لأول مرة ضد الثوار لذا قيلت هذه الأهزوجة
ودلالتها أن شيخهم تركهم وهم بحاجة له .
وقال مهوال آل أزيرج مخاطبا القائد البريطاني ( هملتن ) عندما أراد الهجوم
على عشيرته
ذوله أفروخ الأزرج موش أهل لملوم
يهاملتن تأدب لا تزومش دوم
بالسنكي نريد أوياك نصفه اليوم
( رد لا تتدهده أبحلك آفه )
وخاطب المهوال محمد آل صيته عشيرته وهو يشاهد بنات آوى يأكلن جثث الجنود
الأنكليز
واوي الكوت جايع وأعتنه متمور
يكول أشهل الربيعه أشكثر بيها أكسور
واوي العارضيه أيكله من يا خور
( يتكلب وأهله يندهونه )
قاد الشخ شعلان أبو الجون عشيرته بمعركة العارضيات الشهيرة وهناك منطقة أخرى تسمى ( العارضيات ) أيضا بين
الأنبار والفلوجة ، تقدم شعلان عشائره هازجا
بيه خير ويجثر عسكر وريلات
أسواريه وبياده وفوك طيارات
أبعزم الله وعزم حيدر أبو الحملات
( يتوزع وطروح أنشيله )
وقال أحد ( المهاويل ) للعارضيات هذه
هاي العارضيه الها عالدول معتاد
كل جيش اليطبها أيصيح منها الداد
الفاله أبظهر الآمر وصلت البغداد
( مشكول الذمه أعله الفاله )
والشاعر يقصد أن الشخص التي علقت ( الفالة ) بظهره كأنه سرقها من صاحبها
لذا أشكل ذمة سارق الفالة وهنا تكمن روعة ( الحسجه ) العراقية .
ولعل من أجمل الأهازيج ما قاله شعلان أبو الجون مخاطبا أفراد عشيرته وهم
يحرسون جسر ( السوير ) ويدافعون عنه ، وهو
يعلم أن النسوة يخفن شن الهجوم المقابل الانكليزي ، وقد مثل القائد أبو الجون (
السوير ) حسناء يجب عليه الدفاع عنها فقال
أكنللج يجامعة الحسن عيناج
فن كوكس وديلي أبعسكره يدناج
كون أهلج جفوج أحنه أبطرب جيناج
( خل يامن كلبج يرعيعه)
والرعيع : الخائف
( يالترعد بالجو هز غيري )
قالها الثوار بعد إسقاط طائرة بريطانية .
( تندار الدنيه وهذا آنه ) هذه الأهزوجة للشيخ عبد الواحد الحاج سكر.
وللشاعرة ( أفطيمة ) من عشيرة الظوالم أهزوجة جميلة فحين عاد أخا لها من
المعركة سألته عن أبنها فقال لها ( جن لا هزيتي ولوليتي ) بمعنى أن ولدها قد
أستشهد فأجابته على الفور ( هزيت ولوليت الهذا ) بمعنى أني ادخرته لهذا اليوم ،
يوم القتال ، وامرأة أخرى شاعرة أسمها ( عفته بت أصويلح ) أسر البريطانيون ولدها
وخشيت من أن يتعذر من فعلته وحمله البندقية مع الثوار وهو مار عليها مقيدا أسمعته
( بس لا يتعذر موش آنه ) بمعنى أني لست من ثار ضدكم ، فأجابها ولدها ( حطوني
أبحلكه وكت آنه ) أي أنني وضعوني بفم الموت ولم أعتذر عن فعلتي ، وأخرى توفى زوجها
وهو من عشيرة أخرى فعادت مع وليدها لأبيها ، وتربى الولد مع أخواله وحين بلوغه
مبلغ الرجال تفجرت ثورة العشرين ، فشق على الشاب أن يقاتل مع أخواله ويترك أعمامه
ولكن أمه أرغمته على البقاء مع أخواله حفاظا عليه كما تعتقد ، وحين تلاحمت قوات
العشائر مع الانكليز وعرف الجميع ذلك قالت الأم مخاطبة ولدها المقاتل الغائب ( بس
لا ما يتنخه أبخاله ) ، وفعلا لم يستنجد ذلك الشاب بخاله وأستأذنه باللحاق مع
عشيرة أبيه وكانت له صولات تذكر ، وإحداهن هزجت لولدها المضرج بدمه وقد عض من طعنه
من حنجرته فأرداه قتيلا وتوفي الشاب من طعنته فقالت أمه ( عفيه أبني الجاتل جتاله
) ، وامرأة من العمارة هزجت لولدها الذي أستشهد وهو بأيام عرسه الأولى فقالت (
عربيد أسم أمك يالهيبه ) .
وللشيخ عبد الواحد الحاج سكر هذه الأهزوجة
جميع الناس مني وأني أبيها
ومواجب سرت كثره وآنه بيها
طيور أم العلا رفت وآنه بيها
( تندار الدنيه وهذا آنه )
وللشيخ سلمان العبطان من الخزاعل مجمل أهازيج مسجلة له
( رد مالك ملعب ويانه )
و( للحله ونتباصر بيها )
و ( بالسيك أمربع واوينه )
و( مشتهيه الكل يا عنانه )
و مما ينسب له ( ودوه يبلعنه وغص
بينه )
وللشيخ ( عجمي
السعدون ) هذه الأهزوجة
غذايّ الماطلي لوثار طريت
ثمل لو دخن البارود طريت
أنه سن البحر للميل طريت
( خل الطك للصد بالبيضا )
وللشيخ ( منذر آل فرعون ) هذه الأهزوجة
ما تنداس ثايتنه وحدنه
مبارد ما تحت بينه وحدنه
نشك أشكوك ونخيط وحدنه
( شك ما يتخيط شكينه )
ولم تكن الحلة الفيحاء بعيدة عن الأهازيج فهذا الشاعر الشيخ حسن العذاري
يقول
حدنلي أبكل الناس والشر
ولا نتبع حجي النمام والشر
أحنه اللي أبحد الموت والشر
( والموته أبكل عز نشريها )
بعد انكسار عشائر ( المنتفج )
بمعركة الشعيبه وهروب الرجال صوب الشيخ ( خزعل ) أمير عربستان ، وكان الشيخ
خزعل يسلي نفسه مع مواليه وقام أحد عبيده بالرقص أمامه تحركت دماء مولى للشيخ عجمي
باشا من آل السعدون وخاطب الشيخ خزعل قائلا ( أنا عندي ما يرضيك أمير ) وأردف
قائلا
أهي حرب أدول يخزعل ما هي درننكات
وخلها لبو أمطشر خلفت البيكات
تتراكض صبايا تكسر الجيمات
( أسأل قنصلها أشسوينه )
درننكات / الطبل / آلة للعزف
وأهزوجة أخرى
يكوكس وين وجهك جوك أهل لملوم
نطلبك بالشعيبه وأعرضيت اليوم
لابد ما نسوي أعله السماوه أعلوم
( تستانس بيه حتى أمريكا )
وهناك ملاحظة تدل على الوعي السياسي للثوار فأمريكا كانت تطالب بحرية
الشعوب يوم ذاك والأهزوجة معناها أننا سنهزم بريطانيا وتفرح أمريكا بذلك .
انقاتل بالسمه
ونقاتل البلگاع
ولا بينه الجبان و
لا بنا اليرتاع
واليجفل يخوتي يرخص
المبياع
) ها
حميّد جينا أنموت اهنا(
وأخرى
يبت وبت أخوتي تابع السيرة
ومن اكعد يخوتي
تبطل الغيرة
خالي ألما عرفني هاي هالحيرة
( حسباله أتطلب ييت
انطيه )
الأهزوجتان أعلاه
قالهما ( خيون صبر الدوشان ) .
وحين تشييع جنازة
الشيخ ( عارف حمد الفهد ) أنبرى ولده
الشيخ ( حمد ) هازجا
ارخصوني عمامي خل
اون اعليه
لا بهل الجنوب ولا
وسط نلگيه
اهو سور العشيرة
وللوزن نرجيه
( الموت من الله
الما مر بيه )
وقال
ريض يل المشيع وين
بيه تريد
چا يا هو الأعيده
من يجيني العيد
ويا هو يسد مسدك
گلي يوم الويد
( يل بين احسابك باطل تحصد
بالزينين )
وأكمل قائلا
يا عارف صدك تجفي وما تشوفك عين
وحاير باليــعوضك
گلي
اجيــبه أمنـــين
ما ينطـــينه فنتگ
ردف طــگ البيـــــن
)ان چان
الحگ يتسولف هذا المشرك بالشريان(
.
وهناك ( مهوالا )
من سوق الشيوخ يعد أفضل ( المهاويل ) أسمه ( حامد سعدون ) له هاتان الأهزوجتان
لغز يبقى الرجل من
يمتلك عگله
لما يحچي اتعرف
اشخفة وشثگله
بالك بالسواد اتعير
المگله
( ابنار
العلية
اتچوة وصار اسود لونه )
شوف اشحچت وشگالت
الدوده
ادخلوا ابيوتكم
والبوب مسدوده
لا يسحگم سليمان
وجنوده
( قانون الدوده بنادم
بلكت عدك )
وهناك أهازيج لم يصل منها ألا قفلها ( الهوسة )
( شرناها وعيّت يا هيزه )
و ( هيزه ) منطقة تلال شمال الناصرية حيث قبائل المنتفج ، يقول ( المهوال )
أننا أستشرنا منطقة هيزه بقبول المحتل فرفضت لذا قاتلنا لأجل رفضها هذا ، ويرى
آخرون أن ( هيزه ) هذه امرأة من عشائر المنتفج
.
( من ذوله أتربع واوينه ) قالها أحد ( المهاويل ) أمام القائد البريطاني الذي زار العشيرة بعد
ثورة العشرين وشاهد القائد كلاب القرية سمينة ومليئة باللحم ، بمعنى أن هذه الكلاب
شبعت من جثث قتلاكم ، و ( أتربع ) من الربيع لأن الأغنام يتوفر لها المرعى في
الربيع ، وقرن المهوال الأغنام بالذئاب وبنات آوى .
( سوالك مسند تركينه )
قيلت أمام الملك فيصل بمعنى اننا
من أوجد مملكتك ببنادقنا التركية .
وهناك معركة سميت بمعركة المخفر شاركت فيها عشائر الظوالم وبني حجيم وعشائر
آل زياد ضد الجيش البريطاني واستمرت يوما كاملا كللت بنجاح العشائر ودحر الجنود
الانكليز وأهزج مهوالهم مخاطبا قائده بل شيخ عشيرته شعلان أبو الجون ( يشعيّل يجري
الشط هندو ) وشعيّل تصغيير لشعلان .