لطيف بربن سلطان الظرفاء / القسم الثاني
محطة السجن :
والمحطة الرئيسية بحياة هذا الرجل هي السجن ، وكما قلنا أودع التوقيف للاستفسار فقط ، وهذا الاستفسار أمتد لسنة وستة أشهر ، وهناك في السجن حوّل أيام سجن رفاقه لسفرة لا تمل ، فلطيف بربن هو المغني ويمتلك آلة موسيقية لا يملكها سواه ، يضع مسبحته وسط إناء معدني ويبدأ يطرق على أطرافها فتخرج أصواتا متناسقة مع ما يغني ، وإن ملوا من الغناء تحولوا للشعر والمطاردات الشعرية ، وأن ضجروا منه تحولوا لصناعة الحقائب النسائية التي تحاك من خيوط (التيرة) – الذي تستخدمه النساء لتنظيف وجوههن من الشعر غير المرغوب فيه (الحفافه) – و (النمنم) ، يقول لطيف كنا نصنع الحقائب ومحافظ النقود ( الجوزدانات) وفق خريطة معينة ، وكنا نقتسم العمل بيننا أحدنا يلظم والأخر يطبق خريطته التي يعمل بموجبها فتسمع الترديد فيما بيننا أحمر ، أصفر ، أبيض ، وهكذا ، ويعني هذه الألوان (للنمنم ) ، ويقول لطيف بربن بهذه الطريقة مارسنا عملا وكنت أبعث لعائلتي ما أجنيه من عملي وكان يسد حاجة الكفاف لديهم ، يقول أبو ياسين عن أيامه وأيام رفاقه داخل سجن الحلة ، في اليوم الأول والعدد لا يمكن إحصاءه جاء لنا شرطي برتبة رئيس عرفاء وقال من هو ال (سرهنك) فيكم ؟ ، قلنا له ماهو (السرهنك) ؟ ، أجابنا (أنجبوا متعرفون السرهنك) ، يقول أبو ياسين قلت له (والله ريس عرفاء السرهنك لسه ما لزموه) ؟ قال رئيس العرفاء (بابا السرهنك هذا واحد من عدكم أنتو تنتخبوه يمثلكم ويجيب الأوامر من الضابط) ، أنتخبنا رفيق لنا لأداء المهمة وهو الشيوعي (عبد اليمه هادي أبو نصار) ، وسبب اختيارنا له أنه نائب ضابط في الجيش إضافة لكونه مسؤل التنظيم العسكري في محافظة بابل ورياضي نشط وأداري جيد ، تعودنا على مفردات لا نعرف معنى لها ولربما هي مفردات تركية أو فارسية ومنها مفردة (كانه) ، ونستمع لهذه المفردة أكثر من أي مفردة أخرى ، ف (كانه) للتعداد الصباحي وأخرى لطعام الفطور وأخرى لطعام الغداء وللعشاء ، والطامة الكبرى الذهاب الى المرافق الصحية ، أن صحت تسمية الصحية عليها ، مرافق واحدة وتعدادنا يتجاوز (300) موقوف مع ملاحظة أن الوقت الكلي لا يتجاوز الساعة، ويقول أبو ياسين بهذا الباب كان الواحد منا (يلزم سره ) للوصول لقضاء حاجته وطرقات الباب من الآخرين تستعجله بقضاء هذه الحاجة ، والمرافق الصحية – أوكد الصحية – مغلقة المجارى ومع ذلك نستخدمها إذ لا خيار لنا غيره ، ولهذا الحال أرخته بقصيدة وأعتذر أنا (حامد كعيد الجبوري) وأنقل اعتذار (لطيف إبراهيم بربن) لكل قارئ عما يرد بقصيدة (أبو ياسين) من مفردات أردت أن أثبتها لتوثيق حياة الوطنيون الأحرار ، وتقع القصيدة بحوالي (250) قفل ضاع أغلبها وحفظ يسيرا منها الراحل (جعفر هجول) يقول فيها الشاعر (لطيف بربن)
ألف آه من السره والكانه
.............
الف آه من السره لمن تجيك
بطنك أتطورد ومكسور الأبريك
تلكه ميه واكفه تتنه البريك 1
والسره يوصل لعد عنانه2
.............
إشلون شوغه لو ردت تنكل إبريج
أمن الظهر تلزم سره الصيحة الديج
أتكوم بطنك تربد وإلها صريج
أتشوف كلمن حاير أبز.... بانه
...............
الدايره وكت الحجي تزمط زمط
أتكول خوش أمخضر إلكم دانحط
أخيار تازه الوحده كيلو ونص ضبط
ومن تعضها جنها بيذنجانه
................
من يجينه الليل تتلملم أهموم
إنام مانكدر ولا نكدر نكوم
إيصفطونه مثل تصفيط الهدوم
ولو تحرك شخص راح إمجانه
..............
من تدك الشيلمانه للحساب
أنكوم مسطر بالشمس ساعة عذاب
يجي (جمعه)* ويجي (عبد الله )* الشباب
و(أبو ناظم)* بالصفير إسبانه
**************
1 : البريك / أبريق ، 2 : عنانه / قرية من قرى بابل ، * (جمعه ، عبد الله ، أبو ناظم) سجانون
والقصيدة طويلة وهذا ما أثبتناه منها ، وطرائف السجن كثيرة لا تحصى ، يقول (لطيف بربن) شاء القدر أن ينقلب (عبد السلام محمد عارف) على البعث صبيحة 18 تشرين 1963 م وجاء من كان يستجوبني ويدخلوه نفس زنزانتي ، قال لي يوم ماكان يحقق معي ويعذبني بشتى انواع العذاب وهو من احد أقربائه ولست بصدد ذكر إسمه ، (أسمع لطيف اليوم لا علاقة لي بك وإنما هي مسألة مبدأ) ، وحينما رأيته بزنزانتي بعد 18 تشرين قمت له وتنازلت له عن فراشي - (يطغي) – ومكاني وقلت له (إسمع ..... اليوم لي علاقة وطيدة بك وهي مسألة مبدأ أيضا) ، وشتان بين الموقفين ، وتستمر مقالب ( لطيف بربن ) مع رفاقه وزملائه السجناء ويقول ، كان واحد منا – النزلاء - نهم جدا ويحب أكل الحلويات وكانت عائلته تأتيه بما يشتهي فيأكله لوحده ويقاسمنا ما تأتي به عوائلنا الفقيرة ، مرة قلنا له سوف لن نشركك في ما يأتينا وهذا سببه أنت ولسنا نحن ، يقول (لطيف) أخذت (صابونة) وقطعتها بما يشبه حلوى (من السما) ، ووضعت كمية من الطحين والسكر عليه ووضعته بعلبة حلويات وأخفيته تحت وسادتي ، في الجلسة المسائية وزعت (من السما) حقيقي على السجناء إلا صاحبنا البخيل ، طالب الرجل – البخيل - لنفسه بقطعة منها ولم أعطه مكررا عليه حديث الصباح إياه ، قال لي (والله إذا جابولي أهلي شي جديد أوزعه بينكم) ، قال له (لطيف) أن كنت صادقا فأخرج لنا من (الكيك والكليجة شيئا) ، قال إنها لا تكفي ، وانتهت الحادثة بعد أن أوعده صديق لنا أنه سيسرق قطعة من (من السما) ويعطيها له ليلاً ، قال له البخيل (إمروتك أثنين) ، أجابه صاحبنا المدسوس من قبلنا (من أعيوني) ، أطفأ مصباح (القاووش) وتظاهر الكثير منا بالنوم وبدأ الشخير وتحرك صاحبنا ليسرق قطعتين للبخيل وأعطاها إياه فأودعهما فمه ، بعد لحظات سمعنا صوت سعال و(شرقه بالبلعوم) ، نهض أحدنا وأضاء النور فوجدنا صاحبنا (حلكه إموغف من الصابون) وهو يلعننا جميعا وأقسم أنه سيشكوننا للضابط يوم غد ، وكما قلنا دام هذا الاستفسار سنة ونصف ولم يطلق سراحه إلا بعد أن أحيل لما يسمى محكمة العرفي وحكم لمدة ستة أشهر مع إيقاف التنفيذ ، أما ال( سرهنك) عبد اليمه أبو نصار فهتف داخل قفص الإتهام لصالح الشيوعية وأنصارها ومؤيدوها وأتهم الحاكم وزمرته بالخيانة وحكم عليه بخمسة عشر سنة ، وستكون محطتنا اللاحقة عن هذا الرجل – عبد اليمه هادي - أن أمد الله بعمرنا وعمره .
العمل الذي مارسه ( لطيف بربن) .
..............................................
وعودة للعمل الذي كان يمارسه (لطيف بربن) بدكانه – دكان ابيه - الذي يبيع به التبغ (التتن) يقول ، جاءني أحد الأعراب وقال لي أريد (تتن حار) ، و(لطيف) يعرف كيف يتعامل مع مثل هؤلاء ، والتبغ ثلاثة أصناف وهي البارد والوسط والحار ، قال الإعرابي أريد (تتن حار عمي) ، عملت له سيكارة من التبغ البارد وأعطيتها له ، دخن جزءا منها وقال (عمي شويه أحر) ، قال له (من عيني) ، وعمل له سيكارة من التبغ الوسط فدخنها وقال (بعد أشويه أحر) ، عمل له السيكارة الأخيرة من التبغ الحار فقال الإعرابي (لو بعد أشويه أحر أكعد وزن) ، قال له (أبو ياسين) (بسيطة والله راح أنطيك تتن ما شاربه أبعمرك) ، عمل له سيكارة من التبغ الحار وأضاف لها قليلاً من التوابل – أبهارات - وبدأ الإعرابي بتدخينها ، أخذ النفس الأول وفي النفس الثاني سعل سعلة قوية أحدث – دلالة خروج الريح منه – الرجل الإعرابي بسببها ومع ذلك قال ل (لطيف) ، (والله عمي هذا التتن حار كلش ولو ألكي بعد أحر منه جان أخذت منك ربع تتن ودفتر لف ) ، قال له ( لطيف) بعد أن دخن الإعرابي أربعة سكائر (بلاش) ، (هذا أعله تتن عندي أسمه تتن أبو ضر...) ،وذهب الإعرابي دون ان يتبضع شيئا و( أنضرب بوري) أبو ياسين ، بعد ان أصبح هذا الدكان لا يفي متطلبات ( لطيف) المعاشية أفتتح له محلا لبع الأخشاب قرب محافظة بابل ، وكان الرجل يجلب هذه الأخشاب من بغداد على طريقة التصريف بعد أن يدفع جزءا يسيرا من ثمن هذه الأخشاب – غرف نوم ، أسرة خشبية ، تخم قنفات ، وغيرها – يقول ابو ياسين أن هذه الأخشاب لم تكن من الدرجة الأولى فهي (سوكية) ، وكان المتبضع يدفع مبلغها بطريقة التقسيط المريح ، وبما انها غير جيدة الصناعة فلا تصمد طويلا ، وكثيرا ماكنت أخسر لعدم موافقة الزبون على الدفع ( لو تنكسر الجرباية من كثرة ..... ، لو ينكسر باب الكنتور وهكذا) ، غادر (لطيف هذه المهنة) وحول محله لبيع ( البايات ، الدرج) ، يقول ابو ياسين كان محافظ بابل عام 1969 م هاشم قدوري ، إنتبه المحافظ لهذا المحل الجميل واستوقفته (أزبال قرب المحل) وقال للطيف بربن ، لماذا هذه الأوساخ بباحة محلك ؟ ، أراد لطيف بربن إجابته أنها مسؤولية البلدية ولا علاقة لي بذلك فقاطعه المحافظ قائلاً ( أسكت خل أكل خ.... ه) ،أجابه لطيف بسرعة بديهيته المعهودة (أتفضل أستاذ) ، أنتبه المحافظ لذلك وأبتسم ابتسامة صفراء وقال له ، ألم يكن المحل هذا قبل يومين لبيع الأخشاب ؟ ، أجابه لطيف ( أستاذ الخشب خفيف والناس كالتلي أخذ ثكل وما كو أثكل من البايات) ، ولكوننا بصدد ( هاشم قدوري) محافظ بابل فهناك طرفة لا يمكن أن نمر دون ذكرها وهي ، أشترى ( لطيف بربن) سيارة نوع ( نصر) وتعلم قيادة السيارة عام 1969 م ، وفي هذه السنة وضعت دائرة المرور ولأول مرة ( الترفك لايت) في ساحة باب الحسين ، صادف أن محافظ بابل وهو يقود سيارته الشخصية نوع ( فولفو خاكي) بلا حرس أو حماية او سائق وهو واقف بسيارته ينتظر فتح الإشارة ، في هذه الأثناء جاء لطيف بربن بسيارته ال( نصر) ولم يتوقف تلبية للإشارة لأنها كانت برتقالي وهكذا أعتبر مخالفا ، لم يتوقف لطيف لصفارة شرطي المرور التي سمعها المحافظ فقرر المحافظ مطاردة (لطيف) ، أنتبه (لطيف) لسيارة المحافظ ال(فولفو) وهو يعرفه تمام المعرفة ، لم يستطع المحافظ اللحاق بلطيف إلا خارج حدود المدينة بحوالي عشرة أميال ، سبقت السيارة ال (فولفو) سيارة ال (نصر) وأومأ المحافظ للطيف بالتوقف والنزول قرب آثار بابل التاريخية ، لم يكترث لطيف للمحافظ ونزل من سيارته صارخاً بوجه المحافظ ( اسمع زين أنت لا حكني ليش ، وشنو علاقتك ، والله اكو عدنا محافظ خوش أدمي يشك حلكك وحلك الخلفوك ، ما تستحي لا حكني ) ، تهللت أسارير المحافظ لهذا الإطراء وأنتفخت ....... وقال له ببرود ، أنت تعرف المحافظ ؟ ، أجابه أبو ياسين بحدة ( أكو واحد بالحلة مايعرف هاشم قدوري المحافظ الشاغول) ، ضحك هاشم قدوري وقال ل (لطيف) أنا هاشم قدوري ، أزداد (لطيف) صراخا وقال له وهو يهز يده اليمنى ( والله بلوه أدوره أيسوي نفسه المحافظ لعد وين الحماية والماطور سكل والطيط طيط – اشارة لهورن السيارة ولكنه يقصد شئ أخر -) ، أقسم هاشم قدوري ل (لطيف) أنه المحافظ وأنه لم يجلب معه الحماية ولم يستخدم سيارته الحكومية هذا اليوم وقال ل (لطيف) (باجر مرلي بالدائرة لتعرف من أنا وبعد لتضرب الإشارة) ، قال له لطيف أن غدا لناظره قريب ، في اليوم التالي ذهب (لطيف) الى المحافظة وأصبح من معارف المحافظ ،وعودة للأعمال التي مارسها لطيف بربن وهي كثيرة ( محل تصليح صالنصات ، مطعم لبيع الكباب ) وأخيرا مارس مهنة المزادات الحكومية التي تبيع المخلفات للدوائر ، كل هذه الأعمال مارسها لطيف بربن بأمانة متناهية جداً .
طرف متفرقة
.............
للطيف بربن علاقات واسعة ومتوازنة مع مختلف شرائح المجتمع ولمجتمع الأطباء له معهم أكثر من طرفة ، كان الجراح المشهور الدكتور يوسف شمس علي على علاقة جيدة مع لطيف بربن ، في أحد الأيام أصيب لطيف بداء (البواسير) ذهب لصاحبه الدكتور يوسف شمس علي وعرض نفسه له ، أجابه الدكتور أنه بحاجة لعملية جراحية ووافق عليها ، في صباح يوم العملية ولطيف مسجى على ( السدية) وبدأ الدكتور بملاطفته قائلاً ، ( اليوم ابو ياسين أنت حصتي ، راح أشوف كلشي منك) ،تركه لطيف يتحدث هكذا ولم يعره إهتماما يذكر ، وبدأ الممرضون واللممرضات يضحكن من نكات الدكتور ، أبتسم لطيف وهو يحادث الدكتور ، ( إمروتك دكتور لتضحك ، وتضحك ربعك وياك ، أخاف تنساني ومدري شتسويلي بالعملية ، أرجوك إعصر مخك أبط ...زي) ، ضحك الجميع إلا الدكتور الذي أصبح فريسته ، ومرة ذهب (لطيف) الى دكتور الأسنان عبد المنعم الشاوي شاكيا ضرسا له وهو صديق أيضا ل (لطيف) ، قال له الدكتور مازحاً ، ما أسمك يا لطيف ؟ أجابه لطيف ببديهيته أسمي ( لطيف الحساوي) ، قال له ما هذا (الحساوي) ، أجابه لطيف ، (دكتور البغال أشكال منهن الحساوي ومنهن الشاوي ) – أعتذر مجددا عن ذكر هذه المفردات التي قد تسئ لأحد ، لكنها الحقيقة وللحقيقة فقط - ،ومرة أصيب لطيف بجلطة قلبية فقررت – انا - الذهاب لعيادته في مستشفى الحلة الجمهوري وكان طبيبه الخاص الدكتور محمد المهنه ، وكان الدكتور يحدث لطيف بنصائح طبية لحالته وهما يسيران في الممر ، ولأن الدكتور قد أوصى بخروجه من المستشفى ، وحين وقعت عينا لطيف علي قال للدكتور وهو ينظر لي ، ( دكتور من رخصتك فشله أجه أبو طيف أيشوفني خل أرجع وأنامله شويه بالفراش خو موأيشوفني كلشي مابيه عيب ) ، ضحك الطبيب وهو يقول للطيف ، أولا عليك أن تمتنع عن الكلام ، أجابه لطيف ( سأمتنع بعد أن أكمل حديثي وياكم كلكم) ، وعليك الإمتناع عن التدخين وتمتنع عن الخمرة وأن سمحت لك بالخمرة فلا أسمح لك إلا (بيك ويسكي فقط) ، أجابه لطيف ، (بالله مو عيب هل الطول وهل العرض أوكف إكبال الله على بيك ويسكي ، شنو أمخبل أني ، عمي دروح لازم أوكف أكباله على بطل صندوك حتى يسوه الحساب ويايه) .
ومطعم الكباب الذي أفتتحه لطيف أصبح ملجأ لكل أحبابه وأصدقاءه ، دخل لهذا المطعم ليلاً قبل إغلاقه بقليل صديقان له ، وبعد أن تناولا عشاءهما سألا لطيف أن كانت في المطعم مرافق صحية لقضاء حاجتهما ولما علما من لطيف أن المطعم يخلو منها – المرافق – ( تبولا) في المغسلة ورآهما لطيف وحين انتهائهما من التبول سألا لطيف عن المطعم وعمله وما يدر من ربح عليه ، أجابهما لطيف ( والله المطعم رحمه من الله ، بس طهارة ماكو وتدرون بوله بولتين أبوجه الصديق متضيع) ، وهكذا عبر عن استنكاره لهذه الفعلة منهم بهذه الطرفة .
ومرة دخل لطيف مع صديق له لسينما الجمهورية ببابل وكانت تعرض فيلم (ستوته) وبالطبع هذا الفيلم أخذ صدى واسعا حينها ، يقول لطيف كان أحد رواد السينما وهو جالس أمامنا قد خرج لتوه من الحلاق ورقبته طويلة فقال له صاحبه ، ( أبو ياسين أتشوف هذا الكاعد جدامنه ) ، قال له لطيف ماله ، يقول لطيف أجابني ، ( خويه دشوف ركبته أتشهي العليل) ، أجابه لطيف وما علاقة ذلك ، قال صاحب لطيف ( والله راح أضربه محمودي وأنعل أبو أبوه) ، قال له لطيف (عمي شو بطل هذا إذا إيضربك جلاقة إيشك ...) ، قال له صاحبه ( أضربه لو أيصير أبن الملك) ، يقول لطيف بصق صاحبي بيديه ورفع يده اليمنى عالياً وضرب الرجل على قفاه فصعقه وخرج صوت من قفاه سمعه كل الجالسون حولنا ، نهض الرجل ليعرف ما سبب ذلك وهو يردد ( أخ بويه ركبتي) ، فقال له صاحبي ( العفو والله عبالي سلمان صديقي والله العظيم ركبته تشبه ركبتك) ، قبل الرجل هذا العذر الواهي وجلس بعد أن ( جغدت علباته) وحول نفسه لكرسي أخر ، بعد لحظة وجيزه قال صاحب لطيف للطيف ، سأضربه مرة ثانية فقال له لطيف ،( يابه دعوفه أشجلبت عمي خاف شايل خنجر قامه ) ، قال صاحب لطيف (هذا لو بيه زود جان ماقبل عالضربه من اول مره) ، أنتقل صاحب لطيف الى الكرسي الذي يقع خلف غريمه وعاد الكرة بمثلها وبشدة أكثر وقال مخاطبا الرجل المصفوع ( كلب أبن الكلب سلمان أنت كاعد إهنانه وأني أضرب العالم راشديات) ، أجاب الرجل مخاطبا صاحب لطيف ( أنعل أبوك لا بو سلمان لا بو اللي طببني للسينما اليوم) وغادر دارالسينما قبل عرض الفيلم .
يقول أبو ياسين أن أحدهم كان يستعمل الحمير جنسياً وفي أحد الأيام شاهد حمارة وكأنها (فلعة كمر) فدخلت قلبه ، أراد أن يستدرجها لإحد البساتين فهربت منه وتبعها ، دخلت الحمارة أحدى البساتين وكاد أن يمسك بها فشاهد إمرأة جميلة مستلقية على (حصير) وهي نائمة وثعبان يقف على رأسها لينهشها ، ثارت حمية هذا الرجل لنجدة المراة ولكن سيخسر غنيمته الجميلة ، خلع حذائه وقرر أن يرميه صوب الثعبان فأن أصابه خيرا فعل وأن أخطأه فسيهرب الثعبان حتما ، نفذ خطته وكاد ان يصيب الثعبان فهرب ، جلست الحسناء لصوت سقوط الحذاء فرأت هذا الرجل على رأسها ورأت الثعبان الهارب وقالت له ، أنا أشكرك جدا وهي حاضرة لما يريد ويأمر ، أجابها الرجل ( هاي المطية هواي تعبتني كومي لزميها بعد مابيه حيل ألحكها) .
يقول لطيف كانت عائلة معدمة متكونة من أم وأب وولدان ، الولد الصغير عمره (22) سنه ، قال لإمه (يمه أريد أتزوج) ، أجابته الأم ( ولك أمصخم أمنين أجيبلك فلوس زواج أشو أحنه أبطرك الدشاديش) ، أجابها لا علاقة لي بذلك ( والله أسويه عليكم عزه إذا ما أتزوج) ، قالت له أمه ( يمه السره لخوك بالزواج وهو أكبر منك ) ، أجابها ( إذا هو ميريد يتزوج شعليه بيه) ، تحركت الأم صوب أقاربها لتجمع له (سياك الزواج) ، إقترضت المبلغ (إبشلعان الكلب) ، وكانت لهم جارة فقيرة كحالهم ووافق أهلها على تزويجها لخاطبها ، وبدأت مراسيم الإعداد للزواج ، سأل الأب زوجته (بشري أتدبرت الشغله) ، أجابته ( الحمد لله بقت بس الدشداشه واللباس للعريس) ، قال الأخ الأكبر ( يمه هاي دشداشتي لخويه هدية زواجه) ، ونطق العريس قائلا (واللباس عليه بعد أشتردين خو فضت القضية) ، وصنعة العريس (يفتر بالعكود يشتري عتيك للبيع) ، وكانت الحكومه آنذاك توزع السكر والطحين بأكياس نسيجيه (بازه) ، أختار العريس أحد الأكياس النظيفة غير ألممزقه وصنع منها (إلباس) ، يوم الزواج أدخل العريس على زوجته وسط زغاريد النسوة وتصفيق الأقارب ، بعد فترة وجيزه صاح العريس بصوت عالي ( يمه لحكيلي ماتت العروس) ، دخلت الأم على زوجة إبنها وهي تقول (ولك أمصخم أسويتلها) ، أجاب العريس (والله يمه كلشي ما سويت) ،وبدأت الأم بضرب العروس على خدودها لتستفيق وهي تردد (يمه شكريه أشبيج) ، وطلبت قدح ماء رشته على وجه العروس فاستفاقت ، قالت الأم للزوجة ( يمه سوالج شي) ، أجابت ( لا والله يمه كلشي ما سوالي الرجال) ، قالت لها الأم (لعد إشبيج) ، أجابت المسكينه ( دخل للغرفه سعدون وسد باب الغرفه ونزع إعكاله ونزع دشداشته وشفت مكتوب على إلباسه الوزن الصافي خمسين كيلو ، كلت ويه نفسي اليوم موتج يشكريه إذا الوزن الصافي خمسين كيلو لعد الخابط ويه الخ......اوي أشكد) .
ولطيف بربن له طرف ونكات لجميع شرائح المجتمع ، يقول أبو ياسين أن رأيت شخصا يركب دراجة هوائية – بايسكل – وهو يرتدي قاط ورباط ويعلق على مقود دراجته ( علاكه خوص) فتأكد أن صاحب الدراجة معلم .
في الأعياد – عيد رمضان وعيد الحج – والناس كما يقال ( على كد حالهم ) ، ولطيف بربن يرتدي العقال والكوفية أستمع لأهزوجة يرددها الصبيان وهي تقول ( أبو أعكال بطنه قبض دينار حاصر طي....ه) ،أخذت الحمية بلطيف بربن كرامة لعقاله المهان وقال لمن يعرفهم من هؤلاء الأطفال بعد أن أخرج لهم ( عيديتهم ) وقال لهم ، ( هاي الهوسة مو حلوه راح أعلمكم وحده واللي يحفظها كبل صاحبه إله عشر فلوس مني هديه ) ، تسابق الأطفال بحفظ أهزوجتهم الجديدة وماهي إلا دقائق حتى أصبحت أهزوجة الصبية الأثيرة وتقول ( يبو إعكال لتهتم تره الأفندي قندره) .
ترافقا رجلا دين مدعيان – كيومنا هذا – ليوعظا القرويين ، أحدهما مرض مرض شديدا وقال لصاحبه ، ( أمروتك شيخ كمل محاضراتي ) ، وافق الآخر على أن يقتسم مع صاحبه نصف الأجرة المققره وإلا فسيخسر ما جعل له من مال ، قال (المومن ) المكلف بالإكمال ، ( لي وين أوصلت وياهم) ، أجابه بأنه بصدد سورة ابو لهب ، قال صاحبه أنا لا أحفظ هذه السورة ، أجابه لا ضير عليك فأنا سأجلس قريبا منك ، في الموعد المقرر بدأ ( المومن) يتلو السورة وقال ، ( تيت يدا أبي لهب وتب ، ما أغنى عنه ماله وما كسب ، وأمرأته حمالة الحطب ، في يدها ) ، أشار له ال ( مومن) المريض فعرف أنه على خطأ فقال ، ( في رجلها) ، تكررت الإشارة مرة ثانية فقال ، ( في خصرها) ، وتكررت الإشارة عينها ، قال ال( مومن) المحاضر لل (مومن) الجالس ، ( هاك أخذ بيدك الحبل وين متحطه حطه كافي أنعلت أبو أبويه) .
الطرف السياسيه
أيام حكم عبد الرحمن عارف للعراق وحصول البحبوحة من الحرية تقريبا كان نادي الموظفين في بابل والذي يقع مقابل دائرة الأمن في الصوب الصغير للحلة المحروسة ، يرتاده ليلاً الموظفون وأصدقائهم ، وبما أن لطيف بربن يحضر مع أصدقاءه ضيف شرف على الجميع وكانت تمارس في النادي (لعبة الدنبله) يقود مجرياتها لطيف بربن مكلفا من الجميع لأداء هذه المهمة لأنه يتحدث بطرفه أثناء سير اللعبه ، كان البعثيون متحلقين فيما بينهم ، والشيوعيون كذلك ، وكما قلنا أن للطيف بربن علاقة متوازنة مع الجميع ، في تلك الفترة صدر كتاب (مذهب ذوو العاهات) لعباس محمد العقاد ، ووصل بيد البعثيون وهم يتحدثون به كثيرا لأنه يتناول الحزب الشيوعي ، في هذه اللحظة دخل للنادي لطيف بربن فأستقبله الجميع بحرارة ، دعاه البعثيون للجلوس معهم وهم ( عبد الوهاب كريم رمضان) عضو القيادة القطرية الذي أغتاله صدام حسين بحادثة سيارة مفتعل ، و (حبيب جاسم) عضو القيادة القطرية والذي أغتاله صدام أيضا وبحادثة سيارة ، و ( عامر الدجيلي واخوه صلاح ) عضوا قيادة شعبة بابل وأغتال صدام عامر الدجيلي أيضا بحادثة سيارة مع حبيب جاسم ، و(سلام علي السلطان) مدير عام دائرة السينما والمسرح عام 1969 م ، جلس لطيف بربن معهم وقالوا له وكأنهم يمزحون ، ألم تقرأ يا لطيف كتاب العقاد حولكم وأسماكم ذوي العاهات ، ضحك لطيف بربن ضحكة هزت النادي أجمعه وشخصت له أبصار الجميع ، قال لهم ، إن العقاد لمجنون لأنه لم يركم ولو كان رآكم لغير رأيه بالحال ،( عمي أنتو البعثيين أصحاب العاهات ودليلي هذا ، وهاب أعور وهذا حبيب الأسود وهذا صلاحالأعرج وهذا سلام الأقجم منو أصحاب العاهات إحنه لو أنتو) ، وترك مجلسهم وعاد لمجالسة رفاقه الشيوعيين ، وبالمناسبة أقول لمن لا يعرف هؤلاء ، ف(وهاب كريم ) كريم العين حقيقة ، وحبيب جاسم عبد أسود وهذا ليس بضير ، وصلاح الدجيلي به عرج طفولي ، وسلام علي سلطان مبتورة أرنبة أنفه ، قال لأصحابه وهاب كريم - بعد قيام لطيف بربن عنهم ، ألم أنهكم عن التعرض للطيف بربن لأنكم لا تستطيعون مجاراته بإي شئ .
بعد التأميم حدث نقص حاد في مخزون البيوتات العراقية من المواد الغذائية بشكل ملحوظ ، يقول لطيف بربن اشتريت سمكة كبيرة جدا يصل وزنها حوالي ستة كيلو غرامات ، أخذتها لأم ياسين وقلت لها ( أم ياسين بروح أبوج سويلنه منها مركة سمج ومطبك سمج وقسم إشويه وقسم كليه والثرب حمسيه) ، وبعد أن أوصى زوجته بما يشتهي عاد لمحله ، ساعة الغداء ، يقول لطيف بربن لم أخذ تكسي للذهاب لداري بل ذهبت سيرا على الأقدام لكي أجوع أكثر ، وصلت الدار ووجدت السمكة على حالها فقلت لأم ياسين (بويه شو هاي السمجه بعدها) ، قالت الزوجه ( والله أبو ياسين ماعدنه ملح رحت للجيران وكالو ماعدنه رحت للوكيل وكال ماعدنه كلي شسوي) ، يقول لطيف أخذت السمكه بيدي وأستأجرت تكسي وذهبت لشط الحلة ورميت السمكه بالنهر وعدت لداري ثانية، في اليوم الثاني وأنا أمر بجنب النهر خرجت لي السمكه وهي تردد (عشت يا بعث يا صانع الثوره) ، كنت مع أبو ياسين بتلك الليلة وهو يتحدث بهذه الطرفة أمام جاسم هجول عضو قيادة فرع بابل ، وكان جهاز التسجيل يسجل للطيف هذه الطرفة ولكي يضمن عدم الوشاية به لأحد قال مخاطبا عضو الفرع كي يسجل ( مو صحيح أبو رفعت) ، وكنية جاسم هجول أبو رفعت .
بداية الحرب العراقية الإيرانية لم يدعى لطيف للذهاب الى قواطع الجيش الشعبي لكبر سنه ، ولكن أمن بابل لم يتركوه هكذا ، مرة طرقت باب داره ودعاه شرطي الأمن للحضور للدائرة الأمن ، ذهب الرجل لها وهناك إستقبله أحد الضباط ببرود وقال له ، أنت لطيف بربن ، أجابه نعم ، قال له الضابط أنت شيوعي ؟ ، أجابه لطيف وهو واقف أمام الضابط ، ( عمي هذا حجي عتيك ) ، قال له الضابط لا تقل عمي فانت لست بعم لي وهذا إعتراف بشيوعيتك فمن هو مسؤلك ؟ ، أجاب لطيف (والله لو ميت أعز أولادي هم جان نسيته ، بويه هذا الحجي عمره اربعين سنه) ، قال له الضابط منعتك من قول عمي والان تقول لي ابي ماهذا ؟ ثم لماذا لا تنتظم بصفوف الحزب لحد الأن ؟ ، قال له لطيف (يا حزب) ، أجاب الضابط حزب البعث ( اكو غيره) ؟ ، أجابه لطيف أن غازي محسن عضو قيادة الفرع بعمري وأحيل الأن على منظمة المناظلين فهل توافقون أن أنتمي اليوم صباحا وأحال على هذه المنظمة مساءا ، عرف الضابط أن لا جدوى من ذلك وعرف خطأه إتجاه هذا الرجل الكبير فقال للطيف ، (عمي إذا تحتاج شي مر عليه) ، ضحك أبو ياسين وقال له ( شو كلت عمي وكبل شويه منعتني هسه منو العم اني أنت ) ، أجابه الضابط بل أنت عمي ( بس شسوي إذا أضبارتك يرادلها دولاب) ، واستكمالا لهذه الطرفة الحقيقية أقول ، بعد فشل الإنتفاضة العراقية الشريفة عام 1991 م ذهب لطيف بربن لذلك الضابط فرحب به كثيرا وأجلسه ، قال له لطيف (اخر مرة جيتك كلت اضبارتك أجبيرة يرادلها دولاب وحدها إجيت أسأل خو مو باكوها الغوغاء) ، أجابه الضابط ( شتسوي إذا إنباكت) ، قال له لطيف (أروح أشتكي بالمديرية عليكم ) ، ضحك الضابط وقال ، (ليش تشتكي عمي)، أجابه ابو ياسين (بويه هاي كل عمري بيها أشلون تنباك يعني اني بعد ما اعرف نفسي) ، قال له الضابط أن إضبارتك حرقت وهذا ماتريده أليس هكذا ، أجابه لطيف ( بروح ابوك بلكت أتدليني وين الكه النسخة الثانيه من عدها) ، ضحك الضابط وقال له إطمئن لا إضبارة لك الأن ، تنفس ابو ياسين الصعداء وقال للضابط ، (الحد لله) وخرج مسلما عليه.
علاقة لطيف بربن بشعراء عصره
للطيف بربن علاقات واسعة مع الشعراء الذين جايلوه ومنهم ( عبد الصاحب عبيد الحلي ، محمد علي بنيان الجبوري ، عبد الأمير الجبوري ، محمد علي القصاب ، حسين علي الناجي ، سيد رحيم العميدي) وغيرهم من شعراء الفصيح والعامية ، وأعز أصدقاءه اليه الشاعر الشيخ حسن العذاري الحلي ، وحسن العذاري ينظم الفصحى والشعبي ، ومن أجمل ما نظم حسن العذاري بهذا الفن هذه القصيدة التي كتبها خلال الخمسينات من القرن المنصرم ومنها ،
حوراء فاتنة الأعطاف زدت بها شوك وصرت ولهان لمن شقتها
ناديتها يامها عيناك قد كحلت كالت أبد والله ماكحلتها
سوداء كحلها الرحمن في قدر كتلها والوجنات ورده وإختها
قالت أما تختشي للورد تنسبني أكطع الورده وشوف ساعه وعفتها
ويقول أبو ياسين عن فن الملمع أنه يحفظ لأحدهم هذين البيتين
غادة كالورد تزهو كاعده إبسد الحنيه
نظرت عيني إليها لنها وحده أبريبصيه*
إبريبصيه : محتاله.
ولطيف بربن يكتب الشعر الفصيح أيضا ولكنه يكتبه على طريقته الخاصة ، قلت له يوما هل تحفظ ماتكتبه من شعر فصيح ، قال نعم وأنا أتحدى كبار الشعراء مجاراته أو حتى تفسير معناه وخذ مثلا
تقدمت نحوي تلف بذيلها فقلت هل غادر الخطاب ساماكي
ام أنك البحر الهطول أما ترى كل العيون فداء صار للجاكي
هي الحصان عليها خد فاتنة تثاوب النوم حتى في مسلاكي
قلت له مهذا الشعر الذي تقوله أبو ياسين ، قال لي (اني شمدريني بس هو شعر أذا أنت متفتهم معناه روح للمنجد) ، وبالمناسبة يقول لطيف كنت أتطارد مع رفاقي في السجن بمثل هذه الأبيات ولكنهم يعرفون أنها للطرفة .
الخاتمه
أكرر أعتذاري وأرجو مسامحتي عن الألفاظ التي لا هم لي بنشرها إلا لإيصال حقيقة هذا الرجل الكبير ، وحينما أقول الكبير فأنا أعنيها تماما فهو رجل عصامي كون ذاته بذاته ولم يحتج صديق أو أخ ، ولربما ساعد الكثير من رفاقه وأصدقاءه وأخوته بما يقدر عليه ، ولطيف بربن لم ينل حظه من الدراسة فهو خريج للخامس إبتدائي ، ومعلوم ان ثلاثينات القرن الماضي ويصل لهذا الصف فهو فتح كبير ، وكان الحزب الشيوعي العراقي مدرسته الأولى ومنه تعلم الكثير وقرئ الكثير وسافر لأغلب بلدان العالم شرقيها وغربيها وله مع الشبيبة الديمقراطية أكثر من محطة للسفر ، سألته أخيرا وقلت له أبا ياسين هل لك شئ تقوله لي ، قال هناك في نفسي غصة من الوضع الحالي الذي آل إليه العراق ، تصور نحن الحالمون بالتغيير يأسنا من كثير من الممارسات غير المجدية ولك أن تأخذ هذا المثل بل الحقيقة أنموذجا ، نحن الذين أودعنا السجون وعانينا الكثير من أجل هذا الشعب وكنا نحلم بحكومة منصفة للجميع على حد سواء تصور لقد حرمنا من حقنا كسياسيين ولم ننصف بأي شئ وأنا بحاجة ماسة لها ، لم نختسب سجناء سياسيون لأن الأحزاب الدينية لم تكن موجودة إلا بعد عام 1968 م ، أضف أن موقف الحزب الشيوعي منا موقف متراخي ، حيث لم يصر بالمطالبة لانتزاع حقوقنا المغتصبة جهاراً وأنا لي علم كامل بأن الحزب الشيوعي قدم الكثير من هذه الاعتراضات ولم يؤخذ بها والمثل يقول لا أمر لمن لا يطاع ولعل قادم الأيام تأتي بالجديد لكل العراق
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق