الخميس، 29 يوليو 2010
رسالة من انتيجون-نص وتخطيطات غالب المسعودي
(إذا اشتبك الحب في نزاع....
كسب المعركة لامحالة......
وليس في وسع الآلهة إن تفر من سلطانه...فكيف بنا نحن الذين لاتطول حياتهم أكثر من لحظة)
أيتها الراجيات..الصافحات..الضارعات...
طريدا مهدور الدم...
تتعقبه ربات الانتقام...يلقي روحه فوق مذبح الآلهة....
وتحت الثرى يحتج الاكيكيكي..
فتى من جوهر النار جنانه...
كمله العذاب
يؤرقه الغياب
جاب غابة خمبابا
عبر جيحون
يترجى عطف الانوناكي...
أن لا تجافي
د.غالب المسعودي
الأحد، 25 يوليو 2010
محمد شكري يستعيد تاريخ الاسى في رواية الشطار-كتابة احمد الحلي
محمد شكري يستعيد تاريخ الأسي في رواية الشطار
مخاوف البوح في السيرة الذاتية
أحمد الحلي
غالباً ما يُثار لدينا السؤال ؛ كيف يصل الأديب إلي مرتبة النجومية الحقة، وبمعني آخر كيف يحصل علي الاعتراف الجماهيري والنخبوي، غير الآني أو المرحلي في آنٍ معاً؟ فكثيرة هي الأعمال الأدبية التي أحدثت دوياً في زمن ظهورها ولمعت أسماء أصحابها، ولكن بعد مرور زمنٍ معين نراها تفقد بريقها ويقل تحمس الناس لها ولاسيما الأجيال اللاحقة التي ليس لها بالضرورة أن تكون واقعة تحت نفس المؤثرات. وفي مجال الرواية العربية بوصفها الفن الأدبي الأكثر ديناميكية وفاعلية في الاستجابة لمتطلبات ومقتضيات العصر، ظهر العديد من الروايات إبان القرن العشرين
وفي مرحلة ما تم وصف بعضهم بالروائيين الكبار، ولكن ما أن دار الزمن دورته التي لا تحابي حتي تبدي هزال هؤلاء الذين سرقوا الأضواء خلسة، ثم تواروا إلي الظل الذي أتوا منه.
غير أن عدداً محدوداً جداً من الروائيين استطاع أن يثبت وجوده وحضوره بفعالية جيدة، مع أنهم لم ينتجوا لنا إلا أعمالاً قليلة جداً، ومن بين هؤلاء الطيب صالح في روايته " موسم الهجرة إلي الشمال "، ونجيب محفوظ في رواية أو روايتين من رواياته الكثيرة، وإبراهيم الكوني في " التبر "، والعراقية بتول الخضيري في " كم بدت السماء قريبة "، والروائي المغربي محمد شكري موضوع دراستنا هذه، والذي نحسب أنه قد ترك بصمته التي لا تمحي علي فن الرواية العربية، وعلي الرواية والأدب المغربيين بوجه خاص، فرواية مثل " الخبز الحافي " حرية بأن توضع جنباً إلي جنب مع رواية
" زوربا اليوناني " لنيكوس كزانتزاكي، أو أن تكون فصلاً في كتاب " ألف ليلة وليلة ". وعلي الرغم من قساوة الأجواء المتبدية فيها، وجهامتها، إلا أن بوسع المتتبع أن يلتقط بين ثناياها موسيقي ساحرة عذبة وخفية تنطق بحال الإنسان في شتي تحولاته...
سيرته الشخصية
ومنذ أمد ليس بالقصير، أتيح لنا أن نسمع باسم الروائي المغربي محمد شكري وروايته " الخبز الحافي " التي كانت معالمها غائمة علينا خاصة وان الحكومات العربية وجامعتها العتيدة كانت قد أعدت قائمة بالكتب التي لا ينبغي تداولها وتقديمها للقارئ العربي، وكل ما عرفناه والتقطناه عن محمد شكري وروايته التي تحكي سيرته الشخصية هو أن بطلها شكري تعلم القراءة والكتابة في سن متأخرة وانه كان يأكل طعامه من القمامة...
وبعد فترة طويلة من الزمن، وانطلاقاً من المقولة الشعبية الرائجة التي تقول إنك لا تستطيع أن تخدع الجميع كل الوقت، أتيح لنا أن نقع علي نسخة مصورة بطريقة الاستنساخ من الرواية، وأول ما طالعنا فيها عنوانها " الخبز الحافي/سيرة ذاتية روائية 1935 ــ 1956 "، وفي الصفحة الثالثة نقرأ اسم الدار التي قامت بطباعتها وهي دار الساقي في بيروت، وأن هذه هي طبعتها الخامسة وقد تمت في العام 1999.
يوضح محمد شكري في كلمته الافتتاحية المقتضبة أن الرواية تمت ترجمتها قبل سنوات عديدة إلي الانجليزية والفرنسية والإسبانية قبل أن تعرف طريقها إلي القراء في شكلها الأصلي العربي. ثم وبعد مرور وقت آخر أدركنا أن للرواية جزءاً آخر يكملها وهو بعنوان " الشطار "، وبالفعل فقد أتيح لنا أن نحصل عليه، علي الرغم من الشك الذي انتابنا حول مدي قدرة شكري علي الإمساك بنا مثلما فعل في " الخبز الحافي " التي كان سحرها غريباً وبمالا يقاس.
ومن المفيد هنا أن ننوه إلي أننا سنكرس دراستنا هذه للجزء الثاني من هذه الرواية ونعني به " الشطار "، معتبرين أن جزءها الأول " الخبز الحافي " قد تم إشباعه درساً وتحليلاً وتمحيصاً من قبل النقاد، وسنستعين بطبيعة الحال بالدراسة القيمة المطولة الملحقة بـ" الشطار " وهي للناقد المصري المعروف صبري حافظ والذي تربطه كما سيتضح مع شكري أواصر علاقة عميقة، حيث سيكشف الروائي لصديقه الناقد سراً يتعلق بتأليف رواية " الخبز الحافي "، ففي جلسة جمعته وصديقه الكاتب الأميركي بول بولز الذي اختار طنجة وطناً له بالإضافة إلي عدد من المثقفين والصحفيين الأجانب
في طنجة، اقترح عليه أحدهم أن يكتب سيرة حياته التي كان يروي تفاصليها لهم شفاهاً، وتعهد بأن ينشرها بالإنجليزية لو فعل، بينما تحمس بولز لترجمتها، فقال لهم محمد شكري علي الفور ؛ لقد كتبتها بالفعل إنها موجودة في البيت، وتحمس الجميع للمشروع، فتواعد شكري مع بولز بعد أيام علي أن يأتي له بالفصل الأول ليشرع في ترجمته ما دام قد تعهد بذلك، وفي الموعد المحدد جاءه فعلاً بالفصل الأول الذي كتبه في أيام قلائل اختلي فيها بنفسه في أحد المقابر كما يقول لنا في " الشطار "، وفي اللقاء التالي جاءه بالفصل الثاني، وهكذا كتبت " الخبز الحافي " عام 1972، وصدرت
بالانجليزية ثم الفرنسية قبل أن تصدر طبعتها العربية بعشر سنوات.
وبحسب الناقد صبري، فإن " الشطار " التي ؛ رقّت فيها الكتابة وشفّت وازدادت تركيزاً تبدأ بفصل بعنوان " زهرة من دون رائحة "، حيث سيتضح أن عنونة الفصول من سنن هذا الجزء لأن " الخبز الحافي " اكتفت بترقيمها دون عنونتها، والعنونة هي أولي سمات هذا الاستقرار الجديد علي الصعيد النصي وعلي صعيد الفعل معاً، فقد أصبح للراوي ( شكري ) مستقر وعنوان ثابت بعدما عاش كل مرحلة " الخبز الحافي " دونما مقر، فقد أخذ النص يعي نصيته بطريقة أبرز من تلك التي تبدت بها تلك النصية في الجزء الأول الذي كانت فيه الكتابة معايشة وحلولاً محل الواقع وفيه قبل أي شيء آخر، ولا
غرو فـ" الشطار " هي سيرة الرحلة صوب الكتابة والقراءة والتعبير عن النفس بالكلمات، ومن هنا كثر فيها ( الشطار ) الحديث عن هموم الكتابة وترصعت صفحاتها بالقصائد، وذلك عائد، وبحسب حافظ، لأنه إذا كانت " الخبز الحافي " تقدم لنا الإنسان الطالع من القاع الاجتماعي، فان " الشطار " تقدم لنا سيرة الكاتب مع الكتابة، ومع التجربة المعرفية كلها.
حياته الجديدة
يبتدئ النص بنزول الراوي من رحم الحافلة إلي ساحة العرائش حيث واجه منذ اللحظة الأولي رديفه وصورة ماضيه المتمثل في هذا الطفل المتسخ الذي كانه ولكنه انفصل عنه الآن ؛ " قدام الحافلة التي نزلت منها، اقترب مني طفل متسخ، حافي القدمين، في حوالي العاشرة من عمره.. "، ثم بمشهد البئر التي صادفها في طريق العودة من المدرسة ( التي يقرر الدخول فيها مع أن عمره شارف الآن علي العشرين عاماً ) وسيلقي حجراً في البئر يختبر به عمقها، واستهواه العمق واحتمال السقوط المدوخ، علي ما في ذلك من ترميز واضح لما هو مقبل عليه في حياته الجديدة، وسنراه وهو يحتال علي
فارق السن بينه وبين زملائه ولكي يكون أكثر مقبولية لديهم ؛ " منذ تلك اللحظة صرت أتعلم من التلاميذ أكثر مما أتعلم من المعلمين "، ولكي يمارس عملية حرق المراحل للتعويض عما فاته نراه يقول ؛ كنت استعجل تعلمي بجنون في جميع الظروف القاسية، وهو يستشهد بمقولة لرامبو ؛ ليس من الخير أن نبلي سراويلنا علي مقاعد الدراسة، حتي صارت القراءة والكتابة عنده هوساً في الحلم واليقظة : " أتخيل نفسي، أحياناً، حرفاً كبيراً أو قلماً "، وحين يسخر منه مدرس مادة اللغة العربية لإخفاقه في حفظ بيتين لصفي الدين الحلي، ينتهره قائلاً " حمار.. غبي.. أأنت ستدرس؟ عد إلي
طنجتك مع أولاد السوق بدلاً من أن تضيع وقتك هنا وتضيع وقتنا معك "، ويتعرض للضرب علي يدي هذا المعلم، وستحدوه رغبة في " عض إذنه الحمارية حتي أبترها وابصقها في وجهه، ولكن سيكون آخر يوم لي في المدرسة "، ويصل إلي حل ؛ " سأترك إذن الحمار لأسنان الحمير ". وهو يصف لنا وضعه الجديد وينبه إلي أنه لم يكن منفصلاً تماماً عن وضعه السابق ؛ لم يكن لي مكان قار أنام فيه، كنت أتبع خطي السكاري، والحشاشين، وطوافي الليل، أجد لي دائماً مكاناً بينهم، لقد كانت لنا نفس الذكريات واللغة، إن السكاري والحشاشين وطوافي الليل، يتشابهون، ويتآزرون، أينما كانوا، في أي
زمان ومكان، إنهم يرفضون الدخيل عليهم والوسيط، إذا لم يعتنق لعنتهم.
وجنباً إلي جنب مع شغفه بالتعلم والاستزادة منه نراه يستمر في غشيان المواخير الليلية وتعاطي الحشيشة التي كانت محظورة ويحاسب عليها القانون، كان معه رفيق اسمه حميد، الذي سرعان ما يمسك به أحد رجال الشرطة فيما شرطي آخر يتوجه نحوه ؛ فقصدني يرعد ويصرخ، جريت بكل قواي، دخلت في زقاق، هناك باب ثانوي لمسجد الجامع الكبير، خطر لي الاحتماء في المقدس، دخلت راكضاً بحذائي، في المتوضأ انزلقت ولم أسقط، التفت ورائي، ولد القحبة يخلع حذاءه، لا مكان للاحتماء هنا، لم أخلع حذائي، صلاة الظهر، أقفز علي ظهور المصلين راكضاً بينهم، تبلبلوا، خرجت من الباب
الرئيسي، وجدتني في ساحة سوق الكبيبات، صحت في أولاد الزانيات ؛ عودوا إلي الصلاة، لم يحدث شيء.
قتل أنبل الناس
وضمن أجواء بوهيمية شبيهة بأجواء ألف ليلة وليلة، وبدافع العوز الشديد نراه يدمن الوقوف عند منزل الإيطالية الشابة ؛ التي كنت أنتقي من قمامتها قدام بابها أعقاب سجائرها المصبوغة بأحمر الشفاه القاني، أدخنها بلذة جنسية، فاجأتني يوم أنبش زبلها بحثاً عن الأعقاب، فلم تعد ترميها.
وبحكم عامل السن والخبرة الحياتية فقد رضي التلاميذ أن يتخذوه حكماً بينهم لاسيما وأن الدراسة كانت مختلطة، في أحد الأيام يعمد أحد التلاميذ إلي تقبيل زميلته ؛ باس تلميذ تلميذة، فكانت مشكلة، ولكي أرد لها الاعتبار، أمرتها أن تبوسه هي أيضاً فكفت عن البكاء.
إنّ " الشطار " حافلة بكل شيء، وهي تقدم لقارئها وجبة طازجة وفورية متي شاء من دون أن يحس بالشبع بل العكس هو الصحيح، وهذا هو شأن الروائيين العالميين الكبار، وفي أحد مراحل الرواية سنراه يسكن في بنسيون جديد ؛ يحاورني في كوخه الخشبي توماس الروخو، وهو أحد الهاربين من الحرب الأهلية الإسبانية ويصفه بأنه يعيش حياة عنكبوت، يكره فرانكو مثلما يكره المرء دم أسنانه، لم يكن فرانكو ماهراً في قتل الأرانب والخنازير، كما يقال عنه، بل كان ماهراً فقط في قتل أنبل الناس، كان رفاقه في الصيد وأعوانهم هم الذين يقتلونها ويضعونها عند قدميه فتؤخذ له الصور
مزهواً، وحينما يغرق في عالم القراءة والمطالعة يجد نفسه ممزقاً بين مختلف التوجهات الفكرية والفلسفية، غير أنه يجد العزاء عند روسو ؛ اعترافات روسو علمتني العزاء في ملك الأشياء الصغيرة التي يهملها الآخرون، سيري حياة فان كوخ تبدأ بالحلم وتنتهي باليأس، في الجنون لا أرض غير السماء الوهمية نتعلم فيها كيف نطير بأجنحة مقصوصة.
وعلي طريقة سرد حكاية المقامات القديمة، نراه يورد مقاطع حوارية ؛ لقد رأيت حمالاً يثقل عربة حماره بكيس تلو الكيس حتي انهارت العربة وانهار الحمار، كان يريد أن يقتصد في العودة إلي الشحن، خطوة، انها خطوة، ولكن من يستطيع أن يخطوها، إن كل إنسان يتخيل أمامه هاوية وهمية.
ويبدو أنه أفاد أيضاً من تجارب المتصوفة ؛ الإنسان وحيداً قديس، ومع المرأة شيطان، من يحصي أيامه كمن يحصي نبضات قلبه، إن أجمل ما في العالم يتدمر ويتلاشي، هذه هي الحقيقة التي سمعتها من أبكم، يا حكيم الشفاه، لماذا أنت مصاب بالبرص، يا طبيب العيون، لماذا أنت أعمش؟ وسيطل علينا نيتشه أو جبران ؛ لا تنتظر من يواسيك، اعتبر نفسك خالداً ولو في الوهم، لا يقهر الموت إلا حب الحياة.
تحولات المدينة
يري صبري حافظ أن النص يعد في مستوي من المستويات قراءة للتاريخ السري لطنجة بمواخيرها وحاناتها وبارات الأجانب فيها، والتاريخ الشفهي لثقافتها التحتية ولروادها من صعاليك المغرب والعالم معاً، وسجل تحولاتها وأوجاع بنيها، ولا يمكن الفصل في هذا المجال بين تحولات المدينة وتحولات الراوي، فقد ادغم كل منهما في الآخر، وأصبح ابن الحانات والليل والشوارع اللاهثة يحب ليل بيته فيها لا ليل الحانات، ويصل إلي القول وفيها أي في طنجة واجه الجنون والانهيارات العصبية وعرف سلام الروح لما اكتشف سر المكان.
وفي الختام نود أن نشير إلي أن جميع المنجزات الروائية التي تشكل علامات فارقة قد تضمنت حبكتها، بهذا القدر أو ذاك ثيمة الصراع مع الآخر أو التماهي معه، وبذلك تمّ إذكاء الشرارة
المكان الاول هو الحب الاول-كتابة وتخطيطات غالب المسعودي
اللغة السومرية-كتابة د.زهير صاحب-عن موقع كتابات-تخطيط د.غالب المسعودي
- د. زهير صاحب
ليست اللغة السومرية من عائلة اللغات السامية، ولا من عائلة اللغات الهندو –أوربية. فقد وصفها المرحوم الأستاذ (طه باقر): "بأنها من نوع اللغات المعروفة باللغات الملصقة، فمن مظاهر الألصاق في اللغة السومرية، أنها تجمع أو تركب الجمل الفعلية بطريقة إلصاق الضمائر والأدوات الدالة على الزمن إلى جذر الفعل في الجمل اللغوية، فتصبح الجملة الفعلية وكأنها كلمة مركبة واحدة. كما إنها تلصق الأدوات النحوية مثل الأدوات المعبرة عن الأضافة والجر والجمع والفاعلية إلى أواخر الأسماء، مع إجراء التغيرات الصوتية من دمج وإسقاط لبعض الحروف" (طه باقر، 1973، ص59).
والغالبية العظمى من مفردات اللغة السومرية قوامها مقطع واحد، مثل "لو" (Lu) رجل، و "كال" (Gal) عظيم، و "كا" (Ka) فم، و "شو" (Shu) يد، و "كي" (Ki) أرض، و "آن" (An) سماء، و "إي" (e) بيت، و"دو" (Du) شَيَدَ، و "تُم" (Tum) رفعَ ... الخ.
وتؤَلَف بطريق الألصاق مفردات مركبة كثيرة أخرى مثل "لوكال" (Lugal) أي الملك، و "آن- كي" (An- Ki) الكون أي السماء والأرض، و "إي – كال" (gal – e) القصر، و "دب – سار" (Dub – Sar) الكاتب. الى غير ذلك من الكلمات الكثيرة.
وكان للغة في الفكر السومري قوة سحرية أوجدها الأنسان للسيطرة على عالمهِ حسب ما أوحى إليه منطقه الأسطوري. فكان ذلك المنطق الأسطوري (فكراً) حققه الشعب السومري بفاعلية الممارسات السحرية، التي تتفعّل بقوة (الكلمة)، "وكأن تأثير قوة الكلمة قد فاق تأثير التصوير والتشكيل والتمثيل" (تليمة، 1979، ص42). فاحتلت الكلمة في تلك الممارسات والطقوس دوراً مهماً بوصفها قوة مؤثرة في التعامل مع القوى الماورائية، ففعَّل السومريون حيوية الكلمة بالتوجه الى الماورائيات بالضراعة والرجاء وبالأمر والنداء.
ولتوضيح أهمية الكلمة في الشعائر والطقوس الدينية نقول: أن أحد المواطنين المصريين القدماء إشتكى إلى أحد الكهنة من جسامة القرابين المقدمة في الفعاليات الجنائزية المتصلة بعالم ما بعد الموت، فأجابه الكاهن: من الآن فصاعداً عليكم أن ترسموا أشكال القرابين على جدران المقابر بدلاً من جلبها، فالصورة هنا تمتلك فاعلية سحرية تجعل منها بديلاً للأشياء الحقيقية التي تمثلها. وبعد فترة من الزمن أوضح مواطن آخر لسيدهِ الكاهن، من أن الرسامين يطلبون المزيد من الأموال، بغية رسم صور الأشياء التي أوصى بها. فكان جواب الكاهن هذه المرة: عليكم الآن أن تتفوهوا بكلمات تدلّل على تلك الأشياء فتكون موجودة. أليس فعل الكلمة يتمثل بفاعلية في أحد إتجاهات ما بعد الحداثة المعروف باسم (الفن لغة)، فقد أبدع أحد فناني هذا الأسلوب تشكيله الفني، حين وقف في وسط قاعة العرض، وصاح بأعلى صوتهِ "أطلقوا النار على شلالات نياكارا"، وربما تحقق ذلك في ذهنية المتلقين من نموذج النخبة السعيدة. أما خارج القاعة فإِن ذلك مجرد هراء وشعوذة.
ورغم البعد التاريخي للسومريين ولغتهم الجميلة عَنّا، إلا أنه ليس من دواعي العجب، أن نعرف أننا ما زلنا نتفّوه يومياً بكلمات ذات أصول سومرية مثل: أكو – ماكو، بارية، بستوكة، تالة، تبلية، جمّار، دبس، إقليم، أرجوان، إسفين، ثوم، جير، خَردل، حنطة، رمان، زعتر، دلو، سوسن، شريان، عدن، عرش، قانون، كتان، نفط، مشط، بخار، والقائمة طويلة.
* أستاذ مادة تاريخ الفن
كلية الفنون الجميلة - جامعة بغداد
الأربعاء، 21 يوليو 2010
تشذرات الولد الخجول-بقلم احمد الحلي-تخطيطات عادل كامل
تشذرات الولد الخجول
قراءة أولية في مخطوطة عادل كامل ( الولد الخجول )
أحمد الحلي
" أنا واحد من سكان كوكب قبل الاستيقاظ " ، أو " أنا قارة تعداد سكانها واحد " .
هكذا وعبر ما يشبه المعضلات الرياضية على طريقة المتواليات العددية وربما الهندسة ، يقودنا الولد الخجول ، بصفتنا حشد العميان عبر مسالك لم نعهدها من قبل ، مسالك تعبق برائحة العشب البري ، إلى حيث تسكن الدهشة مفعمة بالتوتر ومغسولة بحبات المطر الخريفي المتألق ، بعيداً عن كل مواضعات التأنق الحضاري التي راحت تحدّق بنا وتبث في مفاصلنا رعبها القطبي المتقن ، ولعل روح المشاكسة ، تلك التي تروق لعيني هذا الولد هي التي تحث قدميه الحافيتين إلى حيث تشع البواطن ، فإن تكن الأشياء قد وارت جذواتها خلف استحكامات الغلق فلا بأس عليه في أن يتسور الجدران ، فإن قوة الإغواء كثيراً ما تتضمن مبررات اقتحامها عنوة .
- ثمة عصور ترقد في ثقب إبرة !
- هبطت من خشبتي ، تنزهت ، ثمة حدائق من فولاذ ، بحار مسورة وآلات ، آنذاك عدت فلم أجد خشبتي !
- خذ ما تشاء إلا وردة تفتحت على مشارف الجرح !
هكذا يتشذر الولد الخجول أمام أعيننا وفي سماواتنا القاحلة ، أنه ثراء الروح والامتلاء الحقيقي لا ذلك السعار الذي يبهظ أرواحنا ويهوي بذواتنا الأعماق السحيقة .
وليس معنى هذا أن بمنجى من كل ما يعصف بالحياة ويتربص بها من شرور وآثام . انه أيضاً ، شأنه شأن الآخرين ، عرضة لأن تعلق به أدران الخطيئة ، لكننا نلاحظ أن الفارق هي أنه سرعان ما يثوب إلى نفسه فينتشلها ، وأن ظلت الأخطاء مخلفة وراءها الجروح الفاغرة ، وهذه هي العبرة التي يمكن أن نستخلصها ، ففي الوقت الذي نشاهد به الآخرين وهم يستمرئون الانجرافات ، بل ويعالجونها بانجرافات أخرى أشد خطورة ، نشاهد هذا الولد نأى بنفسه عن الكدر ثم نراه يأخذ بتقريع نفسه عبر عويل مر وتأنيب شائك ،
- أتبحث عن ملائكة في روحي مزرعة ، غابة ، ثم وجراً للذئاب !
- غرباء يسكنون الروح ، لكني أولهم !
- لم صارت روحي مزرعة ، غابة ، ثم صارت وجراً للذئاب !
- أنى لي أن أصعد إلى السماوات فيما اسمي مثقل بالانحناءات !
- من أي مكان تأتي الأصوات ، تحوم وتغيب فيما أنا مثل مدفن ينمو في وردة ! ذلكم هو الرثاء الحق ، انه الرثاء لحياة تبددت نضارتها بطريقة ما وتركت الروح منخورة مثل وسادة بالية .
وعبر سياق آخر من الفهم ، نراه في تأججات ثمالته قد توغل عميقاً سعياً وراء استخراج لؤلؤته الأثيرة ، تلك اللؤلؤة التي ربما تكون مطمورة في رمال النفس أكثر مما هي موجودة في الأماكن الأخرى ،
- لا تحصى كنوزي ، تفاحة في السماء ، وعشب في الرمال ، وعصفور في الفجر يعلمني الغناء !
- هذا الحصى ، لؤلؤ في الحضور !
- حبة قمح ، هو ذا زادي .
- إن كنت تقطف وردة أو تطلق النار على غزال فإني هنا أراك !
- يحاصرني الفرح كمدية ، توهج توهج ، هذا هو الامحاء !
إنه السليل الحق لذلك النمط من الفهم الذي يتموضع حول التجرد ما أمكن من الأعراض الزائلة ، والتركيز بدلاً من ذلك على محاولة الوصول إلى عمق الدلالة ، ذلك الفهم الذي يتحدر منذ مرحلة ما قبل اشتراع القوانين والأنظمة والعقائد ، تلك المواضعات التي كثيراً ما كبلت الإنسان وأقامت الحواجز المريرة ما بينه وبين بني جنسه ، حيث الإنسان في نصوعه الأولي المشرق عناق وغزل دائمين مع الطبيعة البكر وحيث لم يتم بعد اختراع المداخن ، ومروراً بفيثاغورس وامبادوقليس وديوجونيس وكثيراً من المتصوفة الإسلاميين ، ثم فيما بعد باسكال وروسو ووليام بليك ، وبصورة أكثر حصراً والت وايتمان " سأرقد فوق العشب مثل طفل " ، " وحدي لا امجد المعادن وحدي امجد الريح ، مع لمسة من البوذية الشفيفة ، " أنا شحاذ للرفقة " !
ترى أيمتلك أحدنا مثل هذا الفصام النقي الوهاج الذي امتلك سره في يوم ما الفنان عادل كامل فأودع نزغاته في مخطوطة سماها " ألفية الولد الخجول " من خلال كل ما يضطرم فيها من تمجيد لنقاء السريرة والدعوة الحثيثة للبحث عن خلاص روحي ، ذلك الخلاص الذي لا يتم إلا بالمرور في تدرجات المطهر القاسية ، انه يشير لنا عبر مجساته السابرة الى ان هناك والى جوار هذه الوحول التي تخوض فيها ان ثمة جداول خفية تنساب بعذوبة الماء وان ليس بشيء قادر على طمسها تحت أعتى الظروف .
للاهازيج قصصها-بقلم حامد كعيد الجبوري
حامد كعيد الجبوري وللأهازيج قصصها
عروضيا تعد (الهوسة) من بحر الخبب – حركة الخيل - هكذا صنفها الخليل بن احمد الفراهيدي ، وتعتمد بتفعيلتها على (فعلن) مكررة ، وتسمى لدى الشعراء الشعبيون ب ( الهوسة) ، ومنهم من يسميها (أعكيلية) نسبة لعشائر (العكيلات) ، ومنهم من أسماها ال(طربكة) نسبة لحركة قوائم الخيول (طربك ، طربك) و(طربك) عروضيا تقابل ( فعلن ، فعلن) ،ومنهم من أسماها (الأهزوجة) وهناك خطأ شائع يقع به الشعراء حيث يسمون (الهوسة) ب ( العراضة) ، و (العراضة) قد يكون من معطياتها (الهوسة ) ، و (العراضة) يعرفها أهل الوسط والجنوب العراقي وبخاصة أهالي الفرات الأوسط ، وللعراضة مراسيم
خاصة لسنا بصددها ، كعراضة المتوفى وعراضة الزواج وعراضة (تشييخ) أحدهم لعشيرته ، وقد لعبت – العراضة – فعلها الواضح على رجالات العشائر أبان ثورة العشرين التي مرت ذكراها خجولة يوم 30 حزيران ، أذ سلطت الأضواء على الاتفاقية الأمنية التي وقعها الساسة فقط ، دون عرضها للاستفتاء الجماهيري ، بمعنى أنها مررت علينا وأصبحت واقع حال مفروض وهذا ما أثارني لكتابة هذه الموضوعة .
تكتب ( الهوسات ) بكافة أوزان الشعر الشعبي كالموشح والتجليبة والنصاري وهذه هي الأوزان الشائعة غالبا ، ومنهم من يكتبها بأوزان أخرى ، مع ملاحظة أن الأبيات التي يكتبها الشاعر -المهوال – غالبا لا تزيد على ثلاثة أبيات يختمها بال (هوسة) والتي يجب أن تكون على تفعيلة الخبب ( فعلن) لكي يؤدي المجتمعون مع ( المهوال) الحركات التي تتوائم مع أهزوجته ، وتتخل الإهزوجة حركات راقصة من مؤديها جميعا ، وغالبا ما يحمل الشاعر بيده بندقيته ويرقصها بيده ويطلق الآخرون عيارات نارية من بنادقهم .
1 : ( بالرارنجية أنت ويانه)
الشيخ مرزوك العواد (أبو جفات) شيخ عشيرة (العوابد) والتي يمتد سكن رجالاتها بحوض الفرات الأوسط ، ومضيف الشيخ مرزوك بناحية الشامية حيث مسكنه وعشيرته الأم ، ويعد الشيخ مرزوك من رجالات ثورة العشرين وقوادها ، ومن المعلوم أن ثورة العشرين أجبرت حكومة بريطانيا العظمى بالنظر بجدية لمطالب الثوار بتشكيل حكومة وطنية ، وكانت رغبة بريطانيا جلب ملك لكرسي العراق من غير الثوار المنتفضون عقوبة لهم ، وكان لهم ما أرادوا بدسائس أثبتها المختصون ، وحينما أصدرت بريطانيا العظمى أوامرها باستقدام الملك فيصل الأول من سوريا لمملكة العراق الجديدة ، كان
الشيخ مرزوك العواد من ضمن الوفد الذي ذهب لجلب جلالة الملك ، خلال المسيرة الطويلة من سوريا الى العراق أرتبط ملك العراق الجديد فيصل بعلاقة صداقة حميمة مع الشيخ مرزوك ، وعرف الملك أن الشيخ مرزوك يقول الشعر الشعبي رغم عدم معرفة الملك باللهجة العراقية الجنوبية المحكية ، ودع الشيخ مرزوك مليكه الجديد بعد أن وصل لبغداد وقفل راجعا للشامية ، بعد حين أراد الملك فيصل زيارة الألوية العراقية - هكذا تسمى سابقا – وحين وصوله للشامية كان الشيخ مرزوك باستقباله بمضيف عشيرته ، وكان برفقة ملك العراق كل من رشيد عالي الكيلاني ووزير الداخلية ناجي
السويدي ، طلب الملك فيصل من الشيخ عواد أن ( يهوّس) لمقدم صديقه ، أجابه الشيخ مرزوك لست ( مهوالا) جلالة الملك ، وهنا أمر رشيد عالي الكيلاني الشيخ مرزوك قائلا له ، (مرزوك هوّس لجلالة الملك) ، لا حظ الشيخ مرزوك هذا الإسلوب الفض من رشيد عالي الكيلاني حيث لم ينعته بالشيخ ، وحتى لم يكنيه بأبي جفات فكبر ذلك عليه وقال له ، نعم (هسه حلَت وحلت الهوسه) وأنشأ قائلاً وهو يعلم جيدا أن رشيد عالي الكيلاني لم يكن له أسم يذكر بثورة العشرين وإنما جاءته هكذا بالصدفة والعلاقة – كأيامنا هذه (إ يجد أبو كلاش وياكل أبو جزمه) - ، وكما أطلقوها سابقا ( خياركم
بالجاهلية خياركم بالإسلام) ، ويعرف الشيخ مرزوك أن أسم أم رشيد عالي الكيلاني ( عليه) فأنشأ قائلاً
ذبحنه الصوجر وجبنه الملوكيه
دلالة على جلب الملك فيصل من سوريا
وأبن (عليه) وزير ويامر أعليه
وأدار وجهه صوب وزير الداخلية ناجي السويدي مكملا إهزوجته قائلاً
إ بحضك هم شفت هاي الأفندية
( بالرارنجية أنت أويانه )
والرارنجية قريبة من مدينة الحلة بإتجاه الجنوب – النجف - حدثت بها معركة ضارية مع الإنكليز.
2 : ( خايف منك خاف أ تجيت أعليه)
مرض الشيخ ( حاتم الحسن ) شيخ عموم الحسناوين في الفرات الأوسط ، وهو من سكنة ( الصليجية) ناحية العباسية العائدة لقضاء الكوفة محافظة النجف الأشرف ، وكان مرضه الذي مات به منتصف السبعينات من القرن المنصرم ، وحاتم الحسن وجه عشائري له ثقله بين عشائر العراق ، ولوالده موقف سجل عليه لا له فترة ثورة العشرين الخالدة يذكره المهتمون بها ، ومن المعلوم أن كل شيوخ العشائر لهم (مهاويلهم) الخاصون بهم ، والشاعر (المهوال) لسان عشيرته بأفراحها وأحزانها وحروبها وغاراتها على العشائر الأخرى ، ويفضل (مهوال) العشيرة على (المهوال) الذي ينتمي لعشيرة أخرى ،
وكان لحاتم الحسن شاعرا (مهوالاً) صديقا له أسمه (فنجان الحسناوي) ويكنى بأبي زيدان ، والشيخ حاتم الحسن مسجى بإحدى مستشفيات العاصمة بغداد منتصف السبعينات تحدث من على سرير موته مع (مهواله) فنجان قائلاً له ، فنجان ، أجابه ( لبيك إمحفوظ آمر) ، قال الشيخ لفنجان لطالما امتدحتني بحياتي في مواقف شتى فما عساك تقول راثيا لي بعد موتي ، أجاب فنجان شيخه ( عمرك إطويل إمحفوظ إنشاالله من عمرنه على عمرك) ، قال الشيخ ( لا فنجان هاي مرضة موت ماظن أكوم منها ، أبروح أبوك شو درثيني) ، أطرق فنجان قليلا ونهض من مكانه قائلا
وراك العمر ما ريده ولا هوّس بعد بحزام
وعليك إنسد مضايفنه يملفه الزلم من تنظام
ي(نيص) الأسد من تجبل أعله ظهره من يريد أينام
خايف منك خاف إ تجيت أعليه
الشطران الأولان معلومان للقارئ الكريم ولكن الشطر الثالث يحتاج للتوضيح كما أرى ، فال(نيص) حيوان بري يقارب الأرنب بحجمه ولكنه بوثبة واحدة ينقض على الأسد ويقضم رقبته من قفاه فيدرك الأسد النزف من الدماء حتى الموت ، فلذا عندما يرى الأسد (نيصا) ينام على ظهره ويرفع أرجله ويداه لكي يتقي قفزة ال (نيص) ، إلا أن ال(نيص) لا يهجم على فريسته وهو نائم على ظهره لأن بذلك حتفه بل ينتظر جزع الأسد من استلقائه ليهجم عليه ويفترسه ماصا دمه .
وأطرق (المهوال) وأردف قائلا
ياميراث الأول حيث الأول عال – من العلو
ويا حلو المحاجي ويا كلب رجال
ترهه أعله السطور ومثل حرف الدال
(خليه يالدنيه أتنومس بيه)
ولا أعرف بماذا يتمييز حرف الدال على بقية الحروف ولم أجد من يفسر لي ذلك ، وقد يكون الشاعر يقصد أن حرف الدال يشبه رأس السهم .
3 : (الشر يتلبد وأحنه أندور أعليه)
يمر القطار النازل والصاعد من وألى البصرة الفيحاء عشائر بل قل قبيلة الظوالم وهي كثيرة البطون ، والتي تمتد من الديوانية وصولا لذي قار ، وكان الوطنيون من الثوار المعارضون لوجود المحتل ببلادهم يعترضون قطار المؤن والمعدات العسكرية الإنكليزية برميه بما تيسر لهم من أسلحة آنذاك ، أستاء القائد الإنكليزي من فعلتهم هذه وأرسل لقسم من الشيوخ المؤازرين للمحتل وما أكثرهم – ما أشبه اليوم بالبارحة - ، جمع القائد الإنكليزي مثل هؤلاء الشيوخ بمكتبه وحدثهم بمكره وأهداهم العطايا فمنهم من استجاب ومنهم من رفض ، أغدق القائد الإنكليزي على من تواطأ
معه وأعطاه مبلغا من المال لأجل مأدبة يقيمها للقائد المحتل ، أكل الجميع من هذه المأدبة المدفوعة الثمن وتحدث القائد مع الجميع قائلا ، لا أريد من عشائركم شيئا ما إلا أخبارنا أو إخبار الشيخ بأسماء من يتعرض للقطار بعد هذا اليوم ، أجاب الشيخ بنعم لك ما تريد أيها القائد ، قال القائد موجها كلامه للجميع إجلبوا لنا قرآنا ليكون شاهدا عليكم ، جلب الشيخ قرآنه وقبل أن يضع يده على القرآن للقسم نهض أحدهم من مكانه مخاطبا الشيخ ، ( على هونك إمحفوظ خليني أهوّس كبل ما تحلف) ، تفتحت أسارير الشيخ معتقدا أن (المهوال) سيطلق عنان لسانه لصالحه أي الشيخ
ليقبض ثمن إهزوجته (هوسته) ، وكانت (نخوة) عشيرة الظوالم هي (ولد جلبه) ، والنخوة هذه يعرفها أبناء العشائر، ولكل عشيرة نخوتها الخاصة بها ، يطلقها أبن العشيرة حينما يظام ولا يجد ناصرا له ، توسط (المهوال) الجمع قائلا
أحنه (أولاد جلبه) وبزرة الشيطان
ويروى
أحنه (أولاد جلبه) وما نهاب الدان - القنابل
نحلف بالترك ما نحلف بقرآن
ونحلف بم (صليب) الجايه من إيران
(الشر يتلبد وأحنه أندور إعليه)
ونحلف ب ( الترك ) دلالة للبندقية التركية التي هي سلاحنا ولا نقبل أن نحلف زورا وباطلا بالقرآن الكريم ، و(أم صليب) البندقية المعروفة والتي كانت تصنع في دولة إيران ويجلبها- (القجخجيه )- المهربون لبيعها للعشائر الثائرة ، وهكذا إستطاع هذا المهوال الذي لا أعرف أسمه من أن يضيع فرصة الفوز بمغنم خائن للشيخ الدخيل ، وخرج القائد الإنكليزي من المضيف خالي الوفاض