بحث هذه المدونة الإلكترونية

مرات مشاهدة الصفحة في الشهر الماضي

الجمعة، 14 أكتوبر 2011

ثلاث تفاحات غيّرت العالم-د- محمد العولقي




ثلاث تفاحات غيّرت العالم

تفاحة آدم
وتفاحة اسحاق نيوتن، مكتشف قانون الجاذبية
وتفاحة شركة "أبل" التي أسسها ستيف جوبز
الرجل الذي مات فجر الخميس من دون أن يلتقي بأبيه الحقيقي
ولو مرة واحدة طوال أكثر من 56 سنة، مع أنهما كانا يقيمان في بلد واحد.
أول ما فعلته حين الإعلان عن وفاة جوبز هو الاتصال بأبيه المهاجر من سوريا في الولايات المتحدة التي يحمل جنسيتها منذ زمن بعيد، والذي يبلغ الثمانين من عمره الآن، مع ذلك فما زال عبدالفتاح جندلي يعمل في "كازينو وأوتيل بومتاون" في مدينة رينو بولاية نيفادا.
ومع أن الوقت كان أول الليل في رينو، والكازينوهات تنشط مساء في العمل، إلا أن عاملة الهاتف كررت الجواب نفسه مع كل اتصال، وهو أن جندلي لا يأتي للعمل الا نهارا، ونادرا ما يطل ليلاً، فهو نائب رئيس مجلس الإدارة، ولم يكن في الكازينو ليلة الأمس.
وهناك القليل المكتوب عن عبدالفتاح جندلي بوسائل الإعلام الأمريكية
لأنه عاش دائما في الظل ولم يرو لأحد تقريبا بأنه الوالد الحقيقي للرجل الذي كان دائما مالئ دنيا الكومبيوترات والإلكترونيات وشاغل المدمنين عليها.
وابنه ستيف جوبز نفسه كان يساهم بدوره في إخفاء هوية والده الحقيقي
كما وإخفاء شخصية شقيقته منى
المصنفة للأمريكيين وبالخارج كواحدة من أشهر الروائيات
وبدورها كانت تساهم أيضا بإخفاء هوية أبيها وأخيها معا
فاسمها المعروفة به في الولايات المتحدة هو منى سيمبسون
لذلك لم تلتق بأبيها، وبأخيها التقت لأول مرة حين كان عمره 27 سنة
ثم تكررت اللقاءات والاتصالات دائما عبر الهاتف
من "العروة الوثقى" إلى الولايات المتحدة


وأهم من كتب عن عبدالفتاج جندلي هي مجلة "فورتشن" الأمريكية
التي نقلت عن لسانه قبل أشهر أنه ولد في 1931 بمدينة حمص
حيث كان والده ثريا وصاحب أملاك
فغادرها وهو بعمر 18 سنة الى بيروت لمتابعة دراسته في الجامعة الأمريكية
وعن بيروت قال جندلي للمجلة "إنها المدينة التي أمضيت فيها أجمل أيام حياتي" وفق تعبيره.
طفل يبصر النور قبل الزواج
الوضع السياسي في بيروت حمل جندلي ذلك العام للسفر إلى الولايات المتحدة
حيث كان يقيم أحد أقربائه، وهو نجم الدين الرفاعي
مندوب سوريا في 1954 لدى الأمم المتحدة بنيويورك
فأمضى عاما في الدراسة بجامعة كولومبيا
ومن بعدها في جامعة وسكنسن التي درس فيها بمنحة مكنته من الحصول على الماجستير والدكتوراه بالاقتصاد والعلوم السياسية. وأثناء الدراسة في وسكنسن كانت لعبدالفتاح جندلي علاقة بزميلة له من أصل سويسري ألماني، اسمها جوان كارول شيبل، وأثمرت قبل الزواج عن طفل أنجبته
لكن والد الطالبة كان محافظا كما يبدو، فرفضه كزوج لابنته
ولم ير جندلي طريقا أمامه سوى درب الانفصال عن الأم وابنها معا
فسار عليه حتى قبل أيام من ولادة الطفل في 1956 وتوارى عن الأنظار.

أما هي فردت بالأسوأ وعرضت طفلها في سان فرانسيسكو على من يرغب بتبنيه
وسريعا ظهر الزوجان بول وكلارا جوبز فتبنياه، وأيضا اختفى للطفل كل أثر
ولم تعد والدته تدري أين حلت به الرحال مع انتقال العائلة التي تبنته الى عناوين عدة عبر الزمن
فنسوه كأنه لم يكن.
بعد أشهر قليلة ظهر جندلي ثانية في حياة زميلته وأم ابنه الوحيد
فتزوجها وأنجبت منه طفلة في 1957 سماها منى
وضاقت به الأحوال فسافر الى سوريا حين كانت مع مصر في بداية الستينات بلدا واحدا
باسم الجمهورية العربية المتحدة
راغبا العمل في السلك الدبلوماسي، متأثرا ربما بعمل قريبه نجم الدين الرفاعي.
وكان الحلم الدبلوماسي صعب التحقيق على جندلي
فعمل مديراً لمصفاة تكرير نفط في حمص لمدة عام
وخلاله طلبت زوجته من المحاكم الانفصال، ونالت بعد الانفصال في 1962 حق الطلاق
ثم عاد هو إلى الولايات المتحدة من دون أن يتصل بها
وظل لا يدري أنها تزوجت أمريكيا من عائلة سيمبسون إلا حين التقاها بعد سنوات
ثم أقفل النسيان كل أبواب العودة الى الماضي
وراح جندلي يعمل بروفسورا مساعدا بجامعة ميتشيغن ثم في جامعة نيفادا، ومن بعدها تنوعت ظروف الحياة معه فأهمل أهم ما في ماضيه. ومضت سنون كان خلالها يتنقل من عمل إلى آخر: اشترى مطعما، وبعده عمل مديراً في شركات ومؤسسات بارزة في لاس فيغاس، ثم عاد ثانية الى حقل المطاعم فافتتح مطعمين مرة واحدة بمدينة رينو
ومع المطعمين انضم الى "كازينو وأوتيل بومتاون" ثم تكفل الزمن بالترقيات
حتى أصبح نائبا لرئيس المؤسسة التي يتولى إدارتها حاليا وقد بلغ الثمانين
مع أنه يبدو في الصور أصغر بعشر سنوات على الأقل
وفي لقاء مع صحيفة "الأوبزرفر" البريطانية في أوائل هذا العام أيضا
ذكر جندلي الذي لم يقم بزيارة سوريا ولا لبنان منذ أكثر من 35 سنة تقريبا
أنه مسلم غير ممارس ولم يقض الحج
"ولكني مؤمن بالإسلام عقيدة وثقافة وبالعائلة، وأنصح العرب القادمين للدراسة بالولايات أن لا يطيلوا إقامتهم فيها لأن الفرص أمامهم كثيرة في العالم العربي، خصوصا في الخليج" كما قال.
ومرة تذكر جندلي ابنه ستيف وابنته منى فقال في مقابلة مع صحيفة "لاس فيغاس صن"
في مارس/آذار الماضي إنه ترك ابنته حين كان عمرها 5 أعوام
"لأن أمها طلقتني عـنـدما سافرت الى سوريا
ثم عدت للاتصال بها بعد 10 سنوات، ولكن من دون طائل
ومن بعدها نقلت مكان إقامتها ولم أعلم بمكانها إلا منذ 10 أعوام فقط
فبقينا على تـواصل ولقاءات تتكرر 3 مرات كل عام تقريبا" وفق تعبيره.
وتعيش منى حاليا مع زوجها الذي اقترنت به في 1993 وهو المنتج والكاتب التلفزيوني الأمريكي، ريتشارد بيل، الأب منها لطفلين، وهي صاحبة 5 روايات شهيرة بين الأمريكيين
أهمها "الأب الضائع" حول بحثها عن أبيها عبد الفتاح جندلي.
أما ستيف جوبز الذي تزوج في 1991 من الأمريكية لورين بويل وله منها 3 أبناء
فكرر ما فعله به أبوه وأقام علاقة بأمريكية اسمها كريسان برينان
فأنجبت منه خارج الزواج طفلة في 1978 رفض الاعتراف بأبوته لها
فبقيت مع والدتها التي سمتها ليزا، ومن بعدها اعترف بها جوبز راضيا
وهي من بين من سيرثوا دولارات بمئات الملايين تركها
ومعها ترك الإعجاب لدى الصغير والكبير في 5 قارات

د- محمد العولقي
*

ليس هذا هو المهم-ليس هذا هو المهم


ليس هذا هو المهم
كاظم فنجان ألحمامي
ليس المهم أن تكون خبيرا بارعا باختصاصك حتى تتدرج في السلم المهني نحو الأعلى, فتنال استحقاقك الوظيفي بموجب السياقات الإدارية الشائعة في عموم أقطار كوكب الأرض, فالمهم في المقام الأول أن تكون منتميا للكيانات السياسية الكثيرة المستحوذة على مصادر المال والقوة والجاه والسلطة, فلا تبتئس إذا كان رئيسك في العمل أدنى منك في الشهادة, وأقل منك في الخبرة والتجربة والخدمة, فمثل هذه النماذج الساذجة صارت هي التي تقود المؤسسات الحكومية في البلدان العربية كافة, وذلك في ظل سياسة وأد الكفاءات, وغياب معايير التوصيف الوظيفي النوعي القائم على الأسس التنافسية العادلة. .

وليس المهم ما تحمله من ذكاء ومواهب ومهارات ومؤهلات وقدرات علمية وإدارية ومهنية, لكي تتبوأ المركز الذي يليق بك, المهم هو كيف تستفيد من ذكائك في التسلل إلى صفوف التنظيمات الحاكمة حتى تتغلب على من هم أكفأ منك, وأفضل منك, وأقدم منك, وأنزه منك. فالغاية تبرر الوسيلة في معظم هياكل الشركات والمؤسسات العربية, وبات باستطاعتك تحقيق المزيد من القفزات الإدارية في غابات المناصب الزئبقية, التي أصبحت متاحة الآن لمن يريد التقدم على حساب غيره في هذه الفوضى الإدارية العارمة, التي اجتاحت العواصم العربية كلها, والتي فجرتها النزعات الطائفية والمذهبية والقومية والعشائرية والتنظيمية. . .
وليس المهم أن تكون صادقا في تعاملك مع الموظفين والمراجعين, مستقيما في سلوكك, ملتزما في أداء واجباتك, حريصا على عملك, أمينا على موارد مؤسستك, حتى تستحق المكان المناسب في المنظومة الإدارية, التي أفنيت فيها زهرة شبابك, المهم أن تكون من حاشية أصحاب الشأن والقرار, وان تتزلف إليهم في الرايحة والجاية, وان تكون منافقا من الطراز الأول, وأن تبدي لهم فروض الطاعة والولاء المطلق. . .

وليس المهم أن تكون متعففاً ,متديناً, ورعاً, ملتزماً بالمبادئ والقيم السامية حتى تتألق في فضاءات الاستحقاقات الإدارية المنصفة, المهم في بلاد العرب أن تتظاهر بالتدين, وتتجلبب شكلياً بالورع والتقوى, وتدعي الالتزام بالقيم والمبادئ, حتى لو لم تكن مؤمنا بها, فالمظاهر الخداعة, والتصرفات المزيفة, والمواقف الملفقة هي السمات السائدة في أروقة التشكيلات الإدارية عند عرب الشيخ متعب.
فالاختيار والتعيين للمناصب العليا يجري عندنا خارج السياقات السليمة, التي تحدد كفاءة المرشح الأصلح, والتي يفترض أن تنتقي أفضل المؤهلين لشغل الوظائف الشاغرة, فمعايير العقل والمنطق والعدل والإنصاف تحتم علينا الاستناد على قاعدة التوصيف النوعي الوظيفي, وبخاصة حين يتعلق الأمر باختيار قادة المناصب الإدارية الرفيعة, فهذه القاعدة هي السبيل الأسلم لمعرفة مهارات الناس, والانتفاع بهم, فإذا توفرت في المرشح الأهلية العلمية والاستقامة والإتقان والخبرة, فهو الأنسب ولا مجال للتردد, بصرف النظر عن لونه وعرقه وطائفته وميوله الحزبية, أما إذا كان المرشح مؤهلا من وجهة نظر عشيرته وحزبه وواسطته, لكنه غير مؤهل علميا, فمثله لا يصلح لملء الشاغر, لأن المرء عدو ما يجهل, بصرف النظر عن توفر حسن النية, وقد تسبب أمثال هؤلاء في تردي الأداء, وفقدان تكافؤ الفرص بين الموظفين الآخرين, وتسببوا في اضمحلال التنافس الشريف بينهم, واتجاههم إلى العبث والتخريب واللامبالاة, وتسببوا أيضا في هجرة العقول والأدمغة, وسمحوا بتزايد نفوذ الوصوليين والانتهازيين والمرائين, والتفافهم حول المرشح الدخيل على النظام الإداري, واستغلاله وتضليله.
مما لا ريب فيه أن مهمات مراقبة الهياكل التنظيمية في المؤسسات والشركات الحكومية منوطا دائما بأجهزة وزارة التخطيط, ويتعين عليها النهوض بمهام الإصلاح الإداري, وإصدار القوانين والتعليمات والتشريعات التصحيحية, ويتعين عليها رصد الانتهاكات الوظيفية التي نخرت ومازالت تنخر في بنيان الهياكل التنظيمية لمؤسساتنا, ولا مناص من مراقبة توزيع المناصب بين الموظفين بشفافية ومنطقية وعدالة, عندئذ سيعرف كل موظف حجمه الحقيقي, وسيتصرف في حدود مسئولياته, وصلاحياته, وواجباته. أليس هذا هو المهم والأهم والأكثر أهمية ؟؟؟؟؟.

الأربعاء، 12 أكتوبر 2011

الفنان العالمي ديفيد هوكني:ترجمة بتصرف د.غالب المسعودي


الفنان العالمي ديفيد هوكني:ترجمة بتصرف د.غالب المسعودي
(الرسم يجعلك ترى الأشياء أكثر وضوحا,وأكثر وضوحا,ومازال أكثر وضوحا.الصورة تدخل إلى عقلك بطريقة فسيولوجية لكي تبقى في الذاكرة ومن ثم تنتقل إلى يديك)
إن الحوار مع الفنان هوكني يسجل رؤى وأفكار رجل فنان صاحب رؤية معمقة في المناقشة والتعبير.يقول أن ترى الأشياء لهو أكثر بكثير من امتصاص مجموعة من المعلومات البصرية البسيطة,فان البشر موجودون في الزمان والمكان وردود أفعالهم البدنية والعاطفية متباينة ولا تخلو من عمق,إن تطور الوسائط المرئية منذ عصر الكهوف إلى الالكترونيات الحديثة لم يغير من تجربته الداخلية لأنها مميزة للمتلقي ودائما إشكالية.إن تنقله عبر المناظر الطبيعية من كاليفورنيا إلى يوركشاير في عملية تمشيط ثلاثية الإبعاد مع الأخذ بنظر الاعتبار استحضار معمق لتاريخ الفن من كارافاجيو إلى كارتيه لهو رحلة ذكية وانعكاس مفعم بالبحث عن اللانهائية في الجمال الطبيعي والتي تحيط بنا.

من يحمي الأطباء من بطش الدهماء ؟-كاظم فنجان الحمامي



من يحمي الأطباء من بطش الدهماء ؟
جريدة المستقبل العراقية 12/10/2011
كاظم فنجان الحمامي
ربما سيأتي اليوم الذي نسمع فيه بتأسيس منظمة جديدة على غرار منظمة (أطباء بلا حدود), يطلق عليها منظمة (أطباء بلا جنود), لكي تكون ملاذا للأطباء, الذين لم تتوفر لهم الحماية في بلدانهم, والذين هربوا من بطش الدهماء, وهاموا على وجوههم في أرض الله الواسعة خوفا من طيش المتمردين على الأعراف والقوانين, فلاذوا بالفرار خشية الموت بخناجر الأشقياء, وبنادق القبائل البدائية الغاضبة, التي لا تعرف الرحمة. .
أننا نتحدث هنا عن غول متهور استيقظ فجأة من سباته العميق في الكهوف القبلية المتحجرة, واطل برأسه كما الأفعى من بين مخالب بعض الشراذم العراقية المتسلحة بالباطل.
ظاهرة اجتماعية خطيرة نمت وترعرعت في رحم الأوضاع الأمنية المتأرجحة, وسمحت للمنفلتين باقتحام المستشفيات, وتهديد الأطباء بالخطف والقتل من دون رادع, والتطاول عليهم بالسب والشتم, وابتزازهم لأتفه الأسباب, والضغط عليهم لاستنزافهم, وإجبارهم على دفع الأموال الطائلة, والاعتداء على العاملين في المختبرات والصيدليات والمراكز الصحية بالضرب والاهانة, وسمحت للصعاليك بوضع قواعد جديد مهدت الطريق لطغيان الشر على الخير في لعبة الغارات, التي يشنها خفافيش الظلام خارج نطاق السيطرة في انقضاضهم الجشع على ملائكة الرحمة, لعبة تلهوا بها عفاريت الشقاء في ترويعها لرسل الشفاء, ويمارسها أقطاب الجهل والتخلف في تعاملهم السيئ مع أرباب العلوم والمعارف. . .

في كل مستشفى قصة مختلفة من هذه القصص المروعة التي كان الأطباء فيها هم الضحية, وكانوا هم الطرف الخاسر, وهم الطرف المضطهد في معظم الحالات التي سنأتي على ذكرها هنا باختصار.
هذا طبيب أجرى عملية جراحية لتثبيت كسر الأنف, نجحت العملية وخرج المريض من المستشفى, لكنه فارق الحياة بعد بضعة أسابيع بسبب تخثر الدم في ظروف لا علاقة لها بالعملية, فيتلقى الطبيب اتصالا هاتفيا من ذوي المتوفى, يتهمونه بالتسبب بقتل ابنهم, ويطالبونه بالرضوخ للسياقات العشائرية الجائرة, ويجبرونه بدفع مبلغ (الدية) المتفق عليها في جرائم القتل الخطأ, والتي لا تقل قيمتها عن خمسين مليون دينار, أو دفعها لهم بالعملة الأجنبية الصعبة, وبخلاف ذلك يكون مصيره الموت المحتوم رميا بالرصاص بإحدى أساليب الثأر الشائعة.
وفي الفلوجة طبيب آخر اضطر لدفع التعويض المالي لمريض من البدو لا يفقه شيئا في الطب, ويجهل تعقيدات الجراحة.

وفي ضواحي ديالى وصل مبلغ الفصل العشائري إلى ربع مليار دينار دفعتها أسرة الطبيب نقداّ وعداّ, وتمادى بعض أفراد القبائل في ممارسة الابتزاز ضد الأطباء, مستغلين مصائبهم بوفاة ذويهم في الاعتداء على الأطباء وتغريمهم بالقوة, وحتى لو كانت الوفاة طبيعية, في بعض الحالات التي فارق فيه المتوفى الحياة في بيته, وبين أسرته, فان قيام الطبيب بإبلاغهم بوفاته يترتب عليه التعويض بذريعة أن الطبيب لم يستطع إحياء الميت, أو لأنه لم يذرف الدموع, ويلطم على وجهه, ويشق جيبه مثلهم, ويبكي بحرقة على المتوفى, أو لأنه لم يكن متواجدا في الردهة ساعة وصول الميت إلى مركز الطوارئ. فالقاعدة السائدة تقول: (عزرائيل يحصد الأرواح والأطباء يتحملون نتيجة الحصاد). فالمتخلفون عندنا لا يؤمنون بآجالهم ومصائرهم في الحياة والممات, بسبب ضعف إدراكهم, وعدم احترامهم لأحكام الشريعة والقانون, حتى صار موت الناس مدعاة لإلقاء اللوم على الأطباء, وذريعة لمقاضاتهم عشائريا لأخطاء لم يرتكبوها, وحتى وإن كانوا ارتكبوها من دون قصد, فلا يجوز أن يكونوا فريسة سهلة في قبضة بعض العشائر المارقة. .
في ذاكرة العيادات الطبية, وغرف العمليات الجراحية حكايات ومواقف مؤلمة يطول شرحها, تحكي قصص العنف المفرط, الذي مارسه أرباب الشر ضد الأطباء وبخاصة في المناطق الريفية البعيدة عن مراكز المدن, ما أدى إلى تخوف الأطباء من التعامل مع الحالات الخطيرة, التي يتعرض لها المرضى, خوفا من قيام ذويهم بتهديدهم بالقتل بعد وفاة المريض أو المصاب, وأدى هذا الخوف إلى هجرة الأطباء, وسعيهم للبحث عن عقود عمل خارج العراق, ومنهم من فضل البقاء في منزله بعد أن قرر الاعتزال عن مزاولة مهنته الإنسانية الشريفة.

والملفت للنظر أن الوسط الطبي نفسه يتحول أحيانا إلى أذن لسماع اللغط والتشويشات, التي تطلقها الأصوات المغرضة, ففي (ذي قار) مثلا خرج علينا (أبو محمد الشطري), وهو اسم وهمي لكاتب أو كاتبة, يتحدث في المنتديات الالكترونية بألفاظ وعبارات ووقائع ملفقة تسيء لأطباء (ذي قار), ويتجنى عليهم, والحقيقة أن الاسم الوهمي عبارة عن رديف غير واقعي لاسم المخبر السري, وينبغي عدم الاعتماد عليه في اتخاذ القرارات الإدارية, سيما أن القوانين النافدة تصر على عدم التعامل مع الأشباح والشخصيات الوهمية الملفقة في المرافعات والتحقيقات والتحريات, بيد أن مديرية صحة (ذي قار) كانت سباقة لتشكيل اللجان التحقيقية في ضوء ما نشره (أبو محمد الشطري) في المنتديات المفتوحة. .
من المؤكد أن الساحة لا تخلو من العابثين من الذين دأبوا على تشويه الصورة العامة للنشاطات الإنسانية, فمثل هذه الافتراءات تحدث في كل المجالات, ولا تنحصر بالمجالات الطبية وحدها دون غيرها, فإذا أخطأ الطبيب, خطأ طبياً, أو مهنياً فلا يصح التعميم, ولا يجوز تشويه صورة هذه المهنة الشريفة, ثم أن الاعتداء على الآخرين من دون وجه حق, وتصديق كل ما يقال, تعد من الأساليب الهمجية المتخلفة في التعامل الإداري, فكم من حادثة كتبت عنها الصحف, وتناقلتها الألسن بروايات مختلفة, وساهم الوسط الطبي في تسريب بعض فصولها, من دون معرفة الحقيقة كاملة من مصادرها الأصلية, فوصلت إلى الناس محرفة, مشوهة, لا تمت إلى الواقع بصلة, وكأن القصد منها إعلان الحرب على هذه الشريحة, التي لا يمكن التخلي عنها والتفريط بها بهذه البساطة. .
نحن نعلم أن أصحاب الاختصاص يخطئون, ويرتكبون الهفوات, فالطبيب يخطأ ويقصر في عمله أحيانا, تماما مثله مثل غيره, لكنه ينبغي أن يحاسب في ضوء القوانين والقواعد الطبية على قدر خطأه, أما إذا كان الذي يحاسبه من المتسكعين على الأرصفة, أو من المراهقين والأميين, فتلك هي الكارثة الحقيقية, التي ستزلزل كيان المجتمع كله, وتقلب عاليه سافله. . .

الأطباء بشر مثلنا, لكنهم يختلفون عنا, فالأمانة التي حملوها على ظهورهم, وأفنوا من أجلها زهرة شبابهم, وضحوا في سبيلها بالكثير الكثير, تجعلهم ينفردون عنا بمهنتهم العظيمة, بيد أن هذا التفوق المهني لا يجردهم من خصائصهم البشرية, فهم يصيبون, ويخطئون, ويغضبون, ويرضون ويزعلون مثلنا تماما, ولا يعني هذا أن نسمح لمن هب ودب بالتجاوز عليهم, وانتهاك حقوقهم. .
من غرائب الأمور أن هذه الظاهرة انتشرت هذه الأيام على نطاق واسع في معظم البلدان العربية, ومن نافلة القول نذكر أن محكمة سعودية أصدرت حكماً يقضي بجلد شاباً سعودياً اعتدى بالضرب والصفع على طبيب لسؤاله زوجة الشاب عن مكان الألم. .
حدثت هذه الواقعة في السعودية, ترى ما هي الأحكام, التي صدرت ضد الذين خطفوا الأطباء, وعذبوهم ثم قتلوهم بوحشية, ورموا جثثهم في المزابل, أو ضد الذين شردوهم من منازلهم, وصادروا أموالهم, واستولوا على ممتلكاتهم ؟؟. . .
نحن مع المريض قلباً وقالباً, لكننا مع الطبيب في مزاولته لمهنته الشريفة النبيلة, ونرفض الوقوف مع الدهماء في مضايقاتهم الاستفزازية الباطلة ضد الأطباء, ونرفض غاراتهم المسلحة على العيادات والمراكز الطبية مهما كانت الأسباب والمبررات والدوافع والذرائع, ونرفض ابتزاز الأطباء, ومساومتهم, واخذ الإتاوات منهم بقوة السلاح, وينبغي أن لا نسمح للأميين والجهلة بمحاسبة الأطباء على أرواح ذويهم, الذين توفاهم الله, فهو الذي يتوفى الأنفس حين موتها, والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسلُ الأخرى إلى أجلٍ مُسمّى إنّ في ذلِكَ لآيَاتٍ لقومٍ يتفكّرونَ. . .

الشاهد المستقل !!!,يفتقر إلى الشاهد-حامد كعيد الجبوري


الشاهد المستقل !!!
يفتقر إلى الشاهد
حامد كعيد الجبوري
ربما من حسن الصدف أن يخبرني أحد أصدقائي محدثا لي عن جريدة عراقية جريئة أسمها ( الشاهد المستقل ) ، قلت له أن الديمقراطية الجديدة أتاحت لنا الحديث بملء أفواهنا عن ما دار ويدور بحياتنا العراقية الجديدة ، وقلت لصاحبي لو عدنا قليلا إلى الوراء ونستذكر سوية أيام الدكتاتورية البغيضة وكيف سيطرت على وسائل الأعلام المسموعة والمقروءة والمرئية وكيف كان الأعلام والثقافة تمجد حزبا واحدا وقائدا أوحدا ، أخذت منه الجريدة لأتصفحها فوجدتها لا تختلف كثيرا عن بقية أخواتها في الصحافة العراقية ، تصفحت العدد 272 الصادر يوم الثلاثاء 11 تشرين أول عام 2011م ، وجذبني عنوان قصيدة شعبية - ( فرحنه الصنم طاح ) - منشورة في صفحة ( جهينة ) من هذا الشاهد المستقل ، ودهشت أن هذه القصيدة هي من نظمي ( حامد كعيد الجبوري ) ، وصعقت لعدم ذكر أسم الشاعر لهذه القصيدة ، وبدأت أقرأ مضمونها فوجدت السيد محرر صفحة جهينة قد تلاعب بمفرداتها وحسب ذوقه الرفيع ليفقد القصيدة وزنها الذي كتبت به ، واشطرا أخرى حذف منها مفردات وحسب ذوقه أيضا لتتلاءم وتتناغم مع ما ينويه لها ، بدءا من مطلع القصيدة التي أسماها ( فرحنه الصنم طاح ) في حين أني أسميت قصيدتي ( دنيه وعسرّت ) ، عجز البيت الثامن حذف منها مفردة ( خوب ) وهي مفردة فارسية تعني جيد ، ومعلوم أن رفع كلمة يختل الميزان الشعري لذلك البيت ، ولأن القصيدة طويلة فقد حذف منها مقطعين ، وأخذ صدرا من بيت في المقطع الثاني ويضيف له شطرا وحسب رغبته من المقطع الأخير للقصيدة ليصبح كما رسمه هو كالآتي ، ( وشنو نفع الصناعه معمل وجاكوج / دمعات اليتامه من الجمر ألهب ) ، ولا أعرف ما علاقة الصناعة بدموع الأيتام ، في حين أن عجز البيت يقول ( يوفر للبضاعه أمسلفن أمرتب ) ، حاولت أن أجد أميل هذه الجريدة للكتابة لها ولم أفلح ووجدت موقعها الألكتروني فقط ، وانتبهت الى وجود أميل رئيس تحريرها وصاحب امتيازها السيد سعد الأوسي وحررت له رسالة بذلك ، وبودي أن أقول أن هذه القصيدة نشرت على صفحات ( الحوار المتمدن ) بعدده 3465 في 23 / 8 / 2011 م ، ونشرت على موقع الناس ، والسيمر ، وتللسقف ، ومنديات الدهر ، وفي الميزان ، وسومرنت ، وموقع وحي بلقيس ، وشقوق الطين ، وأفردت لها الجيران حيزا يذكر ، ونشرت بصحيفة ( طريق الشعب ) يوم الخميس المصادف 6 / 11 / 2011 م ، وأبقى أحتفظ بحقي بمقاضاة جريدة ( الشاهد المستقل ) وأشعار نقابة الصحفيين بذلك ، للإضاءة ... فقط .
----------------
القصيدة
( دنيه وعسرّت )
حامد كعيد الجبوري


لا تكتب قصيدة وتنتقد مسئول..
القصايد للمدح مو للشتم تكتب
وإذا أتعرفه حرامي كول أنظف أيد..
وهم شايف سياسي أيسلب وينهب
وإذا يبني قصر من دمعة المحتاج..
الفقره أتبرعتله وعالدمع يركب
وأبد لتظن يحرمك كهرباء أبيوم..
من حرصه علينه أيخاف نتكهرب
وجريمه الحصه ينطي وبالرجل تنداس..
وحرام أتخيس عدنه وبالزبل تنذب
( حيدر ) مو سياسي وباك حب الناس..
ولأن باك الكلوب أتشرعت ينسب
ولأن ربك حجبها الدعوة المظلوم..
جار الظالم بأحكامه وأستجلب
---------------

السياسي أبكد صلاته يحفظ القاصات..
( خوب )1 الخيره تحجي سبحة الكهرب
أنهجم بيت السياسة الهدمت أركان..
وقسمت للبشر قوميه وبمذهب
وهجم بيت السياسي اليصعد اعله الروس..
وتناوش الكرسي وبالبشر يلعب
فرحنه الصنم طاح وما ترد أصنام..
وكلنه الراح راح وخيرنه أتكرب
لتلوم السياسي أشبيده هم ايصير..
مصباح ويفركه أيحقق المطلب
وشيصير السياسي أبكل حلك مسئول..
يشبع للفقير أبجيبه المخرب
خطيه أبطرك راتب ما يسد يومين..
وعليه شرهة بشر شيوكل أشيشرب
أمدلل هالشعب ما ننكر المعروف..
وحكومتنه حريصه وأدت المطلب
أشحلاته البرلمان النال حب الناس..
لعبونه دعابل مرصع وطنب
حرموها النفسهم والشعب سلطان..
يزقونه الزلال وتمر المرطب
شيريد الشعب أكثر بعد شيريد..
كلشي أستوردوله وما بعد يتعب
ركي والحلاوه وموطا بالفستق..
رمان وعنب وخيار والأطيب
مضايف للفلح فتّح لجل ترتاح..
شتفيد الزراعه ونخل يتكرب
وشنو نفع الصناعه معمل وجاكوج..
يوفر للبضاعه أمسلفن أمرتب
يسرط للنفط يستورد البنزين..
من أفضل وقود أمسرطن أمنضب
خلف الله عليهم جونه بالتدريج ..
نزلونه الجهنم ما بعد تصعب
مسئولين بينه ويبري ذمتهم ..
غداً نمشي أبجهنم عارف أمجرب
وحرام أتريد منه أيبوك بيت المال..
يعمر حزبه بيها وكلمن أتحزب
صلاته التمنعه والسبحه واللحيه..
وباجر للحساب أشيعتذر للرب
ربهم ماهو ربنه والسماحه البيه..
ربهم حيل قاسي أبسطوته أمجرب
غربي مره ربهم مره مدري أمنين..
عكارب والمثل لا تامن العكرب
---------------

لا ( أسناد) ينفع باجر و(صحوات) ..
قرينه الممحي زين ودرسه يستوعب
المؤمن من جحر ما يلدغ مرتين..
سفينتكم خراب وما بعد نركب
سواد أوجوهكم بيّض أوجوه هواي..
غسلتوا للزنيم العار والأجرب
ما نكدر نقارن بالأمس واليوم..
أشحفر ساسه الشعب بيديكم أتخرب
كراسيكم خشب وأمريكه أرضتها..
طيحت جم عرش بيه حاكمه جلب
يتهدم الكرسي المنبني أبلا ساس..
ودمعات اليتامه أمن الجمر ألهب
يرتج العرش من دمعة الأيتام..
وعلى أدموع اليتامى الكون ما يحجب
حيدر ما ملك كرسي الخشب هيهات..
كلب فوك الكلوب وعرشه يتنصب
-------------
يا ربي الستر طاحت كصص للكاع
ومد أيد الرذيله الجائر وأذنب
يستر عالحرامي أيهادن القاتل..
السيوف أيحدها بينه وللخصم أرنب
تعلمنه الكفخ من كثرة الجويات..
دامنه المذله وبيه نتلقب
تتخورس زلمنه الكثرة الطكات..
لامومن حجه ولا ثاير أتوثب
ولا صاحب بخت ويصيح بينه الله..
ولا تصحى الضماير لا كلب يشغب
دخيلك يا علي ما تحضر الشدات..
ياهو الينتخي ويا كرسي يتعتب
مقفول الفرج وأنسدت البيبان..
طحنه أبغيرتك ما غيرك أمنتب
دخيلك يا علي (ألمن بعد مذخور)2..
معسره وطحنه بيها والطفل شيّب
---------------
1 : مفردة فارسية تعني جيد
2 : جزء من

بيننا وبينهم الجنائز .. شعب يبكي لدموع قائده-سعيد الحاج


بيننا وبينهم الجنائز .. شعب يبكي لدموع قائده
عندما اشتدت المحنة على الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى، واشتد أذى خصومه عليه، قال له أحد السجناء ما معناه أن خصومه لهم الغلبة والمنعة والمظاهر العامة والناس تؤيدهم، فقال قولته الشهيرة: "لا تغتر يا بني بهذه المشاهد، فبيننا وبينهم الجنائز". وبالفعل، مات خصمه اللدود أبو دؤادة وحمل نعشه أربعة رجال فقط ولم يسر في جنازته أحد، بينما خرج كل أهل بغداد وما حولها في جنازة الإمام أحمد رحمه الله.
هكذا كانت الجنازات في غابر الزمان معياراً لحب الأمة لرؤسائها وقياداتها وشاهداً على ذلك، ولئن غير طغاة اليوم حتى هذه المعاني عبر ما اصطنعوه من بطانة سوء وجماهير مصفقة، إلا أنها تبقى معياراً لدى الكثير من الشعوب.
اليوم –كما هو معروف- شيعت جنازة السيدة تنزيلة اردوغان والدة رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان. سأقفز عن الكثير من الملاحظات التي تظهر رقي الحرس والسياسيين الأتراك في التعامل حتى في هذه الظروف، واحترام الجماهير، واحترام حرمة المسجد (المحرومين منها في الكثير من بلادنا)، لأركز على نقطتين:
الأولى: السعي الدؤوب للحشود الغفيرة في الجنازة لرؤية اردوغان، والالتصاق بالحواجز المعدنية الأمنية لتسميعه عبارات التعزية المختلفة خلال دخوله المسجد وعند خروجه منه، ورفع الصوت بعبارة "عظم الله أجركم" وأخواتها لدى مروره ورؤيته، حيث رد عليهم السلام بالتلويح بيده شاكراً إياهم على مشاعرهم النبيلة.
الثانية: صلي الظهر وصليت الجنازة ورفعت الأدعية للمرحومة، وسار كل شيء على ما يرام، وبهدوء و"رتابة" معتادة، حتى قال الإمام (على عادة الأخوة الأتراك لدى الصلاة على موتاهم): "هل تسامحون الفقيدة بحقوقكم عليها؟؟" فرد الجميع بصوت عال: "نعم، سامحناها". هنا، في هذه اللحظة تحديداً، أطرق رئيس الوزراء رأسه كثيراً، حتى لم تعد الكاميرا (والشاشة العملاقة) تظهر عيناه، وبدأت الدموع تتساقط من عيني اردوغان بغزارة. حينها فقط بدأت أصوات النحيب والبكاء لدى معظم الحاضرين. نظرت حولي فوجدت الكثيرين يمسحون دموعهم، ورأيت العيون وقد اغرورقت بالدموع. لقد بكى الحاضرون لدموع رئيس وزرائهم ومحبوبهم اردوغان. إنه شعب يستحق الاحترام، وقائد يستحق التقدير.
رحم الله السيدة تنزيلة رحمة واسعة، فقد أنجبت اردوغان، وأحسنت تربيته.
سعيد الحاج
08.10.2011

الاثنين، 10 أكتوبر 2011

إضاءة -أرضة المحاصصة تنخر بيت الله !!!-حامد كعيد الجبوري


إضاءة
أرضة المحاصصة تنخر بيت الله !!!
حامد كعيد الجبوري
ربما كنت أشك بأن ( صدام حسين ) أورث الساسة الجدد مفاتيح خزائنه و مقاليد العراق وحرّر وصيته لهم بذلك ، أما الآن فقد أُزيل هذا الشك واللبس عني تماما بعد أن بدأ السياسيون والبرلمانيون كل يتحدث عن التجاوزات المالية وغيرها لخصمه ، بل لعدوه من القائمة الأخرى ، أو المذهب الآخر ، بمعنى أدق أن كل واحد منهم بدأ ينشر الغسيل القذر للآخر ، وأمامنا ما تصرح به البرلمانية عن الائتلاف الوطني ( حنان الفتلاوي ) التي اتهمت رئيس البرلمان ( أسامة النجيفي ) بصرفه مليارا ونصف المليار دينار لتأثيث بيته المعمور ، غير الذي تحدثت به عن صرف ( عيديات ) لمن يواليه ويحبه من طائفة معينة ، وآخر يتحدث أن ( الطالباني ) الذي جلس على كرسي الرئيس المقبور قد صرف ما مقداره مليارا دينار و400 مليون دينار عراقي لتمويل سفرة لأربعة أيام لأمريكا ، ولا نعلم ما يصرفه رئيس وزراء العراق نوري المالكي مقابل هؤلاء ، ولا نعرف صرفيات ومصاريف السادة الوزراء أطال الله لنا أعمارهم وحفظهم من كل عين رقيب متربص .
أوضحت سلفا أني قد آمنت بأن التغيير الذي حصل في البلاد بعون الدبابة الأمريكية المقدسة ، التي استبدلت لنا الوجوه الكالحة بأخرى أكثر سوادا وسوداوية ، ولكن أن يصل الأمر إلى التمييز بين البشر أمام الله فهذا ما لم يكن بحساباتي الخاطئة ، فالظاهر أننا غدا سنقف أمام الله – أن وقفنا – كل حسب وظيفته وما يملكه من المال ، وسينادي من يؤمر أمام عرش الله ليقول أين الرؤساء ؟ ، وأين الوزراء ؟ ، وأين البرلمانيون ؟ ، وأين أصحاب المال بدءا من المليار نزولا الى الملايين ، وأن لم يصح حديثي هذا فما حدا بالوقف الشيعي والسني ليوزع حصص من يرغب بحج بيت الله إلى أناس يفترض أن يدرجوا ضمن قوائم الاستحقاق العراقي وهو القرعة ، بمعنى أن لا فرق بين الراعي والرعية لأداء مناسك حج البيت المعمور ، ويفترض بالمسئول ومهما كانت درجته الوظيفية أن يدخل ضمن قوائم القرعة أن كانت هناك قرعة يسأل عنها أمام الله والمواطن ، فقد تبرع الوقفان الطائفيان بحصة القسم الكبير من العراقيين الى مسئولين يذهبوا لحج البيت لغسل مالهم السحت ، فقد أعطيت حصة من هذه (32 ) الف حاج الى رئيس الجمهورية ونوابه ، ورئيس البرلمان ونوابه ، ورئيس الوزراء ونوابه ، والوزراء ووكلائهم ، والمحافظون ونوابهم ، وعشرة لكل مجلس محافظة ، وثلاثة لكل برلماني ، و500 حاج لعائلتين شيعيتين تتقاسمها مناصفة ، ومثلها وأكثر لعائلات سنية ، وعدد محدد لكل مرجع دين سني أو شيعي ، وقد رفض السيد السيستاني وكما يشاع هذه الحصة لأنه يعتبرها خارج الضوابط ، وحصص أخرى للأحزاب الدينية الشيعية والسنية ، وتفتقت عبقرية الوقف الشيعي والسني لأن يوفدوا ثلاثة مرشدين دينيين مع كل حملة حج ، وعدد أفراد كل حملة لا يتجاوز الستين حاجا ، والغريب أن هؤلاء المرشدون - أكثرهم - لا يعرفون واجبهم الشرعي لأداء المناسك هذه ، ومعلوم أن تكاليف أيفاد هؤلاء المرشدون من جيوب الحجاج طبعا ، إضافة لمبلغ أيفاد حكومي من دوائرهم لهؤلاء المرشدون ، ألم أقل لكم أن المحاصصة الطائفية والسياسية وصلت لبيت الله لتنخره ، إنا لله وإنا له راجعون ، ويا لصبرك يا عراق عراق ، ويا عراقيين ، للإضاءة ....... فقط .

الإنسان المعاصر بين القلق الوجودي والهم الميتافيزيقي............!-د.غالب المسعودي


الإنسان المعاصر بين القلق الوجودي والهم الميتافيزيقي............!
د.غالب المسعودي
في هذا الكون اللامتناهي تعد التجربة الحياتية للإنسان إشكال وجودي وملغز وستكون ردا فرديا على سؤال كبير يبدأ من الذات وينتهي في العالم متخذا اتجاهات متعددة عبر الزمن,وكما لم يجد البدائي تفسيرا لوضعه في العالم,فان صورة الوعي الثقافي في مرحلة من مراحل تطورها قد تتخندق داخل نسق ميثولوجي.لذا ينظر للوعي الثقافي بوصفه حادثة تمت بلورتها في لحظة تاريخية معينة بل هي وحي لازماني وغير مفارق أنساقه المكانية,وهو كشف لما هو كامن من ناحية بنيوية,ومن هنا كانت تجربة بوذا في محاولته للإجابة على هذا التساؤل,لقد طور بوذا الاستنارة من العتبة الصغرى إلى العتبة الكبرى(الاستنارة الكاملة والتناهي مع المطلق)بعد تأملات في الوجود كان موضوعها ثنائية الوجود والعدم وكذلك كان نيتشه إلا أن تجربته اتخذت بعدا وجوديا مفارق.
هنا تكمن عملية البحث عن الجوهر غير المتعين بجغرافيا الجسد,وهي لحظة يمكن استعادتها على المستوى الوجودي بوصفها تجربة تاريخية,إذ من السهل على المرء أن يقع في الفخ لكن عليه أن لا يستسلم,فبين الروح والجسد وفضاءات الوعي هناك المسكوت عنه واللامفكر فيه وهناك المقدس والمدنس,هناك المتخيل وذاكرة اللغة وكل مكائد التأويل,تعددية دلالة النص والتفاعل المنهجي والتحليل البلاغي وترسبات الوجودية الثقافية, المخيال الحكائي نسق الأشياء سواء في الطبيعة أو في نتاج الإنسان.وان البحث والكشف هو لب الحضارة,ومثل هذه الروح تظل وثابة في أعماق الذين نذروا أنفسهم للرقي بالمعرفة, رغم أن المسارات النهائية قد تتخذ صيغا مختلفة في الإبانة والتعبير,لذا علينا أن نجد بنية ذات خصائص محددة لعمل المنظومة الفكرية يمكن صياغتها في نسق شامل,لايوجد أي تفسير بمعزل عنها كي نستخدمه في المعقولية والتطبيق وإدراك التجلي.
إن مشكلات الكون والإنسان ودور الأدب والفن هي في التمييز بين الوجه الاجتماعي والاقتصادي والفلسفي أو كما يعبر عنه بين الحياة بأشكالها المختلفة والروح بشفافيتها الأثيرية التي تتوق إلى التقدم والتطور, والتي تعبر الحواجز المصطنعة في توقها إلى الجمال المطلق.وهذا التمييز بغض النظر عن كونه خرق للمنطقي,يضع الحياة في سياق متقدم من التحول والتطور ويدفعها بتدفق عنيف نحو منجز يتقدم على ذاته في بعده التطبيقي ,وخلافا لذلك يفضي الالتباس إلى حوار مونوكرامي بليد يودي بالذات إلى الانتحار على مذبح العدم.
إن قانون تثبيت اللحظة قد فعل فعلته وقدس الماضي وتألقت أسطورة العصر الذهبي وتهاوت معها كل أ شكال الحداثة وأصبح المفكر فيه ينطلق باتجاه الماضي وبأثر رجعي وصار المستقبل تكريس للخرافة بعد أن احكم التيار الارثودوكسي قبضته بالرغم من إشكالاته واحباطاته التي لاتزال هي الشرعية السائدة والتغلفة بوعي تاريخي محنط لا يستطيع الباحث فك أقنعتها وإعادتها إلى مصدرها الإنساني,والتقدم لايسير بخط وئيد إلى أمام بل هنالك حراك متعدد الإبعاد حروفه من نار كي تظل ملاصقة لتقدمه الأزلي, انه محاولة في تغيير أنماط السلوك واليات الاشتغال,لذا على الإنسان إذا أراد أن يبني حضارة ويسهم في جوهر الوجود,أن يفهم الشهوة الحقيقية لجعل القوى صاعدة نحو الأسمى وبذلك يؤجج صحوة ثقافية متأصلة في الوجدان والحضور.