الأربعاء، 17 مارس 2010
حوار مع الفنان د غالب المسعودي
حاوره زهير الجبوري
ان المتفحص لتجربة الفنان التشكيلي (د. غالب المسعودي) في السنوات الأخيرة يجد انه يواكب التحولات الفنية بما تجيء به من مزايا حديثه ثم بعد ذلك يعمل صوب تأسيس واقع خاص به من حيث الاسلوب والثيم المستخدمة داخل اعماله، وقد استطاع ان يقدم (لوحات) في الفترة الأخيرة وهي تنطلق (موضوعيا) من الواقع المعاش،
مع ان الرموز المستخدمة عنده جاءت ضمن تركيبات حديثة، ولأن الحديث يتسع في هذا الموضوع، التقيناه فكان معه هذا الحوار:
* من خلال مشاهدتنا لأعمالك الأخيرة، فقد لمسنا انك قد اشتغلت بانفتاحية الموضوع وصراحة الألوان، ثم الاعتماد على ثيم تحمل دلالات منفتحة؟
ـ بما انك قارئ ومتابع لأعمالي منذ سنوات، فأقول لك بان الانسان وليد ظرفه الموضوعي ومن ثم عندما يحصل تقدم اجتماعي واقتصادي ينعكس على الإبداع ذاته، ولديّ انا شخصيا تقنياتي الخاصة كما هو الحال لكل فنان وفي كل اختصاص، لذلك اتعامل مع منتجي كـ (نص) مشبع فيه تقنية الرموز والانفتاح أمام الاجناس الاخرى.. أي تراني في منطقة معينة استثمر قصيدة ما وأحولها الى نص جمالي، ومن جهة اخرى فان الواقع الاجتماعي وتأثيراته في الوقت الحالي يساعد على تأسيس ما نريده. كما وان التقنية الفنية في التعامل مع اللوحة في مثل هذا العمل تحتاج الى رعاية دقيقة.
* من هذا نجدك تنطلق من ثقافة خاصة تكرسها داخل اعمالك؟
ـ بالتأكيد، فانا متعدد القراءات، وبالنتيجة ينعكس ذلك على اعمالي.. وعلى كل فنان ان يخلق لوحة بأدواتها الموضوعية والفنية، فحين نخوض في مجال المعرفة فاننا نعمل على خلق ما هو جديد فترى احيانا حتى( البشاعة) تحمل جمالا شاخصا مرتبطا بالواقع المباشر، مثال على ذلك عندما قمت برسم (مع عدد من فناني الحلة المهمين) لوحة خاصة بالانفجار الى هز الاوساط الاعلامية وغيرها في العراق في مدينة الحلة في العام الماضي، كانت هناك شواهد عيانية سحبتها وادخلتها في لوحاتي بتكثيفية عالية، فحين شاهدت الرؤوس والأيادي والأرجل متناثرة (اذ واقع الانفجار كان بالقرب من عملي في عيادة الاسنان).. جعلني اكرس المنظر هذا الى توثيقية / فنية فبالرغم من التشظي الذي حصل، فهو بلا شك يؤثر على ذائقتنا الفكرية والنفسية لنقوم بتكريس ذلك فنيا .
* في بعض من اعمالك نجد استعارات للرموز الاسطورية الموظفة بطريقة حديثة، فهل يعد ذلك مدروسا، أم ماذا؟
ـ للاسطورة ومفهومها المعرفي شكل خاص بي، ولعل هناك فهما إلقائيا وآخر عيانيا من خلال طرح الشكل العام للآخر / المتلقي فملحمة كلكامش من حيث وظيفتها الموضوعية تعطي جوانب معرفية واضحة، ولكني" كفنان تشكيلي "، ، أوظفها بما هو معاصر (فنيا) عن طريق ادواتي الحديثة كما وان اللعب باللون والشكل يسحب المتلقي للاستمتاع بما هو ممتع وجميل، وبذلك يتحقق في نهاية الأمر الموضوع الحديث لمسألة تاريخية.
* ولكن هناك اضافات في تقنية اللوحة ذاتها؟
ـ بكل تأكيد، فهناك تقنيات الكولاج والشطب واللصق والتعرض الحراري، كلها موجودة في أعمالي، وخاصة الأخيرة منها.. ولكنني لا استطيع مغادرة المواضيع المثيولوجية، والاضافات التي تقصدها تتمازج بين المواضيع التاريخية المتصلة بأدوات الفن الحديث من حيث الاستخدام.
* اذن أنت تبحث عن تجربة جديدة تطرحها تجربيا الى الساحة التشكيلية؟
ـ أعتقد ان الفنان الحقيقي وبجميع الاختصاصات ديدنه الخروج عن السائد التقليدي، فاذا كان مسلحا بما هو معرفي في مجاله، فانه بلا شك سيؤسس فنانا قائما على ذائقة سليمة، والاسطورة لا تنضج الا بالتجريب، ربما هو خلاصة وعي الانسان ببيئته وما يدور حوله من ظواهر طبيعية.
* من كل ذلك، ما المطلوب من الفنــان التشكيلي ليقدم ما هــو جديد؟
ـ الفنان هو الذي يصوغ اللوحة مثلما يريد ومثلما تحدده ذائقته الفنية، ولا توجد وصايا على المبدع.. وبصورة عامة نحن بحاجة الى نظرية نقدية تستمد الى ارثنا الحضاري، وهذا الأمر لم نلمسه ولم نشاهد محاولات للخوض فيه، ومن ثم فان الفنان يسير نحو المستقبل ليحقق ذاته امام تراكم الأحداث، ولم تتأسس حركة تشكيلية حقيقية باستثناء مدرسة بغداد للفن الحديث وكان رائدها الفنان الكبير (جواد سليم).. وبذلك نحن نجعل من الماضي ما هو مفخرة لحاضرنا، ولا زلنا في الوقت الحالي نستعير الجماليات من الخارج.
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق