الخميس، 27 يونيو 2013

ومضات قصصية-راسم الخطاط -العراق -بابل

1-العاري
بعد أن دخل آخر متجر للملابس لم يجد مايناسبه خرج عاريا..........
2-يأس
بعد أن يأس من قدرة أبيه على الشراء مسك قلمه ورسم دراجة
3-ذكريات
حينما امره صاحب البيت بالاخلاء تذكر البيت الذي رسمه
4-ضجر
سألها لم تبكين..؟قلت من ضجري,بكى......سألته لم تبكي.؟قال من ضجرك
5-انفجار
نعم.........هي
هي......
رفيقة طفولته.احتضنها.........تذكر الانفجار الذي اودى بذراعيه
6-ركض
لم يجرب الركض......... جرى وراء رزقه





الثلاثاء، 25 يونيو 2013

اليهود شماعة الفاشلين !!!-حامد كعيد الجبوري

اليهود شماعة الفاشلين  !!!
حامد كعيد الجبوري

   لا أنكر أن لليهود أصابع وضعتها متعمدة بكل الأديان السماوية والوضعية ، وهذا ليس سبة على اليهود بل مفخرة لهم ، نعم أنها هي المفخرة بعينها ، لو لاحظنا وتمعنا وفحصنا ومحصنا بما قام به اليهود لكان الأجدر بنا أن ننحني لهم ولعقولهم وتفكيرهم الذي بسط نفوذه ليسود على المفاصل الحيوية بكل هذه المعمورة ، كلنا يتحدث أن اللوبي الصهيوني هيمن بشكل مطلق على السياسات الأمريكية لحقب طويلة يمتد لنشوء دولة أمريكا ، نحن المسلمون عامة والعرب خاصة لا ننظر إلا بمكان وضع أقدامنا ، هذا أن فكرنا أين نضعها ، واليهود والمتحضرون لا يفكرون بمثل هذا التفكير السطحي مطلقا ، اليهود يعرفون أين توضع أقدامهم ، ويعرفون كيف يرفعونها ومتى شاءوا ، ربما ، أكرر ربما نحن نفكر ليومنا بل ولساعاتنا فقط ، واليهود يفكرون ويرسمون ويخططون لعشرات بل ولمئات السنين ، لا يهم أن لم يصيبوا هدفهم اليوم لأنهم على ثقة تامة أنه سيصاب – الهدف – لاحقا ، اليهود درسوا كل التاريخ ولكل الدول والطوائف والنحل والملل ، ليس دراسة للتعرف والاستقصاء فقط ، بل للدراسة والتحليل الممنهج والمنطقي المفيد ، لقد زرع اليهود في كل أرض نبتة ، وفي كل واد عين ، وفي كل منعطف طليعة ، كل هذا من أجل معلومة من هنا وأخرى من هناك لتستغل ولو بعد حين لمصلحتهم طويلة الأمد ، وهذا بزعمي مفخرة لهم رغم سيول الذهب التي يبذلونها من أجل ذلك ، وهو ليس عيبا كما يراه الآخرون ليضعوا شماعة فشلهم على ما يسمونه الغدر اليهودي ، وسؤالي الذي أطرحه هنا لم لا توجد شخصية علمية دينية أكاديمية متخصصة لدرئ المفاسد – حسب تسميتهم – لهذه الأفكار اليهودية الصهيونية ؟ ، أليس من الأجدر أن نجد سبل وقاية وعلاج لمناهجنا الذي وضعها اليهود لنا كما يروج لذلك البعض ؟، أما آن الأوان أن نخلص تاريخنا ومعتقداتنا ودياناتنا من التسلط اليهودي المزعوم ؟ ، أم أصبحنا نحن الكُسّلُ أبواق دعاية لما يراد منا كببغاوات عمياء ؟ ، أسئلة لا إجابة لأي واحد منها ، والسؤال أيضا لماذا لا إجابة لدينا ؟ ، وربما أعرف أن أجيب بحسب نظرتي وما قرأته مما تيسر لي على قلته فأقول ، أننا تطوعنا لتسليم عقولنا ليفكر لنا غيرنا ، الأب يقول لولده لا تحشر أنفك في ما لا يعنيك ، وأكبر منك يوما أكبر منك عقلا ، والطامة الكبرى ( شعليه وشنو علاقتي ) ، نوعية الدراسة بما تضعه لنا الجهالة ، الدين لا يعرفه إلا من يضع فوق رأسه أي قطعة قماش ، لذا ساد الأميون وأنصافهم على الناس بكل شئ ، الرجال المحيطون برسول الإسلام الأعظم محمد ( صلعم ) لم يكتبوا عنه القرآن الكريم وجمع بعد حين على يد الخليفة الراشد عثمان بن عفان ( رض ) ، أذن كيف أصدق أن ألآلاف من الأحاديث النبوية الشريفة مصادق عليه ومصدق من الجميع ، ومن هذه الأحاديث (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ افْتَرَقَتِ الْيَهُودُ عَلَى إِحْدَى وَسَبْعِينَ فِرْقَةً. فَوَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ، وَسَبْعُونَ فِي النَّارِ. وَافْتَرَقَتِ النَّصَارَى عَلَى ثِنْـتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً. فَإِحْدَى وَسَبْعُونَ فِي النَّارِ، وَوَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ. وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَتَفْتَرِقَنَّ أُمَّتِي عَلَى ثَلاَثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً. وَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ وَثِنْـتَانِ وَسَبْعُونَ فِي النَّارِ» قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ هُمْ؟ قَالَ: «الْجَمَاعَةُ». وفي رواية أخرى أطول: قَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «كَيْفَ أَنْتَ يَا عَوْفُ إِذَا افْتَرَقَتْ هٰذِهِ الأُمَّةُ عَلَى ثَلاَثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، وَاحِدَةٌ مِنْهَا فِي الْجَنَّةِ وَسَائِرُهُنَّ فِي النَّارِ؟ قَالَ: وَكَيْفَ ذٰلِكَ؟ قَالَ: إِذَا كَثُرَتِ الشُّرَطُ وَمَلَكَتِ الإِمَاءُ، وَقَعَدَتِ الْحُمْلاَنُ عَلَى الْمَنَابِرِ، وَاتُّخِذَ الْقُرْآنُ مَزَامِيرَ، وَزُخْرِفِتِ المسَاجدُ، وَرُفعَت المَنَابر، واتُّخذَ الفيءُ دُولاً، والزَّكاةُ مَغْرَماً، وَالأَمَانَةُ مَغْنَماً، وَتُفُقهَ فِي الديِن لِغَيْرِ اللَّهِ، وَأَطَاعَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ، وَعَقَّ أُمَّهُ، وَأَقْصَىٰ أَبَاهُ، وَلَعَنَ آخِرُ هٰذِهِ الأُمَّةِ أَوَّلَهَا، وَسَادَ الْقَبِيلَةَ فَاسِقُهُمْ، وَكَانَ زَعِيمُ الْقَوْمِ أَرْذَلَهُمْ، وَأُكْرِمَ الرَّجُلُ اتقَاءَ شَرهِ، فَيَوْمَئِذٍ ذَاكَ، َيَفْزَعُ النَّاسُ يَوْمَئِذٍ إِلَى الشَّامِ، وَإِلَىٰ مَدِينَةٍ يُقَالُ لَهَا دِمَشْقُ، مِنْ خَيْرِ مُدُنِ الشَّامِ، فَتَحْصِنُهُمْ مِنْ عَدُوهِمْ، قِيلَ؛ وَهَلْ تُفْتَحُ الشَّامُ؟ قَالَ: نَعَمْ وَشِيكاً، ثُمَّ تَقَعُ الْفِتَنُ بَعْدَ فَتْحِهَا، ثُمَّ تَجِيءُ فِتْنَةٌ غَبْرَاءَ مُظْلِمَةٌ، ثُمَّ يَتْبَعُ الْفِتَنُ بَعْضُهَا بَعْضاً ) ، هذا الحديث الذي أورده أصحاب الصحاح أشكك في صحة سنده وروايته لسبب منطقي لا يحتاج لكثير عناء ، وهو الذي سينشئ الاحتراب الطائفي بلا أدنى شك وريب ، ناهيك من أنه تدخل بشؤون ديانات أخرى كالمسيحية واليهودية ، وهل أصدق أناسا تركوا قرآنهم دون جمع وينقلوا مئات الآلاف من الأحاديث النبوية الشريفة ، والكثير حينما يعجز عن التفسير يقول أنها الإسرائيليات ، وأحاول أن أقنع نفسي بما يقول ولكن ألا يوجد في هذه الأمة الإسلامية مجموعة مفكرين ليشذبوا دينهم مما ألحقه بهم اليهود ، لذلك شاعت الفوضى ، وكل يدعي وصل بليلى ، وكل ينتظره رسوله على أبواب الجنة ، وكل يتفنن في الذبح والقتل والتفجير ، لأنه الفرقة الناجية بزعمه ، وأعتقد أن الرابح الأول هو من أدخل هذه التوافه لديانة يفترض أنها سماوية ، وطالما ألأمة الإسلامية شُرذمت كما خطط لها ، أذن نظرية أسلمت أنظمة الدول الإسلامية والعربية ، وإخراجها من علمانيتها المتحضرة الى خندقة التأسلم والذبح والفرقة فيها ولمنظرها الكثير من الفوائد وجني ما زرعه الإسلام السياسي لنفسه .        

الأحد، 23 يونيو 2013

جرعات التخويف في حياة العراقيين- كاظم فنجان الحمامي



جرعات التخويف في حياة العراقيين
ثقافة الخوف من المهد إلى اللحد



كاظم فنجان الحمامي

ربما لا يعلم الناس أننا في العراق نولد في حاضنات الرعب والخوف, ننشأ بين مخالبها, نترعرع في دهاليزها المظلمة, نعيش مع تفاصيلها الرهيبة من ساعة ولادتنا وحتى يوم مماتنا, وقد نتلقى المزيد من جرعاتها الإضافية ونحن في القبر, فمسلسل التخويف والترهيب والرعب لا ينتهي ولن ينتهي, وأغلب الظن انه بات لصيقاً لنا في مراحلنا العمرية من الطفولة إلى الشيخوخة, من المهد إلى اللحد, حتى صار من المفردات اليومية التي لا يمكننا العيش من دونها, أو الفرار منها. . .
فما أن نولد في العراق حتى تُقيد حركتنا, وتُصادر حريتنا, إذ تربطنا أمهاتنا بقماط مفتول, يُلف بقوه حول قماش سميك يغلف أجسامنا, فالقماط في اللغة هو الحبل الذي يُشد به الأسير, أو الحبل الذي تُشد به قوائم الدابة المرشحة للذبح, ثم نوضع في مهد مصنوع من قضبان الحديد, أومن أعواد الجريد, في أقفاص محكمة أقرب ما تكون لزنزانات المساجين في محاجر الأحكام الثقيلة. .
فيعيق حركتنا القماط, ويبطئ نمونا, ويكبت تنفسنا, ويضيق الخناق على صدورنا, ويحبس الرطوبة حول أجسامنا, وبالتالي تتسمم جلودنا وتتقرح, وهكذا نتلقى في هذه المرحلة أقسى جرعات الضغط والتعذيب, من دون أن نستطيع البوح بما يؤلمنا ويؤذينا. .. .
ثم يُطلق سراحنا في الشهر السابع فنتلقى الوجبة الثانية من جرعات التخويف على يد الجدات, اللواتي يجبرننا على النوم القسري, أو يمنعننا من مغادرة الدار, أو بقصد تعليمنا أول دروس الطاعة. .
تنحصر أدوات التخويف في هذه المرحلة بمجموعة جاهزة من العفاريت والسعالي, تبدأ بأم المساحي, وتنتهي بخضرة أم الليف, وتتضمن أيضاً: حمارة القايلة, وأم الحللّس, والبعبع, والقرطة, والطنطل, والسعلوة, وعبد الشط, وعبد البير, الذي يفوق السعلوة في وحشيته وبطشه, وهو المسؤول عن سحب الأطفال, الذين يتواجدون حول الآبار وقت الظهيرة, أو القرطة التي تخطفهم عندما يأوون ليلاً إلى فراشهم قبل أن يغسلون أيديهم بعد تناولهم طعام العشاء. .
نبدأ حياتنا الدراسية المبكرة في الكتاتيب عند الشيخ أو (الملة), أو (المطوع) لنتعلم مبادئ التلاوة, فنتلقى منه أول جرعات الرعب والتخويف بخيزران نحيفة طويلة مرنة, وتتعود آذاننا منذ الصغر على سماع أصوات الزجر والتوبيخ والتقريع, ثم ننتقل إلى الدراسة الابتدائية بهذه القلوب المذعورة المشبعة بصور العفاريت المقتبسة من الحكايات الخرافية الموروثة, فيواجهنا مدير المدرسة بهراوته الكبيرة, لينهال علينا ضرباً في البرد القارس من دون أن نرتكب إثماً أو نقترف ذنباً, ومن دون أن نجرأ على إشعار أمهاتنا حتى لا نتلقى منهن المزيد من العقاب البيتي. .
يدخل علينا معلم القراءة أو معلم الحساب بهراوته الطويلة أو بمسطرته المسننة, وأحيانا يمارس تمارين الملاكمة بين مقاعد الفصل, فيتدرب بوجوهنا البريئة, موجهاً إلينا سلسلة من الركلات والصفعات المبرحة لأتفه الأسباب. .
أما آخر الضحايا فكان التلميذ العراقي, الذي لفظ أنفاسه في مدارس محافظة ميسان مساء يوم السادس من آذار (مارس) 2012 بعد أن حبسته معلمته في المرافق الصحية ونسته هناك, ليقضي ساعاته الأخيرة في الظلام الدامس, ويقف وجها لوجها أمام كل عفاريت الفزع, التي سمع عنها في طفولته, فمات المسكين من شدة الخوف. .
ثم ننتقل إلى المرحلة الثانوية فتتسع دائرة الخوف في حياتنا, لنجد أنفسنا بين جدران قلعة جديدة من قلاع القلق, حيث تتفجر رعونة العصابات الطلابية بصورتها العفوية المتهورة, أو بتقوقعها الأيديولوجي المشفر, أو بصيغتها الدينية المتطرفة, أو بنزقها الهمجي المشاغب, فتصبح الثانوية كابوسنا المرعب, ويتحول الحراك السياسي الطلابي المراهق إلى وحش كاسر يتربص بالطلبة, فيعكر عليهم صفو حياتهم الدراسية في مساحة ضيقة, تتسيدها مجاميع متباينة الرؤى والأفكار من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار, هذا يعمل لكي يقال عنه انه مناوئ للنظام, حتى يتفاخر أمام التلميذة التي يعشقها من طرف واحد, وهذا يعتنق فكرة سياسية معارضة تتقاطع مع أفكار الحزب الحاكم لأسباب شخصية بحتة, وطلاب بالمئات يلتحقون في عامهم الأول بتنظيمات الحزب الحاكم, ليس من أجل فكرة أو منهج, بل من أجل تحقيق بعض المكاسب اللحظية, ودائما ما نجد رجال الأمن يحومون حول مدرستنا ليرعبوننا بنظراتهم الشريرة, أو ينهالوا بالضرب المبرح على طالب من الطلاب فيطير صوابنا بذريعة ارتداءه قميصا فاقعا يخدش الحياء العام. .
تتسع آفاق ثقافة الخوف والتخويف, وتكبر جرعاتها المميتة بعد انتقالنا إلى التعليم الجامعي, لنجد أنفسنا تحت طائلة التصنيف الطلابي القسري, إما ضد النظام الحاكم أو مع النظام الحاكم. .
طلاب يراقبوننا من بعيد, ويتعقبوننا خطوة بخطوة, وسلسلة من الاتهامات الباطلة تنتظرنا في اليوم التالي, في الوقت الذي ترتفع فيه رايات الانتهازية والوصولية, فيتحول الحرم الجامعي إلى بحيرة خاضعة لتقلبات موجات المد والجزر, بين الدعوة للارتقاء والإبداع والتنافس في واحة العلوم والفنون والآداب, وبين السقوط في قبضة عصابات التخويف الفئوي أو الطائفي أو العقائدي, وبين التهديد بالفصل, أو التهديد بترسيب الطالب بمادة محددة, أو بتكليف الطلاب فوق طاقتهم. .
نتخرج في الجامعة بشق الأنفس لنتوجه مباشرة إلى مراكز التجنيد الإلزامي, فنؤدي خدمتنا العسكرية المقررة في الوحدات القتالية الفعالة, ونشد الرحال لنواجه الموت بموجب أحكام شريعة التخويف, عندئذ يتأرجح بندول الأيام العصيبة بين الطاعة العمياء للأقدم والأعلى رتبة في المؤسسة العسكرية, وبين التحول إلى رجل آلي مسلوب الإرادة, أو التقزم في شخصية كائن مسخ مطيع, تحركنا الأوامر الغبية, ويتحكم بنا الروتين القاتل, نخضع خضوعا تاما لشعار (نفّذْ ولا تعترض), في أجواء مرعبة نلعق فيها مرارة المعاملة القاسية, والمهانة والسخرية, وقد تستمر الخدمة الإلزامية إلى ما لا نهاية, إذ كثيرا ما تتمدد إلى أجل غير مسمى. .
تنتفض عفاريت الخوف عند اشتداد القصف المدفعي, والغارات الصاروخية, التي ظلت تطاردنا من ساعة التحاقنا بالجيش, وحتى بعد تسريحنا من الخدمة, فدمرت بيوتنا, ونشرت شظاياها في كل مكان. .
ربما اشتركت معظم جيوش أقطار كوكب الأرض, إن لم تكن كلها, في قصفنا وقتلنا وتشريدنا, فقصفتنا الجيوش العربية والإيرانية والأمريكية والأوربية والإفريقية والاسترالية, حتى اليابان وكوريا واسبانيا وايطاليا ولاتفيا والدانمارك والبرازيل وكل الذين تحالفوا مع قوات التحالف, ومن وراءهم قوات درع الجزيرة. .
كانت الطائرات الكويتية والقطرية أول من اشترك مع الغزاة بتدمير مدننا, حتى الجيش العراقي نفسه, ذلك الجيش الذي ينتمي إلينا وننتمي إليه, اشترك في يوم من الأيام في شن غاراته علينا بقذائف الهاون والآر بي جي, وتورط بتهديم بيوتنا وتحول في بعض الصولات إلى قوة كاسحة تتربص بنا شراً. .
لا توجد منظمة حزبية واحدة في العراق, قديمة أو حديثة, علمانية أو متدينة, متحضرة أو متخلفة, إلا وكان لها حصة في ترويعنا وتخويفنا وترهيبنا واستفزازنا, حتى رجال الدين, الذين كنا نتوقع منهم الحلم والتسامح, صاروا يخوفوننا أيضاً من أنفسنا, ويخوفوننا من الآخرة, ويخوفوننا من عذاب القبر بعد الممات, وأحيانا يقولون لنا: ان الله سيرميكم في جهنم إذا لم تنتخبوا فلان, وسينزل عذابه عليكم إذا لم تختاروا القائمة الفلانية. .
ولن تنتهي جرعات التخويف حتى لو أصبحنا داخل القبر, وكثيرا ما سمعنا الحانوتي وهو يقرأ هذه الكلمات إثناء تلقينه أمواتنا, فيقول: ((أيها الميت كيف بك إذا جاءك الملكين منكر ونكير, أصواتهما كالرعد القاصف, وأبصارهما كالبرق الخاطف. . . )), فالخوف في العراق قرين يرافقنا من المهد إلى اللحد, رصاصة تخترق أذهاننا, لها دوي كدوي الصواعق. .
في العراق نخاف من رجال الشرطة, نخاف من رجال الأمن, نخاف من رجال المخابرات والاستخبارات والشؤون الداخلية, نخاف من نقاط التفتيش والسيطرات في الطرق الخارجية, نخاف من غرف التحقيق, نخاف من مكاتب المفتش العام, نخاف من الحكومة, نخاف من هيئة النزاهة, نخاف من كاميرات المراقبة, نخاف من العبوات الناسفة والسيارات المفخخة, نخاف من المسدسات الكاتمة, نخاف من التهم الباطلة, نخاف من المسؤول, نخاف من المجهول, نخاف من مأمور الضرائب ومن الطبيب وساعي البريد ومواكب المسؤولين, نخاف من القضاء والقدر, نخاف من المستقبل, نخاف من التغيير, ونخاف أن نضحك حتى لا تطاردنا آلهة الخوف, فالخوف في العراق يزعزع نفوسنا المرهقة, ويجعلنا فريسة سهلة للقلق والفشل والتخلف. .
منذ عقود, والعراقيون يموتون من أجل الوطن. ما نفع وطن حي, ومواطنوه موتى في المقابر؟؟. منذ عقود, والعراقيون يبكون من أجل الوطن. ما نفع وطن سعيد ومواطنوه حزانى ؟؟. منذ عقود, والعراقيون موزعون في المنافي, ما نفع وطن لا يضم أبناءه إلى صدره ؟؟. منذ عقود, والعراقيون يُدفنون في مقابر الغرباء. ما نفع وطن لا يَدفِنُ الحنين إليه تحت أرضه ؟؟. .
الإنسان في البلدان المتحضرة (ديك) ينفش ريشه بوجه الصعاب, يمتلك قدرات هائلة على التحدي والإبداع, بينما الإنسان في بلدي المحتضر مجرد (دودة) تختبئ في ثقوب الخوف, تدفن نفسها في الأرض, أو بين الحفر. .  

-- 

السبت، 22 يونيو 2013

جواد سليم و نصب الحرية-عن مجموعة حمورابي

جواد سليم و نصب الحرية



جواد سليم 


• ولد عام 1920 في أنقرة
• درس النحت في باريس عام 1938 /1939 وفي روما عام 1939/1940 وفي لندن عام 1946/1949
• رأس قسم النحت في معهد الفنون الجميلة ببغداد حتى وفاته 22 كانون الثاني 1961 .
• أسس جماعة بغداد للفن الحديث .
• احد مؤسسي جمعية التشكيليين العراقيين.
• وضع عبر بحثه الفني المتواصل أسس مدرسة عراقية في الفن الحديث .
• حقق نصب الحرية القائم في ساحة التحرير ببغداد وهو من أهم النصب الفنية في الشرق الأوسط.
• عمله (السجين السياسي المجهول) فاز بالجائزة الثانية في مسابقة نحت عالمية وكان المشرك
الوحيد من الشرق الأوسط وتحتفظ الأمم المتحدة لحد الآن بمصغر من البرونز لهذا النصب.
• توفي في شهر كانون الثاني عام 1961.
• أقيم معرض شامل لأعماله في المتحف الوطني للفن الحديث بعد وفاته ببضع سنوات.







نصب الحرية
يبلغ طول نصب الحرية 50مترا،أما ارتفاعه نحو 15 مترا، بينما لا يتعدى طول الأعمال النحتية التي أنجزها الفنان "جواد سليم"؛ سوى ثمانية أمتار
أن اختيار ساحة التحرير موقعاً لتشييد نصب الحرية لم يكن اعتباطا ، فهذا الموقع بالذات يربط أهم شارعين في تأريخ بغداد هما؛ شارع الجمهورية وشارع السعدون وهو أيضا مواجه لجسر التحرير، ذلك الجسر الذي ينقل البغداديين من الكرخ إلى الرصافة وبالعكس إن الشارعين والجسر ساهموا في تنويع زوايا رؤية النصب وأشكالها




















قـطـع نــصــب الــحــريــة




أولاً : الحصان 




تبدأ الحركة في أقصى يمين الإفريز عنيفة ، في تمثال الحصان الجامح ومن أمسك به من رجال ، في شكل ينطلق دائرياً ، باستدارة عنق الحصان الطويل ورأسه الشامخ المغضب نحو المنحوتات التالية ، بحيث تتجه العين تلقائياً من اليمين نحوها . ويساعد على ذلك حركة الرجال الثلاثة الممسكين به بقوة ضارية ، ساحبين إياه إلى اليسار . إنها بداية عارمة لنصب يعتمد في أكثر من نصفه على الحركة .
كان الحصان دائماً من أبرز الرموز العربية ، وهو يرمز إلى الأصالة ، والفحولة ، والقوة .
وكان جواد قد رسم عدة صور للخيل ، مؤكداً على نزوة الحصان الرائعة ، وصلته بالفارس الذي يحبه . غير أن جواد سليم، حين صمم هذا الجزء من النصب أراد أن يعبر عن أمور تكاد تكون متضاربة ، ولكنها بعض من تفكيره الأعمق .
لقد أراد أن يصور صباح يوم 14 تموز ، عندما تجمعت الجماهير حول تمثالين في بغداد : تمثال الجنرال مود ممتطياً حصاناً ، خارج السفارة البريطانية ، وهو يمثل الاستعمار ، وتمثال الملك فيصل على حصانه ، قرب دار الإذاعة . تجمعت الجماهير حول كل منهما ، وراحت تعمل الأيدي ، والعدة ، والحبال ، في اقتلاعهما من القاعدة ، إلى أن أوقعتهما وحطمتهما . والرجال الأربعة مع تمثال الحصان هنا يمثلون تلك الجماهير : ثلاثة منهم يبدون كأنهم يحاولون إسقاط الحصان ، بينما أنتصب الرابع لينشر لافتة تعلن بدء الثورة .
الحصان لا فارس له : لقد أوقعت الجماهير الفارس ، وهو الرمز الذي تحطم ، وبقي الحصان ، واثباً ، مصعراً خده . لقد تعقد الأمر على الفنان الذي رأى في الجواد رمزاً عربياً للأصالة والفحولة والقوة ، هو في الصلب من تاريخ العراق وتقاليده ، ولا يستبعد أنه كان يقرن أسمه به . فكان عليه أن يحرره من فارسه العتيد ، فحل الإشكال بين موضوعة الحصان كفكرة نبيلة مطلقة ، وبين موضوعة الرمز المعين الذي يجب تحطيمه ، بأن دمج بينهما على هذا النحو الهائل .








ثانياً : رواد الثورات


الحركة تستمر في اتجاه مركز النصب ، تعبيراً عن الثورة . والعراق قد عرف العيد من الثورات على الظلم . ولم يقبل أبناؤه وبناته الاستكانة على الضيم طويلاً .وهؤلاء هم رواد الثورات يرفعون اللافتات عالياً ، ابتداء من الشخص الذي ينتمي، من الناحية التشكيلية، إلى الوحدة الأولى. وقد رمز الفنان بذلك إلى تمرد الشعب على الطغيان في العصور السالفة ، وكذلك في ثورات وانتفاضات العراق في تاريخه الحديث، التي أشترك فيها الرجال والنساء .
ويد الرجل وساقه الممتدتان إلى المجموعة السابقة تستمدان منها روحاً وقوة ، وتجعلان من المجموعتين شكلاً مدوماً واحداً ، تتواتر فيه خطوط السيقان في تناغم خاص ، لتؤكد على اتجاه الحركة إلى الأعلى ، فتتلقاها "اللافتات" البرونزية المحلقة ، والتي في الوقت نفسه توازن الحركة الدائرية كلها .








ثالثاً : الطفل



في غمار هذا التأزم وضع النحات طفلاً ، رأى فيه النحات الأمل ، والمستقبل . وقد كان لجواد سليم ولع خاص بهذا الطفل ، وقد رفع يديه البريئتين ، وكأنه يبارك جهد الإنسان في محاولته خلق مستقبل كله حرية وعدل .
من الطريف أن الطفل هو المنحوتة الوحيدة التي جعلها الفنان مجسمة ، على عكس المنحوتات الأخرى كلها . وأرى فيه فضلاً عما عرف عن الفنان من حبه للأطفال ، تأثره بفن النهضة الإيطالية ، حيث الطفل يمثل السيد المسيح ، مشيراً إلى ميلاد الحياة الجديدة ، بما فيها براءة وحب إنساني ، وتضحية : وهو ميلاد لا يتم إلا في خضم العنف والألم . وفي المنحوتة التالية ، ضمناً ، بعض الإشارة إلى ذلك .







رابعاً : الباكية


أراد الفنان أن يؤكد على دور المرأة العراقية في كل تمرد وكل انتفاضة . فصورها على هذا النحو الذي يمثل عادة من أعرق العادات الشعبية في هذا البلد . فالنساء في العراق ، إذا ما وقع أمر جلل ، واجتاحهن غضب أو بكاء ، رفعت الواحدة منهن عباءتها ولفت بها أعلى جسمها ، وراحت في رثاء وصياح . وهي تمثل هنا الغضب والفجيعة ، مما يربط بينها وبين الوحدتين السابقتين من جهة ، وبين الوحدة التالية من جهة أخرى ، وتجعل معنى الثورة متواصلاً .
لقد قال جواد أنه جعل هذه المنحوتة ، من الناحية الفنية ، في الأسلوب المفضل لديه ، حيث تبرز الفكرة بأقل التفاصيل ، معتمداً الخطوط الزوبعية الحركة والدوران . وأقرب الوحدات الأخرى أسلوباً إليها تمثال الحرية .
ومهما يكن من أمر فانه من السهل أن نرى هذه الوحدات الأربع تؤلف معاً مجموعة مترابطة ترابطاً عضوياً ، تكاد العين تفرزها عما يليها ، وتصبح فيها خطوط السيقان أشبه بأصداء يردد بعضها بعضاً ، وفي الطرف الأعلى تتردد خطوط الأذرع في أنغام مقابلة .
في احدى كتابات شبابه ، شبه الفنان النصب الكبير بالسمفونية ، وفي عمله هذا أبرز الناحية الأوركسترالية في معالجة أجزاء موضوعه ، كأنما أراد لمنحوتاته أن تكون موسيقى مرئية ، ترن في الذهن رنين الأنغام بعد صمتها .








خامساً : الشهيد



ما من صراع إلا وله شهداء .
لقد رفع الفنان مأساة الصراع والموت العنيف في هذا البلد إلى مرتبة المأساة التي عاناها كل قطر في العالم صارع العبودية والظلم في سبيل الحرية وخير الإنسان . هذه الأم الثكلى تبكي ابنها المقتول ، ومن حولها النساء . إنها صورة الاستشهاد بكل ما ينطوي عليه من تضحية وفجيعة . وجواد سليم في هذه المرثية يذكرنا بمنحوتات ميكائيل أنجيلو الرثائية الأخيرة التي جعل فيها خلاصة عبقريته .ولعله ليس من العبث أن جواد أختار مدينة ميكائيل أنجيلو ، فلورنسا ، مكاناً لنحت هذه التماثيل .
في هذه الوحدة والوحدة التالية ، عالج الفنان موضوعاً أثيراً لديه : صلة الأم بولدها . وهو موضوع طالما تطرق إليه في الماضي في رسمه ونحته ، وكان هو نفسه شديد التعلق بأمه .
أسلوبه الهلالي شديد الوضوح هنا . بل تكاد المنحوتة كلها تكون تراكماً من الأهلة المتداخلة والمتقاطعة .







سادساً : أم وطفلها



بهذا التركيز ، والاقتصاد البارع بالتفاصيل ، يعبر الفنان عن أعز العلاقات الإنسانية في الحياة . لقد بلور حنو الأم على وليدها ، وهو حنو الطبيعة على الحياة لكي تنمو في منجى الغوائل . في هذه الحركة الدائرية تحيط الأم بالحياة الجديدة إحاطة السور المنيع . إنها حركة الديمومة المفعمة بالعزيمة والحب .
والصلة بين هذه المنحوتة والمنحوتة السابقة ليس يؤكدها فقط موضوع الأم ، أو الأسلوب الهلالي الذي يجمع بينهما تشكيلياً ، بل تؤكدها أيضاً فكرة الموت والميلاد ، أو الموت من أجل الحياة . فالمنحوتتان معاً تمثلان الفداء ، حيث مأساة الشهيد هي الطريق إلى فرح الحياة الجديد وخصبها 


سابعاً : المفكر السجين

تمثل هذه الوحدة شيئين متداخلين :
الأول ، المفكر المقيد وراء قضبان السجن ، وقد انطلقت يمناه فوق القضبان ، فالفكر مهما تقيد ، لا بد أن تنبثق عنه المثل العليا التي تحرك الضمير وتسمو بالإرادة ، وتنتهي إلى الثورة على الظلم .
والثاني ، الشعب ، وهو يساند المفكر ، وبمساعدة الجندي الذي نبتت قدمه من كيان الشعب ، يحطم بالثورة القضبان المحيطة بالمفكر ، فيحقق الحرية له وللشعب على السواء .
وقد كان "السجين السياسي" من المواضيع التي شغلت بال الفنان طوال الخمسينات ، وفي عام 1953 أشترك في مسابقة نحتية عالمية حول الموضوع ، حاز فيها على الجائزة الثانية . ومع أن معالجته للموضوع حينئذ كانت مختلفة تماماً ، فإن الفكرة ظلت في حاجة إلى تنفيذ ، إلى أن جسدها بهذا الشكل المتفجر . وقد عرف العراق الكثير من السجناء السياسيين ، ولكن إنصافاً للتاريخ ، يجب أن نذكر أن السجين السياسي الذي فكر به جواد سليم ، والذي بالفعل أطلق سراحه صباح يوم الثورة ، كان الأستاذ كامل الجادرجي ، بعد أن بقي نزيل السجن لأشهر كثيرة . 

طبعاً كان ذهن الفنان يحول كل تجربة عامة إلى رمز محدد ، فيصبح الرمز ينبوعاً للمعاني الإنسانية الرحبة ، وقيمة الرمز باقية ما دام مستمراً في الإيحاء بهذه المعاني على مر الزمن .
ومن الواضح أن هذه الوحدة ترتبط ارتباطاً وثيقاً بقفزة الجندي التالية ، والحرية التي تليها ، وتؤلف معهما مجموعة متناسقة . وقد كان هذا القسم الثلاثي من النصب هو القسم الوحيد الذي صنع له الفنان مصغراً من الطين الاصطناعي عرض على المسؤولين قبل أن يذهب إلى فلورنسا ليكمل الأقسام الأخرى المحيطة به من الجانبين .







ثامناً : الجندي

قفزة جبارة يقفزها الجندي وقد توترت عضلاته ، وحطمت قبضته قضبان السجن من كل صوب . جسمه منبثق عن كيان الشعب انبثاقة الانفجار ، ويده حاملة الغدارة تشد من أزرها يد الشعب .
إنه فجر يوم الثورة التي رأى الفنان أنها أنهت سجل المآسي وحولت قوة الشعب نحو الانطلاق والبناء . والقرص الأعلى هو الشمس ، رمز النهار الوضاح بعد الظلام . وهو من أقدم رموز العراق ونجده في الكثير من منحوتات وادي الرافدين القديمة .ولا بد أن الفنان كان يذكر بوجه خاص الشمس التي في أعلى مسلة شرائع حمورابي . من هنا طلعت شمس الحضارة ، شمس الشرائع والعدل ، لتشرق على العالم . ومن هنا طلعت شمس الثورة بقيادة جنديها الشجاع . وقد داس الجندي بقدمه ترساً يمثل الشر. إنه الترس الذي تتوقى خلفه الغي والاستعباد.








تاسعاً : الحرية

وهكذا تحققت الحرية .
إنها الجزء الثالث من ذروة الصراع التي تمثلها هذه المجموعة الوسطى من النصب .
وقد مثل الفنان الحرية على الغرار التقليدي منذ أيام الأغريق ، بإمرأة تحمل مشعلاً ، ولكنه شحن فيها شعور الفرحة العنيفة التي تكاد تحلق بها في الأجواء .
وعندما سئل جواد سليم لماذا لم يجعل لها قدمين ، قال : "إن القدمين تلصقانها بالأرض، وأنا أريد لها أن تحلق عالياً…".








عاشراً : السلام

حققت الثورة الحرية ، وانتهت حركة العنف إلى الدعة والاستقرار .
ما أشد التقابل بين هذه الطمأنينة ، هذه الرقة الغنائية ، وبين صور المأساة السابقة . إنها حلم الإنسان على الأرض ، إنها الوعد بصبى النفس ، بفتوة الأمة ، بالخلق والعطاء من جديد .
تحولت القضبان إلى أغصان شجر ، والوجوه المشدودة ألماً حالت إلى وجه وادع صبوح تدلت حوله الضفائر في هلالين ، وترقرق الثوب على الجسم الغض ترقرق مياه الأنهر السخية .
أما الحمامة ، فقد قال جواد سليم إنه يرمز بها إلى الحمامات التي تشتهر بها مساجد بغداد . فهو بذلك يرمز إلى بغداد نفسها .
ربما كانت هذه المنحوتة أروع ما في النصب كله ، بل أروع ما صنع جواد سليم . إنها تمثل النقطة العليا التي بلغها فنه المتصف بالشاعرية مع القوة ، والجمال بدون ميوعة . لقد جعل من حبه لبغداد ، وحبه للحرية ، وحبه للمرأة ، تمثالاً هو بحق من درر الفن المعاصر .








الحادي عشر : دجلة والفرات

مثّل الفنان الرافدين العظيمين وفروعهما بنساء عراقيات . إحداهن فارعة كالنخيل الذي أنتشرت سعفة حول رأسها ، وهي تمثل دجلة – وهي كلمة عراقية معناها "النخيل" - ، والأخرى امرأة حبلى بوفر العصور القديمة ، فهي خصب كالسنابل التي تحملها ، وتمثل الفرات – وهي كلمة عراقية معناها "الخصب" - . والثالثة صبية تحمل على رأسها خيرات الأرض ، ولعلها روافد دجلة والفرات .
بدءاً بمنحوتة السلام السابقة ، تغير الإيقاع تغيراً كلياً ، ولكن الأسلوب بقي على وحدته ، وثقته بنفسه . فإذا كان ثمة فرق ظاهر في التقنية بين هذه الوحدة وأية وحدة في النصف الأيمن من النصب ، فهو إنما الفرق بين التوتر والغضب من جهة والثقة والرضا من جهة أخرى . درجة التعبير هي واحدة . غير أن السمفونية قد عيرت مسافات الثورة والعنف . وبلغت أقاليم الاطمئنان والتمتع بخيرات الأرض ، حيث النخيل والسنابل في غناء .








الثاني عشر : الزراعة


فلاحان مستندان إلى مسحاة . إنهما يمثلان الثقة بتراب الوطن . ويقفان متماسكين .
وقد قصد الفنان بهما العرب والأكراد .
وعمد إلى جعل أحد الرأسين على النمط الآشوري ، إشارة إلى التسلسل الحضاري في أرض العراق . وأكد هذه المرة على الأيدي الصلبة القوية . فهي الأيدي التي تفلح وتعمل وتنتج . وأصابعها هي التي تتعاقد حباً وتآخياً .
والرجلان هنا إنما يوازيان المرأتين في الوحدة السابقة . من حيث التشكيل والإيماء معاً .








الثالث عشر : الثور



الثور من أقدم رموز العراق ، ومن أهمها في أساطيره وتطوره الفكري . إنه يشير إلى الفحولة والخصب والقوة . وبمعناه المعاصر ، فإنه يرمز إلى الثروة الحيوانية التي يتميز بها العراق . وقد أراد الفنان هذه المعاني جميعاً ، منذ أن صنع منحوتته "الإنسان والأرض" عام 1955 ، والتي يكاد يكررها هنا (باستثناء المرأة والطفل) . وفي تشكيل النصب الكلي ، ثمة صلة رمزية بين الحصان في أقصى اليمين والثور في أقصى اليسار ، لولع الفنان برسم هذين الحيوانين لسنين طوال . ولا ريب إن "الإنسان" هنا ، وقد جرده من كل شيء سوى أنسجة جسمه ، هو المكافح الصامد عبر القرون ، ويذكرنا بإنسان أهوار وبطاح الجنوب .








الرابع عشر : الصناعة



وأخيراً ، العامل ممثلاً الصناعة والإنتاج .
لقد تحققت الحرية ، وعمت العدالة والأخوة ، وأخذ جميع أبناء الشعب يعملون على بناء الوطن من أجل خير الإنسان .
ولذا كانت وقفة العامل وقفة إباء وشموخ . وبهذه الوقفة المتفائلة ، المؤمنة بالمستقبل ، تدرك ملحمة الحرية ختامها .








ملاحظة : شرح قطع النصب من كتاب (نصب الحرية) لمؤلفه (جبرا ابراهيم جبرا)




ملاحظة تغيير اللون : في بعض الصور (أول صورتين وآخر ثلاث صور) نلاحظ وجود لونين للقطع ، فاتح وغامق . تم تغيير اللون (تفتيح) لبعض القطع الموجودة بالصورة . حيث ان هذه القطع ليست ضمن موضوع القطعة المراد شرحها وذلك بسبب التداخل بين القطع في نفس الصورة وعدم الرغبة بمسحها من الصورة ، والسبب الأهم هو التركيز على القطعة التي يتم شرحها.
(منقول بِتَصرف)


الاثنين، 17 يونيو 2013

اصدار جديد للباحث فلاح امين الرهيمي

عن دار الصادق الثقافية
صدر للباحث فلاح امين الرهيمي كتاب من وحي التجربة-تقديم ومداخلات-
المراجعة اللغوية جبار الكواز,جاء الكتاب في 253 من القطع المتوسط

الجمعة، 14 يونيو 2013

قناة إسرائيلية منافسة للسويس-كاظم فنجان الحمامي


قناة إسرائيلية منافسة للسويس




كاظم فنجان الحمامي

هذه صفحة أخرى من صفحات المشاريع الملاحية المحرضة على تفجر المعارك المينائية, بركان اقتصادي ستجتاح حممه الشرق الأوسط في السنوات القليلة القادمة, ومرحلة صعبة ستواجهها المرافئ العربية في خضم الصراع المينائي المنبعث من أوكار العواصم العربية المتواطئة مع قوى الشر. .

من بوبيان إلى إيلات
توسعت المخططات الخبيثة عبر الحزام الجغرافية الناسف الممتد من جزيرة بوبيان إلى ميناء إيلات, فانطلقت شرارتها الأولى عام 2005, في اليوم الذي عقدت فيه إسرائيل اتفاقيتها الثنائية مع الأردن في السادس من مارس (آذار) للتعاون المشترك على حفر وتعميق (قناة البحرين), فالبحر الأول يمثل الخطوة الأولى لربط البحر الأحمر بالبحر الميت كمرحلة تمهيدية للمباشرة بحفر البحر الثاني, الذي سينحرف غرباً نحو البحر الأبيض المتوسط عند مقتربات ميناء (حيفا), فاجتمع النائب الأول لرئيس الوزراء (شمعون بيريز) في تل أبيب مع وزير خارجية الأردن (هاني الملقي) للتباحث في تنفيذ هذا المشروع الاستفزازي, الذي أعلنوا فيه الحرب على قناة السويس. .
إما شرارتها الثانية فقد انطلقت في العام نفسه (2005) عندما سارعت الكويت إلى طرح مشروع (ميناء بوبيان) من دون الرجوع إلى مجلس الأمة, بذريعة الرد على تصريحات مضر شوكت من المؤتمر الوطني, التي اقترح فيها تأجير جزيرة (وربة) أو جزيرة (بوبيان) لتكونا منفذاً بحرياً جديداً للعراق, الذي انكمشت مياهه الإقليمية في شط العرب وخور عبد الله, ولم تعد لديه أي إطلالة معتبرة على الخليج العربي. .
وهكذا كان عام (2005) هو العام الذي شهد الانقلاب الزمني غير المتوقع في حلبة التنافس المينائي بين حوض الخليج وحوض المتوسط, فباشرت الكويت بتنفيذ مشروعها في السادس من نيسان عام 2011 بعد زوال المنغصات العراقية, التي وقفت بوجهها للمدة من 2008 إلى 2010. .
إما المخططات الإسرائيلية لحفر قناة بديلة لقناة السويس فقد اتخذت من الصمت العربي غطاءً لها لممارسة الضغط على مصر, وحرمانها من سيطرتها المطلقة على هذا الممر الدولي الاستراتيجي الحيوي. .
من نافلة القول نذكر ان مشروع القناة الإسرائيلية مشروع قديم جددته الحرب البنتاغونية ضد العراق, على خلفية المطالبات الشعبية الدولية بغلق قناة السويس بوجه الأساطيل الغربية المتوجهة لغزو الميزوبوتاميا. .

سيناريوهات الممرات الملاحية الخبيثة
وهكذا ولدت فكرة القناة البديلة من جديد تحت مظلة التعاون الأمريكي الإسرائيلي الأردني, الذي حمل في جعبته ثلاثة سيناريوهات لحفر القناة:
السيناريو الأول: قناة تسير في خط مستقيم من (إيلات) بامتداد وادي عربة شمال البحر الميت, وتنحرف غرباً لتتصل بميناء حيفا, وهي بطول 390 كيلومتر.
السيناريو الثاني: قناة تمر من موقع قريب من قرية (أم الرشاش) المصرية في إيلات وتتجه شمالاً, مستغلة وادي عربة, ومخترقة صحراء النقب, وصولاً إلى وادي غزة على البحر بطول 280 كيلومتر. .
والسيناريو الثالث: قناة تقع إلى الشمال من الثانية متصلة بالبحر الأبيض المتوسط عند ميناء (أشدود), بطول 300 كيلومتر. .
مما لا ريب فيه ان المخططات الصهيونية التوسعية تتجاوز البحث عن قناة بديلة لقناة السويس, فهي تسعى لبسط سيطرتها على حوض البحر الأحمر من مضيق باب المندب إلى مضيق تيران, فكانت إسرائيل أول من طرح فكرة تدويل باب المندب ومجموعة الجزر العربية المتحكمة بالمضيق, ثم اتجهت لتعزيز علاقاتها مع إثيوبيا وكينيا والصومال, فأقامت قواعدها العسكرية في (عصب), و(مصوع), وجزر (دهلك, وحالب, وفاطمة), ووسعت علاقاتها مع اريتريا, التي تمتلك شواطئ تزيد على (2000) كم على البحر الأحمر, وبالاتجاه الذي يهدد الأمن البحري اليمني والسوداني والمصري والسعودي, ناهيك عن اقترابها من مدخل مضيق هرمز من جهة خليج عمان وبحر العرب. .

قناة بن غوريون الاستفزازية
قررت إسرائيل منذ سنوات أن تطلق اسم السفاح الصهيوني (بن غوريون) على قناتها الملاحية الاستفزازية, باعتباره المسبب الأول في تدفق انهار الدم المراق على الأرض العربية المغتصبة, فجاء اسمه مكملا لحلقات البطش والقتل والعدوان. .
ستكون القناة الغوريونية بعمق (50) متراً, وعرض (110) أمتار, وستستغرق مدة حفرها ثلاث سنوات, وسيعمل في المشروع حوالي (150000) عاملاً من جنوب شرق آسيا, إما الكلفة الإجمالية فتقدر بحوالي (14) مليار دولار أمريكي.
ستزيد القناة الغوريونية من قدرات السفن والزوارق الحربية الإسرائيلية, وتمنحها مرونة الحركة والتنقل بين البحرين (الأحمر والأبيض). .
تخطط إسرائيل لجني المزيد من الموارد المالية عن طريق تفعيل الأنشطة السياحية على ضفتي القناة بسلسلة من الفنادق والمطاعم الفخمة وبأجور رمزية تنافسية, وفي نيتها توسيع ميناء إيلات والارتقاء بمستواه على وفق المعايير الدولية المستقبلية, وبات من المؤكد أن الأردن ستكون الدولية العربية الوحيدة, التي ستستفيد من خراب قناة السويس, وستتطوع البنوك الأمريكية لتقديم الدعم المالي لتغطية تكاليف المشروع بقروض سخية وفوائد بسيطة تدفعها إسرائيل بالتقسيط المريح على مدى (30) عاماً. .

قناة مائية وأخرى فولاذية
ما الذي نتوقعه من الأشرار غير الشر والدمار, فمن شب على شيء شاب عليه, ولن يهدأ بال تل أبيب إلا باختلاق المضايقات, وصناعة المنغصات, وافتعال الأزمات, وليس أدل على هذا السلوك الشرير من نواياها الخبيثة لتدمير اقتصاد مصر عن طريق قيامها بلعب دور الناقل الأرخص والأسرع والأكبر, وبذريعة الخروج من عزلتها الاقتصادية عبر قناة أخرى للسكة الحديد, في خطة شيطانية أعدتها في الخفاء, وستنفذها بالتنسيق مع كبريات الشركات الصينية, لبناء منظومات متكاملة لخطوط السكك الحديدية, لربط ميناء إيلات بميناء حيفا والمدن الأخرى بشبكة متكاملة لاستلام بضائع السفن القادمة من البحر الأحمر, ونقلها براً بعربات القطار إلى شواطئ البحر الأبيض المتوسط, ومن ثم نقلها بحراً إلى الموانئ الأوربية, عن طريق الالتفاف على قناة السويس بهدف تحييدها أو تعطيلها أو التأثير عليها. . .
لقد كان لمذكرة التفاهم التي وقعت عام 2012 في (بكين) بين وزير النقل الصهيوني (يسرائيل كتس Yisrael Katz), ووزير النقل الصيني (لي شينغلن Li Shenglin), الأثر الكبير في تفعيل مشروع الربط السككي بين البحرين, ومن المتوقع أن تتمدد شبكة السكة الحديدية لتشمل ميناء العقبة الأردني لغايات مريبة لا يمكن البوح بها الآن. .

التوأم المصري لقناة السويس
لا مجال لإفشال المشاريع الصهيونية الخبيثة إلا بحفر قناة مصرية جديدة موازية لقناة السويس, والسعي لربط خليج العقبة بالبحر المتوسط بخطوط سريعة للسكك الحديدية, فالقناة المصرية المقترحة ينبغي أن تكون مناظرة لقناة السويس ومجاورة لها, ومن المؤكد انها ستزيد من الموارد المالية لمصر, وتميت المشاريع الصهيونية في مهدها, وربما ستجعل مصر في طليعة المراكز التجارية الدولية. .
من المرجح أن تباشر مصر بحفر القناة التوأم في خليج العقبة على بعد ثلاثة كيلومترات من الحدود الدولية, بحيث يكون مدخلها الجنوبي في مرفأ (طابا) الحدودي, ويكون مدخلها الشمالي غرب (رفح) المصرية, أي على بعد ثلاثة كيلومترات من الحدود المصرية مع (غزة), ما يعني ان طولها سيبلغ (212) كيلومتراً. .
يقول الجيولوجيون: ان القناة العربية التوأم لا تكلفنا كثيراً, لأن مسارها يمر بصخور ورواسب مطلوبة اقتصادياً لصناعات كثيرة, مثل مصانع الأسمنت والسيراميك والزجاج والأحجار والجرانيت. .
ويقول الملاحون: ان القناة العربية الثانية سوف تخدم الأردن والسعودية بالإضافة إلى مصر لقرب بوابتها الجنوبية من موانئ المنطقة, وستكون عبارة عن قناة مختصرة تختزل الطريق بين مرافئ البحر الأحمر ومرافئ البحر الأبيض, وسوف تختزل أيضاً زمن انتظار السفن من خلال تنظيم قوافل السفن القادمة والمغادرة عبر ممرات القناة المزدوجة (السويس وشقيقتها التوأم). .
ويقول الجيوبولوتيكيون: انها ستتحول إلى مانع مائي يوفر الحماية الحدودية على الجبهة الشرقية, وربما تتحول المواد المحفورة إلى ساتر ترابي يعزز المصدات الحدودية. .
فهل ستسارع البنوك العربية لتقديم الدعم والمؤازرة لهذا المشروع الذي سيبتلع المشاريع الصهيونية ؟, وهل سيتبرع الزعماء العرب مثلما تبرعوا للناتو والبنتاغون ؟, وهل ستتلقى مصر القروض المالية السخية من أشقائها وشقيقاتها ؟؟. هذه الأسئلة وغيرها من الأسئلة المصيرية المؤجلة ستجيب عليها الجامعة العربية, التي لم تجمعنا حتى الآن على كلمة واحدة. .
والله يستر من الجايات