الخميس، 8 يوليو 2010

واقع ام خيال-بقلم حامد كعيد الجبوري



واقع أم خيال
         
حلاق بيد واحدة
                                                 
حامد كعيد الجبوري
       
صبيٌ لم يتجاوز الخامسة عشر من عمره له أصدقاء كثر يلعب معهم ، أحد هؤلاء الأصدقاء أستأثر بحبه لتقارب أعمارهما ولأنهما من منطقة واحدة ، أو قل من زقاق واحد ، بيتاهما متجاوران ، عصر أحد الأيام وهم يلعبون مابينهم حدث مزاح بين صديقين له وأنتج هذا هذا المزاح تشاجرٌ بينهما ، تدخل صاحبنا ليكون الحاجزالحاجوز - لكونهما صديقاه ، أستل أحد هؤلاء المتشاجران خنجره وأراد غرزه بخصمه الصديق طبعاً ، إلا أن القدر كان بالمرصاد لصاحبنا ، فبدل أن تكون بصدر الخصم أصابت يد الحاجز ، قرب المعصم ، والمؤلم بهذه الحادثة أنها جاءت من خنجر الصديق ، سال
الدم غزيراً ولا بد من نقله للمستشفى ، ولكن أين هي المستشفيات  بعشرينات القرن المنصرم ، نعم كان هناك أقرب للمستوصف يقابل حديقة النساء في بابلالحلة- يُدار من قبل القوات البريطانية ، أو أنشئ لهم لمعالجة حالاتهم الطارئة، وكان في المستوصف* هذا دكتور أنكليزي ، ربط اليد المصابة بشريط طبي خاص لقطع النزيف وأعطاه العلاج اللازم ، ولم يخيط الجرح لأنه غرزة لا تستحق أن تخاط ، ذهب صاحبنا لداره ولخوفه من العقوبة لم ينقل لوالده ماجرى له ، ودلف لغرفته والشريط الذي وضعه الدكتور لا يزال يشد يده لعدم معرفته بما سيؤل له بعد ذلك ، صباح اليوم التالي
رأى كف يده مسوداً ومتورماً لعدم وصول الدم اليه ، أقتاده والده بعد أن عرف مجريات الحادثة لنفس المستوصف وأنبه الدكتور الذي لا يحسن العربية على فعلته ورفع الشريط وأمرهم بالعودة إليه بعد يوم أو يومان ، في اليوم الذي يليه تورمت يده أكثر  وقرر الطبيب بترها من فوق المعصم ، لم يوافق الوالد على هذه العملية لخوفه على ولده أن يكون عالة على الناس ويصبح متسولاً بالشوارع ، ساءت حالة الغلام وشارف على الهلاك و(المارضه أبجزه رضه إبجزه وخروف) ، بترت يد الصبي أو الشاب من فوق المرفق



، أما صديقه الذي طعنه فقد حكم عليه بكذا جلدة ودفع غرامة ماليةليرات ذهبيةفرفض ذلك ولم يجلد الصديق ولم يدفع الدية المقررة ،أراد صاحبنا أن يبرهن لوالده أنه ليس عالة عليه أوعلى غيره فقرر العمل مع أخيه الأكبر الذي تعلم مهنة الحلاقة وصاحبنا كان يمارس مبتدءاً بهذه المهنة، وأصر أن يتقن فن الحلاقة سيما وأنه طالب بمراحل الدراسة الأبتدائية ، ولو علمنا أن ذلك الوقت لمن يحمل الشهادة الأبتدائية هو نصر أوفتح لا يعوض ، فيمكن له أن يعين معلماً أو موضفاً بدائرة ما إلا أن أصراره على الأستمرار بعمل الحلاقة جعله يتقن العمل سيما وأنه بيد واحدة
، ولكن من الذي يوافق أن يحلق شعره أوذقنه كما كانت العادة  لديه وهو بيد واحدة ، لم ييأس الرجل وأستأجر محلاً في أهم شارع في الحلة آنذاك وهو شارع المكتبات ، مجاور لأفضل صانع حلويات في وقته إنه (صادق الشكرجي) ، وجهز صالون حلاقته بأحدث الأجهزة والمرايا والعدد الحلاقية المتنوعة وأسمى صالون حلاقته (حلاقة الزهور) ،وصالون الحلاقة يحوي كرسيان للحلاقة أحدهما لأخيه الأكبر والأخر له ، ومن المؤكد أن الزبون يقصد الأخ ولا يقصد صاحبنا مقطوع اليد اليسرى ، وفي بعض الأحيان وفي مناسبات الأعياد أو حفلات ختان الأطفال وللزخم الحاصل يضطر صاحب الحاجة
للحلاقة لديه ، بدأت سمعة هذا الرجل تنتشر رويداً رويداً ، سيما وأنه أتقن المهنة بشكل جيد ، والغريب أنه تمكن من أن يحمل مقصه ومشطه بيده اليمنى مرة واحدة ، فبعد أن يغرز المشط في شعر الزبون يبدأ بقص الشعر الزائد وهكذا ، أضف لذلك أن صالونه نظيف جداً يستقطب الطبقة المتعلمة في المدينة ، في أحد الأيام وللطرفة أيضاً دخل صالونهم معلم كردي عين في الحلة آنذاك قاصدا للحلاقة من قبل أخ صاحبنا ، وبما أنه كان مشغولاً بزبون آخر دعاه صاحبنا للجلوس على كرسيه ، شاهد المعلم الكردي أن هذا الرجل يلبسصدريتهأذن هو حلاق أيضاً وفعلا جلس على كرسي
الحلاقة وبدأ صاحبنا عمله ، تعجب المعلم الكردي من هكذا حلاقة جميلة لم يحلق مثلها من قبل ، ذهب المعلم لمدرسته وسأله المعلمون أين حلقت هذه الحلاقة الجميلة ؟، أجاب المعلم عند الحلاق (برهي الأعرج) وكانت زلة لسان حيث أراد أن يقول عند (برهي


الأعضب) ، ضحك أصدقاءه من هذه الطرفة التي فتحت الباب ل(برهي الأعضب) فتوافد على محله أدارة المدرسة بكاملها، وبدأت شهرة هذا الرجل تصل للمدارس الأخرى ، وهكذا وصلت مهارة وفن هذا الرجل الى مديرية الشرطة فكان مدير الشرطة وضباط المركز يحلقون روؤسهم لديه ، ولكن ليس في المحل بل في دوائر المسؤلون ، وكذا متصرف الحلة أتخذه حلاقاً وصديقاً ، ولأن الرجل من عائلة معروفة ويحمل الخلق العالي والشرف والأمانة لذا أستؤمن وأطمأن الناس لديه فبدأ الحلاقة النسائية لعدم وجود صالونات للحلاقة أيام زمان ،يقال أن أكثر الحلاقون ثرثارون لكن الحلاق برهي وز أخيه
الحلاق (جاسم) لم يرثا من الحلاقين هذه العدة غير المحببة ، وأرسل لي الصديق (د . عدنان الظاهر) رسالة من سكناه في غربته يؤكد لي هذه الحقيقة ويضيف أنه كان صديقاً للمدرس الكردي الذي حلق لدى ( برهي ) وهو الذي أستمع مقولة الكردي ( حلقت عند الحلاق الأعرج ) ،  وليس هذا وحسب بل كان الرجلبرهي الحلاق - يمارس الرياضة ، ويقود الدراجة الهوائية ، ويتسابق مع أصحابه سباحةً ، تزوج الرجل إمرأة فاضلة وأنجبت له ثلاثة أولاد وبنتان ، أثنان من أولاده تعلموا مهنة والدهم ، أبتنى داراً فارهة له وكل ذلك ليبرهن لأبيه بأنه ليس بعالة على الأخرين ، أنه إبراهيم محمد
عبد الرحمن تولد 1906 م والمتوفي عام 1976 م  والملقب ب(برهي الحلاق) أو (برهي الأعضب) . 


* :
الصورة والمعلومات المدونة من ولده الحلاق أيضاً محمد برهي

نصر حامد ابو زيد-المفكر الكبير


نصر حامد أبو زيد
الحوار المتمدن - العدد: 3054 - 2010 / 7 / 5
المحور: العلمانية , الدين , الاسلام السياسي
راسلوا الكاتب-ة مباشرة حول الموضوع
لا يمكن للعلمانية أن تتأسّس دون الإصلاح الديني الذي لم يتحقّق بعد عندنا، بل تحقّق في أوروبا القرن السادس عشر

سيقول لنا فلاسفة الفكر الإسلاميّ إنّ أوروبا احتاجت الإصلاح الديني بسبب "الكنيسة"، المرض الذي لا وجود له في حضارتنا. وهنا بالضبط يكمن الخطأ، فلدينا كنائس لا كنيسة واحدة، إذا كان معنى الكنيسة وجود سلطة، أو سلطات، تحتكر المعنى الديني، وتكفّر كلّ من يخالف هذا المعنى. لدينا وفرة وافرة من هذه السلطات، التي تحتكر، إلى جانب المعنى الديني، المعنى الاجتماعي والمعنى الثقافي والمعني السياسي، بالإضافة إلى المعاني الأخلاقية والروحية، وكلّها معان يتمّ احتواؤها داخل المعنى الديني، الذي تنتجه هذه السلطات.
مشكلة الخطاب الديني أنه يلعب على أوتار "الخصوصية"، وكأننا بدع بين البشر، ما أصلح العالم لا يصلح لنا، دون أن يدقّق المخدوعون بمفهوم "الخصوصية"- المطروح في الخطاب الديني - ليدركوا أنها خصوصية فقيرة جدّا ومغلقة؛ لأنها تختصر هوية الإنسان في بعد واحد من الأبعاد العديدة، وهو بعد "الدين".



* أسلمة الدولة
ليست المشكلة أنّ هناك جماعات تحتكر الإسلام، وتنسب نفسها – وحدها – إليه. هذه إحدى تجلّيات المشكلة وليست كلّ تجلياتها. لو كان الأمر مجرد انضمام لجماعة، تزعم أنها "إسلامية" على سبيل الاحتكار لهان الأمر، خاصة إذا كان المجتمع، خارج الجماعة، واعيا بأنها مجرّد جماعة. بداية المشكلة كانت في مصر 1928، حيث نشأت "جماعة الإخوان المسلمين"، وجدت "جماعة أنصار السنّة المحمدية"، وجماعات وتجمّعات كثيرة لها أسماء أخرى، ولم تكن الدولة تتبنّى زعم أيّ واحدة من هذه الجماعات. كانت هذه إرهاصات "المجتمع المدني" في مصر شبه الليبرالية، حيث تحمي الدولة حقّ الناس في التجمّع وتنظيم تجمّعاتهم في شكل قانونيّ، سواء في شكل نادٍ، أو نقابة، أو حزب، أو جمعية خيرية، أو دينية: إسلامية أو مسيحية أو يهودية.
الكارثة الآن أنّ الدولة، بنظامها السياسيّ الديكتاتوريّ القمعيّ، تتبنّى نفس النهج؛ فتزعم أنها دولة إسلامية، وتحرص في صياغة قوانينها على الحصول على موافقة المؤسسة الدينية. بل وتتبنّى في نظامها الاقتصادي مفاهيم "الاقتصاد الإسلامي"، الذي يحتلّ ركنا خاصا داخل كلّ البنوك. وصار هناك الزيّ الإسلامي، والشعار الإسلامي، والبرامج الإسلامية، في الإذاعة والتليفزيون، وصار بعض الناس يحملون لقب "المفكّر الإسلامي". الخطر هنا في هذه الأسلمة، التي لا هدف وراءها سوى سحب بساط احتكار الإسلام من تحت أقدام المعارضة. يمكن القول باختصار أنّ النظام السياسيّ يسجن نفسه في خندق المعارضة الإسلامية، وهو يظنّ أنّه يحاربها. لقد انتصرت بأسلمة المجتمع والدولة، دون الوصول إلى السلطة. وهذا يفسّر حالة التراوح في تقديم برنامج سياسي لخوض الانتخابات من جانب المعارضات الإسلامية. إنّ شعار "الإسلام هو الحلّ" كاف ما دام النظام السياسي يحوّل الشعار إلى سياسة.
المعضلة، في هذا الوضع، ليست فقط معضلة المسلم الذي لا يريد أن ينتمي لهذه الأسلمة الإكراهية، بل المعضلة الأكثر تعقيدا معضلة غير المسلم الذي يعيش بالإكراه والإرهاب بقوّة القانون المتأسلم في مجتمع، لا يأبه به، ولا يعير دينه أيّ قيمة، إلا بطرف اللسان والبلاغة اللفظية. وضع المرأة أنكى وأنكى، ووضع الفكر والمفكّرين، والإبداع والمبدعين لا يحتاج لمزيد من الإيضاح.



* مقدّمات الثورة العلمية
إنّها "العلمانية" - التي تفصل بين الدولة ونظامها السياسي وبين الدين - هي وحدها التي يمكن أن تفتح آفاقا للحرية والعقلانية وتعدّد المعاني. الدين شأن المتديّنين، ومهمّة الدولة أن تضمن حرية الجميع، وتحمي البعض من البغي على البعض باسم الدين أو باسم هذا المعنى أو ذاك لدين بعينه. لكنّ العلمانية لا يمكن أن تتأسّس دون الإصلاح الديني، إصلاح لم يتحقّق بعد عندنا، بل تحقّق في أوروبا القرن السادس عشر. لم تحدث عندنا ثورة فلسفية كالتي أحدثها فلاسفة أوروبا، تلك الثورة التي على أساسها تحقّقت الثورة الاجتماعية والسياسية التي أرست مفهوم "المواطن"، وأحلّته محلّ مفهوم "الرعية"، المفهوم الحاكم في مجتمعاتنا، رغم بلاغة الدساتير في تأكيد "المواطنة". بعد تحرّر الإنسان من نير الطغيان السياسي، ونير التصوّر الكنسي للعالم، بفضل كلّ ما سبق - الإصلاح الديني وثورة الفكر الفلسفي والعلمانية - تحققت الثورة العلمية.
كلّ شيء ولد في مجتمعاتنا مختنقا، بسبب أنّ "الحداثة" الوافدة تمّ تمزيقها أشلاء في الوعي التحديثي – ولا أقول الحداثي – فتمّ تقبّل الشلو التقني فقط، وتمّ رفض الأساس العلمي للتقنية، بكل مكوّناته من عقلانية وعلمانية … الخ. تمّ تقبّل الديمقراطية، بدون أساسها وهو حرية الفرد، تمّ تقبّل الاقتصاد الحرّ، بدون أساسه من حرية الفكر. لم يحدث الفصل بين السلطات، ولا كان ممكنا أن يحدث، لارتباط مفهوم السلطة بمفاهيم قروسطية مثل "الراعي" و"الحامي" و"الزعيم الملهم" و"الرئيس المؤمن" و"أمير المؤمنين".
هناك الآن أهمية قصوى لفصل الدين عن الدولة، إذا نظرت حولك ستجد النتائج المأساوية لهذا الزواج الكاثوليكي المحرّم بين الدولة والدين في عالمنا العربي. الدين لا تستخدمه الجماعات الراديكالية أو الإسلاميون فقط، إنما تستخدمه الدولة، وهذا أمر يعود تاريخه إلى النصف الثاني من القرن العشرين، في العالم العربي كله والعالم الإسلامي كله.



* عن الدولة لا المجتمع
فصل الدين عن الدولة غير فصل الدين عن المجتمع، لا يستطيع أحد أن يفصل الدين عن المجتمع، الدين تاريخيا مكوّن اجتماعي، وليس مجرّد مكوّن شخصيّ أو فرديّ. قد يبدأ الدين كذلك، أي يبدأ تجربة شخصية فردية، وقد يظلّ كذلك في بعض التجارب. لكنّ بعض التجارب الدينية الشخصية الفردية يتمّ تحويلها إلى تجربة مشتركة تخلق جماعة، تصبح مجتمعا ثمّ تتطوّر إلى "أمّة". في هذه الحالة الأخيرة يصبح الدين قوّة وشيئا لا يمكن انتزاعه من المجتمع.
الدولة ليست المجتمع، بل هي الجهاز الإداري والسياسي والقانوني الذي ينظم الحياة داخل المجتمع. وإذا كان الدين قوة اجتماعية، فهو أيضا ليس المجتمع؛ إذا المجتمع جماعات وأديان. ومن حقّ هذه المجتمعات على الدولة أن تحمي بعض الجماعات من الافتئات على حقّ الجماعات الأخرى. من هنا فدور الدولة كجهاز منظّم لسير الحياة في المجتمع – المتعدّد الأديان بطبيعته – يجب أن يكون محايدا، بأن لا يكون للدولة دين تتبنّاه وتدافع عنه وتحميه. إنّ دورها حماية الناس لا حماية العقائد.
لم يحدث في التاريخ كله - رغم كلّ الادعاءات الأوهام - مثل هذا الفصل بين الدين والمجتمعات. الدولة ليس لها دين، ولا يصحّ أن يكون لها دين. "دين الدولة الإسلام"، عبارة يجب أن تكون مضحكة؛ فالدولة لا تذهب إلى الجامع ولا تصلي، والدولة لا تذهب إلى الحجّ، ولا تصوم، ولا تدفع الزكاة. الدولة ممثلة في النظام السياسي مسؤولة عن المجتمع بكل أطيافه بما فيها الأديان. معظم الدول العربية والإسلامية موزاييك من الأديان. وهذا يعني أنّ الدولة التي لها دين تلغي حقوق المواطنين الذين لا ينتمون لهذا الدين، بل الأدهى من ذلك أن هذه الدولة تضطهد أبناء نفس الدين الذين يفهمون الدين بشكل يختلف عن المؤسسات الرسمية للدولة. هكذا تصبح مفاهيم مثل "المواطنة" و"المساواة" و"القانون" مفاهيم خاوية المعنى.
الحاجة الثانية: هي الدساتير، من العبث القول أن المواطنة هي أساس الانتماء، ويقال في نفس الدستور "الشريعة – أو مبادئ الشريعة - هي المصدر الرئيسي للتشريع"، هذا تناقض حدّيّ جدّا بين مادّتين في الدستور تلغي إحداهما الأخرى. يزداد الأمر تناقضا حين يحرِّم نفس الدستور في مادة أخرى قيام أحزاب على أساس ديني، لا اله إلا الله!!
الحزب الديني يقول نفس الكلام (الدستوري)، يقول "الإسلام دين الدولة والشريعة هي مصدر التشريع"، كيف تحرّم قيام حزب يتبنّى نفس القيم الدستورية التي يتبنّاها، ويدافع عنها بضراوة، الحزب الوطني الحاكم في مصر. إمّا أنّ الدستور "لعب عيال" أو أنّ الحزب الوطني حزب غير شرعيّ مثل الجماعة غير الشرعية إياها.



* ممارسات قروسطية
ماذا يعني أن يكون للدولة دين؟ وماذا يعني أن يتنازع المتنازعان – الحزب الوطني والجماعة "غير الشرعية" - على أحقية الحكم على أساس مرجعية "الشريعة"؟ هذا يعني ببساطة تهميش غير المسلمين في المجتمع، وانظر حولك وتأمّل حال الأقباط والبهائيين في مصر، وما حدث لغالبية الأقباط من اعتبار "الكنيسة" وطنهم. حدث أيضا باسم الشريعة تهميش دور المرأة في المؤسسات السياسية والتعليمية والإعلامية. لا يصرخنّ أحد في وجهي بأنّ ذلك غير صحيح، فأنا أعلم أنّ ثمّة ديكورات للتجمّل في عالم تضغط فيه المنظمات العالمية لحقوق الإنسان وحقوق المرأة على الأنظمة والأحزاب السياسية. الذي يعانيه المواطن المسلم غير المتفق مع الدولة في تفسيرها وتفسير مؤسساتها للدين أنكى وأمرّ؛ فهناك الاتهامات الجاهزة بالردّة والخروج على الثوابت، وهناك المطاردات البوليسية بالاعتقال، بل وصل الأمر مع من يسمّون أنفسهم "القرآنيين" أو "أهل القرآن" باضطهاد أهلهم وذويهم. كلّ هذا يجعل من ادّعاء "عدم وجود كنيسة في الإسلام" محض بلاغة لفظية فارغة من المعنى؛ فالكنيسة لم تفعل بمخالفيها في العصور الوسطى أكثر من ذلك.
في العقد الحالي – العقد الأوّل من القرن الواحد العشرين والذي يوشك على النهاية – صارت الدولة أكثر راديكالية في تحديد دينها وفي ملاحقة خصومها، وإن لم تنصّ على ذلك في دساتير أو قوانين. صارت الدولة ذات الأغلبية السنّية تضطهد الشيعة، والعكس صحيح، وتزايد الاحتقان بفعل الخطابات الإعلامية غير المسئولة، فتمّ تصنيف البشر داخل الدين الواحد إلى طوائف تكفّر كلّ منها الأخرى. العراق حالة محزنة بحكم تاريخه الطويل في العيش المشترك والتزاوج والمشاركة الكاملة في الوطن. في لبنان – هايد بارك العرب – صار التأزّم الطائفي بيّنا في الواجهة السياسية. كلّ هذا يرشح حلا وحيدا: أن تتخلّى الدولة عن امتلاك الدين. الدولة لا دين لها. تحكي قصة لجنة إعداد دستور 1923 في مصر أنّ أعضاء اللجنة تردّدوا في مسألة هذه المادة التي تنص أنّ "دين الدولة الإسلام"، هل هي ضرورية أم يمكن الاستغناء عنها. والغريب في القصة أنّ أعضاء اللجنة الأقباط عبّروا بوضوح عن رأيهم بأنّه "لا ضرر" من النص على ذلك في الدستور. وقد كان، علّق طه حسين فيما بعد "وقد وجدنا فيها الضرر كلّ الضرر". المعنى هنا أنّ التجربة كشفت عن ضررها. وفي تقديري أنّ أعضاء اللجنة الأقباط مغمورين بمناخ شعارات ثورة 1919 "الدين لله والوطن للجميع" أرادوا أن يعبروا لإخوانهم المسلمين عن ثقتهم وفخرهم بالانتماء للفضاء الثقافي العربي الإسلامي. أمّا وقد ظهر الضرر، فعلى المسلمين أن يردّوا الدين ويسترجعوا ثقة إخوانهم الأقباط بإلغاء هذه المادة من الدستور، فهل هم فاعلون؟!



* باحث وكاتب مصري

عراقي يراس مؤتمرا دوليا وعلميا في هنغاريا


عراقي يرأس مؤتمراً علمياً دولياَ في هنغاريا
(صوت العراق) - 28-06-2010


بقلم: فارس الماشطة

عراقي يرأس مؤتمراً علمياً دولياَ في هنغاريا
أنعقد في العاصمه الهنغاريه بودابست وفي مركز المؤتمرات في جامعة أتفوش لوراند للعلوم الطبيعيه في الفتره مابين العشرين والرابع والعشرين من حزيران 2010 الكونغرس السادس لكيمياء وبايولوجيا المركبات النشطه حيوياً في النُظُم الغذائيه. وكان المؤتمر برئاسة وتنظيم وأعداد الدكتور حسين جهاد داود أستاذ الكيمياء التحليليه والحيويه في جامعة كورفينوس ورئيس قسم التحليل في المعد المركزي لعلوم الغذاء والتغذيه (من مواليد محافظة ذي قار- قضاء سوق الشيوخ).
وقد شارك في المؤتمر 144 عالماً وباحثاً وأخصائي من 34 دوله لمناقشة آخر ما أستجد في هذا المجال وللأطلاع على نتائج البحوث والدراسات الحديثه. وقد إفتتح الدكتور حسين جهاد المؤتمر بكلمة رحّبَ فيها بالمشاركين وتمنى لهم مؤتمراً ناحجاً وأقامة طيبه, كما قدّم عرضاً أحصائياً عن المؤتمرات السابقه وحجم الأهتمام المتزايد بمثل هذا المؤتمر ونتائجه في المجالات الصناعيه والطبيه والبايولوجيه وكذلك جرداً لعدد المشاركين فيها. وبعد ذلك القى ممثلون عن الجامعه المضيّفه وأكاديمية العلوم الهنغاريه وجمعية الكيميائيين الهنغار والجمعيه الأوربيه للكيميائيين كلمات للترحيب بالمؤتمر وبالمشاركين به.
وفي البرنامج العلمي ألقي 133 بحث ودراسه في الأختصاصات المختلفه التي حددتها اللجنه المختصه بذلك والتي شملت كيمياء وتحليل المركبات الملونه النشطه حيوياً في الغذاء مثل الكاروتينويدات والفينولات البسيطه والمتعدده والكلوروفيلات ومشتقاتها بأستخدام الطرق والأجهزه أو التقنيات الحديثه والتي ساهمت في كشف مركبات جديده لم تعرف سابقاً ومتابعة تغيراتها أثناء نضج وتصنيع وخزن وهظم وتمثيل الغذاء. ومن الدراسات والبحوث الهامه التي قُدّمت في المؤتمر تلك التي سلّطتْ الضوء على العلاقه العضويه بين طبيعة وتركيز تلك المكونات من جهه وبين التغيرات الحاصله في مستوى الأكسده والأختزال في النُظًم البايولوجيه والأعضاء المختلفه في جسم الأنسان. كما ناقشت بحوث أخرى العلاقه بين المواد الملونه الطبيعيه في الأغذيه وحدوث الأمراض الخطيره المهدده لحياة الأنسان مثل الأورام الخبيثه وأمراض القلب والعيد من أمراض الشيخوخه المرتبطه بطبيعة التغذيه اليوميه للأنسان.
لقد أشارت نتائج البحوت المقدمه للمؤتمر الى الأهميه القصوى لتغير النُظُم الغذائيه المعتاده الى نُظًم حديثه ترتكز على العلم والدراسات العلميه لغرض الوقايه من الأمراض الخطيره التي تهدد أعدلد هائله من البشر ولزيادة المناعه ضد تلك الأمراض ومقاومتها والتي لايمكن أن تتحقق دون الأهتمام بالتغذيه وموازنتها اليوميه وخاصة عند الأطفال والمسنين. أن من أبرز النتائج التي توصل اليها العديد من الباحثين هي العلاقه الأيجابيه بين تناول الخضروات والفواكه الغنيه بالمواد الملونه الفاعله حيوياً والأحتماليه المنخفضه للأصابه بالأمراض الخطيره وبأطالة فتره الشباب أو تأخير مرحله الشيخوخه من حياة الأنسان.
لقد أكدت النقاشات والمقترحات والتوصيات التي رافقت بعض البحوث على أهمية وضرورة نقل نتائج مثل هذه المؤتمرات الى العمليه التعليميه والتربويه لجعلها أولويات هامه في حياة البشر وزيادة قناعاتهم بضرورة تغيير نظام تغذيتهم اليومي والأبتعاد عن التغذيه التقليديه التي تقف وراء العديد من الأمراض الخطيره , وكذلك التأكيد على ضرورة تطبيق وأرساء أسس التغذيه الصحيحه قي رياض الأطفال والمدارس.
ولم تكن السياسه بعيده عن المؤتمر حيث أشار العديد من العلماء والمختصون الى ضرورة رصد المبالغ المطلوبه لمعالجة المشاكل الناجمه عن التغذيه غير الصحيحه وأيلاء أهتمام خاص ببلدان العالم الثالث خاصة تلك التي شَهَدتْ أو لازالت تشهد الحروب ومعالجة آثارها السلبيه على صحة الأنسان وخاصة الأطفال عن طريق تطبيق نُظُم غذائيه تساهم في معالجة وتخفيف تلك التأثيرات وللحيلوله دون أنتقالها الى النُظُم الجينيه لتصبح عوامل وراثيه تهدد الأجيال القادمه.
وفي ختام المؤتمر شكر رئيس المؤتمر الدكتور حسين جهاد جميع المشاركين وأثنى على المستوى العلمي الرفيع الذي أظهروه من خلال بحوثهم ودراساتهم ومناقشاتهم التي أغنت المؤتمر وأكسبته نجاحاً كبيراً. وقُدمت في حفل الأختتام جوائز قيمه لأفضل أربعة بحوث قررتها اللجنه العلميه التي أختيرت أثناء المؤتمر وشكلت من ثمانيه من علماء عرفوا على المستوى الدولي وبرئاسة البروفسور بفاينهاوزر من النمسا. وتم أيضاً تقييم المؤتمر من خلال تقرير ملخص أعدته اللجنه المنظمه وقدمه البروفسور جوزيف دَلي من جامعة بيتش في هنغاريا. وعن المشاركيين في المؤتمر القى البروفسور جورج بريتون من جامعة ليفربول في بريطانيا كلمة ً اعرب فيها عن شكر وامتنان المشاركين لرئيس المؤتمر واللجنه التحضيريه على المستوى الرفيع والمميز لتنظيم وأعداد المؤتمروأختيار مواضيعه بدقه وتمنى للجميع النجاح المستمر. وبعد ذلك أعلن عن المؤتمر القادم حيث سينعقد في أيطاليا برئاسة الدكتور ماركو أرلوريو.
وفي سياق عرضنا لهذه الموضوع تتوارد الى الذهن الاسئله التاليه: متى يحتضن العراق علمائه وكنوزه العلميه المغتربه ويوفر لها مستلزمات الأبداع على أرضه الطيبه ليساهموا في أعادة بنائه وهيبته ؟ ومتى يوفر الظروف الصحيحه للعلاقه الأيجابيه بين علماء ومثقفي ورجال الأقتصاد العراقيين في الخارج وزملائهم في المؤسسات العلميه داخل الوطن؟ ومتى نشاهد مؤتمرات دولية رفيعة المستوى وخاليه من التزمير والتطبيل للقاده السياسيين تنعقد على أرض الرافدين وهي الأكثر حاجة اليوم للخروج من عهد الظلمات الى عصر العلم والنور؟

الجمعة، 2 يوليو 2010

وجه غابت عنه الشمس-قصة قصيرة-بقلم ايمان اكرم البياتي-تخطيطات د غالب المسعودي



وجهٌ غابتْ عنه الشمس




قصة قصيرة
تدورُ حولَ نفسها شاردةً مذعورة، لا تبصرُ عيناها الخائفتانِ سوى فضاءٍ عميقٍ خانقٍ مقيت السواد تجهلُ أطوالَ مخالبه المظلمة، تنتشرُ فيه وجوهٌ كثيرةٌ تستعرضُ نفسها في صفوفٍ منتظمةٍ تترتبُ حولها هنا وهنا و هنا وهناك، تُفزعها تلكَ الوجوهُ فهي طافية بلا أجساد وكأنها أقنعة مفرّغة.
تدورُ مجدداً بذعرٍ أقوى من الأول محاولة إيجاد ثغرة لتتلاشى من خلالها لكنها تجدُ أن الوجوهَ اللعينة حولها دائماً تحيطها كسورٍ شائك!.
بعد حين تشرعُ الوجوهُ الغريبة جميعها بالحركة في الآن ذاته، تقتربُ صوبها بهدوء، تكشّرُ بعضها وتظهرُ أنياباً معقوفة كتلكَ التي تملأ أفواه الوحوش الكاسرة وأخرى تخرجُ من بين شفتيها المنتفختين المزريتين ضحكاتً هستيرية مجلجلة كتلكَ التي تصدرها أفعى الأجراس إن استفزتها حركة، وتحملُ وجوهاً ثالثة أعيناً جائعةً شرهة تحدّقُ فيها بدموية.
تستديرُ محاولةً إيجاد ملجأ أو مهرب، لكنها لا تجدُ ما تبحثُ عنه وبدلاً عن ذلكَ تبصرُ وجوهً أخرى وهذه المرة وجوه زرقاء تمزقُ فيها عظامُ الفكين الجلد وتنسلخُ بأسنانٍ بشعة صفراء تثيرُ الاشمئزاز.
من اليمين يقتربُ منها وجهٌ باكي منتحب تسقطُ عيناهُ في بركةِ دموع ثم تعادُ فتتشكلُ غيرها،وجهٌ آخر يقتربٌ فجأة كأنه يريدُ أن يقولَ لها شيئاً لكنهُ بلا فم، خيطتْ شفته العليا بالسفلى بسلكٍ معدني مدبب الحواف!
أين أنا؟ هكذا تصرخُ بلا صوت! أين أنتَ؟
تكررُ: أين أنتَ؟ فلا يخرجُ صوتها، أين ذهبتَ وتركتني وحيدةً في هذه الظلمة وعالم الأموات هذا؟
أ لم تكنْ ها هنا معي قبل لحظة؟!.
لا جدوى فصوتها لا يصلُ إلى أحدٍ، ومن تنادي لا يلبي استغاثة النداء!، ترفعُ صوتها لكن لا جدوى أيضاً والوجوهُ الشبحية المُخيفة تقتربُ ....تقتربُ وتبدو جائعةً الآن.
تحاولُ مجدداً الصراخ فتختنقُ الاستغاثاتُ داخلها: أين أنتَ؟ أ لم تقلْ أنكَ لن تغادرني وحيدةً حتى تهجركَ الروح إلى مالكها؟ فهل أذنَ الربُ أذناً لرحيلكَ الأبدي عن الدنيا وهذه أولُ أيام شقائي بعدكَ؟ أم ضعفتْ همتكَ في الدفاع عني وقررتَ التخلي عن كل شيء كما يفعلُ الضعفاء حين يستسلمون وينحنون للحياة لتدوسَ على أحلامهم بوحشية؟؟
ترفعُ صوتها أعلى فأعلى فأعلى، لا تسمعُ شيئاً، تزأر ......لكن لا يُرهبُ صراخها أحد غيرها، تبحثُ عن يدها لتلمسَ عنقها فحنجرتها فلا تجد لنفسها يداً ولا حنجرة ولا عنقاً ولا جسداً يقفُ عليه وجهها!، تنكشفُ لها الحقيقة الحنظلية: إنها وجهٌ آخر كما الوجوهُ التي ترى حولها، قناعٌ مفرغٌ من كل شيء إلا الهواء والكبرياء !!.
أين أنا؟(تصرخُ مجدداً وكأنها لم تيأس بعدُ من المحاولة) لكن، مرة أخرى لا صوت يردُ عليها، تلتفتُ فإذا بالوجوهِ تقتربُ أكثر وبسرعة أكبر، تفغر أفواهاً يسيلُ منها اللعاب وتحملُ على جبهتها أعيناً جاحظة تكسوها دماءٌ متخثرةٌ قانية اللون، تقتربُ وتقتربُ و تقتربُ منها، وهو مازالَ غائباً ولم يظهرْ بعد!
أين أنا؟...ماذا حصلَ معي؟!( تفكرُ في انه ربما كان كابوساً مخفياً) تحاولُ أن تسكّن من رعشتها المزلزلة وتفكر :انه كابوسٌ و سأصحو قريباً، تفتحُ الوجوهُ الأخرى أفواهها الكهفية ببطيء وتنطقُ مرةً واحدةً بصوتٍ غليظٍ متموجٍ تجد له صدىً مدوياً في الفضاء كله: لقد أفقتِ قبلَ قليل من الحلمِ الذي جعلكَ تدمنين عليه....عي جيداً أنتِ الآن في لعبة الواقع السرمدية!
------------------
توضيحات :
1- القصة ليستَ وصفاً لكابوس أو ضرباً من الهلاوس النفسية وإنما هي قصة رمزية استعارية لها معانٍ أخرى غير ما تبدو عليه.

الخميس، 1 يوليو 2010

حوار مع الفنان غالب المسعودي حول حروفية التحدي-اجراه المرحوم الفنان عبد الباسط النقاش


حوار حول حرفية التحدي-أجراه الفنان عبد الباسط النقاش لجريدة العهد الجديد:
س)لديك مشروع لاستخدام الخط المسماري وموائمته مع الخط العربي..ماهي الخطوط الأولية لهذا المشروع....هل هو بطريق الصدفة أو محض تجارب شخصية في ميدان الكتابة العربية؟
ج)لابد من توضيح ان الحروقية الجديدة ليست لها علاقة بالكتابة المسمارية إذ أنها أي الكتابة المسمارية كتابة مقطعية والحر وفية الجديدة هي استلهام الحرف العربي كما هو مع حذف الاستطالة التي لا أراها ضرورية لبنية منطوق الحرف وعلاقتها بالكتابة المسمارية هي البنية التعبيرية أما جماليات التكوين والإنشاء فهي مبنية على جماليات الكتابة العربية بمفهومها التشكيلي البحت.لم يأت المشروع صدفة بل نتيجة دراسة استغرقت فترة طويلة نسبيا إذ أني درست الخط العربي بكل إشكاله ولا ادعي وصلت إلى درجة الكمال إلا أني تعلمت القواعد المهمة التي تتحكم بأصول الأداء وتوصلت إلى أن الخط العربي وصل إلى قمة إشكاله في عصور متقدمة وما يقوم به الخطاطون هو التجويد في الأداء وليس الإبداع, ومن ناحية أخرى إنا انطلق من مفهوم سيميولجي للنص وبذا يكون الحرف هو البنية الأساسية للنص ولذا يجب أن يقرا عموديا وأفقيا ويكون شكله ناطقا بصوته ,والعربية لم تكن منقطة في بداية التعامل بها مع النص المقدس وجاء التنقيط كحل أعرج للاعجام وهو مستعار من الكتابة السريانية وهناك نصوص كثيرة استمرت إلى مابعد 200هجرية تكتب بدون التنقيط.
س)
هل تعتقد أن هذه الأصول الحر وفية مرتبطة أساسا بنفس روحية الفنان الرافديني وهل هناك ثيمة مشتركة استطعت التعرف عليها؟
لابد أن أشير إنا عشت في منطقة وادي الرافدين وهناك وعي معرفي متصل قد يكون له ارتباط جيني ولا بد أن يؤثر في روحية الفنان مع الأخذ بالاعتبار اختلاف العصر, واعتقد أني استطعت التعرف على الثيمة المشتركة من خلال إطلاعي على تراث المنطقة منذ العصور السومرية الموغلة في الفدم وبحكم موقع بلاد الرافدين وغناها والتي أصبحت مطمعا لتكالب القوى المحيطة أصبح الفنان يخاطب عقلية المتلقي بأكثر من بعد واحد لتركيز مفهوم الإشارة ويشحذ بصيرة المتلقي بجمالية أخاذة مع بنية بيانية وبلاغية.
س)إلا تخاف من التشابه الذي ربما يحصل بين الكتابة العبرية ومشروعك بتجزئة الحروف أو تجريدها من النقاط؟
ج)من ناحية التجزئة ليست العبرية وحدها مجزئة الحروف بل معظم اللغات التي تعتمد الأبجدية والتي يربو عددها على ستين لغة أما من ناحية الشكل فالحر وفية الجديدة فريبة جدا من شكل الحرف المسماري واعتقد أن هذا لايجب أن يجير لصالح العبرية لان الكتابة واللغة  هي رافدينية بامتياز أما مسالة التنقيط فالعربية أصلا غير منقطة ولتمييز الحروف وضعت حلا يعتمد على شكل الحرف.
س)
إن موضوعات هده الحر وفية هل هي تشكيلية أو تصويرية للغة البابلية او السومرية وهل هناك من قاسم مشترك بينها؟
ج)
إن اللغة البابلية والسومرية والأكادية والأشورية هي لغات مختلفة رغم تداخل الأصول وإنها تشترك بالكتابة والقاسم المشترك بين هذه اللغات هي الكتابة وقد تمكنت من إبراز القيمة التعبيرية والحر وفية الجديد ةهي تشكيلية ذات دلالة معنوية وبهذا تشكل جسرا بين الشكل والمضمون.
س)
هل تعتقد إن هناك تجارب سابقة بهذا المضمار وهل اطلعت عليها؟
ج)
كون الكتابة المسمارية بعيدة عن الكتابة العربية فلا اعتقد إن هناك محاولات بهذا المجال ولكني اطلعت على تجارب لاستلهام شكل الحرف المسماري بكتابة عربية مثل شعار مجلة ألواح التي تصدر في اسبانيا والمبدأ هو تطويع الحرف العربي لما بناسب شكل الكتابة المسمارية دون الدخول بإيجاد قاعدة حرة وتجارب تحديث الكتابة العربية فهي كثيرة لاتسعها صفحة واحدة.
س)
في غمرة كل الخطوط المقترحة والتي تتوزع على نطاق الحروف الجاهزة(االليزرست)هل تعتقد أو في بالك من يقبل بمشروعك الفني؟
ج)
المشاريع دائما مبنية على نجاح الأساس الاقتصادي للمشروع وبضمنها....    المشاريع الفنية والقبول مرهون بمدى نجاح الجدوى الاقتصادية وليس الجدوى الفنية ونحن في زمن العولمة كل شيء مسلع بما فيها الثقافة واللغة والكتابة واعتقد  أني زرعت شفرة داخل المشروع وهي القاعدة الحرة المتوارية داخل النص.