بحث هذه المدونة الإلكترونية

مرات مشاهدة الصفحة في الشهر الماضي

الأربعاء، 28 سبتمبر 2011

استتراتجية الأمن الداخلي العراقي-صناعة أعداء واستدعاء كارثة:رياض البياتي


استتراتجية الأمن الداخلي العراقي
صناعة أعداء واستدعاء كارثة
رياض البياتي
منذ سقوط النظام السابق والوضع الأمني هشا وخطيرا رغم الأموال الطائلة التي تعادل ميزانيات دول مجاورة ورغم ارتفاع أعداد منتسبي وزارة الداخلية لتصل الى أكثر من مليون منتسب وتأسيس وزارة جديدة للأمن وجهاز لمكافحة الإرهاب وجهاز مخابرات واستخدام وزارة الدفاع لإغراض الأمن الداخلي والدماء الغزيرة التي سالت من منتسبي الأجهزة الأمنية وهم يدافعون عن أبناء الشعب العراقي ، استمر الإرهاب بممارسة عمليات تهدف الى إبقاء هذا البلد بحالة لا تسمح له بالتطور وتاس يس مجتمع ديمقراطي مدني وإحداث نهضة كان الإرهاب يدفع المجتمع الى التعسكر و التطرف مما يقربه من مفاهيم الإرهاب ويبدو ان الإرهاب قد قطع شوطا كبيرا في هذا الاتجاه ، ولو عدنا قليلا الى منتصف العام 2003 وهو العام الذي بدأت به العمليات الارهابية لوجدنا ان قوى الارهاب استطاعت ان تدرس الساحة العراقية جيدا ولكنها فشلت بدراسة المجتمع العراقي بصورة جيدة ولكنها تمكنت من تغيير تكتيكاتها بما يلاءم الهدف الستتراتيجي الاول ، ان قوى الارهاب كانت تخطط لتكون الساحة العراقية احدى ساحات القتال المحتملة حتى قبل سقوط النظام فقد تواجدت منظمات ارهابية في شمال العراق منذ العام 2002 دخلت العراق عن طريق إيران ودخل قسما آخر العراق بموافقة النظام السابق لقتال الغزو الأمريكي وبعد سقوط النظام وبدعم أيراني سوري دخلت العراق مجاميع كبيرة من الإرهابيين بهدف قتال الأمريكان كما يدعون وكان هدف هاتين الدولتين أشغال الولايات المتحدة بقتال في الساحة العراقية .سمحت القوات الأمريكية بتدمير الدولة العراقية وشجعت الجماهير المبتهجة بسقوط النظام لتتحول الى النهب والسرقة وإحراق الممتلكات العامة وتركت حدود العراق مفتوحة لكل من هب ودب واستمر حاكمها المدني باتخاذ إجراءات لتدمير الكوادر البشرية المتيسرة لحماية ما تبقى من الدولة وإعادة بناءها مره أخري فكانت قرارات حل الجيش العراقي وقوى الامن والاستخبارات ومنعهم من العودة الى الخدمة بل تم تصفية طياري القوة الجوية وكوادر العراق النووية والطبية ودفع المتبقين منهم للهجرة الى خارج العراق كانت هذه الإجراءات من الحاكم المدني ومجلس الحكم هي صناعة للأعداء وهؤلاء الناس الذين أدرجوا في خانة الأعداء كان البلد في أمس الحاجة إليهم لإعادة ترصين وضعه الامني .
كانت معالجات الوضع الأمني هي الاسوء في العراق وكانت التؤجيهات التي اصدرها الرئيس بوش هي قتال القاعدة خارج الولايات المتحدة وكانت الساحة العراقية هي اهم ساحة بعد سقوط افغانستان ، تفاجات الولايات المتحدة بالسقوط السريع بالنظام السابق واكتفت بقطعات قليلة لاحتلال العراق مما جعل البلد مفتوحا واستطاع الإرهاب في ظل هذه الفوضى ان يسيطر على محافظات كاملة تقريبا وكانت الحكومات العراقية مشلولة بسبب الإجراءات الامريكية بل أصبح العراق مرتعا للجريمة المنظمة وممرا لتجار المخدرات ومستهلكا لها واستبيح المال العام وانتشر الفساد المالي والاداري وتوقفت عجلة التنمية والخدمات وازداد وضع الكهرباء سوءا لقد كانت هذه مؤشرات على نجاح استراتيجية القوى المضادة للعملية الديمقراطية ومنها القاعدة فكثير ممن اشتركوا في العملية السياسية لم يكونوا يؤمنون بالديمقراطية وقسما منهم كان يتناغم مع دول الجوار وان قسما من هؤلاء السياسيين كانوا يدفعون المجتمع العراقي الى مزيد من الانقسام الذي حصل فعلا بعد سقوط النظام
ان وزارة الداخلية التي بدأت إدارة بريمر لتاهيلها لمواجهة الموقف لم تكن تمتلك اية استراتيجية تعمل بها وقد استلمها وزراء منذ الوزير الاول ولحد الان لا علاقة لهم بادارة الامن الداخلي ان وضع السياسات الستراتيجية موضع التنفيذ يفترض ان يقوم به وكلاء الوزارة والمدراء العامون وقد اصبح المفوض في الخيالة وكيلا في وزارة الداخلية وخال الوزير الثاني وهو فني في القوة الجوية وكيلا اخر يحمل رتبة فريق وتقاسمت الأحزاب والتيارات باقي المناصب ونسب اليها اناس لا علاقة لهم بهذا الجانب بل ان قسما منهم يحملون الجنسية الاجنبية الغير العراقية وهذا ما لا يسمح به اي جهاز امني في العالم وكل ما شاهده المواطن من خطط هؤلاء السادة هو كتل كونكريتية وسيطرات تقطع الشوارع ومعدات أثير الكثير من التساؤلات حول فعاليتها ، ومواكب للسادة المسئولين يوجه حراسهم اسلحتهم على ابناء الشعب العراقي وفي نفس الوقت كان الامريكان يدرسون الإخفاق الذي حصل لهم في العراق واستغلوا اخطاء القاعدة في التعامل مع ابناء المحافظات الحاضنة للارهاب وبتشجيع من القادة الميدانيين بدئوا بخلق موقف معادي للقاعدة في المحافظات الغربية والشمالية وفي نفس الوقت استبدلوا القيادات العاملة في العراق بقيادات جديدة وزادوا قواتهم بمقدار 30 الف جندي امريكي مما رصن من موقفهم وتمكن احد قادتهم المتخصص بالعمليات الخاصة من توجيه ضربة شديدة للقاعدة وهي قتل قائد القاعدة في العراق الزرقاوي مما افقد القاعدة قيادة ميدانية متمرسة وأدى ذلك الى انحسار الارهاب نسبيا وبنفس الوقت بدأت هذه القوى بإعادة تقييم الموقف مرة أخرى واتجهت لتنفيذ عمليات نوعية لأهداف سيادية طالت وزارات وأهداف مهمة وأخيرا استطاع الارهاب ان يغطي بهجمة واحدة عشرة محافظات ومع ذلك يبرر السادة الإعلاميون التابعون للوزارات الامنيه الامر وكأنه خرق ارتكبه احد الجنود او الشرطة واستمرت الكتل الكونكريتية والسيطرات .
إذا كان الامريكان استفادوا من أخطاء القاعدة لتبديل ستتراتيجيتهم وقيادتهم فإننا بقينا على نفس الحال ، ان اي مخطط بسيط لا يقبل تبريرات السادة الإعلاميين فالتخطيط لعمليات تغطي 10 محافظات تحتاج الى انتخاب الاهداف واستطلاع الطرق المؤدية لها والى أجراء حسابات جهد الاسلحة واعداد المتفجرات والسيارات وايصالها الى اهدافها هذه العمليات تستغرق وقتا واسناد لوجستي ، ولا يمكن ان تمر بهذه البساطة امام اكثر من مليون رجل امن ، ان هذا الوضع يوضح كم هي المستويات المكلفة لمكافحة الارهاب متردية ولم تستطع الوصول الى مستوى يؤهلهم لايقاف الارهاب ويوضح كم هي منظمه الامن متخلفه ان اعداد ضابط استخبارات او امن جيد يحتاج الى 15 سنة على الاقل من الندريب للوصول الى المستوى المطلوب لمقاومة الارهاب ، والذي يبدو انه سيستمر لفترات طويلة ، ان الانتصارات التكتيكيه لا تصلح خطاء استراتيجيا ان هناك بالتاكيد انتصارات وتفكيك شبكات ارهاب لكن هل يتناسب هاذا مع الدماء التي سالت والأموال التي أنفقت والزمن الذي أهدر .
اننا نحتاج الى اجراءات حقيقية لاعادة العناصر القادرة للقيام بذلك عناصر موجودة فقد ورثنا نحن جهاز امني ضخم ومدرب يمكننا العودة وانتقاء ما نحتاجه منه هذا اذا استبعدنا نظرية المؤامرة كما ان الوزارة نفسها تحتاج الى اعادة هيكلية لحشد الجهد واعادة تخصيص المديريات والواجبات ويمكن تخفيف الضغط عن هذه الوزارة بربط قوات الحدود بوزارة الدفاع ولكي لا يتشتت الجهد الامني من الضروري ان تدمج وزارة الامن الوطني كوكالة معلومات بوزارة الداخلية وكذا الحال بجهاز مكافحة الارهاب ، ان وزارة الامن الوطني والتي اسسها طبيب وتلاه مهندس زراعي ومهندس مدني والجميع لا يمتلكون اية خبرة في هذا المجال تحتاج الى اعادة نظر ولا مبرر لكونها وزارة ابدا فالنظام السابق ورغم كونه نظام امني لم يجرأ على ذلك.
اما جهاز المخابرات فهو قصة بحد ذاتها فقد اعيد تاسيسه على يد ضابط كان رياضيا وهاوي للطيران ومن الاصدقاء المقربين لاحد وزراء الدفاع في النظام السابق بسبب هذه العلاقه اصبح امرا لجناح طيران في طيران الجيش لفترة وجيزة وبعدها احيل على التقاعد لقد شكل هذا السيد جهاز المخابرات بالاستعانة بزملائه في الجناح وعين مساعده مساعدا له والذي خلفة الان في ادارة هذا الجهاز فماذا يتوقع البلد من جهاز يشكل بهذه الطريقة والان يحاول الاخوة الاكراد الاستحواذ على هذا الجهاز لتصبح حالة فريدة في العالم ان مكون يستحوذ على رئاسة جمهورية ووزارة الخارجية ورئاسة اركان الجيش والاستخبارات العسكرية والقوة الجوية وجهاز المخابرات الذي هو الوجه لثاني للعمليات الخارجية في الدولة العراقية .
ان ما يحري من حديث عن مجلس السياسات الاستراتيجيه يؤدي لتعقيد الموضوع الامني والى تشتت القرار الامني وتسييس هذه المؤسسات اكثر مما هي مسيسة الان وانا لا ارى مبرر لهذه المؤسسة بالكامل فدراسات من هذه النوع كانت تجري في مركز البحوث والدراسات لمجلس قيادة الثورة المقبور وجامعة البكر للدراسات العسكرية فما الحاجة لجهاز مترهل بهذا الشكل تتقاسمه القوى السياسية ليصبح ساحة جديده للتجاذبات السياسيه ، كما ان الحديث عن مدربين ومستشارين لوزارة الداخلية حديث غريب فاين كان الامريكان طوال السنوات الثمان الماضية ولماذا لم يدربوا منتسبي هذه الوزارة ان هؤلاء السادة لن يدربوا احدا لا في الشرطة ولا في الجيش ولا افهم لما الحاجة لمدربين لوزارة مثل الدفاع التي كانت تمتلك على الاقل اكثر من 5000 دبابة و استطاعت احدى فرقها المدرعة ان تشن هجوم ليلي وتحت ظروف بالغة الخطورة وتحت سيادة جوية كاملة للتحالف ومع ذلك تمكنت من الوصول الي هدفها مثل هؤلاء الناس ومثل مخططي القوة الجوية الذين استطاعوا ان يستمروا في عمل القوة الجوية أثناء حرب الخليح الاولي بل زادوا من اعداد الطيارين وضباط الركن الذين حازوا على خبره لم يحصل عليها باقي الطيارين في العالم ان خروج الامريكان من العراق اليوم أفضل من خروجهم في نهايه العام ونحتاج للتاكد من ان اسلحه الولايات المعروضة مكافئه لأسلحه الدول المجاورة علي الاقل والا ما الحاجه لهذا السلاح واذا كانت هناك حاجة لبعض الفنيين لادامة معدات امريكية يتم شرائها او تحويرها فيمكن للشركات المجهزة ان تقوم بهذا العمل .
على السيد القائد العام للقوات المسلحة ان يتحلى بالجراءة اللازمة لايقاف نزيف الدم الذي يعصف بالعراقيين ومنتسبي الاجهزه الامنيه وان يعيد الجيش لواجبه الاساسي وهو التصدي للأخطار الخارجية فان بناء جيش منخرط بعمليات امن داخلي يحوله لقطعات امن داخلي مثل الموجودة لدي كثير من الدول انا لا ادعي ان هذه المقترحات هي الوصفه السحريه لانهاء الارهاب بل هي مقترحا ت تصدر من مواطن حريص علي امنه وسلامه ابنائه .

ليست هناك تعليقات: