بحث هذه المدونة الإلكترونية

مرات مشاهدة الصفحة في الشهر الماضي

الأربعاء، 29 فبراير 2012

دراسة جديدة للأستاذ فؤاد الأمير تؤشر علامات خطيرة حول مستقبل النفط من خلال الإتفاقات السرية بين كردستان واكسون


المقدمة
يتضمن هذا الكتاب ثلاث دراسات صدرت لي مؤخراً، ومقدمة مطولة يمكن اعتبارها دراسة رابعة حول موضوع الاتفاق الحاصل ما بين حكومة إقليم كردستان والشركة الأميركية العملاقة "أكسن موبيل ExxonMobil"، بحصول الأخيرة على ستة عقود مشاركة في الإنتاج لرقع استكشاف وتطوير، ثلاث منها - جزءاً أو كلاً- تقع في مناطق "متنازع عليها"، أو ضمن محافظة نينوى نفسها، وتم توقيع هذه العقود بعد صدور الدراسات الثلاث المذكورة في هذا الكتاب.
إن الدراستين الأولى والثانية هي حول المسائل والأمور التي تحدثت عنها في كتبي السابقة الصادرة في ما بين الأعوام 2007 – 2009، واضطررت إلى الرجوع إليها مجدداً لأمور كانت قد استجدت منذ الربع الثالث من العام الماضي. أما الدراسة الثالثة فهي عن موضوع العقود التي وقعتها الحكومة الاتحادية والتي تسمى "دورات التراخيص"، وهو أمر لم أتطرق له من قبل. وهي بالنتيجة دراسة لالستراتيجية النفطية والغازية للعراق، والسياسة الواجب اتخاذها الآن وفق الأسباب المبينة فيها.
في البداية، وقبل الدخول في الموضوع الرئيسي للمقدمة (وهي عقود أكسن موبيل في كردستان)، سنتحدث وبإيجاز حول ما آلت إليه الأمور المثارة في الدراسات الثلاث، مع ملاحظة أن الدراسات في هذا الكتاب تتضمن تعديلات شكلية بسيطة عن التي نشرت في حينه.
* الدراسة الأولى بعنوان: "كما في آب 2011: جديد قانون النفط والغاز"، والتي صدرت في 23/8/2011. وهي حول ضرر مسودة قانون النفط والغاز التي قدمت في 17/8/2011 إلى مجلس النواب من قبل "لجنة النفط والطاقة والثروات الطبيعية" في المجلس. وضرر هذه المسودة بمصالح الشعب العراقي يفوق بمراحل عدة مسودة (2007) المرفوضة أصلاً، والتي عجز من تبنوها عن تمريرها في حينه عام 2007، رغم وجود الاحتلال بكل ثقله وضغوطه الهائلة على السلطتين التنفيذية والتشريعية لإقرارها. وقد فشلت مسودة لجنة النفط والطاقة فشلاً ذريعاً عند محاولة تمريرها في مجلس النواب الحالي. و فشلت الحكومة الاتحادية، كذلك، في حمل مجلس النواب على اقرار مسودة القانون التي طرحتها لاحقاً، وهي أفضل من مسودة 23/8 (رغم وجود تحفظات عليها). وجرت في شهري أيلول وتشرين الأول الماضيين محاولة إيجاد "تسوية سياسية توافقية "!!، و للوصول إلى ما يسمى "حل وسط"! بين مسودة (2007) مع ملاحقها، و مسودة الحكومة الاتحادية. ولكن ، و(لحسن حظ الشعب العراقي!!)، توقفت هذه المحاولة بعد نشر الاتفاق بين حكومة الإقليم والشركة الأميركية أكسن موبيل.
وبات واضحاً أنه لا يمكن تمرير أية مسودة قانون تناقض الدستور العراقي الحالي - على علاته وضبابيته- أن مسودة أي قانون لا تتضمن مركزية القرار في السياسة النفطية وتسمح بالتصرف العشوائي للأقاليم والمحافظات بشؤون القرارات الستراتيجية النفطية وتوقيع العقود الاستخراجية مع الشركات النفطية و تسمح بتوقيع عقود تتضمن المشاركة في الإنتاج، ستكون مسودة مرفوضة، ولا يمكن تمريرها حتى ضمن "التوافقات السياسية" مهما كان الوضع مضطرباً في العراق. لقد فشل من كان يعول على إمكانية استغلال "المساومات السياسية" لتمرير مثل هذا القانون "في الخفاء أو في استغفال الآخرين"، وفشل في إدراك مدى رفض الناس لمثل هذا القانون، ولم يعرف مدى عمق العوامل المؤثرة في توازن القوى السياسية في العراق، والتي لا يمكن تجاوزها حتى في هذا الظرف الصعب والمضطرب والفاسد. وسيكون من الصعوبة بمكان تمرير مثل هذا القانون في المستقبل، من خلال مجلس نواب تال ، إذ أن الجماهير تدرك أكثر فأكثر صالحها من طالحها.
ولكن الاحتلال والقوى المتحالفة معه والقوى المنتفعة من مأساوية الوضع العراقي، تحن وتعمل على رجوع قوى الاحتلال العسكرية إلى العراق بالكامل، فهي قد ترى من الظروف المضطربة جداً في المنطقة العربية ومنطقة الشرق الأوسط مدخلاً لتمرير مثل هذا القانون. فالمنطقة حبلى بالثورات ضد الأنظمة الفاسدة والتي هي بالأساس مرتبطة بالولايات المتحدة وإسرائيل. وأن الولايات المتحدة وإسرائيل وحلف الأطلسي يحاولون احتواء هذه الثورات، أو تحويلها إلى فوضى في حال فشل الاحتوائ، وذلك باسم "الديمقراطية". إن من المضحك/المبكي أن من تكون وسيلتهم ومطيتهم في دعاوى التغيير بأسم الديمقراطية دول عربية هي من أكثر الدول في المنطقة شمولية واستبداداً واستغلالاً ورجعية في العالم. والآن تريد إسرائيل (وأميركا) ضرب إيران، وبنفس الحجة الكاذبة التي استخدمت لضرب العراق واحتلاله، وهي وجود أسلحة الدمار الشامل والتسلح النووي. وسيكون الخاسر الأكبر هو العراق مجدداً. إذ أن على الطائرات الإسرائيلية أن تمر إما من خلال الأراضي التركية أو العراقية أو السعودية، وسيتم اختيار العراق كونه الطريق الأقصر مع الأجواء المفتوحة والكم الهائل من المعلومات المتوفرة لديهم، مؤكدة ذلك الصحيفة الأشهر نيويورك تايمز في 19/2/2012، حيث تضيف للأسباب آنفة الذكر عدم وجود دفاعات جوية في العراق مطلقاً، وأن القوات الأميركية غير ملزمة بحماية الأجواء العراقية، بعد أن انسحبت قواتها من العراق في كانون الماضي!!. وستكون ردة الفعل الإيرانية الأكبر في العراق، وهو أمر لا يهم المحتل أو أعوانه من الخليجيين، أو العراقيين، فمصلحة العراق هي آخر ما ينظر إليه. يعتقد هؤلاء أن في هذه الأجواء، يمكن إدخال العراق في "قادسية" ثالثة ضد الجارة إيران، وعند ذاك يمكن تمرير مثل هذا القانون وتمشية المخطط الأميركي بالكامل بخصخصة النفط العراقي من خلال عقود المشاركة بالإنتاج، ولكنهم يحلمون، إذ سيفشلون كما فشل ويفشل غيرهم ممن يريد أن يفرط بثروة الشعب العراقي.
* الدراسة الثانية، بعنوان: "الحل: رفض اتفاقية مشروع غاز البصرة مع شركة شيل والإيعاز الفوري بالتنفيذ المباشر من خلال عقود خدمة اعتيادية"، والتي صدرت في 7/9/2011. ومن المؤسف أن نقول أن الحكومة الاتحادية كانت قد وافقت على التعاقد مع شركة شيل (مع ميتسوبيشي) في اجتماعها الوزاري في 15/11/2011. وقد يكون امتناع شركة شيل عن التعاقد مع حكومة إقليم كردستان له الدور المؤثر في موافقة الحكومة هذه. حيث رفضت الشركة عرض حكومة الإقليم عليها ثلاث رقع للاستكشاف والإنتاج من خلال عقود المشاركة بالإنتاج. علماً أن شركة شيل لها حصة 15% في عقد حقل غرب القرنة المرحلة الأولى مع 60% لإكسن موبيل في هذا العقد، كذلك فإن شيل لها حصة 45% في عقد حقل مجنون، لذا فإن هناك الكثير لتجازف به.
ولا أزال أرى أن توقيع هذا العقد مع شركة شيل مضر بالعراق، وكان من المفترض المضي بما اقترحناه في الدراسة بالتنفيذ المباشر وللأسباب المبينة فيها.
وأكدت الدوائر النفطية الحكومية المؤثرة حالياً، أنها وضعت قيود حسابية وبرامج كومبيوترية معقدة للتأكد من عدم تجاوز شركة شيل لمعدل العائد الداخلي IRR Internal rate of return ﻠ (15%) في كل الأحوال!!.
* وبما يتعلق بالدراسة الثالثة المعنونة: "نظرة في دورات التراخيص النفطية والغازية"، والتي صدرت في 25/10/2011، فقد أوضحت فيها الوضع النفطي والغازي العالمي وتطوره المستقبلي والمخاطر الكامنة في دورة التراخيص الثانية، وعدم الحاجة إلى دورة التراخيص الرابعة، وبينت الستراتيجية الواجب تنفيذها.
لقد تأجل فتح عروض دورة التراخيص الرابعة من أوائل كانون الثاني 2012 إلى أواسط آذار، والآن تم تأجيله إلى 30 - 31 أيار المقبل. والسبب المعطى هو تعديل شروط المناقصة على ضوء المحادثات مع الشركات العالمية. وسنرى أثناء الحديث عن عقود أكسن موبيل مع حكومة إقليم كردستان، أسباب تصلب الشركات والاعتراض على وثائق المناقصة التي وضعت لها في دورة التراخيص الرابعة. وما يقلقنا، رغم أننا أصلاً ضد إكمال دورة التراخيص هذه، هو أن التعديلات الجديدة التي وضعت في وثائق المناقصة سيتم رفعها نتيجة ضغط الشركات العالمية.
كذلك هناك حالة اقتناع متزايد لدى بعض المسؤولين العراقيين في الصناعة النفطية بخطورة بعض مواد العقود التي تم توقيعها، وخصوصاً المادة (12)، أو الوصول إلى إنتاج ذروة للعراق قدره (13,5) مليون برميل في اليوم خلال الأعوام الستة المقبلة. وقد ذكرت العديد من النشرات النفطية المختصة أن هنالك نية لتعديل هذه الشروط عند توفر الظرف المناسب!!؟ وللوصول إلى إنتاج ذروة بحدود (8-9) مليون برميل/اليوم بدلاً من الرقم السابق. ولا نعرف كيف سيتم ذلك ، و قد اوضحت الدراسة أن بقاء هذه الشروط سيؤدي بالعراق إلى الكارثة.
ومن المعلومات التي توفرت لدينا حديثاً، أن هناك توجه كبير لدى المسؤولين المعنيين في النفط والصناعة لرفع العوائد ليس بطريقة زيادة الإنتاج فقط، فهذا طريق محفوف بالمخاطر، وإنما بالتوسع في صناعة البتروكيمياويات والأسمدة وتطوير صناعة تصفية النفط ، وسيعلن في هذا العام عن مشاريع ضخمة في هذا الاتجاه.

ليست هناك تعليقات: