بحث هذه المدونة الإلكترونية

مرات مشاهدة الصفحة في الشهر الماضي

الجمعة، 16 ديسمبر 2011

زئبقيون في الوسط الجامعي-كاظم فنجان الحمامي


زئبقيون في الوسط الجامعي


جريدة المستقبل العراقية في 13/12/2011

كاظم فنجان الحمامي

لا تكاد تخلو أية شريحة في مجتمعنا العراقي من أصحاب الوجوه الزئبقية, وذوي المواقف الهلامية, وربما كان الوسط الجامعي بمنأى عن تحركاتهم ونشاطاتهم الأميبية السامة, لما يتمتع به هذا الوسط الراقي من حصانة ذاتية, ومناعة قوية وفرتها له الملاكات التدريسية الملقحة بالمضادات الفولاذية القادرة على التصدي لفيروسات النفاق والثرثرة والتلون, بيد أن المؤشرات الأخيرة توحي بتغلغل دفعات ضئيلة من الانتهازيين والوصوليين والنفعيين, من الذين دأبوا على التفريط بكل ما يمتلكونه من أجل تحقيق مآربهم الأنانية الضيقة. .

فالانتهازي, بغض النظر عن جنسه وعمره ودرجته, متذبذب في سلوكه, يتحين الفرص للحصول على الامتيازات بأسهل الطرق وأيسرها, فتراه يلجأ إلى الوعيد والتهديد لابتزاز من أهم أفضل منه, وقد تدفعه غرائزه الشيطانية إلى التلفيق والكذب لتحقيق مآربه الوصولية, وهو على استعداد دائم لخلع جلدة مؤخرته ليضعها على وجهه, فلا يتورع عن التقلب بين أحضان المسؤول الذي كان, والمسؤول الجديد, ولا يستحي من شتم المسؤول السابق من أجل إرضاء المسؤول اللاحق, فالأرجحية في عرفه تميل دائما مع صاحب المنصب الواقف في موقع المسؤولية, وتعزا مثل هذه الخصال الشاذة إلى عدم تأصل المبادئ في عقيدتهم الانتهازية غير المستقرة, أو بسبب ضعف ولائهم لوطنهم, ما يجعلهم يسهمون في إنعاش ظاهرة التسقيط والإقصاء المهني في ظل غياب العدالة الاجتماعية, وتفشي فوضى الديمقراطية, وضياع معايير الكفاءة والإخلاص. .
تتزامن النشاطات الكيدية وتنتشر بخطوط متوازية ومتوافقة مع تعاظم ظاهرة المخبر السري, وربما تجد ضالتها في انتحال الأسماء الوهمية المتاحة في واجهات الفيس بوك, أو المتوفرة في حقول المنتديات الالكترونية, وما تشتمل عليه من خيارات مفتوحة لاستعارة الأسماء المختصرة, وإضفاء الخصال الشبحية المزيفة, بالقدر الذي يتيح المجالات السهلة والسريعة لإرسال التقارير الدورية الملفقة ضد الكوادر التدريسية الكفوءة, وتشويه صورتهم بكل الأساليب المبتذلة. .

مما يؤسف له أن أصحاب الوجوه الزئبقية (من الجنسين) تحولوا في جامعاتنا إلى معاول هدامة, وفيروسات عدائية ماانفكت تسعى وتواصل سعيها لوأد الكفاءات, وإزعاج الأساتذة, وتخريب البنية العلمية, والقفز فوق واجهاتها وعناوينها, فبدلا من أن ينصرف أمثال هؤلاء إلى البحث العلمي, ويكرسوا جهودهم المهنية والمهارية للارتقاء بالمستوى التدريسي والتربوي نحو الأفضل, تراهم يمضون أوقاتهم كلها في الثرثرة الفارغة, أو في إعداد التقارير التشويهية, من أجل الإطاحة بهذا الأستاذ والنيل منه, أو من أجل إقصاء رئيس القسم أو عميد كليتهم أو جامعتهم انتقاما منه, فيرسلون تقاريرهم في كل الاتجاهات بغية توسيع حملات الشتائم والاتهامات المفبركة, ويوزعونها على أوسع نطاق, وربما تصل تقاريرهم إلى الجهات العليا في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي, أو تصل إلى الإدارات المحلية للمدن التي تقع فيها الجامعات والكليات التخصصية, فتتسبب في خلق حالة غير مرغوب فيها من الإرباك والإزعاج والقلق, وقد تسهم في ضياع وقت الجهات التي وصلتها التقارير الكاذبة, فتضطر إلى فتح أبواب التحقيق والتحري والاستفسار, وتشكل اللجان للتقصي عن الحقائق, والجدير بالذكر أن لجان التحقيق تابعت ميدانيا الكثير من تلك الدعاوى الكيدية, فوجدتها تدور في حلقات مفرغة, وتتحدث عن مواضيع مُختلقة, لا صحة لها على أرض الواقع. . .
الملفت للنظر أن هذه التقارير الكيدية, المذيلة بتواقيع وهمية, والمشفوعة بأسماء منتحلة, وعناوين ضبابية, تشترك كلها في صفات موحدة, وهي أنها مخالفة للتعليمات الإدارية النافدة, ولا تندرج ضمن التقارير المقبولة المعترف بها, ولا تعد من الوثائق المعتمدة في التحقيقات الإدارية والجنائية, لذا يفترض أن تجد طريقها إلى المحرقة, أو إلى سلال المهملات. .
نحمد الله أن جامعاتنا العراقية لا تخلو من العلماء الأعلام, ولا تخلو من التدريسيين الأكفاء, المشهود لهم بالعفة والنزاهة, من الذين افنوا أعمارهم في التعليم العالي والبحث العلمي, ولن تؤثر فيهم مثل هذه الحملات, التي تقودها جوقة القرود والمشاغبين, من الفاشلين والمتملقين والوصوليين والانتهازيين, ممن تفننوا بمهنة التشويه والتلفيق, والتصيد في البرك الآسنة, وتخصصوا بصناعة الأكاذيب, وتعليبها, وتجهيزها للتصدير والاستهلاك. وعلى الرغم من حصانة علمائنا وحصافتهم, فأنهم اليوم في أمس الحاجة إلى من يقف معهم في مواجهة هجمات هؤلاء, ويوفر لهم الدعم والإسناد, ويحميهم من بغض المبغضين, وحسد الحاسدين, وحماقات الفاشلين, ممن لا شغل لهم ولا عمل سوى محاربة أصحاب الكفاءات, والإساءة إليهم, وتدمير سيرتهم العلمية والمهنية. .
وبات من المؤكد ان مجالس الجامعات رصدت هذه التصرفات الغريبة, وأبلغت الوزارة بتفشي هذه الظاهرة المقيتة, التي تعكس مدى تدني أخلاقيات بعض المحسوبين على الوسط التدريسي, وشخصت مساعيهم الكيدية لتشويه صورة مرؤوسيهم, وسيأتي اليوم الذي تصدر فيه الوزارة قراراتها الحاسمة لردع هؤلاء وأمثالهم. .
أن هذه الفيروسات الزئبقية المختبئة خلف الأقنعة الهلامية الملونة, صارت من الآفات الخطيرة, التي أخذت تنخر في قواعد جامعاتنا وهياكلها, ولابد من القيام بحملة لتطهير جامعاتنا من تلك الفيروسات الشيطانية المريبة, والعمل على عدم السماح لها بالنمو في الأوساط التعليمية العليا. .

( ضمير أبيض ) !!! صوت المحبة-عدنان حافظ بابل


( ضمير أبيض ) !!! صوت المحبة
عدنان حافظ بابل
في سرادق الشعر الممتدة في وادي صفي الدين الحلي الزاخرة بالعطاء حظينا بديوان جديد للشعر الشعبي العراقي أنتجه الشاعر ( حامد كعيد الجبوري ) ، ضم بين دفتيه ما يقارب من خمسين نصا شعريا وعلى مائة وثلاثون صفحة من الحجم المتوسط ، وبإخراج فني أنيق ، أستطاع من خلاله هذا الشاعر الحلي أن يقف بثبات بين مجايليه كرائد من رواد الحركة الشعرية البابلية وأكثرهم تميزا سواء بحضوره الدائم لفعاليات المشهد الشعري وبفاعليته الواسعة ، وهو مقدم ومعد لبرنامج ذائع الصيت في إذاعة بابل المحلية الذي يحظى بقبول جماهيري لدى أبناء الفرات الأوسط ، أو من خلال تحريره صفحة الأدب الشعبي في جريدة الفيحاء الحلية الغراء ، وبرنامج آخر في إذاعة الفراتين وراديو إتحاد الشعب ، لذلك أستطاع أن يمتطي صهوة ديوانه البكر المسمى ( ضمير أبيض ) ، وفعلا كان ضميرا أبيضا لعشاق هذا الوطن المتعالي على جراحه وأبناءه ينظرون الى الشمس بأجفان غير مرتعشة ولا وجلة بعد ما نزفوا دما عبيطا على أرضه الطاهرة ، وعانوا من التهميش وحالات الانكسار والاستلاب الفكري بقصدية لئيمة وعلى مر سنين عجاف ، فولادة هذا المنجز بكبريائه جاء مكملا للوهج الوجداني المختزن في قلوب أبناء هذا العراق الناهض ، كفرصة مواتية تتمازج مع المدارك والأحاسيس ببصيرة نيرة تأخذ من مناهل الإبداع مديات واسعة لأفقها المترامي ، فالفطرة الملهمة التي يملكها هذا المنتج ( الجبوري ) استطاعت أن توظف خلق جديد متدفق من ينابيع الثقافة الإنسانية الجديدة وموروثها الشعبي ، وكما أشارت أصابع التاريخ الى معلمنا الكبير ( مظفر النواب ) كشاعر معاصر حركته فطرته وإلهامه الاستثنائي على تحريك القصيدة الشعبية الحديثة بأساليب مبتكرة جديدة أهمها الإيقاع النظمي المفتوح على أكثر من وزن في النص الواحد تؤطره صور رمزية مبتعدة عن النمطية السائدة في القصيدة الكلاسيكية ، وقريبا لهذا النهج الجميل الراقي جاء ديوان ( ضمير أبيض ) بحرفية واقعية لأسلوب القصيدة المتناغمة مع الذوق والإحساس كصناعة شعرية نموذجية ضد المباشرة السطحية والخطابة المترهلة وهي تحمل من القوافي الجميلة الأنيقة مرتكزات لثوابت النص أدرك من خلالها ( الجبوري ) متطلبات القصيدة الحديثة والولوج الى متونها العالية ، فقد أشتغل على أوزان مختلفة ك ( النصاري ، التجليبة ، الموشح ، البحر الطويل ، النايل ) ، وحظيت النصوص العمودية بالقسم الأكبر من نصوص الديوان بمقوماتها الحديثة الخالية مما هو سائد حاليا من تشابه الصورة في التقليد العشوائي لدى بعض الشعراء المهتمون بضبط الوزن والقافية فقط دون الالتفات لمعنى الصورة الجمالية التي تملك الوعي الثقافي والقادرة على التوصيل والتأثير بوهج متدفق يستطيع شاعرها التمسك بعنانها والصعود لرابية الإبداع ، فقد وجدنا هذا الوهج الفني الحديث في كافة نصوص ديوان ( ضمير أبيض ) وبخاصة في النصوص التي كتبت بعد التغيير فقد حملت تقنية شعرية عالية تشير لروح الماضي والحاضر كطائر محلق بإطار ثقافتنا الجديدة ، ففي قصيدة (نسمات حلية ) وهي من وزن الموشح أستطاع هذا الطائر من التحليق حول مدينته ( الحلة ) ويلتقط صورا عديدة للزمان والمكان فاتحا أفاقا جمالية تظل مستمرة في الحفاظ على طيبة أهلها ، مفجرة في الوقت نفسه ينابيع روح المحبة في روح شاعرها ( الجبوري ) المقيمة في مقاهيها وشوارعها ، هذه المدينة التي تغفو على ضفاف الفرات منذ الأزل ، وسنينها تتساقط مهاجرة الى العالم الآخر كضريبة يدفع ثمنها الطيبون .
أما قصيدة ( صبرا يا عراق ) وهي من وزن الهزج فإنها تخرج من وظيفتها الشعرية الى ما هو أكثر تأثيرا للتواصل مع الجرح العراقي النازف دما طهورا ، وتحلق مع أرواح الشهداء من خلال طرحها لحقائق موضوعية جريئة لتعمق فهم الأوضاع لبني جلدتنا وتضحياتهم بأرواحهم دفاعا عن القيم والأخلاق الوطنية والثبات على الحق والعدالة ومعايشة المحرومين والموزعين ، وممارسة النقد الجرئ للمسئول الذي أستغل هؤلاء للصعود لكراسي السلطة .
أما القصائد الشعرية النثرية فقد اختزلت القيم الإنسانية من صميم الذاكرة الشعبية كقناة تمكنت من الوصول الى المتلقي بسهولة وعفوية ، بمهارة عالية لسرد الحدث الموضوعي واستلهام فكرة العمل المبدع المغاير ، وهذه القصائد كانت بالحقيقة مؤجلة وبعيدة عن مواجهة السلطة حينذاك ، وغير خاضعة لرقابة المسئول وأثبتت الآن أنها بخير وتتمتع بلغة محببة عالية تكتسب حضورها اللافت وهي محرك قوي لمدارك الجماهير ، ولم تفقد بريقها السبعيني ولابد القول إن منتجها الشاعر ( حامد كعيد الجبوري ) هو من الشعراء الذين تأثروا بالقصيدة النثرية التي أنتجت نهاية الستينات من القرن الماضي ، شأنه شأن مجايليه من تلك الحقبة المثقفة الواعية التي أثرت وأثرت في واقعنا الأدبي الشعبي ، وإن تعميق معرفتنا بالنصوص وبدايتها ليس من باب التفتيش عن الأخطاء في العروض أو القافية وضعف الإيقاع بقدر بحثنا عن مدى التأثير والتوصيل الإبداعي المنشود ، وهذا ما أنتجه ( الجبوري ) بقصائد تخلو من الهنات الوزنية واهتمامه بجمالية الصورة وتأطيرها بشكل جميل يصل الى المتلقي بسهولة وبقصدية الشاعر ( الجبوري ) ، ومعلوم أن الشاعر ( حامد كعيد الجبوري ) لم يحضر ولم يشارك في أي فعالية شعرية قبل السقوط لأسباب يحتفظ بها لنفسه ، ورغم هذا الانقطاع إلا أن نصوصه شكلت نجاحا ملحوظا ومشارا اليه بعد السقوط ، وللحقيقة أقول أن الشاعر ( الجبوري ) لم يعرف رقصة ( نطنطة ) القرود ( السعادين ) على موائد مسئولي السلطة ورموز النظام السابق ، ولم يرتشي وينتشي بأوسمة وهدايا رخيصة من الأسرة الحاكمة المجتثة ، ويعتبر ( الجبوري ) قصائده بمثابة أفراد عائلته وأشار له الباحث د ( محمد عوده سبتي ) قائلا ( الشعر لدى ( الجبوري ) رسالة إنسانية تعبر عن إرهاصاته وهواجسه المتعلقة بجسد المجتمع ) ، وفعلا كان هكذا وشاهدي لذلك ديوانه البكر ( ضمير أبيض ) ، فضميره الأبيض صوت للإنسانية وصوت للعراق الناهض ، و ( ضمير أبيض ) نهر أبداعي حلي عراقي كبير .
--------------------------------

الثلاثاء، 13 ديسمبر 2011

عراق بلا انهار ولا أشجار-كاظم فنجان الحمامي



عراق بلا انهار ولا أشجار
جريدة المستقبل العراقية في 13/12/2011
كاظم فنجان الحمامي
ليست هذه نبوءة من نبوءات (نوستراداموس), ولا حكاية من حكايات العرّافات لقراءة طالع الميزوبوتاميا, ولا ظاهرة جغرافية طارئة قد تختفي بتغير الفصول والمواسم, أو تتلاشى بتحسن عوامل الطقس وتبدل الظروف المناخية, ولا هي رسالة تحذيرية عابرة من رسائل أصدقاء البيئة, إنما هي كارثة حقيقية مفزعة ستجتاح العراق برمته من شماله إلى جنوبه, وفاجعة مأساوية تهدد ملامح الحياة ومقوماتها في الاهوار والأرياف والسهول والوديان, كارثة محدقة بنا أكدتها المعطيات والاستنتاجات العقلية والمنطقية والسياسية, وأيدتها التقارير الدولية, وعززتها مؤشرات الجفاف والاضمحلال التدريجي, التي لمسناها على ضفاف الأنهار المتصحرة, وسجلتها الجداول والسواقي والترع وسط العراق وجنوبه, بحيث ظهرت جلية للعيان بعد انخفاض مناسيبها إلى المستويات الطينية الوحلة, حتى فقدت الأنهار مياهها بعدما جفت منابعها, وتقطعت شرايينها, وأصبحت في عداد الموتى بشهادات وفاة رسمية كُتبت على نعوش انهار (الوند), و(هوشياري), و(السويب), والكرخة, والكارون, وغيرها, وكانت مسبوقة بنداءات استغاثة أطلقتها الأنهار الأسيرة الواقعة خلف قضبان السدود والنواظم القسرية الجبارة. .

ففي الوقت الذي تلوذ فيه المؤسسات العراقية الاروائية والزراعية والتخطيطية بالصمت المطبق, وتنشغل فيه الكتل السياسية بصراعاتها العقيمة القديمة المستديمة, وتلهث فيه المحافظات خلف سراب التقسيمات الإقليمية (الدستورية), تواصل الحكومة التركية (الصديقة) تنفيذ مشاريع (الغاب) لإقامة أكثر من عشرين سدا منيعا لحجب منابع دجلة والفرات عن العراق, وتواصل الحكومة السورية (الشقيقة) تنفيذ مشروع جر نهر دجلة, لتغيير مساره العراقي, وتحويله بالقوة باتجاه الأراضي السورية, بتمويل مالي من الحكومة الكويتية (الشقيقة), بينما تواصل الحكومة الإيرانية (الصديقة) تنفيذ مشاريع (الأفق الأزرق) لتغيير مسارات الأنهار التي تغذي العراق, وتمنعها من عبور حدودنا الشرقية. .
وسنستيقظ من سباتنا في يوم قريب يخبئه لنا مستقبلنا المتعثر, لنكتشف أننا أصبحنا بلا انهار, ولا أهوار, ولا بحار, ولا أشجار. وربما تكتشف أجيالنا القادمة أن زعماء قبيلتنا هم الذين اختاروا الوقوف على التل, ولم يتصدوا لمخططات القبائل, التي نفذت ضدنا أبشع جرائم التجفيف والتزحيف والتحريف والتجريف, التي استهدفت أنهارنا كلها من (الزاب الأعلى) إلى (السويب الأغلى), وهم الذين شاركوا بكتابة شهادات الوفاة, وحضروا مراسيم التشييع والدفن والعزاء, من دون أن يذرفوا دمعة واحدة على أرواح الجداول الميتة والمفقودة والمطمورة, ومن دون أن يتألموا على الأنهار التي وقعت في الأسر, أو التي تحولت إلى قنوات آسنة لتصريف المجاري الإيرانية, ومن دون أن ينتبهوا للمشاريع التركية الجبارة في هضبة الأناضول, فلم يعترضوا على مخططات السلطان الطيب (أردوغان) حامل لواء الإمبراطورية العثمانية الجديدة, ومساعيه الحثيثة الخبيثة لبناء أكثر من عشرين سداً فوق منابع دجلة والفرات, ولم يحتجوا على محاولات سوريا لجر نهر (دجلة), وتحويل مجراه من الأراضي العراقية إلى صحراء الحسكة, بل أنهم لم يبدوا حتى هذه اللحظة أي اهتمام بهذه الفاجعة الجغرافية المعقدة, التي عصفت ببساتين أرض السواد وحقولها, وقطعت شرايينها الاروائية من الشمال إلى الجنوب, ولم تكن الاحتجاجات الخجولة, التي أطلقتها بعض المنظمات الاجتماعية من باب التكسب السياسي تتناسب مع تاريخ ومستقبل الممرات الملاحية المهددة بالاختناق بعد اكتمال سدود ميناء مبارك, ولا تليق بتاريخ شط العرب, الذي فقد اسمه العربي وصار (أرفند رود), وتحول إلى مثانة عملاقة ممتلئة بفضلات مجاري مدينة عبادان والمحمرة, وهكذا تراوحت المواقف المتأرجحة بين التخاذل المتجدد والإهمال المتعمد.

اعترفت سوريا أكثر من مرة عبر وسائلها الإعلامية بأن ما تحتاجه من مياه الري ستسحبه من حصة العراق في الوقت الذي تفرض فيه سيطرتها الكاملة على الفرات, وأنها ماضية في تنفيذ مشروع جر نهر دجلة, عن طريق تحويل مساره عنوة إلى أراضيها عبر قناة (عين ديوار), وهي قناة صناعية بطول (29) كيلومتراً, ثم تندفع المياه بقوة في نفق طوله (20) كيلومتراً يخترق جبل (كراتشوك), وتواصل تدفقها بسعات تصريفية هائلة في قناة صندوقية بطول (30) كيلومتراً, تتفرع بعدها إلى قناتين مفتوحتين متباعدتين, الأولى بطول (132) كيلومتراً, تنتهي عند سد (الثامن من آذار), والثانية بطول (124) كيلومتراً, تنتهي عند سد (باسل الأسد), وتتوسط المشروع مضخة عملاقة عند سد (السابع من نيسان), وستتراكم الآثار الكارثية لهذا المشروع فوق الآثار التدميرية لمشروع سد (أليصو) الذي أقامته تركيا على نهر دجلة, ضمن سلسة السدود التي باشرت بتنفيذها, في إطار مشاريع (الغاب), وبخطوات هندسية غير مسبوقة, ولا تتماشى أبداً مع أحكام القانون الدولي, وتتعارض مع قواعد العدل والإنصاف, ولا تقبلها الأعراف الحضارية, فجاءت تسميتها متطابقة تماماً مع مبادئ شريعة (الغاب), ما دفع جمعيات (أنصار البيئة), وجمعيات (الدفاع عن حقوق الإنسان) في القارة الأوربية لتبني مواقف شجاعة وحازمة في توجيه الانتقادات اللاذعة للحكومات, التي تنوي تجفيف العراق وحرمانه من موارده المائية, وكان لتلك المواقف الإنسانية أثر واضح في التطورات التي أدت إلى انسحاب الشركات البريطانية والايطالية والسويدية, التي عولت عليها تركيا في تنفيذ السدود العملاقة على دجلة والفرات, في حين لم تنسحب الشركات الإسرائيلية, وواصلت نشاطاتها المعادية للعراق, وقامت حكومة (تل أبيب) بتمويل معظم مشاريع (الغاب), وقدمت لها التسهيلات السخية, وساندتها بالخبرات التقنية, وزجت بأكثر من (75) شركة إسرائيلية, في مشاريع بناء السدود الضخمة لقطع مسارات دجلة والفرات, وتحويلها إلى نهر (مناوغات), الذي تتطلع إسرائيل لشراء مياهه من تركيا لتلبية احتياجات مستوطناتها, وربما تسعى من وراء مشاركتها في (الغاب) إلى تأكيد حلمها الصهيوني القديم, وتوسيع نفوذها على الأرض من النيل إلى الفرات.

وفي الوقت الذي يتعرض فيه العراق لأبشع أزمات المياه العذبة, التي تجلت صورها المؤلمة بجفاف العشرات من الروافد والجداول والسواقي والأنهار بقرارات جائرة ومشاريع متعمدة تبنتها الحكومات الإيرانية والتركية والسورية, جاءت الكويت لتشترك معهم في الحرب المائية المعلنة ضد العراق, وتستخدم ثقلها المالي كله لتزيد الطين بلة, وتشغل الفراغ الذي تركته الشركات الأوربية, التي استحت من نفسها, وأعلنت الانسحاب من المشاريع التركية المكرسة لتعطيش العراق وتجويعه, فهل صارت الشركات الأوربية أرحم من جيراننا وأشقائنا وأبناء عمومتنا ؟, أم أن دول الجوار تخطط لإيذاء الشعب العراقي المنكوب ؟, ثم ما الذي ستجنيه الكويت من وراء تمويلها لمشاريع تستهدف إصابة العراق بأضرار كارثية ؟. وما الفائدة التي ستحققها سوريا باستحواذها على حصة العراق المائية وتبذيرها في الكهوف والوديان الوعرة ؟. ترى هل سيكون العراق بهذا الحال, وتحت ضغط هذه الأوضاع التآمرية المتواصلة لو كان جيرانه من الهنود والمكسيكيين والفيتناميين واليابانيين والسريلانكيين والأرجنتينيين ؟. وهل سيتعاملون معنا من دون رحمة, ويقطعوا علينا الأنهار والروافد, ويفرضوا علينا الحصار المائي بعشرات السدود والنواظم, ويحرمونا من مياه الشرب والري ؟, وهل سيستمر الحال على ما هو عليه, وتمضي دول الجوار في تنفيذ مخططاتها وبرامجها المائية العدائية, من دون رادع ولا وازع ؟, وهل ستتحقق نبوءة المنظمات الاروائية العالمية بزوال دجلة والفرات بحلول عام 2040, وهذا ما توقعته منظمة المياه الأوربية, التي تنفرد بدقتها ومصداقيتها في تشخيص تداعيات الكوارث المائية, وهي أول من توقعت جفاف الفرات, وأول من حذر من اضمحلال نهر دجلة, وأول من حذر من حدوث انقلابات خطيرة في خارطة العراق المائية, وحددت المنظمة العام 2040 موعدا نهائيا لهذه الكارثة, وهو العام الذي سيصبح فيه تعداد نفوس العراق في حدود (75) مليون نسمة, ونترك لرجال التخطيط وعباقرة السياسة في العراق مهمة رسم التداعيات, التي سيفرزها هذا المشهد المأساوي بعد ربع قرن من الزمان. .
نحن يا جماعة الخير أمام كارثة حقيقية تكلمت عنها المنظمات العالمية بإسهاب, واتخذت على خلفيتها قرارات, تبناها الاتحاد الأوربي في تعامله مع الحكومة التركية, بحيث منع الشركات البريطانية والايطالية والفرنسية من المشاركة في تنفيذ عقود المقاولات المنوطة بها في مشروع (الغاب), حتى لا تكون طرفا مساهما في تعطيش العراق بإنشاء أكثر من عشرين سداً عملاقا لمنع تدفق مياه دجلة والفرات باتجاه العراق, في الوقت الذي نمعن فيه بتعميق علاقتنا مع تركيا, وكأننا لا نعلم بما ستؤول إليه أحوالنا بعد اكتمال المشاريع التركية لتعطيش العراق كله, وحرمانه من الماء. .
الإيرانيون يجففون منابع الأنهار والروافد على هواهم من دون رادع, والأتراك يقيمون السدود العملاقة لتجفيف دجلة والفرات على كيف كيفهم, وسوريا تتعمد سحب ما تبقى من نهر دجلة على راحتها, وتسعى لجره إلى أراضيها من دون أن يحتج عليها أحد. وتمضي دول الجوار في ارتكاب الانتهاكات الصارخة لأحكام وقواعد القانون الدولي, من دون أن يتقدم ضدها العراق بشكوى رسمية في المحافل الدولية, ومن دون أن يظهر اهتماما حقيقيا بملفاته المائية المرمية على الرفوف, والانكى من ذلك أن مؤسساتنا العلمية تقيم المؤتمرات, وتعقد الندوات داخل العراق لتشخيص تداعيات موجات التسونامي في اليابان, وتتعمق في دراسة الأعاصير والزلازل التي رافقت التغيرات البيئية المفاجئة في فلوريدا, لكنها لم تبد اهتماما بفاجعة أنهارنا المجففة, وجداولنا المتصحرة, وكأن الأمر لا يعنيها لا من بعيد ولا من قريب, والمصيبة الكبرى أن بعض مراكزنا العلمية والسياسية هي التي صارت تعطي الضوء الأخضر لدول الجوار لكي تشجعها على تنفيذ مشاريعها العدوانية ضدنا, وهي التي أعطت الضوء الأخضر للكويت لكي تدفعها لتنفيذ مشروع ميناء (مبارك), الذي سيقطع شرايين ممراتنا الملاحية المؤدية إلى موانئنا, وعبرت أكثر من مرة عن مباركتها لمشروع (مبارك) في بياناتها التي قالت فيها: أن الميناء لا يؤثر على سير الملاحة في خور عبد الله. .
فالملف المائي هو الذي يفترض أن يحظى بالأولوية والأهمية, وهو الذي يفترض أن يتصدر عناوين الأخبار في الصحف والفضائيات, ويتصدر مفردات التطلعات المستقبلية في أجندات الكتل السياسية, وهو الذي يفترض أن يكون في مقدمة الخطب والمحاضرات التوعوية في المساجد ودور العبادة, ولا نغالي إذا قلنا انه ينبغي أن يكون من ضمن مفردات المقررات الدراسية لكل المراحل من الابتدائية إلى الجامعة, فالمسألة مسألة مصيرية, مسألة حياة أو موت. خصوصا بعد أن أصبح العراق من الأقطار المهددة بالجفاف, وها نحن اليوم نقف موقف المتفرج الحائر على مسافة ربع قرن من فقداننا لدجلة والفرات, من دون أن نطلق صيحة احتجاج واحدة بوجه الأقطار المجاورة, التي سعت, ومازالت تسعى لتنفيذ مشاريع تعطيش العراق وأهله, ولم نستفد حتى الآن من مواقف المنظمات الدولية, التي فتحت آذانها لسماع الاحتجاجات العراقية. .
فمتى تتقدم الحكومة العراقية بشكوى رسمية في المحافل الدولية ضد الأقطار, التي حرمتنا من مياه الشرب, وقطعت عنا الجداول والسواقي من منابعها, وجففت الأنهار والروافد, وستتسبب في تعطيشنا وتدميرنا وتجويعنا وتشريدنا ؟؟.
ختاما نقول: أن من يحب وطنه ينبغي أن لا يتأخر في الذود عن أشجاره وأنهاره وبحاره وأهواره, ومن يحب شعبه ينبغي أن يصون ممتلكاته ويحمي موجوداته بكل الوسائل والأساليب والطرق المتاحة وغير المتاحة, فالذي يولد زاحفا لا يمكنه التحليق والطيران, والنجاح في المهمات الصعبة جبلاً وعراً لا يمكننا تسلقه نحو القمة وأيدينا في جيوبنا. . .
والله يستر من الجايات. . .

الثقافة أخلاق !!!,أم الأخلاق ثقافة ؟-حامد كعيد الجبوري


الثقافة أخلاق !!!
أم الأخلاق ثقافة ؟
حامد كعيد الجبوري
ربما نتساءل ما هو فحوى هذه العنونة لهذه الموضوعة ؟ ، وهو سؤال قد يثير الدهشة للكثير وأنا منهم ، يفترض للمثقف أن يحمل الأخلاق قبل حمله للثقافة ، وبخاصة أن أردت أن تتخذ من ذلك المثقف صديقا ، والكثير من حملة الثقافات لا تجد فيهم هذه الميزة لنتخذهم أصدقاء ، وهنا يبرز سؤال لابد منه وهو من المثقف ؟ ، وهل الذي يبحر بزورق ثقافي واحد هو المثقف ؟ ، أم الذي يبحر بسفينة الثقافة هو المثقف ؟ ، وأعني بسفينة الثقافة كل فروعها الثقافية من أدب ،وعلوم ، ومسرح ، والدراسات الاجتماعية ، والسياسية ، والتجارية ، والصناعية ، والزراعية ، وما الى ذلك ، ومثل هذا المثقف الذي يعي أغلب هذه الفجاج يمكن أن نسميه بالمثقف الشمولي ، ومن يتخصص لوجه واحد نطلق عليه المثقف المختص ، ومجموع هذه الثقافات أن لا تؤطر بالخلق الرفيع فيعني أن ذلك المثقف غير مستكمل لشروط الثقافة كما أراه ، ولابد للثقافة من دفة تسيرها ، وأعني بذلك وزارة الثقافة ، وكل هذه المقدمة بسبب أن وزارة الثقافة تتعامل مع الشريحة المثقفة العراقية ، وهي أخطر شريحة مجتمعية بسبب سطوتها وحضورها الفاعل إعلاميا وأعني المثقفون ، قسم من المثقفين يرون أن مكانهم الطبيعي هو ذلك الكرسي الذي يجلس عليه وزير الثقافة أو وكلائه أو مدرائه العامون ، وقد يكن مصيبا بما يطرح إلا أن الواقع السياسي العراقي غير ما يحلم به المثقف بسبب المحاصصة الحزبية والعرقية والدينية والمذهبية ، وفي كثير من الأحيان يجد المثقف نفسه أفضل بكثير من صاحب الموقع الذي شغل ، وأكرر ربما هو مصيب بذلك أيضا ، وقسم آخر من المثقفين يجدون أن وزارة الثقافة هي وزارة هامشية ليس لها إلا الإيفاد والسفرات غير المجدية نفعا لثقافته التي يراها ، متناسيا ان الوزارة لها علاقات ثقافية يجب أن تمتد خيوطها لتلتحم بالثقافة العربية والعالمية من خلال هذا التواصل المعرفي ، وقد يكن المثقف مصيبا نوعا ما بما يراه أيضا ، ويعترف الكثير من كبار موظفي الوزارة بهذا الطرح ، وهنا يبرز تسائل آخر ممن يقرأ هذه الموضوعة ويقول لم تريد أن تكتب عن وزارة الثقافة ؟ ، وهل كتابتك تعتبر تزلفا وتقربا نحو هذه المؤسسة الحكومية الثقافية الكبيرة ؟ ، وهنا علي أن أرد على مثل هذا التساؤل وأحيل لمن يتهمني هكذا أن يقرأ مواضيعي وقصائدي من خلال الصحف العراقية ومنابر الأعلام الألكترونية كالحوار المتمدن وموقع الناس وغيرها ومثلها الكثير ، ولست باغيا من وزارة الثقافة العراقية أي شئ فأنا موظف عسكري متقاعد ، ولي نشاطاتي الكثيرة ولست بحاجة لوزارة الثقافة أن تسوقني إعلاميا أو ماديا ، ويعرف الجميع السمة التي عرفت بها منكرا لكل ممارسات الدكتاتورية المقبورة ، وحتى أن أسمي لم يكن يتداول بين مجاميع الشعراء أو الكتاب الذين طبلوا وزمروا لنظام أعتبر امتداحه سبة وسيئة أتحاشى لنفسي ولقلمي أن أدنسه بمثل هكذا أنظمة متهرئة ، بعد سقوط الدكتاتورية وصنمها لمزبلة التواريخ أيقنت أن علي أن أكرس جهدي وقلمي وصوتي للقادم الجديد سواء أحسن أم أساء ، بمعنى أدق أني مؤمن بالنظام الديمقراطي الجديد الذي يفرز الجيد من خلال صناديق الاقتراع ، مع قناعتي أن هذا الصندوق قد تصل له أياد خفية لتعبث به ، وواجبي وواجب كل ضمير حي أن يحاول بناء المجتمع الجديد ضمن الأطر الديمقراطية التي يجب أن تفرز الصالح عن غيره ، وليس حديثي عن وزارة الثقافة العراقية لكسب ودها لأضيف أسمي أو أسم من ينتمي الى إتحادي ( إتحاد الشعراء الشعبيين ) - وأنا أمين سره - لما يسمونه منحة الإبداع ، فوقت التسجيل انتهى وظهرت الأسماء جلية ومعرفة للجميع ، بمعنى أكثر دقة أن المبالغ محددة والأعداد حددت بموجبها فلا يستطع الوزير أو الوكيل أن يضيف أسما عليها ، وهذا جواب من يريد أن يتهمني بالتزلف والتسويق الإعلامي لوزارة الثقافة ، وأجد نفسي قد كتبت الكثير عن التجاوز والاستحواذ والقرصنة المشرعنة وغير المشرعنة للمال العام من قبل الكثير من الرموز الحكومية الكبيرة والصغيرة ، ووضعت أصبعي متحدثا عن الفساد الإداري والأخلاقي ، ولكني لم أتحدث عن إيجابية واحدة لمصلحة الحكومة الجديدة ، وهذا تقصير أجده غير مبرر مني ، وعلي واجب أخلاقي أن أشير للجيد ونشد أيدينا بيده لنرتقي صوب ما نطمح له جميعا ، لذا سأكتب عن الخلق العالي الذي يحمله الموظف الثقافي لتكتمل عندي وعنده الصورة المشرقة للمثقف الذي يحمل الثقافة ويحمل الأخلاق ، ومن هذا الطرح أتيت بعنوان الموضوعة ( الثقافة أخلاق أم الأخلاق ثقافة ) ، ومن الجميل جدا أن يجتمعا سوية الأخلاق والثقافة ليكونا شخصية تحمل كل الميزات الإنسانية الرفيعة ، وهذا ما وجدته بالسيد ( طاهر حمود الموسوي ) ، ولست راغبا بنعته وكيلا لوزير الثقافة ، بل جردته من سمته الوظيفية لأنها تزول وأسم الثقافة والخلق يخلدان ، استقبلنا برحابته المعهودة وأمتص زخم ثورتنا ضد وزارة الثقافة ، وأثبت بجهوده الشخصية بقاء إتحادنا الفتي ( إتحاد الشعراء الشعبيين ) مرفوع الرأس أمام التكتلات الكثيرة التي تحاول طمس مجهودنا الوطني ، بل أصر على وجود هذا الإتحاد بصفته المعنوية لأنه على علم بتطلعات هذا الإتحاد ، وأسجل شكري لمدير مكتبه السيد ( حيدر الشوكي ) والسيد ( باقر الشوكي ) ولحسن خلقهما وأخلاقهما النبيلة ، ولمن يعملون بمعية مكتبه ، ولا أغفل ما قدمه السيد ( رعد علاوي الدليمي ) مدير الإدارية والمالية بوزارة الثقافة الذي فتح لنا داره ومضيفه العشائري وأبواب دائرته لتقبل طروحاتنا التي تخص تشكيلتنا الثقافية ، والست الفاضلة ( ليلي خزعل ) معاونة المدير العام للإدارية والمالية هذه المثابرة الدءوب والتي يطلقون عليها موظفوها ( عمة ) فتصورتها طاعنة بالسن ولكنهم كنوها ب ( عمة ) حبا وتكريما لها ، وأسجل شكري للأستاذ ( قيصر سهيل ) ذلك الخلق العالي والاستقبال المكرم لمن يطرق باب دائرته فلا يكل من سؤال ولا يتردد عن فعل خير يقدمه ما أستطاع ، ولا أنسى الصديق الأستاذ ( عقيل المندلاوي ) مدير العلاقات الثقافية الذي هيأ لنا وبجهوده المثمرة لننجز لوزارة الثقافة أربعة مهرجانات وطنية بدعم وتمويل من وزارة الثقافة ، ومعاونه السيد ( مظفر ) لما يبديه من تفهم عملي لواقع المشهد الثقافي .
أتمنى أن نجد أشخاصا هكذا بوزاراتنا العراقية الأخرى ، وأعتذر ربما هم موجودون ولكن بحكم علاقتنا مع وزارة الثقافة لا نحتك مع الوزارات الأخرى .