أحلام صياد
نصوص
صباح شكر محمود
وليمة في زمن الحصار
يا لها من وليمة مريرة ونكدة
تلك التي أعدّت لشعبي
القائمون عليها لئامٌ وكذابون
سماسرة ٌ ولصوص من الطراز الأول
أفواههم تقيء الشعارات الطنانة
مثل مدفعٍ عملاق يلقي بحممه
رؤوسهم بحجم ثمار اليقطين
بطونهم مناطيدُ تكاد تحلق بهم عالياً
جيوبهم منتفخة من السحت
تخبيء في طياتها أنين الفقراء
آناء الليل ،
يروق لهم ان يتقمصوا دور
آلهة الحكمة فيدعون على موائد سمرهم
عدداً من الشعراء الذين اعتادوا
أن يريقوا ماء وجوههم عند كل مائدة
وفي أمسياتهم الأكثر خصوصية
حين ينفلت زمام الشهوات
ينثرون فوق رؤوس المومسات
الدنانير التي اعتصروا لونها من دماء المتعبين
وكل اليتامى والأرامل
كانت الحوامل في ذلك الزمن الأعجف
يلدن براعم ميتة !
- إلى صديقي النهر -
أهمس على ضفافك
يا صديقي النهر
أذا ما غرقت يوماً
في قعرك
أبقني في رحمك المقدس
حتى تنهش الأسماك لحمي
بدل أن ينهشها
أخي الإنسان .
حصار الطيور
تهاجر الطيور حزينة
لا فضلات في مزابل المدينة .
أحلام صياد
حلمت بالأسماك
تراقص سنارتي
أسحبها وتسحبني
حتى سقطت من فوق
سريري ..
أمسكت بها
وهي الآن في قبضتي
بسطت كفي فلم أجدها
أنها أحلامي !!
واحة قلبي
كوردستان .. يا واحة قلبي
.. المتصحر منذ سنين
أمطريه بالثلج
وأغرسي فيه الخير
كوردستان ..
أنت جبالي وبحاري
.. وطيور بساتيني وأنهاري
يا نجمة قطبي وخط ناري
أني أحوم فوقها أبدأ
وأني أعوم تحتها أبداً
واهماً من عبث بليل
.. غير ليلك
أو غارقاً في دوامة
.. موج غير موجك
شلت يداي .. إن هما إلتفّتا حول
.. خصر غير خصرك
منشورة في كتاب شعراء الحلة أو البابليات
للدكتور صباح نوري المرزوك
أوتار
تشابكي يا أوتار موسيقى العالم
وأعزفي سيمفونية البقاء
لكوكبنا المذبوح
بسكين وحشية الإنسان
أعزفوا يا أحفاد بتهوفن وزرياب
لحن رفع الستارة
عن جريمة حصار الحضارة
أهتزي يا أوتار موسيقى العالم
وأعزفي
لتجف دمعة الأطفال في العيون
وتبقى زجاجة الأطفال مليئة بالحليب
أعزفي يا أوتار
لموطن النخيل والأنه
منشورة في جريدة العراق 9/9 /1993
- أ
أنا وأكرر أنا وأنا
ما بين غضبين
غضب السماء والأبناءِ
لأني ألوّث الماء بالخمرة
ولأني الوّثُ الهواءَ
بموسيقى فاسدةٍ !
- رقصة الحروُف الأبجديةِ -
على خشبةِ مسرح ذاكرتي
تلتقي الحروف الأبجدية
وسط جنائن عراقية
يراقصُ بعضها بعضا
تتبادل الورد همساً
الفٌ يراقص باءً
فاءٌ تراقصُ نوناً
عين تراقصُ شيناً
وحاءٌ يراقص باءً
تتوقف الحروُف الأبجديةُ
عن الرقص
ليعلن عريف الحفل ألفٌ
عن ميلاد أغنيةٍ جديدة !
جريدة الجنائن
العدد 39 في 17 / 3 / 2001
وداعاً
إلى صديقي الناقد الراحل عبد الجبار عباس
وداعاً يا صديقي
وداعاً أيها الدافيء في خريفك وربيعك
الساطع وأنت في ظلام
قبرك الأبدي
وداعاً أيتها السحابة التي تمطر
أدباً ونقداً ذهبياً
وداعاً يا من كنت تأتي أماسينا
وخلفك تعدو قطعان الكلاب
وأنت تقود دراجتك الهوائية
وداعاً أيتها الكأس التي
فارقت شفاهنا
وطالما ارتشفت منها
خمرة معتقة !
حصار الطيور
فوق أسلاك الضغط العالي
ترقب النوارس مجرى النهر
الذي لم تعد تطفو
فوق سطحه
كسرة خبز
انفض عن وجهي
عرق تموز
وارتدي ثوب عرسي الثلجي
وأنا احتضن ( آينشكي )[2]
في كهفها الصخري
بلابل
ابتعدي أيتها البلابل
عن قفص أسري
فأنا دمية سيدي الكبير !
2
ـ " لماذا تغرد البلابل فجراً
اقتلوها فوراً "
هذا ما أمر به الظلامي
3
ـ " لماذا تدعون الأزهار
تتفتح هكذا علناً في الحدائق
ألا ترون أنها تمارس الفسق ؟! "
هذا ما فاه به الظلامي
المشانق
انها تعشق الرقاب الضعيفة
وتمقت الرقاب الغليظة
.......
هل للفجر رائحة الحياة ؟!
لماذا إذن تنفذ في ساعته
أحكام الموت ؟
بعد ملامسةٍ قصيرة
تلد المشنقة رقبة طويلة
مم تصنع المشانق ؟
من خشب الصاج أو الزان ؟
ليس الأمر بذي أهمية
الأهم من ذلك لدى صانعها
أنها تقوى على حمل الجسد !
عند ولادته
قطعوا حبله السري
وعند بلوغه
أعادوا له الحبل بصيغة أخرى
أفول
الخريف اغتال ألوان
حديقتي
امرأةٌ من جليد
حيث لا شمس ولا ربيع !
صلف
يتربعون على أكداس من المال
ويمدون أيديهم قائلين ؛
لله يا محسنين !
عالم الأربع
1
لا يعرفون سوى إطلاق
النار في صدور الأمم
لصوص يسرقون الخبز
من أفواه الجائعين
مجرمون وقساة
يريدون وضع العالم
في جيوبهم !
2
يجلس في الظلام
ليتلصص على من هم
في دائرة الضوء !
3
يشم رائحة الأنثى
قبل أن يراها !
4
رجل متعجرف يحمل بندقية
سرعان ما يصطبغ وجهُه ُ
بلون الدناءة !
5
أطلق النار خلفهم
أرداهم قتلى في الحال
جريمتهم أنهم
أداروا ظهورهم
للظلام !
نشرت في جريدة العراق
24 / 12 / 1993
صيرورة
سياط الغبار ترتفع
فوق بيوت المدينة
تضرب وجهها بالحصى الناعم
تتحول السماء الى لون الجحيم
فوقها تحلق زوبعة الرحمة
حاملة معها قطرات الحياة
تبصق ألقها
لتعود الساعات كما
قُبل زجاجية
أقبلها من وراء الزجاج
نتبادل الشوق بالإشارات
نفترق
تاركين بصمات شفاهنا
معلقة على الهواء !
حورية من اليابسة
بعيداً عن شاطي البحيرة
قدماي تتشبثان فوق المحار
صدري يطفو فوق الموج الهادئ
الماء ينساب رقيقاً بين أرجلي
سباحة ً
تتلوى أمامي عروس البحر
قادمة من البر
تقترب مني ، تمسك كفي
ـ ساعدني كي أحصل على
حبات المحار
دسّت رأسها بين ساقيَّ
فوراً توقد جسدي
ياللبهجة !
إنها لم تكن تفتش عن المحار
بل بركان النار !
أجراس صديق البيئة
(1)
الزحف الأسود قادم
الزفت القاتل عائم
الشعاع الأحمر قادم
في القطب الجنوبي
فتحة في طبقة الأوزون تنذر بالدمار
في بحار القطب الشمالي
تتلوث الأشياء .......
تقتل الأحياء........
(2)
الزحف الأسود قادم
بدون عربات مصفحة
بدون صواريخ .. بدون مدافع ......
جيش لا تراه الأبصار
يأتيك مع الأمطار ........
جيوش من دخان
تقتل النبات والإنسان .........
إذا مات البحر
مات الإنسان .........
(3)
الزحف الأسود قادم
حتى الجراثيم تتهافت ، تتساقط
اطمئنوا ، أو احذروا
الجراثيم سوف تموت
لا وجود للبكتيريا
لا وجود للحياة
لاوجود للإنسان
لا وجود للحيوان
(4)
الزحف النووي قادم
عملاق اسمه (تكنولوجيا)
نصفه متوحش ، احذروا هذا الوحش
الحضارة الإنسانية في الأزمنة الغابرة
قامت بدون تكنولوجيا
الدليل – عجائب الدنيا السبع
هل في حاضرنا عجائب ؟
نعم
عجائب الموت الآتي من الزحف
الأسود
(5)
الزحف النووي قادم
تسرب غاز قاتل في مفاعل
جارنوبيل .......
تسرب غاز قاتل في نيودلهي .........
غاز قاتل في جميع أنحاء أوربا
سكان صحراء نيفادا،
يموتون بالآف بصمت ، بدون إنذار سابق حتى
فرصة الهرب تضيع منهم
أحذروا
الموج الذري قادم
السفاح الدموي قادم
نعم
في حاضرنا عجائب
(6)
الزفت الأسود قادم
المحيطات تبتلع ملايين الأطنان
من الزفت الأسود ..........
البحار تبتلع ملايين البشر
يموت الدولفين.........
تموت الحيتان..........
يموت السلمون..........
ويموت الإسفنج السحري
في السماء تحترق الآف الطائرات لتنثر
أجسام البشر
هكذا القدر
(7)
الزحف الأسود قادم
في الأرض ضحايا المرور بالملايين
أصبحت الإحصائيات العالمية لضحايا المرور
سراً أشبه بإسرار الفضاء
أو أسرار الأمن الوطني
إحصائية ضحايا المرور البرية لحد سنة 1974
تفوق ضحايا الحروب العالمية
شوارع الدنيا كلها تُغسل يوميا بدماء بشرية
ألم اقل لكم إن في حاضرنا عجائب
وان مستقبلنا الآتي فيه مزيد
من الغرائ
أخبار وأخبار
من هنا وهناك
تهطل علينا الأخبار
أخبارٌ فيها القتل
وإطلاق النار
أخبارٌ وأخبارٌ
في الفضائيات وعلى صدور الصفحات
عن أعاصير تجتاح عالمنا
وفيضانات تخلف وراءها
آلاف الضحايا
أخبارٌ وأخبار
الضحايا فيها هم أبرياءٌ وأبرياء .
أما الأشرارُ ففي سرهم يضحكون
أصابع ترتب ، وأخرى تخرّب
كسرت أقلامي ، وأحرقت دفاتري
لأبقى ، كي لا أجوع وأشق
موائد ملونة
طبقٌ من ماء ، وطبق من هواء
ورغيفنا ، يسخر منا في خلوته
عندما أضع رأسي
على وسادتي
لم اعد ،كما كنت
اسمع أنغاماً تصدح
بل كلاباً تن
دعاء زوجة سائق
لأجلك يا حبيبي
ابتهل الى السماء بالدعاء واصلي
حتى تعود
لأجلك ، سأفرش الليل بالحب والورود
أنا اعلم ، انك الآن تجوب شوارع مدينتنا
وبينك وبين الموت والقضبان التفاته
أطفالنا في انتظارك
لا تسرع ، كن حذراً يقظاً
واعلم إنني والأطفال
لن يسامر أجفاننا نومٌ
حتى تعود !
مرحى لك أيها القلم
مرحى لك أيها القلم
مهما تكن طريقة الكتابة بك
سواءٌ بالأزميل أو نحتاً بالمسمار
حبراً ، رصاصاً ، وسواء تمت الكتابة بك
باللون الأزرق أو الأسود أو غيرها
بك الحضارات دونت منجزاتها
والعلوم ، الموسيقى دوّنت نوتاتها
مرحى لك أيها القلم ،
لقد تمت بك كتابة آلاف الأطنان من الكتب
والكثير منها ضاع أو احرق بسبب الجهالة
والحقد الأسود
أيها العزيز ، أنت لم تعرف الكسل
منذ فجر التاريخ ، وما زلت تمتلك
ذات الهمة
صديق الطفل أنت ، وصديق الشيخ الفاني
لولاك، هل سيكون للحياة مغزى أو معنى ؟
يحتفل العالم المتحضر اليوم بعيد الشجرة والمعلم
والمرأة وألام والطالب والعامل ...الخ
وأنت أولى أن يتم الاحتفال بك
لقد آن الأوان للإنسانية أن تحتفل بك
وتخصص يوماً تستقريء فيه
آيات مجدك
....
أمهاتٌ ثلاث
لي أمهاتٌ ثلاث
الأولى خرجت من رحمها
والثانية هي الأرض التي
ادفن في بطنها
أما الثالثة ، فهي الطبيعة
فوقها نحيا ، نُسعد أو نشقى
سألتني ألام الأخيرة ، كم من أشجار التين
والزيتون والأعناب قد زرعت
وكم من بذور العطف والحب قد نثرت ؟
نعم يا أمي لقد زرعت وزرعت وتحت افيائك نمت
وحلمت ، عشت عمراً ومن ثمر نخيلك وزيتونك أكلت وكبرت
من عيونك شربت العذوبة ومن ثمارك تذوقت
زرعت وما قطعت ،
أحببت بكل جوارحي ، وما حقدتُ بل غنّيتُ !
بيكبن وفيروز
أضبط دقّات قلبي
على دقّات قلبكِ
سيدتي بيكبن ، سيّدة الزمن
.............
منذ أن إستيقظت أذني
على نبرة صوتكِ ، معشوقتي فيروز
سيدة الأصوات البنفسجية
حتى تلوّن الحلمُ برحيق الضياء
إحدى عجائب الزمن أنتِ
أحبك فيروز !!
أسرتِ أذني منذ أن كنتُ صغيراً وأسرتِ قلبي
وأنا إبن سبعين ربيعا !
إني لأطمح أن ألتقيكِ يوماً
تحت برج بيكبن !
وهي تدق دقتَها
الثالثة عشرة !!
________________________________________
[1] هذا القول للامام علي (ع)
[2] آينشكي : كهف في سرسنك / دهوك .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق